زوربا
10-03-2005, 01:23 AM
طالب بإطلاق المحتجزين الذين لم يحاكموا بعد وتطويل مراحل الانتقال السياسية
لندن: مينا العريبي
طالب نائب الرئيس العراقي الشيخ غازي الياور بمواجهة الارهاب بالفكر الواعي والحد من أعمال الميليشيات المسلحة التي رآها بأنها تساهم بتكريس الطائفية في العراق. وحث على اتخاذ خطوات متسامحة مع الشعب العراقي، وعلى رأسها اطلاق المحتجزين العراقيين في معتقلات القوات المتعددة الجنسية بحلول شهر رمضان المبارك. وقال الياور في حوار مع «الشرق الأوسط» أمس: ان المراحل السياسية القصيرة التي مرت على العراق منذ عامين جعلت من المستحيل بناء مناخ سياسي ناضج على أسس ديمقراطية. ورأى ان المراحل الانتقالية كرست المحاصصة في العراق وتسييس الوزارات، بينما ساهمت في اشعال الحساسيات الطائفية والعرقية فيه. وحذر الشيخ غازي الياور من خطورة اشتعال نار الطائفية في العراق وتأثيرها على الدول الأخرى، لأن «ما يحصل في العراق سيطرق الباب عليهم باباً باباً».
وفي ما يلي نص المقابلة:
> هل يمكن لكم ان توضحوا لنا مبادرتكم الأخيرة تجاه اطلاق سراح المعتقلين العراقيين؟ ـ نحن مقبلون على نقلتين سياسيتين، استفتاء وانتخابات، والهدف الرئيسي لأية عملية سياسية هو اجراؤها في أجواء ديمقراطية وان تكون المشاركة كاملة للشعب العراقي ومتوازنة. والإرهاب موجود في العراق، ولكن محاربته لا تكون فقط بقوة السلاح. فقسم من هذا الارهاب للأسف يتبنى فكراً دينياً ويشوه صورة الدين. ونرى انه واجب مجابهة الفكر بفكر، وليس فقط بقوة السلاح، التي تعني ضربة هنا وضربة هنا فنحصل على دمار كبير. وبعض العمليات العسكرية مردوداتها سلبية، بالرغم من التخلص من بعض الارهابيين ولكن هناك خسائر من الابرياء الذين يقعون في مرمى النيران. وهذا يضيف الى مرارة العراقيين والشعور من قبل فئة من الشعب العراقي بالعزلة. ولذلك اتخذنا خطوة لمساعدة الأبرياء من المحتجزين وعائلاتهم.
وهناك الكثير من المحتجزين (وليسوا مسجونين) في معتقلات قوات التحالف، وهذا ضد حقوق الانسان ومفاهيم الانسانية. ولم نطلب منهم الافراج عن جميع المعتقلين من دون قيد أو شرط، بل طلبنا الافراج عمن احتجز في المعتقل ثلاثة أو اربعة أشهر أو أكثر، ولم يؤخذ الى المحكمة ولم تثبت عليه أية جريمة بعد التحقيق. وهناك قرى في العراق لم يبق فيها من عمره أكثر من 15 سنة. نحن لم نقل اننا مستعدون لكفالة الجميع، قلنا من ليس عليه ادلة جريمة بعد كل هذه المدة، لماذا يستمر احتجازه؟ ومن ليس لديهم أهل أو من يكفلهم، نحن نكفلهم. وبحلول شهر رمضان المبارك، من الحرام ان تعاني الناس هكذا. وإذا كنا نريد مشاركة العراقيين في العملية السياسية، كيف يمكن لنا ان نطالب من لديه محتجز ولا يعلم ما هي التهمة الموجهة له، ان يشارك في العملية السياسية؟
وأذكر ان جميع العراقيين ضد الارهاب وضد من يريد ان يشعل فتنة طائفية أو قومية في العراق، كلنا ضد ذلك. ولكن يجب ان نأخذ منبراً فكرياً، نعتمد على تعاليم الدين الاسلامي السمحة لنجابه هذا التطرف الاعمى الذي يقتل الناس.
> كيف كان الرد على هذه المبادرة؟
ـ اتفقنا مع قوات التحالف على اخراج من لم تثبت عليهم تهمة، وذلك ليس معناه فتح أبواب السجون للمجرمين، ولكن بعد مراجعة ثلاث لجان لملفاتهم تبين ان هؤلاء ليسوا مجرمين، هؤلاء اعتقلوا على أسس سياسية أو شبهة القيام بأعمال عنف، وبعضهم مازال مسجوناً. ولم نسأل ما هي طوائف المعتقلين أو قومياتهم. وانما هم عراقيون. > أبديتم دعمكم أخيراً لـ«ميثاق تحريم سفك الدم العراقي»، كيف يمكن تطبيق هذا الميثاق على أرض الواقع؟
ـ أعتقد ان هذا ميثاق معنوي أكثر مما هو ميثاق عملي، لأن العراقيين الشرفاء والعقلاء لا يعملون على اشعال فتنة طائفية، ولا يقبلون بسفك دماء الابرياء بهذا الشكل، وانما هذا نوع من المشاركة المعنوية، ونتمنى ان يفعل على أرض الواقع. وطرحت هذه الفكرة علينا منذ اسبوعين، وطلب منا تبنيه. فقررنا المساندة، لأننا اذا نتبنى شيئاً يجب ان ينفذ على ارض الواقع بدلاً من انه يكون معنوياً لكننا معه مائة في المائة.
