سمير
10-07-2005, 09:05 AM
http://www.asharqalawsat.com/2005/10/07/images/hassad.327019.jpg
البعض قارن بين حركتها وحركة الجنود العائدين من فيتنام.. غير ان سيندي شيهان قالت لـ«الشرق الأوسط» .. أنا أم عادية
واشنطن: محمد علي صالح
«انا ام عادية، فقدت ابني في الحرب بدون سبب، وفي دولة لم تعادنا»، هكذا وصفت سيندي شيهان نفسها لـ «الشرق الأوسط» بعدما قادت قبل ثلاثة اسابيع مظاهرة ضد الحرب في العراق شارك فيها نحو ربع مليون شخص (قال مدير شرطة واشنطن انهم كانوا اكثر من مائة الف شخص، وقال منظمو المظاهرة انهم كانوا اكثر من ثلاثمائة الف شخص)، لتكون بذلك اكبر مظاهرة تشهدها اميركا منذ مظاهرة داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج في الستينات.
وباتت شيهان منذ بدأت حملتها ضد الحرب بعد مقتل ابنها كاسي في 4 ابريل (نيسان) 2004، بعد 5 ايام فقط من ذهابه الى العراق ولم يكن قد بلغ السادسة والعشرين بعد، رمزا مثيرا للجدل في بلادها، فقد وصفها شارلز كراوتهامر، كاتب العمود في صحيفة «واشنطن بوست» بأنها نجحت في تسيير مظاهرات ضد الحرب لأنها «عرفت كيف تستغل الاعلام»، فيما وصفتها مورين داود، كاتبة العمود في صحيفة «نيويورك تايمز»، بأنها «مثال اخلاقي يحتذى به في معارضة الحرب، وفعلت ما لم يقدر كثير من الناس على ان يفعلوه.
الناس الذين يعارضون هذه الحرب، لكنهم يخافون بطش الذين لا يزالون يؤيدون هذه الحرب». ففي الولايات المتحدة الاميركية تعد معارضة الحرب نوعا من «اللاوطنية»، الامر الذي يجلب معاداة بعض الاقارب والجيران والاصدقاء وهو ما حدث مع شيهان نفسها.
غير ان الامر أخطر في هذا بالنسبة للبيت الابيض، فحركة شيهان تكبر وانضمام المئات من الامهات والاباء الذين قتل ابناؤهم في الحرب يتزايد كل يوم، حتى بات البعض يقارن بين حركتها، وحركة الجنود الاميركيين العائدين من فيتنام والذين كانوا «بداية نهاية الوجود الاميركي في فيتنام». وخلال شهر كامل من شهور الصيف التي تقل فيها الاخبار، ولا يعرف الصحافيون عن ماذا يكتبون، عسكرت شيهان امام مزرعة الرئيس جورج بوش في تكساس، وانهمر عليها الصحافيون»، وباتت محط الانظار والاتهامات في العاصمة واشنطن.
وتقول شيهان التى تصوت عادة للحزب الديمقراطي، وصوتت في الانتخابات الاخيرة لصالح جون كيرى، كما كان ابنها كاسي يصوت عادة للديمقراطيين قبل ان يقتل في العراق انها صممت على معارضة الحرب والخروج في مظاهرات متواصلة بالرغم من اعتقالها ومضايقتها مرة بعد الاخرى «حتى يعود جنودنا الى امهاتهم وزوجاتهم واهلهم واصدقائهم، ولا تتثكل ام، ولا تترمل زوجة، هنا، وفي العراق، وفي اي مكان آخر في العالم بسبب العنف».
ولم تقل شيهان انها «مثال اخلاقي»، ولم تقل انها «استغلت الاعلام». لكنها قالت ان المظاهرة التي قادتها في واشنطن برهنت على ان كثيرا من الناس «يمكن ان يكونوا مثلها»، اي رافضين للحرب، ولديهم الشجاعة لقول هذا علانية.
غير ان شيهان سارعت ورفضت الحديث عن مقارنتها بمارتن لوثر كينغ، وكررت انها «ام عادية». لكن هذه السيدة النحيلة لم يكن لها علاقة بالسياسة قبل مقتل ابنها، ولم تكن ناشطة سياسة معارضة، فهي ولدت في ولاية كاليفورنيا قبل 48 سنة، وعاشت معظم حياتها هناك، وكانت ربة بيت لزوجها فيليب شيهان، وانجبا طفلين (كاسي الذي قتل في العراق، وابنة القت قصيدة ضد حرب العراق في مظاهرة واشنطن، لكن زوجها انفصل عنها وعارضها وجمع عائلته، وظهروا في برامج تلفزيونية وانتقدوها).
