فاطمي
09-15-2005, 10:22 AM
البريد الإلكتروني يسرّع الاتصالات بين الأحباب إلا أن الحنين إلى الرسائل الخطية ما زال قويا
نيويورك: جيمس فولوز*
يقوم الملايين من الناس اليوم باستئجار افلامهم السينمائية بطريقة «نيت فليكس». فهم يعبئون لائحة بالافلام التي يطلبونها على موقع الشركة الإلكتروني من قائمة تضم 50 الف عنوان للافلام، ليتلقوا بعدها اقراص الفيديو الرقمية »دي في دي« الاولى بالبريد. ولدى اعادتها بالبريد ايضا، يتلقون الدفعة الاخرى من الافلام التي طلبوها.
وقد جرى تحليل نموذج «نيت فليكس» هذا، وما قد يعني نجاحه بالنسبة الى محلات استئجار الفيديو مثل «بلوك باستر» الذي شرع في تقديم خدمة مماثلة؟ وما قد يعنيه أيضا بالنسبة الى استوديوهات السينما وصالاتها؟ ولكن ما قد يعنيه هذا النجاح أيضا، وكذلك الاعمال الاخرى المشابهة التي لها علاقة بالإنترنت، بالنسبة الى مرفق مهم آخر قلما يجري ذكره، وهو مصلحة البريد تلك القلعة الحصينة في عالم الاقتصاد القديم؟ فيوميا يجري استقبال وارسال نحو مليوني مغلف «نيت فليكس» عبر بريد الدرجة الاولى العادي، يتبعها ملايين من الشحنات والمظاريف الاخرى المرسلة من الصيدليات العاملة على الشبكة، ومحلات البيع «اي باي» و«أمازون.كوم»، والاعمال التجارية الاخرى التي لم تكن موجودة قبل ظهور الإنترنت.
البريد الصامد وكان الجميع قد توقع زوال البريد العادي في عصر الاتصال الإلكتروني الفوري كلما جاء ذكر اقتراب عصر المكاتب الإلكترونية الخالية من الاوراق. وبالنسبة للورق يبدو ان استهلاكه ما زال في صعود مستمر، فقد تضاعف منذ العام 1980. اما بالنسبة للبريد فلم تتحقق التوقعات، فقد بات المنزل الاميركي العادي يتلقى ضعف البريد الذي كان يتلقاه في السبعينات.
ويتساءل ميشيل كرتيلي نائب رئيس «مايل اندستري تاسك فورس» للبريد الخاص والعام «هل قام الإنترنت بالإضرار بالبريد العادي، أو مساعدته؟» ويجيب «انه يفعل الاثنين معا». ويعمل كرتيلي في النهار كمدير تنفيذي لشركة «بيتني بوز» التي اشتهرت بعداداتها البريدية، والتي تعمل اليوم كشركة لادارة البريد والمستندات. وخلال السنوات الاخيرة عملت أيضا كمجموعة للابحاث للصناعات البريدية. كما أعدت العديد من الدراسات المتوفرة مجانا على موقع «بوست انسايت.بي بي.كوم» PostInsight.PB.com الذي يتضمن معلومات قيمة حول القوى الاقتصادية والتقنية والتثقيفية التي تؤثر في الاستخدامات البريدية.
الجانب المؤذي لواقع الإنترنت على البريد هو واضح جد، لكنه من الناحية الاحصائية أقل أهمية مما يظن الكثيرون. فالناس بالطبع يكتبون رسائل أقل عندما يكون في مقدورهم ارسال الرسائل بالبريد الإلكتروني. ولكن اذا ما عبثت في صندوق قديم للرسائل تشعر تماما ما فقدت في هذه النقلة: الطوابع الجميلة، الخط اليدوي الانيق، الشيء الملموس الذي كان في يوم ما بين يدي أحبائك. أما ما كسبته بالبريد الإلكتروني فهو البقاء على اتصال فوري مع الاباء والامهات والاولاد والاقارب والاصدقاء المنتشرين في بقاع العالم.
