المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا قدسيـــة لبشر*!‬ ............إسحاق الشيخ



Osama
09-15-2005, 05:17 PM
إسحاق الشيخ

الأيام البحرينية


اهواء النزعات السياسية لا حدود ولا قيم لمقاييسها*.. ‬من واقع ان مقاييسها وقيمها ترتبط بذات النزعات المصلحية التي* ‬تكيف انشطتها وفق مسارات هذه المصالح السياسية*.‬
فالسياسة* ‬يمكن ان تفقد ضميرها وكذلك السياسي* ‬امام المصالح* (...) ‬فالمسلم* ‬يمكن ان* ‬يكفر*.. ‬والكافر* ‬يمكن ان* ‬يؤسلم*.. ‬والزنديق* ‬يمكن ان* ‬يتخلق بالاخلاق الفاضلة*.. ‬والملائكة* ‬يمكن تحويلها الى شياطين والشياطين* ‬يمكن تحويلهم الى ملائكة والاعمال الاجرامية والارهابية* ‬يمكن ادراجها ضمن قيم الاسلام والوطنية*.‬

وتلعب المقاييس الدينية والعبادية في* ‬النشاطات السياسية والفكرية لدى عامة الناس ادوارا ذات مفاهيم وقيم متلونة ومتغيرة من واقع ان النصوص الدينية مرهونة بتفاسير ذات وجهات نظر فقهية متعددة*.‬
وما* ‬يعنيه* »‬بان القرآن حمال اوجه*« ‬اي* ‬ان تفاسيره تخضع لوجهات نظر متعددة الاهواء والآراء والاغراض والمذاهب والمصالح المرتبطة بالسياسة في* ‬سياسة الحاكم.

لقد اختلط نابل النصوص الدينية بحابل مفسريها لدى هذا الامام والحاكم والفقيه والشيخ والمرشد والامير والارهابي* ‬ايضا واصبح المجتمع اشلاء فرق ومذاهب وطوائف واحزاب وجمعيات ومساجد وحسينيات ودور عبادة وولاية فقيه وراح الكل* ‬يتهدج بتفاسير وافكار هذا الامام وتلك الامامة* (...)‬
كثيرون من المشايخ والائمة* ‬يعمدون الى اضفاء هالة من القداسة على انفسهم وعدم التفريق بين النص الديني* ‬أي* (‬القرآن والسنة*) ‬ونصوص تفاسيرهم وفتاويهم*.‬

فالقرآن ثابت وتفاسيره متحركة ومختلفة من فقيه وعالم دين الى فقيه وعالم دين آخر*.‬
ورغم ان القرآن رباني* ‬القدسية والتفاسير هي* ‬فكرية بشرية*.. ‬الا انهم* ‬يقومون بتوظيف تفاسير الدين لخدمة اغراضهم السياسية*.. ‬ويرهبون به الآخرين كونه كلاما مقدسا من عند الله*.‬
ولقد نفذت الجماعات الاسلامية المتطرفة اعمالها الارهابية في* ‬الذبح والقتل والتدمير والاختطاف والتمثيل بجثث الابرياء باسم الاسلام وفي* ‬استخدام الآيات القرآنية للتدليل على شرعية واسلامية جرائمهم البشعة وعندما عاد البعض من هذه الجماعات الاسلامية الارهابية الى رشدهم والى جادة الصواب وعدلوا عن افكارهم الارهابية وجرائمهم النكراء*.. ‬استخدموا ايضا آيات قرآنية للتدليل على موقفهم الجديد المناهض للارهاب بعد ان كان البعض مؤيدا ومفتيا وداعيا للارهاب*.. ‬والله وحده* ‬يعلم بالسرائر واذا كان للضرورة احكام كما* ‬يقال فان اضفاء ضرورة القداسة على هذا الفقيه وذاك الامام والامير والمرشد والداعية*.. ‬اقتضتها ضرورة احكام المصالح السياسية*.. ‬ضمن تعدد الاوجه المحمولة على عاتق القرآن في* ‬التفسير والتأويل*.. ‬وهو ما اخذ صفة التقديس للاشخاص*.. ‬في* ‬تطهر وتبارك الاعمال*.. ‬والتنزه من الادران*.. ‬فالقدسية تعني* ‬الطهارة والنزاهة والتبارك*.‬

