وليم
10-23-2005, 11:17 AM
تأليف: رفعت السعيد
http://www.kotobarabia.com/BooksPhotos/2045_4453w.jpg
نكاد ان نتفق جميعا على أن التعرف على حقيقة وحاضر ومستقبل جماعة ما يتطلب بالضرورة إلقاء نظرة على عمق البئر الذي نبعث منه.
ومن ثم كانت دراسة تاريخ الجماعات السياسية مقدمة ضرورية لأي فحص علمي لمقولاتها الحاضرة ولمستقبلها.
ويكون لازما أيضا التعرف على مدى قدرة هذه الجماعة على تحديد نفسها.. أقول نفسها أي ذاتها وليس مجرد التظاهر بمظهر جديد أو اتخاذ زيا جديدا. وهو تجديد يعني النظر الانتقادي إلى مفردات تاريخ الجيل القديم من مؤسسي الجماعة وإلى ممارسات الجماع ومناهجها وأفكارها.
هذا كله يتبدى ضروري لدي النظر العلمي لحاضر ومستقبل أية جماعة سياسية. لكن هذه الضرورة تتضاعف إذ نحاول دراسة جماعة الإخوان المسلمي. فلأنها تقوم على أساس فرضية خاطئة. وهي أنها "جماعة المسلمين"ب وليست مجرد "جماعة من المسلمين"، ولأنها في نظر أصحابها "جماعة الحق".. " أهل الحل والعقد" ولأنها تقدس مؤسسها الأستاذ حسن البنا تقدسه سيرة وأفعالا، وتعتبره بل وتعتبر نفسها كجماعة.. " معصومة". فإن كل ما كان من ماضيها هو في رأيها صحيح، ويجب أن يستعاد كما كان.
فالجماعة لا تخطئ،وحتى عندما تكون أفعالها الطائشة سببا في كارثة على مجمل الجماعة، فإن هذه الأفعال تبقى لازمة، فقط يتعين " الأخذ بالأسباب". أما النتائج المريرة التي ترتبت على هذه الأفعال فهي مجرد " ابتلاء" و " امتحان" لإيمانهم.
والأخذ بالأسباب يعني عندهم مجرد توخى الحذر، لكن تكرار ما كان في الماضي يبقى بالنسبة للجماعة أملا وحلما وأمنية.
ويبقى الأستاذ حسن البنا بالنسبة لأجيال الإخوان المتتابعة شيئا مقدسا، وتلتف حول إسمه هالات من المسميات " المرشد المؤسس " " الرجل النوراني" " القائد الإسلامي" " الإمام الشهيد" " الرجل القرآني " " داعية الحق".. الخ.
وقد يكون من حق " الإخوان" أن يحترموا مؤسس جماعتهم فهذا حقهم وربما يكون واجبهم، لكن الاحترام الحقيقي لا يمنع في اعتقادنا من إمعان النظر الانتقادي في تراث الشيخ فكرا وممارسة.
غير أنهم ومن حيث المبدأ لا يعتقدون أن مرشدهم المؤسس قد أخطأ في أي شيء، لسبب بسيط وهو أن نورانيته تقية من أن يخطئ في أي شيء. ولهذا السبب فإنهم يعيشون في وهم استعادة الماضي وتكراره، وليس تصويبه. وإن حاولوا " التقية " فإنهم يحاولون التحلي بثياب قد تبدو جديدة لكنها تبقى ويبقون هم في إسار الماضي. وماضيهم في اعتقادنا ملئ بالأخطاء.
ولهذا فإنهم يعودون دوما لارتكاب ذات الأخطاء، أو حتى ذات الخطايا، يفعلونها وهم يستشعرون زهو استعادة الماضي الذهبي، وزهو التماثل مع المرشد المؤسس.
وكمثال قريب نجد أن الجماعة بزعامتها الجديد تعود لترتكب ذات الأخطاء القديمة، وإن وضعتها في آنية جديدة، فكما مد المرشد المؤسس أصابعه لتتلامس مع الإنجليز، وأحيانا مع الألمان يأتي المرشد العام الحالي ليمد كلتا يديه للأمريكيين محاولا أن يستقوي بهم.
إنه ذات الخط،بل ذات الخطيئة، أن تمد يديك لأعداء الوطن، وأعداء الأمة، ومتى..؟ في وقت تمارس فيه الإدارة الأمريكية كل أشكال الضغوط والعدوان، بل والامتهان لشعوبنا وأوطاننا.
