زهير
10-13-2005, 08:32 PM
13/10/2005
ايا كانت النتيجة النهائية لما يجري حاليا, ولنفترض ان الشيخ صباح سوف يستلم ولاية العهد او حتى الامارة قريبا, فهل يقبل الشيخ صباح ان تؤول اليه الامور بهذه الطريقة وفي مثل هذه الاجواء؟ ان الشيخ صباح ليس شابا يافعا فهل يريد ان يتم التعامل معه حين يعيقه المرض عن ممارسة مهامه بنفس الطريقة التي يتعاملون بها مع الشيخ سعد؟ هل تسعى الاسرة الحاكمة لوضع "تقليد" جديد لكيفية التعامل مع شيوخنا في مرضهم؟
قبل نشر تصريح الشيخ سالم العلي في صحيفة القبس بفترة قصيرة, عقد اجتماع بين الشيخ سالم العلي والشيخ صباح الاحمد والشيخ مبارك عبدالله الاحمد وهؤلاء هم "اركان الأسرة الحاكمة" وكان الاجتماع بناء على طلب الشيخ سالم العلي. ولا احد يعلم يقينا مادار في ذلك الاجتماع, غير ان المؤكد هو ان الخلاف بين الشيخ سالم والشيخ صباح قد تعزز. فبعد خروجه من الاجتماع الاول عقد الشيخ صباح اجتماعا آخرا مع مجموعة من الشيوخ من انصاره, وكان الهدف هو البحث عن حل لمواجهة موقف الشيخ سالم العلي المعارض لنهج الشيخ صباح في الانفراد بالسلطة. ولأن الاجتماع كان موسعا فقد تسرب بعض مادار فيه, وقد طرحت في هذا الاجتماع فكرتان: الاولى استقالة الشيخ صباح بهدف ايصال الأمور الى طريق مسدود بحيث يرفض الشيخ صباح العودة عن استقالته مالم تسند اليه ولاية العهد, اي اتباع نفس سيناريو فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد عام 2003 حين اصر الشيخ صباح على تولي رئاسة الوزراء او عدم المشاركة في تحمل اي مسؤولية, وهو السيناريو الذي حقق الهدف منه في حينه فتم فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد. غير انه تم صرف النظر عن هذه الفكرة لاسباب عديدة من بينها ان الشيخ سالم العلى وهو اكبر سنا من الشيخ صباح ربما يطالب هو بتولي رئاسة الوزراء بدلا من الشيخ صباح اذا استقال خاصة بعد ان اخذ الشيخ سالم يتحرك هنا وهناك ويطلق تصريحات صحفية تتضمن افكارا هي من صميم اختصاص مجلس الوزراء اي ربما لا ينجح سيناريو الاستقالة او سياسة حافة الهاوية هذه المرة. وكان هناك من طرح فكرة اخرى هي عزل الشيخ سالم العلي من رئاسة الحرس الوطني. ثم استقر الرأي على تشكيل لجنة ثلاثية من الشيوخ الذين اجتمع معهم الشيخ صباح لزيارة الشيخ سالم العلي ومفاوضته. ويبدو ان الشيخ سالم رفض استقبال تلك اللجنة.
