المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عمرو موسى.... الوجود الأجنبي ليس وحده المسؤول عن العنف والتمرد في العراق



yasmeen
09-29-2005, 02:37 PM
ما دام أبو مازن يقود العملية السياسية فلنعطه فرصة.. ولا أشجع أو أقبل الاتصالات العربية مع إسرائيل


غيدا فخري - الشرق الأوسط

لأول مرة يعترف عمرو موسى، علنا على الأقل، بأنه لم يكن يفهم العرب وكيف يفكرون، رغم خبرته السياسية والدبلوماسية الطويلة. ومن بين ما أدهش الأمين العام للجامعة العربية، كما قال في مقابلة مع «الشرق الأوسط» في نيويورك، هو «ميلهم للانتحار». ولهذا، وربما لأسباب أخرى، يعتبر موسى أن السنوات الخمس التي قضاها أمينا عاما لجامعة العرب كانت مفيدة للغاية في التعرف على العالم العربي من الداخل، حسب قوله.. فائدة لم يجنها طوال السنوات العشر التي قضاها وزيرا لخارجية مصر.

ورغم موقفه المعروف من الوجود الأجنبي في العراق، يعتقد موسى أنه ليس الوحيد المسؤول عن «العنف والتمرد» هناك. وأنحى باللائمة على ما سماه باللعب بالمقدرات المذهبية والعرقية والدينية والقومية، والذي قال إنه لن يؤدي إلى خير العراق. وطالب الأمين العام للجامعة العربية بضرورة مساندة قيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن» للعملية السياسية. ولكنه انتقد بشدة الاتصالات مع إسرائيل قائلا: إنها لا تستاهل المجاملة العربية على انسحاب غير منضبط .

وفي ما يلي نص المقابلة:

> أصدرت اللجنة الرباعية مؤخرا بياناً أشادت فيه بـ«شجاعة رئيس الوزراء الاسرائيلي» فيما اكتفت بالتعبير عن تقديرها لـ«السلوك المسؤول» الذي أبداه الفلسطينيون. الى أي مدى تدل هذه الإشادة المفرطة بالقوة المحتلة الى انحياز واضح للموقف الاسرائيلي؟

ـ وصفت هذه المبالغة المفرطة بأنها شيء سخيف وجملة تخرج باللجنة الرباعية عن الرصانة السياسية. فالشكر على ماذا؟ الشكر على انسحاب غير كامل؟! وعلى انسحاب يُقتضى ثمنه يومياً ويُقتضى ثمنه مضاعفاً مئات المرات؟ وأنا مندهش من هذا. أنا قرأت، ولم أسمع مباشرة، أن وزير الخارجية الاسرائيلي قال «ها قد انسحبنا من الأراضي الفلسطينية.. على الدول العربية والاسلامية أن تأتي إلينا الآن». فإذا كان هذا هو مفهومهم من الانسحاب، أي أن هذا هو الانسحاب وليس مجرد انسحاب، فأنا لست أفهم على ماذا يُشكرون. ثم يُشكرون على انسحاب علماً بأن وجودهم في هذه الأراضي، أساساً، غير شرعي. فالحقيقة ، لم أرَ إلا أن أصفه بالسخافة المفرطة. هذا من جهة. أما بالنسبة للجزء الثاني الخاص بالمسؤولية الفلسطينية لاعداد الساحة الفلسطينية للأحداث القادمة ومنها قيام الدولة، فهذا هو أمر طبيعي وهو أمر مطلوب. وهنا أرى أن موقف الرباعية هو موقف مسؤول، وكذلك حين تحدثت الرباعية عن المستوطنات وعن ضرورة وقفها، وهذا أيضاً هو موقف مسؤول. ولذلك، اذا أخذنا البيان ككل أراه بياناً بدأت بذور التوازن فيه تتضح.

> لكن اللجنة الرباعية تضع العبء الأساسي، مرة أخرى، على السلطة الفلسطينية، من خلال مطالبتها بالعمل كدولة حرة ومستقلة وذات سيادة، رغم استمرار احتلال أراضيها. ما مدى واقعية هذه المطالب وقابليتها للتنفيذ؟

ـ ما أفهمه من حديثي مع بعض الأطراف المشاركة في هذا الاجتماع هو أن المناقشات كانت بناءة للغاية وهم يفهمون الحدود التي يمكن أن تحدد الموقف الفلسطيني وصعوبة وضع الموقف الفلسطيني. وناقشوا أيضاً موضوع الموقف الإسرائيلي من الانتخابات الفلسطينية ولم يكن هناك رضى عام في الرباعية على هذا الموقف المعوّق للمسار الديمقراطي الفلسطيني وفيه تدخل كثير في الشؤون الفلسطينية، مع ادعاء اسرائيل أنها دولة ديمقراطية، انما تعوِّق الديمقراطية. والمهم أن يكون هناك نقاش بناء.