> ما دور الميليشيات المسلحة في العراق اليوم؟
ـ نحن نسمع منذ سنتين عن حل الميليشيات، ولكن على ارض الواقع الميليشيات ما زالت متعافية وفي وقت سابق كانت تأخذ من ميزانية الحكومة العراقية. كيف يمكن لنا ان نخوض انتخابات ديمقراطية في غياب الأمن ووجود الميليشيات المسلحة. فالميليشيات نوع من العصابات المنظمة، أو الاجرام المنظم، ويجب ان تحل وان يبقى جيش عراقي وشرطة عراقية حرة. يحصل اجرام من الارهاب وأخذ الناس من بيوتهم بعد منتصف الليل. وتكلمنا كثيراً مع قادة القوات المتعددة الجنسية والجنرال كيسي عن موضوع الميليشيات وأعمالها، فهذه الأعمال حليفة التكفيريين في اشعال نار الطائفية في العراق. > الوضع في العراق يبدو وكأنه يزداد سوءا، فكيف يمكن نجاح العملية السياسية؟
ـ مع الأسف مررنا بتجربة مريرة، وفترة سياسية ربما لم يحدث مثلها في العالم كله، مراحل قصيرة بصورة خيالية جداً، مرحلة الحكومة المؤقتة ستة أشهر، ولا تترك مجالا طويلا لخلق منبر فكري سياسي وطني يقوم على اسس ثابتة فكل سياسي عيناه على كم من المقاعد سيحصل في الجمعية الوطنية المقبلة، لأن المراحل السياسية قصيرة جداً. وزراؤنا يظلمون بأنهم لم ينتجوا، ولكن كيف ينتجون في بلد تسلمناه ركاماً. ويحتاج الوزير ثلاثة أشهر حتى يعرف وزارته قبل التصرف فيها. ومن المؤسف ان الوزارات في العراق مسيسة، وليس فقط مذهبياً وعرقياً، وانما محاصصة سياسية، فالوزير يجب ان يمثل تياراً معيناً ربما ليس متخصصاً بهذا المجال، فقط لأنه يمثل تيارا معينا. والوزارات عندنا بدأت تفرخ، اصبحت 33 وزارة لترضي الجميع. عندما ستكون لدينا حكومات أطول وتستقر العملية السياسية ستقل المحاصصة. ولكن لا اتوقع ان يحصل ذلك في المرحلة المقبلة. لنكون صريحين، فالوضع حتى الآن يسير الى السلبي وليس نحو الايجابية. ومنذ البداية، لست متفائلاً ازاء قصر فترات المراحل، ففي السودان المرحلة الانتقالية ست سنوات، في افغانستان ثلاث سنوات. وبلد مثل العراق، بأهميته وحجمه الديموغرافي وحجمه السياسي ومشاكله، اعقد بكثير. لذا، للاسف لم يتسن لنا ان تكون لنا نظرة استراتيجية. هناك ازمة فكر سياسي مدني في العراق، هناك احزاب دينية لها رؤوس وقواعد. والأحزاب المدنية غير الدينية لديها رؤوس وأسماء كبيرة ولكن للاسف ليس هناك قواعد لأنه لم يتسن وقت لصياغة برامج لهذه الاحزاب. بالإضافة الى ذلك، نعيش بين قتل عشوائي ودمار في هذه الفترة وهناك تداخلات دول اقليمية، بالإضافة الى الدول العظمى. > بالنسبة الى وضع العشائر في العراق، أي دور يمكن ان يلعبه رؤساء العشائر؟
ـ العراق بلد ربما أكثر من 95 في المائة من سكانه بخلفيات قبلية وفي غياب الفكر السياسي الواعي والمصداقية السياسية، يتجه العراقيون نحو دور العبادة ونحو اصولهم لخلق التجمعات. وللقبائل العراقية ثقل اجتماعي، هي ضمير للشعب العراقي ولا نريد لها ان تعمل مثلما تعمل المنابر الدينية، لا نريد لها ان تعمل بالسياسة في شكل مباشر، أي ان تصبح العشيرة حزباً سياسياً. هذا خطر كبير وكرة من اللهب. يجب ان تخصص العملية السياسية للمؤهلين من ابنائها الذين يؤمنون بالوطن العراقي الواحد والذين لهم النظرة الواسعة ولا يتخندقون قبلياً وطائفياً. > هل انتم راضون عن الدستور والعملية الدستورية؟
ـ كان رأيي ان عملية صياغة الدستور يجب الا تكون استحقاقاً للانتخابات السابقة. ففي الانتخابات السابقة تمنينا مشاركة كافة اطياف الشعب العراقي ولكن للاسف نتائجها ادت الى خلل في تمثيل الشعب العراقي لأسباب كثيرة ليست خافية على الجميع. كنا نتمنى انتخاب لجنة صياغة الدستور، ولكن اصبح ثلثاها منتخبا وثلثها معينا، ولم يكن هناك تكافؤ. كما ان قصر الوقت أثر على العملية، فالحكومة أخذت 3 اشهر للتشكل، مما ترك شهرين لكتابة دستور بلد معقد مثل العراق. حتى الآن نسمع بامكانية وضع تعديلات لمسودة الدستور. ولدينا اسبوعان وما زلنا نتكلم عن احتمال تعديلات جديدة. الأمر صعب جداً.
