المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مرحلة واعدة في علاج مرض السكري



زهير
09-22-2005, 06:31 AM
أدوية تطرح لأول مرة للحد من مضاعفات «الوباء العالمي» وشيك الانفلات بسبب زيادة معدلات السمنة


أثينا: د. حسن محمد صندقجي

شهد العالم انجازات كثيرة حتى اليوم في ظهور أدوية جديدة لمرض السكري، تم عرض جوانب كثيرة منها في مؤتمر المجمع الأوروبي لأبحاث مرض السكري الذي عقد في الأسبوع المنصرم في العاصمة اليونانية أثينا، وقبله اعلن من الولايات المتحدة عن أربعة عقاقير جديدة للسكرين كما تسارعت في الأسابيع وتيرة الجهود لتأمين بخاخ الأنسولين، إضافة الى التطورات في أبحاث زراعة خلايا البنكرياس لتصب كلها في الجهود التي لم تعد تحتمل الأخير في إيجاد حلول أفضل في علاج مرض السكري والحد من مضاعفاته.
إيجاد علاجات جديدة لعلاج مرض السكري غدا ضرورة اليوم، بكل ما تحمله هذه الجملة من معان، فوضع مرض السكري في العالم أصبح وشيك الانفلات بل هو كذلك في مناطق عدة من العالم مع الفوضى الحاصلة في زيادة معدلات السمنة وخاصة بين الأطفال وصغار السن من الشبان والشابات نتيجة لجملة من الأمور المتعلقة بمحتويات وكميات الوجبات الغذائية بالتزأمن مع ضعف الرقابة الذاتية والأسرية عليها إضافة الى التدني الآخذ في الانحدار لمقدار ممارسة الرياضة اليومية.

وباء السكري

* إن أعاصير التغيرات الجارية في سلوكيات نمط الحياة الصحية لا تعصف اليوم بمجتمعات دون أخرى فهي تطال كل مناطق العالم من شرقه الى غربه دون تمييز بين مجتمع نام ومجتمع آخر متقدم، وما الإحصائيات التي عرضت في مؤتمر المجمع الأوروبي لأبحاث مرض السكري الذي عقد الأسبوع المنصرم في العاصمة اليونانية أثينا عنا ببعيد، إذْ حينما تتحدث عن أن الزيادة في عدد مرضى السكري خلال العقد الماضي فاقت تسعة وخمسين مليون إنسان فإنها تقول ان هناك زيادة حصلت لعددهم في العالم بنسبة 44% عما كان عليه الحال قبل عشر سنوات. وبعمليات حسابية وإحصائية فإن ما يتوقعه الخبراء ببلوغ عام 2025 أن تحصل زيادة في انتشار ما وصفوه بالوباء العالمي بنسبة 100% في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، و20% في أوروبا، و50% في أميركا الشمالية، و85% في الأميركيتين الوسطى والجنوبية، و75% في مناطق غرب الباسيفيكي.

مشكلة وباء مرض السكري العالمي ليست في مجرد اضطرابات تنتاب مستوى نسبة السكر في الدم، فهذا عرض مظهر لمرض يتغلغل بصمت وبطء لكن يضرب بعنف لا هوادة فيه، وليس ثمة مبالغة في العبارات هنا فخطورة الوفاة نتيجة لمضاعفاته ولارتفاع مستواه في الدم تجعل مرضى السكري معرضين لخطرها بنسبة الضعف مقارنة بغيرهم ممن هم في مثل عمرهم وجنسهم وتحديداً عرضة للوفاة بأمراض شرايين القلب بنسبة تتجاوز ثلاثة أضعاف، فحوالي 75% من وفيات مرضى السكري هي بسبب أمراض شرايين القلب، وهم عرضة بنسبة تتجاوز الثلاثة أضعاف للإصابة بجلطات الدماغ. والسكري السبب الأول لحدوث فقدان البصر لدى من هم فوق سن العشرين، وهو السبب في 44% من حالات الفشل الكلوي التام، ومرضاه عرضة بنسبة تفوق 40 مرة لاحتمال بتر أحد الأطراف السفلية مقارنة ببقية الناس، وحوالي 35% من مرضى السكري يعانون من حالات ضعف الانتصاب التي يصعب علاجها حتى اليوم برغم ما يتوفر منشطات في الصيدليات والأسواق السوداء، وأخيراً وليس آخر في قائمة المضاعفات والمعاناة فإن 30% من مرضى السكري يعانون من الاكتئاب علموا بذلك أم لم يعلموا. كل هذا ناهيك عن الفاتورة الثقيلة لعلاج لمرضى السكري التي تقدرها المصادر الطبية لعلاج فقط من هم فوق العشرين من العمر بحوالي 286 بليون دولار على مستوى العالم.