إنها ذات اللعبة القديمة التي تصور الأستاذ المرشد الأول إنه يتقنها، لعبة اللعبة بأوراق عدة ومتناقضة ليتلاعب بالجميع ضد الجميع مستفيدا من الجميع، لكن الحصاد كان مرير. فإذا تصور الأستاذ البنا أنه يتلاعب بالجميع، اكتشف وفي اللحظة الحاسمة أن الجميع يتلاعبون به. وكانت محنة قاسية له وللجماعة، انتهت باغتياله برصاصات تخيل هو لوقت طويل أنها رصاصات صديقه، وأنه قادر على أن يوجهها ضد خصومه.
وبرغم مرارة الدرس تعود الجماعة لترتكب ذات الخطأ.
وليس في الأمر غموض، فطالما ظلت "الجماعة" مصممة على عدم النظر الانتفادي لتاريخها، وخاصة لأخطائها الكبيرة والفادحة، ستظل ساحتها وأفكارها وممارساتها قابلة لأن تحتضن وأن تعزز ذات الأخطاء.
فالتبجيل، أو لنقل التقديس المبالغ فيه الذي يتعلق به أعضاء جماعة الإخوان لذكري شيخهم، يجعل كل ما فعله مقدسا وصائبا في نظر الأجيال المتعاقبة من عضوية الجماعة. ولأن الشيخ البنا قد ارتكب – في اعتقادنا – أخطاء كثيرة عبر مسيرته السياسية الممتدة من 28 – 1949 – وهذا أمر طبيعي وإنساني، فمن قال إنه معصوم؟ - فإن مثل هذه الأخطاء، بل وأفدح منها مؤهلة للتكرار.
ومن هنا تأتي قيمة هذا الدراسة فلعلها تمنحنا القدرة ونحن نعود إلى مسير المرشد الأول لأن نتعرف على عمق البئر الذي يروي منه الإخوان الحاليون أخطاءهم. لعلهم يقنعون أنفسهم بضرورة مراجعة ما كان.
فهم مصممون وبرغم كل ما كان، على اعتبار أن ما كان في الماضي، كل ما كان في الماضي وكأنه تراث مقدس.
هكذا تبدو صورة " الإمام المرشد" مكتملة الأبعاد التاريخية، ويزداد إغراؤها للباحث لأنها تقدم لنا " الأصل " الذي يحاول الآتون بعبده تكراره، دون أن يمتلكوا ذات الكفاءة أو ذات "الكاريزما".
http://www.kotobarabia.com/BooksPhotos/2045_4453w.jpg
نكاد ان نتفق جميعا على أن التعرف على حقيقة وحاضر ومستقبل جماعة ما يتطلب بالضرورة إلقاء نظرة على عمق البئر الذي نبعث منه.
ومن ثم كانت دراسة تاريخ الجماعات السياسية مقدمة ضرورية لأي فحص علمي لمقولاتها الحاضرة ولمستقبلها.
ويكون لازما أيضا التعرف على مدى قدرة هذه الجماعة على تحديد نفسها.. أقول نفسها أي ذاتها وليس مجرد التظاهر بمظهر جديد أو اتخاذ زيا جديدا. وهو تجديد يعني النظر الانتقادي إلى مفردات تاريخ الجيل القديم من مؤسسي الجماعة وإلى ممارسات الجماع ومناهجها وأفكارها.
هذا كله يتبدى ضروري لدي النظر العلمي لحاضر ومستقبل أية جماعة سياسية. لكن هذه الضرورة تتضاعف إذ نحاول دراسة جماعة الإخوان المسلمي. فلأنها تقوم على أساس فرضية خاطئة. وهي أنها "جماعة المسلمين"ب وليست مجرد "جماعة من المسلمين"، ولأنها في نظر أصحابها "جماعة الحق".. " أهل الحل والعقد" ولأنها تقدس مؤسسها الأستاذ حسن البنا تقدسه سيرة وأفعالا، وتعتبره بل وتعتبر نفسها كجماعة.. " معصومة". فإن كل ما كان من ماضيها هو في رأيها صحيح، ويجب أن يستعاد كما كان.
فالجماعة لا تخطئ،وحتى عندما تكون أفعالها الطائشة سببا في كارثة على مجمل الجماعة، فإن هذه الأفعال تبقى لازمة، فقط يتعين " الأخذ بالأسباب". أما النتائج المريرة التي ترتبت على هذه الأفعال فهي مجرد " ابتلاء" و " امتحان" لإيمانهم.
والأخذ بالأسباب يعني عندهم مجرد توخى الحذر، لكن تكرار ما كان في الماضي يبقى بالنسبة للجماعة أملا وحلما وأمنية.
