سلسبيل
09-20-2005, 07:19 AM
إيلاف
عبدالله المغلوث من دينفر
ملامح الأميركي من أصل فلسطيني محمد السلوادي (53 عاماً) القادم من نيو أورليانز خارطة تعب تقودك إلى الحزن، على تجاعيده الطفيفة مر إعصار كاترينا وعيناه تشدوان خلسة بأغنية "لويزيانا 1927" للفنان راندي نيومان الذي ينتحب في أحد مقاطعها باكياً: "ست أقدام مِن الماءِ في شوارعِ إيفانغلين، بعض الناس تاهوا في الفيضان"، صدره تحول إلى وسادة لأبنائه الثلاثة الذين ابتلع الإعصار أسرتهم وذكرياتهم وطفولتهم:
"لم يتبق لهم سوى الصدمة والهلع والمستقبل الغامض" قال السلوادي لـ"إيلاف" من مقر إقامته المؤقتة في دينفر، كولورادو (غرب) التي عاد إليها خالياً كما جاءها قبل 37 عاماً. وصل محمد إلى دينفر لأول مرة عام 1968 قادماً من بلدة سلواد(شرق رام الله) بجيوب فارغة، كافح حتى استطاع أن يفتتح بقالة ومطعم"علي بابا" للمأكولات العربية بعد سنوات من العمل المتواصل لكن تراجُع أداء الاقتصاد في كولورادو آنذاك دفعه الى الانتقال جنوبا الى لويزيانا عام1982 والتي شهدت ولادة أطفاله الثلاثة: جيهان(18 عاماً)، نضال(17 عاماً)، رشاد(10 سنوات)، و الكثير من المشاريع الناجحة الموجهة الى الجالية العربية(يسكنها نحو 5600 عربي) التي سجلت نجاحا جيداً دفعه الى الاستقرار بين جفونها"اصبحت موطننا، حاضرنا ومستقبلنا حتى جاء الاعصار".
الرياح كانت عاتية في 29 آب (أغسطس)، الأنباء القادمة من فلوريدا غير سارة، الانذارات تتفاقم، على عجل حشر محمد جسده و زوجته وبقية اسرته في سيارته المرسيدس متجها إلى كولورادو حتى تخمد العاصفة، يقول السلوادي: "اعتقدنا أن الأمر لن يتجاوز انقطاع كهرباء وسقوط 6 أشجار، تركنا أغراضنا ومضينا"، الجميع رحلوا وليس السلوادي وحده، الطريق إلى دينفر الذي كان يستغرق 20 ساعة على الأكثر استغرق 6 أيام :"كانت الأسوا على الاطلاق، العربات صارت سلاحف كسولة متلاصقة، لاتوجد غرف خالية في الفنادق، أصبحت السيارة هي ملاذنا ووسيلتنا" وصلوا أخيراً إلى كولورادو، الأخبار السيئة استقبلتهم بالأحضان، زوارق الانقاذ المتأخرة تمخر عباب نيو أورليانز وماجاورها، المياة تغمر المدينة، حولتها إلى أطلال تسبح في نهر مفترس.
أقام محمد وأسرته عند شقيقه احمد في دينفر، لحقه شقيقه الأصغر عادل (46عاما) قادما من تكساس التي انتقل إليها بمروحية قطفته من سطح منزله الحديث(كلفه 468 ألف دولار) بعد أن رفض المغادرة من نيو أورليانز قبل حلول الكارثة.
33 شخصا عاشوا في منزل أحمد خلال أسبوع، تبعثروا لاحقا، انتقل محمد وعائلته إلى شقة من غرفتين بأجر يبلغ (110 دولارات)، ينتظر أن تجف نيو أورليانز ليعاين ممتلكاته ولسان حاله يردد أغنية فريق غرين داي الجديدة:"أيقظني مع نهاية سبتمبر".
الصليب الأحمر مد يده مساعداً، بينما تخلت الجمعيات الاسلامية عن دعم السلوادي رغم معرفتهم بما حدث له، يؤكد لـ "إيلاف" :"لم أتلق اتصالا واحداً".
الأميركي العراقي كاظم علي(32 عاماً) التقيته في كورال سبرينغ في فلوريدا قادما من نيو أورليانز(سكانها نحو 485 ألف نسمة) بعد ان فقد زوجته الممرضة ليلى التي غرقت في احدى المدارس التي لجأت إليها أثناء سخط كاترينا "أرجوك بدلا من محاورتي، اذهب الى تكساس لتنقل بنفسك معاناة الأقلية العربية والمسلمة، لن ازودك بمعلومات حولي، فالاعلام العربي مقصر تجاهنا، انا منزعج وحزين للغاية!".
تركت كاظم يتجه إلى صيدلية "سي في" الواقعة على شارع "اتلانتيك بوليفارد" بخطوات متعرجة وشائكة تشبه الهالات السوداء التي تلتف حول عينيه.
عندما سألت صديقه حسين اذا كان كاظم بحاجة الى مساعدة، اجابني: "يملك 2000 دولار منحتها له جمعية الصليب الأحمر".
