المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النهوض بعراق حضاري إسلامي



ابوقاسم
08-05-2003, 03:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

من خطبة الجمعة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

3 جمادى الآخرة 1424هـ / 1 آب-أغسطس 2003م
الخطبة الثانية




أما العراق، فلا يزال يمثل الهمّ الكبير للمنطقة كلها، وربما للعالم بما يتجاوزها، لأن إسقاط نظام الطاغية من جهة، والاحتلال الأمريكي ـ البريطاني من جهة أخرى، قد أحدثا أكثر من زلزال سياسي أو أمني لأكثر من موقع في أكثر من بلد، على صعيد الخطة الأمريكية في إدارتها الحالية، للقيام بتغيير المنطقة سياسياً، وللضغط على أوضاعها الثقافية والاقتصادية والأمنية..

وإذا كان الشعب العراقي الجريح المظلوم قد تنفّس الصعداء، وشعر بالحياة الحرة من جديد على الصعيد الداخلي، فإنه لا يزال يعيش الحرمان القاسي في الخدمات العامة وفي الأمن وفي مفاعيل الاحتلال الصعبة التي قد تترك تأثيراً سلبياً، بما قد يحوّل الوضع بطريقة وأخرى الى ما يشبه الفوضى العامة..

إننا في الوقت الذي نواجه فيه الحذر الكبير من النتائج السلبية في الواقع المعاش، نتمنى على الشعب العراقي المتعدد الطاقات الفاعلة أن يملك الظروف التي يصنعها بوعيه وجهده ووحدته، لتحقيق التكامل بين فئاته الدينية والعرقية والسياسية، من أجل عراق حضاري إسلامي جديد، وأن يواجه التحديات بالإرادة القوية، والعزيمة الصلبة، والخبرات المبدعة، والمحبة الشاملة للمواطنين جميعاً.

عمار الحلفي
02-15-2006, 03:21 AM
خطاب المرحلة (100)

دور الحوزة الشريفة في حياة الأمة (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