ولكن حتى قبل مجيء البريد الإلكتروني تقلصت الرسائل الشخصية الى حصة صغيرة من هذا الدفق البريدي الكبير. وكمستشار في هذا الشأن كتب فؤاد نادر في دراسة «بتني باوز» أن البريد الشخصي تقلص الى الحد الادنى مع انتشار الخدمات الهاتفية في السنوات الخمسين الاخيرة.
الرسائل الشخصية من الانواع كافة التي تدعى «من المنزل الى المنزل» باتت تقل عن واحد في المائة من عدد رسائل الدرجة الاولى للبريد العادي التي تصل الى 100 مليار رسالة يوزعها مكتب البريد سنويا. وأغلبية البريد الشخصي تتألف من بطاقات معايدة ودعوات واعلانات (في البريد العادي تعتبر هذه من البريد النافل) وأنواع أخرى من البريد. فذات البيوت ذات الدخل المالي العالي التي تعتمد بشكل رئيسي على البريد الإلكتروني ترسل ايضا وتستلم معظم الرسائل البريدية العادية. وأي انكماش قد يحصل هنا في البريد الخاص نتيجة البريد الإلكتروني لن يقدر له أن يزيد عما هو عليه الان.
ازدهار الإنترنت والبريد وتقوم الإنترنت والتقنيات »المتحالفة معها« في الوقت هذا بزيادة حجم البريد القديم بثلاثة اساليب. الاول يتبع مثال «نيت فليكس». أي قيام البريد العادي بانجاز الصفقات التي تمت على الإنترنت. فهناك حوالى مليوني وصفة دواء يوميا، أي نحو خمس بريد الدرجة الاولى. ويقوم البائعون في «اي باي» بادراج نحو خمسة ملايين رزمة جديدة يوميا، وتلك التي تباع منها يجري شحنها بالبريد. ووجدت احدى دراسات «بتني باوز» ان بائعي المفرق على الشبكة باتوا يكثرون من استخدام الأدلة (الكتالوغات) الورقية المرسلة عبر البريد العادي لجلب أنظار الناس الى مواقعهم على الشبكة.
الاسلوب او القوة الثانية وراء زيادة حجم البريد العادي ينطوي على عامل مالي، فقد استنتجت العديد من الدراسات ان الاشخاص باتوا أكثر استعدادا لتسديد ما عليهم من دفعات عبر الإنترنت، لكنهم يفضلون استلام الفواتير والوصولات الاصلية على الورق عن طريق البريد العادي. فمنذ الثمانينات ارتفع حجم البريد المرسل من شركات بطاقات الائتمان الى المنازل بنحو 10 في المائة سنويا. والحياة المالية للاميركيين باتت أكثر تعقيدا، ربما جزئيا بسبب الخيارات التي أوجدتها الإنترنت. لكن مقابل ذلك ترسل المصارف وشركات الاتصالات والتأمين وشركات الاستثمار المزيد من البريد العادي.
العامل الثالث النائم الذي لا يظهر كثيرا هو التعقيد والتطور المستمر للخدمات البريدية وتقنياتها، فالجميع يعلمون سلفا أن شركتي «فيديكس» و«يونايتد بارسيل سيرفيس» بامكانهما تعقب حركة كل رزمة مرسلة عبرهما. لذلك قامت الخدمات البريدية بتركيب معدات المسح ذاتها، مما يعني على صعيد المبدأ وضع اشارة رمزية بعد مسح كل مظروف، أو بطاقة بريدية ومعرفة مكانها ووجهتها في اي لحظة. وهي تفعل ذلك في الواقع لقاء رسم يستحصل من الشركة الراغبة في معرفة ما اذا كانت المادة المرسلة قد وصلت الى وجهتها الصحيحة في الوقت المناسب. بقي القول أن أفضل دراسة بالنسبة الى البريد العادي هي احصائية اشرفت عليها دائرة الخدمات البريدية وتدعى «لحظة البريد». وهي تقول بايجاز في نهايتها «ان ثلثي المستهلكين لا يتوقعون استلام بريد شخصي، ولكنهم ان تسلموا فان هذا يكون يومهم المفضل. وهذا ما يجعل الناس تواظب على ترقب البريد باستمرار حتى في عصر التقنيات هذا. فاستنادا الى الاحصائية ينتظر 55 في المائة من الاميركيين بفارغ الصبر ما يحمله البريد اليومي لهم من مفاجآت التي هي فعلا لحظة من لحظات البريد.