فعندما تسألينني عن رأيي في البيان، آخذ في اعتباري ما أعلمه عن المناقشات التي جرت في الداخل وليس فقط البيان الذي صدر. وبالتالي، نحن العرب، أيضاً نتمنى وحدة الصف الفلسطيني وأن تكون هناك سياسة فلسطينية واحدة ازاء التحديات القائمة حالياً، وأن تكون الساحة الفلسطينية مستعدة بالفعل، في أي لحظة، لتحكم كدولة. ولذلك، نعم لوحدة الصف الفلسطيني وتوحد الفصائل الفلسطينية وراء خط سياسي واضح. يعني لا يصح أبداً أن تواجه إسرائيل ثلاثة أو أربعة خطوط فلسطينية فتلعب عليها، ونلعب على اختلاف المواقف الفلسطينية. والرصانة في هذا الموقف الدقيق أن يأخذ الفلسطينيون موقفاً واحداً.

نحن نريد الارض، والدولة، والقدس. وبناء عليه، هذه هي اقتراحاتنا السياسية. وموضوع العنف والعنف المتبادل، والعدوان والمقاومة، كل ذلك موجود لأن هناك احتلالا وهناك حق للمقاومة، انما اليوم عندما نريد أن نعطي للسلام أو للعملية السياسية فرصة، فيجب أن تكون على قاعدة وحدة الصف الفلسطيني، سياسياً، في مواجهة ذلك. وطالما أن الرئيس أبومازن يقود هذه العملية، فلنعطه فرصة ولنؤيده.

> هل معنى ذلك أنكم تؤيدون الدعوات والضغوطات الرامية الى إزالة سلاح حماس؟

ـ الآن، تقوم مصر بقيادة عملية سياسية في هذا الاطار. دعونا نناقش هذه المرحلة وكيف نتصرف، وهذا جزء من المسعى الخاص لتوحيد الصف الفلسطيني.

> إذن، كيف تنظرون الى دور حماس في المرحلة المقبلة؟

ـ حماس، مثلها مثل فتح والمنظمات الأخرى، كلها تتفق على خط، وجذور هذا الاتفاق قائمة ومساع لتحقيق ذلك قائمة. كيف نتعامل مع السلاح وغيره؟ هناك أكثر من وسيلة لذلك، فلنجعل الفلسطينيين أنفسهم يتفقون على هذا، أو كما ذكر وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط ، أن يتفقوا على مكان لها أو يأخذوا تجربة ايرلندة أو أي تجربة أخرى، أو اذا كانت هناك تجربة فلسطينية فليتبعوها. فالمهم أن نسير في اطار وحدة الخط السياسي الفلسطيني وراء أبو مازن، ونرى ما الذي يمكن أن نتبيّنه مناسباً. أما اذا ثبت أن اسرائيل تلعب كما يرى الكثيرون، أو يتوقعه الكثيرون، فيكون لكل حادث حديث، أو ربما أكثر من حديث، أو غير حديث.

> لكن التحدي الأكبر يبقى الاستيطان الاسرائيلي. اللجنة الرباعية أكدت على أن التوسع الاستيطاني يجب أن يتوقف وأن اسرائيل عليها أن تزيل البؤر الاستيطانية «غير المرخص بها». لكن، هل هناك أي بؤر استيطانية «مرخص بها»؟ كيف يمكن تفسير موقف الرباعية هذا، وهل أثرتم هذه المسألة معهم؟

ـ قلنا هذا الكلام لهم، طبعاً. أولاً، لا يوجد مرخص أو غير مرخص، فكله غير مشروع ومبني على غير أرض اسرائيلية ومن ثم باطلة وما يُبنى على الباطل باطل. هذا موقف قانوني واضح، وأي محكمة عالمية أو دولية أو وطنية أو اقليمية، عليها أن تتعامل مع هذا المبدأ، انما فلتزل اسرائيل ما تسميه بـ«غير المرخص». فلتزلها فوراً، انما هذا لا يغير أن المستوطنات الأخرى التي تقول الحكومة الاسرائيلية أنها رخّصت بها. فهي رخصت بها وليست لها سلطة هذا الترخيص، وتُبنى على أرض ليست عليها سلطة لهذا الترخيص. > رغم الحقوق المشروعة للفلسطينيين، حسب القانون الدولي، الا أن الجانب العربي يبدو عاجزاً عن تحقيق المكاسب المطلوبة في العلاقات العامة على الساحة الدولية، وهو ما يفعله الاسرائيليون بنجاح. هل بات هناك تفهم أكبر للمواقف الفلسطينية من مسألة الاستيطان؟

ـ قراءتك للبيان الصادر عن اللجنة الرباعية يؤكد لك أن الموقف نفسه تبلور دولياً في موضوع المستوطنات. أصبحوا، بصريح العبارة وبوجود الولايات المتحدة في الرباعية يقولون هذا الكلام. ولا أستطيع أن أقول اننا نجحنا في العلاقات العامة، دولياً. ولكن سلوك إسرائيل يساعدنا على العلاقات العامة. فهي في الحقيقة أكبر «بي آر» (علاقات عامة) بالنسبة لنا لأنها تقوم بكل شيء مكروه انسانياً وممنوع قانونياً ومرفوض اقليمياً وخرق للقانون الدولي. هذا يسهل علينا الموقف من العلاقات العامة.