حينما قسم الفقهاء المسائل الفقهية الى (عبادات ) و ( معاملات) وقسموا المعاملات الى(عقود) و(ايقاعات) و (احكام)فانهم انطلقوا من ناحية علمية وفنية لتبويب وتصنيف وسائل الفقه حتى يسهل اخذها فانطلقوا بتقسيمهم على اساس ان فعل المكلف اما مشروط بقصد القربة او لا فالاول هي العبادات والثاني المعاملات وهي اما متقومة بطرفين كالبيع والنكاح او بطرف واحد كالعتق والطلاق او غير متقومة باي احد كالحدود والديات والمواريث فالأولى هي العقود والثانية هي الايقاعات والثالثة هي الاحكام ولم يدر في خلد هؤلاء الفقهاء ان هذا التقسيم الفني العلمي سيتحول الى ممارسة خاطئة وفهم ظيق لدور الشريعة في حياة الامة حيث رسخ هذا التقسيم في اذهان الناس ان عبادة الله تعالى ومراعاة الشريعة انما يختص بالقسم الاول وتراهم يسألون عن تفاصيل جزئية في الوضوء والصلاة والصوم وهو شيء حسن لكن السيء انهم اقصوا الشريعة عن المعاملات ولم يحكّموا دين الله فيها ويشرعون من انفسهم قوانين تحكم المعاملات كقوانين الاحوال الشخصية والسنينة العشائرية وسائر القوانين الوضعية الاخرى فتقوقع الدين وانحسر دوره خلافا لقوله تعالى (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )) فهذا التسليم المطلق وتحكيم الشريعة جار لكل شؤون الامة(2) وانا هنا لا ادعي ان هذا التقسيم هو السبب الوحيد في هذه النتيجة السيئة وانما توجد اسباب اخرى لكنني اريد ان اتوصل الى فكرة ان اختيار العناويين والمصطلحات مهم لان أي خطأ فيه يسري الى خطأ في المعنون والمضمون والتطبيق ولا يقتصر على الجهة النظرية فقط فليس صحيحا ما يتردد في كتب الدراسة الحوزوية ( لا مشاحة في الاصطلاح ) فان عدم الدقة فية تؤدي الى مثل هذه النتيجة الخاطئة ومن هذا الشرح المختصر للفكرة و المثال عليها انطلق الى القول بان توصف الحوزة الشريفة بالعلمية فيقال ( الحوزة العلمية ) وان كان له ما يبرره باعتبار ان النشاط الاوضح فيها هو تحصيل العلوم الدينية وتعميقها والإبداع فيها ونشرها وتدوينها الا ان هذا الوصف رسخ في أذهان أبنائها أن وظيفتهم هو طلب العلم وتدريسه ونحوه من الشؤون وصار الكثير من المرجعيات التقليدية واتباعهم يردد ان وظيفتهم الدرس ونحوه وعدم التدخل في شؤون الامة، وهو تحجيم لدورها وافراغ لمحتواها فهي ليست كالجامعات الاكاديمية عبارة عن كيان علمي صرف بل انها الحوزة وعلى رأسها المرجعية تمثل الكيان القيادي للامة بما تقتضيه القيادة من نشاط سياسي واجتماعي واخلاقي وتربوي وفكري وانساني وحتى اقتصادي وقد مارست القيادات الدينية الواعية والمخلصة هذه الادوار في حياة الامة فعلى الصعيد السياسي تجد ان كل حركات التحرر والنهضة الحديثة قادها علماء الدين ومعلموا القرآن كعمر المختار في ليبيا والخطاب في المغرب وابن باديس وعبد القادر الجزائري في الجزائر ومحمد عبده في مصر وعبد الرحمن الكواكبي في سوريا وامين الحسيني في فلسطين وناهيك عن القيادات الشعبية في العراق وايران ولبنان. وعلى الصعيد الاجتماعي فان الحوزة الشريفة تجد نفسها مسؤولة عن اصلاح ذات البين بين المتخاصمين من عشائر وافراد والسعي للتوفيق في تزويج المؤمنين والمؤمنات ومشاركة الامة في مناسباتها الاجتماعية، واما الدور التربوي والاخلاقي والاصلاحي فان الدور الاوضح للفضلاء والخطباء وائمة المساجد والجماعات في حياة الامة وبفضل هذا الجهد المبارك حافظت الامة على اخلاقها واعرافها ولم يجد الانحراف والانحلال والانهيار الخلقي الذي تعاني منه مجتمعات الغرب مكانا واسعا له في المجتمعات المتدينة، يكفي ان تعلم ان مرض الايدز الذي فتك الى الان بعشرين مليون انسان لم يسجل له وجود يذكر في امتنا المحافظة. اما على الصعيد الانساني من باب الشاهد نقول ان المساعدات التي قدمتها المرجعية للبائسين والمحرومين ومعالجة المرضى في فترة الحصار كان لها اثر مهم في حفظ حياة هؤلاء ومصابرتهم وصيانة كرامتهم، واما الجهد الفكري والعلمي فان اكثر نتاج المطابع وما تتلاقفه دور الطبع فهو من تأليف علماء الحوزة الشريفة وفضلائها ومفكريها. وقس على هذا نشاطهم في الحقول الحيوية الأخرى.

