المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثورات الخرمدينية



باباك خورمدين
10-15-2005, 09:47 AM
تمهيد :-
شهدت المرحلة الأولى من صعود الأسرة العباسية للسلطة والتي استمرت من (132 - 232 هـ) قيام العديد من الثورات والانتفاضات الاجتماعية التي خضعت (من ناحية المعتقد والقيادة) لأفكار وبرامج المذاهب الثورية المعارضة وخاصة المذهبين الشيعي، والخارجي، وقد ارتبطت الثورات الشيعية عموماً - من وجهة نظر المؤرخين - بخضوعها لقيادة علوية أو هاشمية، أما الثورات الخارجية فقد ارتبطت بالشعارات التقليدية للفكر الخارجي، إلا أن صعود العباسيين إلى السلطة واعتمادهم على العناصر الأرستقراطية الفارسية أدى إلى انزواء المذاهب الخارجية في الشرق ودخولها في حالة خمول ثوري، وتركز اهتم علماء الفرق الخارجية - الإباضية على وجه الخصوص - بالتنظير العلمي لمذهبهم(1)، ومع تبني السلطة العباسية للمذاهب السنية في الأصول والفروع، فقد تبنت الحركات المعارضة الدينية والاجتماعية المذهب الشيعي والولاء لآل البيت(2)، على أن بعض هذه الثورات الاجتماعية - وخاصة التي قامت في الشرق - وجدت حول أفكارها الأيدلوجية والعقائدية العديد من علامات الاستفهام، والتي نتجت عن الاضطراب الواضح في المعلومات التي توردها المرويات المؤرخة لهذه الانتفاضات، بالإضافة إلى حرص السلطة العباسية المنتصرة على محو أي نص معبر عن الآراء الدينية لقياداتها، لوضع الرأي العام الإسلامي تحت السيطرة الكاملة لإعلامياتها، والتي حرصت بالطبع على إفقاد هذه المحاولات الثورية لشرعيتها الإسلامية، عن طريق توجيه التهم إلى قادتها بالسعي للقضاء على الإسلام وإحياء المجد الساساني والديانات الفارسية القديمة وخاصة المذهب المزدكي(*1)، بالإضافة إلى اتهامها بالترويج للإباحية وشيوعية النساء والأموال، مستغلة كون هذه القيادات تنتمي من الناحية العنصرية إلى العناصر الفارسية والتركية، وهي الاتهامات التي لم تكن تجرؤ على توجيهها للقيادات العلوية أو الخارجية المنتمية للعنصر العربي.
وقد نجحت إعلاميات السلطة في إجبار مؤرخي المعارضة على الخضوع لآرائها تجاه هذه الانتفاضات بعد أن استطاعت - بواسطة إمكانياتها الهائلة - ترسيخها في ذهن الجماهير المسلمة مما يجعل أي محاولة لإظهار الحقيقة تفسر على أنها نوعاً من التأييد لمحاولات القضاء على الإسلام والترويج للإباحية(*2).
الواقع أن هذا النجاح امتد ليشمل حتى المستشرقين والباحثين المعاصرين رغم كل التطورات التي حققها علم التاريخ في الفترات الأخيرة، وعلى الرغم من تظاهر معظم هؤلاء الباحثين بكونهم على دراية بمحاولات التشويه التي يقوم بها مؤرخو البلاط العباسي فإنهم يخضعون لها بكيفية ما سواء كلياً أو جزئياً، وقد اكتفى معظمهم برفض الاتهامات الأخلاقية الموجهة لهذه الانتفاضات مع قبولهم بكل ارتياح الاتهامات الخاصة بالهرطقة(*3).
إن أول ملاحظة تستحق الانتباه هو إجماع كل كتاب ومؤرخي السلطة العباسية على نشوء كل قيادات هذه الانتفاضات في الوسط الشيعي، ثم تطورها للدعوة إلى ديانات ومذاهب الفرس القديمة، أو إلى الإباحية والاشتراك في النساء والأموال(3)، وبالتالي فسوف تتناول هذه الدراسة مناقشة مبحثين :

1 - وضع الشيعة في فترة قيام هذه الانتفاضات
2 - علاقة الثورات الاجتماعية بالتشيع
هوامش
1 - د. محمود إسماعيل - الحركات السرية في الإسلام - بيروت 1997 - ص 22، 23.
2 - بطروشوفسكي - ترجمة وتعليق د. السباعي محمد السباعي - القاهرة 1999 - ص 118، 119.
(*1) ينسب المذهب المزدكي إلى مزدك الذي ظهر في عهد الملك الفارسي قباذ، ويبدو أنه كان أحد المثقفين الإيرانيين حيث يصفه الفردوسي بقوله : " واتصل بقباذ رجل فصيح اللسان غزير العلم ذو رأي وعقل يسمى مزدك "، ويبدو من رواية الفردوسي أن سبب تأسيسه لهذا المذهب هو الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها الإمبراطورية الفارسية في عهد قباذ، فقام هو بتحريض العامة على استباحة الغلات التي في أيدي التجار وأملاك الأثرياء، ومن الواضح أنه كان ثائراً على الوضع الطبقي الذي عانت منه الإمبراطورية الفارسية مما دفعه لتأسيس هذا المذهب، والواضح أنه لم يناقش كثيراً المعتقدات الزرادشتية الرئيسية، ولكنه ناقش في أسباب الوضع الاقتصادي والأخلاقي المتردي، وهو ما يظهر من مناقشته لقباذ : " الذي يمنع الناس عن سلوك طريق السداد منحصر في خمسة أشياء لا غير : وهي الغيرة والحقد والغضب والحرص والفقر . وإذا قمعت هذه الأخلاق الشيطانية استقام لك طريق الحق . ومنشؤها كلها من شيئين : المال والنساء . فينبغي أن يجعلا على الإباحة بين الخلق أجمعين حتى نأمن الآفات الخمس "، ويبدو أن الغرض الحقيقي من كلمة الإباحة التي استخدمها الفردوسي هو العدالة والمساواة بين الناس في الملكية والثروة والزوجات، ومن غير الممكن أن تردف هذه الموعظة الأخلاقية بدعوة لإباحية النساء، وأعتقد أن المزدكية هي مجرد مذهب زرادشتي، ولكن مصادر السلطة اعتادت على أن تتهم أي مذهب أو تفسير للدين خارج عن تفسير السلطة بمثابة الهرطقة، أو الردة ومحاولة إنشاء دين جديد، وقد اتفقت المصادر التاريخية على أن الملك قباذ اعتنق هذا المذهب لفترة، ثم اضطر للارتداد عنه وتم تدبير مذبحة للمزدكيين شملت ثلاثة آلاف منهم إضافة إلى مزدك نفسه، وقام ابنه أنوشروان (النفس السعيدة) بحملة اضطهاد ضخمة ضد أتباعه، ويبدو أن مزدك لم يتح له الوقت الكافي للدعوة إلى مذهبه أو لتأليف أي كتب تعبر عن آرائه بل قامت الأرستقراطية بالقضاء عليه فوراً مما يفسر نجاح أنوشروان في حملته ضد المزدكيين(*).
(*) الفردوسي - شاهنامه - ترجمة الفتح بن علي البنداري - تحقيق د / عبد الوهاب عزام - القاهرة 1993 - ج 2 - من ص 118، إلى ص 121، نظام الملك - سياست نامه - القاهرة 1975 - ص 242.
(*2) في رده على كتاب " فضائح الباطنية " لأبي حامد الغزالي، لم يستطع الداعية الشيعي الإسماعيلي المطلق علي بن الوليد أن يرفض آراء أبو حامد وافتراءاته على الخرمية بصراحة واضطر إلى استخدام عبارة " إن كان ما حكاه هذا الملحد (أبو حامد الغزالي) عمن نكرهم حقاً، فحسبهم خزياً ما اكتسبوه من العار في العاجل، واحتقبوه مما يوجب الأليم من عذاب النار في الأجل، ونحن إلى الله تعالى منهم وممن يفعل شيئاً مما حكاه من أفعالهم براء، وحسب المارق (أبو حامد الغزالي) جهنم وبئس المصير، إن كان مان في قوله عليهم وافترأ "(*).
(*) علي بن الوليد - دامغ الباطل وحتف المناضل - تحقيق / د. مصطفى غالب - بيروت 1982 - ج 1 - ص 67 .
(*3) للاضطلاع على معظم هذه الآراء يراجع الكتاب الذي صدر مؤخراً عن دار المدى في دمشق بعنوان ( " البابكية " " الانتفاضة ضد الخلافة العباسية " ) للباحث " حسين قاسم العزيز "، وعلى الرغم من أن الباحث تميز باضطلاعه على العديد من المصادر إلا أنه - مثل معظم الباحثين اليساريين في العالم العربي - يعتبر أن أي ثورة اجتماعية ضد الإقطاع تمثل نوعاً من الهرطقة الدينية، وفي هذه الدراسة حاول بكل قوة إثبات هذا التصور، وقد دفعه ذلك إلى الانتقائية في مناقشته لأقوال كتاب الفرق والمؤرخين عن هذه الانتفاضات، فرفض آرائهم حول الانحلال الخلقي لها، وقبل آرائهم حول هرطقتها دون مناقشه، بل أنه اضطر إلى افتراض غريب جداً وهو أن الخرمية دين متطور عن المزدكية ولم يوضح الكيفية التي قام بها هؤلاء المنتفضين بالحصول على كتب وآراء المزدكية الحقيقية، أو ما هو نوع التطوير الذي تم عليها، ونلاحظ نفس هذا التصور المراهق في أبحاث هادي العلوي وحسين مروه وطيب تزيني، وتعد أبحاث الدكتور محمود إسماعيل والدكتور عبد الجليل حسن في التاريخ الإسلامي - والتي تتميز بالنضج في تناولها للمنهج المادي - بمثابة الاستثناء في أوساط اليسار.
3 - ابن حزم الظاهري - الفصل في الملل والأهواء والنحل - القاهرة 1348 هـ - تحقيق عبد الرحمن خليفة - ج 5 - ص 143، الشهرستاني - الملل والنحل (بهامش الفصل في الملل والأهواء والنحل) - القاهرة 1348 هـ - ج 1 - ص 156، 157، عبد القاهر البغدادي - الفرق بين الفرق - بيروت 1987 - من ص 241 إلى ص 250.