وماذا بعد هذه المعلومات المؤلمة، لا شيء سوى أنه برغم كل ما حصل من تقدم في الطب لا تزال الدراسات الإحصائية الحديثة في الدول المتقدمة بالذات وليس غيرها وكمثال بريطانيا تتحدث عن أن العلاقة بين ضبط نسبة السكر في الدم لدى المرضى ومضاعفات مرض السكري تعيش حالة من الانفصام عن الواقع مما يعني، كما تصف التقارير الغربية، فشلاً في الوصول الى الهدف الحقيقي من علاج مرضى السكري ألا وهو منع حصول المضاعفات في الأعضاء المستهدفة من المرض وبلغة أدق شرايين القلب والدماغ والأطراف إضافة الى وظائف الكلى وقدرة البصر والأعصاب المركزية والطرفية، عبر التحكم الصارم في نسبة الكولسترول ومقدار ضغط الدم والوزن، وكذلك نسبة سكر الدم التي لا تزال تحتل مكانة بين الأولويات، إذْ ان خفض نسبة ترسب السكر في الهيموغلوبين (وهو ما يعكس معدل نسبة السكر في الدم خلال 3 أشهر) بنسبة 1% فقط تقلل من نسبة احتمال حصول مضاعفات السكري بشكل عام لدى المريض بمقدار 12%، وبشكل خاص تقليل نسبة المضاعفات على العين والكلى والأعصاب بمقدار 25% وعلى احتمال الإصابة بجلطة القلب بنسبة 16%.

ما الذي يعني كل هذا؟، يعني بجملة بسيطة أن هناك هدفاً واضحاً ومهماً مكوناً من أمرين لم يتحققا، وهما الحد من انتشار مرض السكري بين الناس والنجاح في علاج مرضاه خاصة منع حصول مضاعفاته سواء منها المهدد للحياة أو المسبب في الإعاقات بأنواعها وذلك على مستوى العالم، بالرغم من أنه هدف ممكن وسهل المنال. قد يقال السبب في هذا البعد عن النجاح هو عدم اتباع الناس والمرضى لإرشادات الأطباء، وهو تعليل قد يحالفه الصواب لدى عامة الناس في غاية الوقاية ولدى بعض المرضى في نجاح منع المضاعفات لكنه لا يبرر الحال مع كل المرضى بشكل عام. فالباحثون من الأطباء يرون جانباً آخر له أهمية كبيرة أيضاً وهو أن ثمة قصوراً في كفاءة الأدوية المتوفرة اليوم في القدرة على تحقيق الغاية من العلاج لأن الاهتمام فقط بتقييم الدواء على حسب قدرته في خفض نسبة السكر في الدم وخصوصاً التحليل الآني لنسبة سكر الدم لا يكفي اليوم مع توسع المعرفة الطبية بطبيعة مرض السكري وكيفية حصول مضاعفاته، من هنا ترتفع اليوم وفي هذا العام بالذات وتيرة الأبحاث والاكتشافات وهو ما يتجلى في البدء باستخدام أنواع جديدة من الأدوية مما لم يكن موجوداً من قبل أو مما نال إجازة الاستخدام من قبل الهيئات العالمية المختصة بالأدوية واستعمال المرضى لها لأول مرة هذا العام، وهي ما تجعلنا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة في علاجات السكري يتم فيها البحث وتقويم الأدوية حسب قدرتها في خفض نسبة المضاعفات إضافة الى خفض نسبة سكر الدم.

