فاتن
10-11-2005, 07:42 AM
العلماء يحاولون سبر الشخصية من النوع «دي» لفهم علاقة الجوانب النفسية لها بالأمراض
هل تضايقك الأمور التافهة، هل ترى دوماً الجزء الفارغ من الكأس، هل تواجه صعوبات في بناء الصداقات، هل يصعب عليك الاحتفاظ بمشاعر عالية من التفاؤل بداخلك؟ اجتماع هذه الأمور فيك قد يكون شيئاً قاسياً على قلبك، هذا ما يحاول العلماء من هولندا وألمانيا تسويقه اليوم! فلأكثر من عقد من الزمان والباحثون في هولندا يحاولون الربط بين عناصر ما يسمى بالشخصية من نوع «دي» وتأثيراتها المختلفة في نشوء أمراض القلب. ونتائج أبحاثهم حين تجميعها تؤكد أن النوع «دي» من الشخصيات المهددة بشكل كبير لمن يتميزون بها، للإصابة بأمراض شرايين القلب، في وقت أصبحت لدينا قناعة أن كل الهالة التي أحاطت في وقت ما بالشخصية من نوع «إيه» انتهت كفكرة قديمة اليوم لا أساس لعلاقتها بأمراض القلب.
حرف «دي» مأخوذ من كلمة باللغة الإنجليزية تجمع ما بين القلق والحزن والألمdistressed كما يقول أخصائي الطب النفسي جون دينوليت من جامعة تلبيرغ في هولندا، وهو الذي أشرف على البحث في هذا المضمار، فالأشخاص الموصفون بنوع «دي» تتميز شخصيتهم بالقلق والتوتر وعدم الشعور بالأمان. تراهم يرتقبون ظهور المشاكل والمتاعب بدل توقع الأمور المبهجة والسعيدة. كما أن لديهم شغفا بالحصول على محبة ورضا الناس الآخرين وهو ما يسعى إليه كل الناس. لكن هؤلاء الناس يذهبون بعيداً في جهدهم كي لا يقولوا لا، أو لا يقومون بتنفيذ ما يرضي الآخرين مما هم لا يودون القيام به أو تقديمه بالأصل، لذا تراهم يشعرون بالضغط والإحباط من تصرف الناس من حولهم و يتذمرون من ذلك.
أبحاث ودراسات
* الدكتور دينوليت وزملاؤه الباحثون نظروا الى مكونات هذه الشخصية وتأثيراتها على القلب من جوانب شتى، وجاء تقريرهم الأول الذي صدر عام 1996بناء على دراسة شملت 286 شخصا من الرجال والنساء ممن كانوا مشمولين في أحد برامج إعادة التأهيل لمرضى القلب الذي يستمر ثلاثة أشهر. كل منهم ملأ البيانات التي اشتمل عليها استبيان قدم لهم حول الأمر في بداية البرنامج، وثلثهم كان ممن توصف شخصيته بنوع «دي».
بعد ثماني سنوات، قام الباحثون بالعودة الى متابعتهم لمعرفة ما الذي جرى لهم، مثل إحصاء من توفي منهم وما الى ذلك، ووجدوا أن أكثر من 27% منهم توفي بالفعل، هذا بالمقارنة مع غيرهم ممن لا يتحلون بهذا النوع من الشخصية والذين بلغت نسبة الوفيات بينهم 7% فقط. ليس هذا فحسب بل أن غالب وفيات مجموعة شخصية «دي» كانت بسبب أمراض شرايين القلب وجلطات الدماغ. الأمر الذي كان واضحاً للاستنتاج هو أن:
ـ هناك ارتباط بين الوفاة المبكرة وبين الاتصاف بالشخصية من نوع «دي».
ـ زيادة عرضة الإصابة بمضاعفات أمراض شرايين القلب بعد التعرض لجلطة قلبية.
ـ ضعف الاستجابة للعلاجات المتوفرة لأمراض القلب.
ـ زيادة عرضة الإصابة بالموت المفاجئ.
و في تقرير آخر، قام فريق من الباحثين الألمان بمتابعة ما يربو على 900 رجل وامرأة ممن تمت لهم عملية توسعة شريان تاجي ووضع دعامة مغلفة بالدواء، وهو النوع الجديد من دعامات توسعة الشرايين التي تضمن بقاء الشريان مفتوحاً بشكل جيد. وبعد تسعة أشهر فقط وجدوا أن حوالي 6% ممن يتميزون بالشخصية «دي» قد حصلت لديهم جلطة أخرى في القلب أو توفوا نتيجة ذلك مقارنة بنسبة 1.3% لدى من هم ليسوا بهذا النوع من الشخصيات.
نظرية أم واقع؟
* السؤال الذي يطرح نفسه في زحمة أبحاث هذا النوع من الشخصيات: ما هو الرابط و ما هي حقيقة العلاقة بينهما؟ لا أحد يعلم على وجه التحديد، فالناس من نوع «دي» تتميز أجسامهم بنشاط مفرط لجهاز المناعة وبنسبة عالية في حصول عمليات الالتهابات في أنحاء شتى منه مما يؤثر دون أدنى شك في صحة وسلامة شرايينهم سواء تلك التي في القلب أو أماكن أخرى من الجسم، هذا بالإضافة الى أنهم يعانون من ارتفاع ملحوظ في ضغط الدم وأيضاً في النبض والمؤشرات الأخرى التفاعلية في الجسم حال التعرض للتوتر.