باباك خورمدين
10-15-2005, 09:58 AM
1 – وضع الشيعة في فترة قيام هذه الانتفاضات :

كانت ثورة الإمام الحسين بن علي هي بداية عودة الطبقات التجارية (خاصة صغار التجار) والحرفية للمشاركة في الحركات السياسية مرة أخرى، وخاصة بالنسبة للموالي الذين استفادوا من فترة حكم الإمام علي بن أبي طالب، حيث تم مساواتهم في العطاء مع العرب، كما قام علي بمنح الفقراء منهم مساعدات مالية من الدولة للقيام بأعمال تجارية صغيرة وحرفية(4)، وقد أصبحت بعض شخصياتهم مقربة من علي بن أبي طالب ومن مستشاريه رغم فقرها كميثم التمار(*4)، كما طلب علي من فلاحي السواد انتخاب ممثلين لهم يعبرون عن مطالبهم وقد ذكرت المرويات اسم أحدهم " نرسا "، وهو ليس مسلماً على الأغلب(5)، وقد عبرت انتفاضة عين الوردة، وثورة المختار بن عبيد الله الثقفي، وثورة زيد بن علي بن الحسين وابنه يحيى عن نشاط هذه الطبقات إضافة إلى الكادحين(6)(*5).
وعلى عكس الصورة التي حاولت كتب الفرق عرضها عن الشيعة فإن هذه الثورات لم تمثل فرق وتيارات عقائدية داخل المذهب الشيعي، ولعل الدليل الأوضح على ذلك هو المكانة الكبرى التي يحظى بها قادة هذه الثورات في مصادر المذهب الإثنى عشري، مما يعني أن هذه القيادات كانت خاضعة للإمامة العلوية التقليدية والتي تمثلت في تلك الفترة بالأئمة علي بن الحسين السجاد(95 هـ) محمد بن علي الباقر(114 هـ)، وجعفر بن محمد الصادق(148 هـ)، كما يشير إلى عدم صحة ما تدعيه كتب الفرق وبعض المرويات التاريخية عن عزوف هؤلاء الأئمة عن العمل السياسي، ويبدو أنهم وإن لم يقودوا هذه الثورات بأسلوب مباشر فإنها كانت تخضع لقيادتهم الروحية(7).
من ناحية أخرى فقد حرص الأئمة العلويين على نشر الدعوة الشيعية في منطقة الشرق الإسلامي، ولاقت هذه الدعوة رواجاً في أوساط الفلاحين بمنطقة خراسان على وجه الخصوص، بسبب تبنيها لبرنامج يدعو إلى العدالة الاجتماعية ورفض الوضع الطبقي والعنصري الذي قامت عليه الدولة الأموية مستندة إلى تجربة علي بن أبي طالب(8) (*6)، ومع اقتراب سقوط الدولة الأموية وضح تماماً نتاج هذه النشاطات الشيعية، خاصة في الثورات المتعددة التي قامت في فارس وخراسان باسم العلويين، سواء بقيادة عبد الله بن معاوية أو بقيادة أبو مسلم الخراساني.
على أن الانشقاق الأول في الصف الشيعي قاده العباسيون وبالأخص محمد بن علي بن عبد الله بن العباس (124 هـ)، كانت الأسرة العباسية قد سكنت في الشام بالحميمة بعد أن حصلت على أقطاعات زراعية من الدولة الأموية والتي رغبت في إبقاء العباسيين بجوارها لمراقبة نشاطهم السياسي، ويبدو أن هذا النشاط بدأ الإعداد له في عهد علي بن عبد الله (118 هـ)، ثم تطور إلى اتخاذ خطوات فعلية في عهد محمد بن علي السالف الذكر، وتذكر المرويات أنه (أي علي بن عبد الله) أرسل داعية إلى خراسان في سنة 87 هـ وأمره بالدعوة للرضا من آل محمد وعدم ذكر اسم الإمام، كما أمره بتجنب المناطق التي ينتشر فيها دعاة الشيعة، وقد ذكر الطبري أن أحد الدعاة الشيعة – اسمه غالب – اصطدم بالداعية العباسي بعد ان اكتشف حقيقة الإمام الذي يدعو له مما أدى لفشل المحاولة الأولى للدعوة وقتل عشرة من الدعاة سنة 109 هـ(9)، وفيما بعد – في فترة اقتراب نجاحهم في الوصول إلى السلطة - أعلن العباسيون أنهم حصلوا على الإمامة بوصية من أبو هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب(98 هـ) الذي أوصى لمحمد بن علي بن عبد الله بن عباس بالإمامة، وبالتالي فقد سارت السلسلة الإمامية كالتالي :
محمد وصية علي بن أبي طالب الحسن بن علي الحسين بن علي محمد بن علي أبو هاشم بن محمد محمد بن علي بن عبد الله بن عباس(10).
وقد استطاع العباسيون بناء على هذا الادعاء استغلال التعاطف غير الواعي الذي يكنه المسلمون لعلي بن أبي طالب وسلالته واكتساب بعض من الأنصار والمؤيدين وإن ظلوا أقل كثيراً من الشيعة، وهذا الإعلان ما هو في الواقع سوى أكذوبة، فقد توفي أبو هاشم سنة 98 هـ، بينما تذكر المرويات أن الدعوة العباسية في خراسان بدأت في سنة 87 هـ على يد علي بن عبد الله والذي لم تذكره سلسلة الإمامة، وهو ما يعني زيف هذه السلسلة الإمامية، بالإضافة إلى أن وصية محمد بن علي العباسي لداعية الأول بعدم ذكر اسم الإمام الذي يدعو له والاكتفاء بالدعوة للرضا من آل محمد وتجنب الدعاة الشيعة تؤكد مدى الاختلاق في هذا الادعاء وأن العباسيين كانوا يعملون على استغلال التشيع للوثوب إلى السلطة(11).
وقد اعتاد كتاب الفرق على أن يدرجوا كل الحركات والثورات التي قامت تحت قيادة هاشميون من غير العلويين أو ثوار شيعة من العرب أو الموالي تحت هذه الفرقة المختلقة لأسباب لعل أهمها رغبة هؤلاء الكتاب في إثبات كون بني علي وفاطمة – بكل ما يحملونه من شرعية - رافضين لفكر الثورة ضد السلطة، وثانياً عدم وضوح العلاقة بين هذه الثورات وهؤلاء الأئمة بسبب حالة التكتم الشديدة التي استخدموها – التقية -، ولجأوا لإثبات وجودها إلى بعض القصائد التي نسبوها لشعراء معروفون بالتشيع، وعلى سبيل المثال فقد نسب لكثير عزة هذه الأبيات(12) :

ألا أن الأئمـة مـن قريش ولاة الحق أربعـة سـواء
علي والثلاثة مـن بنيــه هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبـط سبـط إيمان وبـر وسبـط غيبتـه كربـلاء
وسبط لا يزوق الموت حتى يقود الخيـل يقدمها اللواء
تغيب لا يرى فيهـم زماناً برضوى عنده عسل وماء

وهي أبيات من الواضح تماماً أنها منحولة في نسبتها لكثير عزة، فقد وصف أبناء علي الثلاثة الحسن والحسين ومحمد بالأسباط، وهذا خطأ من المستبعد أن يقع فيه شاعر ككثير، فمصطلح " سبط " وهو كلمة عربية تعني الحفيد، أطلق على الحسن والحسين بصفتهما حفيدي النبي من ابنته فاطمة الزهراء، وهو ما لا ينطبق على محمد بن علي وهو ابن زوجة أخرى لعلي من بني حنيفة، بالإضافة إلى أن نظرية الإمامة عند الشيعة اعتمدت في بعض أسسها على مدى القرابة من النبي، ومن غير المعقول أن يترك الشيعة إمامة علي بن الحسين السجاد وهو من أحفاد النبي، ليعلنوا إمامة أحد أبناء علي الآخرين ممن لا ينتمي للنبي مباشرة، إضافة إلى أنه لم يثبت أبداً أن محمد بن علي أو ابنه عبد الله ادعيا الإمامة وحتى في حالة ادعاء أي منهما للإمامة فمن غير المفهوم أن يوصي أبو هاشم بن محمد بن علي بالإمامة لمحمد بن علي العباسي تاركاً ابنه عيسى بن عبد الله، أو أخوته كالحسن (95 هـ) أو عون أو إبراهيم، إن البحث عن شرعية لتولي الحكم كان الغرض الأساسي للعباسيين من اختراع هذه السلسلة الإمامية.
ويبدو أن العباسيين أدركوا ضعف موقفهم - في حالة قيامهم بالثورة - في مواجهة الشيعة، الذين كانت لهم حركة قديمة ونشطة في أوساط الفلاحين والحرفيين والطبقة التجارية الصغيرة، فسعوا للتواصل مع الشيعة في خراسان، كما سعوا لعمل علاقات قوية مع الثورة الشيعية التي قام بها عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب سنة 127 هـ(13) في فارس واتخذت من أصفهان قاعدة لها(*7) وتذكر المرويات أن أبو جعفر المنصور دخل أصفهان مع عبد الله بن معاوية(14)، وقد استمرت هذه الثورة حتى سنة 129 هـ عندما قام الداعية العباسي أبو مسلم بسجن عبد الله بن معاوية الذي لجأ إليه يطلب مساندته في مواجهة مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين(15)، والواقع أن سيطرة أبو مسلم الخراساني على خراسان لم تكن باسم العباسيين، بل بناء على إعلانه أن الهدف من ثورته هو الطلب بثأر يحيى بن زيد بن علي بن الحسين(125 هـ)(16).
وعلى الرغم من نجاح العباسيين في تحقيق أغراضهم والوثوب على السلطة في النهاية، فالواضح أن العديد من دعاتهم كانوا يميلون للعلويين ولعل أهمهم أبو سلمة الخلال أول وزير للدولة العباسية، والبعض الآخر من هؤلاء الدعاة اعتقدوا باستحقاقهم للإمامة بناء على ما أعلنه العباسيون من حصولهم على وصية أبو هاشم بن محمد بن الحنفية كأبو مسلم الخراساني(17)، كما أن الكثير من أنصارهم خاصة في أوساط الكادحين والحرفيين وطبقة صغار التجار اشتركوا في هذه الثورة على أساس أن كل من الدعوة العلوية والعباسية إنما هما دعوة واحدة، وأن هذه الثورة سوف تعيد إحياء البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لعلي بن أبي طالب، ولم يحظ العباسيون بأتباع مخلصين إلا في أوساط الطبقة التجارية الكبرى والأرستقراطية الفارسية(18)، وكانت أول مظاهر الخلاف بين العلويين والعباسيين هو قتل أبو سلمة الخلال في سنة 132 هـ، وأبو مسلم الخرساني في سنة 137 هـ، وكلاهما من العنصر الفارسي كما أنهما كانا من الموالين في الحقيقة للعلويين، وقد حاولت الدعايات العباسية رغبة منها في تبرئة أبو العباس السفاح أن توحي بأن قتل أبو سلمة الخلال تم بموافقة أبو مسلم الخراساني رغم أن الأخير كان في هذه الفترة بخراسان، بينما قتل أبو سلمة الخلال في الكوفة(19)، وفي سنة 137 قام أبو جعفر المنصور باغتيال أبو مسلم الخرساني، وعلى الرغم من أن المرويات التاريخية لا تذكر سوى أن أبو مسلم أراد قتل أبو جعفر المنصور فإن من الواضح أن أبو جعفر اتهم أبو مسلم بمحاولة تحويل الخلافة إلى العلويين، وتشير المرويات أن أبو مسلم أرسل للمنصور خطاباً ينكر فيه أحقيته بالإمامة ويعلن توبته من هذا المعتقد(20)(*8)، وقد تلا قتل أبي مسلم إعلان الخلافة العباسية لسلسلة إمامية جديدة هي :
محمد العباس عبد الله بن عباس علي بن عبد الله محمد بن علي إبراهيم بن محمد أبو العباس بن محمد أبو جعفر المنصور(21)(*9).
وقد اعتبر معظم أنصار العباسيين هذا التصرف بمثابة خيانة للعلويين وتذكر بعض المرويات أنه حدثت انشقاقات في هذه الأوساط التي كانت مؤيدة للعباسيين من جراء هذا التصرف(22).

