grand canyon
05-04-2024, 10:33 PM
السبت 04 مايو 2024
https://www.alkhaleej.ae/sites/default/files/styles/author_sty/public/2020-10/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9.jpg?itok=cXbGLbOK
محمد خليفة - الخليج الإماراتية (https://elaph.com/newspapers/author/mohamed-khalifa.html)
تختلف الولايات المتحدة عن غيرها من الامبراطوريات الكبرى في التاريخ، فهي بلا ماض تمتد جذوره ضاربة في أعماق التاريخ، ذلك لأنها أمّة من المهاجرين الذين وفدوا، في البداية، من دول غرب أوروبا.
كانت القارة الجديدة ملجأ الأثرياء من الأوروبيين، وحلم الطامحين في الثراء، ومن ثم تم جلب الزنوج من إفريقيا للعمل في مزارع هؤلاء الأثرياء، ولا سيما في ولايات الجنوب، ومن ثم تم جلب الصينيين، وغيرهم من القوميات، لنفس الهدف، وقد أدى هذا الواقع، في البداية، إلى وقوع الحرب الأهلية الشهيرة عام 1861، والتي انتصرت فيها الولايات الشمالية التي كانت أكثر تطوراً من حيث الصناعة، وتم تثبيت الجمهورية وإنهاء الكونفدرالية الجنوبية، وقد كان الانتصار بعد تدمير عشرات المدن الأمريكية وقتل مئات الألوف من الأمريكيين.
لكن سرعان ما دبّ الخلاف في قلب الحزب الجمهوري الوحيد آنذاك، وخرج منه الحزب الديمقراطي، وهكذا أصبح هذان الحزبان يقودان الانتخابات ويتناوبان على السلطة.
وقد استمر توافد المهاجرين من دول أمريكا اللاتينية، ومن مختلف بقاع العالم الأخرى، حتى تحول البيض المؤسسون إلى أقلية، وقد انعكس ذلك على الحزبين اللذين أصبحت العناصر غير البيضاء تشكل معظم أعضائهما، وتقف الولايات المتحدة اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تماماً وهي مقبلة على انتخابات قد تكون الأسوأ في تاريخها.
ذلك أن البيض يريدون إيصال دونالد ترامب إلى السلطة من جديد، بوصفه المنقذ لهم من غلبة العناصر الأخرى، بينما يعمل الديمقراطيون على منع حدوث ذلك، ومع أن بايدن لم يعد يحظى بتأييد قواعد الحزب، لكنه يبقى بالنسبة للديمقراطيين الملاذ الأخير من خطر تحول الدولة إلى «ديكتاتورية»، وفي إجراء غير مسبوق ويناقض مبادئ الدولة الاتحادية، فقد قررت ولاية كولورادو التي يسيطر عليها الديمقراطيون منع ترشيح دونالد ترامب، وأعلنت ولايتا كاليفورنيا وماين أنهما قد تتخذان خطوة مماثلة،
وربما ينضم إلى هذه الولايات المزيد من الولايات الأخرى، الأمر الذي قد يدفع الجمهوريين إلى القيام بخطوات مماثلة في الولايات التي يسيطرون عليها، كما أنهم قد يعملون على عرقلة مختلف القرارات التي يصدرها بايدن المحلية والدولية من أجل إفشاله بشكل تام ومنع انتخابه مجدداً، ما قد يؤدي إلى تدهور وتراجع موقف الولايات المتحدة تجاه عدد من القضايا الدولية الملحّة مثل: السلام في الشرق الأوسط، ودعم أوكرانيا.
إن إصرار الديمقراطيين على ترشيح بايدن، وحرصهم بأي وسيلة، على منع وصول ترامب إلى الحكم قد يدفعهم إلى تزوير الانتخابات أو تعطيلها، ما قد يؤدي إلى وقوع فتنة قد تتحول إلى حرب أهلية جديدة، لأن الداعمين لترامب قد يحملون السلاح من أجل فرض رأيهم لأنهم يعلمون أن السلطة ستخرج من أيديهم بشكل نهائي بسبب فاعلية العناصر غير البيضاء في الولايات المتحدة، وهذا الواقع المخيف سوف يربك السياسة الأمريكية، ويربك الحلفاء في أوروبا والعالم، وقد تنفتح بوابات الجحيم على الأرض الأمريكية، والسلاح الذي كان مخزناً لقتال الأعداء في الخارج قد يتم استخدامه في حرب أهلية جديدة.
ربما، للحيلولة دون حدوث فوضى، قد تتخذ الدولة العميقة الممثلة بأجهزة الاستخبارات زمام المبادرة فتستولي على السلطة وتقيم «ديكتاتورية» لمنع حدوث الفوضى والاقتتال، وقد تعمل على ترحيل الأزمة الداخلية إلى الخارج من خلال إشعال حرب مع الصين التي كانت النخب الأمريكية، ولا تزال تنظر إليها بوصفها العدو الأول للولايات المتحدة في العالم.