بصورة عامة هناك كثير من الأمور متفق عليها من الجميع، فهي ضوابط معقولة والغالبية من بنود الدستور ايجابية. هناك بعض النقاط القليلة ولكنها مهمة ويحب ان يعاد النظر فيها. فالدستور فيه الكثير من المتناقضات ويصعب تطبيقه على ارض الواقع، فعلى سبيل المثال يجب الا يكون فيه قانون يناقض ثوابت الدين و مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان ولا توجد طرق لتطبيقها. وهناك بعض النقاط لها دلالات تقسيمية. فعلى سبيل المثال بند فتح مكتب لكل محافظة أو اقليم في السفارات العراقية خارج البلاد. هذا تطور لتحضير تقسيم محتمل وليس موجوداً في أي مكان في العالم.
> وردت انباء عن احتمال تعديل مسودة الدستور لتتضمن بنداً عن وحدة العراق والحفاظ عليها، هل تؤيدون هذا التعديل؟
ـ تجمعنا في العراق نقطة واحدة هي الهوية العراقية. ولو نص على هذا التعديل، ستكون نقطة ايجابية جداً.
> بالنسبة الى الانتخابات المقبلة، هل تتوقعون مشاركة الفئات التي قاطعت الانتخابات السابقة؟
ـ ردود الفعل التي رأيناها تبدي ندما وأسفا كبيرين لعدم مشاركتهم في المرحلة السابقة، وهناك اصرار على المشاركة في الانتخابات القادمة. نطلب من جميع العراقيين ان يفكروا استراتيجياً، بدلاً من ردود الفعل. ونقول لهذه الفئات، اذا وضعتم كل جهودكم على الاستفتاء على الدستور، ربما تحصلون على بعض النقاط، ولكن سيكون لكم وقت قصير للتحضير للانتخابات. فنصيحتنا حضروا للانتخابات وأعيدوا للعملية السياسية توازنها وعندها نستطيع تغيير هذا الدستور، اذ يمكن تغييره مع الوقت.
السؤال هو: هل سيكون الوضع الأمني افضل ليتيح لهؤلاء الذهاب الى صناديق الاقتراع؟ هذا ما على الحكومة العراقية وقوات متعددة الجنسية تحقيقه. فحق المواطن العراقي ان يتنقل بحرية. > ولكن هناك مناطق لديها كثافة سنية لم تفتتح مراكز التسجيل للاقتراع في الانتخابات السابقة حتى اللحظة الأخيرة، كيف يمكن منع هذا؟
ـ واجب على الحكومة ان تخلق الأمن، لا يمكن للحكومة والقوات المتعددة الجنسية ان تتحجج بعدم وجود أمان كاف، فعليهما تأمين مناطق يتسنى للناس الاقتراع فيها. > هل ستخوضون الانتخابات المقبلة. وهل ستتحالف مع جهة معينة؟
ـ لا يمكن لنا الانسحاب من الساحة السياسية الآن. وعلى الرغم من اننا كنا نأمل ببناء عراق حديث، ولكن للاسف الظروف لم تسمح بتحقيق أماني كل عراقي شريف ووطني. ولكن لا زال علينا واجب وحق الشعب العراقي الذي اعطانا ثقته في المرحلة السابقة ان نستمر. تعلمنا درساً قاسياً من الانتخابات السابقة، فكل من لم يتحالف أو يتحد خسر، حتى الذين حصلوا على مقاعد في الجمعية الوطنية ولكنهم أخذوا اقل من استحقاقهم. نرى وجود عدد من السياسيين لهم مسحة طائفية، وما يحتاجه العراق الآن هو فكر سياسي وقيادة ذات منحى وطني عراقي وغير منحاز لطائفة معينة أو قومية معينة. الخط الذي امثله يحترم الدين ولكن لا يخلط الدين بالسياسة، فخطنا وطني عراقي وهدفنا الأساسي استرجاع الأمن وتعزيز الهوية الوطنية العراقية، من دون التخندق فكرياً او طائفياً.
> ما رأيكم بتصريحات الرئيس جلال طالباني بأن رئيس الوزراء يخرق القانون؟
ـ هذه الحكومة أساساً قامت على اتفاق بين التحالف الكردستاني والائتلاف الوطني الموحد، وبينهم وثيقة موقعة لست طرفاً فيها. اعتقد ان الاخوة في التحالف الكردستاني عن طريق السيد جلال يرون ان رئيس الحكومة لم يتقيد بما اتفقوا عليه، هذا ما سمعناه. الحقيقة لا نريد ان نكون طرفاً في هذا الأمر، وهذا موضوع بينهم ونتمنى ان يتفاهموا عليه، فنحن في ظروف صعبة جداً في العراق. لا نريد ان يؤثر ذلك على اداء الحكومة العراقية. ولكن هذه من المنافع القليلة التي جلبتها لنا الديمقراطية، ففي بلد عربي ينتقد رئيس الحكومة علناً، وهذا نوع من الشفافية، ولكن نرجو ألا يتطور الموضوع.