هوامش
4 – السيد محمد الشيرازي – لماذا تأخر المسلمون ؟ - بيروت 1999 – ص 92.
(*4) ميثم بن يحيى التمار : ذكره المفيد في كتاب " الاختصاص " مع أصفياء أصحاب علي ومن المقربين إليه، وقد ذكرت المرويات الشيعية أن عبيد الله بن زياد قطع أطرافه الأربعة ولسانه ثم صلبه بسبب رفضه سب علي بن أبي طالب(*).
(*) المفيد (محمد بن محمد بن النعمان) – الاختصاص – تحقيق / علي أكبر غفاري، السيد محمود الزرندي – بيروت 1993 – ص 3، 8، 76.
5 – أحمد صبري – الحقوق السياسية في فكر الإمام علي (من منطلق العدالة) – من أبحاث مؤتمر الإمام علي والعدالة والوحدة والأمن – طهران 1422 هـ - المجلد الأول – ص 170.
6 – بطروشوفسكي – م . س – ص 69، 111، د. محمود إسماعيل – فرق الشيعة بين التفكير السياسي والنفي الديني – القاهرة 1995 – ص 36، 37.
(*5) يطلق الشيعة الإمامية على زيد بن علي لقب " حليف القرآن " ويقول الشيخ المفيد (من علماء الإمامية في القرن الرابع وأوائل القرن الخامس) عن زيد بن علي " واعتقد فيه كثير من الشيعة الإمامة، وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف يدعو إلى الرضا من آل محمد فظنوه يريد بذلك نفسه، ولم يكن يريدها به لمعرفته عليه السلام باستحقاق أخيه للإمامة من قبله، ووصيته عند وفاته إلى أبي عبد الله عليه السلام"(*)، ويروي الشيعة عن جعفر الصادق قوله : " رحم الله زيداً انه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، ولقد استشارني في خروجه فقلت له : يا عم ان أردت أن تكون المصلوب بالكناسة فشأنك "، كما روت عن جعفر الصادق أيضاً قوله عن ثورة زيد بن علي " ويل لمن سمع داعيته ولم يجبه "(*)، أما المختار بن عبيد الله فتروي الكتب الشيعية عنه مرويات متناقضة، لكن من الواضح أن المرويات المدافعة عنه أكثر مصداقية، فيروى عن الإمام الباقر أنه قال : " لا تسبوا المختار فإنه قتل قتلتنا وطلب بثأرنا وزوج أراملنا، وقسم فينا المال على العسرة "، وتذكر مروية أخرى محادثة بين الباقر والحكم بن المختار، فقد سأل الأخير عن حال أبيه " إن الناس قد أكثروا في أبي وقالوا والقول قولك ، قال وأي شيء يقولون ؟ قال : يقولون كذاب، ولا تأمرني بشيء إلا قبلته فقال : سبحان الله أخبرني أبي والله أن مهر أمي كان مما بعث به المختار، أولم يبن دورنا ؟ وقتل قاتلينا ؟ وطلب بدمائنا ؟ فرحمه الله "، وثمة روايات أخرى عن موقف علي بن الحسين السجاد من المختار قد تكون دليلاً على أنه المحرض الحقيقي لانتفاضة المختار : " أن علي بن الحسين لما أتي برأس عبيد الله بن زياد ورأس عمر بن سعد خر ساجداً وقال : الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من أعدائي وجزى المختار خيراً " وقد ألف جعفر بن محمد بن نما (أحد علماء الشيعة) رسالة في الدفاع عن المختار وقد نقلها عنه المجلسي في مؤلفه الضخم " بحار الأنوار " ذكر فيها أن المختار دعا الناس للثأر باسم علي بن الحسين ومحمد بن الحنفية، كما ذكر موافقتهما على القيام بهذه الانتفاضة(*).
(*) المفيد – م . س – ص 172.
(*) هاشم معروف الحسني – م . س – القسم الثاني – ص 179.
(*) محمد باقر المجلسي – بحار الأنوار – بيروت 1983 – ج 45 – ص 343، 344، 365.
7 – المفيد – الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد – بيروت 1993 – ج 2 – ص 172، 173، هاشم معروف الحسني – سيرة الأئمة الإثنى عشر – بيروت 1990 – القسم الثاني – ص 179، محمد باقر المجلسي – بحار الأنوار – بيروت 1983 – ج 45 – ص 343، 344، 365.
8 – المفيد – الأمالي – تحقيق / حسين الأستادولي وعلي أكبر غفاري – بيروت 1993 – ص 175، 176.
(*6) ننقل هذه الرواية من المصدر السابق للتدليل على آراء علي فيما يخص الثروة " أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مشوا إليه عند تفرق الناس عنه وفرار كثير منهم إلى معاوية طلباً لما في يديه من الدنيا، فقالوا له : يا أمير المؤمنين أعط هذه الأموال، وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، ومن تخاف خلافه عليك من الناس وفراره إلى معاوية. فقال لهم أمير المؤمنين : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟ لا والله لا أفعل ما طلعت شمس، ولاح في السماء نجم . والله لو كانت أموالهم لي لواسيت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم ؟! ".
9 – ابن كثير – البداية والنهاية – نسخة كومبيوترية – ج 9 – أحداث سنة 118 هـ، www.Muhaddith.com، الطبري (محمد بن جرير) – تاريخ الرسل والملوك – تحقيق / محمد أبو الفضل إبراهيم – القاهرة 1977 – جـ 7 – ص 49، 50.
10 – البغدادي – م . س – ص 28، المسعودي – مروج الذهب ومعادن الجوهر – تحقيق / محمد محيي الدين عبد الحميد – القاهرة 1967 – ج 2 – ص 188، النوبختي – فرق الشيعة – تحقيق / السيد هبة الدين الشهرستاني - بيروت 1984 – ص 33، عارف تامر – معجم الفرق الإسلامية – بيروت 1990 – ص 138، 139، السيوطي – تاريخ الخلفاء – بيروت – ص 239.
11 – المزي (جمال الدين يوسف بن الزكي بن عبد الرحمن) – تهذيب الكمال – نسخة كومبيوترية – ج 17، 26 – ترجمة عبد الله بن محمد بن علي، وترجمة محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.
12 – البغدادي – م . س – ص 28، 29.
13 – أبو الفرج الأصفهاني – مقاتل الطالبيين – تحقيق / السيد أحمد صقر – بيروت – من ص 165 إلى ص 168.
(*7) ذكر أبو الفرج الأصفهاني أن ثورته شملت همدان، وقم، والري، وقومس، وأصبهان، وفارس، بالإضافة إلى مياه الكوفة، ومياه البصرة، وأقام هو بأصبهان.
14 – م . س – الهامش – نقلاً عن أبو النعيم من كتاب " تاريخ أصبهان " 2 / 43 – ص 167.
15 – م . س – ص 168.
16 – م . س – ص 158، غياث الدين خواندمير – دستور الوزراء – ترجمة وتعليق د. حربي أمين سليمان – القاهرة 1980 – ص 157.
17 – غياث الدين خواندمير – م . س – ص 154، 155.
18 – حسين قاسم العزيز – البابكية – دمشق 2000 – ص 102، 103، د. محمود إسماعيل – فرق الشيعة – م . س – ص 35.
19 – غياث الدين خواندمير – م . س – ص 154، 155.
20 – ابن كثير – م . س – ج 10 – ترجمة أبو مسلم الخراساني.
(*8) ذكر ابن كثير نص هذه الرسالة " أما بعد فقد قرأت كتابك فرأيتك فيه للصواب مجانباً وعن الحق حائداً إذ تضرب فيه الأمثال على غير أشكالها وكتبت إلي فيه آيات منزلة من الله للكافرين وما يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وإنني والله ما انسلخت من آيات الله ولكنني يا عبد الله بن محمد كنت رجلاً متأولاً فيكم من القرآن آيات أوجبت لكم الولاية والطاعة فأتممت بأخوين لك من قبلك ثم بك من بعدهما فكنت لهما شيعة متديناً أحسبني هادياً مهتدياً وأخطأت في التأويل وقدماً أخطأ المتأولون وقد قال الله تعالى : وإذ جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم. وإن أخاك السفاح ظهر في صورة مهدي وكان ضالاً فأمرني أن أجرد السيف وأقتل بالظنة وأقدم بالشبهة وأرفع الرحمة ولا أقيل العثرة فوترت أهل الدنيا في طاعتكم وتوطئة سلطانكم حتى عرفكم الله من كان يجهلكم ثم أن الله سبحانه وتعالى تداركني منه بالندم واستنقذني بالتوبة فإن يعف عني ويصفح فإنه كان للأوابين غفوراً وإن يعاقبني فبذنوبي وما ربك بظلام للعبيد.
21 – النوبختي – م . س – ص 48.
(*9) ذكر النوبختي أن السلسلة الإمامية الجديدة ظهرت في عهد الخليفة المهدي العباسي، ولكن من الواضح أن بوادرها كانت في عهد المنصور العباسي وقد بدت واضحة في خطابة لمحمد النفس الذكية، والخطاب الذي ألقاه على الخراسانيين بعد قتله لبني الحسن(*).
(*) الطبري – م . س – ج 7 – ص 568، المسعودي – م . س – ج 2 – ص 273، 274.
22 – النوبختي – م . س – ص 50.

