yasmeen
09-20-2005, 05:15 PM
رامي الامين
اللبناني يُعرف بشطارته. والشطارة هي الإحتيال، والتحايل على القوانين، القوانين اللبنانية طبعاً، فاللبناني خارج بلاده يكون كتكات الساعة في تعامله مع القانون. لكنه داخل الـ10452 كلم2، يتفاخر بقدرته الخارقة على خرق النظام، والتهرب من دفع الضرائب وسرقة الدولة، على قاعدة أن "سرقة السارق حلال". في ما يلي عرض لبعض من الأساليب اللبنانية "المبتكرة" في خرق القوانين والتحايل على النظام.
-1-
يسكن سميح في بناية مؤلفة من اربعة طبقات ،شقته في الطابق الثاني اما في الطابق الارضي فتوجد محال تجارية. احدها مقهى للإنترنت وصاحبه يدعى سالم.
سالم "حربوق"(محتال بالعربية الفصحى). في أحد الأيام قرر ان يسرق شركة الكهرباء:" اسهل من شربة المي، ولا من شاف ولا من دري". يحاول التعليق على عدادات الجيران الكهربائية"، لكنهم يكشفون امره ويقطعوا عليه الطريق. لا يستسلم. يقرر ان يعتمد طريقة أخرى كي يتهرب من دفع الفاتورة:"خيّ، بدنا ندوّر المكيّف، وكومبيوترات بيسحبوا كهربا كثير". يعثر على الطريقة المناسبة: يسرق من التيار الذي يزود درج البناية بالكهرباء. يعلّق على عداد الدرج، و"يا دار ما دخلك شر".
في احدى الليالي التي غاب عنها ضوء القمر. تقصد احدى السيدات منزل سميح لزيارة والدته ولدى خروجها بعد انتهاء السهرة، تقع على الدرج بعد تعذّر الرؤية عليها ، وتتسبب الوقعة بكسر يدها وتهشيم انفها, ما يكلفها في المستشفى اكثر من 300 دولاراً اميركياً للطبابة، الأمر الذي يغيظ سميح، الذي يصف سالم، بأنه "يقتل الناطور، من أجل عنقود عنب".
-2-
ليس بعيداً عن مقهى الإنترت خاصة سالم، يقع مطعم ابا حسن, حيث تركن أمامه سيارة الـBMW الفضية، التي علّق لها "خرزة زرقاء"، وفردة حذاء في مؤخرتها. ابو حسن كما يصفه ابناء الحي "شايف سيارته ومش مصدّق". لا يكف عن تلميعها، وغسلها، وفحصها عند الميكانيكي، كما انه لا يكف عن التحدث عنها، وكأنها احد افراد عائلته، ان لم نقل اعزهم على قلبه. كما كل السيارات، تنتهي صلاحية رخصة الميكانيك الخاصة بسيارة ابي حسن.
يتوجب عليه اذاً, ان يخضع سيارته لفحص الميكانيك الذي يسبق معاملات إصدار الرخصة الجديدة."لا اعلم من اين اخترعوا لنا هذه المصيبة" يقول وهو يجز جذع الشاورما ليحضر "سندويشا" لأحد زبائنه. ثم يتابع راوياً التفاصيل:"اخذت السيارة الى الفحص, وانتظرت في الخارج بثقة كبيرة، لأنني كنت واثقاً بأنها ستنجح. درست كثيراً قبل الفحص..". يضحك، ثم يتابع حكايته الى الزبون الجائع، الذي يبلع لعابه بين الحين والآخر: "حاصلو يا استاذ..بعد ربع ساعة، خرجت المحروسة من مدخل الكاراج, واذا بها راسبة، وقد اعطوني تقريراً مفصلاً بالاعطال، والقطع التي يلزم غيارها". على الرغم من كل ذلك، لم يصب ابو حسن باليأس، بل ربّت على سطح سيارته وعاد بها الى المنزل، و"صفيتها محلها لثاني يوم"، يقول موجهاً حديثه الى زبون آخر. في اليوم التالي، يعود ابا حسن بالسيارة الى مركز الميكانيك، كما هي، من دون ان "يضرب فيها ضربة واحدة"، ويدخلها الى الفحص، فتخرج ناجحة بدون أية ملاحظة. كيف حصل ذلك؟ يقول ابو حسن بتهكّم: "دفعت خمسين الف ليرة للكمبيوتر حتى يمرقها".
-3-
"شيفوا عا النظام مش عم يمشي. غيروا النظام. بلكي اذا غيرتلو بيمشي عا النظام.."