وفي ضوء هذا يجب على طلبة الحوزات الشريفة ـ رجالاً ونساءاً ـ أن يستوعبوا مسؤولياتهم ووظائفهم التي يقتضيها وجودهم في هذا الكيان الشريف وهي إن بدت واسعة وثقيلة إلا انه مع الاخلاص لله تبارك وتعالى والهمة وقوة العزم والتعاون مع كل العاملين بل قد يشعر الانسان ان سعة المسؤوليات وقوة التحدي دليل على ان ايمانه بخير وان مستواه ليس متدنياً حيث اختاره الله تبارك وتعالى لهذا الدور الكبير فهو من مواطن الشكر لله تعالى على لطفه بعبده حين اختاره لهذا الدور الشريف ووفقه لاستجابة دعوة الرسول (ص) ( يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون ) انه مع هذه الثلة القليلة الصالحة استجابة من بين الملايين من المسلمين لقوله تعالى ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) وحضي من دون كل اولئك بما اعد الله تعالى من الكرامات لطالب العلم الذي يستغفر له من في السماوات والارض وان الملائكة تفرش له اجنحتها وان حلق العلم روضة من رياض الجنة وان من ترك ورقة فيها علم نافع كانت حجابا بينه وبين النار وغيرها من الالطاف الالهية. ولا بد ان لا نكتفي بالشكر اللساني فانه ادنى مراتب الشكر وانما علينا ان نؤدي الشكر العملي بان نؤدي وظائف النعمة ونقوم باستحقاقاتها التي تقدم ذكرها مع الاعتراف بعجزنا عن شكر ولو نعمة واحدة بان كل شكر هو نعمة تستحق الشكر من جديد فانى للانسان ان يؤدي حق الشكر. انني اسمع عن البعض انه حينما تعرض عليه مسؤولية دينية معينة كامامة الجماعة او التدريس فانه يرفضها ظنا منه ان ذلك تورع وحفظ للنفس من الرياء والعجب ونحوها وهو قد يكون حسن النية وقد يكون تكليفه ذلك لكن هذا تصرف سلبي وتحقيق لمراد الشيطان بلباس الدين فان ابليس لا يريد ان يعبد الله تبارك وتعالى(لاقعدن لهم صراطك المستقيم ) فحينما تنسحب من الاعمال الايمانية فقد اعطيت لابليس مراده ووقعت في حبائل خداعه فان المسجد اذا خلى من صلاة الجماعة سوف لا يقصده المصلون وتعطل شعائر الله ويفتقد الناس الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والاخ المخلص حيث يجد كل هذا المجد اما التصرف الايجابي فهو تهذيب النفس وتأهيل الشخصية لممارسة هذه الوظائف ولا نكون كذاك الرجل الذي كانت زوجته تكره التدخين وعاش صراعا بين الاحتفاظ بزوجته وعادة التدخين واخيرا قال لصاحبه لقد تركتها، قال الاخر: تقصد عادة التدخين قال الرجل : لا .. فقد تركت زوجتي، فهذا سير في الاتجاه الخاطئ في مثل هذه المنعطفات التاريخية فعليه ان يتوكل على الله ويخلص نيته ويشد عزمه ويكون ذا مصداقية فيطابق قوله عمله وحينئذ سيكون التصدي للمسؤولية فرصة لتحقيق التكامل فان الارتقاء في سلم التكامل يحصل من اعمال ورياضات فردية ويحصل بدرجة اكبر من خلال الانخراط في العمل الجماعي واداء الوظائف الاجتماعية فان المؤمن يشعر بدرجة من المسؤولية امام ربه فيؤدي الواجبات ويتجنب المحرمات حتى في السر فاذا انخرط في سلك الحوزة الشريفة وارتدى الزي الديني فان شعوره سيزداد وسيترك بعض التصرفات المحللة لمجرد انها غير لائقة بوضعه الجديد فإذا صار إماما للجماعة فسيكون أكثر مراقبة لنفسه لانه صار محل ثقة عدد من الناس يصلون خلفه ويعتقدون بعدالته ولا بد من مطابقة ظاهره لباطنه لكي لا يصير منافقا وهكذا يرتقي في السعي نحو الكمال حتى اذ بلغ المرجعية وقيادة الامة فانه سيكون في درجة عالية من النزاهة والعفة والطهارة لانه يشعر بمسؤوليته عن مصير ملايين المسلمين في ارواحهم واموالهم واعراضهم وعزتهم وكرامتهم. انكم حين كرستم انفسكم لخدمة الدين واعلاء كلمة الله تعالى وحفظ مصالح الناس اصبحتم من انصار الامام الموعود والممهدين له فحينما يدعو الامام (ع) كما دعى عيسى روح الله (من انصاري الى الله ) ستجيبون كما اجاب الحواريون ( نحن انصار الله( ان يوم ارتدائكم الزي الديني واعلانكم اتخاذ هذا السلك منهجا لحياتكم هو اهم منعطف في حياتكم واعظم قرار تتخذونه وسيكافئكم الله بالحسنى لان موقفا شجاعا يقوم به الانسان يكون كافيا لملئ حياته بالنفحات الالهية ( وما عند الله خيرا وابقى افلا تعقلون ) ( وللآخرة خير لك من الاولى ) كما اني اعتقد ان بركات كثيرة نلتها في حياتي ببركة توفيق الله تعالى لي حينما رفضت خدمة النظام الصدامي المجرم ولو لحظة بعد تخرجي من الكلية عام 1982م.