بعد ذلك نشرت صحيفة القبس تصريحات الشيخ سالم العلي. فما هو هدف الشيخ سالم من تصريحاته وما مدى دقتها وما هي نتائجها؟ وهل كانت تصريحاته ضربة استباقية لمواجهة احتمال عزله من رئاسة الحرس الوطني ام انها جاءت كي تستبق احتمال الانفراد بترتيب بيت الحكم؟
اعتقد ان الهدف العام من تصريحات الشيخ سالم العلي هو اشراك الناس في امور الأسرة الحاكمة بعد ان رأى عدم جدوى التحرك داخل الأسرة الحاكمة حيث ان التخلي عن المسؤولية هو القاسم المشترك. اما الأهداف التفصيلية لتصريحات الشيخ سالم العلي فهي الاعلان عن وجود ازمة دستورية تتعلق بطريقة اصدار المراسيم الأميرية والتصديق على القوانين, وهو اشكال يتحدث عنه الناس همسا غير ان جاسم الخرافي رئيس مجلس الامة اكده علنا من حيث لا يدري حينما سرب لصحيفة الرأي العام بعض تفاصيل الحوار الهاتفي الذي دار بينه وبين الشيخ سالم. والواقع ان قصة الاشكال الدستوري ليست جديدة لكنها من القضايا التي يصعب تداولها او الحديث عنها علنا, غير انني استطيع الاشارة الى صورة اخرى منها وهي تتعلق بالفترة التي تولى فيها سمو ولي العهد الامارة نيابة عن صاحب السمو حيث ان سمو ولي العهد الشيخ سعد هو الذي صدق على قانون المرأة, فإن كانت الحالة الصحية للشيخ سعد لا تسعفه على ممارسة مهامه فإن قانون المرأة غير دستوري او هو منعدم!!
عموما تبقى قضية الاشكال الدستوري قضية مهمة وحقيقية ولن يغير منها تنحي سمو ولي العهد واستلام الشيخ صباح مكانه, بل ان تصريحات الشيخ سالم العلي وصمت اي تغييرات قادمة بوصمة غير دستورية, وهذا في اعتقادي هو ما "استفز" الشيخ صباح فهو حتما لا يريد ان ينتاب استلامه ولاية العهد شبهات دستورية, صحيح انه لا قيمة عملية لتلك الشبهات الا ان تأثيرها المعنوي كبير وكبير جدا في الحاضر وفي المستقبل حين تزول عوائق الحديث الصريح وتبدأ عملية تدوين التاريخ.كما ان لها اهمية قصوى لدى دول الخليج.
اما عن اقتراح الشيخ سالم العلي تشكيل لجنة ثلاثية للمساعدة في ادارة شؤون الدولة تتكون منه والشيخ صباح والشيخ مبارك عبدالله الاحمد, فمن الواضح ان الشيخ سالم لا يريد تمكين الشيخ صباح ومن معه من الشيوخ في الانفراد بالقرارات المهمة وانما هو يريد تعزيز دور مسند الامارة خاصة بعد ان وجه اتهاما صريحا مباشرا لوزير الديوان الاميري بتجاوز صلاحياته. وحقيقة فأنا استغرب موقف من قال ان اللجنة التي يقترحها الشيخ سالم العلي غير دستورية, واستغرابي ليس بسبب انتقائية التمسك بالدستور وانما بسبب عدم وجود اي شبهة دستورية في اقتراح اللجنة, فهذه اللجنة لن تقوم مقام اي سلطة دستورية وهي اقرب الى لجنة الخبراء او المستشارين التي تهدف الى ترشيد القرار, واذا كان هناك من يرغب في التمسك بالدستور فإن الأولى به تجاهل مادار في اجتماع النواب فهذا الاجتماع غير دستوري ولا يجوز البناء عليه او ترتيب اي نتائج عليه, وبعبارة صريحة لا يجوز لرئيس مجلس الأمة ان ينقل رسالة من النواب بناء على اجتماع غير دستوري... هذا اذا كان الهدف هو الدستور فعلا!!
هل حققت تصريحات الشيخ سالم العلي اهدافها, وماذا بعد تلك التصريحات؟ اي ماذا ينوي الشيخ سالم العلي ان يفعل؟
لا اعلم عن نوايا الشيخ سالم العلي ومااذا كان يريد الاستمرار في تحركه ام لا, لكن اعتقد انه اصبح ملزما بمواصلة تحركه, فمن هو في موقعه وبعد ان قال ما قال لا يجوز له الانكفاء والابتعاد الا اذا كان هدفه الوحيد هو استفزاز الشيخ صباح فقط, وهو وان نجح في تحقيق ذلك الهدف بدرجة عالية جدا الا انني اظن ان لديه اهدافا اهم بكثير من استفزاز الشيخ صباح الذي يسهل استفزازه على كل الأحوال. اننا لا نملك الا الانتظار لمعرفة ماذا سيفعل الشيخ سالم... وهو ان لم يواصل تحركه فقد كان من الاجدى لو انه لم يتحرك من الأساس.