هذه الاغنية كانت تصدر عن الراديو المهترئ في سيارة المارسيدس الحمراء التي كانت تقلّ فادي الى جامعته في ذلك اليوم الخريفي. السائق يدندن الأغنية بفرح مع زياد الرحباني. عجقة سير على تقاطع الغبيري. تقطع سيارة مسرعة من امام السيرفيس. "يلعن...ما بدنا نكفر اليوم"، يقولها السائق بسخط واضح, ثم يلتفت الى هاني باسماً، كاشفاً عن اسنانه الصفر، ويعود الى دندنة الأغنية ذاتها: "النظام". بعد ثوانٍ يتذكّر الزمور، و يضغط عليه بكامل قوته صارخاً بصوته الجهور: "تحركوا".
يسمع السير كلامه, وتتحرك السيارات. ينطلق مسرعاً كي يهرب من العجقة, فيكاد ان يصطدم بسيارة تقودها سيدة مسنة. يخرج رأسه من النافذة, ووجهه محمرّ من الغيظ وعيناه تكادان تخرجان من محجريهما, وينهال عليها بسيل من الشتائم، اصغرها:"يا حيوانة مش شايفة قدامك؟!!".
المسكينة لا ترد عليه. تتقدم بسيارتها ببطء وتنسحب فاسحة المجال امامه ليبتلع الطريق. بعد كيلومترات قليلة, يتفاجأ بحاجز طيار للدرك, فلا يعرف كيف يتصرّف. يترك المقود, ويروح يبحث عن حزام الأمان حتى يجده. يشده الى جسمه, لكنه ينتبه متأخراً ان لا مكان ليعلق به بالقرب من المقعد. يلتفت الى فادي راجياً منه الحل، ثم يقول بنبرة متوترة:"امسكه بيدك ريثما نمر...ارجوك!". لم يكن امام فادي خيار آخر. يفعل تماماً ما طلبه منه، ويمسك الحزام بيده. يتوقف السائق عند الحاجز. يبتسم و يقول للدركي:"يعطيك العافية يا وطن". يجيبه بلهجة حازمة:"روح الله معك".
-4-
حكمة: من عاشر القوم أربعين يوماً، يصير منهم، او يرحل عنهم.
نصيحة: بعد أربعين يوماً من معاشرة اللبنانيين، إرحلوا عنهم.
اللبناني يُعرف بشطارته. والشطارة هي الإحتيال، والتحايل على القوانين، القوانين اللبنانية طبعاً، فاللبناني خارج بلاده يكون كتكات الساعة في تعامله مع القانون. لكنه داخل الـ10452 كلم2، يتفاخر بقدرته الخارقة على خرق النظام، والتهرب من دفع الضرائب وسرقة الدولة، على قاعدة أن "سرقة السارق حلال". في ما يلي عرض لبعض من الأساليب اللبنانية "المبتكرة" في خرق القوانين والتحايل على النظام.
-1-
يسكن سميح في بناية مؤلفة من اربعة طبقات ،شقته في الطابق الثاني اما في الطابق الارضي فتوجد محال تجارية. احدها مقهى للإنترنت وصاحبه يدعى سالم.
سالم "حربوق"(محتال بالعربية الفصحى). في أحد الأيام قرر ان يسرق شركة الكهرباء:" اسهل من شربة المي، ولا من شاف ولا من دري". يحاول التعليق على عدادات الجيران الكهربائية"، لكنهم يكشفون امره ويقطعوا عليه الطريق. لا يستسلم. يقرر ان يعتمد طريقة أخرى كي يتهرب من دفع الفاتورة:"خيّ، بدنا ندوّر المكيّف، وكومبيوترات بيسحبوا كهربا كثير". يعثر على الطريقة المناسبة: يسرق من التيار الذي يزود درج البناية بالكهرباء. يعلّق على عداد الدرج، و"يا دار ما دخلك شر".
في احدى الليالي التي غاب عنها ضوء القمر. تقصد احدى السيدات منزل سميح لزيارة والدته ولدى خروجها بعد انتهاء السهرة، تقع على الدرج بعد تعذّر الرؤية عليها ، وتتسبب الوقعة بكسر يدها وتهشيم انفها, ما يكلفها في المستشفى اكثر من 300 دولاراً اميركياً للطبابة، الأمر الذي يغيظ سميح، الذي يصف سالم، بأنه "يقتل الناطور، من أجل عنقود عنب".