باباك خورمدين
10-15-2005, 10:07 AM
2 – علاقة الثورات الاجتماعية في الشرق بالتشيع :

قامت العديد من الثورات عقب مقتل أبو مسلم الخراساني، كثورة اسحق الترك سنة 137، وانتفاضة سنباذ سنة 137، وانتفاضة الراوندية سنة 141، وانتفاضة الأمراء الخرسانيين بقيادة أستاذسيس سنة 150، وثورة المقنع المروزي والتي استمرت من 159 إلى 163، وثورة الخرمية في جرجان 162، وثورة بابك الخرمي والتي استمرت من سنة 201 إلى سنة 223، وثورة مازيار سنة 225 هـ، وقد اقتصرت تفسيرات المؤرخون السنة وكتاب الفرق لأسباب قيام هذه الانتفاضات بالرغبة في الثأر لأبي مسلم الخراساني، كما اتهمت هذه الانتفاضات بمحاولة هدم الإسلام وإحياء الدولة الساسانية، والدعوة لإباحية النساء والأموال وإسقاط التشريعات والفروض، كما اتهمت بالدعوة لديانة صورتها المرويات على أنها مشتقة من المذهب المزدكي وأطلقوا عليها اسم "الخرمية " أو " الخرمدينية "(23).
إن تناول العلاقة ما بين الثورات الاجتماعية في الشرق والتشيع يعتمد على دراسة نقطتين، شخصية أبو مسلم الخراساني وموقفه من العباسيين والعلويين، ودراسة " الخرمية " كمصطلح والعقائد المنسوبة إليها.

أبو مسلم الخراساني :

هناك الكثير من المرويات المختلفة تتناول نشأة أبي مسلم وكيفية التحاقه باسم الأسرة العباسية(24)، إلا أنها تتفق على أنه التحق بخدمة هذه الأسرة عن طريق الدعاة العباسيين وخاصة بكير بن ماهان وسليمان بن كثير(25)، ومن الواضح أن الدعاة العباسيين استطاعوا إقناعه بالولاء للعباسيين واستحقاقهم للإمامة عن طريق هذه السلسلة الإمامية التي تم اختلاقها، ويشير نص خطابه الأخير إلى أبي جعفر المنصور أن بداية خدمته للأسرة العباسية كانت في عهد إبراهيم بن محمد بن علي(26)، ويبدو من المرويات التاريخية أن أبو مسلم لم يعلن قناعاته هذه أثناء قيامه بالدعوة للعباسيين، بل تذكر المرويات أنه كان يتعامل كرجل من الشيعة(27)، وقد قام أبو مسلم بإلقاء القبض على الثائر الشيعي عبد الله بن معاوية الذي قدم من أصفهان لطلب مساعدته في مواجهة الأمويين، وقام بحبسه سراً خوفاً من أن يؤثر وجوده على ولاء هذه القوات الشيعية التي تجمعت تحت قيادته(28)، إن طلب عبد الله بن معاوية للمساعدة يدلل على أنه كان يتصور أن أبو مسلم يدعو لإمام علوي (الرضا من آل محمد)، على أن ولاء أبي مسلم للعباسيين يبدو أنه تعرض للاهتزاز بعد وصولهم للسلطة، ولم تتحدث المصادر التاريخية كثيراً حول أسباب هذا التحول لكن نص الخطاب الأخير الذي أرسله أبو مسلم للخليفة العباسي أبي جعفر المنصور قد يشير إلى أنه اكتشف زيف الوصية التي ادعى العباسيين تلقيها من أبي هاشم العلوي : " اما بعد فقد كنت اتخذت أخاك إماما وجعلته على الدين دليلا لقرابته والوصية التي زعم انها صارت اليه فأوطأ بي عشوة الضلالة وأوهقنى في ربقة الفتنة وأمرني أن آخذ بالظنة وأقتل على التهمة ولا أقبل المعذرة فهتكت بأمره حرمات حتم الله صونها وسفكت دماء فرض الله حقنها وزويت الأمر عن أهله ووضعته منه في غير محله فان يعف الله عنى فبفضل منه وان يعاقب فبما كسبت يداي وما الله بظلام للعبيد "(29)، ومن المحتمل أن يكون قد خطط للقضاء على الحكم العباسي وتحويله إلى الأئمة العلويين، وربما كان قتله للداعية العباسي الشهير سليمان بن كثير تدليلاً على ذلك، كما أن عبارة " وزويت الأمر عن أهله " من الواضح أنه يقصد بها حقوق العلويين في الإمامة، والواقع أن هذا هو السبب الحقيقي لحالة العداء الذي قامت فجأة بينه وبين الخليفة، والذي لم تذكره النصوص التاريخية، وإن اكتفت بمحاولة تبرير تصرف أبو جعفر عن طريق اتهام أبي مسلم الخراساني بالزندقة.

باباك خورمدين
10-15-2005, 10:12 AM
الخرمية :