محمد اليعقوبي

1 ذي الحجة الحرام 1426هـ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

(1) من حديث سماحة الشيخ (دامت تأييداته) في حفل تخرج دفعة جديدة من كلية التوجيه الديني والاصلاح الأجتماعي من جامعة الصدر الدينية في النجف الأشرف وارتدائهم الزي الديني يوم الأثنين 1 ذي الحجة 1426 هـ ومن حديث سماحته مع طلبة جامعة الصدر الدينية - الفرع الأول في الرصافة من بغداد في اليوم التالي ومن حديث سماحته مع طالبات جامعة الزهراء الدينية فرع البصرة يوم الخميس 26 / ذي القعدة / 1426 هـ.

(2) تجد توضيحاً لهذه الاشكالية في كتاب (شكوى القرآن) بحث (الجاهلية الحديثة واسلوب مواجهتها) و (دليل سلوك المؤمن) في الجزء الثاني من كتاب (حديث الروح)

سلطان
02-15-2006, 04:24 AM
لعل المضحك حقا في هذا الموضوع هو الحديث عن "عراق حضاري جديد"...

فأي عراق هذا الذي سيكون عراق حضاري جديد إذا كان من يديره هم زمرة من العملاء والخونة واللصوص الذين يستمدون قوتهم وطاقتهم من الغزاة المجرمون القتلة...؟

فأية صنعة يا ترى يجيدها خونة الشعوب وعملاء الغزاة سوى صنعة التآمر والتجسس والإرتماء على أحذية قادة الغزاة ولحسها وتنفيذ أوامرهم الإجرامية...؟

عراق السيستاني لم يؤسسه الغزاة ليكون "العراق الحضاري الجديد"، عراق السيستاني أسسه الغزاة ليكون أكبر قاعدة يهودية حربية متقدمة في العالم لخدمة استراتيجية الحرب اليهودية العالمية الراهنة ضد الإسلام والمسلمين، جنودها العاملين فيها هم الشيعة.

هذا هو العراق الجديد الذي وعد به الغزاة الشعب العراقي.

سمير
02-15-2006, 07:33 AM
يا سلطان لماذا تعيش عقلية المؤامرة في كل مشاركاتك ، اين انت من دعم الامريكان لصدام حسين في السابق ، هل تعتقد انه شخص نظيف او ان علماء الوهابية اشخاص غير مرتبطين بالاستعمار .

سمير
02-15-2006, 07:44 AM
وهذا مقال يكشف صاحبه الكاتب الامريكي من ان الادارة الامريكية مهتمة بالسنة في العراق على حساب الشيعة ، فمن هو العميل يا ترى ؟؟


أمريكا تمضي بعيدا في تجديد الانحياز الى السنة!
المتمردون أصبحوا جزءا من الحل

جارث بورتر:*

أظهر كشفان مهمان في الأسبوع الماضي المدى الذي نقلت فيه حكومة الرئيس الأمريكي بوش سياستها باتجاه العودة الى الانحياز الى القوى السنية لموازنة تأثير الشيعة الموالين لإيران في العراق· فقد كشف السفير الأمريكي "زالماي خليل زاد" في مقابلة أجراها معه كاتب صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد أغناطيوس، عن أنه وضع مستقبل الدعم العسكري لحكومة يهيمن عليها الشيعة على الطاولة، على رأس أولويات الولايات المتحدة في جهودها لإجبار قادة الطرف الشيعي على التخلي عن سيطرتهم على الوزارات الأمنية الرئيسية·