الجديد في العلاج

* علاجات مرض السكري ثلاثة أنواع اليوم، متوفر لكل الناس منها نوعان، وهي الأدوية المتناولة عبر الفم والأدوية المتناولة عبر حقن الإبر، والثالث زراعة البنكرياس الذي منه ما هو شائع كزراعة كامل البنكرياس، ومنه ما هو خاص كزراعة الخلايا المنتجة للأنسولين دون غيرها وهي لا تزال مقتصرة في الوقت الراهن على نوعية خاصة من المرضى نظراً لطبيعة التجارب عليها ليس إلا.

التطورات هذا العام طالت جميع هذه الأنواع، وكما سبق أن تحدثت في عدد سابق من الملحق عن تطورات هذا العام في تجارب زراعة خلايا البنكرياس والتطورات المتلاحقة في قرب بدء السماح بتناول المرضى للأنسولين عبر الاستنشاق بالفم بدل حقنه بالإبر بعد توصية اللجنة العلمية في إدارة الغذاء والدواء بالسماح به، فإن هذا العام أيضاً شهد ظهور علاجات جديدة إما على هيئة حقن وهي نوعان، الأول عقار اكسنتايد، والثاني عقار براملنتايد، إضافة الى ظهور أنواع جديدة من الأنسولين طويل المفعول، وإما على هيئة حبوب دوائية وهي نوعان أيضا، الأول عقار أكتوز والثاني عقار بارغليفا، إضافة الى تطويرات للأنواع القديمة المنتشرة. والحقيقة أن مؤتمر المجمع الأوروبي لأبحاث مرض السكري كان ملتقى هاما في عرض دراسات تزيد من القناعات المتوفرة بجدوى هذه الأدوية الجديدة. والذي يعتقد المراقبون الطبيون أن توفر عقار أكتوز هو أفضل تقدم الى اليوم في هذا العام.

إن التجارب والدراسات حينما تتحدث ان عن هذه الأدوية الجديدة فإنهما لا يذكران مسألة قدرتها على خفض نسبة سكر الدم فحسب بل المحك اليوم في مضمار تنافس أداء هذه الأدوية الجديدة هو مدى جدواها في الحد من المضاعفات لمرض السكري أو سهولة تناولها كل هذا مقارنة بما هو متوفر اليوم للمرضى من علاجات تعتبر قديمة بلغة الواقع.

دواء ياباني

* تناول مرضى السكري لدواء ياباني يحد بشكل واضح من نسبة الإصابة بجلطات القلب والدماغ وكذلك نسبة الوفيات بين المصابين بمرض السكري الواسع الانتشار في مختلف أنحاء العالم، فضمن وقائع اليوم الأول لمؤتمر الرابطة الأوروبية لأبحاث السكري عرضت النتائج الأساسية للدراسة الأوروبية التي تولت فحص مدى فائدة إضافة عقار أكتوز واسمه العلمي (بيوغليتازون) الى الأدوية التي يتناولها عادة مرضى السكري في التخفيف من أحد مضاعفاته المهمة ألا وهي أمراض الشرايين الكبيرة تلك التي تصيب القلب والدماغ وتؤدي الى الجلطات المهددة للحياة.

تمت الدراسة في عشر دول أوروبية، والمشمولون فيها كانوا هم بالأساس مرضى السكري المصابين بالنوع الثاني منه، واقتصرت الدراسة على من تجتمع فيهم عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب والدماغ. هذه الشريحة من مرضى السكري هي أصعب شرائح المرضى في التحكم بعلاجها للحيلولة دون إصابتها بالمضاعفات المهددة. ضمن هذه المجموعة الصعبة كان اختبار فائدة هذا العقار، فتمت متابعة ما يزيد على 5000 مريض بهذه الصفة المتقدمة، نصفهم تناول هذا العقار الجديد بالإضافة الى تناول باقي الأدوية التي يستخدمونها كعلاجات الكولسترول أو ضغط الدم أو السكري من حبوب أو أنسولين وكذلك أدوية القلب الأخرى كالأسبرين وغيرها، والنصف الآخر لم يتناول هذا العقار بل تناول الأدوية المعتادة للسكري والأمراض المصاحبة الأخرى المذكورة.