لقد وجدت العديد من التفسيرات لهذا الاسم – خرمية –، فقد أرجع نظام الملك هذا الاسم إلى زوجة مزدك خرمة بنت فاده، وذكر أنها : " هربت من المدائن مع رجلين، حتى بلغت أعمال الري، ودعت الناس إلى مذهب زوجها حتى عاد إلى مذهبه خلق كثير من المجوس لقبهم الناس بالخرمدينية "(30)، وهي مقولة انفرد بها نظام الملك ولا مجال لإثباتها، خاصة أنه لم يوجد اتصال مباشر بين المزدكية والتي عاصرت الفترة الساسانية وبين هذه القيادات المتهمة بالدعوة للخرمية(31)، أما المسعودي وياقوت الحموي فقد أرجعا هذه التسمية إلى اسم منطقة في أذربيجان(32)، وهي أيضاً مقولة لا يمكن الاعتداد بها فأول من اتهم بالدعوة إلى الخرمية هو الداعية العباسي عمار بن يزيد الملقب بخداش في سنة 118 هـ(33) وهو لا ينتمي إلى منطقة أذربيجان، وهذا التفسير يرتبط بثورة بابك الخرمي التي قامت في هذه المنطقة – أذربيجان – وهي متأخرة بالنسبة للثورات الأخرى والتي اتهمت بنفس هذه الاتهامات، التفسير الثالث تبناه المستشرق الألماني فلوكل وقد ترجم كلمة " خرم " بمعنى (ماجن، مرح، بدون حياء، مستهتر)، بينما اعتبر ولهاوزن أن الخرمية ليست فرقة وإنما ميلاً إباحياً عاماً(34)، ويبدو أن هذا التفسير هو الأقرب للصحة، فمن الواضح تماماً أن المؤرخين وكتاب الفرق من السنة قد استخدموا هذا المصطلح للتعبير عن اتهاماتهم لقادة هذه الثورات بالإباحية وإحياء المذهب المزدكي(35)، لقد رفض المستشرق بونيياتوف هذا الرأي ودافع عن هذه الثورات دفاعاً طفولياً مراهقاً معتبراً أنه من الصعوبة اعتبار الخرميين المكافحين كفاحاً بطولياً لمدة عشرين عاماً جمهوراً من المرحين ... لأن أي حركة تحررية ترافق بالسكر والمجون يكتب لها الفشل مسبقاً(36)، على أن بونيياتوف تناسى أن هذا اللقب لم يطلقه قادة وأبناء هذه الانتفاضات على أنفسهم، بل أطلقته عليهم السلطة العباسية، والكتاب السنة المعادين لهم، خاصة أن كل النصوص الواردة عن هذه الثورات هي في الواقع نصوص معادية، أو خاضعة للتيار الإعلامي المعادي.
إن هذا الاتهام بإحياء المزدكية ونشر ديانة باسم الخرمية كان اتهاماً عاماً وجه لكل الثورات والفرق الشيعية التي عارضت العباسيين وكان الغرض الأساسي منه هو إفقاد هذه الثورات لأي شرعية إسلامية، وتبرير ما ارتكبه الخلفاء العباسيين من جرائم في مواجهتها، وتوجد الكثير من الأدلة على هذا التصور :
1 – أن معظم قادة هذه الثورات نشأوا كمسلمين، كما أن انضمامهم للدعوة الشيعية ثم العباسية سواء كان على أساس اجتماعي واقتصادي أو على أساس ديني فإن هذا يعني عدم معرفتهم بأي أيدلوجيات أخرى، ومن غير المقبول أن يقوم هؤلاء الثوار بإحياء مذهب أو ديانة بائدة في سبيل القيام بثورة، خاصة أنه لم يثبت وجود أي مؤلفات للمزدكيين، ولم يحاول الباحثين المؤيدين لهذا الرأي بما فيهم المعاصرين إثبات أو توضيح الطريقة التي قام بها هؤلاء القادة بالاضطلاع على المزدكية فضلاً عن تطويرها، وما هو نوع أو مظهر هذا التطوير ؟، وفيما يخص الداعية العباسي عمار بن يزيد (خداش) فإن مرويات الطبري عنه تظهر نوعاً من التعارض : " فنزل – فيما ذكر – مرو وغير اسمه وتسمى بخداش ودعا إلى محمد بن علي فسارع إليه الناس وقبلوا ما جاءهم به وسمعوا إليه وأطاعوا. ثم غير ما دعاهم إليه وتكذب وأظهر دين الخرمية ودعا إليه ورخص لبعضهم في نساء بعض وأخبرهم أن ذلك عن أمر محمد بن علي فبلغ أسد بن عبد الله خبره فوضع عليه العيون حتى ظفر به فأتى به وقد تجهز لغزو بلخ فسأله عن حاله . فأغلظ خداش له القول . فأمر به فقطعت يده وقلع لسانه وسملت عينة "، والواقع أن الرواية لم تذكر أسباب تغير خداش في الدعوة بهذه الطريقة المفاجأة خاصة أنها ذكرت استمرار خداش في الدعوة باسم محمد بن علي حتى بعد إظهاره للدين الخرمي، وبالتأكيد أنه من غير المعقول أن يدعو باسم إمام مسلم - ويمت بصلة قرابة لنبي المسلمين - لدين آخر، كما أن هذه الجرأة التي تحدث بها خداش مع الوالي الأموي، وما تلاها من عقاب الوالي له بكل هذه القسوة لا تتفق مع دعوته الإباحية، وتظهر المروية الثانية في تاريخ الطبري بعض الحقائق الأخرى : " فذكر علي بن محمد عن أشياخه، قال : لما قدم أسد آمل في مبدئه، أتوه بخداش صاحب الهاشمية، فأمر به قرعة الطبيب، فقطع لسانه، وسمل عينه، فقال : الحمد لله الذي انتقم لأبي بكر وعمر منك ! ثم دفعه إلى يحيى بن نعيم الشيباني عامل آمل "(37)، ويبدو من النص الأخير أن خداش تطاول على أبي بكر وعمر، مما دلل على ميوله العلوية، ومن المعروف أن المتشيعين للعلويين لهم العديد من التحفظات على فترة خلافة الشيخان بعكس العباسيين، ويبدو واضحاً أنه لم يدعو للإمام العباسي كما هو مطلوب وإنما دعا للإمام العلوي المعاصر له وهو جعفر بن محمد بن علي، الأمر الذي يبرر هجوم المصادر العباسية عليه، وقسوة العقاب الذي ووجه به من قبل الوالي الأموي، والملاحظ أن الوالي الأموي لم يتهم خداش سوى بالتطاول على الشيخين.
2 – اعتراف نفس هذه المصادر المعادية بكون الخرمية مسلمون، وإن كان بأسلوب ضمني، فقد قال نظام الملك : " ... ويظهرون أول الأمر بالصدق والتقوى ومحبة آل الرسول "، وهو اعتراف بأن قادة هذه الانتفاضات كانوا يمارسون الشعائر والمظاهر الإسلامية بانتظام(38)، أما البغدادي فيقول عن أتباع المقنع الخراساني " ... ولهم في كل قرية من قراهم مسجد لا يصلون فيه ولكن يكترون مؤذناً يؤذن فيه " ثم يلي هذه الشهادة بشهادة مناقضة لها " ... وان ظفروا بمسلم لم يره المؤذن في مسجدهم قتلوه وأخفوه"، وعلى الرغم من أن الشهادة الأولى حاولت تصويرهم كتاركين للصلاة في المساجد، فإن الشهادة الثانية تشير إلى ارتيادهم لها بكثافة(39)، ويقول عن أتباع بابك الخرمي " ... وقد بنوا في جبلهم مساجد للمسلمين يؤذن فيها المسلمون "، وهي شهادة قد يفهم منها أنهم ليسوا مسلمين ولكن البغدادي كعادته ينقضها بشهادة أخرى " وهم يعلمون أولادهم القرآن لكنهم لا يصلون في السر ولا يصومون في شهر رمضان ولا يرون جهاد الكفرة "(40)، لقد اعتبر أحد الباحثين المعاصرين أن شهادة البغدادي المتناقضة دليلاً على اعتقاد الخرمية بحرية العبادة(41)، وهو تبرير غير مقبول، فقيامهم ببناء المساجد وتعليم أبنائهم القرآن لا يدخل في نطاق الإيمان بحرية العبادة بل في نطاق الترويج لهذه العبادة، خاصة أن الإسلام هو دين الدولة التي قمعت ثورتهم، لكن الاصطخري يؤكد على إسلامهم – رغم ترديده لنفس الشائعات - فيقول " ... وفي قراهم مساجد، وهم يقرأون القرآن، غير أنه يقال أنهم لا يدينون بشيء إلا الإباحة "(42)، ويقول البغدادي عن المازياريين " وأتباع مازيار اليوم في جبلهم اكرة من يليهم من سواد جرجان يظهرون الإسلام ويضمرون خلافه "(43).
إن هذه الاعترافات رغم عدم صراحتها إلا أنها قد تلقي قدراً من الضوء على معتقدات هذه الانتفاضات، فبناء المساجد هو دليل على أنهم يمارسون الصلاة وغيرها من الشعائر الإسلامية(*10)، كما أن قراءتهم للقرآن وتعليمه لأولادهم يمثل الدليل الأوضح على كونهم مسلمين مؤمنين.
3 - أطلاق المرويات التاريخية وكتب الفرق نفس هذا اللقب بما يحمله من اتهامات بإحياء المزدكية وديانات المجوس، والدولة الساسانية على الشيعة الإسماعيلية رغم كونهم مسلمون(44)، إلا أن الفارق أن الإسماعيلية استمرت كطائفة وقام دعاتها بالرد على هذه الاتهامات بينما لم تترك أي من هذه الانتفاضات أي وثائق أو مؤلفات تدافع عن وجهة نظرها، كما وجهت – تهم الانحلال والإباحية وإحياء الدولة الساسانية والديانات الفارسية القديمة - أيضاً إلى كل الفرق والطوائف الشيعية تقريباً(45).
إن هناك العديد من الأدلة التي تعتمد على بعض النصوص الصريحة إضافة إلى المنطق التاريخي تشير إلى وجود علاقة ( تبعية ) بين هذه الثورات وبين البيت الإمامي العلوي (الإثنى عشري) :
أولاً : أن معظم كتاب الفرق قد اعتبروا أن الخرمية هي فرقة منشقة عن أحد فروع الشيعة الكيسانية، وقد اختلفوا في تحديد الفرع الكيساني الذي انشقت عنه الخرمية، فقد ادعى الشهرستاني أنها انشقت عن الفرقة التي أسسها عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر : " وعنه نشأت الخرمية والمزدكية بالعراق "(46)، أما النوبختي فيذكر في كتابه " فرق الشيعة " أن الخرمية تنتمي إلى فرقة أبو مسلم الخراساني وهي بدورها منشقة عن الراوندية التي تثبت الإمامة للعباس عم النبي، وأنها مستمرة في نسله، ويؤيد المسعودي وابن النديم والخطيب البغدادي هذه الرؤية(47)، وقد أضاف الخطيب البغدادي أن الخرمية تدعو إلى إمامة فاطمة بنت أبي مسلم(48)، بينما صنفها عبد القاهر البغدادي من ضمن الفرق التي انتمت للإسلام وليست منه(49)، ومع توصلنا لكون الكيسانية فرقة مختلقة وتوضيح أسباب اختلاقها، فإن دعوى الشهرستاني في انشقاق هذه الفرقة عن فرقة عبد الله بن معاوية تصبح بلا قيمة فمن المعروف أن عبد الله بن معاوية لم يدعو إلى نفسه بل دعا للرضا من آل محمد(50)، أما ما ذكره الخطيب البغدادي فهو غير وارد، فلم تذكر المصادر التاريخية أي دور لفاطمة أو أسماء ابنتي أبي مسلم الخراساني حتى في دعاوى الثأر لوالدهما، والواقع أن ادعاء اعتقاد فرقة ما لإمامة امرأة في هذه المرحلة التاريخية لا يعدو محاولة للتشويه، والإيحاء بانتشار الإباحية والانحلال بين صفوف أتباعها(*11)، كما أن دعوى النوبختي بانشقاق الخرمية عن فرقة أبو مسلم التي تدعي الإمامة لأبناء العباس تتعارض مع الواقع التاريخي، فالراوندية ذاتها - وهي الفرقة الأساسية - هي أحد الفرق التي قامت بالثورة ضد العباسيين، ومن غير الممكن أن تكون معتقدة بإمامتهم فعلاً(51)، بالإضافة إلى أن أبو مسلم نفسه قتل بتهمة محاولة القضاء على الحكم العباسي، وبالتالي فتصنيف الخرمية كفرقة كيسانية غير مقبول.
والواقع أن معظم الثورات التي قام بها الفرس والتي تم تفسيرها على أنها رغبة في الثأر لأبي مسلم قام بها الأمراء والدعاة المنتمون إلى الدعوة التي كان يقودها أبو مسلم، لقد بدأ أبو مسلم دعوته بالرغبة في الثأر لمقتل يحيى بن زيد بن علي العلوي، وقد استطاع بهذا الادعاء جمع العديد من الشيعة حول دعوته، وهم الذين تكون منهم أساساً الجيش الخراساني(52)(*12)، ويبدو أن قتل العباسيين لأبي مسلم اعتبر نهاية لمحاولة شيعية تهدف إلى إسقاط العباسيين مما أثار كل هذه الانتفاضات والتي فهمت على أنها تطالب بثأر أبي مسلم، وقد اعترف ابن النديم بأن اسحق الترك كان من الدعاة لثأر يحيى بن زيد(53)(*13)، كما اعترف ابن الأثير أن المقنع الخراساني ( هشام بن حكيم ) كان من الدعاة للطلب بثأر يحيى بن زيد(54) مما يشير إلى أن ثورتهما في 137 ، و 159 هـ لم تقم بسبب قتل أبي مسلم الخراساني وإنما غضباً على قيام العباسيين باستغلال الشيعة للوصول للسلطة، ومن الممكن إضافة نفس الأسباب بالنسبة لثورة سنباذ - وهو أحد أمراء جيش أبي مسلم - والذي اعترف نظام الملك أن ثورته اعتمدت أساساً على الشيعة، وعلى الدعوة للإمام المهدي، كما أن خروجه من مدينة الري الشيعية – رغم أن المرويات تذكر أنه من نيسابور - يعد دليلاً آخر على ارتباطه بهذا المذهب(55)(*15)، مما يعني أن هؤلاء الأمراء الخراسانيين كانوا أساساً من المتشيعين لأبناء علي وفاطمة، وللإشارة إلى حجم الموالين للعلويين في الجيش الخراساني ذكر ابن كثير أن الوالي العباسي على خراسان عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي قام بقتل مجموعة من الأمراء الخراسانيين سنة 140 هـ لثورتهم على الوالي السابق أبي داود وقتلهم له ودعوتهم إلى العلويين(56)، وهو ما قد يشير إلى بعض أسباب ثورة الأمير أستاذسيس التي قام فيها بقيادة تمرد الجيش الخراساني على السلطة العباسية سنة 150 هـ(57)، وتدخل في هذا الإطار انتفاضات الراوندية سنة 141 هـ، والانتفاضة التي قام بها القائد التركي مازيار سنة 223 هـ(58)، وقد اعترف نظام الملك بهذه الحقيقة في سياست نامه، حيث اتهم الخرميين بالتظاهر بحب آل البيت والدعوة لهم(59)، إن هذه الشواهد تؤكد على مدى ارتباط الانتفاضات في الشرق بالتشيع الإمامي (الإثنى عشري)، مع توضيح أن ارتباط اشتراك هؤلاء القادة الخراسانيين في الثورة العباسية بالرغبة في الثأر ليحيى بن زيد لا يعني كونهم من الزيدية، فالزيدية حتى ذلك الوقت لم تكن تشكل مذهباً مستقلاً داخل التشيع، ولم تعدو في عهد كل من زيد بن علي (124 هـ) وابنه يحيى بن زيد أن تكون تياراً يتعجل الثورة على الحكم القائم، فلم يدعي زيد بن علي أو ابنه يحيى الإمامة أثناء قيامهما بالثورة، بل تذكر المرويات أنهما دعيا للرضا من آل محمد، ولعل المكانة الكبرى التي يحظى بها زيد بن علي وابنه يحيى بن زيد لدى الإثنى عشرية تعد دليلاً على ذلك، بل أن الزيدية عندما تحولت في مرحلة متأخرة إلى مذهباً مستقلاً لم ترفض إمامة الأئمة الإثنى عشر(60)(*16).