>* ومع ذلك، فان الحكومة الاسرائيلية تتمكن من تسجيل بعض الانتصارات الدبلوماسية الهامة، مثلما حدث أخيراً في ما يتعلق بمسألة الانسحاب من غزة. ـ طبعاً. لكن لماذا؟ ليس لشطارتها وانما للحماية التي تتمتع بها. فليست السياسة الاسرائيلية هي التي تقوم بذلك من منطلق قوتها الذاتية أو تخطيطها الذاتي وإنما لأنها تتمتع بحماية غير مسبوقة جعلتها تخرق القانون الدولي دون محاسبة، ولذلك فإن الحديث في هذا ليس مع الحكومة الاسرائيلية وانما مع صاحبة الحماية عليها، أي واشنطن.

> وهل تمكنت الدول العربية من تحقيق أي نتيجة في التأثير على واشنطن بشكل يصب في مصلحة الفلسطينيين؟ ـ هناك بعض التقدم وأرجو ألا تكون هذه التمنيات على غير أساس، وأرجو ألا تكون هذه التمنيات في الهواء.

> ما هو الدعم الذي تقدمه الجامعة العربية للسلطة الفلسطينية لمساعدتها على إدارة غزة؟ فمن المعروف أن الاتحاد الأوروبي وعد بتقديم 280 مليون يورو. ما هو حجم الدعم الذي تفكر فيه الجامعة؟

ـ نحن نقدم دعماً كبيراً جداً. وهو جزء من علاقاتنا العامة الفاشلة. فالامارات وحدها تقدم 150 مليون دولار لبناء أحياء للفلسطينيين. والسعودية أكملت كافة التزاماتها. والجزائر دفعت كل سنت هي ملتزمة به تجاه الفلسطينيين. ولتوها سلمتني صكا بمبلغ 50 مليون دولار، وأنا سلمته شخصياً الى الفلسطينيين. ولذلك، فإن الفلسطينيين مرتاحون جداً لتعامل الجامعة العربية لأنها لا تبقي في يديها سنتاً واحداً من هذه الأموال. ولكن، ربما تريدين الحديث عن مشروع أوسع لتنمية غزة، ولكنني أفضل أن نتحدث عن فلسطين نفسها، وليست غزة فقط، انما غزة والضفة الغربية. ولذلك، يجب أن نتابع ونرى مدى الانسحاب الاسرائيلي من مدن وقرى الضفة ومستوطناتها حتى يمكن أن نبدأ برنامجاً للتنمية في غزة والضفة الغربية. وأنا تحدثت عن ذلك مع الأوروبيين والعرب في هذه العملية بالذات، أي دفع عملية التنمية الى جانب، أو فور أن نتأكد من كيفية سير عملية السلام.

> يقول المسؤولون الاسرائيليون، منذ فترة، انهم باشروا باتصالات سرية مع عشر دول عربية. هل ترجحون أن تكون الحكومة الاسرائيلية قامت، بالفعل، باتصالات مع هذا العدد من الدول العربية أم أنها تحاول المبالغة والمخادعة؟

ـ ربما أراد ابن العم شالوم أن يقول إنه فتح جبهة من الجبهات، انما لم يزره أي وزير عربي أو مسلم إلا وعاد الينا يقول أولاً ما الذي حصل، ثم لماذا قابله، والسبب هو وجود ضغوط ، وثالثاً أنهم كلهم أصرّوا على أن أي خطوة قادمة يجب أن ترتبط بتقدم على الارض، سواء بالنسبة للقدس او بالنسبة للضفة الغربية. وأنا، في رأيي أن السياسة الاسرائيلية لا تستأهل مجاملة عربية. لا تستأهل. وأنا لست أفهم لماذا يحيون شارون؟ بسبب الانسحاب من غزة؟ أولاً، هذا الانسحاب لم يكتمل. ثانياً، ألا يعلم الجميع أنه في اللحظة التي تنسحب فيها اسرائيل من غزة، لا تزال المستوطنات تُبنى أو تُوسع، والحائط يُبنى. ألا يعلم الجميع أن عدداً كبيراً من مستوطني غزة الذين سُحبوا منها وُطنوا في الضفة الغربية؟ فلماذا؟ لماذا هذه المكافأة المجانية؟

> اذن، أنتم لا تشجعون أبداً هذه الاتصالات..

ـ أبداً. أنا لا أشجع ولا أقبل ولا أفهم هذا الموضوع. > لكن هل يمكن لكم التأكيد على أن هذه الاتصالات تشمل عشر دول عربية؟

ـ لا، أعتقد أن العدد أقل بكثير.

> دولتان أو ثلاث أو ربما خمس؟

ـ اثنتان أو ثلاث من الدول العربية واثنتان أو ثلاث من الدول الاسلامية. أنا رأيت وزير خارجية اندونيسيا الذي ذكر لي أنه فعلاً استقبل وزير خارجية اسرائيل. وهناك فرق لأن هناك مَن ذهب الى وزير خارجية اسرائيل واحداً بعد الآخر، انما وزير خارجية اندونيسيا قال لي انه استقبل وزير خارجية اسرائيل واستمع اليه وذكر له الموقف الاسلامي والعربي المنضبط في ما يتعلق بموضوع اسرائيل. نقطة على السطر.

