فاتن
09-26-2005, 11:57 PM
الفلكي الأميركي آرب: نظرية «الانفجار الكبير» (بيغ بانغ) تساوي خطأً كبيراً !
علي الشوك - الحياة
* كاتب عراقي.
هذا العالم الفلكي الذي يرهبه معظم علماء الفلك والفيزياء السائرين في ركاب المؤسسة العلمية الرسمية، ويحاربونه، هو هالتون آرب Halton Arp، اخطر عالم فلك على وجه الأرض، بشهادة الفلكي وليم كوفمان. وسر خطورته يكمن في الأدلة التي قدمها ضد نظرية الانفجار الكبير Big Bang حول نشوء الكون. لكن الجالية العلمية الرسمية ترفض الاعتراف بهذه الأدلة، بسبب بسيط، هو ان الاعتراف بها يترتب عليها سقوط العروش العلمية الحالية، وفقدانها امجادها ومصالحها. لهذا فُصل هالتون آرب من عمله، وهمش، وحورب حتى من دور النشر.
تقول نظرية الانفجار الكبير ان الكون كان قبل زهاء خمسة عشر بليون سنة بحجم الهباءة، وإن درجة حرارة هذه الهباءة كانت لا نهائية، وطاقتها كانت لا نهائية ايضاً، ثم انفجرت، وأخذت بالتمدد منذ تلك اللحظة حتى يومنا هذا. وتؤكد هذه النظرية، المعتمدة في المدارس والجامعات العالمية، انه لم يكن ثمة فضاء، ولا زمن، قبل لحظة الانفجار. وأن الفضاء هو الذي تمدد ويواصل تمدده الآن، ساحباً معه المادة. ومن بين اسانيد هذه النظرية القائلة بتمدد الكون، ان المجرات الكونية تعطي انزياحاً نحو اللون الأحمر (في الطيف الضوئي) عند رصدها. وبما ان الضوء المبتعد عنا يعطي مثل هذا الانطباع، أي انزياحاً نحو الأحمر، فقد استنتج اصحاب هذه النظرية ان الكون مستمر في تحدده.
لكن هالتون آرب اكتشف ما دعاه بـ «ظواهر ملغزة ومحيرة» لا تتماشى مع ما تذهب إليه نظرية الانفجار الكبير. فقد لاحظ ان هناك اجراماً سماوية متساوية البعد عنا، لكنها تعطي انزياحاً نحو الأحمر مختلفاً جداً، وبعد ان التقط صوراً فوتوغرافية بواسطة اكبر التلسكوبات، اكتشف ان العديد من الأزواج من نوع معين من الأجرام السماوية، التي تدعى كويزرات Quasars، ذات الانزياح الشديد نحو الأحمر (وبالتالي يُفترض انها تتباعد عنا بسرعة كبيرة، بمقتضى نظرية الانفجار الكبير، ما يعني انها تقع على مسافات بعيدة جداً منا) مرتبط بمجرات لها انزياح واطئ نحو الأحمر، وبذلك يُعتقد بأنها قريبة نسبياً. وكانت الصور الفوتوغرافية التي قدمها هالتون آرب مذهلة في تعارضها مع نظرية الانفجار الكبير.
لكن المؤسسة العلمية الرسمية رفضتها، وفصلت آرب من عمله، لأن الاعتراف في صحة مكتشفاته يزعزع نظرية الانفجار الكبير، وينسف الصرح الهائل الذي تأسس على هذه النظرية، بما في ذلك مصالح ومراكز اعداد كبيرة من العلماء المتمسكين بهذه النظرية.
وقال بعضهم: اذا كان آرب على صواب (حول ان الانزياح نحو اللون الأحمر ليس بالضرورة مؤشراً على المسافة، أي التمدد)، وإذا تعززت اكتشافاته، فسيكون قد زعزع – بمفرده – علم الفلك الحديث برمته من اساسه، اذا كان مصيباً فإن احد اعمدة علمي الفلك والكونيات الحديثين سينهار انهياراً لا مثيل له منذ ان اثبت كوبرنيكوس ان الشمس، وليست الأرض، كانت مركز النظام الشمسي.
وقال آخرون: اذا كان آرب مصيباً (وهناك ادلة قوية تشير الى انه مصيب)، فإن الكون لا يعمل على نحو يتفق مع نظرية الانفجار الكبير.