هاشم
10-16-2005, 02:24 AM
الأخ باباك خورمدين

الخور مدينية تتبع اى منطقة ؟

وما معنى هذه الكلمة

والى اية قومية تنتمى هذه الجماعة

وشكرا

باباك خورمدين
10-16-2005, 04:12 AM
لقد تناول إخوان الصفا في رسائلهم – كتبت في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري(61) – عقائد الخرمية بالنقد، وقد ربطوا بين الخرمية وبين طائفة شيعية إمامية هي " المُخَمّسة "(62)، وتبدو أهمية نص إخوان الصفا في قربه من الحدث وتناوله لعقائد الخرميين بشيء من التفصيل، ويبدو أن هذه العقائد اعتمدت على وجود قدر من القدسية للرقم خمسة وقد استدلوا على ذلك بعدة دلائل كالخمسة أولوا العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، والخمسة أصحاب الكساء من آل البيت النبوي، والصلوات الخمس، والزكوات الخمس، وشرائط الإيمان الخمس، والحروف المستعملة في أول سور القرآن من واحد إلى خمسة، والخمس كواكب المتحيرة زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد، والأجسام الطبيعية الخمس(*17)، والخمسة أجناس من الحيوان(*18)، والحواس الخمس لدى الحيوان(*19)(63)، وقد استنتجوا من هذه المظاهر أنها ترمز إلى خمسة ملائكة هم صفوة الله من خلقه، خلقهم الله لحفظ عالمه، وجعلهم سكان سماواته، ومدبري أفلاكه، ومسيري كواكبه، ومنهم السفراء بينه وبين أنبيائه من بني آدم، فمنهم يقع الوحي والنبوات، مع كل واحد منهم خمسة آلاف من الملائكة، إلى خمسين ألفاً، إلى خمسمائة ألف، وقد اعتقدوا بأن الآيات التالية من القرآن الكريم تشير إليهم : " تنزل الملائكة والروح "، " وما ننزل إلا بأمر ربك "، " وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون "، كما رووا حديثاً عن النبي يشير إلى هؤلاء الملائكة : " حدثني جبريل، عليه السلام، عن ميكائيل عن إسرافيل عن اللوح عن القلم "(64)، وهي نوع من التأثر بالفلسفة الفيثاغورية، والتي تعتمد على أن الموجودات متأثرة بطبيعة العدد(65)، وقد روت المصادر الشيعية عقائد أخرى للمخمسة حول وجود خصوصية لبعض المقربين من علي كسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري، وعثمان بن مظعون(66)، وادعت أن هذه الطائفة تؤمن بأن الله فوض لهؤلاء الخمسة حكم الكون(67)، إلا أن الواضح أن هؤلاء الخمسة ليسوا سوى رموزاً للملائكة الخمس الذين ذكرهم إخوان الصفاء، وقد استمرت هذه الطائفة حتى اختفاء الإمام الثاني عشر وانتشرت في العديد من مناطق النفوذ الشيعي وخاصة في كرخ بغداد وقم وكاشان(68).
إن نص أخوان الصفاء يشير بوضوح إلى كون الخرمية والمخمسة طائفة واحدة مع احتمال وجود بعض الاختلافات التي حدثت في فترة لاحقة نتيجة لبعض التطورات في النظرة للعقيدة، وقد تطورت تعاليم المخمسة حتى تحولت عقب اختفاء الإمام الثاني عشر إلى ما يسمى بالفرقة النصيرية في الشام(69)، أما في إيران وآذربيجان فقد تطورت تطوراً مختلفاً بعض الشيء في صورة طائفة أهل الحق (العليلاهية)(70)، وتتفق الطائفتان في المقولات الأساسية السالفة الذكر إلا أنهما تختلفان في بعض التفاصيل الأخرى، ومن الواضح أن فرقة العليلاهية هي المعبرة أكثر عن آراء الخرميين.
ثانياً : إن تأكيد المرويات التاريخية لتعرض الأئمة من آل البيت لمضايقات السلطة العباسية والتي قامت باغتيال بعضهم يؤكد بالفعل علاقتهم وفعاليتهم في تلك الثورات، فقد واجه الإمام جعفر بن محمد الصادق العديد من الاستفزازات في الفترة من 137 إلى 148 هـ، وقد أشارت المرويات إلى أن الخليفة العباسي أقسم على قتله أكثر من مرة(71) بسبب اتهامه بالتحريض على قيام انتفاضات ضده، كما أشارت إلى قيام السلطة العباسية باغتيال النشطين من أتباعه(72)، وقد اضطر الإمام الصادق إلى اشهاد رجال السلطة العباسية على وفاة ابنه اسماعيل 145 هـ، ويبدو أنه كان نشطاً في مواجهة العباسيين ومتصلاً ببعض الثورات التي قامت ضد العباسيين، وقد ذكرت المرويات الشيعية بالفعل تحريض الإمام جعفر للخراسانيين على الثورة ضد الحكم العباسي(73)، إن هذه المرويات تلقي الضوء على بعض الجوانب الخفية من حياة هؤلاء الأئمة والتي يبدو أنها لم تكن سلبية كما يحلو لمؤرخي السلطة تصويرها، على أن التساؤل الأساسي يرتبط بالثورات التي اتهم الإمام جعفر بالتحريض عليها، فالعلويين لم يقوموا في عهد أبو جعفر المنصور سوى بانتفاضتين سنة 145 هـ الأولى بقيادة محمد النفس الذكية في المدينة، والثانية بقيادة أخيه إبراهيم بباخمرى، وقد تمكن المنصور من القضاء على الثورتين، وقام بقتل الكثيرين من أبناء البيت العلوي الحسني(74)، ومع تأكيد المرويات التاريخية واتفاقها على عدم اشتراك جعفر الصادق في هذه الثورة، فإن تعرضه للمضايقات طوال عهد أبو جعفر المنصور يدلل على أنه كان على صلة بثورات أخرى، ولم تقم أي انتفاضات ذات اتصال بالتشيع في عهد المنصور (136 – 158 هـ) سوى الثورات موضوع البحث، وقد ذكرت المرويات أن المنصور عندما علم بوفاة جعفر الصادق أمر واليه على المدينة بقتل الإمام الذي أوصى إليه(75)، وفي عهد الخليفة العباسي الثاني محمد المهدي (158 – 169 هـ)، تعرض الإمام التالي وهو موسى الكاظم (128 – 183 هـ) لنفس المضايقات والتي وصلت في النهاية إلى حد الحبس(76)، وهو ما يجعل الرابطة بين هذه الانتفاضات التي استمرت - في عهد المهدي – من سنة 159 إلى سنة 163 هـ، وبين الإمام الكاظم واضحة، وهي إن لم تكن صلة تتسم بالتحريض المباشر على الثورة، فإنها على الأقل صلة روحية على أساس معرفة الخليفة المهدي بأن قادة الانتفاضات من المتشيعين له، والواقع إن إحجام الخليفتين العباسيين أبو جعفر المنصور والمهدي عن قتل الإمامين جعفر الصادق وموسى الكاظم رغم اتسامهما بالقسوة مع المخالفين، ربما يدلل على انتشار التشيع ومدى الجماهيرية التي تمتع بها الإمامين وخاصة في مناطق الشرق الإسلامي والعراق.
ثالثاً : بالنسبة للانتفاضة التي قام بها بابك (الحسن بن إبراهيم)(*20)، فقد ارتبطت أساساً بالمجاعة التي وقعت في الشرق الإسلامي وخاصة بمناطق خراسان وأصفهان والري سنة 201 هـ(77)، واعتمدت على قطاعات الفلاحين وسكان الجبال من الرعاة في أران وأذربيجان(78)، وقد دعا إلى تقسيم الاقطاعات الكبيرة وتوزيع الأرض، وهي دعوة ترتبط بالتشيع إلى حد كبير، ويبدو تأثرها بفترة حكم علي بن أبي طالب (35 – 40 هـ)(79)، ويذكر المسعودي أن سنة 204 هـ هي البداية الحقيقية للانتفاضة الخرمية(80) ربما لأن هذه السنة شهدت المواجهة الأولى بين الخليفة العباسي المأمون والانتفاضة البابكية(81) التي انتقلت من مرحلة الدعوة إلى مرحلة التهديد العسكري للخلافة العباسية، لقد ارتبطت هذه الفترة أيضاً بإعلان المأمون الإمام علي بن موسى الرضا (203 هـ) ولياً لعهده في سنة 201 هـ، على أن بعض المرويات التاريخية تذكر أن الهدف الحقيقي للمأمون كان تهدئة العلويين الذين قاموا بالعديد من الانتفاضات في مناطق متفرقة من العالم الإسلامي، كما تشير المرويات الشيعية إلى ثورات شيعية قامت في خراسان – عاصمة الخلافة – الأمر الذي أجبر المأمون على اتخاذ هذا الإجراء(82)، ويقول غياث الدين خواندمير عن بيعة علي الرضا كولي للعهد "وقد سعد جميع ساكني المعمورة واغتبطوا لسماع هذا الخبر باستثناء جماعة من بني العباس "(83)(*21)، وتشير المرويات الشيعية إلى أن الرضا كان مدركاً لأغراض المأمون، وقد قام باستدعاء أقاربه من العلويين للإقامة معه في خراسان، إن الطريقة التي تحرك بها هؤلاء العلويين من الحجاز إلى فارس تثير التساؤل عن الغرض الحقيقي لاستدعائهم، فعندما تحرك العلويين من الحجاز في أواخر سنة 201 هـ لم يتجاوز عددهم مع أتباعهم ثلاثة آلاف، وتذكر المرويات أن عددهم عند وصولهم قرب شيراز وصل إلى خمسة عشر ألفاً وهو رقم ضخم بكل تأكيد، وقد اضطر المأمون إلى أن يطلب من والي شيراز وقف هذا الزحف، وقد استعان والي شيراز بجيش مكون من أربعين ألف جندي لوقف هذا الزحف، إلا أنه هزم في المعركة التي دارت بين الطرفين خارج المدينة، وتذكر المرويات أن سبب تراجع معظم هذا الجيش كان بسبب وصول أنباء وفاة الإمام الرضا، ومن الواضح أن خطة الرضا كانت تعتمد على قيام هؤلاء العلويين بتجميع قطاعات مسلحة من الشيعة تنضم إليهم أثناء طريقهم إلى خراسان بحيث يصل هذا الزحف إلى خراسان بأعداد ضخمة تكون مؤهلة للقضاء على العباسيين خاصة أنها كانت ستمر على مناطق شيعية متعددة وتتميز بكثافة سكانية كبيرة ككاشان وقم والري بالإضافة إلى الشيعة الخراسانيين، وتشير معركة شيراز التي انتهت بهزيمة العباسيين إلى أن هذا الجيش كان معداً بطريقة جيدة كما أن قيادته كانت على قدر كبير من الحنكة العسكرية مكنتها من هزيمة 40 ألف مقاتل عباسي، ويبدو أن المأمون أدرك أهداف هذا التصرف أو أن هزيمة جنوده في معركة شيراز المبكرة كشفت هذا المخطط فدبر اغتيال الإمام الرضا في سنة 203 هـ، مما أدى إلى هزيمة هذا الجيش في النهاية وتفككه(84)، فهل كانت الانتفاضة البابكية جزء من هذا التحرك الشيعي للقضاء على الخلافة العباسية ؟، لا يبدو هذا التصور مستبعداً فالثورة البابكية – التي قامت في أذربيجان – ترافقت مع بداية التحرك الشيعي، وكان من الممكن أن تلتقي مع هذا التحرك الشيعي في نقطة مشتركة لو قدر له مواصلة الطريق وتجاوز شيراز، وشهدت بداياتها الفعلية عقب وفاة علي الرضا، على أن الصلة ما بين هذه الانتفاضة والتشيع تبدو أكثر وضوحاً في انضمام أهالي مدينة قم الشيعية إلى الثورة وقيامهم بانتفاضتين متضامنتين معها في سنة 210 بقيادة يحيى بن عمران القمي، وفي سنة 216 هـ بقيادة جعفر بن داود القمي(85)، فمن المعروف ارتباط القميين بالتشيع للأئمة الإثنى عشر(*22)، ومن غير الممكن اشتراكهم في هذه الثورة دون توجيه من الإمام محمد بن علي الجواد (220 هـ) أو على الأقل من كبار أتباعه، إضافة إلى انتفاضة محمد بن القاسم بن علي العلوي سنة 219 هـ والتي شملت منطقة خراسان وهي أحد المناطق الفاعلة في الثورة البابكية، ويبدو أن انتفاضة محمد بن القاسم العلوي كانت جزءاً من الانتفاضة البابكية(86)، وهي لم تخرج عن الولاء لهذا الإمام – الجواد - حيث تذكر المرويات أنها دعت للرضا من آل محمد(87)، وقد عاصرت بالفعل انتفاضة أخرى في خراسان سنة 218 هـ بقيادة "علي مزدك"، وقد نسبت هذه الأخيرة إلى الخرمية، ومن الواضح أن اسم قائدها الذي يجمع بين "علي"، و "مزدك"، مفتعل لإثارة الشكوك حول تعاون ما بين الشيعة والمزدكيين لإحياء تعاليم مزدك المنادية – حسب ادعاءات هؤلاء المؤرخين - بالإباحية والانحلال(88) والواقع أن وفاة الجواد في سن صغيرة (25 عاماً) وعقب استدعاء المعتصم له للقدوم إلى بغداد تثير الشك في وجود مؤامرة لقتله، على أن المصادر الشيعية تؤكد أنه لقى مصرعه مسموماً على يد الخليفة المعتصم(89).
رابعاً : أشار نظام الملك إلى بعض معتقدات الخرمية قائلاً : " كان أول كلامهم التفجع على قتل أبي مسلم صاحب الدولة ولعن من قتله والصلاة على المهدي وفيروز وهارون بن فاطمة بنت أبي مسلم الذي يقولون له " كودك دانا " أي الطفل العالم "(90)، وللأسف لم يُعرف نظام الملك من المقصود بالمهدي، فهذا المعتقد مختص فقط بالإثنى عشرية، أما فيما يخص فيروز أو هارون بن فاطمة بنت أبي مسلم، فهو غير صحيح وقد نقل البغدادي عن محمد بن عبد المطلب بن فهم بن محرز، وهو من أحفاد أبي مسلم (من ابنته أسماء) أن فاطمة لم تنجب بينما أنجبت شقيقتها أسماء(91)، ومن الواضح أن المقصود بالمهدي هو الإمام الثاني عشر، الذي اختفى وهو في الخامسة من عمره(92)، مما يجعل عبارة " الطفل العالم " التي يستخدمها الخرميين – حسب دعوى نظام الملك – منطبقة عليه.