> وهل تعلمون ما هي الدول العربية التي يُفترض أن تكون أجرت اتصالات سرية مع اسرائيل في الفترة الأخيرة؟

ـ لا، ليست لدي أي فكرة وأرجو من جميع المتصلين سراً باسرائيل أن يبلغوني بذلك وأن يستمعوا الى رأينا في هذا الأمر، لعلّ هناك فائدة في ما يمكن أن نقوله لهم.

> ما الذي قد تقولونه لهم؟

ـ أقول إنهم يجب أن يعلِّقوا أي خطوة قادمة، على وقف الاستيطان ووقف بناء الجدار ووقف التوطين، وليس على انسحاب من غزة لم يتم ضبطه بعد.

> الى أي مدى تؤدي مواقف بعض الدول العربية التي تسعى الى اقامة علاقات مع اسرائيل خارج التفاهم العربي الذي تم التوصل اليه قبل عامين في قمة بيروت، بمبادرة سعودية، الى تقويض الموقف العربي المشترك واضعافه؟

ـ لا شك أنه يتم تقويضه، بهذا الشكل. في الحقيقة، ان الالتزام بالمبادرة العربية في بيروت هو المفتاح. نحن مستعدون للتطبيع ولسنا ضده، ولكن لكل خطوة خطوة مقابلة ولكل سياسة سياسة، ويجب أن تقوم السياسة العربية على تحقيق مكاسب متوازنة لصالح الفلسطينيين، وهذا هو الالتزام التاريخي للعرب. أما ما أراه الآن فهذا كثير، في الحقيقة، ولا لزوم له. فالسياسة الاسرائيلية لا تستأهل ذلك. > لكن هل تتمكن بعض الدول العربية من التصدي للضغوط الأميركية؟

ـ لك حق في هذا السؤال. لكن هناك حدودا، لأن بعد ذلك، الله أعلم على ما ستكون الضغوط . هل يجب الانحناء اذا كانت هناك ضغوط أن تنحني أمام اسرائيل، هل تقبل بذلك؟! > في ما يتعلق بالوضع في العراق، هناك ارتفاع ملحوظ في عمليات العنف، التي طالت، أخيراً، منطقة الجنوب الهادئة نسبياً، ومن المتوقع أن يستمر تدهور الوضع الأمني مع اقتراب موعد الاستفتاء على الدستور. أنت لست متفائلاً، أليس كذلك؟

ـ لست متفائلاً لأن اللعب بالمقدرات المذهبية والعرقية والدينية والجغرافية في وقت واحد هي وصفة لا يمكن أن تؤدي الى خير.

> ما الذي تقصدونه تحديداً؟

ـ هناك عملية سياسية مستمرة، وأنا لا أعترض عليها. وهناك دستور يتم الاتفاق عليه وهذا من شأن العراقيين، الا النص الخاص بعروبة العراق وانتهينا منه. تدخلنا فيه وجرت مباحثات ومفاوضات وانتهت الى صيغة مقبولة. كان من الممكن أن تكون أفضل ولكنها مقبولة وهي الصيغة التي تبقي على العراق في اطار العالم العربي وفي اطار الكون العربي. وطبعاً هناك مواد كثيرة في الدستور مقبولة وغير مقبولة، مُجمع عليها وغير مُجمع عليها، ولكن هذا من شأن العراق. وكل ما يتعلق بالعملية السياسية، من انتخابات الى دستور الى استفتاء الى انتخابات مرة أخرى، هو أمر جيد. ولكن، هناك مسار آخر في الشارع، وهو القتل والتمرد أو «الانسرجنسي»، كما أفضل تسميتها. اذن، هناك مسار آخر في العراق وهو مسار ما يُسمى بـ«الانسرجنسي»، كما أن هناك مسار الشد والجذب الطائفي والديني والعرقي، وهو مسار آخر. فنحن نرى مسارين في العراق.

> ولكن، من الواضح أن مسالة العنف والتمرد التي تتحدثون عنها ستستمر طالما أن وجود القوات الأجنبية مستمر.

ـ لا، لا، لا. ليس فقط طالما أن الوجود الأجنبي مستمر، وانما طالما أن سياسة اللعب بالطوائف والتفرقة قائمة، وليس فقط الاحتلال أو الوجود الأجنبي، لأن ربما الوجود الأجنبي متفاهم عليه مع السلطة العراقية الحالية، وربما الوجود الأجنبي حتى الآن مدعوم بقرار مجلس الأمن، الذي يتحدث عن انهاء التفويض في آخر هذا العام أو مع انتهاء العملية السياسية المقرر لها جدول زمني في القرار. ولا بد أن ينتهي هذا الوجود الأجنبي، والسلطة العراقية تقول انها غير قادرة على ضبط الأمن وستتفاهم مع التحالف على تاريخ آخر. انما هذا هو جزء من المشكلة، وان كان جزءاً كبيراً منها. ولكن هناك جزء آخر، وهو اللعب بالمقدرات الطائفية والمذهبية والدينية.