وقال غيرهم: من الصعب اهمال الدكتور آرب، فقد عمل مع ادوين هَبُل نفسه (ابرز عالم فلك في النصف الأول من القرن العشرين)، وكان من ابرز العاملين في مرصد مونت يالومار في اميركا.
وقد أصدر آرب كتاباً بعنوان (Seeing Red)، ضمنه كل آرائه واكتشافاته. وقال عن كتابه هذا ان غرضه من نشر هذا الكتاب هو طرح معلومات لا يمكن الوصول إليها بوسيلة اخرى. وقبل نحو عشر سنوات ظهر كتابه الأول حول هذا الموضوع. كتب هذا الكتاب الأول بين 1984 – 1985، لكنه لم ينشر إلا بعد عامين، بعد ان رفضه عدد لا يحصى من الناشرين. وبعد ان نشر، اصبح من بين العناوين والمواضيع التي ينبغي تجنبها بأي ثمن. ذلك ان معظم الفلكيين المحترفين لا يرغبون في قراءة أي شيء يخالف او يناقض ما يعتبرونه صحيحاً. ويقول آرب: «قبل ان يخيب ظني، حدث شيء رائع. صرت اتسلم رسائل من علماء في كليات صغيرة، في مختلف فروع المعرفة، ومن هواة، وطلاب وناس اعتياديين، لقد اذهلني وأسعدني الهواة بصفة خاصة، لأنهم كانوا ينظرون بجد الى الصور، وكانوا ملمين بخلفيات القصة».
وبعد عشر سنوات، وعلى رغم موقف الجالية العنيد ضده، اصبح على يقين من ان الأدلة المستقاة في الرصد اصبحت كاسحة، وأن نظرية الانفجار الكبير انقلبت في واقع الحال رأساً على عقب. ويقول هالتون آرب: «ان احدى فوائد هذا الكتاب – الأخير – هي انه يستند الى فرضية بسيطة، حول طبيعة الانزياح نحو الأحمر في المجرات. ولا شك ان كلاً من الطرفين في النزاع لديه وجهات نظر معقدة ومدروسة، يعتقد بأنها مدعومة اميركياً ومنطقياً. مع ذلك لا بد من ان يكون احد الطرفين مخطئاً بصورة تامة وفاجعة. وتلك هي المسألة. وهذا هو سبب التشبث بموقفهم».
وفحوى كتابه يستند الى الحقيقة الآتية: لأن الأجسام المتحركة في المختبر، او النجوم المزدوجة التي تدور احداها حول الأخرى، او المجرات الدوّارة، كلها تعطي انزياحاً نحو الأحمر يتفق مع ظاهرة دويلر، في اثناء تراجعها، فقد افتُرض في علم الفلك ان الانزياح نحو الأحمر لا يعني سوى تراجع الأجرام السماوية.
لكن البرهان المباشر على هذه الفرضية لا يزال غير متوافر. وعلى مر السنين ظهرت متناقضات بهذا الصدد، ورُفضت. ويقول آرب: «على انني آمل ان يكون الدليل الذي اقدمه في هذا الكتاب مقنعاً لأنه يطرح براهين مختلفة كثيرة على الانزياح الطبيعي في العديد من المظاهر الفلكية: من النجوم، الى الكويزرات، والمجرات، ومجموعات المجرات».
لذلك، يقول آرب، سيثير الكتاب الحالي حفيظة وسخط العديد من العلماء الأكاديميين. وأن العديد من اصدقائي في المهنة سيستاؤون كثيراً، فلماذا كتبته؟ اولاً، ينبغي على كل امرئ ان يقول الحقيقة كما يراها، لا سيما حول اشياء مهمة. وواقع ان غالبية الممتهنين يضيق صدرهم حتى بالآراء التي تبدو مخالفة لما يؤمنون به، يدعوك الى الإيمان بضرورة التغيير. وأصدقائي الذين يكافحون ايضاً من اجل ان يضعوا الأمور في نصابها يعتقدون في الغالب بأن تقديم الأدلة وطرح نظريات جديدة يكفيان لأن يحدثا تغييراً، لكن من غير اللائق توجيه نقد الى المؤسسة التي ينتمون إليها ويثمنونها. بيد انني لا اتفق معهم، لأنني اعتقد بأننا اذا لم نفهم لماذا يفشل العلم في تصحيح نفسه، فلن يكون في الإمكان اصلاحه.