دراسة «بروأكتف» الأوروبية الكبيرة تعتبر الأولى عالمياً، وبرغم أنها خاضت غمار أكثر مجموعات المرضى عرضة لما يهدد حياتها فإنها مع ذلك جاءت بنتائج تثير الدهشة إذْ أن نسبة الوفيات ومعدل حصول جلطات الدماغ وجلطات القلب كانت أقل بنسبة 16% بين من تناولوا هذا العقار مقارنة بمن لم يتناولوه. كما أنها أظهرت على حد قول الباحث الرئيس في الدراسة البروفسور جون دورمندي من مستشفى سانت جورج التابع لجامعة لندن أن حاجة المرضى الى أخذ علاج الأنسولين قلت بنسبة تجاوزت 50%، وأن هناك انخفاضاً إيجابياً طفيفاً لكنه مهم في مقدار ضغط الدم، وانخفاضا في نسبة الدهون الثلاثية في الدم بمقدار 13% وارتفاعاً مهماً في نسبة الكولسترول الثقيل بنسبة تفوق 9% وهو الكولسترول الحميد المفيد للجسم والشرايين في حال ارتفاعه، كما أن معدل نسبة سكر الدم كانت أفضل بمراحل وهو ما تم حسابه بتحليل نسبة ترسب السكر في الهيموغلوبين، وأضاف قائلاً في محاضرته: إن ما يعني المرضى من هذه الدراسة هو أن خوفهم من خطورة مضاعفات مرض السكري على القلب والدماغ سيخف بشكل كبير إذا ما أضافوا تناول عقار بيوغليتازون الى أدويتهم المعتادة. عقار أكتوز بالأساس هو اختراع ياباني، يعمل على تحسين استخدام خلايا الجسم لما هو متوفر من أنسولين في الدم، أي أنه يعمل على ترشيد استخدام خلايا الجسم للأنسولين وهي فكرة عمل ذكية لا يوجد عقار آخر بين أدوية السكري المتداولة اليوم يقوم بها وذلك للحيلولة دون تمادي هدر استخدام خلايا الجسم للأنسولين، تلك الخلايا التي في حقيقة الأمر توصف علمياً بأنها متبلدة الإحساس بما هو متوفر حولها من كميات ربما تكون كافية لحاجة الجسم من الأنسولين لكنها لا تستفيد منها بأقصى طاقة، وتعمد بدلاً من ذلك الى الضغط على البنكرياس كي يفرز كميات مضاعفة من الأنسولين دونما حاجة فعلية له، الأمر الذي يعتبر أحد العوامل المسرعة في تدهور حالة البنكرياس وفي وتيرة ظهور مضاعفات مرض السكر وخاصة على شرايين القلب والدماغ بكل تداعياتها، ولحل هذه المشكلة كان اختراع اليابانيين لهذا العقار.

ولقد تم البدء باستخدام الدواء منذ حوالي خمس سنوات وتمت إجازة استخدامه من قبل هيئة الغذاء والدواء الأميركية في الثلاثين من أغسطس الماضي ليبدأ توفره في صيدليات الولايات المتحدة اعتبارا من أكتوبر القادم. إلا أن صعوبات عدة كانت تواجه التوسع في استخدامه أهمها الآثار الجانبية خاصة على الكبد إضافة الى الحاجة في إثبات جدواه لمنافسة الأدوية الأخرى العديدة والمتوفرة للسكر وللأمراض المصاحبة. فبينت هذه الدراسة بنتائجها التي نشرت لأول مرة الأسبوع الماضي بعد متابعة أربع سنوات للمرضى أن الآثار الجانبية المعروفه لم تكن في أصعب مجموعات مرضى السكري مختلفة عن غيرها وهو مما يسجل كميزة له، كما أنها أثبتت أن لهذا العقار مكاناً جديداً بين أدوية السكري المختلفة لا يوجد الى اليوم دواء ينافسه فيه لأن فائدته تفوق مجرد التحكم في نسبة السكر بل طرح نفسه كعامل حماية للحياة الأمر الذي لم تتمكن من تحقيقه أي من أدوية السكري العديدة والمتوفرة، وهنا تكمن أهمية هذه الدراسة والأصداء الواسعة المتوقعة من نتائجها في طريقة علاج مرضى السكري.