نيويورك: جيمس فولوز*
يقوم الملايين من الناس اليوم باستئجار افلامهم السينمائية بطريقة «نيت فليكس». فهم يعبئون لائحة بالافلام التي يطلبونها على موقع الشركة الإلكتروني من قائمة تضم 50 الف عنوان للافلام، ليتلقوا بعدها اقراص الفيديو الرقمية »دي في دي« الاولى بالبريد. ولدى اعادتها بالبريد ايضا، يتلقون الدفعة الاخرى من الافلام التي طلبوها.
وقد جرى تحليل نموذج «نيت فليكس» هذا، وما قد يعني نجاحه بالنسبة الى محلات استئجار الفيديو مثل «بلوك باستر» الذي شرع في تقديم خدمة مماثلة؟ وما قد يعنيه أيضا بالنسبة الى استوديوهات السينما وصالاتها؟ ولكن ما قد يعنيه هذا النجاح أيضا، وكذلك الاعمال الاخرى المشابهة التي لها علاقة بالإنترنت، بالنسبة الى مرفق مهم آخر قلما يجري ذكره، وهو مصلحة البريد تلك القلعة الحصينة في عالم الاقتصاد القديم؟ فيوميا يجري استقبال وارسال نحو مليوني مغلف «نيت فليكس» عبر بريد الدرجة الاولى العادي، يتبعها ملايين من الشحنات والمظاريف الاخرى المرسلة من الصيدليات العاملة على الشبكة، ومحلات البيع «اي باي» و«أمازون.كوم»، والاعمال التجارية الاخرى التي لم تكن موجودة قبل ظهور الإنترنت.
البريد الصامد وكان الجميع قد توقع زوال البريد العادي في عصر الاتصال الإلكتروني الفوري كلما جاء ذكر اقتراب عصر المكاتب الإلكترونية الخالية من الاوراق. وبالنسبة للورق يبدو ان استهلاكه ما زال في صعود مستمر، فقد تضاعف منذ العام 1980. اما بالنسبة للبريد فلم تتحقق التوقعات، فقد بات المنزل الاميركي العادي يتلقى ضعف البريد الذي كان يتلقاه في السبعينات.
ويتساءل ميشيل كرتيلي نائب رئيس «مايل اندستري تاسك فورس» للبريد الخاص والعام «هل قام الإنترنت بالإضرار بالبريد العادي، أو مساعدته؟» ويجيب «انه يفعل الاثنين معا». ويعمل كرتيلي في النهار كمدير تنفيذي لشركة «بيتني بوز» التي اشتهرت بعداداتها البريدية، والتي تعمل اليوم كشركة لادارة البريد والمستندات. وخلال السنوات الاخيرة عملت أيضا كمجموعة للابحاث للصناعات البريدية. كما أعدت العديد من الدراسات المتوفرة مجانا على موقع «بوست انسايت.بي بي.كوم» PostInsight.PB.com الذي يتضمن معلومات قيمة حول القوى الاقتصادية والتقنية والتثقيفية التي تؤثر في الاستخدامات البريدية.
الجانب المؤذي لواقع الإنترنت على البريد هو واضح جد، لكنه من الناحية الاحصائية أقل أهمية مما يظن الكثيرون. فالناس بالطبع يكتبون رسائل أقل عندما يكون في مقدورهم ارسال الرسائل بالبريد الإلكتروني. ولكن اذا ما عبثت في صندوق قديم للرسائل تشعر تماما ما فقدت في هذه النقلة: الطوابع الجميلة، الخط اليدوي الانيق، الشيء الملموس الذي كان في يوم ما بين يدي أحبائك. أما ما كسبته بالبريد الإلكتروني فهو البقاء على اتصال فوري مع الاباء والامهات والاولاد والاقارب والاصدقاء المنتشرين في بقاع العالم.
ولكن حتى قبل مجيء البريد الإلكتروني تقلصت الرسائل الشخصية الى حصة صغيرة من هذا الدفق البريدي الكبير. وكمستشار في هذا الشأن كتب فؤاد نادر في دراسة «بتني باوز» أن البريد الشخصي تقلص الى الحد الادنى مع انتشار الخدمات الهاتفية في السنوات الخمسين الاخيرة.