باباك خورمدين
10-16-2005, 04:16 AM
هوامش
23 – نظام الملك – سياست نامه – د. السيد محمد العزاوي – القاهرة 1975 – 253، ابن النديم – الفهرست – نسخة كومبيوترية – (أخبار الخرمية البابكية)، حسين قاسم العزيز – م . س – ص 128، 129.
24 – المسعودي – م . س – ج 2 – ص 188، 189، ابن كثير – م . س – ج 10 – ترجمة (أبي مسلم الخراساني)، الخطيب البغدادي – تاريخ بغداد – نسخة كومبيوترية – ج 10 – ترجمة ( عبد الرحمن بن مسلم بن سنفيرون بن اسفنديار أبو مسلم المروزي صاحب الدولة العباسية).
25 – الطبري – م . س – ج 7 – ص 198، 199.
26 – ابن كثير – م . س – ج 10 – ترجمة (أبي مسلم الخراساني)، الخطيب البغدادي – م . س – ج 10 – ترجمة (عبد الرحمن بن مسلم بن سنفيرون).
27 – الطبري – م . س – ج 7 – ص 366.
28 – أبو الفرج الأصفهاني – م . س – ص 168.
29 – الخطيب البغدادي – م . س – ج 10 – ترجمة (عبد الرحمن بن مسلم).
30 – نظام الملك – م . س – ص 252.
31 – الفردوسي – شاهنامه – ج 2 – من ص 118، إلى ص 121، نظام الملك – م . س – من ص 236، إلى ص 251.
32 – حسين قاسم العزيز – م . س – 149.
33 – الطبري – م . س – ج 7 – ص 109.
34 – حسين قاسم العزيز – ص 148.
35 – البغدادي – م . س – ص 253، ابن النديم – م . س – (أخبار الخرمية البابكية).
36 – حسين قاسم العزيز – م . س – 148، 149.
37 – الطبري – م . س – ج 7 – ص 109، د. محمود إسماعيل – الحركات السرية في الإسلام – م . س – ص 81.
38 – نظام الملك – م . س – 296.
39 – البغدادي – م . س – ص 244، 245.
40 – م . س – ص 253، 254.
41 – حسين قاسم العزيز – م . س – ص 153.
42 – عبد الجليل حسن – ثورة الغاضبين – مقال بمجلة " الكاتب " – ع 117 ديسمبر 1970 – ص 163.
43 – البغدادي – م . س – ص 254.
(*10) لابد من توضيح أن عدم ممارستهم للصلاة علناً أو في المساجد لا يعني أنهم غير مسلمين، فمازالت بعض الفرق الإسلامية الشيعية تؤدي شعائرها بطريقة سرية بعيداً عن المساجد، وقد بدأ الأمر كنوع من التقية خوفاً من الاضطهاد ثم تحول إلى تقليد ديني، ولعل أهم هذه الفرق العلويين في تركيا(*).
(*) محمد نور الدين – العلوية جناح من الإسلام في تركيا – مقال بمجلة " النور " – لندن ع 50 يوليو 1995 – ص 16.
44 – علي بن الوليد – م . س – ج 1 – ص 63، وما بعدها، البغدادي – م . س – ص 269 وما بعدها.
45 – ابن حزم – م . س – ج 5 – ص 137 وما بعدها.
46 – الشهرستاني – م . س – ج 1 – ص 157.
47 – النوبختي – م . س – ص 46، 47، المسعودي – م . س – ج 2 – ص 232، ابن النديم – م . س – (أخبار الخرمية البابكية)، الخطيب البغدادي – م . س – ج 10 – ترجمة (عبد الرحمن بن مسلم).
48 – الخطيب البغدادي – م . س – ج 10 – ترجمة (عبد الرحمن بن مسلم).
49 – البغدادي – م . س – ص 253، 254.
50 – أبو الفرج الأصفهاني – م . س – ص 165.
(*11) استخدم نظام الملك هذا الأسلوب للإشارة إلى الإباحية عند الخرمدينية عن طريق نسبتهم لزوجة مزدك.
51 – ابن كثير – م . س – ج 10 - أحداث سنة 141 هـ.
52 – الطبري – م . س – ج 7 – ص 356، 357، 362، 366، 567.
(*12) احتج محمد النفس الذكية على صحة موقفه من الثورة على العباسيين بقوله لأبي جعفر المنصور : " فإن الحق حقنا، وإنما دعيتم هذا الأمر لنا، وخرجتم له بشيعتنا ".
53 – ابن النديم – م . س – (أخبار الخرمية البابكية).
(*13) ذكر ابن النديم أن اسحق الترك من نسل يحيى بن زيد، وهو تصور مستبعد والأكثر مقبولية أن يكون من الدعاة للطلب بثأره وهي الدعوة التي ارتبط بها ظهور أبو مسلم في خراسان.
54 – ابن الأثير الجزري – الكامل في التاريخ – بيروت 1995 – ج 6 – ص
(*14) ذكر نظام الملك المناطق ذات الغالبية الشيعية في روايته عن الباطنية : " ... فإن أهل الري وآبه وقم وكاشان وإقليم طبرستان ومازنداران كلهم من الرافضة يدعون إلى التشيع "(*).
55 – نظام الملك – م . س – ص 253.
(*15) م . س – ص 260.
56 – ابن كثير – م . س – ج 10 - أحداث سنة 140.
57 – السيوطي – م . س – ص 244.
58 – المسعودي – م . س – ج 2 – ص 371.
59 – نظام الملك – م . س – ص 296.
60 – الحسين بن ناصر الشرفي – مطمح الآمال – تحقيق / عبد الله بن عبد الله الحوثي – اليمن 2000 - نسخة كومبيوترية.
(*16) قام الشرفي بسرد سيرة الأئمة من آل البيت في هذا الكتاب (مطمح الآمال) والملاحظ أنه بدأ بسيرة الأئمة الإثنى عشر ثم قام بسرد سيرة العلويين الذين يعتقد الزيدية بإمامتهم، وهذا التصرف يوضح أن الزيدية لا ترفض إمامة الأئمة الإثنى عشر.
61 – يعقوب بن كلس – الرسالة المُذهِبَة – تحقيق / د. عارف تامر – بيروت 1988 – ص 138، 139، أحمد صبري – إخوان الصفا . المذهب الديني. المؤلفون. التنظيم السري – (دراسة غير منشورة) – الفصل الثاني (المؤلفون).
62 – إخوان الصفا – الرسائل – القاهرة 1996 – جـ 3 ص 180، 199.
(*17) الأجسام الطبيعية الخمس هي حسب تعريف إخوان الصفا : جسم الفلك، والأربعة الأركان التي دونه من النار والهواء والأرض والماء "(*).
(*) م . س – ص 207.
(*18) الخمسة أجناس من الحيوان حسب التعريف الذي أورده الإخوان في نصهم : الإنسان، والطير، والسائح، والمشاء ذو الرجلين، وذو الأربع، والذي ينساب على بطنه(*).
(*) م . س – ص 207.
(*19) استخدم الإخوان لفظ الحيوان لتعريف الكائنات الحية التامة الخلقة والتي تحتوي على خمس حواس : السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس(*).
(*) م . س – ص 207.
63 – م . س – ص 207، 208.
64 – م . س – ص 208.
65 – م . س – ص 208.
66 – عبد الرسول الغفار – شبهة الغلو عند الشيعة – بيروت - نسخة كومبيوترية – ص 66، 67، 68، الحسيني عبد الله – الجذور التاريخية للنصيرية العلوية – القاهرة 1980 – نقلاً عن لويس ماسينيون – دائرة المعارف الإسلامية – ص 106، 107.
67 – م . س – ص 66، 67، 68.
68 – هاشم معروف الحسني – م . س – ص 548، المسعودي – التنبيه والإشراف – نسخة كومبيوترية – ص 14.
69 – فيما يخص عقائد النصيرية يرجى مراجعة
هاشم عثمان – هل العلويون شيعة ؟! – بيروت 1994، الحسيني عبد الله – م . س – من ص 91 إلى ص 114 مع التوضيح أن الكتاب الأخير ذو دوافع سياسية مرتبطة بالخلاف بين الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والإخوان المسلمين الذي ينتمي إليهم المؤلف.
70 – بطروشوفسكي – م . س – ص 283.
71 – هاشم معروف الحسني – م . س – ص 263، 264.
72 – م . س – ص 265، 266، المفيد – الإرشاد – م . س – ج 2 – ص 184، 185.
73 – عارف تامر – القرامطة – دمشق 1997 – ص 35، إدريس عماد الدين القرشي ـ زهر المعاني ـ ت / مصطفى غالب ـ بيروت 1991 ـ ص 201، الشهرستاني ـ م . س ـ جـ 2 ، صـ 25، محمود إسماعيل – فرق الشيعة – م . س – ص 109.
74 – أبو الفرج الأصفهاني – م . س – (من قتل من الطالبيين في عهد أبي جعفر المنصور).
75 – هاشم معروف الحسني – م . س – ص 324.
76 – م . س – ص 326، 327.
(*20) ذكر المسعودي في مروج الذهب : " وكان اسم بابك الحسن واسم أخيه عبد الله "، ويبدو أن لفظ " بابك " وهو اسم فارسي – نسبة إلى أردشير بابك مؤسس الدولة الساسانية – لم يطلقه بابك على نفسه وإنما أطلقته عليه الدعايات العباسية للدلالة على ادعاءاتها بأنه كان يرغب في القضاء على الإسلام وإحياء المزدكية، والمجد الساساني.
77 – عبد الجليل حسن – م . س – ص 159، 160.
78 – م . س – ص 160.
79 – م . س – ص 160، المفيد – الأمالي – م . س - ص 175، 176، علي بن أبي طالب – نهج البلاغة – جمع / الشريف الرضي – شرح / محمد عبده – بيروت 1990 – ص 36.
80 – المسعودي – م . س – ج 2 – ص 348.
81 – عبد الجليل حسن – م . س – ص 160.
82 – د. محمود إسماعيل – فرق الشيعة – م . س – ص 111.
83 – غياث الدين خواندمير – م . س – ص 184.
(*21) تؤكد المرويات الشيعية رفض الإمام الرضا لتولي هذا المنصب لمعرفته بأغراض المأمون، وأنه أكره على قبوله وتذكر أنه صارح المأمون بهذه الحقيقة : " وإنّي لأعلم ما تريد فقال المأمون: وما أريد؟ قال: الأمان على الصّدق، قال: لك الأمان، قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إنّ علي بن موسى الرضا لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة، فغضب المأمون ثم قال: إنّك تتلقاني أبداً بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الرضا (عليه السلام): قد نهاني الله تعالى أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أنّي لا أولّي أحداً، ولا أعزل أحداً، ولا أنقض رسماً ولا سنّة، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً. فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهية منه (عليه السلام) بذلك "(*).
(*) محمد علي المعلم – فاطمة المعصومة – قم 1420 – نسخة كومبيوترية – ص 46.
84 – محمد علي المعلم – م . س – ص 48، 49.
85 – ابن الأثير – م . س – ج 6 – ص 399، 420، حسين قاسم العزيز – م . س – ص 178، 179.
(*22) تتميز مدينة قم بتشيعها منذ أواخر العهد الأموي، وبالتحديد بعد قيام الحجاج بن يوسف الثقفي بقتل عميد قبيلة الأشاعرة الشيعية محمد بن السائب الأشعري، حيث تذكر المرويات أن أبناء هذه القبيلة تركوا العراق واستقروا في قم سنة 73 هـ وقاموا بنشر التشيع بين السكان الأصليين وتذكر المرويات أن زعيم هذه القبيلة العربية كان له دور هام في تمصير هذه المدينة وتحويلها إلى مدينة كبرى متسعة المساحة وقد نصّ الحموي في معجمه على أن مدينة قم شيعية إماميّة خالصة فقال: " وكان متقدّم هؤلاء الأخوة عبد الله بن سعد، وكان له ولد قد ربّي بالكوفة فانتقل منها إلى قم، وكان إمامياً فهو الذي نقل التشيع إلى أهلها فلا يوجد بها سنّي قط "، ويبدو من المرويات الشيعية أن أصحاب الأئمة قد أسسوا فيها جامعة علمية حيث تذكر أن قم في القرن الثالث الهجري كان بها مائتا ألف محدث (200000)(*)، وتشير بعض المرويات الشيعية أن أهل الجبال أيضاً كانوا في غالبيتهم ينتمون للمذهب الشيعي(*).
(*) محمد علي المعلم – م . س – 78، 79، حسين الراضي العبد الله – تاريخ فقه أهل البيت وأثره في إصلاح المجتمع – نسخة كومبيوترية – www.alradhy.com
(*) هاشم معروف الحسني – م . س – ج 2 – ص 536.
86 – أبو الفرج الأصفهاني – م . س – ص 577 إلى ص 588، ابن كثير – م . س – ج 10 – أحداث سنة 219.
87 – ابن كثير – م . س – ج 10 – أحداث سنة 219.
88 – نظام الملك – م . س – ص 290.
89 – هاشم معروف الحسني – م . س – ص 447، 448.
90 – نظام الملك – م . س – ص 295.
91 – الخطيب البغدادي – م . س – ج 10 – ترجمة (عبد الرحمن بن مسلم).
92 – المسعودي – م . س – ج 2 – ص 473، هاشم معروف الحسني – م . س – ج 2 – ص 539 وما بعدها.