علي الشوك - الحياة
* كاتب عراقي.
هذا العالم الفلكي الذي يرهبه معظم علماء الفلك والفيزياء السائرين في ركاب المؤسسة العلمية الرسمية، ويحاربونه، هو هالتون آرب Halton Arp، اخطر عالم فلك على وجه الأرض، بشهادة الفلكي وليم كوفمان. وسر خطورته يكمن في الأدلة التي قدمها ضد نظرية الانفجار الكبير Big Bang حول نشوء الكون. لكن الجالية العلمية الرسمية ترفض الاعتراف بهذه الأدلة، بسبب بسيط، هو ان الاعتراف بها يترتب عليها سقوط العروش العلمية الحالية، وفقدانها امجادها ومصالحها. لهذا فُصل هالتون آرب من عمله، وهمش، وحورب حتى من دور النشر.
تقول نظرية الانفجار الكبير ان الكون كان قبل زهاء خمسة عشر بليون سنة بحجم الهباءة، وإن درجة حرارة هذه الهباءة كانت لا نهائية، وطاقتها كانت لا نهائية ايضاً، ثم انفجرت، وأخذت بالتمدد منذ تلك اللحظة حتى يومنا هذا. وتؤكد هذه النظرية، المعتمدة في المدارس والجامعات العالمية، انه لم يكن ثمة فضاء، ولا زمن، قبل لحظة الانفجار. وأن الفضاء هو الذي تمدد ويواصل تمدده الآن، ساحباً معه المادة. ومن بين اسانيد هذه النظرية القائلة بتمدد الكون، ان المجرات الكونية تعطي انزياحاً نحو اللون الأحمر (في الطيف الضوئي) عند رصدها. وبما ان الضوء المبتعد عنا يعطي مثل هذا الانطباع، أي انزياحاً نحو الأحمر، فقد استنتج اصحاب هذه النظرية ان الكون مستمر في تحدده.
لكن هالتون آرب اكتشف ما دعاه بـ «ظواهر ملغزة ومحيرة» لا تتماشى مع ما تذهب إليه نظرية الانفجار الكبير. فقد لاحظ ان هناك اجراماً سماوية متساوية البعد عنا، لكنها تعطي انزياحاً نحو الأحمر مختلفاً جداً، وبعد ان التقط صوراً فوتوغرافية بواسطة اكبر التلسكوبات، اكتشف ان العديد من الأزواج من نوع معين من الأجرام السماوية، التي تدعى كويزرات Quasars، ذات الانزياح الشديد نحو الأحمر (وبالتالي يُفترض انها تتباعد عنا بسرعة كبيرة، بمقتضى نظرية الانفجار الكبير، ما يعني انها تقع على مسافات بعيدة جداً منا) مرتبط بمجرات لها انزياح واطئ نحو الأحمر، وبذلك يُعتقد بأنها قريبة نسبياً. وكانت الصور الفوتوغرافية التي قدمها هالتون آرب مذهلة في تعارضها مع نظرية الانفجار الكبير.
لكن المؤسسة العلمية الرسمية رفضتها، وفصلت آرب من عمله، لأن الاعتراف في صحة مكتشفاته يزعزع نظرية الانفجار الكبير، وينسف الصرح الهائل الذي تأسس على هذه النظرية، بما في ذلك مصالح ومراكز اعداد كبيرة من العلماء المتمسكين بهذه النظرية.
وقال بعضهم: اذا كان آرب على صواب (حول ان الانزياح نحو اللون الأحمر ليس بالضرورة مؤشراً على المسافة، أي التمدد)، وإذا تعززت اكتشافاته، فسيكون قد زعزع – بمفرده – علم الفلك الحديث برمته من اساسه، اذا كان مصيباً فإن احد اعمدة علمي الفلك والكونيات الحديثين سينهار انهياراً لا مثيل له منذ ان اثبت كوبرنيكوس ان الشمس، وليست الأرض، كانت مركز النظام الشمسي.
وقال آخرون: اذا كان آرب مصيباً (وهناك ادلة قوية تشير الى انه مصيب)، فإن الكون لا يعمل على نحو يتفق مع نظرية الانفجار الكبير.