وتقول شيهان لـ «الشرق الأوسط» ان كاسي ابنها انضم الى القوات الاميركية قبل خمس سنوات، وكان عمره واحدا وعشرين سنة، وقالت انها تمنت لو لم يصبح جنديا، لكنه لم يشاورها. وعارض كاسي غزو العراق، ولم يرد ان يذهب الي هناك، لكنه كان عسكريا، وكان يعرف انه لا بد من اطاعة الاوامر. أطاع الاوامر وقتل في مدينة الصدر، بعد اكثر من سنة من غزو العراق، خلال كمين ضد الفرقة الاميركية التي كان فيها. قتل بعد خمسة ايام فقط من ذهابه الى العراق. وقتل معه سبعة آخرون، وسمي اليوم «الاحد الاسود» لأنه كان يوم احد، ولأن عدد القتلى الاميركيين كان كبيرا.
وعن تفاصيل الحادث، تقول شيهان ان الكمين وقع صباح الاحد، وسمعت اخباره في التلفزيون في كاليفورنيا. وشاهدت في التلفزيون صور الكمين، وشاهدت سيارة «همفي» تحترق. وقلقت اكثر على كاسي بعد ان شاهدت الصور. وفي مساء نفس اليوم كانت خارج المنزل، وعندما عادت، كانت الساعة التاسعة، وعندما دخلت المنزل، وجدت ثلاثة ضباط عسكريين في غرفة الضيوف. وفهمت في الحال، لأنها كانت تعرف ان «البنتاغون» يرسل، عادة، عسكريين لابلاغ اهل القتلى. وسقطت على الارض تصرخ، وهي لا تصدق.
بعد ذلك بأيام قليلة، كانت مجرد ام ثكلى حزينة، وانتظرت عشرة ايام حتى جاءت الجثة، واكملوا مراسيم التشييع. وقد غطت ذلك قنوات التلفزيون والصحف المحلية، وكما يحدث عادة، وسألوا ام القتيل عدة اسئلة عن مشاعرها وصوروها، لكنها بدت غاضبة اكثر من امهات غيرها. كثير من الامهات قلن ان ابناءهن «ضحوا في سبيل الحرية»، وبعضهن يقلن «هذا قدره»، وأخريات يتساءلن «متى ستنتهي هذه الحرب؟» لكن شيهان اعلنتها حربا ضد بوش، وحملته مسؤولية قتل ابنها، وتحولت من أم ثكلى الى ناشطة ضد الحرب مكروهة من العديد من جيرانها وأصدقائها، وأثار هذا اهتمام قنوات التلفزيون والصحف الكبرى، وبدأت تتصل بها.
وزاد هجوم شيهان حدة بعد حفل تنصيب بوش رئيسا للمرة الثانية، وقالت «يجب الا نصرف كل هذه الملايين من الدولارات في الاحتفالات بينما نحن في حالة حرب».
وقالت ان «الذين يحتفلون يجب ان يتذكروا الذين قتلوا في العراق، مثل ابني». وزادت مثل هذه التصريحات اهتمام الصحافيين. وزاد الاهتمام عندما بدأت تعارض مبدأ الحرب، وتقول انها كانت ضد الحرب منذ البداية، وتنتقد حزبها، الحزب الديمقراطي، لأن قادته «لم تكن عندهم شجاعة كافية لمعارضة الرئيس بوش خوفا من ان يتهمهم بالخيانة». لكن من اين اكتسبت شيهان القوة والفصاحة التى تتكلم بها، الاجابة هى انها بدأت تتكلم «من الحزن على فقد ابنها». وتقول انها حتى لم تشترك في المظاهرات ضد حرب فيتنام كما قالوا (كانت تلميذة في المدرسة الابتدائية خلال حرب فيتنام). قالت «لم اكن اعرف في ذلك الوقت حتى اين تقع فيتنام».
اتهمها معارضوها بخيانة الوطن، وردت عليهم بأن «قمة الوطنية هي ان تقول لوطنك انه اخطأ اذا اخطأ. والخيانة الحقيقية هي ان تخون وطنك بالسكوت على اخطائه».