وقال "خليل زاد" لأغناطيوس، إنه إذا لم تكن الوزارات الأمنية في الحكومة العراقية الجديدة من نصيب مرشحين لا يعتبرون "طائفيين"، ستكون الولايات المتحدة مضطرة الى إعادة تقديم مساعداتها للحكومة، وقال "إننا نقول لهم، إذا اخترتم المرشحين الخطأ، فإن هذا سيؤثر على معونة الولايات المتحدة" وكان "خليل زاد" قد طلب سابقا إعطاء وزارة الداخلية إلى مرشح غير طائفي، إلا أنه لم يدعم مطالبه تلك بتهديد بسحب المساعدة وكان قد أضاف بوضوح وزارة الدفاع الى ذلك الطلب لأول مرة·

ما يعنيه موقف "خليل زاد" ضمنياً هو التهديد بإيقاف تمويل الوحدات العسكرية التي تعرّف بها منتمون للطائفة الشيعية في ميولها· وهذا الأمر قد يؤثر على هيكل الجيش العراقي، كما يؤثر أيضا على نخبة وحدات مغاوير الشرطة الشيعية، التي تقدرها القيادة العسكرية الأمريكية تقديراً عاليا·

وجاء قرار "خليل زاد" بجعل تهديد الولايات المتحدة علنيا بعد أن كشفت صحيفة "نيوزويك" في عدد 6 فبراير، عن محادثات بين الولايات المتحدة وقادة سنة للتمرد من ذوي "المستويات العليا" بدأت تجري سلفاً في قاعدة أميركية في محافظة الأنبار وفي الأردن وسورية·

وقال "خليل زاد" لـ "نيوزويك": "لقد انتصرنا الآن على القيادة السياسية السنية، والخطوة التالية هي أن ننتصر على المتمردين"·

وكما يشير هذا التحديد البالغ الوضوح لأهداف الولايات المتحدة السياسية، فلم تعد هذه المحادثات تستهدف تشتيت الجماعات التي تبدي التزاما أقل بهدف الانسحاب الأمريكي، كما فضل البنتاغون منذ الصيف الماضي· بدلا من هذا، يبدو أن الحكومة الأمريكية الآن مستعدة لعقد صفقة من نوع ما مع كل المجموعات المتمردة الكبيرة فقد صرح الناطق العسكري الأمريكي "ديك لينش" بأن المتمردين المحليين أصبحوا جزءا من الحل·

السياق الأوسع لهذه المحادثات هو المصلحة المشتركة في إيجاد توازن مضاد للتأثير الإيراني في العراق· المسؤولون ظلوا صامتين حتى الآن عن هذا الجانب من السياسة الأمريكية· إلا أن "دبلوماسيا غربيا رفيع المستوى"، وفق ما ذكرت النيوزويك، فسر المحادثات بالقول "هناك اهتمام متزايد (في كلا الجانبين) بالهيمنة الإيرانية على العراق"·

وقد تنامى اهتمام الولايات المتحدة بالميول الموالية لإيران للأحزاب الشيعية المسلحة التي ستهيمن على الحكومة القادمة، مع ضغط الحكومة الأمريكية في حملتها لتحويل برنامج إيران النووي الى مجلس الأمن، مع وجود خيار عسكري "على الطاولة"· وقد صرح دبلوماسي لوكالة الأسوشيتدبريس، بأن الولايات المتحدة "احتاجت الى إيجاد" بعض الحلفاء الآخرين الذين لن ينقلبوا ضدها إذا تصاعدت الأمور مع إيران الى نقطة ساخنة، بل حتى إمكانية عقد سلام منفصل بين الولايات المتحدة والتمرد السني، الذي هو في صلب هذه المحادثات، بدأ يرسل إشارة الى الشيعة، بأن الولايات المتحدة لم تعد مرتبطة بخيار دعم الشرطة والجيش الشيعي، ويرى قادة الأحزاب السنية أيضا في السياسة الأمريكية دعما للسنة كي تحد من قوة الشيعة· وبهذا الوعي قال ناصر العاني من الحزب الإسلامي العراقي لصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور": "نحن مقتنعون بأننا في موقف قوي الآن، هنالك تغيير في طريقة تعامل الأمريكيين معنا"·

موقف الولايات المتحدة وموقف السياسيين السنة تجاه الحكومة الجديدة هو الآن موقف موحد بالكامل· فقد أعلنت جماعات سنية سياسية وأحزاب سياسية علمانية في 28 يناير الماضي، ميلاد كتلة سياسية جديدة تطالب بأن لا تكون وزارة الداخلية في أيدي أناس "مرتبطين بالأحزاب السياسية"·