> ولكن، بما أنكم تقرون بأن استمرار الوجود الأجنبي هو جزء كبير من المشكلة. هل من المفيد، برأيكم، أن يبدي العراقيون في استفتائهم المقبل على الدستور رأيهم في مسألة الوجود الأجنبي أيضاً؟

ـ لا، هذه المسألة تأتي بعد الاتفاق حول الدستور والانتخابات القادمة، التي أعتقد أن الجميع سيشارك فيها، اذ من الضروري أن تأتي حكومة ستمثل الشعب العراقي، وهذه الحكومة هي التي تتخذ القرار مع الأخذ بالاعتبار أن موضوع الوجود الأجنبي هو استثناء وليس قاعدة. ولا بد أن يكون مؤقتاً واستثنائياً، اذ ينبغي خروج القوات الأجنبية في نهاية المطاف. ولذلك، دعوت في شرم الشيخ، في نوفمبر الماضي، باسم الجامعة العربية، الى خطة من خمس نقاط. الأولى تتعلق بالتواؤم والتفاهم الوطني، أي المصالحة الوطنية، التي يجب أن تتم، ويجب على الجميع، بما في ذلك الجامعة العربية والأمم المتحدة والتحالف والاتحاد الأوروبي والايرانيون والعراقيون أنفسهم، أن يعملوا على عقد مؤتمر يجمع كل هذه القوى للتفاهم على مستقبل العراق. والنقطة الثانية تتعلق بوضع جدول زمني لانسحاب قوات التحالف. والنقطة الثالثة تركز على ضرورة لعب الأمم المتحدة دوراً أكبر لا يقتصر على صياغة الدستور أو مراقبة هذه المسألة أو تلك. والنقطة الرابعة أنه لا بد من أن يأخذوا في الاعتبار أن هناك شبكة أمان عربية للعراق ومستقبل العراق وانه اذا كانت هناك نقاط يرفضها الرأي العام العربي، سيكون هناك توتر كبير في المنطقة، ولذلك دعوت الى دور للجامعة العربية باعتبارها تشكل شبكة الأمان العربية للعراق الحالي والمستقبلي. والنقطة الخامسة تتعلق بموضوع الاعمار. هل معقول أن يكون العراق الغني والثري والذي يملك النفط في هذا الموقع الفقير؟ هناك لعب بالمقدرات و..... هذه الثروة.

yasmeen
09-29-2005, 02:38 PM
> تتحدثون عن شبكة أمان عربية وتقدمون اقتراحات من شأنها مساعدة العراق. ولكن، أين الدول العربية مما يحدث في العراق؟ وألا تعتقدون أن انتقادات الحكومة العراقية للدول العربية، لعدم تقديمها الدعم المطلوب، لا سيما في هذه المرحلة الحرجة، هي انتقادات مبررة وفي محلها؟

ـ هذا سؤال مشروع. وكلام الدكتور الجعفري بأنه كان يرجو أن يكون هناك دور عربي أكبر، هو أيضاً كلام مشروع. انما على أرض الواقع الآن الاقتراحات التي قُدمت تؤدي الى حل بعض علامات الاستفهام. سفارات عربية ذهبت الى بغداد وأنت تعلمين جيداً ماذا حصل للسفارات المصرية والجزائرية والبحرينية. كما أن مستشفى سعودي ذهب، وأنت تعلمين ماذا حصل لهذا المستشفى. قلنا اذا أنتم تريدون أي تدخل عربي، في حفظ السلام وغيره، تعالوا نتكلم في شروطه، ولكن لا أحد يريد أن نتكلم في شروطه. يبدو أن هناك أيضاً في العراق قوى لا تريد أن يتدخل العرب، وفي نفس الوقت، لا تسمح الظروف لتدخل كبير. قارني وجود الأمم المتحدة، مثلاً، فهي موجودة في عمان وليس في بغداد. ولا يوجد سوى ثلاثين أو أربعين واحدا في العراق. الكلام عن وجود الأمم المتحدة مجرد كلام، لا يسنده الواقع. ويجب أن تقوم الأمم المتحدة بدور أقوى. وانظري أيضاً الى ما حصل السنة الماضية من بعثة لتقصي الحقائق التي زارت العراق وقابلت عدداً من المسؤولين العراقيين. وأنا استقبلت في الجامعة العربية كافة أطياف العراق، عرباً وأكراداً، سنة وشيعة، .. وتركمان، فنحن لسنا بعيدين عما يجري في العراق، سواء في ارسال البعثات أو في استقبال الزعماء والأطياف السياسية العراقية. أما في ما يتعلق بسفري الى العراق، فلا بد لي، في وقت قريب، أن أقوم بهذه الزيارة، ولكن في الوقت القريب المناسب. وطبعاً، نريد أن نفتح مكتباً للجامعة العربية، ولكن بعد ما حدث للسفارات العربية، هناك تردد عند الناس. أنا لا أستطيع أن آتي بواحد وأقول له «يللا روح».

