غفوري
08-26-2024, 10:58 PM
https://alseyassah.com/uploads/authors/17_1701937429.jpg
الأحد 25 أغسطس 2024
أحمد الدواس
قبل 24 عاماً، كنت أعمل في وزارة حساسة يقع مقرها أمام البحر، وتعرفون أيُّ الوزارات أقصد، ولم يكن فيها من الموظفين الوافدين العرب سوى اثنين في قسم الطباعة، وكثيراً ما كنت أعمل بعد الدوام بنحو نصف ساعة، أي الى الساعة الثانية والنصف عصرا.
في يوم مكثت أعمل في مكتبي بعد ان خرج الموظفون، فأحسست بوجود أحد الوافدين يدخل ممر إدارة الأميركيتين التي أعمل فيها، وهو يغني، ويحسب أن لا أحد فيها، فصار يأخذ هذه الصحيفة الكويتية من ذاك المكتب، ويخرج منه ليأخذ صحيفة أخرى من المكتب المجاور، ويبدو ان هذا دأبه بعد خروج الموظفين، حيث لم تكن مكاتب الموظفين والديبلوماسيين تُغلق، بل كانت أبوابها مفتوحة، وربما ظن أنه إذا أخذ خمس صحف فكأنما وفر على نفسه إنفاق 15 دينارا كل شهر.
شاهدته والصحف بيديه فسألته: لمَ أنت هنا؟ فارتبك وتلعثم، وقال انه كان يريد فحص محول الكهرباء! والحقيقة انني شاهدته يدخل المكاتب بحثا عن الصحف.
حدث هذا الأمر في عام 2000 تقريبا، ولما زرت الوزارة قبل سنتين، ثم قبل وقت قريب، للحصول على ورقة رسمية منها، فوجئت بكثرة عدد الوافدين العرب العاملين من رعايا جالية معينة، فهذا في غرفة المراقبة الأمنية عند مكتب الاستقبال، قبل دخول مبنى الوزارة، وهذا يقدم لك الشاي، والثالث يحمل الأوراق الرسمية من مكتب لآخر، والرابع ساعي بريد...ما هذا؟
ومن أمـَر بذلك؟
ان من سمح لهم بالعمل بهذه الكثرة قد أخطأ خطأ فادحاً، فأسرار الدولة يجب ألا يطلع عليها الوافد، أو ينقل الأوراق الرسمية من مكتب لآخر، ولنضرب مثالا حدث فيها، فقد سمعت قصة أن أحد الآسيويين استغل خروج الموظفين بعد انتهاء الدوام وأرسل رسالة "فاكس" لسفارته، فمن كشفها يا ترى؟
لقد كشفتها وزارة الاتصالات عند التدقيق في كشوفات مصروفات هواتف الوزارة، إذ ظهرت تكلفة الـ"فاكس" المرسل الى السفارة الآسيوية، وان موعد إرساله لم يكن خلال ساعات الدوام، بل بعدها.
وحاليا الكل يستعمل الهاتف النقال، وبالإمكان تصوير أوراق ووثائق تخص هذه الوزارة، ولا أود ان أشرح أكثر من ذلك، لتنقل لسفارات بلدانهم.
صحيح إن هناك وافدين لديهم كفاءة ملموسة، وأخلاق حسنة ولا شك، لكن وثائق الدولة، وأوراقها لا ينبغي ان يطلع عليها إلا الموظفون من أهلها.
لا أقول قطع أرزاق هؤلاء، لكن يمكن إحالتهم للعمل في إدارة البلدية مثلا.
كلنا يعرف انه يستحيل على الكويتي دخول مبنى وزارة الخارجية في البلد العربي، فأقصى ما يمكن أن يفعله هو أن يقف خارجها في الطابور أمام شباك التصديقات القنصلية ليحصل على تصديق منها لوثيقة ما، وليس في كلامنا هذا أي إساءة لأحد، ولا نتخيل ابداً ان توافق بلدانهم على توفير فرص العمل للكويتيين، لن يجد الكويتي أبداً عملاً في الأردن أو مصر، أو في أي بلد عربي بحجة أن أهل البلد أولى منه بالوظيفة.