عبدالله المغلوث من دينفر
ملامح الأميركي من أصل فلسطيني محمد السلوادي (53 عاماً) القادم من نيو أورليانز خارطة تعب تقودك إلى الحزن، على تجاعيده الطفيفة مر إعصار كاترينا وعيناه تشدوان خلسة بأغنية "لويزيانا 1927" للفنان راندي نيومان الذي ينتحب في أحد مقاطعها باكياً: "ست أقدام مِن الماءِ في شوارعِ إيفانغلين، بعض الناس تاهوا في الفيضان"، صدره تحول إلى وسادة لأبنائه الثلاثة الذين ابتلع الإعصار أسرتهم وذكرياتهم وطفولتهم:
"لم يتبق لهم سوى الصدمة والهلع والمستقبل الغامض" قال السلوادي لـ"إيلاف" من مقر إقامته المؤقتة في دينفر، كولورادو (غرب) التي عاد إليها خالياً كما جاءها قبل 37 عاماً. وصل محمد إلى دينفر لأول مرة عام 1968 قادماً من بلدة سلواد(شرق رام الله) بجيوب فارغة، كافح حتى استطاع أن يفتتح بقالة ومطعم"علي بابا" للمأكولات العربية بعد سنوات من العمل المتواصل لكن تراجُع أداء الاقتصاد في كولورادو آنذاك دفعه الى الانتقال جنوبا الى لويزيانا عام1982 والتي شهدت ولادة أطفاله الثلاثة: جيهان(18 عاماً)، نضال(17 عاماً)، رشاد(10 سنوات)، و الكثير من المشاريع الناجحة الموجهة الى الجالية العربية(يسكنها نحو 5600 عربي) التي سجلت نجاحا جيداً دفعه الى الاستقرار بين جفونها"اصبحت موطننا، حاضرنا ومستقبلنا حتى جاء الاعصار".
الرياح كانت عاتية في 29 آب (أغسطس)، الأنباء القادمة من فلوريدا غير سارة، الانذارات تتفاقم، على عجل حشر محمد جسده و زوجته وبقية اسرته في سيارته المرسيدس متجها إلى كولورادو حتى تخمد العاصفة، يقول السلوادي: "اعتقدنا أن الأمر لن يتجاوز انقطاع كهرباء وسقوط 6 أشجار، تركنا أغراضنا ومضينا"، الجميع رحلوا وليس السلوادي وحده، الطريق إلى دينفر الذي كان يستغرق 20 ساعة على الأكثر استغرق 6 أيام :"كانت الأسوا على الاطلاق، العربات صارت سلاحف كسولة متلاصقة، لاتوجد غرف خالية في الفنادق، أصبحت السيارة هي ملاذنا ووسيلتنا" وصلوا أخيراً إلى كولورادو، الأخبار السيئة استقبلتهم بالأحضان، زوارق الانقاذ المتأخرة تمخر عباب نيو أورليانز وماجاورها، المياة تغمر المدينة، حولتها إلى أطلال تسبح في نهر مفترس.
أقام محمد وأسرته عند شقيقه احمد في دينفر، لحقه شقيقه الأصغر عادل (46عاما) قادما من تكساس التي انتقل إليها بمروحية قطفته من سطح منزله الحديث(كلفه 468 ألف دولار) بعد أن رفض المغادرة من نيو أورليانز قبل حلول الكارثة.
33 شخصا عاشوا في منزل أحمد خلال أسبوع، تبعثروا لاحقا، انتقل محمد وعائلته إلى شقة من غرفتين بأجر يبلغ (110 دولارات)، ينتظر أن تجف نيو أورليانز ليعاين ممتلكاته ولسان حاله يردد أغنية فريق غرين داي الجديدة:"أيقظني مع نهاية سبتمبر".
الصليب الأحمر مد يده مساعداً، بينما تخلت الجمعيات الاسلامية عن دعم السلوادي رغم معرفتهم بما حدث له، يؤكد لـ "إيلاف" :"لم أتلق اتصالا واحداً".
الأميركي العراقي كاظم علي(32 عاماً) التقيته في كورال سبرينغ في فلوريدا قادما من نيو أورليانز(سكانها نحو 485 ألف نسمة) بعد ان فقد زوجته الممرضة ليلى التي غرقت في احدى المدارس التي لجأت إليها أثناء سخط كاترينا "أرجوك بدلا من محاورتي، اذهب الى تكساس لتنقل بنفسك معاناة الأقلية العربية والمسلمة، لن ازودك بمعلومات حولي، فالاعلام العربي مقصر تجاهنا، انا منزعج وحزين للغاية!".
تركت كاظم يتجه إلى صيدلية "سي في" الواقعة على شارع "اتلانتيك بوليفارد" بخطوات متعرجة وشائكة تشبه الهالات السوداء التي تلتف حول عينيه.
عندما سألت صديقه حسين اذا كان كاظم بحاجة الى مساعدة، اجابني: "يملك 2000 دولار منحتها له جمعية الصليب الأحمر".