> اذن عدنا قليلاً الى موضوع مسودة الدستور العراقي ودعوتكم للابقاء على الطابع العربي للعراق التي رآها البعض تدخلاً في الشؤون العراقية. هل كان ملائماً للجامعة العربية ولأمينها العام، التدخل في هذه المسألة؟

ـ طبعاً، كان ملائماً ونصف! هذا واجب الأمين العام أن يتحدث عن الهوية العربية وأن يعمل على الحفاظ على الهوية العربية للدول الأعضاء، بالاضافة الى أن الأمين العام لا يخترع شيئاً انما هو يؤكد أشياء ويرى بعض المناورات لطمسها والا ما كان لنجح فيها. فاذا كان الموضوع غير ذلك على أرض الواقع ما كان من الممكن أن نصل الى ما وصلنا اليه في ما يتعلق بالدستور، فهم قبلوا به. والمادة تقول: العراق بلد متعدد الأعراق والأديان والمذاهب وهو جزء من الأمة الاسلامية وعضو مؤسس وفاعل في جامعة الدول العربية ملتزم بميثاقها وقراراتها. هذا مقبول. وهذه صياغة لا بأس بها ربطت الأمور كلها، عربياً واسلامياً، مع أخذ الواقع العراقي في الاعتبار.

> لكن، ألا يجب أن يقرر العراق، المتعدد الثقافات والأديان واللغات، بنفسه كيف يريد أن يعرِّف عن نفسه؟ لا شك أن اسقاط الاشارة الى العراق «كدولة عربية» كان تنازلاً قدمته الغالبية العربية من أجل ضمان وحدة العراق. ـ نحن وصلنا بطريقة دبلوماسية الى الحفاظ على الاطار العام. والعراق هو الذي قرر بنفسه. ما حدث هو أنني كنت على اتصال بأعضاء في لجنة صياغة الدستور. ولم أضغط أو أفرض شيئاً على أحد، بل تحدثت من منطق معين.

> نظراً للوضع الجيوسياسي القائم في الشرق الأوسط، هل يمكن لايران أن تصبح شريكاً أساسياً للجامعة العربية، لا سيما أن الروابط التاريخية بين العراق وايران، مثلاً، أقوى من العلاقات بين عدد من أعضاء الجامعة العربية، سواء كان لبنان والصومال أو تونس وجيبوتي؟

ـ سؤال مهم. استراتيجياً، العالم العربي يتشكل من المغرب العربي والوسط العربي والخليج العربي والقرن الافريقي. وهم مترابطون تماماً. ولن يجبر أحد أحداً على دخول الجامعة العربية، انما تقدمت جيبوتي، وهم يتعلمون العربية لأنها جزء من تراثهم، ولكن نهضة التعريب وتعلُّم العربية موجود. وايران دولة كبيرة في الشرق الأوسط ودولة لها احترامها، ومن الأهمية أن تكون هناك علاقة طيبة وصريحة بين العرب وايران، وليس من مصلحة أحد تحريك النعرات القديمة بين الفرس والعرب. وهذا ما نتحدث عنه. وهناك آراء كثيرة في هذا الموضوع. > اتخذت الجامعة العربية موقفاً مؤيداً لايران، في خلافها مع الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية، في ما يتعلق ببرنامجها النووي. الى أي مدى أنتم واثقون من أن هذا الدعم العربي يمكن أن يصمد في وجه الضغوط الأميركية، في ظل تصعيد هذه الأزمة بين الأطراف المختلفة؟

ـ هناك ضغوط، فعلاً، أسمع عنها بشكل مباشر واحياناً أقرأ عنها. ولكن، أنا أنطلق والجامعة العربية تنطلق وكذلك العالم العربي ينطلق، من المبادرة العربية الخاصة باقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. هذا يقتضي أن نعمل على ألا تتسلح ايران نووياً، وانما يقتضي، في الوقت نفسه وفي اللحظة ذاتها، أن ينطبق نفس الشيء على اسرائيل. أما أن نُدفع الى معالجة الملف النووي الايراني دون معالجة الملف النووي الاسرائيلي، فأرى أن في هذا اجحافاً كبيراً في أمن الشرق الأوسط ، بكل صراحة، ولا يجب أن نسير في هذا الطريق، فاما الطريق على الاثنين أو الأمر يكون فيه سياسة خاطئة جداً لا يجب أن نكون جزءاً منها.

> واضح أن البرنامج النووي الايراني يتم التعامل معه على أساس النوايا وليس الأدلة..

ـ ما هو حق لايران يجب أن تأخذه باعتبارها عضواً في معاهدة منع الانتشار وحقوقها الثابتة في تنمية الاستخدام السلمي للطاقة النووية. هذا حق ثابت، وإلا يصبح الانضمام الى معاهدة منع الانتشار عبثاً، وقد تنهار معاهدة منع الانتشار اذا أُسيء استخدام الملف الايراني، اذن السياسة مع ايران كانت سياسة قائمة على أن تختار هذا الحق وتنكر ذلك الحق، واللعب بمعاهدة منع الانتشار. بالنسبة لما أراه، فان الوضع في الشرق الأوسط، يتطلب نزع سلاح الكل، بما في ذلك ايران أو الاتفاق مع كل دول المنطقة على عدم التوجه نحو التسلح النووي، انما التعامل مع الملف الايراني دون الملف الاسرائيلي، أعتقد أنه ضار جداً بالأمن الاقليمي وبالأمن العربي وحتى بالأمن الدولي.