هيـا... فطالما نحن نتحدث عن عزم الحكومة تطبيق سياسة "التكويت"، عليها أن تجري تعديلات بحيث تستغني تلك الوزارة عن الوافدين العرب، فالأفضل أن يكون الموظف كويتياً في غرفة المراقبة الأمنية عند مكتب الاستقبال، ومواطن آخر ينقل الأوراق الرسمية بين الإدارات، ومواطن ثالث كساعي بريد بين الوزارات، أما الضيافة فيتكفل بها آسيوي.
aldawas.ahkwt@yahoo.com
الأحد 25 أغسطس 2024
أحمد الدواس
قبل 24 عاماً، كنت أعمل في وزارة حساسة يقع مقرها أمام البحر، وتعرفون أيُّ الوزارات أقصد، ولم يكن فيها من الموظفين الوافدين العرب سوى اثنين في قسم الطباعة، وكثيراً ما كنت أعمل بعد الدوام بنحو نصف ساعة، أي الى الساعة الثانية والنصف عصرا.
في يوم مكثت أعمل في مكتبي بعد ان خرج الموظفون، فأحسست بوجود أحد الوافدين يدخل ممر إدارة الأميركيتين التي أعمل فيها، وهو يغني، ويحسب أن لا أحد فيها، فصار يأخذ هذه الصحيفة الكويتية من ذاك المكتب، ويخرج منه ليأخذ صحيفة أخرى من المكتب المجاور، ويبدو ان هذا دأبه بعد خروج الموظفين، حيث لم تكن مكاتب الموظفين والديبلوماسيين تُغلق، بل كانت أبوابها مفتوحة، وربما ظن أنه إذا أخذ خمس صحف فكأنما وفر على نفسه إنفاق 15 دينارا كل شهر.
شاهدته والصحف بيديه فسألته: لمَ أنت هنا؟ فارتبك وتلعثم، وقال انه كان يريد فحص محول الكهرباء! والحقيقة انني شاهدته يدخل المكاتب بحثا عن الصحف.
حدث هذا الأمر في عام 2000 تقريبا، ولما زرت الوزارة قبل سنتين، ثم قبل وقت قريب، للحصول على ورقة رسمية منها، فوجئت بكثرة عدد الوافدين العرب العاملين من رعايا جالية معينة، فهذا في غرفة المراقبة الأمنية عند مكتب الاستقبال، قبل دخول مبنى الوزارة، وهذا يقدم لك الشاي، والثالث يحمل الأوراق الرسمية من مكتب لآخر، والرابع ساعي بريد...ما هذا؟
ومن أمـَر بذلك؟
ان من سمح لهم بالعمل بهذه الكثرة قد أخطأ خطأ فادحاً، فأسرار الدولة يجب ألا يطلع عليها الوافد، أو ينقل الأوراق الرسمية من مكتب لآخر، ولنضرب مثالا حدث فيها، فقد سمعت قصة أن أحد الآسيويين استغل خروج الموظفين بعد انتهاء الدوام وأرسل رسالة "فاكس" لسفارته، فمن كشفها يا ترى؟
لقد كشفتها وزارة الاتصالات عند التدقيق في كشوفات مصروفات هواتف الوزارة، إذ ظهرت تكلفة الـ"فاكس" المرسل الى السفارة الآسيوية، وان موعد إرساله لم يكن خلال ساعات الدوام، بل بعدها.
وحاليا الكل يستعمل الهاتف النقال، وبالإمكان تصوير أوراق ووثائق تخص هذه الوزارة، ولا أود ان أشرح أكثر من ذلك، لتنقل لسفارات بلدانهم.
صحيح إن هناك وافدين لديهم كفاءة ملموسة، وأخلاق حسنة ولا شك، لكن وثائق الدولة، وأوراقها لا ينبغي ان يطلع عليها إلا الموظفون من أهلها.
لا أقول قطع أرزاق هؤلاء، لكن يمكن إحالتهم للعمل في إدارة البلدية مثلا.
كلنا يعرف انه يستحيل على الكويتي دخول مبنى وزارة الخارجية في البلد العربي، فأقصى ما يمكن أن يفعله هو أن يقف خارجها في الطابور أمام شباك التصديقات القنصلية ليحصل على تصديق منها لوثيقة ما، وليس في كلامنا هذا أي إساءة لأحد، ولا نتخيل ابداً ان توافق بلدانهم على توفير فرص العمل للكويتيين، لن يجد الكويتي أبداً عملاً في الأردن أو مصر، أو في أي بلد عربي بحجة أن أهل البلد أولى منه بالوظيفة.
هيـا... فطالما نحن نتحدث عن عزم الحكومة تطبيق سياسة "التكويت"، عليها أن تجري تعديلات بحيث تستغني تلك الوزارة عن الوافدين العرب، فالأفضل أن يكون الموظف كويتياً في غرفة المراقبة الأمنية عند مكتب الاستقبال، ومواطن آخر ينقل الأوراق الرسمية بين الإدارات، ومواطن ثالث كساعي بريد بين الوزارات، أما الضيافة فيتكفل بها آسيوي.
aldawas.ahkwt@yahoo.com