> لكن مجلس الرئاسة يجب ان تكون له سلطة تنفيذية، لماذا لا نراها مستخدمة؟
ـ مجلس الرئاسة جزء من الحكومة العراقية، ويشترك في الذراع التنفيذي للحكومة مع رئيس الوزراء. ويجب ان يكون لنا دور في القرار، وهناك تمثيل اوسع في المجلس لكل الاطياف العراقية في الرئاسة من غيرها من جهات اخرى. ونحن نتحمل المسؤولية أمام الشعب. وهناك نوع من التنسيق بيننا، ولكن هناك بعض القرارات تؤخذ بمعزل عن مجلس الرئاسة، وهذا ما يتطرق له السيد رئيس الجمهورية. > هل انتم راضون عن التصرفات الاميركية في العراق اليوم؟ ـ الولايات المتحدة عادة تنظر الى الأمر بوجهة نظرها هي، ويعجلون الأمور لمصلحتهم، وعادة، ذلك لديه مردود سلبي علينا. والتجربة في السابق فيها الكثير من الاخطاء، اولها الاحتلال وحل الجيش. والسفير الاميركي الحالي لديه ادراك كبير عن العراق، ومرن، مستعد للتفاهم، خصوصاً وان خلفيته افغانية. وأحياناً يتصرفون بتصرفات خاطئة في أسوأ الأوقات. > هل يطلع مجلس الرئاسة على الخطط العسكرية في العراق قبل تنفيذها؟
ـ لا، احياناً يطلعوننا على ما فعلوه بعد العملية العسكرية، وانا ارفض ذلك. أي موضوع لا يستشيروننا فيه، لا نستطيع مساندتهم فيه. فلذلك انتقدت العمليات في تلعفر التي لم نستشر فيها.
> كيف تقيمون موقف المجتمع الدولي من العراق؟
ـ هناك عدة أطراف، فبالنسبة للدول الغربية، هناك الكثير من الدول لا يعجبها وجود الولايات المتحدة في العراق، ليس كرهاً بنا وانما تنافس مع الولايات المتحدة الأميركية. نرجو من هذه الدول ان تنظر الى العراق بأنه بوابة الخليج العربي ومنبع النفط وان اي خطر في هذه المنطقة سيؤثر على اقصى اقاصي العالم. الارهاب الموجود في العراق يعني المجتمع الدولي كله. ونرى في العراق أننا أكبر من أن نكون «جمهورية موز»، ولا يمكن للعراق ان يدور في فلك واحد، فهذا ليس من مصلحة العراق أو المنظومة العراقية. ونرى في المستقبل ان يكون العراق صديقا للولايات المتحدة، ولكن في نفس الوقت نريد علاقات صداقات قوية مع بقية الدول. والدول الاقليمية غير مرتاحة لما يجري في العراق، ولم يرتاحوا منذ ابريل (نسيان) عام 2003، فهناك قوات دولة عظمى في العراق، ولو كنت في محلهم لشعرت ايضاً بالارتباك والقلق لهذا الوجود. الدول الاقليمية معنية بصورة مباشرة بما يجري في العراق لأن المشاكل الطائفية تؤثر بصورة مباشرة على دول جوار العراق. نرجو من اخواننا في الدول الاقليمية، وبالذات العربية ان ينتبهوا لما يجري في العراق لأن ما يحصل في العراق لا سمح الله سيطرق الباب عليهم باباً باباً. بعض الدول احترمت الجوار وكانت خير جار، وبعض الدول تدخلت في شؤوننا وزادت من الطين بلة. الكل سيخسر اذا حصلت فتنة طائفية لأن معظم الدول لديها نفس التركيبة والتنوع الاثني والديني الموجود في العراق. ولو شجعوا نشوب وضع خطير في العراق سينعكس عليهم. > بالنسبة الى الدول الاقليمية، ما صحة التصريحات التي نسمعها عن تدخل ايراني في العراق؟
ـ واضح جداً ان هناك وجوداً ايرانياً في العراق، ورأينا امثلة على ذلك، ولدى القوات المتعددة الجنسية خبر بذلك. نأمل ان نبني علاقات حسن جوار مع ايران، ويجب ألا تتخندق ايران مع جهات معينة في العراق.
> وماذا عن التدخل السوري في العراق؟
ـ من الواضح ان هناك تسللاً من سورية، ويجب ألا تقع سورية في المحظور ويحصل لها ما حصل للعراق. ونخاف ان يكون البديل في سورية حكومة دينية على غرار ما نراه في العراق على الجانب الآخر من الدين. ولو تولت حكومة سنية الحكم في سورية وشيعية في العراق ستطحن البلد وتطحن المنطقة. ولدي ثقة بالرئيس بشار الاسد ونتمنى ان يتخلص من بعض العناصر التي تسبب اضطراباً في سورية.
> وكيف تقيم العلاقات السعودية بالعراق؟
ـ السعودية بلد لديه منهجية في التعامل وليس بلداً مزاجياً في التعامل والمملكة مدرسة سياسية. وقررت المملكة انه يجب ان تحل المشاكل في العراق داخل البيت العراقي. ولو ترك الأمر من كل الدول الاخرى للعراقيين لحلوا مشاكلهم بأنفسهم من دون تدخلات اقليمية وعالمية، ولن تكون لدينا هذه المشاكل مثلما عشنا طيلة عمرنا سابقاً. وعبارات السني والشيعي والكردي مستوردة من الخارج ولم تنبع من داخل العراق. ولكن الظروف الآن اختلفت وأصبح من الضرورة ان تساهم دول مثل المملكة العربية السعودية بثقلها العربي والإسلامي والعالمي للسعي نحو انفراج في الاوضاع السياسية في العراق والحفاظ على عراق واحد فاعل وايجابي ومستقر في هذه المنطقة الحساسة من العالم. والمملكة ترى أن سلامة العراق واستقراره ضروريان للمملكة وللمنطقة والعالم كله. > بعد توليكم منصبي رئاسة الجمهورية ونيابة رئاسة الجمهورية، اي منصب يمكن ان تتولوه مستقبلاً؟
ـ هذا سؤال افتراضي، والصراحة انا مستعد ان اعمل في أي مكان اقدم له الأكثر، فلست من عبدة الكراسي واكبر مثال انني كنت رئيس جمهورية وقبلت ان اتولى منصب نائب رئيس جمهورية.