وقادت، في السنة الماضية، مجموعة من امهات جنود قتلوا في العراق لمقابلة بوش، وقابلته عندما زار القاعدة العسكرية في فورت لويس بولاية واشنطن. لكن بوش خيب املها «لأنه غير سبب غزو العراق. كان يقول ان السبب هو اسلحة الدمار الشامل، وأصبح يقول الآن ان السبب هو تأسيس الديمقراطية في العراق». ثم زادت هجومها، عندما قالت ان بوش «ابعد ما يكون عن الانسانية» وتابعت ان «فمه كان يتحدث لكن عينيه كانتا حائرتين». وقد أسست شيهان، في بداية هذا العام جمعية «عائلات من اجل السلام» لتوثيق العلاقات بين العائلات التي فقدت ابناءها وبناتها في العراق، ولتنظيم خطوات معارضة للحرب.
ولماذا ذهبت الى مزرعة الرئيس بوش في كروفورد (ولاية تكساس) حيث عسكرت شهرا كاملا تطلب مقابلته؟ قالت لـ «الشرق الأوسط» «مثل هذه الاشياء لا تخطط مسبقا، او تناقش في مؤتمر، او تكتب عنها لجنة تقريرا. مثل هذه الاشياء تتطور مع تطور الاحداث. لم انو ان اذهب الى مزرعة بوش، وكنت انوي السفر الى لندن للاشتراك في مظاهرة هناك. لكني لم اسافر، وبقيت في المنزل. وشاهدت، يوما في التلفزيون، ان بوش ذهب الى مزرعته. وفجأة سالت نفسي: لماذا لا اذهب الى هناك واطلب مقابلته؟. في اول ليلة هناك، كنا ستا فقط، ولم نكن نعرف كم ليلة سنقضي، ولم نكن نعرف ان آلاف الناس سينضمون الينا». انتقد بعض الصحافيين والمراقبين بوش لأنه لم يقابل شيهان. لكن يبدو ان بوش احس ان شيهان لن تسكت، قابلها او لم يقابلها.
هل كانت شيهان ستحتج بنفس القوة اذا قتل ابنها في افغانستان؟ تقول «نعم. لا فرق بين تدخلنا في افغانستان وتدخلنا في العراق. نحن قلنا اننا نحارب الارهاب او الارهابيين. لكن هناك مشكلتين. اولا، الارهابيون لا يعيشون في دولة واحدة. ثانيا، الارهاب عقيدة، او جزء من عقيدة، ولا اعرف كيف سنهزمها بحرب؟».
البعض قارن بين حركتها وحركة الجنود العائدين من فيتنام.. غير ان سيندي شيهان قالت لـ«الشرق الأوسط» .. أنا أم عادية
واشنطن: محمد علي صالح
«انا ام عادية، فقدت ابني في الحرب بدون سبب، وفي دولة لم تعادنا»، هكذا وصفت سيندي شيهان نفسها لـ «الشرق الأوسط» بعدما قادت قبل ثلاثة اسابيع مظاهرة ضد الحرب في العراق شارك فيها نحو ربع مليون شخص (قال مدير شرطة واشنطن انهم كانوا اكثر من مائة الف شخص، وقال منظمو المظاهرة انهم كانوا اكثر من ثلاثمائة الف شخص)، لتكون بذلك اكبر مظاهرة تشهدها اميركا منذ مظاهرة داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج في الستينات.
وباتت شيهان منذ بدأت حملتها ضد الحرب بعد مقتل ابنها كاسي في 4 ابريل (نيسان) 2004، بعد 5 ايام فقط من ذهابه الى العراق ولم يكن قد بلغ السادسة والعشرين بعد، رمزا مثيرا للجدل في بلادها، فقد وصفها شارلز كراوتهامر، كاتب العمود في صحيفة «واشنطن بوست» بأنها نجحت في تسيير مظاهرات ضد الحرب لأنها «عرفت كيف تستغل الاعلام»، فيما وصفتها مورين داود، كاتبة العمود في صحيفة «نيويورك تايمز»، بأنها «مثال اخلاقي يحتذى به في معارضة الحرب، وفعلت ما لم يقدر كثير من الناس على ان يفعلوه.
الناس الذين يعارضون هذه الحرب، لكنهم يخافون بطش الذين لا يزالون يؤيدون هذه الحرب». ففي الولايات المتحدة الاميركية تعد معارضة الحرب نوعا من «اللاوطنية»، الامر الذي يجلب معاداة بعض الاقارب والجيران والاصدقاء وهو ما حدث مع شيهان نفسها.