> بالانتقال الى الوضع في لبنان وسورية. في ضوء استمرار التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، هل تعتقد أن نتيجة التحقيق ستساهم في تهدئة الأمور أم في تأجيجها؟ ـ لا أعلِّق على تقرير لم أره بعد، ولا على شائعات تُطلق. أنا لن أعلق اطلاقاً الا بعد صدور التقرير.

> في هذه الأثناء، واشنطن لا تخفي أنها تفضل تغيير النظام في سورية. ما مدى قلقكم من تطبيق الادارة الأميركية هذه السياسة في المنطقة؟

ـ قلقي على المنطقة ككل، وليس فقط على سورية أو لبنان أو العراق أو فلسطين. فالمنطقة تغلي على سطح من صفيح ساخن، والشرق الأوسط كله على سطح من صفيح ساخن، بما فيه العالم العربي.

> وما الذي تفعله الجامعة العربية للتخفيف من حدة هذا التوتر في المنطقة؟

ـ بقدر ما أود أن أخفف من سخونة هذا الصفيح الا أنني لا أستطيع أن أفعل ذلك، أو لا أستطيع أن أفعل ذلك وحدي.

> هل آن الأوان، برأيك، لتصلح الجامعة العربية نفسها، كما تسعى الأمم المتحدة الى فعله، من أجل مواجهة هذه التحديات الجديدة التي تمر بها المنطقة، بصورة أكثر فاعلية؟

ـ طبعاً، هل هذا يحتاج الى كلام؟ انما نحن بدأنا بهذا الاصلاح. أولاً، سوف أدعو في ديسمبر المقبل الى اجتماع أول برلمان عربي واسمه البرلمان الانتقالي، ويبقى انتقالياً لفترة خمس سنوات وهذا هو فتح جديد باعتباره يدخل النشاط البرلماني الى عمل الجامعة العربية، وهو مختلف عن اتحاد البرلمان العربي، الذي عمل مع الأمانة العامة للجامعة العربية لصياغة هذا المنطلق الجديد. ولعلك تدركين مدى أهمية هذه النقلة. وفي نفس الوقت أعيد تنظيم المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، وفتح الباب لمنظمات المجتمع المدني العربية ومنظمات القطاع الخاص العربي. وقد تقرر أخيراً وقف التصويت بالإجماع وأن يكون بالأغلبية. وأعيدت هيكلة الجامعة العربية بادارات جديدة، بما فيها ادارات حقوق الانسان والادارات الخاصة بالبحث العلمي والادارات الاقتصادية والاجتماعية، وبالذات الموضوع الاجتماعي الذي لم يكن عليه تركيز أصبح الآن احد الأقسام الرئيسية في عمل الجامعة العربية. ولا يزال أمامنا مشوار طويل. والجامعة العربية ليست المبنى الأنيق الموجود في ميدان التحرير فقط. الجامعة تقوم على أكثر من عشرين وكالة متخصصة وصندوق وبنك. وتقوم على وجود أكثر من عشرين مجلس وزراء عرب. وتقود عملاً اقتصادياً أدى الى دخول منطقة التجارة الحرة العربية حيز النفاذ في أول يناير من هذا العام، والدول العربية في اطار الجامعة تدرس الآن موضوع الاتحاد الجمركي العربي، وما اذا كنا نتمكن من تطبيقه خلال السنوات الخمس المقبلة أم لا. والجامعة هي التي تخطط لسوق عربية مشتركة بعد عشر سنين من انطلاقة منطقة التجارة الحرة، وهي التي أطلقت ميثاق الأسرة في العالم العربي، وهي عملية ناجحة جداً بالتعامل مع الأمم المتحدة. وسمحت بتقرير الأمم المتحدة للتنمية أن يُطلق من فوق منبرها. هذا تطور كبير في الجامعة العربية.

> ولكن الجامعة تبدو شبه غائبة عن التطورات السياسة الساخنة في المنطقة.. ـ ليست غائبة عن العراق كما ترين، وليست غائبة عن فلسطين كما تعلمين، ولم تكن غائبة عن السودان اطلاقاً بل كانت نشطة جداً في موضوع السودان. انما الأمر يقتضي منكم أن تقرأوا ليس العناوين فقط بل أن تتابعوا موقع الجامعة على الانترنت لمتابعة ما تفعله. هناك الآن هجوم على الجامعة لأن هناك مَن يريدون القضاء على أي صلة عربية.