-2-
ليس بعيداً عن مقهى الإنترت خاصة سالم، يقع مطعم ابا حسن, حيث تركن أمامه سيارة الـBMW الفضية، التي علّق لها "خرزة زرقاء"، وفردة حذاء في مؤخرتها. ابو حسن كما يصفه ابناء الحي "شايف سيارته ومش مصدّق". لا يكف عن تلميعها، وغسلها، وفحصها عند الميكانيكي، كما انه لا يكف عن التحدث عنها، وكأنها احد افراد عائلته، ان لم نقل اعزهم على قلبه. كما كل السيارات، تنتهي صلاحية رخصة الميكانيك الخاصة بسيارة ابي حسن.
يتوجب عليه اذاً, ان يخضع سيارته لفحص الميكانيك الذي يسبق معاملات إصدار الرخصة الجديدة."لا اعلم من اين اخترعوا لنا هذه المصيبة" يقول وهو يجز جذع الشاورما ليحضر "سندويشا" لأحد زبائنه. ثم يتابع راوياً التفاصيل:"اخذت السيارة الى الفحص, وانتظرت في الخارج بثقة كبيرة، لأنني كنت واثقاً بأنها ستنجح. درست كثيراً قبل الفحص..". يضحك، ثم يتابع حكايته الى الزبون الجائع، الذي يبلع لعابه بين الحين والآخر: "حاصلو يا استاذ..بعد ربع ساعة، خرجت المحروسة من مدخل الكاراج, واذا بها راسبة، وقد اعطوني تقريراً مفصلاً بالاعطال، والقطع التي يلزم غيارها". على الرغم من كل ذلك، لم يصب ابو حسن باليأس، بل ربّت على سطح سيارته وعاد بها الى المنزل، و"صفيتها محلها لثاني يوم"، يقول موجهاً حديثه الى زبون آخر. في اليوم التالي، يعود ابا حسن بالسيارة الى مركز الميكانيك، كما هي، من دون ان "يضرب فيها ضربة واحدة"، ويدخلها الى الفحص، فتخرج ناجحة بدون أية ملاحظة. كيف حصل ذلك؟ يقول ابو حسن بتهكّم: "دفعت خمسين الف ليرة للكمبيوتر حتى يمرقها".
-3-
"شيفوا عا النظام مش عم يمشي. غيروا النظام. بلكي اذا غيرتلو بيمشي عا النظام.."
هذه الاغنية كانت تصدر عن الراديو المهترئ في سيارة المارسيدس الحمراء التي كانت تقلّ فادي الى جامعته في ذلك اليوم الخريفي. السائق يدندن الأغنية بفرح مع زياد الرحباني. عجقة سير على تقاطع الغبيري. تقطع سيارة مسرعة من امام السيرفيس. "يلعن...ما بدنا نكفر اليوم"، يقولها السائق بسخط واضح, ثم يلتفت الى هاني باسماً، كاشفاً عن اسنانه الصفر، ويعود الى دندنة الأغنية ذاتها: "النظام". بعد ثوانٍ يتذكّر الزمور، و يضغط عليه بكامل قوته صارخاً بصوته الجهور: "تحركوا".
يسمع السير كلامه, وتتحرك السيارات. ينطلق مسرعاً كي يهرب من العجقة, فيكاد ان يصطدم بسيارة تقودها سيدة مسنة. يخرج رأسه من النافذة, ووجهه محمرّ من الغيظ وعيناه تكادان تخرجان من محجريهما, وينهال عليها بسيل من الشتائم، اصغرها:"يا حيوانة مش شايفة قدامك؟!!".
المسكينة لا ترد عليه. تتقدم بسيارتها ببطء وتنسحب فاسحة المجال امامه ليبتلع الطريق. بعد كيلومترات قليلة, يتفاجأ بحاجز طيار للدرك, فلا يعرف كيف يتصرّف. يترك المقود, ويروح يبحث عن حزام الأمان حتى يجده. يشده الى جسمه, لكنه ينتبه متأخراً ان لا مكان ليعلق به بالقرب من المقعد. يلتفت الى فادي راجياً منه الحل، ثم يقول بنبرة متوترة:"امسكه بيدك ريثما نمر...ارجوك!". لم يكن امام فادي خيار آخر. يفعل تماماً ما طلبه منه، ويمسك الحزام بيده. يتوقف السائق عند الحاجز. يبتسم و يقول للدركي:"يعطيك العافية يا وطن". يجيبه بلهجة حازمة:"روح الله معك".
-4-
حكمة: من عاشر القوم أربعين يوماً، يصير منهم، او يرحل عنهم.
نصيحة: بعد أربعين يوماً من معاشرة اللبنانيين، إرحلوا عنهم.