غير ان الامر أخطر في هذا بالنسبة للبيت الابيض، فحركة شيهان تكبر وانضمام المئات من الامهات والاباء الذين قتل ابناؤهم في الحرب يتزايد كل يوم، حتى بات البعض يقارن بين حركتها، وحركة الجنود الاميركيين العائدين من فيتنام والذين كانوا «بداية نهاية الوجود الاميركي في فيتنام». وخلال شهر كامل من شهور الصيف التي تقل فيها الاخبار، ولا يعرف الصحافيون عن ماذا يكتبون، عسكرت شيهان امام مزرعة الرئيس جورج بوش في تكساس، وانهمر عليها الصحافيون»، وباتت محط الانظار والاتهامات في العاصمة واشنطن.
وتقول شيهان التى تصوت عادة للحزب الديمقراطي، وصوتت في الانتخابات الاخيرة لصالح جون كيرى، كما كان ابنها كاسي يصوت عادة للديمقراطيين قبل ان يقتل في العراق انها صممت على معارضة الحرب والخروج في مظاهرات متواصلة بالرغم من اعتقالها ومضايقتها مرة بعد الاخرى «حتى يعود جنودنا الى امهاتهم وزوجاتهم واهلهم واصدقائهم، ولا تتثكل ام، ولا تترمل زوجة، هنا، وفي العراق، وفي اي مكان آخر في العالم بسبب العنف».
ولم تقل شيهان انها «مثال اخلاقي»، ولم تقل انها «استغلت الاعلام». لكنها قالت ان المظاهرة التي قادتها في واشنطن برهنت على ان كثيرا من الناس «يمكن ان يكونوا مثلها»، اي رافضين للحرب، ولديهم الشجاعة لقول هذا علانية.
غير ان شيهان سارعت ورفضت الحديث عن مقارنتها بمارتن لوثر كينغ، وكررت انها «ام عادية». لكن هذه السيدة النحيلة لم يكن لها علاقة بالسياسة قبل مقتل ابنها، ولم تكن ناشطة سياسة معارضة، فهي ولدت في ولاية كاليفورنيا قبل 48 سنة، وعاشت معظم حياتها هناك، وكانت ربة بيت لزوجها فيليب شيهان، وانجبا طفلين (كاسي الذي قتل في العراق، وابنة القت قصيدة ضد حرب العراق في مظاهرة واشنطن، لكن زوجها انفصل عنها وعارضها وجمع عائلته، وظهروا في برامج تلفزيونية وانتقدوها).
وتقول شيهان لـ «الشرق الأوسط» ان كاسي ابنها انضم الى القوات الاميركية قبل خمس سنوات، وكان عمره واحدا وعشرين سنة، وقالت انها تمنت لو لم يصبح جنديا، لكنه لم يشاورها. وعارض كاسي غزو العراق، ولم يرد ان يذهب الي هناك، لكنه كان عسكريا، وكان يعرف انه لا بد من اطاعة الاوامر. أطاع الاوامر وقتل في مدينة الصدر، بعد اكثر من سنة من غزو العراق، خلال كمين ضد الفرقة الاميركية التي كان فيها. قتل بعد خمسة ايام فقط من ذهابه الى العراق. وقتل معه سبعة آخرون، وسمي اليوم «الاحد الاسود» لأنه كان يوم احد، ولأن عدد القتلى الاميركيين كان كبيرا.
وعن تفاصيل الحادث، تقول شيهان ان الكمين وقع صباح الاحد، وسمعت اخباره في التلفزيون في كاليفورنيا. وشاهدت في التلفزيون صور الكمين، وشاهدت سيارة «همفي» تحترق. وقلقت اكثر على كاسي بعد ان شاهدت الصور. وفي مساء نفس اليوم كانت خارج المنزل، وعندما عادت، كانت الساعة التاسعة، وعندما دخلت المنزل، وجدت ثلاثة ضباط عسكريين في غرفة الضيوف. وفهمت في الحال، لأنها كانت تعرف ان «البنتاغون» يرسل، عادة، عسكريين لابلاغ اهل القتلى. وسقطت على الارض تصرخ، وهي لا تصدق.