لندن: مينا العريبي
طالب نائب الرئيس العراقي الشيخ غازي الياور بمواجهة الارهاب بالفكر الواعي والحد من أعمال الميليشيات المسلحة التي رآها بأنها تساهم بتكريس الطائفية في العراق. وحث على اتخاذ خطوات متسامحة مع الشعب العراقي، وعلى رأسها اطلاق المحتجزين العراقيين في معتقلات القوات المتعددة الجنسية بحلول شهر رمضان المبارك. وقال الياور في حوار مع «الشرق الأوسط» أمس: ان المراحل السياسية القصيرة التي مرت على العراق منذ عامين جعلت من المستحيل بناء مناخ سياسي ناضج على أسس ديمقراطية. ورأى ان المراحل الانتقالية كرست المحاصصة في العراق وتسييس الوزارات، بينما ساهمت في اشعال الحساسيات الطائفية والعرقية فيه. وحذر الشيخ غازي الياور من خطورة اشتعال نار الطائفية في العراق وتأثيرها على الدول الأخرى، لأن «ما يحصل في العراق سيطرق الباب عليهم باباً باباً».
وفي ما يلي نص المقابلة:
> هل يمكن لكم ان توضحوا لنا مبادرتكم الأخيرة تجاه اطلاق سراح المعتقلين العراقيين؟ ـ نحن مقبلون على نقلتين سياسيتين، استفتاء وانتخابات، والهدف الرئيسي لأية عملية سياسية هو اجراؤها في أجواء ديمقراطية وان تكون المشاركة كاملة للشعب العراقي ومتوازنة. والإرهاب موجود في العراق، ولكن محاربته لا تكون فقط بقوة السلاح. فقسم من هذا الارهاب للأسف يتبنى فكراً دينياً ويشوه صورة الدين. ونرى انه واجب مجابهة الفكر بفكر، وليس فقط بقوة السلاح، التي تعني ضربة هنا وضربة هنا فنحصل على دمار كبير. وبعض العمليات العسكرية مردوداتها سلبية، بالرغم من التخلص من بعض الارهابيين ولكن هناك خسائر من الابرياء الذين يقعون في مرمى النيران. وهذا يضيف الى مرارة العراقيين والشعور من قبل فئة من الشعب العراقي بالعزلة. ولذلك اتخذنا خطوة لمساعدة الأبرياء من المحتجزين وعائلاتهم.
وهناك الكثير من المحتجزين (وليسوا مسجونين) في معتقلات قوات التحالف، وهذا ضد حقوق الانسان ومفاهيم الانسانية. ولم نطلب منهم الافراج عن جميع المعتقلين من دون قيد أو شرط، بل طلبنا الافراج عمن احتجز في المعتقل ثلاثة أو اربعة أشهر أو أكثر، ولم يؤخذ الى المحكمة ولم تثبت عليه أية جريمة بعد التحقيق. وهناك قرى في العراق لم يبق فيها من عمره أكثر من 15 سنة. نحن لم نقل اننا مستعدون لكفالة الجميع، قلنا من ليس عليه ادلة جريمة بعد كل هذه المدة، لماذا يستمر احتجازه؟ ومن ليس لديهم أهل أو من يكفلهم، نحن نكفلهم. وبحلول شهر رمضان المبارك، من الحرام ان تعاني الناس هكذا. وإذا كنا نريد مشاركة العراقيين في العملية السياسية، كيف يمكن لنا ان نطالب من لديه محتجز ولا يعلم ما هي التهمة الموجهة له، ان يشارك في العملية السياسية؟
وأذكر ان جميع العراقيين ضد الارهاب وضد من يريد ان يشعل فتنة طائفية أو قومية في العراق، كلنا ضد ذلك. ولكن يجب ان نأخذ منبراً فكرياً، نعتمد على تعاليم الدين الاسلامي السمحة لنجابه هذا التطرف الاعمى الذي يقتل الناس.
> كيف كان الرد على هذه المبادرة؟
ـ اتفقنا مع قوات التحالف على اخراج من لم تثبت عليهم تهمة، وذلك ليس معناه فتح أبواب السجون للمجرمين، ولكن بعد مراجعة ثلاث لجان لملفاتهم تبين ان هؤلاء ليسوا مجرمين، هؤلاء اعتقلوا على أسس سياسية أو شبهة القيام بأعمال عنف، وبعضهم مازال مسجوناً. ولم نسأل ما هي طوائف المعتقلين أو قومياتهم. وانما هم عراقيون. > أبديتم دعمكم أخيراً لـ«ميثاق تحريم سفك الدم العراقي»، كيف يمكن تطبيق هذا الميثاق على أرض الواقع؟
ـ أعتقد ان هذا ميثاق معنوي أكثر مما هو ميثاق عملي، لأن العراقيين الشرفاء والعقلاء لا يعملون على اشعال فتنة طائفية، ولا يقبلون بسفك دماء الابرياء بهذا الشكل، وانما هذا نوع من المشاركة المعنوية، ونتمنى ان يفعل على أرض الواقع. وطرحت هذه الفكرة علينا منذ اسبوعين، وطلب منا تبنيه. فقررنا المساندة، لأننا اذا نتبنى شيئاً يجب ان ينفذ على ارض الواقع بدلاً من انه يكون معنوياً لكننا معه مائة في المائة.
