المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يهود باكستان... اين ذهبوا؟



زوربا
09-21-2005, 08:28 AM
علي محمد مطر من اسلام اباد



كانت هناك مجموعة صغيرة ولكنها نشطة من اليهود فيما يعرف اليوم باكستان. معظمهم غادر باكستان قبل عقود طويلة لظروف لم تكن محبذة للكثيرين منهم وكذلك بشيئ من الخزي الذي يشعر به بعض من يعرف بالعلمانيين الليبراليين في هذا البلد. الصفحة الاولى من صحيفة الجيروسالم بوست الاسرائيلية التي صدرت في الاسبوع الماضي حملت عنوانا يقول : "مفاجأة ! لا زال هناك يهود في باكستان."

جاءت القصة التي نشرتها صحيفة الجيروسالم بوست بعد وصل ايميل لها من احد القراء من باكستان ونشرته على موقعها على الانترنت بقلم "اسحاق موسى اخير" والذي قام بالتعريف بنفسه قائلا:- " انا طبيب اعمل في مستشفى محلي بمدينة كراتشي الباكستانية. وخلفية عائلتي هي من اليهود السفيرديين وانا اعرف 10عائلات يهودية عاشت لما يزيد عن 200 عام في كراتشي.وقد عقدت في الاسبوع الماضي حفلا دينيا يهوديا لابني "داود اخير". ولم يعرف بعد مدى صحة هذا الايميل وما اذا كان مرسلا من احد الباكستانيين المتحمسين والذي يحاول الوصول من جراء الايميل لاغراض شخصية. ويبدو ان الخبراء لدى صحيفة الجيروسالم بوست قد ابدو شكوكا مشابهة بسبب النقاش الطويل الذي استمر لفترة حول هذا الموضوع. وحاول بعض القراء الهنود ان يوضحوا ان الباكستانيين معادين للسامية بطريقة مبالغ فيها وان اولئك الباكستانيين الذين غلب عليهم الحماس يحاولون تطهير صورة باكستان على الساحة الدولية من خلال الاكثار من الحديث عن العلاقة القديمة بين الاسلام واليهودية!! وربما كان هذا هو الاطار الذي كتب فيه السيد "اخير" وقال :-

يجب ان انقل للاسرائيليين ان المجتمع الباكستاني كريم بعموميته وان عائلتي لم تواجه اي مشاكل هنا. اننا نعيش بحرية بالغة ونتمتع بصداقات ممتازة مع الكثير من الناس في كراتشي." واضاف قائلا بعد ذلك :- "كما اني قد ذهبت الى الهند كذلك لاجد ان المجتمع الهندي اقل تسامحا واكثر ميلا للتوتر والعاطفة ومعاداة للسامية من نظيره الباكستاني. فالباكستانيون – والحديث له – يحترمون جميع الاديان لان هذه قاعدة اساسية من معتقدات الطائفة الصوفية في الاسلام والتي تختلف اختلافا كبيرا عن الاسلام الوهابي لدى العرب".

وخلافا للقراء الذين لا يقدرون على الاتصال مع كاتب الايميل؛ فان الصحيفة الاسرائيلية قد احتفظت لنفسها بعنوان كاتب الرسالة وكتبت له ليزيد على رسالته الاصلية. وكتبت الصحيفة قائلة ان "اخير" يقوم باداء الصلوات في منزله لليهود المقيمين في كراتشي وقالت انه "على الرغم من انه واتباعه يقومون باداء طقوس دينهم بعلانية اذا ما رغبوا في ذلك الا انهم اختاروا ان يعيشوا وراء الكواليس".ونقلت الصحيفة الاسرائيلية عن السيد "اخير" قوله "انه ومجموعته يفضلون البقاء في عالمهم الصغير. وذلك لاننا سعيدون ولا ينقصنا شيئ ولم نشعر قط ان هناك حاجة لاظهار انفسنا بصورة مختلفة او مغايرة لطبيعة المجتمع الذي نعيش فيه. اننا لا نرغب في ان نجعل اي احد يستغلنا استغلالا سياسيا لاغراضه... اننا سعيدون بالعيش ببساطة وبدون اضواء." ويمضي قائلا بانه لا توجد لديه رغبة لمغادرة باكستان ولكنه يرغب في زيارة اسرائيل.

ولا احد يعرف حتى الان ان كان كاتب الايميل يهوديا ام لا ولكن ذلك يدفع الى السؤال القائل اين هم يهود باكستان؟؟ لا توجد معلومات ذات مصداقية كبيرة حول هذا الموضوع. فالاحصاء الرسمي الباكستاني يوضح ان هناك 70ر0 من السكان من اتباع الديانات الاخرى بدون وجود ادنى توضيح حول نسبة اليهود بينهم. المواقع اليهودية على الانترنت تقول انه كان هناك 2500 يهودي يعيشون في كراتشي في بداية القرن العشرين وان بضعة مئات منهم عاشوا في مدينة بيشاور القريبة من الحدود الباكستانية الافغانية والتي يفصلها عن الحدود الافغانية ممر خيبر الذي يحمل اسما رمزيا يرتبط بمعاني قد تكون هامة تاريخيا لدى اليهود.