تقدس اي* ‬تطهر*.. ‬والقداسة هي* ‬الطهارة*.. ‬وتأخذ القداسة اشتقاقها من السبوح القدوس رب الملائكة والروح الذي* ‬هو من اسماء وصفات الله الحسنى الطاهرة المباركة*. . ‬فكيف* ‬يتصف بذلك بشر مهما تألقت صفاته؟*!‬
ان قدسية الاشخاص من الائمة والحكام والزعماء والفقهاء والمرشدين والمشايخ وعلماء الدين*.. ‬تشكل قدسية* ‬غير حقيقية استهدفوها لكي* ‬يختلط حابل زيفها في* ‬السياسة بنابل طهر وبركة قدسيتها في* ‬الدين*.‬

وتستهدف ظاهرة تقديس رجال الدين ظاهرة استهدفت بالدرجة الاولى تزييف وعي* ‬الجماهير بادراج قدسية الخالق بقدسية المخلوق لكي* ‬يأخذ التفسير والتأويل الديني* ‬والقرآني* ‬مأخذا متشابها في* ‬قدسية الخالق بقدسية المخلوق وهو ما* ‬يتشكل ضمنا في* ‬الخلط العشوائي* ‬بين القرآن والسنة*.. ‬اذ تصبح ذات الامام والحاكم او الفقيه او المرشد في* ‬التأويل والتفسير ذات القرآن المنزل من عند الله نصا وفصا*.. ‬ولا ريب ان من كوارث العرب والمسلمين هو هذا التقديس للحكام وطواغيت فقه العنف وامراء الارهاب من المشايخ والائمة الذين اوصلهم فقه الارهاب والتخلف الى مراتب مقدسة من الصعب لدى العامة التفريق بين كلامهم وبين كلام الله*.. ‬حتى تشكلوا في* ‬الوعي* ‬وعيا مزيفا جراء هذا التقديس كأبطال وقادة وأئمة وزعماء واوثان نعبدها ويذيقوننا سوء العذاب والتنكيل ونحن نردد فيما بيننا*: »‬الحمد لله الذي* ‬لا* ‬يحمد على مكروه سواه*« ‬من واقع ان قدسيتهم تشكلت في* ‬وعينا الى درجة لم نستطع ان نفرق بين كلامهم وكلام الله*.‬

ولقد بلغ* - ‬مثلا* - ‬صدام حسين الى منزلة القداسة لدى الكثيرين حتى توهم البعض انه خير زعيم اخرج للامة العربية واذا به* ‬يسقط في* ‬الحفرة كالفأر*.. ‬ان ظاهرة التقديس ظاهرة ألغت عقول الكثيرين من المثقفين وجماهير* ‬غفيرة من ابناء الشعب وجمدت افكارهم واعمت بصائرهم وطمست عقولهم وحولتهم الى قطيع من البشر تلهج بتقديس هذا الفقيه او الحاكم*.

..... ‬ويشكل التقديس مفصلا خطيرا في* ‬إلغاء عقل الانسان وحريته في* ‬التفكير والاختلاف والاختيار والتعدد والتنوع*.. ‬وكان من تقديس الحكام والمشايخ والائمة هذا الذل والخضوع للغوغائيين وصبية الجهاد والارهاب من الانتحاريين الذين ارخصوا حياتهم تحت مظلة قداسة فقه الارهاب وامرة طواغيته واصنامه*.. ‬ولا* ‬يمكن انقاذ مجتمعاتنا العربية والسير بها الى طريق التقدم والحداثة الا بتحرير العقول والنفوس من مظاهر تقديس الرموز السياسية والدينية وعزل تدخل نشاطاتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية والدينية*.. ‬وذلك باجراء علماني* ‬في* ‬فصل الدين عن السياسة*.‬