> ما دور الميليشيات المسلحة في العراق اليوم؟
ـ نحن نسمع منذ سنتين عن حل الميليشيات، ولكن على ارض الواقع الميليشيات ما زالت متعافية وفي وقت سابق كانت تأخذ من ميزانية الحكومة العراقية. كيف يمكن لنا ان نخوض انتخابات ديمقراطية في غياب الأمن ووجود الميليشيات المسلحة. فالميليشيات نوع من العصابات المنظمة، أو الاجرام المنظم، ويجب ان تحل وان يبقى جيش عراقي وشرطة عراقية حرة. يحصل اجرام من الارهاب وأخذ الناس من بيوتهم بعد منتصف الليل. وتكلمنا كثيراً مع قادة القوات المتعددة الجنسية والجنرال كيسي عن موضوع الميليشيات وأعمالها، فهذه الأعمال حليفة التكفيريين في اشعال نار الطائفية في العراق. > الوضع في العراق يبدو وكأنه يزداد سوءا، فكيف يمكن نجاح العملية السياسية؟
ـ مع الأسف مررنا بتجربة مريرة، وفترة سياسية ربما لم يحدث مثلها في العالم كله، مراحل قصيرة بصورة خيالية جداً، مرحلة الحكومة المؤقتة ستة أشهر، ولا تترك مجالا طويلا لخلق منبر فكري سياسي وطني يقوم على اسس ثابتة فكل سياسي عيناه على كم من المقاعد سيحصل في الجمعية الوطنية المقبلة، لأن المراحل السياسية قصيرة جداً. وزراؤنا يظلمون بأنهم لم ينتجوا، ولكن كيف ينتجون في بلد تسلمناه ركاماً. ويحتاج الوزير ثلاثة أشهر حتى يعرف وزارته قبل التصرف فيها. ومن المؤسف ان الوزارات في العراق مسيسة، وليس فقط مذهبياً وعرقياً، وانما محاصصة سياسية، فالوزير يجب ان يمثل تياراً معيناً ربما ليس متخصصاً بهذا المجال، فقط لأنه يمثل تيارا معينا. والوزارات عندنا بدأت تفرخ، اصبحت 33 وزارة لترضي الجميع. عندما ستكون لدينا حكومات أطول وتستقر العملية السياسية ستقل المحاصصة. ولكن لا اتوقع ان يحصل ذلك في المرحلة المقبلة. لنكون صريحين، فالوضع حتى الآن يسير الى السلبي وليس نحو الايجابية. ومنذ البداية، لست متفائلاً ازاء قصر فترات المراحل، ففي السودان المرحلة الانتقالية ست سنوات، في افغانستان ثلاث سنوات. وبلد مثل العراق، بأهميته وحجمه الديموغرافي وحجمه السياسي ومشاكله، اعقد بكثير. لذا، للاسف لم يتسن لنا ان تكون لنا نظرة استراتيجية. هناك ازمة فكر سياسي مدني في العراق، هناك احزاب دينية لها رؤوس وقواعد. والأحزاب المدنية غير الدينية لديها رؤوس وأسماء كبيرة ولكن للاسف ليس هناك قواعد لأنه لم يتسن وقت لصياغة برامج لهذه الاحزاب. بالإضافة الى ذلك، نعيش بين قتل عشوائي ودمار في هذه الفترة وهناك تداخلات دول اقليمية، بالإضافة الى الدول العظمى. > بالنسبة الى وضع العشائر في العراق، أي دور يمكن ان يلعبه رؤساء العشائر؟
ـ العراق بلد ربما أكثر من 95 في المائة من سكانه بخلفيات قبلية وفي غياب الفكر السياسي الواعي والمصداقية السياسية، يتجه العراقيون نحو دور العبادة ونحو اصولهم لخلق التجمعات. وللقبائل العراقية ثقل اجتماعي، هي ضمير للشعب العراقي ولا نريد لها ان تعمل مثلما تعمل المنابر الدينية، لا نريد لها ان تعمل بالسياسة في شكل مباشر، أي ان تصبح العشيرة حزباً سياسياً. هذا خطر كبير وكرة من اللهب. يجب ان تخصص العملية السياسية للمؤهلين من ابنائها الذين يؤمنون بالوطن العراقي الواحد والذين لهم النظرة الواسعة ولا يتخندقون قبلياً وطائفياً. > هل انتم راضون عن الدستور والعملية الدستورية؟
ـ كان رأيي ان عملية صياغة الدستور يجب الا تكون استحقاقاً للانتخابات السابقة. ففي الانتخابات السابقة تمنينا مشاركة كافة اطياف الشعب العراقي ولكن للاسف نتائجها ادت الى خلل في تمثيل الشعب العراقي لأسباب كثيرة ليست خافية على الجميع. كنا نتمنى انتخاب لجنة صياغة الدستور، ولكن اصبح ثلثاها منتخبا وثلثها معينا، ولم يكن هناك تكافؤ. كما ان قصر الوقت أثر على العملية، فالحكومة أخذت 3 اشهر للتشكل، مما ترك شهرين لكتابة دستور بلد معقد مثل العراق. حتى الآن نسمع بامكانية وضع تعديلات لمسودة الدستور. ولدينا اسبوعان وما زلنا نتكلم عن احتمال تعديلات جديدة. الأمر صعب جداً.