ويبقى الأستاذ حسن البنا بالنسبة لأجيال الإخوان المتتابعة شيئا مقدسا، وتلتف حول إسمه هالات من المسميات " المرشد المؤسس " " الرجل النوراني" " القائد الإسلامي" " الإمام الشهيد" " الرجل القرآني " " داعية الحق".. الخ.
وقد يكون من حق " الإخوان" أن يحترموا مؤسس جماعتهم فهذا حقهم وربما يكون واجبهم، لكن الاحترام الحقيقي لا يمنع في اعتقادنا من إمعان النظر الانتقادي في تراث الشيخ فكرا وممارسة.
غير أنهم ومن حيث المبدأ لا يعتقدون أن مرشدهم المؤسس قد أخطأ في أي شيء، لسبب بسيط وهو أن نورانيته تقية من أن يخطئ في أي شيء. ولهذا السبب فإنهم يعيشون في وهم استعادة الماضي وتكراره، وليس تصويبه. وإن حاولوا " التقية " فإنهم يحاولون التحلي بثياب قد تبدو جديدة لكنها تبقى ويبقون هم في إسار الماضي. وماضيهم في اعتقادنا ملئ بالأخطاء.
ولهذا فإنهم يعودون دوما لارتكاب ذات الأخطاء، أو حتى ذات الخطايا، يفعلونها وهم يستشعرون زهو استعادة الماضي الذهبي، وزهو التماثل مع المرشد المؤسس.
وكمثال قريب نجد أن الجماعة بزعامتها الجديد تعود لترتكب ذات الأخطاء القديمة، وإن وضعتها في آنية جديدة، فكما مد المرشد المؤسس أصابعه لتتلامس مع الإنجليز، وأحيانا مع الألمان يأتي المرشد العام الحالي ليمد كلتا يديه للأمريكيين محاولا أن يستقوي بهم.
إنه ذات الخط،بل ذات الخطيئة، أن تمد يديك لأعداء الوطن، وأعداء الأمة، ومتى..؟ في وقت تمارس فيه الإدارة الأمريكية كل أشكال الضغوط والعدوان، بل والامتهان لشعوبنا وأوطاننا.
إنها ذات اللعبة القديمة التي تصور الأستاذ المرشد الأول إنه يتقنها، لعبة اللعبة بأوراق عدة ومتناقضة ليتلاعب بالجميع ضد الجميع مستفيدا من الجميع، لكن الحصاد كان مرير. فإذا تصور الأستاذ البنا أنه يتلاعب بالجميع، اكتشف وفي اللحظة الحاسمة أن الجميع يتلاعبون به. وكانت محنة قاسية له وللجماعة، انتهت باغتياله برصاصات تخيل هو لوقت طويل أنها رصاصات صديقه، وأنه قادر على أن يوجهها ضد خصومه.
وبرغم مرارة الدرس تعود الجماعة لترتكب ذات الخطأ.
وليس في الأمر غموض، فطالما ظلت "الجماعة" مصممة على عدم النظر الانتفادي لتاريخها، وخاصة لأخطائها الكبيرة والفادحة، ستظل ساحتها وأفكارها وممارساتها قابلة لأن تحتضن وأن تعزز ذات الأخطاء.
فالتبجيل، أو لنقل التقديس المبالغ فيه الذي يتعلق به أعضاء جماعة الإخوان لذكري شيخهم، يجعل كل ما فعله مقدسا وصائبا في نظر الأجيال المتعاقبة من عضوية الجماعة. ولأن الشيخ البنا قد ارتكب – في اعتقادنا – أخطاء كثيرة عبر مسيرته السياسية الممتدة من 28 – 1949 – وهذا أمر طبيعي وإنساني، فمن قال إنه معصوم؟ - فإن مثل هذه الأخطاء، بل وأفدح منها مؤهلة للتكرار.
ومن هنا تأتي قيمة هذا الدراسة فلعلها تمنحنا القدرة ونحن نعود إلى مسير المرشد الأول لأن نتعرف على عمق البئر الذي يروي منه الإخوان الحاليون أخطاءهم. لعلهم يقنعون أنفسهم بضرورة مراجعة ما كان.
فهم مصممون وبرغم كل ما كان، على اعتبار أن ما كان في الماضي، كل ما كان في الماضي وكأنه تراث مقدس.
هكذا تبدو صورة " الإمام المرشد" مكتملة الأبعاد التاريخية، ويزداد إغراؤها للباحث لأنها تقدم لنا " الأصل " الذي يحاول الآتون بعبده تكراره، دون أن يمتلكوا ذات الكفاءة أو ذات "الكاريزما".