والآن دعونا نتمعن في موقف معسكر الشيخ صباح وردة فعلهم على تصريحات الشيخ سالم العلي.
تعامل معسكر الشيخ صباح مع تصريحات الشيخ سالم العلي بارتباك شديد وبشيء من الهلع والجزع معتبرين انها تشكل تهديدا جديا لإمكانية تولي الشيخ صباح ولاية العهد فسعوا لترويج قصة حسم الامور لصالح الشيخ صباح رغم ان الشيخ سالم العلي لم يطرح نفسه كمرشح لولاية العهد, اي ان ولاية العهد كانت محسومة للشيخ صباح متى حان اوانها. وبدلا من ازالة الشكوك الدستورية التى القاها تصريح الشيخ سالم العلي حول آلية اصدار المراسيم والتصديق على القوانين, وهي شكوك تشمل حتما اي تغييرات قادمة, سعى معسكر الشيخ صباح الى استجلاب الشرعية لحكومة الشيخ صباح رغم ان شرعية الحكومة ليست محل نقاش, كما سعوا الى استدرار الولاء الشخصي له من "عوير وزوير" وقسموا الناس الى قسمين وقسموا الأسرة الحاكمة الى فريقين فريق الشيخ سالم وفريق الشيخ صباح وسعوا الى الدفع نحو توليته ولاية العهد وبأسرع ما يمكن. بيه.. بيه شدعوه شصاير؟ لماذا هذا الهلع والجزع؟ وما علاقة الشيخ سعد بالقصة وهل تنحيته او تنحيه هو الذى يعيد الامور الى نصابها؟ لقد ارادوا افتعال "معركة" بين الشيخ سالم والشيخ صباح حول ولاية العهد, وسعوا الى حسم تلك "المعركة" لصالح الشيخ صباح؟ وهنا أود ان اسال الشيخ صباح نفسه ومباشرة: هل يرضيك يا شيخ ان تسند اليك ولاية العهد بهذه الطريقة وفي هذه الاجواء؟ كيف تريد للتاريخ ان يروى قصة حصولك على ولاية العهد او الحكم؟ هل نقول فيما بعد ان "المسجات" كان لها الدور الفعال؟ هل انت بحاجة الى شهادة طلال العيار وصلاح خورشيد وجاسم الكندري ويوسف الزلزلة ومعصومة مبارك على اهليتك كي تحصل على ولاية العهد؟ معقولة وصلنا الى هذه المرحلة؟ من يصدق ما يحدث؟
ان التفسير الوحيد لحالة الهلع والجزع التي اصابت معسكر الشيخ صباح هو انهم لا يريدون "لحركة" الشيخ سالم العلي ان تتسع وتتحول الى معارضة لنهج الشيخ صباح او توليه ولاية العهد وهم ارادوا استغلال الموقف لحسم الامور بهذه الطريقة غير المناسبة والتي لا تتوافق مع ثقافة الاسرة الحاكمة بهدف اقصاء الشيخ سالم العلي واتاحة الفرصة لترتيب الامور دون ان يتمكن الشيخ سالم العلي من فرض شروط مقابل موافقته على اسناد ولاية العهد للشيخ صباح. ان ما حدث من جانب معسكر الشيخ صباح هو اساءة بالغة للشيخ صباح نفسه فلا اظن انه يرغب في استلام ولاية العهد بهذه الطريقة او وسط هذه الاجواء. اقول هذا وانا اعلم ان الكويت مقبلة, في حال تم حسم الامور فعلا لصالح الشيخ صباح, على اكبر حملة نفاق وتزلف في تاريخ البلاد, وقد شهدنا في اليومين الماضيين بدايتها..والله يعينا.