بصورة عامة هناك كثير من الأمور متفق عليها من الجميع، فهي ضوابط معقولة والغالبية من بنود الدستور ايجابية. هناك بعض النقاط القليلة ولكنها مهمة ويحب ان يعاد النظر فيها. فالدستور فيه الكثير من المتناقضات ويصعب تطبيقه على ارض الواقع، فعلى سبيل المثال يجب الا يكون فيه قانون يناقض ثوابت الدين و مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان ولا توجد طرق لتطبيقها. وهناك بعض النقاط لها دلالات تقسيمية. فعلى سبيل المثال بند فتح مكتب لكل محافظة أو اقليم في السفارات العراقية خارج البلاد. هذا تطور لتحضير تقسيم محتمل وليس موجوداً في أي مكان في العالم.
> وردت انباء عن احتمال تعديل مسودة الدستور لتتضمن بنداً عن وحدة العراق والحفاظ عليها، هل تؤيدون هذا التعديل؟
ـ تجمعنا في العراق نقطة واحدة هي الهوية العراقية. ولو نص على هذا التعديل، ستكون نقطة ايجابية جداً.
> بالنسبة الى الانتخابات المقبلة، هل تتوقعون مشاركة الفئات التي قاطعت الانتخابات السابقة؟
ـ ردود الفعل التي رأيناها تبدي ندما وأسفا كبيرين لعدم مشاركتهم في المرحلة السابقة، وهناك اصرار على المشاركة في الانتخابات القادمة. نطلب من جميع العراقيين ان يفكروا استراتيجياً، بدلاً من ردود الفعل. ونقول لهذه الفئات، اذا وضعتم كل جهودكم على الاستفتاء على الدستور، ربما تحصلون على بعض النقاط، ولكن سيكون لكم وقت قصير للتحضير للانتخابات. فنصيحتنا حضروا للانتخابات وأعيدوا للعملية السياسية توازنها وعندها نستطيع تغيير هذا الدستور، اذ يمكن تغييره مع الوقت.
السؤال هو: هل سيكون الوضع الأمني افضل ليتيح لهؤلاء الذهاب الى صناديق الاقتراع؟ هذا ما على الحكومة العراقية وقوات متعددة الجنسية تحقيقه. فحق المواطن العراقي ان يتنقل بحرية. > ولكن هناك مناطق لديها كثافة سنية لم تفتتح مراكز التسجيل للاقتراع في الانتخابات السابقة حتى اللحظة الأخيرة، كيف يمكن منع هذا؟
ـ واجب على الحكومة ان تخلق الأمن، لا يمكن للحكومة والقوات المتعددة الجنسية ان تتحجج بعدم وجود أمان كاف، فعليهما تأمين مناطق يتسنى للناس الاقتراع فيها. > هل ستخوضون الانتخابات المقبلة. وهل ستتحالف مع جهة معينة؟
ـ لا يمكن لنا الانسحاب من الساحة السياسية الآن. وعلى الرغم من اننا كنا نأمل ببناء عراق حديث، ولكن للاسف الظروف لم تسمح بتحقيق أماني كل عراقي شريف ووطني. ولكن لا زال علينا واجب وحق الشعب العراقي الذي اعطانا ثقته في المرحلة السابقة ان نستمر. تعلمنا درساً قاسياً من الانتخابات السابقة، فكل من لم يتحالف أو يتحد خسر، حتى الذين حصلوا على مقاعد في الجمعية الوطنية ولكنهم أخذوا اقل من استحقاقهم. نرى وجود عدد من السياسيين لهم مسحة طائفية، وما يحتاجه العراق الآن هو فكر سياسي وقيادة ذات منحى وطني عراقي وغير منحاز لطائفة معينة أو قومية معينة. الخط الذي امثله يحترم الدين ولكن لا يخلط الدين بالسياسة، فخطنا وطني عراقي وهدفنا الأساسي استرجاع الأمن وتعزيز الهوية الوطنية العراقية، من دون التخندق فكرياً او طائفياً.
> ما رأيكم بتصريحات الرئيس جلال طالباني بأن رئيس الوزراء يخرق القانون؟
ـ هذه الحكومة أساساً قامت على اتفاق بين التحالف الكردستاني والائتلاف الوطني الموحد، وبينهم وثيقة موقعة لست طرفاً فيها. اعتقد ان الاخوة في التحالف الكردستاني عن طريق السيد جلال يرون ان رئيس الحكومة لم يتقيد بما اتفقوا عليه، هذا ما سمعناه. الحقيقة لا نريد ان نكون طرفاً في هذا الأمر، وهذا موضوع بينهم ونتمنى ان يتفاهموا عليه، فنحن في ظروف صعبة جداً في العراق. لا نريد ان يؤثر ذلك على اداء الحكومة العراقية. ولكن هذه من المنافع القليلة التي جلبتها لنا الديمقراطية، ففي بلد عربي ينتقد رئيس الحكومة علناً، وهذا نوع من الشفافية، ولكن نرجو ألا يتطور الموضوع.