التعليل الآخر هو ما يطرحه باحثون آخرون مفاده أن هؤلاء الأشخاص بهذا النوع من الشخصيات عرضة إما للاكتئاب أو القلق أو ضعف الروابط الاجتماعية الصادقة، مما ثبت أن كلها عوامل خطيرة للإصابة بأمراض الشرايين.
الرابط بين نوع الشخصية وعرضة الإصابة بمرض ما لم تأخذ مساراً صحيحاً في أبحاث الطب كما لم ينتج عنها معلومات واضحة حتى اليوم، فحينما طرحت قديماً وفي خمسينات القرن الماضي فكرة شخصية «إيه» وأن اصحابها عرضة للإصابة بأمراض الشرايين فإن الأبحاث التالية في العقود الماضية أثبتت ضعف هذه النظرية مما جعلها تتهاوى ولم يعد يلتفت اليها أحد اليوم. لكن مجرد البحث لم يكن عبثاً بل فتح مجالاً لفهم أوسع لعلاقة الجوانب النفسية بأمراض القلب ومنه بدء الحديث عن دور الغضب والعدوانية وكره الناس والانعزال عن المجتمع إضافة الى الاكتئاب كعوامل تحمل مخاطر حقيقية على القلب بعكس التوتر النفسي وضغط العمل أو غيرها مما لم يثبت له علاقة بأمراض شرايين القلب.
لكن بالنسبة لنوع «دي» فإن المتأمل في جملة الأبحاث يرى أن هناك مزيداً من البحث يجب القيام به، فكونهم عرضة للوفاة بعد الإصابة بأمراض شرايين القلب وخاصة بعد الجلطة القلبية هو أمر يحتاج فحصا، فالاكتئاب بذاته ثبت من دراسات عدة أنه عامل مستقل في زيادة نسبة الوفيات بعد جلطة القلب، ولو لم يكن الاكتئاب أحد عناصر شخصية «دي» لكان للأمر حديث آخر لكنه جزء منها بحسب تعريف واضعي مسمى هذه الشخصية.
التعميم في الطب لا يجد له رواجا في العادة، وهو ما يميز تعريفات الشخصيات النفسية، إذْ أنها تجمع جملة من الصفات التي قد يكون بينها رابط أو لا يكون، ومن هنا تنشأ متاهات البحث.
هل تضايقك الأمور التافهة، هل ترى دوماً الجزء الفارغ من الكأس، هل تواجه صعوبات في بناء الصداقات، هل يصعب عليك الاحتفاظ بمشاعر عالية من التفاؤل بداخلك؟ اجتماع هذه الأمور فيك قد يكون شيئاً قاسياً على قلبك، هذا ما يحاول العلماء من هولندا وألمانيا تسويقه اليوم! فلأكثر من عقد من الزمان والباحثون في هولندا يحاولون الربط بين عناصر ما يسمى بالشخصية من نوع «دي» وتأثيراتها المختلفة في نشوء أمراض القلب. ونتائج أبحاثهم حين تجميعها تؤكد أن النوع «دي» من الشخصيات المهددة بشكل كبير لمن يتميزون بها، للإصابة بأمراض شرايين القلب، في وقت أصبحت لدينا قناعة أن كل الهالة التي أحاطت في وقت ما بالشخصية من نوع «إيه» انتهت كفكرة قديمة اليوم لا أساس لعلاقتها بأمراض القلب.
حرف «دي» مأخوذ من كلمة باللغة الإنجليزية تجمع ما بين القلق والحزن والألمdistressed كما يقول أخصائي الطب النفسي جون دينوليت من جامعة تلبيرغ في هولندا، وهو الذي أشرف على البحث في هذا المضمار، فالأشخاص الموصفون بنوع «دي» تتميز شخصيتهم بالقلق والتوتر وعدم الشعور بالأمان. تراهم يرتقبون ظهور المشاكل والمتاعب بدل توقع الأمور المبهجة والسعيدة. كما أن لديهم شغفا بالحصول على محبة ورضا الناس الآخرين وهو ما يسعى إليه كل الناس. لكن هؤلاء الناس يذهبون بعيداً في جهدهم كي لا يقولوا لا، أو لا يقومون بتنفيذ ما يرضي الآخرين مما هم لا يودون القيام به أو تقديمه بالأصل، لذا تراهم يشعرون بالضغط والإحباط من تصرف الناس من حولهم و يتذمرون من ذلك.
أبحاث ودراسات
* الدكتور دينوليت وزملاؤه الباحثون نظروا الى مكونات هذه الشخصية وتأثيراتها على القلب من جوانب شتى، وجاء تقريرهم الأول الذي صدر عام 1996بناء على دراسة شملت 286 شخصا من الرجال والنساء ممن كانوا مشمولين في أحد برامج إعادة التأهيل لمرضى القلب الذي يستمر ثلاثة أشهر. كل منهم ملأ البيانات التي اشتمل عليها استبيان قدم لهم حول الأمر في بداية البرنامج، وثلثهم كان ممن توصف شخصيته بنوع «دي».