لقد سبق لي ان كتبت في هذا الموقع مطالبا باسناد ولاية العهد للشيخ صباح حتى يرتاح هو ويتخلص من الهواجس وحتى ترتاح البلد معه من التوتر المزمن. وها انا اكرر الدعوة غير انني ارى انه من غير اللائق ابدا حسم الامور وسط هذه الاجواء. وسواء قبل الشيخ صباح استلام ولاية العهد بهذه الطريقة ام فضل التريث , فإن المسألة اعمق بكثير مما يجري.
ان الشيخ صباح ليس شابا يافعا, وبالتالي فان احتمال ان يتكرر معه ما يحدث للشيخ سعد حاليا بعد سنة او سنتين امر وارد جدا من الناحية النظرية على الاقل, فهل الحسم بالطريقة التي يسعون اليها هي التي سوف تتبع مع الشيخ صباح حين يعيقه المرض عن مزاولة مهامه؟ هل يريد معسكر الشيخ صباح ترسيخ اسلوب التعامل الحالي مع الشيخ سعد ليكون هو منهج تعامل اسرة الصباح مع شيوخنا في مرضهم؟
على اي حال اعيد القول انه ليس مهما من يخلف الشيخ سعد في ولاية العهد خاصة اذا كان الشيخ صباح فلن يتغير شيء , لكن المهم هو ماذا تجني البلد من وراء كل ما يثار حاليا... هل سيختفي الفساد... هل سيحصل المواطن الكويتي على مسكن... هل ستختفي البطالة... بالطبع لن يتغير شيء هذا ان لم تزداد الأمور سوءا.
ان مستقبل البلاد في رقبة الشيخ صباح فماذا سيفعل ؟ ان الناس لا يهمها من يخلف الشيخ سعد, لكن المهم هو من يخلف الشيخ صباح, ان فترة حكم الشيخ صباح لن تطول وهذه سنة الحياة لكن الكويت باقية... فهل يحسن الشيخ صباح اختيار من يخلفه... اذا كانت اختيارات الشيخ صباح لوزرائه هي المقياس فالله المستعان!!
ايا كانت النتيجة النهائية لما يجري حاليا, ولنفترض ان الشيخ صباح سوف يستلم ولاية العهد او حتى الامارة قريبا, فهل يقبل الشيخ صباح ان تؤول اليه الامور بهذه الطريقة وفي مثل هذه الاجواء؟ ان الشيخ صباح ليس شابا يافعا فهل يريد ان يتم التعامل معه حين يعيقه المرض عن ممارسة مهامه بنفس الطريقة التي يتعاملون بها مع الشيخ سعد؟ هل تسعى الاسرة الحاكمة لوضع "تقليد" جديد لكيفية التعامل مع شيوخنا في مرضهم؟
قبل نشر تصريح الشيخ سالم العلي في صحيفة القبس بفترة قصيرة, عقد اجتماع بين الشيخ سالم العلي والشيخ صباح الاحمد والشيخ مبارك عبدالله الاحمد وهؤلاء هم "اركان الأسرة الحاكمة" وكان الاجتماع بناء على طلب الشيخ سالم العلي. ولا احد يعلم يقينا مادار في ذلك الاجتماع, غير ان المؤكد هو ان الخلاف بين الشيخ سالم والشيخ صباح قد تعزز. فبعد خروجه من الاجتماع الاول عقد الشيخ صباح اجتماعا آخرا مع مجموعة من الشيوخ من انصاره, وكان الهدف هو البحث عن حل لمواجهة موقف الشيخ سالم العلي المعارض لنهج الشيخ صباح في الانفراد بالسلطة. ولأن الاجتماع كان موسعا فقد تسرب بعض مادار فيه, وقد طرحت في هذا الاجتماع فكرتان: الاولى استقالة الشيخ صباح بهدف ايصال الأمور الى طريق مسدود بحيث يرفض الشيخ صباح العودة عن استقالته مالم تسند اليه ولاية العهد, اي اتباع نفس سيناريو فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد عام 2003 حين اصر الشيخ صباح على تولي رئاسة الوزراء او عدم المشاركة في تحمل اي مسؤولية, وهو السيناريو الذي حقق الهدف منه في حينه فتم فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد. غير انه تم صرف النظر عن هذه الفكرة لاسباب عديدة من بينها ان الشيخ سالم العلى وهو اكبر سنا من الشيخ صباح ربما يطالب هو بتولي رئاسة الوزراء بدلا من الشيخ صباح اذا استقال خاصة بعد ان اخذ الشيخ سالم يتحرك هنا وهناك ويطلق تصريحات صحفية تتضمن افكارا هي من صميم اختصاص مجلس الوزراء اي ربما لا ينجح سيناريو الاستقالة او سياسة حافة الهاوية هذه المرة. وكان هناك من طرح فكرة اخرى هي عزل الشيخ سالم العلي من رئاسة الحرس الوطني. ثم استقر الرأي على تشكيل لجنة ثلاثية من الشيوخ الذين اجتمع معهم الشيخ صباح لزيارة الشيخ سالم العلي ومفاوضته. ويبدو ان الشيخ سالم رفض استقبال تلك اللجنة.