والمعروف أن حكومة بوش كانت تحاول منذ منتصف العام 2004 العثور على طرق لإحداث توازن يواجه تأثير الجماعات الشيعية الموالية لإيران، وبخاصة بالإبقاء على سيطرتها على القوات العسكرية والمخابرات بعيدا عن أيدي المسلحين الشيعة، ولكن، حتى وقت قريب، ظلت هذه المحاولات في حدود ضيقة يكبحها الأمر الملحّ، وهو الانتصار في الحرب على السنة ومنذ حملات الانتخابات البرلمانية في السنة الماضية، كان قادة مقتنعين بأن واشنطن تتآمر مع أعدائهم لإضعاف قوة الشيعة السياسية التي اكتسبوها في العام 2005·

وجاء في تصريح المسؤول في قيادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق "رضا تقي" الذي ترأس التحالف الشيعي، لصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" بأن الولايات المتحدة ليست سوى جزء من تحالف أكبر للمصالح المعارضة للقوة السياسية للشيعة في العراق، تلك التي تضم بريطانيا والسنة العراقيين، والجامعة العربية، والقاسم المشترك الذي يوحد كل هؤلاء، هو بالطبع العداء للنظام الإسلامي الثوري في إيران، الذي تقف الأحزاب الشيعية في العراق الى جانبه·

ويؤمن القادة الشيعة، بأن التغيير في سياسة الولايات المتحدة يستهدف عمليا إعادة زرع حكومة بعثية في بغداد، ولمح "تقي" بشدة للصحيفة أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية يخطط لاستخدام القوة عند الضرورة للدفاع عن الحكومة الراهنة: "إننا ننذر بأننا قد نستخدم في المستقبل وسائل أخرى لأن لدينا مخاوف حقيقية"·

ثم أضاف "أنا مستعد للنزول الى الشوارع ورفع السلاح والقتال لمنع عودة المستبدين البعثيين والإرهابيين من العودة الى السلطة"·

هذا التصريح يلخص الشعور السائد بين الكثير من قادة الشيعة والميلشيا الشيعية بأنهم محاصرون، وهو ما قد يقودهم الى التخطيط للقيام بأعمال متطرفة للتعامل مع النيات المتوقعة لأعدائهم في انتزاع السلطة منهم·

الكل الآن ينتظر ليرى ما هو المدى الذي ستمضي فيه حكومة بوش في تطبيق انحيازها السياسي· ومثل هذه التحركات الجديدة توحي بأن الحكومة الأمريكية ربما أعادت تحديد وتعريف مصالحها في العراق، فقللت من أهمية الحرب على التمرد في ضوء الأزمة الأوسع مع إيران··

وسيفرض منطق مثل هذه الإعادة للتحديد والتعريف للمصالح وقف إطلاق النار مع المتمردين السنة· ولن يطلق هذا يد هؤلاء في محاربة "القاعدة" فقط، بل سيغير ميزان القوة بين الميلشيات السنية والشيعية في العراق·

إن التغيير في الانحياز السياسي الأمريكي، بالابتعاد عن الشيعة، والاتجاه نحو السنة، رغم أنه قد يكون طريقة للخروج من الحرب التي لا يمكن الفوز فيها، فإنه يجلب معه مجموعة مختلفة من التكاليف والمخاطر· إنه قد يأتي الى السطح بالعواطف المعادية للولايات المتحدة الأمريكية التي أبقاها القادة الشيعة ومنظماتهم العسكرية تحت الغطاء الى حد ما منذ الغزو الأمريكي لأسباب سياسية منفعية· كما أن الشيعة في حالة تأهبهم لحسم النزاع مع أعدائهم، سيسعون الى نيل معونة رعاتهم الإيرانيين· إن أسوأ أزمات سياسة الولايات المتحدة في العراق لم تأت بعد، ولكنها آتية·



*جارث بورتر، مؤرخ، آخر كتبه يحمل عنوان "مخاطر الهيمنة: خلل ميزان القوى والطريق الى الحرب في فيتنام"·

(21 يناير 2006)