الرسائل الشخصية من الانواع كافة التي تدعى «من المنزل الى المنزل» باتت تقل عن واحد في المائة من عدد رسائل الدرجة الاولى للبريد العادي التي تصل الى 100 مليار رسالة يوزعها مكتب البريد سنويا. وأغلبية البريد الشخصي تتألف من بطاقات معايدة ودعوات واعلانات (في البريد العادي تعتبر هذه من البريد النافل) وأنواع أخرى من البريد. فذات البيوت ذات الدخل المالي العالي التي تعتمد بشكل رئيسي على البريد الإلكتروني ترسل ايضا وتستلم معظم الرسائل البريدية العادية. وأي انكماش قد يحصل هنا في البريد الخاص نتيجة البريد الإلكتروني لن يقدر له أن يزيد عما هو عليه الان.
ازدهار الإنترنت والبريد وتقوم الإنترنت والتقنيات »المتحالفة معها« في الوقت هذا بزيادة حجم البريد القديم بثلاثة اساليب. الاول يتبع مثال «نيت فليكس». أي قيام البريد العادي بانجاز الصفقات التي تمت على الإنترنت. فهناك حوالى مليوني وصفة دواء يوميا، أي نحو خمس بريد الدرجة الاولى. ويقوم البائعون في «اي باي» بادراج نحو خمسة ملايين رزمة جديدة يوميا، وتلك التي تباع منها يجري شحنها بالبريد. ووجدت احدى دراسات «بتني باوز» ان بائعي المفرق على الشبكة باتوا يكثرون من استخدام الأدلة (الكتالوغات) الورقية المرسلة عبر البريد العادي لجلب أنظار الناس الى مواقعهم على الشبكة.
الاسلوب او القوة الثانية وراء زيادة حجم البريد العادي ينطوي على عامل مالي، فقد استنتجت العديد من الدراسات ان الاشخاص باتوا أكثر استعدادا لتسديد ما عليهم من دفعات عبر الإنترنت، لكنهم يفضلون استلام الفواتير والوصولات الاصلية على الورق عن طريق البريد العادي. فمنذ الثمانينات ارتفع حجم البريد المرسل من شركات بطاقات الائتمان الى المنازل بنحو 10 في المائة سنويا. والحياة المالية للاميركيين باتت أكثر تعقيدا، ربما جزئيا بسبب الخيارات التي أوجدتها الإنترنت. لكن مقابل ذلك ترسل المصارف وشركات الاتصالات والتأمين وشركات الاستثمار المزيد من البريد العادي.
العامل الثالث النائم الذي لا يظهر كثيرا هو التعقيد والتطور المستمر للخدمات البريدية وتقنياتها، فالجميع يعلمون سلفا أن شركتي «فيديكس» و«يونايتد بارسيل سيرفيس» بامكانهما تعقب حركة كل رزمة مرسلة عبرهما. لذلك قامت الخدمات البريدية بتركيب معدات المسح ذاتها، مما يعني على صعيد المبدأ وضع اشارة رمزية بعد مسح كل مظروف، أو بطاقة بريدية ومعرفة مكانها ووجهتها في اي لحظة. وهي تفعل ذلك في الواقع لقاء رسم يستحصل من الشركة الراغبة في معرفة ما اذا كانت المادة المرسلة قد وصلت الى وجهتها الصحيحة في الوقت المناسب. بقي القول أن أفضل دراسة بالنسبة الى البريد العادي هي احصائية اشرفت عليها دائرة الخدمات البريدية وتدعى «لحظة البريد». وهي تقول بايجاز في نهايتها «ان ثلثي المستهلكين لا يتوقعون استلام بريد شخصي، ولكنهم ان تسلموا فان هذا يكون يومهم المفضل. وهذا ما يجعل الناس تواظب على ترقب البريد باستمرار حتى في عصر التقنيات هذا. فاستنادا الى الاحصائية ينتظر 55 في المائة من الاميركيين بفارغ الصبر ما يحمله البريد اليومي لهم من مفاجآت التي هي فعلا لحظة من لحظات البريد.