المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المخبرون يقررون مصير المعتقلين في تلعفر



زوربا
09-14-2005, 07:56 AM
إشارة منهم كافية لإطلاق مشتبه فيه أو إحالته لـ«معاملة خاصة»

تلعفر: جوناثان فاينر*


كان هناك مراهق ملثم يرتدي ملابس عسكرية ويسير ببطء وسط عدد من المحتجزين يبلغ عددهم 400 شخص كانوا قد اعتقلوا أول من أمس. والهدف من ذلك هو التمعن في وجه كل منهم وتقديم حكمه تجاههم بتحريك يده، مثل الامبراطور الروماني الذي كان يقرر بحركة من يده مصير المصارعين.
وحركة الإبهام إلى الأسفل تعني أن المشتبه فيه لا ينتمي إلى المتمردين فيتم إطلاق سراحه من قبل الجنود الأميركيين، أما إذا ارتفع الإبهام إلى الأعلى فيعني انه سيتم نقله من حظيرة محاطة بالأسلاك الشائكة بعد وضع عصابة على عينيه، إلى قاعدة عسكرية للتحقيق معه.

قال المترجم الأميركي «رجل سيئ آخر هنا»، بعد أن أشار العراقي الملثم إلى رجل يرتدي جلبابا تقليديا أصفر فراح يهز رأسه احتجاجا بالتركية. بينما تنفس معتقل آخر الصعداء حينما أطلق سراحه ووضع يده على قلبه.

هكذا سارت الامور اول من امس بعد هجوم استمر عشرة أيام على تلعفر. فبعد يومين من تسيير دوريات داخل منطقة السراي الخالية من السكان والتي توقع آمرو الوحدات العسكرية أن يكون هناك تجمع كبير للمتمردين للقتال، اتجهت القوات الأميركية والعراقية شمالا في الصباح إلى مناطق سكنية أخرى سبق لها أن فتشتها فوجدت مئات من الرجال الذين هم في سن القتال ومقاتلين يعتقد أنهم تمكنوا من التسلل من بين الحواجز المضروبة حول المدينة.

وأخيرا وضع 52 رجلا على ظهر شاحنات اتجهت صوب معسكر سايكس، الذي يبعد حوالي سبعة أميال جنوبا عن هذه المدينة الواقعة في شمال شرقي العراق. وخلال الهجوم على المتمردين والذي يعد أكبر هجوم على مدينة في العراق منذ حصار الفلوجة في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، جرت المصادمات المهمة في أول أيام القتال حينما اقتحم آلاف الجنود الأميركيين والعراقيين المدينة في وقت استمرت الطائرات الحربية الأميركية من قصف مواقع المتمردين بدون توقف.

ومنذ ذلك الوقت قام المقاتلون الذين كانوا يسيطرون على أكبر أجزاء تلعفر بالهروب أو وضع أسلحتهم جانبا كي يتمكنوا من الاختلاط بالسكان المدنيين، حسبما قال آمرو الوحدات هنا. وبدلا من اتباع هجوم مماثل لما جرى في الفلوجة، أصبح الهجوم يتركز على مطاردة وجمع المتمردين، وهو مصمم لمنعهم من الاختباء كي يبدأوا بالقتال لاحقا.

وقام الجنود بمهمة تناسب أكثر الشرطة مثل جمع المعلومات والتحقيق مع الشهود والمشتبه فيهم ومتابعة المعلومات المحصلة. فبتفتيش كل البيوت الواقعة في أكثر المناطق عنفا تمكنوا من اعتقال مئات من الشبان بعضهم لأنه كان يمتلك أسلحة أو كتيبات تعود للمتمردين وغيرهم لمجرد أن مخبرين محليين تسميهم الوحدات الأميركية بـ«المصادر» أبلغوا عنهم.

ويعد المخبرون «أول خطوة مهمة في عملية عزل هؤلاء الناس»، حسبما قال الكابتن ألان بلاكبيرن، آمر فوج الآليات إيغل تروب الثالث، الذي قاد الهجوم على تلعفر. وأضاف بلاكبيرن «بالتأكيد أنت لا تأخذ ما يقولونه فقط لأن بإمكانهم أن يقعوا في الخطأ، لكن طالما نحن لا نعرف هذه الأماكن مثلما يعرفونها هم فإنه سيكون أمرا مساعدا وجودهم معنا».