وفي حال اندلاع مثل هذه الحرب فإن الأمور ستهدأ في الداخل الأمريكي، مما سيفسح المجال للنخب الجديدة الحاكمة في إعادة صياغة نظام انتخابي جديد وإقامة قواعد دستورية جديدة.
وربما كان ما سبق مجرد تحليل، لكن سياق الأحداث في الولايات المتحدة يدل على أن الأزمة بين الحزبين وصلت إلى مرحلة الذروة، فلا مجال للتوافق أبداً، وهذا سوف يعطل بشكل آلي الإجراءات الدستورية، وبالتالي لن يكون من خيار أمام الطرفين سوى اللجوء إلى الاقتتال الداخلي، بعد أن سقطت الديمقراطية في منحدر سحيق.
إن انهيار الاتحاد السوفييتي من قبل لأسباب داخلية، قد يقع مثله للولايات المتحدة في ظل الصراع بين الحزبين الكبيرين، خاصة وقد أصبح العالم اليوم أمام مرحلة تاريخية جديدة، فلا مجال بعد اليوم لاستمرار هيمنة الولايات المتحدة، بل إن خيار «بريكس» بعالم متعدد الأقطاب، سيكون هو عنوان الواقع العالمي المقبل، وسواء انهارت الولايات المتحدة وتحولت إلى دول متعددة، أم بقيت دولة واحدة، فإنها لن تعود إلى سابق عهدها، بل ستصبح دولة ضعيفة، وسوف تكون قطباً من بين أقطاب عالمية أخرى، وهذا سوف يجعل العالم يعيش في استقرار طويل الأمد، فكل قضايا العالم المتفجرة اليوم هي بسبب رغبة الولايات المتحدة في الهيمنة على كل العالم، وعندما تتوقف نزعة الهيمنة تلك لن يبقى هناك مجال للطمع، بل ستكون الدول المختلفة متعاونة لتحقيق مصالحها.
إن سنن التاريخ تمضي في الدول عظمت أم صغرت، فالدول قد تنهار بفعل عوامل خارجية كتسلط قوى أخرى عليها كما حدث في الحروب العالمية السابقة، وقد تنهار بفعل عوامل داخلية كما حدث في الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا من قبل، وقد تكون الولايات المتحدة في طريقها لهذا المصير.
https://www.alkhaleej.ae/sites/default/files/styles/author_sty/public/2020-10/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9.jpg?itok=cXbGLbOK
محمد خليفة - الخليج الإماراتية (https://elaph.com/newspapers/author/mohamed-khalifa.html)
تختلف الولايات المتحدة عن غيرها من الامبراطوريات الكبرى في التاريخ، فهي بلا ماض تمتد جذوره ضاربة في أعماق التاريخ، ذلك لأنها أمّة من المهاجرين الذين وفدوا، في البداية، من دول غرب أوروبا.
كانت القارة الجديدة ملجأ الأثرياء من الأوروبيين، وحلم الطامحين في الثراء، ومن ثم تم جلب الزنوج من إفريقيا للعمل في مزارع هؤلاء الأثرياء، ولا سيما في ولايات الجنوب، ومن ثم تم جلب الصينيين، وغيرهم من القوميات، لنفس الهدف، وقد أدى هذا الواقع، في البداية، إلى وقوع الحرب الأهلية الشهيرة عام 1861، والتي انتصرت فيها الولايات الشمالية التي كانت أكثر تطوراً من حيث الصناعة، وتم تثبيت الجمهورية وإنهاء الكونفدرالية الجنوبية، وقد كان الانتصار بعد تدمير عشرات المدن الأمريكية وقتل مئات الألوف من الأمريكيين.
لكن سرعان ما دبّ الخلاف في قلب الحزب الجمهوري الوحيد آنذاك، وخرج منه الحزب الديمقراطي، وهكذا أصبح هذان الحزبان يقودان الانتخابات ويتناوبان على السلطة.
وقد استمر توافد المهاجرين من دول أمريكا اللاتينية، ومن مختلف بقاع العالم الأخرى، حتى تحول البيض المؤسسون إلى أقلية، وقد انعكس ذلك على الحزبين اللذين أصبحت العناصر غير البيضاء تشكل معظم أعضائهما، وتقف الولايات المتحدة اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تماماً وهي مقبلة على انتخابات قد تكون الأسوأ في تاريخها.