بعد ذلك بأيام قليلة، كانت مجرد ام ثكلى حزينة، وانتظرت عشرة ايام حتى جاءت الجثة، واكملوا مراسيم التشييع. وقد غطت ذلك قنوات التلفزيون والصحف المحلية، وكما يحدث عادة، وسألوا ام القتيل عدة اسئلة عن مشاعرها وصوروها، لكنها بدت غاضبة اكثر من امهات غيرها. كثير من الامهات قلن ان ابناءهن «ضحوا في سبيل الحرية»، وبعضهن يقلن «هذا قدره»، وأخريات يتساءلن «متى ستنتهي هذه الحرب؟» لكن شيهان اعلنتها حربا ضد بوش، وحملته مسؤولية قتل ابنها، وتحولت من أم ثكلى الى ناشطة ضد الحرب مكروهة من العديد من جيرانها وأصدقائها، وأثار هذا اهتمام قنوات التلفزيون والصحف الكبرى، وبدأت تتصل بها.
وزاد هجوم شيهان حدة بعد حفل تنصيب بوش رئيسا للمرة الثانية، وقالت «يجب الا نصرف كل هذه الملايين من الدولارات في الاحتفالات بينما نحن في حالة حرب».
وقالت ان «الذين يحتفلون يجب ان يتذكروا الذين قتلوا في العراق، مثل ابني». وزادت مثل هذه التصريحات اهتمام الصحافيين. وزاد الاهتمام عندما بدأت تعارض مبدأ الحرب، وتقول انها كانت ضد الحرب منذ البداية، وتنتقد حزبها، الحزب الديمقراطي، لأن قادته «لم تكن عندهم شجاعة كافية لمعارضة الرئيس بوش خوفا من ان يتهمهم بالخيانة». لكن من اين اكتسبت شيهان القوة والفصاحة التى تتكلم بها، الاجابة هى انها بدأت تتكلم «من الحزن على فقد ابنها». وتقول انها حتى لم تشترك في المظاهرات ضد حرب فيتنام كما قالوا (كانت تلميذة في المدرسة الابتدائية خلال حرب فيتنام). قالت «لم اكن اعرف في ذلك الوقت حتى اين تقع فيتنام».
اتهمها معارضوها بخيانة الوطن، وردت عليهم بأن «قمة الوطنية هي ان تقول لوطنك انه اخطأ اذا اخطأ. والخيانة الحقيقية هي ان تخون وطنك بالسكوت على اخطائه».
وقادت، في السنة الماضية، مجموعة من امهات جنود قتلوا في العراق لمقابلة بوش، وقابلته عندما زار القاعدة العسكرية في فورت لويس بولاية واشنطن. لكن بوش خيب املها «لأنه غير سبب غزو العراق. كان يقول ان السبب هو اسلحة الدمار الشامل، وأصبح يقول الآن ان السبب هو تأسيس الديمقراطية في العراق». ثم زادت هجومها، عندما قالت ان بوش «ابعد ما يكون عن الانسانية» وتابعت ان «فمه كان يتحدث لكن عينيه كانتا حائرتين». وقد أسست شيهان، في بداية هذا العام جمعية «عائلات من اجل السلام» لتوثيق العلاقات بين العائلات التي فقدت ابناءها وبناتها في العراق، ولتنظيم خطوات معارضة للحرب.
ولماذا ذهبت الى مزرعة الرئيس بوش في كروفورد (ولاية تكساس) حيث عسكرت شهرا كاملا تطلب مقابلته؟ قالت لـ «الشرق الأوسط» «مثل هذه الاشياء لا تخطط مسبقا، او تناقش في مؤتمر، او تكتب عنها لجنة تقريرا. مثل هذه الاشياء تتطور مع تطور الاحداث. لم انو ان اذهب الى مزرعة بوش، وكنت انوي السفر الى لندن للاشتراك في مظاهرة هناك. لكني لم اسافر، وبقيت في المنزل. وشاهدت، يوما في التلفزيون، ان بوش ذهب الى مزرعته. وفجأة سالت نفسي: لماذا لا اذهب الى هناك واطلب مقابلته؟. في اول ليلة هناك، كنا ستا فقط، ولم نكن نعرف كم ليلة سنقضي، ولم نكن نعرف ان آلاف الناس سينضمون الينا». انتقد بعض الصحافيين والمراقبين بوش لأنه لم يقابل شيهان. لكن يبدو ان بوش احس ان شيهان لن تسكت، قابلها او لم يقابلها.
هل كانت شيهان ستحتج بنفس القوة اذا قتل ابنها في افغانستان؟ تقول «نعم. لا فرق بين تدخلنا في افغانستان وتدخلنا في العراق. نحن قلنا اننا نحارب الارهاب او الارهابيين. لكن هناك مشكلتين. اولا، الارهابيون لا يعيشون في دولة واحدة. ثانيا، الارهاب عقيدة، او جزء من عقيدة، ولا اعرف كيف سنهزمها بحرب؟».