بعد ذلك نشرت صحيفة القبس تصريحات الشيخ سالم العلي. فما هو هدف الشيخ سالم من تصريحاته وما مدى دقتها وما هي نتائجها؟ وهل كانت تصريحاته ضربة استباقية لمواجهة احتمال عزله من رئاسة الحرس الوطني ام انها جاءت كي تستبق احتمال الانفراد بترتيب بيت الحكم؟
اعتقد ان الهدف العام من تصريحات الشيخ سالم العلي هو اشراك الناس في امور الأسرة الحاكمة بعد ان رأى عدم جدوى التحرك داخل الأسرة الحاكمة حيث ان التخلي عن المسؤولية هو القاسم المشترك. اما الأهداف التفصيلية لتصريحات الشيخ سالم العلي فهي الاعلان عن وجود ازمة دستورية تتعلق بطريقة اصدار المراسيم الأميرية والتصديق على القوانين, وهو اشكال يتحدث عنه الناس همسا غير ان جاسم الخرافي رئيس مجلس الامة اكده علنا من حيث لا يدري حينما سرب لصحيفة الرأي العام بعض تفاصيل الحوار الهاتفي الذي دار بينه وبين الشيخ سالم. والواقع ان قصة الاشكال الدستوري ليست جديدة لكنها من القضايا التي يصعب تداولها او الحديث عنها علنا, غير انني استطيع الاشارة الى صورة اخرى منها وهي تتعلق بالفترة التي تولى فيها سمو ولي العهد الامارة نيابة عن صاحب السمو حيث ان سمو ولي العهد الشيخ سعد هو الذي صدق على قانون المرأة, فإن كانت الحالة الصحية للشيخ سعد لا تسعفه على ممارسة مهامه فإن قانون المرأة غير دستوري او هو منعدم!!
عموما تبقى قضية الاشكال الدستوري قضية مهمة وحقيقية ولن يغير منها تنحي سمو ولي العهد واستلام الشيخ صباح مكانه, بل ان تصريحات الشيخ سالم العلي وصمت اي تغييرات قادمة بوصمة غير دستورية, وهذا في اعتقادي هو ما "استفز" الشيخ صباح فهو حتما لا يريد ان ينتاب استلامه ولاية العهد شبهات دستورية, صحيح انه لا قيمة عملية لتلك الشبهات الا ان تأثيرها المعنوي كبير وكبير جدا في الحاضر وفي المستقبل حين تزول عوائق الحديث الصريح وتبدأ عملية تدوين التاريخ.كما ان لها اهمية قصوى لدى دول الخليج.