فأنا لما قلت للأخوان العراقيين لا بد من نص في الدستور على الصلة العربية العراقية والاطار العربي للعراق، هاجمني كتاب عرب، تصوري. شيء يدعو الى السخرية من هذا الكلام، ونحن لم نتدخل في الدستور بل تدخلنا في مادة واحدة لحساب الكل. فهناك هجمة على الجامعة العربية، وأعتقد أن هناك دوائر معينة خارجية أكثر منها عربية وان كان هناك أيضاً بعض العرب يرون انتهاء هذه الصيغة، خلاص خلونا ننسى أننا عرب. وهذه نظرية لا أتفق معها على وجه الاطلاق لأنها وصفة لتناثر أكثر، وبالذات الدول العربية الأقل قوة ستكون في مهب الريح، لأن الصلات العربية مع الدول العظمى مرهونة بارادة الدول العظمى ومصالحها، وحين تنتهي هذه المصلحة، في أي لحظة، تُسقط أي دولة من الحساب.

انما الباقي هو الصلة العضوية العربية اليوم وغداً وما بعده. وعندما أدافع عن الجامعة العربية لا أدافع عن الجامعة في عهدي أنا، ولكن الجامعة، منذ أنشئت أفادت العرب كثيراً. لما اعتدى صدام حسين على الكويت كانت القمة العربية في القاهرة هي التي قررت تدخل الدول العربية مع جيوش أخرى لتحرير الكويت، بقرار من قمة القاهرة. فالجامعة مفيدة تماماً وحامية للمصالح العربية، وأرجو من كل العرب، حكومات ومنظمات وشعوباً، أن يساعدوا الجامعة على الاستمرار وليس أن يهدموها. > كل أمين عام للجامعة العربية، منذ تأسيسها في العام 1945، كان مصرياً، باستثناء الفترة ما بين 1978 الى 1991 عندما تم تعليق عضوية مصر. ألم يحن الوقت لوضع نظام تداول لهذا المنصب ووقف احتكار مصر له؟

ـ ربما، ولم لا؟ وعندما تحدث الأخ وزير خارجية الجزائر في هذا، أنا لم أر في ذلك أي غريب، لماذا؟ هذا رأي وربما الجامعة ستقرر ذلك، ولكن في نفس الوقت يجب أن يؤخذ في الاعتبار موقع مصر ودورها وتأثيرها. فعندما تكلم الأخ عبد العزيز بلخادم في هذا الموضوع، حتى الآن، بعض الكتاب، وربما لديهم غرض ما، يعتقدون أن هناك خناقة بين الجزائر والأمين العام، رغم أنه لا يوجد، بالعكس، فأنا رحبت بكلام بلخادم وأرى أن كلامه كان طيباً للغاية.

> لا شك أنك واحد من أبرز الأمناء العامين للجامعة العربية، ان لم تكن أبرزهم، والأكثر اثارة للجدل بسبب مواقفك العديدة. كيف تصف تجربتك في الجامعة العربية؟

ـ أنا استمتعت بالخمس سنوات التي كنت خلالها أميناً عاماً للجامعة العربية لأنني عرفت العالم العربي من الداخل وكيف يفكر العرب، والميل الانتحاري للعرب، وكنت مندهشاً، فرغم أنني كنت وزير خارجية مصر عشر سنوات، أعترف أنني لم أعرف العرب كما عرفتهم في الخمس سنوات الأخيرة، وبالتالي فكانت سنوات مفيدة للغاية. وهذه هي السنة الخامسة والأخيرة.

> وهل ستسعون لفترة جديدة؟

ـ لن أجيب الآن، لأن لكل أمر ظروفه وشروطه.

> أم أن لديكم طموحات أكبر؟

ـ لكل أمر ظروفه وشروطه.

> يرى البعض أنكم لم تحققوا ما كان متوقعاً منكم كأمين عام للجامعة العربية. ما الذي كنتم تسعون لتحقيقه ولم تنجحوا فيه؟

ـ لم أتمكن من تحقيق بعض ما سعيت اليه. لو كانت الدول العربية دعمت الجامعة العربية مادياً ومعنوياً لانطلقنا بأسرع ما يمكن، وبدلاً من أن نحقق 3 أو 4 على 10، كنا حققنا 7 أو 8 على 10. أهم شيء انني عندما آتي لدراسة موضوع ما أجد من الخبراء الأكفاء مَن يدلني على الطريق السليم. الدول العربية لم تمكنني من أن ألجأ الى الخبراء الذين يجب أن أتجه اليهم، انما قلة الأموال والدعم المالي خلّت العمل يكون أقل وربما كفاءة العمل في بعض النواحي أقل. لو عندي فلوس أكثر والنوايا العربية طيبة ازاء الجامعة العربية لكانت الجامعة العربية عملت الكثير في اطار خدمة المواطنين العرب والربط بين العالم العربي وفي اطار خدمة القضايا السياسية.

> كيف تتعاملون مع الانتقادات الشديدة التي توجهها لكم بعض الحكومات العربية؟

ـ أحياناً تساعدني هذه الانتقادات كثيراً، وأي انتقاد موضوعي أقبله. ولا أحد كامل. وأي انتقاد موضوعي مهم، أما الشتائم فأنا لا أتحدث عنها ولا أرد عليها، وطالما أنك تعمل في السياسة فلا بد أن تتحمل هذا وذاك. وأنا أرحب بالنقد البناء.