وفي منتصف يونيو الماضي ظهر دواء آخر من نفس مجموعة عقار أكتوز يعمل على خفض نسبة الدهون في الدم بالإضافة الى مساهمته في تنشيط استجابة خلايا الجسم للأنسولين ويدعى بارغليفا واسمه العلمي (ميوراغليتازار)، فبعد دراسة استمرت سنتين تبين لفريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة ميناسوتا بالولايات المتحدة أنه يخفض سكر الدم ويقلل من نسبة الدهون الثلاثية ويرفع من نسبة الكولسترول الثقيل بشكل أفضل لكن بآثار جانبية أكبر مقارنة بعقار أكتوز، ولذا لم تسمح به حتى اليوم إدارة الغذاء والدواء الأميركية.

* عقار جديد الوحيد بدون الأنسولين لمرضى النوع الأول من السكري > لأول مرة هذا العام يتم استخدام دواء غير الأنسولين لبلوغ تحكم أفضل في نسبة سكر الدم لدى النوع الأول من مرض السكري، فمرضى هذا النوع لا علاج لهم سوى الأنسولين فقط مما يواجه الأطباء بعض الصعوبات في الوصول بنسب سكر الدم الى المعدلات المطلوبة إضافة الى معاناة نسبة من المرضى من الحساسية لأنواع الأنسولين المتوفرة اليوم، من هنا تنبع أهمية هذا الدواء والذي يدعى سايملين واسمه العلمي (براملنتايد).

العقار عبارة عن أحد الهرمونات التي تفرزها خلايا البنكرياس برفقة الأنسولين، ويؤخذ كحقنة تحت الجلد ويسهم في تحقيق خفض جيد لنسبة سكر الدم دون حصول حالات الانخفاض الحاد في سكر الدم المؤدية الى الإغماء كما أنه لا يزيد من وزن الجسم وهو ما يعاب على الأنسولين. وكانت ادارة الغذاء والدواء الأميركية سمحت به في مارس الماضي كإضافة الى العلاج بالأنسولين لبلوغ ضبط أحكم في نسبة سكر الدم.

* عقار لعلاج السكري من لعاب السحالي المتوحشة > الملاحظة الدقيقة هي أساس تطور الطب وهو ما تثبته الأيام مرة تلو الأخرى، فمن الملاحظات الطبية أن إفراز الأنسولين في الدم يزداد حينما يتناول الإنسان طعامه عبر الفم بشكل أكبر مما هو الحال عند حقن الوريد بسائل السكر. هذا الأمر قاد الباحثين لاكتشاف هرمون تفرزه خلايا الأمعاء يؤدي الى زيادة إفراز الأنسولين من البنكرياس ويدعى هرمون إنكريتين. وفي أبريل الماضي أجازت إدارة الغذاء والدواء الأميركية عقاراً جديداً يدعى بييتا واسمه العلمي (إكسيناتايد) مستخلصا من مادة تتوفر في لعاب السحالي المتوحشة من نوع غيلا وهو متوفر اليوم فقط في الولايات المتحدة . وهو دواء لمرضى النوع الثاني من مرض السكري يؤخذ بالإضافة الى أدويتهم المعتادة عن طريق الحقن تحت الجلد قبل تناول وجبات الطعام الصباحية والمسائية ويأمل المنتجون أن يثبت جدارة هذا العام تخوله أن يكون علاجاً يتناوله المرضى بشكل منفرد دون الحاجة الى تناول علاجات السكري الأخرى معه. والانتظار لن يطول ففي المؤتمر الأوروبي الأخير عرض الباحثون من هولندا نتائج دراسة تفيد أن هذا العقار تفوق على قدرة الأدوية المعروفة في التحكم بنسبة سكر الدم وفاق الأنسولين في محافظة المرضى على وزنهم ضمن المعدل الطبيعي إضافة الى تحكمه بنسبة سكر الدم كما يفعل الأنسولين على حد قول البروفسور روبرت هيين الباحث الرئيس في الدراسة.