اما عن اقتراح الشيخ سالم العلي تشكيل لجنة ثلاثية للمساعدة في ادارة شؤون الدولة تتكون منه والشيخ صباح والشيخ مبارك عبدالله الاحمد, فمن الواضح ان الشيخ سالم لا يريد تمكين الشيخ صباح ومن معه من الشيوخ في الانفراد بالقرارات المهمة وانما هو يريد تعزيز دور مسند الامارة خاصة بعد ان وجه اتهاما صريحا مباشرا لوزير الديوان الاميري بتجاوز صلاحياته. وحقيقة فأنا استغرب موقف من قال ان اللجنة التي يقترحها الشيخ سالم العلي غير دستورية, واستغرابي ليس بسبب انتقائية التمسك بالدستور وانما بسبب عدم وجود اي شبهة دستورية في اقتراح اللجنة, فهذه اللجنة لن تقوم مقام اي سلطة دستورية وهي اقرب الى لجنة الخبراء او المستشارين التي تهدف الى ترشيد القرار, واذا كان هناك من يرغب في التمسك بالدستور فإن الأولى به تجاهل مادار في اجتماع النواب فهذا الاجتماع غير دستوري ولا يجوز البناء عليه او ترتيب اي نتائج عليه, وبعبارة صريحة لا يجوز لرئيس مجلس الأمة ان ينقل رسالة من النواب بناء على اجتماع غير دستوري... هذا اذا كان الهدف هو الدستور فعلا!!
هل حققت تصريحات الشيخ سالم العلي اهدافها, وماذا بعد تلك التصريحات؟ اي ماذا ينوي الشيخ سالم العلي ان يفعل؟
لا اعلم عن نوايا الشيخ سالم العلي ومااذا كان يريد الاستمرار في تحركه ام لا, لكن اعتقد انه اصبح ملزما بمواصلة تحركه, فمن هو في موقعه وبعد ان قال ما قال لا يجوز له الانكفاء والابتعاد الا اذا كان هدفه الوحيد هو استفزاز الشيخ صباح فقط, وهو وان نجح في تحقيق ذلك الهدف بدرجة عالية جدا الا انني اظن ان لديه اهدافا اهم بكثير من استفزاز الشيخ صباح الذي يسهل استفزازه على كل الأحوال. اننا لا نملك الا الانتظار لمعرفة ماذا سيفعل الشيخ سالم... وهو ان لم يواصل تحركه فقد كان من الاجدى لو انه لم يتحرك من الأساس.
والآن دعونا نتمعن في موقف معسكر الشيخ صباح وردة فعلهم على تصريحات الشيخ سالم العلي.
تعامل معسكر الشيخ صباح مع تصريحات الشيخ سالم العلي بارتباك شديد وبشيء من الهلع والجزع معتبرين انها تشكل تهديدا جديا لإمكانية تولي الشيخ صباح ولاية العهد فسعوا لترويج قصة حسم الامور لصالح الشيخ صباح رغم ان الشيخ سالم العلي لم يطرح نفسه كمرشح لولاية العهد, اي ان ولاية العهد كانت محسومة للشيخ صباح متى حان اوانها. وبدلا من ازالة الشكوك الدستورية التى القاها تصريح الشيخ سالم العلي حول آلية اصدار المراسيم والتصديق على القوانين, وهي شكوك تشمل حتما اي تغييرات قادمة, سعى معسكر الشيخ صباح الى استجلاب الشرعية لحكومة الشيخ صباح رغم ان شرعية الحكومة ليست محل نقاش, كما سعوا الى استدرار الولاء الشخصي له من "عوير وزوير" وقسموا الناس الى قسمين وقسموا الأسرة الحاكمة الى فريقين فريق الشيخ سالم وفريق الشيخ صباح وسعوا الى الدفع نحو توليته ولاية العهد وبأسرع ما يمكن. بيه.. بيه شدعوه شصاير؟ لماذا هذا الهلع والجزع؟ وما علاقة الشيخ سعد بالقصة وهل تنحيته او تنحيه هو الذى يعيد الامور الى نصابها؟ لقد ارادوا افتعال "معركة" بين الشيخ سالم والشيخ صباح حول ولاية العهد, وسعوا الى حسم تلك "المعركة" لصالح الشيخ صباح؟ وهنا أود ان اسال الشيخ صباح نفسه ومباشرة: هل يرضيك يا شيخ ان تسند اليك ولاية العهد بهذه الطريقة وفي هذه الاجواء؟ كيف تريد للتاريخ ان يروى قصة حصولك على ولاية العهد او الحكم؟ هل نقول فيما بعد ان "المسجات" كان لها الدور الفعال؟ هل انت بحاجة الى شهادة طلال العيار وصلاح خورشيد وجاسم الكندري ويوسف الزلزلة ومعصومة مبارك على اهليتك كي تحصل على ولاية العهد؟ معقولة وصلنا الى هذه المرحلة؟ من يصدق ما يحدث؟
ان التفسير الوحيد لحالة الهلع والجزع التي اصابت معسكر الشيخ صباح هو انهم لا يريدون "لحركة" الشيخ سالم العلي ان تتسع وتتحول الى معارضة لنهج الشيخ صباح او توليه ولاية العهد وهم ارادوا استغلال الموقف لحسم الامور بهذه الطريقة غير المناسبة والتي لا تتوافق مع ثقافة الاسرة الحاكمة بهدف اقصاء الشيخ سالم العلي واتاحة الفرصة لترتيب الامور دون ان يتمكن الشيخ سالم العلي من فرض شروط مقابل موافقته على اسناد ولاية العهد للشيخ صباح. ان ما حدث من جانب معسكر الشيخ صباح هو اساءة بالغة للشيخ صباح نفسه فلا اظن انه يرغب في استلام ولاية العهد بهذه الطريقة او وسط هذه الاجواء. اقول هذا وانا اعلم ان الكويت مقبلة, في حال تم حسم الامور فعلا لصالح الشيخ صباح, على اكبر حملة نفاق وتزلف في تاريخ البلاد, وقد شهدنا في اليومين الماضيين بدايتها..والله يعينا.
لقد سبق لي ان كتبت في هذا الموقع مطالبا باسناد ولاية العهد للشيخ صباح حتى يرتاح هو ويتخلص من الهواجس وحتى ترتاح البلد معه من التوتر المزمن. وها انا اكرر الدعوة غير انني ارى انه من غير اللائق ابدا حسم الامور وسط هذه الاجواء. وسواء قبل الشيخ صباح استلام ولاية العهد بهذه الطريقة ام فضل التريث , فإن المسألة اعمق بكثير مما يجري.
ان الشيخ صباح ليس شابا يافعا, وبالتالي فان احتمال ان يتكرر معه ما يحدث للشيخ سعد حاليا بعد سنة او سنتين امر وارد جدا من الناحية النظرية على الاقل, فهل الحسم بالطريقة التي يسعون اليها هي التي سوف تتبع مع الشيخ صباح حين يعيقه المرض عن مزاولة مهامه؟ هل يريد معسكر الشيخ صباح ترسيخ اسلوب التعامل الحالي مع الشيخ سعد ليكون هو منهج تعامل اسرة الصباح مع شيوخنا في مرضهم؟
على اي حال اعيد القول انه ليس مهما من يخلف الشيخ سعد في ولاية العهد خاصة اذا كان الشيخ صباح فلن يتغير شيء , لكن المهم هو ماذا تجني البلد من وراء كل ما يثار حاليا... هل سيختفي الفساد... هل سيحصل المواطن الكويتي على مسكن... هل ستختفي البطالة... بالطبع لن يتغير شيء هذا ان لم تزداد الأمور سوءا.
ان مستقبل البلاد في رقبة الشيخ صباح فماذا سيفعل ؟ ان الناس لا يهمها من يخلف الشيخ سعد, لكن المهم هو من يخلف الشيخ صباح, ان فترة حكم الشيخ صباح لن تطول وهذه سنة الحياة لكن الكويت باقية... فهل يحسن الشيخ صباح اختيار من يخلفه... اذا كانت اختيارات الشيخ صباح لوزرائه هي المقياس فالله المستعان!!