المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عندما يكون الملحد طائفياًً



زهير
09-17-2005, 09:50 AM
كتابات - جعفر الحسيني

يتشدق كثير من العلمانيين بأنهم ليسوا طائفيين لأنهم ببساطة غير متدينين، وينسون أو يجهلون أن الطائفية ليست الدين أو التدين. يقول د. برهان غليون: (إن اللادينيين هم الأكثر طائفية والأكثر عنفاً في الحروب الطائفية).

ويقول الدكتور علي الوردي: (الطائفية ليست ديناً، إنما هي نوع من الانتماء القبلي إلى مذهب أو شخص معين، والفرد الطائفي حين يتعصب لمذهبه لا يهتم بما في المذهب من مبادئ خلقية أو روحية، فذلك أمر خارج عن نطاق تفكيره، وكل ما يهتم به هو ما يوحي به التعصب من ولاء لجماعته وعداء لغيرهم).

إن الطائفية هي عدم قبول الآخر كما هو واتهامه وتخوينه .. وهي المهمة التي قام بها أحد الكتبة في مقالة له قبل أيام على أتم وجه، ولكنه ألبسها لباساً علمانياً. ولم ينس أن يضمّن مقالته كلمات (إلحادية) ليوحي لنا أنه غير متدين وبالتالي فهو غير طائفي.

إن الطائفيين علمانيين أو متدينين وجهان لعملة واحدة، وبالتالي فكلاهما يرددان نفس المزاعم ونفس الشتائم ونفس الأحكام. وإليك أمثلة من ذلك:

أولاً: اتهم الشيعة بأن لديهم عقائد أخرجتهم من الإسلام، وهو نفس ما ردده محمد سرور زين العابدين (من كوادر الأخوان المسلمين السوريين، كان لاجئاً سياسياً في العراق، غادر العراق بعد الحصار إلى بريطانيا حيث يقيم لاجئاً سياسياً) في كتابه الذي أصدرته المخابرات العراقية عام 1985 الموسوم: (وجاء دور المجوس)، حيث يقول: (ليس في عقيدتهم أصول تمنعهم من المحرمات أو تردعهم عن فعل المنكرات) (ص 223)، وانظر أيضاً محب الدين الخطيب (من أكابر علماء السلفية في القرن العشرين، رئيس تحرير مجلة الأزهر الشريف) في كتابه (الخطوط العريضة لدين الشيعة الإمامية) (طبعات القاهرة، الرياض، الأردن. وقد طُبع هذا الكتاب عشرات المرات خلال الحرب العراقية الإيرانية).

ثانياً: كما أنه خلط بين التقية والباطنية، ثم اتهم الشيعة (بتأثير التقية) بالنفاق والكذب حتى في حياتهم الزوجية، أي أنه يردد نفس ما قاله محمد سرور زين العابدين: (التقية جعلت من الشيعة أكذب أمة) (ص 233).

ثالثاً: اعتبر كل ما أصاب الشيعة من ظلم فهو من خيانتهم وتآمرهم .. فالدولة العثمانية كانت لكل شعوبها ولكنهم تآمروا عليها فاستبعدتهم .. والاحتلال البريطاني (1916) ثم الدولة العراقية (1921) عانوا الأمرين من مؤامرات الشيعة لذلك تم استبعادهم واضطهادهم. حتى صدام فأن الناس يعذرونه الآن ويتمنون لو عاد إلى حكم العراق.

إن كل الطائفيين (ملحدين وتكفيريين) يرددون نفس هذه المقولات. وهنا فقط أريد أن أشير إلى بعض المذابح الطائفية التي ارتكبتها الدولة العثمانية ضد مواطنيها المسيحيين والأرمن والشيعة والدروز والإسماعيليين والبدو الرحل والعشائر والشركس والأكراد، التي تكذب ببساطة ما قاله صاحب المقالة. ناهيك عن استباحة أية مدينة يفتحونها مسلمة كانت أو غير مسلمة، وقد فعلوا ذلك ببغداد مراراً.

يقول علي الوردي: (تعد مذابح عام 1860 من أفظع المذابح الطائفية في تاريخ الدولة العثمانية، ففي خلال أسابيع قليلة كان أكثر من ستين قرية مسيحية في منطقتي الشوف والمتن قد تحولت إلى رماد، وفي حاصبيا كانت التعليمات تقضي بأن لا يبقى أي ذكر مسيحي بين السابعة والسبعين حياً) (لمحات اجتماعية، ج2/ص52).

رابعاً: ردد في مقالته نفس الشتائم الصدامية، ولم تسلم من شتائمه حتى (ثورة العشرين) الإيرانية – على حد قوله – دون أن ينسى أن يشتم (منظمة بدر الإيرانية) أيضاً.

ومن المفيد أن أذكّر هنا بما سماه المفكر العراقي الدكتور سعيد السامرائي عقدة (إيران) عند الطائفيين.

المفارقة أن الأستاذ كامل الجادرجي يقول في مذكراته، أنهم زاروا طاق كسرى فأخذ ابن خالته (ابن آصف أغا) يضرب طاق كسرى بقدمه ويصرخ (هذا صرح فارسي أجنبي)، يقول الجادرجي إن ابن خالتي نسي أنه من أصل تركي أجنبي أيضاً !!

وهكذا فقد نسي كاتب المقال وهو ينسب الشيعة لعلمائهم الفرس أن لا ينسب السنة إلى علمائهم الفرس أيضاً (أبو حنيفة، البخاري، النسائي، وغيرهم). وإذا كان الفرس خبثاء ومتآمرين بطبعهم، فهذا القانون يفترض أن ينطبق على كل الفرس سنة وشيعة. أما أن يكون الفارسي الشيعي متآمراً والفارسي السني مخلصاً، فهذا هو الهراء بعينه.

على أية حال، إن المنطقة ارتدت على أعقابها، وهكذا (لازلنا أفراداً وطوائف وعشائر لم نصل درجة المواطنة بعد) كما قال صلاح الدين البيطار ..

الأمازيغي
09-17-2005, 04:20 PM
هل جعفر الحسيني هو نفسه المستبصر الجزائري?