المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزائر مقبلة على معركة جديدة عنوانها تعديل الدستور



لمياء
10-22-2005, 07:17 AM
مراد عباس من الجزائر


لم ينقض الكثير من الزمن بعد تزكية الشعب الجزائري لمشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الذي دعا إليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلا واشتعلت الساحة السياسية من جديد على وقع مطلب جديد شغل الكثير من الأحزاب السياسية.. إنه مطلب تغيير الدستور الذي كان أول من طرحه هو حزب جبهة التحرير الوطني، لكنه يعبر أيضا عن رغبة ليست خفية لدى الرئيس بوتفليقة في تعديل بعض المواد فيه خاصة تلك المتعلقة بعدد العهد التي يجب على أي رئيس احترامها.

وكان دستور الجزائر قد عدل في عهد الرئيس السابق الجنرال اليمين زروال بحيث ضبط عدد العهد باثنين فقط على الطريقة الأمريكية، لكن طموحات الرئيس بوتفليقة في التمديد لعهدة أخرى تبدو وقد وقعت تحت رحمة هذا التعديل ولذلك أشار في الكثير من خطاباته إلى أن الدستور ينطوي على الكثير من القصور مما دفعه إلى طرح مسألة تعديله، مما دفع بالكثير من المحللين إلى التأكيد أن مراد الرئيس من التعديل هو إعادة النظر في المادة التي تمنع تمديد بقاءه في قصر الرئاسة لعهدة أخرى.

وبغض النظر عن تناغم موقف الحزب الواحد سابقا مع الرئيس منذ أن تمت تنحية الأمين العام السابق لهذا الحزب السيد علي بن فليس في وقت سابق وتعويضه بأحد المقربين من الرئيس بوتفليقة وهو السيد عبد العزيز بلخادم الذي يشغل حاليا منصب رفيع في الحكومة الحالية هو وزير دولة مكلف بمهمة لدى رئاسة الجمهورية، فإن مطلب حزب جبهة التحرير بتعديل الدستور له خلفيات مصلحية واضحة تكون قد التقت مع مصلحة الرئيس.

فهذا الحزب الذي يسيطر على الأغلبية المطلقة في الغرفة السفلى للبرلمان بأكثر من 200 مقعد نيابي وعدد معتبر من المقاعد في الغرفة العليا "مجلس الأمة" لم يتمكن من استرجاع رئاسة الحكومة منذ أن تم تنحية علي بن فليس في ربيع 2003 على خلفية تمرده على الرئيس على الرغم من أنه هو الذي جاء به إلى رئاسة الحكومة وإلى الأمانة العامة للحزب.. وكان الغريم الآخر ممثلا في الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى الذي يشغل حاليا منصب رئيس الحكومة قد عرف كيف يستثمر هذا التمرد ليعود إلى رئاسة الحكومة على الرغم من حزبه لا يتوفر سوى على 48 مقعدا نيابيا في الغرفة السفلى للبرلمان.

وقد أكدت الجبهة أكثر من مرة على أحقيتها في رئاسة الحكومة بالنظر إلى قوة تمثيلها في البرلمان، غير أن المشكلة تكمن في الدستور الجزائري الذي يعد خليطا من النمطين الرئاسي وشبه الرئاسي،إذ أنه لا يشير بوضح إلى أن حزب الأغلبية هو الذي يجب أن يسيطر على رئاسة الحكومة، وهي الثغرة التي يكون الرئيس قد انطلق منها في حرمان جبهة التحرير من العودة إلى رئاسة الحكومة. وعلى هذا الأساس ينصب مطلب هذا الحزب في تعديل الدستور بشكل يكرس أحقية صاحب الأغلبية في تشكيل الحكومة.

ولعل هذا هو ما جعل غريمه حزب التجمع الوطني الديمقراطي يقف ضد هذا المطلب على لسان زعيمه أحمد أويحيى الذي أكد أكثر من مرة أن هذا المطلب لا يشكل أولوية بالنسبة إليه في الوقت الراهن. غير أن الكثير من المتابعين للشأن السياسي في الجزائر يرون أن موقف أويحيى من تعديل الدستور يعتبر أكبر بكثير من خوفه على فقدانه منصب رئاسة الحكومة ، وبالتالي فهم لا يرونه ردا على الجبهة بقدر ما هو رفض لرغبة الرئيس بوتفليقة في تمديد بقائه في الرئاسة لعهدة أخرى وتعبير بطريقة غير مباشرة عن طموحه في اعتلاء رئاسة الجمهورية في موعد 2009 ، لأن التمديد لعهدة أخرى يعني حرمان أويحيى دخول هذا السابق كونه يتحول إلى مغامرة غير محمودة العواقب تذكر بمغامرة علي بن فليس التي انتهت إلى مصير مأساوي قضى على مستقبله السياسي بشكل كبير بعدما تمت إقالته من الأمانة العامة لحزبه إثر تنكر كل من كان إلى جانبه قبل ظهور نتائج رئاسيات 2004.

وتشكل قضية تعديل الدستور نقطة خلاف واضحة بين أقطاب التحالف الرئاسي الثلاثة المتكون من الحزبين السالف ذكرهما إضافة إلى حركة مجتمع السلم (الحزب الإسلامي المعصرن) الذي حاول رئيس كتلته البرلمانية بالبرلمان عبد الحق بومشرة في تصريحه لايلاف مسك العصا من الوسط عندما أكد أن حزبه مع التعديل "اذا كان لا بد منه"، مبررا ذلك بكون الدستور الحالي تم وضعه في مرحلة انتقالية، في حين أم الأمور اتجهت نحو الاستقرار.