* كيف يجب أن يتم علاج مرض السكري? > معرفة مكمن الخلل والاضطراب أساس الحل. هكذا يقول الحكماء، وهو ما ينطبق على مشكلة مرض السكري. والسكري مرض له نوعان، الأول يسمى النوع الذي يصيب الصغار في الغالب وهو ما يختفي فيه هرمون الأنسولين من الجسم اي أن المريض محتاج حتماً لتزويده المتواصل بهذا الهرمون بصفة يومية بل وفي كل لحظة. والنوع الثاني وهو الأكثر انتشاراً إذْ يشكل حوالي 95% أو أكثر من الحالات هو ما يحصل فيه ضعف في تأثير عمل ما هو متوفر من كمية للأنسولين في الجسم إما لنقص في كمية إفرازه مقارنة بما الجسم في حاجته له أو لتبلد إحساس خلايا الجسم بوجوده بكميات عالية في الغالب، مما ينتج عنهما أمران، الأول مزيد من الضغط على البنكرياس لطلب المزيد من إنتاجه له لتلبية الحاجة الوهمية أو الحقيقية، والثاني ظهور علامات نقص الأنسولين عبر جملة من الاضطرابات الوظيفية في أنحاء شتى من الجسم ليس فقط أشهرها وهو ارتفاع نسبة سكر الدم، بل الاضطرابات الأخرى التي تحصل في مستوى عمل التفاعلات الكيميائية الحيوية لخلايا الجسم كالتعامل مع البروتينات والدهون إضافة الى السكريات، والتي تبدو في المضاعفات الناشيءة لدى مرضى السكري على الشعيرات الدموية بما يؤثر على العينين والكلى والأعصاب وأيضاً الأوعية الدموية الكبيرة والمتوسطة وهو ما يؤثر على القلب والدماغ والأطراف.

وانطلاقاً من كل هذا فإن علاج مرض السكري هو عبارة عن خطط للتعامل مع اضطرابات متشعبة تطال جوانب عديدة تتطلب استراتيجيات علاجية طويلة الأمد على أكثر من جبهة في الجسم لمقاومة الاستنزاف المتواصل لطاقات وبنية تراكيب أعضاء الجسم بلا استثناء، وهو نوع من العلاج الذي يجب أن لا يتوقف بحال، أي أننا نتحدث عن نمط جديد في الحياة وسلوكياتها يجب على مريض السكري تفهم دواعيه بقناعة تامة ومن ثم بذل غاية جهده في سبيل النجاح لقطع الطريق على جميع المضاعفات المحتملة.

هناك جوانب لا غنى للمريض عن تولي أمرها وتحديداً الأمور المتعلقة بالحد من الحاجة الى كميات عالية أو مؤثرة من الأنسولين وكذلك لرفع كفاءة عمل ما هو متوفر منه وتحفيز خلايا الجسم بنفض الغبار عن سباتها وغفلتها وقلة إحساسها بوجود الأنسولين عبر خفض وزن الجسم الى المعدل الطبيعي وانتقاء الأغذية المفيدة باحتوائها على العناصر الغذائية الهامة كالفيتامينات والأملاح والمعادن لتناولها، وحساب كمية الطاقة فيها، وأيضاً كيفية تزويد الجسم بها أي كيف يتم تناول الوجبات كمية وعدداً إضافة الى المحتوى فيها. ثم ممارسة النشاط البدني الرياضي بشكل سليم قدراً ووتيرة يومياً. مع الاهتمام الجاد بالمتابعة الطبية من مراجعات للعيادة وطرح الاستفسارات على الأطباء وأخصائيي الحمية والحرص على تناول العلاجات وإجراء الفحوصات الدورية المطلوبة. وعنوان النجاح في علاج مرض السكري هو الاهتمام السليم بثلاثة أمور الأول سلوك نمط الحياة الصحية، والثاني تناول العلاجات الدوائية، والثالث المتابعة الطبية.