yasmeen
10-07-2005, 09:13 AM
أنيس منصور
لا تؤاخذني فأنا ضقت جدا بمثل هذه العبارة: ذلك الزمان الجميل. أي زمان الجميل السابق أو الأسبق أو زماننا. والله لم يكن جميلا في أي شيء!
ذهبت أتذكر الأيام الخالية من كل شيء جميل. ذهبت أرى «الكتاب» بتشديد التاء ـ الذي حفظت فيه القرآن الكريم سنتين ونصفا، وقد رأيته قبل ذلك، وهالني ما رأيت، ولأنه هالني، لم أره بوضوح، عدت إليه فوجدته أصغر مما كنت أتصور، وأضيق وأظلم فتساندت على الطين. ووجدت من يساعدني على الهبوط تحت الأرض، نصف هذا الكتاب تحت الأرض، وسألت إن كانت الأرض قد انخفضت عن أيامنا، فضحكوا وقالوا: بل ارتفعت!
لا تسألني كيف كنا. وكيف كنا نهبط الدرج وكيف ندلف حانيي الرأس إلى الغرفة الوحيدة الأكثر إظلاما، فالضوء والظلمة لا يهمان، فقد كان سيدنا أعمى: لا هواء ولا ماء ولا مقاعد، ولا أعرف كيف كنا نجيء كل يوم وكيف نخرج أو على الأصح كيف نبعث إلى الحياة كل يوم ـ بلا شكوى من أي شيء. وإذا شكونا فشكوانا مرتدة علينا. كيف نشكو عمن علمنا حرفا، فما بالنا بالذي علمنا حفظ القرآن الكريم؟!
وكأنني لم اكتف بهذه الزيارة الموجعة، ذهبت إلى حيث كانت تعيش سيدة الغناء العربي أم كلثوم، فهي من قرية مجاورة اسمها «طماي الزهايرة» والزهايرة والباز أجدادي وأم كلثوم اسمها أم كلثوم إبراهيم البلتاجي وكلنا أقارب. سألت: يا أهل البلد أمال الست كانت تعيش فين؟
أشاروا وكأنهم ما أشاروا، فلم أجد إلا اطلالا دارسة ـ كما يقول العرب ـ أين يا سادة كانت الست؟ قالوا: كانت هنا، فهنا كان لها بيت والبيت ذهب وتلاشى ترابا، وأقيم هذا البيت فوق ما كان بيتا لها، والشوارع مؤلمة، والدنيا مظلمة ومن هذه الظلمات خرج لنا وعلينا هذا الصوت الذي لا مثيل له عندنا أو عند غيرنا.
أعوذ بالله ويقولون: الزمن الجميل، أين هو الجمال في زماننا، بل الجمال في هذا الزمان، لقد مضى أكثر عمرنا لم نر السينما، ولا كنا نجد الكتب ولا كنا ننقل قدما عن قدم إلى أي بلد آخر، أما اليوم فالدنيا عند أطراف الأصابع، ومن مقاعدنا نرى الكواكب والنجوم ورحلات الفضاء، كل شيء هنا والآن: الطعام والدواء والأمان والمتعة: كتب وأفلام ورحلات، الله على هذا الزمان، وأعوذ بالله من ذلك الزمان: زماننا!
لا تؤاخذني فأنا ضقت جدا بمثل هذه العبارة: ذلك الزمان الجميل. أي زمان الجميل السابق أو الأسبق أو زماننا. والله لم يكن جميلا في أي شيء!
ذهبت أتذكر الأيام الخالية من كل شيء جميل. ذهبت أرى «الكتاب» بتشديد التاء ـ الذي حفظت فيه القرآن الكريم سنتين ونصفا، وقد رأيته قبل ذلك، وهالني ما رأيت، ولأنه هالني، لم أره بوضوح، عدت إليه فوجدته أصغر مما كنت أتصور، وأضيق وأظلم فتساندت على الطين. ووجدت من يساعدني على الهبوط تحت الأرض، نصف هذا الكتاب تحت الأرض، وسألت إن كانت الأرض قد انخفضت عن أيامنا، فضحكوا وقالوا: بل ارتفعت!
لا تسألني كيف كنا. وكيف كنا نهبط الدرج وكيف ندلف حانيي الرأس إلى الغرفة الوحيدة الأكثر إظلاما، فالضوء والظلمة لا يهمان، فقد كان سيدنا أعمى: لا هواء ولا ماء ولا مقاعد، ولا أعرف كيف كنا نجيء كل يوم وكيف نخرج أو على الأصح كيف نبعث إلى الحياة كل يوم ـ بلا شكوى من أي شيء. وإذا شكونا فشكوانا مرتدة علينا. كيف نشكو عمن علمنا حرفا، فما بالنا بالذي علمنا حفظ القرآن الكريم؟!
وكأنني لم اكتف بهذه الزيارة الموجعة، ذهبت إلى حيث كانت تعيش سيدة الغناء العربي أم كلثوم، فهي من قرية مجاورة اسمها «طماي الزهايرة» والزهايرة والباز أجدادي وأم كلثوم اسمها أم كلثوم إبراهيم البلتاجي وكلنا أقارب. سألت: يا أهل البلد أمال الست كانت تعيش فين؟
أشاروا وكأنهم ما أشاروا، فلم أجد إلا اطلالا دارسة ـ كما يقول العرب ـ أين يا سادة كانت الست؟ قالوا: كانت هنا، فهنا كان لها بيت والبيت ذهب وتلاشى ترابا، وأقيم هذا البيت فوق ما كان بيتا لها، والشوارع مؤلمة، والدنيا مظلمة ومن هذه الظلمات خرج لنا وعلينا هذا الصوت الذي لا مثيل له عندنا أو عند غيرنا.
أعوذ بالله ويقولون: الزمن الجميل، أين هو الجمال في زماننا، بل الجمال في هذا الزمان، لقد مضى أكثر عمرنا لم نر السينما، ولا كنا نجد الكتب ولا كنا ننقل قدما عن قدم إلى أي بلد آخر، أما اليوم فالدنيا عند أطراف الأصابع، ومن مقاعدنا نرى الكواكب والنجوم ورحلات الفضاء، كل شيء هنا والآن: الطعام والدواء والأمان والمتعة: كتب وأفلام ورحلات، الله على هذا الزمان، وأعوذ بالله من ذلك الزمان: زماننا!