المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "المرض الهولندي" يبطش بسوق الخضار والفواكه العراقية



معيدي فهمان
08-22-2024, 09:28 AM
https://media.shafaq.com/media/arcella/1641468586320.jpeg

2024-08-15

في ظاهرة نادرة على مستوى الدول ذات الموارد الزراعية، يعاني العراق من عدم قدرته على تلبية احتياجاته المحلية من المحاصيل الزراعية الأساسية، مثل الخضر والفواكه، بالرغم من توفر المياه والتربة الخصبة، مما انعكس على تراجع الإنتاج الزراعي بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وأصبحت المحاصيل المحلية تواجه تحديات كبيرة بسبب إغراق السوق بالمنتجات المستوردة.

الاستيراد يهدد الإنتاج المحلي

الفلاح العراقي محمد جبار يوضح في حديثه لوكالة شفق نيوز أن الاستيراد المستمر للمحاصيل الزراعية جعل الإنتاج المحلي غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية.

يشير جبار إلى أن المستهلكين يفضلون المنتجات المستوردة لانخفاض تكلفتها مقارنة بالمحاصيل المحلية، ما يجعل الفلاحين غير قادرين على تغطية تكاليف الإنتاج.

ويرجع هذا التفاوت في الأسعار إلى غلاء تكلفة البذور والأسمدة، حيث يصل سعر الأسمدة الكيماوية إلى 80 ألف دينار لوزن 50 كيلو، بينما تبلغ تكلفة حمل الداب 200 ألف دينار.

ودعا الى دعم من قبل الدولة، لتوزيع البذور والاسمدة التي كانت توزع بأسعار رمزية فضلا عن تفعيل القوانين التي تمنع دخول المستورد".

الزراعة العراقية: نصدر ايضاً

وفي سياق متصل، تؤكد وزارة الزراعة أن استيراد الخضر والفواكه هو نهج شائع في العديد من البلدان، مشيرة إلى أن العراق ليس مجرد مستورد لهذه المحاصيل، بل هو أيضاً مصدر رئيسي لها في أوقات الذروة.

المتحدث الرسمي باسم الوزارة، محمد الخزاعي، يوضح لوكالة شفق نيوز، أن العراق صدر في عام 2023 نحو 70 ألف طن من الخضر و4300 طن من الفواكه، وهي كميات كبيرة بالمقارنة مع السنوات السابقة.

ويضيف أن الاستيراد والتصدير يعدان جزءاً من سياسة زراعية صحية، حيث يتم ضبط ذلك وفقاً للرزنامة الزراعية التي تسهم في استقرار أسعار المحاصيل.

الزراعة الموسمية ومحدوديتها

الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي يشير إلى أن الزراعة في العراق لا تفي بالاحتياجات المحلية، خاصة فيما يتعلق بالفواكه غير المزروعة محلياً، اضافة لنقص الفواكه الأخرى كالحمضيات والفواكه الصيفية والشتوية التي تزرع في المناطق الباردة او شبه الباردة".

ويعزو في حديث لوكالة شفق نيوز، هذا القصور إلى طبيعة الخارطة الزراعية الموسمية ومحدودية الزراعة المغطاة، إضافة إلى الاعتماد على الري السيحي الذي يستنزف المياه.

ويرى أن استيراد المحاصيل بات ضرورة ملحة في ظل توفرها بأسعار منافسة في الأسواق العالمية.

المرض الهولندي وتداعياته على الاقتصاد العراقي

عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار البرلمانية، النائب عبد الهادي الحسناوي، يحذر من تأثيرات ما يعرف بـ "المرض الهولندي" على الاقتصاد العراقي.
يوضح لوكالة شفق نيوز، أن الاعتماد المفرط على الاستيراد يضر بالصناعة والزراعة المحلية، مشدداً على ضرورة دعم الفلاحين والمزارعين لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

ويضيف أن التجربة الدولية تظهر أن الدول المتقدمة تدعم قطاع الزراعة بطرق متعددة، مما يساهم في حماية اقتصادها من التقلبات العالمية.

والمرض الهولندي يشير إلى ظاهرة اقتصادية تحدث عندما يؤدي ازدهار تصدير الخامات الطبيعية، مثل النفط والغاز، إلى تدفق كبير للعملة الأجنبية إلى البلد.

هذا التدفق يزيد من الطلب على العملة المحلية، مما يؤدي إلى ارتفاع قيمتها مقارنة بالعملات الأجنبية. نتيجة لذلك، تصبح الواردات أرخص وأكثر تنافسية في السوق المحلية، بينما ترتفع أسعار صادرات الدولة بالعملات الأجنبية، مما يجعل بضائعها أقل تنافسية في الأسواق الدولية.

هذا التأثير السلبي يمتد إلى القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، التي تعاني من انخفاض في قدرتها التنافسية.

بالإضافة إلى ذلك، يعتمد قطاع تصدير الخامات عادةً على توظيف عدد محدود من العمال، مما يعني أن ازدهار هذا القطاع لا يساهم بشكل كافٍ في معالجة البطالة المتزايدة في القطاعات الإنتاجية الأخرى.

وهذا يؤدي في النهاية إلى انتشار البطالة وتفاقم التحديات الاقتصادية.

ويستورد العراق معظم هذه المحاصيل من تركيا وإيران وسوريا والأردن ومصر، بالإضافة إلى دول أخرى، ما يبقي الفلاح العراقي عاجزا عن استغلال أرضه والاستفادة من محاصيله.


ويحظر العراق استيراد بعض المحاصيل الزراعية خلال موسم الصيف لحماية المنتجات المحلية وتصريفها في الأسواق، ويعاني العراق اصلاً منذ سنوات انخفاضا متواصلا في الإيرادات المائية عبر نهري دجلة والفرات، بجانب تراجع سقوط الأمطار.

وفي ظل انحسار كمية الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، يعاني العراق جفافاً، وتندّد السلطات العراقية بسدود تبنيها تركيا وإيران على نهري دجلة والفرات، تتسبب بانخفاض منسوب النهرين وروافدهما حينما يصلان إلى العراق. إلا أن المجلس النروجي للاجئين حمّل المسؤولية كذلك إلى "إدارة الموارد المائية" في البلاد خصوصا "ممارسات الري في العراق وعدم الكفاءة في استخدام الموارد المائية المتناقصة".