وكانت هناك كنس يهودية في كلتا المدينتين. وتؤكد التقارير ان واحدا منها لا يزال متواجدا في مدينة بيشاور ولكنه مغلق. وافادت هذه التقارير ان شخصا يهوديا جاء الى بيشاور في سنوات الجهاد الافغاني في الثمانينات واقام في المنطقة الفاصلة بين مدينة بيشاور القديمة ومدينة حياة اباد الجديدة التي كانت معقل العرب الافغان وغيرهم من عائلات المجاهدين الافغان وعمل في مجال الاتجار بالاحجار الكريمة التي يتم جلبها من المناطق المجاورة ومن افغانستان كذلك؛ وأن صلات تجارية كانت بينه وبين بعض الافغان العرب وخصوصا الذين كانوا مستقرون في بيشاور ويعملون في الصفوف الخلفية التي كانت تعنى بشؤون الاغاثة وترتيب اوضاع المجاهدين العرب لدى السلطات الباكستانية في تلك الفترة الذهبية من تاريخهم.

وتؤكد الدراسات ان شخصا يدعى ماجن شالومي قد بنى كنيسا يهوديا في مدينة كراتشي في عام 1893م وشاركه في اعمال الاشادة تلك شالومي سولومون وابنه جيشوني سولومون ( في حين تشير تقارير اخرى الى اسم سولومون ديفيد الذي كان يعمل كمساح للاراضي في بلدية مدينة كراتشي وزوجته شيلوالباي؛ رغما عن ان هذه قد تكون اسماء اخرى للاشخاص ذاتهم.) وبسرعة كبيرة اصبح هذا الكنيس مكانا لانشطة مكثفة لليهود واصبح احد قادتهم وهو ابراهام ريوبين عضوا في مجلس المدينة في عام 1936م. وكانت هناك منظمات يهودية اجتماعية عديدة بما فيها منظمة الرجال اليافعين اليهودية ( تاسست عام 1903م ) وصندوق بني اسرائيل الاغاثي بكراتشي وسنديكيت اليهود بكراتشي والذي تم تاسيسه لتزويد الفقراء من اليهود بالبيوت السكنية المناسبة.

بعض اليهود فضلوا الهجرة الى الهند ابان تقسيم شبه القارة الهندية بين باكستان والهند على اساس ديني ولكن بقى منهم قرابة الـ ( 2000 )والذين معظمهم ممن يدعون بني يسرائيل الذين يمارسون طقوسا سيفاردية. وجاءت هجرة اليهود الكبيرة من باكستان بعد تاسيس الدولة اليهودية والذي قابله الباكستانيون بغضب شديد لانه جاء على حساب طرد الفلسطينيين من بيوتهم وادى ذلك الى تعرض اليهود في كراتشي لاحداث عنف والى احراق الكنيس اليهودي بالمدينة. ومنذ ذلك الحين ومعظم الباكستانيين ينظرون الى اليهود من خلال عدسات النزاع العربي – الاسرائيلي. وكان من شان حربي 1965م و1967م ان تجعل الحياة اكثر صعوبة بالنسبة لليهود في باكستان. واصبح الكنيس اليهودي في كراتشي موقعا لمظاهرات الاحتجاج الباكستاينة ضد اسرائيل واصبح اليهود عرضة لنقمة المتظاهرين.

وشهدت فترة الستينات من القرن الماضي حقبة اختفاء اليهود الباكستانيين من هذا البلد وكان ذلك في فترة حكم الجنرال ايوب خان. وهاجر معظم اليهود الى اسرائيل في حين ان البعض توجهوا صوب الهند او بريطانيا. وظل منهم في كراتشي قرابة المائتي يهودي والذين عاشوا بصورة متخفية خوفا على حياتهم لدرجة ان بعهضهم قد تخفوا تحت اسماء عبدة النار او البارسيين كما يسمون في هذا الجزء من العالم والذين من احدى عائلاتهم البارزة عائلة افاري التي تمتلك سلسة من الفنادق الكبيرة في باكستان.

والكثير من اليهود يعيشون الان في مدينة كراتشي بمنطقة رامالا وبنوا فيها كنيسا اسموه ماجين شالوم. الا ان مخططي مدينة كراتشي قاموا بهدم الكنيس في الثمانينات من القرن الماضي لتوسيع بعض المباني التجارية. الا ان قصة الكنيس لم تنته بعد ان تولت شؤونه سيدة يهودية وبعد ان قام احد المسلمين من سكان المدينة بانقاذ محتوياته. حيث قامت سيدة يهودية عجوز تسمى السيدة جوزف برعاية ومتابعة قضية الكنيس مع السلطات بالمدينة وتولت كذلك مسؤولية رعاية مقبرة اليهود بالمدينة والواقعة بمنطقة ميوا شاه. وتقول السيدة جوزيف ان مخططي المدينة وعدوها بانهم سيعطونها هي واخيها ابراهيم جوزيف شقة في البنايات الجديدة ويخصصون لها مكانا صغيرا لكي يكون كنسا لاداء طقوسها الدينية.