المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مؤسس أكبر تنظيم مسلح جزائري حسان حطاب: نريد التخلي عن العمل المسلح.. لكن لنا مطالب



زوربا
10-15-2005, 03:27 PM
«الشرق الاوسط» تحاور مؤسس أكبر تنظيم مسلح جزائري في مخبأ له


http://www.asharqalawsat.com/2005/10/15/images/interview.328406.jpg

الجزائر: بوعلام غمراسة


أعلن حسان حطاب مؤسس اكبر تنظيم أصولي مسلح في الجزائر عن استعداده، والعديد من أتباعه، للتخلي عن العمل المسلح، لكنه شدد على ضرورة ان تستجيب السلطات الجزائرية لمطالبهم. وقد جاء ذلك في لقاء بين «الشرق الاوسط» وحطاب، هو الاول من نوعه يقدمه مؤسس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» لصحافي.

وخلال اللقاء، قال حطاب انه يدعو السلطات لرفع تهمة الإرهاب عن المسلحين الذين التحقوا بالجبال كرد فعل على «الانقلاب»، في اشارة الى تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فاز بها الإسلاميون أواخر عام 1991. كما دعا في المقابل، رفاقه في الجماعة إلى «التوقف عن الأعمال القتالية والبقاء في المواقع والاستمرار في رفع المطالب». وذكر حطاب المدعو (أبو حمزة) أنه ما زال ينتظر «إجراءات ملموسة» من قبل السلطات، بعد الاستفتاء على ميثاق السلم والمصالحة، «مثل رفع تهمة الإرهاب عن الإخوة الذين رفعوا السلاح ضد الانقلاب والتعامل مع جميع الناس سواسية وتفادي اعتماد مقاييس مزدوجة في تسوية المشاكل». وأضاف متحدثاً بصيغة الجمع: «ما زلنا أيضا ننتظر إطلاق سراح الشيخ علي بن حاج (الرجل الثاني في جبهة الانقاذ) وإتاحة الفرصة له لأداء دور في المصالحة الوطنية». وطالب حطاب صراحة بعودة «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة إلى النشاط من جديد و«عدم تحميلها مسؤولية الأزمة الدامية».

وقد التقت «الشرق الأوسط» مؤسس الجماعة السلفية في بيت متواضع لا يلفت انتباه الناس، يقع على بعد 100 كلم شرق العاصمة، وهي المنطقة التي ظل ينشط فيها سنوات طويلة. وبداخل البيت يلتقي حطاب، منذ نهاية الشهر الماضي، مع رفاقه ممن انشقوا عن التنظيم منذ أن تخلى هو رسمياً عن قيادة الجماعة السلفية. كان حطاب خلال اللقاء مرتدياً لباسا أفغانيا ويضع على رأسه عمامة ومعه جهاز كومبيوتر محمول قال إنه لا يفارقه. بدا حطاب في عجلة من أمره، حيث كان يختصر الحديث ويرد باقتضاب على الأسئلة، وطلب من «الشرق الاوسط» عدم الالحاح في طلب الرد عليها «لأن عملا كبيرا ينتظرني»، في اشارة الى المساعي التي يقوم بها لحمل رفاقه على التخلي عن العمل المسلح.

يشار الى ان حطاب هو الذي أسس «الجماعة السلفية» عام 1998 بعد ان انشق عن «الجماعة الإسلامية المسلحة» رفقة الكثير من المسلحين بدعوى أن الاخيرة انحرفت عن «أصول الجهاد الشرعي». وقد تزوج حطاب، 38 سنة، في الجبل (مكان نشاط المسلحين) وأنجب أطفالا. وينسق حالياً مع اجهزة الأمن لإقناع المسلحين بالتخلي عن السلاح والانخراط في مسعى السلم والمصالحة وشق عصا الطاعة عن النواة الصلبة في «الجماعة السلفية» التي تتمسك بمواصلة الإرهاب.

وتطرق مؤسس «السلفية»، خلال اللقاء، الى بعض التفاصيل عن مساره المسلح وأسباب استمراره في رفع السلاح منذ 12 سنة. وقال: «بسبب النقض المتكرر للعهود التي قطعها، جعلنا النظام نصر على مواصلة العمل المسلح. أما ما جعلنا نقتنع بمسعى المصالحة، فهي عوامل متظافرة قدرنا أنها إيجابية، أهمها الدعوة التي وجهها علماء الأمة إلى الإخوة لوضع السلاح ولم الشمل وتآلف القلوب فيما بين أفراد الشعب الجزائري، فضلا عن ذلك فقد لاحظنا تغييرات طرأت على السياسة الداخلية للبلاد وأصبح الشعب الجزائري أكثر إلحاحا في طلب السلم. وهذه الظروف مجتمعة جعلتنا نتأكد من عدم جدوى الاستمرار في النهج الذي خضناه بداية التسعينات».

ولدى سؤاله عن ظروف تخليه عن قيادة «الجماعة السلفية» قبل نحو عامين، قال حطاب: «لقد طلقت القيادة في شهر سبتمبر (ايلول) 2003، وتم ذلك بمحض إرادتي ولم أكن مكرهاً على اتخاذ هذه الخطوة التي دفعني إليها خطاب المصالحة الذي يفتح في اعتقادي عهدا جديدا. وقد كانت استقالتي من رأس التنظيم نقطة انطلاق المساعي التي أقوم بها في إطار المصالحة والتآخي بين أفراد الشعب من دون إقصاء أو تهميش أية فئة من أبنائه».