ذلك أن البيض يريدون إيصال دونالد ترامب إلى السلطة من جديد، بوصفه المنقذ لهم من غلبة العناصر الأخرى، بينما يعمل الديمقراطيون على منع حدوث ذلك، ومع أن بايدن لم يعد يحظى بتأييد قواعد الحزب، لكنه يبقى بالنسبة للديمقراطيين الملاذ الأخير من خطر تحول الدولة إلى «ديكتاتورية»، وفي إجراء غير مسبوق ويناقض مبادئ الدولة الاتحادية، فقد قررت ولاية كولورادو التي يسيطر عليها الديمقراطيون منع ترشيح دونالد ترامب، وأعلنت ولايتا كاليفورنيا وماين أنهما قد تتخذان خطوة مماثلة،
وربما ينضم إلى هذه الولايات المزيد من الولايات الأخرى، الأمر الذي قد يدفع الجمهوريين إلى القيام بخطوات مماثلة في الولايات التي يسيطرون عليها، كما أنهم قد يعملون على عرقلة مختلف القرارات التي يصدرها بايدن المحلية والدولية من أجل إفشاله بشكل تام ومنع انتخابه مجدداً، ما قد يؤدي إلى تدهور وتراجع موقف الولايات المتحدة تجاه عدد من القضايا الدولية الملحّة مثل: السلام في الشرق الأوسط، ودعم أوكرانيا.
إن إصرار الديمقراطيين على ترشيح بايدن، وحرصهم بأي وسيلة، على منع وصول ترامب إلى الحكم قد يدفعهم إلى تزوير الانتخابات أو تعطيلها، ما قد يؤدي إلى وقوع فتنة قد تتحول إلى حرب أهلية جديدة، لأن الداعمين لترامب قد يحملون السلاح من أجل فرض رأيهم لأنهم يعلمون أن السلطة ستخرج من أيديهم بشكل نهائي بسبب فاعلية العناصر غير البيضاء في الولايات المتحدة، وهذا الواقع المخيف سوف يربك السياسة الأمريكية، ويربك الحلفاء في أوروبا والعالم، وقد تنفتح بوابات الجحيم على الأرض الأمريكية، والسلاح الذي كان مخزناً لقتال الأعداء في الخارج قد يتم استخدامه في حرب أهلية جديدة.
ربما، للحيلولة دون حدوث فوضى، قد تتخذ الدولة العميقة الممثلة بأجهزة الاستخبارات زمام المبادرة فتستولي على السلطة وتقيم «ديكتاتورية» لمنع حدوث الفوضى والاقتتال، وقد تعمل على ترحيل الأزمة الداخلية إلى الخارج من خلال إشعال حرب مع الصين التي كانت النخب الأمريكية، ولا تزال تنظر إليها بوصفها العدو الأول للولايات المتحدة في العالم.
وفي حال اندلاع مثل هذه الحرب فإن الأمور ستهدأ في الداخل الأمريكي، مما سيفسح المجال للنخب الجديدة الحاكمة في إعادة صياغة نظام انتخابي جديد وإقامة قواعد دستورية جديدة.
وربما كان ما سبق مجرد تحليل، لكن سياق الأحداث في الولايات المتحدة يدل على أن الأزمة بين الحزبين وصلت إلى مرحلة الذروة، فلا مجال للتوافق أبداً، وهذا سوف يعطل بشكل آلي الإجراءات الدستورية، وبالتالي لن يكون من خيار أمام الطرفين سوى اللجوء إلى الاقتتال الداخلي، بعد أن سقطت الديمقراطية في منحدر سحيق.
إن انهيار الاتحاد السوفييتي من قبل لأسباب داخلية، قد يقع مثله للولايات المتحدة في ظل الصراع بين الحزبين الكبيرين، خاصة وقد أصبح العالم اليوم أمام مرحلة تاريخية جديدة، فلا مجال بعد اليوم لاستمرار هيمنة الولايات المتحدة، بل إن خيار «بريكس» بعالم متعدد الأقطاب، سيكون هو عنوان الواقع العالمي المقبل، وسواء انهارت الولايات المتحدة وتحولت إلى دول متعددة، أم بقيت دولة واحدة، فإنها لن تعود إلى سابق عهدها، بل ستصبح دولة ضعيفة، وسوف تكون قطباً من بين أقطاب عالمية أخرى، وهذا سوف يجعل العالم يعيش في استقرار طويل الأمد، فكل قضايا العالم المتفجرة اليوم هي بسبب رغبة الولايات المتحدة في الهيمنة على كل العالم، وعندما تتوقف نزعة الهيمنة تلك لن يبقى هناك مجال للطمع، بل ستكون الدول المختلفة متعاونة لتحقيق مصالحها.
إن سنن التاريخ تمضي في الدول عظمت أم صغرت، فالدول قد تنهار بفعل عوامل خارجية كتسلط قوى أخرى عليها كما حدث في الحروب العالمية السابقة، وقد تنهار بفعل عوامل داخلية كما حدث في الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا من قبل، وقد تكون الولايات المتحدة في طريقها لهذا المصير.