وقال غيرهم: من الصعب اهمال الدكتور آرب، فقد عمل مع ادوين هَبُل نفسه (ابرز عالم فلك في النصف الأول من القرن العشرين)، وكان من ابرز العاملين في مرصد مونت يالومار في اميركا.
وقد أصدر آرب كتاباً بعنوان (Seeing Red)، ضمنه كل آرائه واكتشافاته. وقال عن كتابه هذا ان غرضه من نشر هذا الكتاب هو طرح معلومات لا يمكن الوصول إليها بوسيلة اخرى. وقبل نحو عشر سنوات ظهر كتابه الأول حول هذا الموضوع. كتب هذا الكتاب الأول بين 1984 – 1985، لكنه لم ينشر إلا بعد عامين، بعد ان رفضه عدد لا يحصى من الناشرين. وبعد ان نشر، اصبح من بين العناوين والمواضيع التي ينبغي تجنبها بأي ثمن. ذلك ان معظم الفلكيين المحترفين لا يرغبون في قراءة أي شيء يخالف او يناقض ما يعتبرونه صحيحاً. ويقول آرب: «قبل ان يخيب ظني، حدث شيء رائع. صرت اتسلم رسائل من علماء في كليات صغيرة، في مختلف فروع المعرفة، ومن هواة، وطلاب وناس اعتياديين، لقد اذهلني وأسعدني الهواة بصفة خاصة، لأنهم كانوا ينظرون بجد الى الصور، وكانوا ملمين بخلفيات القصة».
وبعد عشر سنوات، وعلى رغم موقف الجالية العنيد ضده، اصبح على يقين من ان الأدلة المستقاة في الرصد اصبحت كاسحة، وأن نظرية الانفجار الكبير انقلبت في واقع الحال رأساً على عقب. ويقول هالتون آرب: «ان احدى فوائد هذا الكتاب – الأخير – هي انه يستند الى فرضية بسيطة، حول طبيعة الانزياح نحو الأحمر في المجرات. ولا شك ان كلاً من الطرفين في النزاع لديه وجهات نظر معقدة ومدروسة، يعتقد بأنها مدعومة اميركياً ومنطقياً. مع ذلك لا بد من ان يكون احد الطرفين مخطئاً بصورة تامة وفاجعة. وتلك هي المسألة. وهذا هو سبب التشبث بموقفهم».
وفحوى كتابه يستند الى الحقيقة الآتية: لأن الأجسام المتحركة في المختبر، او النجوم المزدوجة التي تدور احداها حول الأخرى، او المجرات الدوّارة، كلها تعطي انزياحاً نحو الأحمر يتفق مع ظاهرة دويلر، في اثناء تراجعها، فقد افتُرض في علم الفلك ان الانزياح نحو الأحمر لا يعني سوى تراجع الأجرام السماوية.
لكن البرهان المباشر على هذه الفرضية لا يزال غير متوافر. وعلى مر السنين ظهرت متناقضات بهذا الصدد، ورُفضت. ويقول آرب: «على انني آمل ان يكون الدليل الذي اقدمه في هذا الكتاب مقنعاً لأنه يطرح براهين مختلفة كثيرة على الانزياح الطبيعي في العديد من المظاهر الفلكية: من النجوم، الى الكويزرات، والمجرات، ومجموعات المجرات».
لذلك، يقول آرب، سيثير الكتاب الحالي حفيظة وسخط العديد من العلماء الأكاديميين. وأن العديد من اصدقائي في المهنة سيستاؤون كثيراً، فلماذا كتبته؟ اولاً، ينبغي على كل امرئ ان يقول الحقيقة كما يراها، لا سيما حول اشياء مهمة. وواقع ان غالبية الممتهنين يضيق صدرهم حتى بالآراء التي تبدو مخالفة لما يؤمنون به، يدعوك الى الإيمان بضرورة التغيير. وأصدقائي الذين يكافحون ايضاً من اجل ان يضعوا الأمور في نصابها يعتقدون في الغالب بأن تقديم الأدلة وطرح نظريات جديدة يكفيان لأن يحدثا تغييراً، لكن من غير اللائق توجيه نقد الى المؤسسة التي ينتمون إليها ويثمنونها. بيد انني لا اتفق معهم، لأنني اعتقد بأننا اذا لم نفهم لماذا يفشل العلم في تصحيح نفسه، فلن يكون في الإمكان اصلاحه.