ويتهم حطاب الشخص الاول، الذي خلفه في قيادة الجماعة، نبيل صحراوي (قتله الجيش في صيف عام 2004) بتصفية إمام شاب في العاصمة اشتهر بلقب (أبو حفص) وعرف بالتنسيق مع الجيش في دفع الكثير من الأشخاص بالإقلاع عن الإرهاب. وقال حطاب عن ظروف مقتل الإمام: «لقد التقيت بأبي حفص عدة مرات عام 2000 في معاقل الجماعة السلفية، واختلفت معه في آخر مرة التقينا فيها بسبب الهدنة التي عرضها علينا، لكنني لم أكن أرى أبدا قتله، إلا أن أطرافا في الجماعة كانت تريد تصفيته وعارضت ذلك بشدة، وبعد انسحابي من القيادة وجدوا الفرصة سانحة فنفذوا ما كانوا يخططون له».

وأكد حطاب أن غالبية أفراد «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» يريدون الاندماج في الديناميكية التي أحدثها مشروع المصالحة، لكن «نزولهم من الجبال مرهون بمدى تحقيق المطالب التي يرفعونها، ثم إن التوصل إلى إقناع الجنود بضرورة ترك السلاح يتطلب العمل معا لتوفير شروط ذلك». ويقصد حطاب بالمطالب المرفوعة، ما تحدث عنه من رفع تهمة الإرهاب عن عناصر الجماعة السلفية والإفراج عن بن حاج وعودة «الإنقاذ» إلى النشاط. وعن علاقة «الجماعة السلفية» بتنظيم «القاعدة»، قال حطاب: «منذ نشأة الجماعة وحتى ابتعادي عنها لم يربطها أي نوع مع تنظيم القاعدة». يشار الى ان القيادة الحالية للجماعة، ممثلة في عبد المالك دروكدال (المدعو أبو مصعب عبد الودود)، كانت أعلنت عن ولائها للقاعدة، وكشفت عن اتصالات تجريها مع مسؤولي تنظيم اسامة بن لادن عبر الإنترنت.

واعتذر حطاب عن عدم الاجابة عن اسئلة اخرى حول الوضع الداخلي للجماعة السلفية والعدد الحقيقي لأفرادها (800 حسب وزير الداخلية) ومحاولات اغتياله على أيدي رفاق له عام 2004، مشيراً الى ان «الظرف الحالي لا يسمح بذلك، فأنا مقبل على أمر جلل، وكل كلمة تصدر مني سيكون لها وزنها».

حطاب.. 12 عاماً من العمل المسلح

* ولد عام حسان حطاب عام 1967، ونشأ وسط عائلة متوسطة الحال تسكن منطقة بني مراد (20 كلم شرق العاصمة الجزائرية)، التي كانت ولا تزال أحد المعاقل الرئيسية للاسلاميين. كان أحد أنصار «الجبهة الاسلامية للانقاذ» ومن أشدهم انبهارا بالرجل الثاني فيها علي بن حاج. بعد توقيف المسار الانتخابي في يناير (كانون الثاني) 1992، اثر تدخل الجيش لوقف زحف الاسلاميين نحو السلطة، انضم حطاب الى النواة الأولى للعمل المسلح في الجزائر «حركة الدولة الاسلامية». وخلال هذه الفترة كان أربعة من أشقائه التحقوا بالعمل المسلح أيضا، وكلهم قتلوا بين عامي 1993 و1995، إما في تصفيات داخلية أو على أيدي قوات الأمن. انضم عام 1994 الى «الجماعة الاسلامية المسلحة» (الجيا) بقيادة الشريف قوسمي، الذي كلفه بقيادة مجموعة مسلحة تدعى «كتيبة الفتح»، ثم ترأس «كتيبة جند الاعتصام»، ثم عين قائدا لـ «المنطقة الثانية» التي تقع شرق العاصمة.

ومن بين العمليات المسلحة التي تنسب لحطاب، قتل رئيس الحكومة الاسبق قاصدي مرباح، الذي وقع في كمين عام 1993 في منطقة بني مراد.

بعد مقتل قوسمي على أيدي قوات الأمن، تولى جمال زيتوني قيادة «الجماعة الاسلامية المسلحة»، وساءت العلاقة بين حطاب وزيتوني بسبب خلافهما حيال أسلوب العمل المسلح. وحدث الطلاق بين حطاب والجماعة الاسلامية في فترة قيادة عنتر زوابري عام 1996، بعد أن تفاقم الوضع عندما حاول الثاني استدراج الأول لقتله في كمين.

ويذكر حطاب أن الدافع الرئيسي الذي جعله يترك الجماعة الاسلامية ويؤسس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، هو انحراف زوابري عن «الجهاد الشرعي»، من خلال استهداف المدنيين العزل، وكل الذين التحقوا به في التنظيم الجديد يتداولون نفس التبرير. وكان التأسيس الرسمي لـ «الجماعة السلفية» في 14 سبتمبر (ايلول) 1998، وكانت عناصر بارزة مرشحة لقيادتها مثل عبد العزيز عبي (المدعو عكاشة البارا) الذي قتل عام 2004، وعماري صايفي (المدعو عبد الرزاق البارا) المعتقل حالياً لدى أجهزة الأمن.

ووقع إجماع بين أفراد التنظيم الذي كان يضم 1300 مسلح، على تولي حطاب القيادة التي استمر فيها الى غاية اعلان «استقالته» عام 2003. وإثرها اختار «مجلس الأعيان» بالجماعة، نبيل صحراوي المدعو مصطفى أبو ابراهيم قائدا جديدا. وبعد مقتل هذا الاخير عام 2004، عين عبد الملك دروكدال زعيما جديدا للجماعة.