ومثلما هو الحال خلال الايام الأخيرة كان الجنود العراقيون من قوات البيشمركة الكردية ويشارك معهم جنود أميركيون من قوات العمليات الخاصة وهم معروفون بشعورهم القصيرة وبروز القليل من لحاهم على وجوههم. وبعد الساعة السابعة صباحا اندفع هؤلاء الجنود نحو مناطق حسن كوي وأوربا محتجزين كل شاب في سن القتال، حيث وضعوهم في حظيرة بشكل مؤقت من قبل القوات الأميركية على طريق رئيسي. وأقام الجنود الأميركيون قدرا كبيرا من الأسلاك الشائكة لاحتجاز ما يقرب من 50 معتقلا، لكن عدد المحتجزين تزايد من المناطق، وهذا ما أدى إلى توسيع الحظائر بأسلاك شائكة أكثر حتى أصبحت المنطقة تشكل صفا طويلا. وفيما امتدح القادة الاميركيون أداء القوات الكردية خلال العملية، فانهم اعربوا في جلسات خاصة عن قلقهم من ان تكتيكاتهم تكاد تصل في بعض الاحيان الى حد الفظاظة.

وكانت القوات العراقية قد شنت غارات على مخابئ مشتبه فيها في عملية مسح منفصلة في وقت متأخر أول من أمس، مما ادى الى مقتل 40 من المتمردين، وقبضت على 27 في مصادمات معهم، طبقا لما ذكرته وكالة الاسوشييتد برس. وفي ليلة العملية اصدر الليفتنانت كولونيل قائد الفصيلة الثانية تعليماته الى جنود القوات الخاصة العاملين مع البيشمركة بتجنب الاساءة للسكان. وأوضح «سنخسر هؤلاء الناس اذا ما ذهبنا هناك وحطمنا منازلهم». وبحلول الساعة الثامنة صباحا تم احتجاز 400 شخص بجوار الطريق. كان اثنان منهم يعانيان من اصابات في الوجه. وقال واحد منهما «لقد حاولوا الامساك بوالدي، وقال لهم هو رجل كبير في السن، ولستم في حاجة الى القبض عليه، وقد ضربونا بقبضات ايديهم وأسلحتهم».

وكانت ايادي العديد من الرجال موثوقة بشدة بقيود بلاستيكية بحيث ان العديد منهم اصيب بجراح، ولذا قطع الجنود الاميركيون القيود وربطوا ايديهم بقيود سميكة. وذكر جنود القوات الخاصة المحظور عليهم ذكر اسمائهم، ان البيشمركة عثروا على عقيد سابق في الجيش العراقي داخل البيت. ولكن الاميركيين لم يتمكنوا من العثور عليه. وقال مقاتل كردي انه جرى تسليمه مباشرة الى القائد الكردي. وقال جندي في القوات الخاصة «احضره هنا فورا الآن. سيجري التحقيق معه هنا عن طريق القوات الاميركية مثل أي شخص آخر».

وبعد مرور ساعتين، وصل مخبر. يرتدي ملابس عسكرية مموهة، وسترة واقية وقناعا اخضر وخوذة خضراء، وقال انه من سكان الحي وعمره اقل من عشرين سنة. وقال المخبر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته «افعل ذلك لأنني اود القضاء على الخوف والعنف في تلعفر». وكان يراقب، مع المترجم الاميركي، المجموعة المحتجزة ويتوقف لمدة عدة ثوان لتقرير مصير كل منهم. ولم يتحدث بصوت عال، وكان يهمس، بعض الاحيان، للمترجم.

وبعد الاشارة الى 52 مشتبها فيهم من بين المجموعة، قضى وقتا اطول يقيم كلا منهم بعمق ويقدم المزيد من المعلومات التفصيلية عن نشاطاتهم. وتعرف على شخص له شفة مشقوقة ويرتدي قميصا ارجواني اللون وسروالا قذرا، ووصفه بأنه «قاطع رؤوس»، وقال انه قتل على الاقل 10 اشخاص. وكتب الكابتن نوح هانرز، قائد السرية الزرقاء على ذراع الرجل «قاطع رؤوس». وقال له هانرز « مبروك ..ستعامل معاملة خاصة».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ {الشرق الأوسط}