> لكن مجلس الرئاسة يجب ان تكون له سلطة تنفيذية، لماذا لا نراها مستخدمة؟
ـ مجلس الرئاسة جزء من الحكومة العراقية، ويشترك في الذراع التنفيذي للحكومة مع رئيس الوزراء. ويجب ان يكون لنا دور في القرار، وهناك تمثيل اوسع في المجلس لكل الاطياف العراقية في الرئاسة من غيرها من جهات اخرى. ونحن نتحمل المسؤولية أمام الشعب. وهناك نوع من التنسيق بيننا، ولكن هناك بعض القرارات تؤخذ بمعزل عن مجلس الرئاسة، وهذا ما يتطرق له السيد رئيس الجمهورية. > هل انتم راضون عن التصرفات الاميركية في العراق اليوم؟ ـ الولايات المتحدة عادة تنظر الى الأمر بوجهة نظرها هي، ويعجلون الأمور لمصلحتهم، وعادة، ذلك لديه مردود سلبي علينا. والتجربة في السابق فيها الكثير من الاخطاء، اولها الاحتلال وحل الجيش. والسفير الاميركي الحالي لديه ادراك كبير عن العراق، ومرن، مستعد للتفاهم، خصوصاً وان خلفيته افغانية. وأحياناً يتصرفون بتصرفات خاطئة في أسوأ الأوقات. > هل يطلع مجلس الرئاسة على الخطط العسكرية في العراق قبل تنفيذها؟
ـ لا، احياناً يطلعوننا على ما فعلوه بعد العملية العسكرية، وانا ارفض ذلك. أي موضوع لا يستشيروننا فيه، لا نستطيع مساندتهم فيه. فلذلك انتقدت العمليات في تلعفر التي لم نستشر فيها.
> كيف تقيمون موقف المجتمع الدولي من العراق؟
ـ هناك عدة أطراف، فبالنسبة للدول الغربية، هناك الكثير من الدول لا يعجبها وجود الولايات المتحدة في العراق، ليس كرهاً بنا وانما تنافس مع الولايات المتحدة الأميركية. نرجو من هذه الدول ان تنظر الى العراق بأنه بوابة الخليج العربي ومنبع النفط وان اي خطر في هذه المنطقة سيؤثر على اقصى اقاصي العالم. الارهاب الموجود في العراق يعني المجتمع الدولي كله. ونرى في العراق أننا أكبر من أن نكون «جمهورية موز»، ولا يمكن للعراق ان يدور في فلك واحد، فهذا ليس من مصلحة العراق أو المنظومة العراقية. ونرى في المستقبل ان يكون العراق صديقا للولايات المتحدة، ولكن في نفس الوقت نريد علاقات صداقات قوية مع بقية الدول. والدول الاقليمية غير مرتاحة لما يجري في العراق، ولم يرتاحوا منذ ابريل (نسيان) عام 2003، فهناك قوات دولة عظمى في العراق، ولو كنت في محلهم لشعرت ايضاً بالارتباك والقلق لهذا الوجود. الدول الاقليمية معنية بصورة مباشرة بما يجري في العراق لأن المشاكل الطائفية تؤثر بصورة مباشرة على دول جوار العراق. نرجو من اخواننا في الدول الاقليمية، وبالذات العربية ان ينتبهوا لما يجري في العراق لأن ما يحصل في العراق لا سمح الله سيطرق الباب عليهم باباً باباً. بعض الدول احترمت الجوار وكانت خير جار، وبعض الدول تدخلت في شؤوننا وزادت من الطين بلة. الكل سيخسر اذا حصلت فتنة طائفية لأن معظم الدول لديها نفس التركيبة والتنوع الاثني والديني الموجود في العراق. ولو شجعوا نشوب وضع خطير في العراق سينعكس عليهم. > بالنسبة الى الدول الاقليمية، ما صحة التصريحات التي نسمعها عن تدخل ايراني في العراق؟
ـ واضح جداً ان هناك وجوداً ايرانياً في العراق، ورأينا امثلة على ذلك، ولدى القوات المتعددة الجنسية خبر بذلك. نأمل ان نبني علاقات حسن جوار مع ايران، ويجب ألا تتخندق ايران مع جهات معينة في العراق.
> وماذا عن التدخل السوري في العراق؟
ـ من الواضح ان هناك تسللاً من سورية، ويجب ألا تقع سورية في المحظور ويحصل لها ما حصل للعراق. ونخاف ان يكون البديل في سورية حكومة دينية على غرار ما نراه في العراق على الجانب الآخر من الدين. ولو تولت حكومة سنية الحكم في سورية وشيعية في العراق ستطحن البلد وتطحن المنطقة. ولدي ثقة بالرئيس بشار الاسد ونتمنى ان يتخلص من بعض العناصر التي تسبب اضطراباً في سورية.
> وكيف تقيم العلاقات السعودية بالعراق؟
ـ السعودية بلد لديه منهجية في التعامل وليس بلداً مزاجياً في التعامل والمملكة مدرسة سياسية. وقررت المملكة انه يجب ان تحل المشاكل في العراق داخل البيت العراقي. ولو ترك الأمر من كل الدول الاخرى للعراقيين لحلوا مشاكلهم بأنفسهم من دون تدخلات اقليمية وعالمية، ولن تكون لدينا هذه المشاكل مثلما عشنا طيلة عمرنا سابقاً. وعبارات السني والشيعي والكردي مستوردة من الخارج ولم تنبع من داخل العراق. ولكن الظروف الآن اختلفت وأصبح من الضرورة ان تساهم دول مثل المملكة العربية السعودية بثقلها العربي والإسلامي والعالمي للسعي نحو انفراج في الاوضاع السياسية في العراق والحفاظ على عراق واحد فاعل وايجابي ومستقر في هذه المنطقة الحساسة من العالم. والمملكة ترى أن سلامة العراق واستقراره ضروريان للمملكة وللمنطقة والعالم كله. > بعد توليكم منصبي رئاسة الجمهورية ونيابة رئاسة الجمهورية، اي منصب يمكن ان تتولوه مستقبلاً؟
ـ هذا سؤال افتراضي، والصراحة انا مستعد ان اعمل في أي مكان اقدم له الأكثر، فلست من عبدة الكراسي واكبر مثال انني كنت رئيس جمهورية وقبلت ان اتولى منصب نائب رئيس جمهورية.