بعد ثماني سنوات، قام الباحثون بالعودة الى متابعتهم لمعرفة ما الذي جرى لهم، مثل إحصاء من توفي منهم وما الى ذلك، ووجدوا أن أكثر من 27% منهم توفي بالفعل، هذا بالمقارنة مع غيرهم ممن لا يتحلون بهذا النوع من الشخصية والذين بلغت نسبة الوفيات بينهم 7% فقط. ليس هذا فحسب بل أن غالب وفيات مجموعة شخصية «دي» كانت بسبب أمراض شرايين القلب وجلطات الدماغ. الأمر الذي كان واضحاً للاستنتاج هو أن:
ـ هناك ارتباط بين الوفاة المبكرة وبين الاتصاف بالشخصية من نوع «دي».
ـ زيادة عرضة الإصابة بمضاعفات أمراض شرايين القلب بعد التعرض لجلطة قلبية.
ـ ضعف الاستجابة للعلاجات المتوفرة لأمراض القلب.
ـ زيادة عرضة الإصابة بالموت المفاجئ.
و في تقرير آخر، قام فريق من الباحثين الألمان بمتابعة ما يربو على 900 رجل وامرأة ممن تمت لهم عملية توسعة شريان تاجي ووضع دعامة مغلفة بالدواء، وهو النوع الجديد من دعامات توسعة الشرايين التي تضمن بقاء الشريان مفتوحاً بشكل جيد. وبعد تسعة أشهر فقط وجدوا أن حوالي 6% ممن يتميزون بالشخصية «دي» قد حصلت لديهم جلطة أخرى في القلب أو توفوا نتيجة ذلك مقارنة بنسبة 1.3% لدى من هم ليسوا بهذا النوع من الشخصيات.
نظرية أم واقع؟
* السؤال الذي يطرح نفسه في زحمة أبحاث هذا النوع من الشخصيات: ما هو الرابط و ما هي حقيقة العلاقة بينهما؟ لا أحد يعلم على وجه التحديد، فالناس من نوع «دي» تتميز أجسامهم بنشاط مفرط لجهاز المناعة وبنسبة عالية في حصول عمليات الالتهابات في أنحاء شتى منه مما يؤثر دون أدنى شك في صحة وسلامة شرايينهم سواء تلك التي في القلب أو أماكن أخرى من الجسم، هذا بالإضافة الى أنهم يعانون من ارتفاع ملحوظ في ضغط الدم وأيضاً في النبض والمؤشرات الأخرى التفاعلية في الجسم حال التعرض للتوتر.
التعليل الآخر هو ما يطرحه باحثون آخرون مفاده أن هؤلاء الأشخاص بهذا النوع من الشخصيات عرضة إما للاكتئاب أو القلق أو ضعف الروابط الاجتماعية الصادقة، مما ثبت أن كلها عوامل خطيرة للإصابة بأمراض الشرايين.
الرابط بين نوع الشخصية وعرضة الإصابة بمرض ما لم تأخذ مساراً صحيحاً في أبحاث الطب كما لم ينتج عنها معلومات واضحة حتى اليوم، فحينما طرحت قديماً وفي خمسينات القرن الماضي فكرة شخصية «إيه» وأن اصحابها عرضة للإصابة بأمراض الشرايين فإن الأبحاث التالية في العقود الماضية أثبتت ضعف هذه النظرية مما جعلها تتهاوى ولم يعد يلتفت اليها أحد اليوم. لكن مجرد البحث لم يكن عبثاً بل فتح مجالاً لفهم أوسع لعلاقة الجوانب النفسية بأمراض القلب ومنه بدء الحديث عن دور الغضب والعدوانية وكره الناس والانعزال عن المجتمع إضافة الى الاكتئاب كعوامل تحمل مخاطر حقيقية على القلب بعكس التوتر النفسي وضغط العمل أو غيرها مما لم يثبت له علاقة بأمراض شرايين القلب.
لكن بالنسبة لنوع «دي» فإن المتأمل في جملة الأبحاث يرى أن هناك مزيداً من البحث يجب القيام به، فكونهم عرضة للوفاة بعد الإصابة بأمراض شرايين القلب وخاصة بعد الجلطة القلبية هو أمر يحتاج فحصا، فالاكتئاب بذاته ثبت من دراسات عدة أنه عامل مستقل في زيادة نسبة الوفيات بعد جلطة القلب، ولو لم يكن الاكتئاب أحد عناصر شخصية «دي» لكان للأمر حديث آخر لكنه جزء منها بحسب تعريف واضعي مسمى هذه الشخصية.
التعميم في الطب لا يجد له رواجا في العادة، وهو ما يميز تعريفات الشخصيات النفسية، إذْ أنها تجمع جملة من الصفات التي قد يكون بينها رابط أو لا يكون، ومن هنا تنشأ متاهات البحث.