باباك خورمدين
10-16-2005, 08:07 AM
الأخ / هاشم
كلمة خورمدين تعني حرفيا دين السعادة ، والمقصود بها عند الخورميين دين السعادة في الدنيا والآخرة ، في مقابل الشقاء ، وهي نفس الصفة التي نطلقها على الإسلام لكن السلطة في سعيها لإظهار باباك كمرتد فسرتها على أن المقصود بها (دين اللذة) ، وهو تفسير غير سليم .
بالنسبة للمنطقة التي قامت فيها فهي بدأت في آذربيجان ، ثم امتدت إلى قم وكاشان وسبزوار والطالقان ومناطق اخرى .
تحياتي
باباك خورمدين

مقاتل
12-26-2005, 12:29 AM
بحث رائع يا أخ بابك خورمدين .....شكرا لك

ولكن هناك ملاحظة بالنسبة للمقولة التى اشارت الى ان الخورمدينيين من انهم ثاروا من اجل ابي مسلم الخراساني، فأبي مسلم كان قائدا من قادة العباسيين ، وقد اختلفت مصلحته مع مصالحهم فى فترة معينة من تاريخه ، فارسل الى الإمام الصادق ( ع ) رسولا يتعهد له بالنصرة اذا ثار فى وجه العباسيين ، فقال الصادق ( ع ) للرسول ( لا الزمان زماني ولا الرجال رجالي ) وهذا يعنى ان الامام عليه السلام لم يكن يثق فى الخرساني بعد كل الذي عمله من اجل العباسيين .

باباك خورمدين
12-26-2005, 06:01 PM
الأخ مقاتل
اشكرك كثيرا على هذه الملاحظة مع توضيح أن أبو مسلم الخراساني أرسل رسالة في آخر ايامه إلى الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور يتبرئ فيها من اعتقاده بإمامتهم ويعلن أنه حرف الإمامة عن أهلها وقد أوردت أجزاء منها في البحث .
باباك خورمدين