موالى
09-13-2005, 10:28 PM
لا يكفر "عموم الشيعة"..
http://www.alarabiya.net/staging/portal/Archive/Media/2005/09/13/1945291.jpg
عمان - مروان شحادة
اكتسب الأردني أبومحمد المقدسي أحد كبار منظري التيارات السلفية الجهادية في العالم العربي أهمية كبيرة خصوصا بعد لجوء مواطنه أبومصعب الزرقاوي لشن هجمات ارهابية في العراق بالاستناد إلى آراء عدد من رموز هذا التيار ومنهم المقدسي. كما ينظر إلى هذا الأخير بوصفه مؤثرا جدا في مئات الشباب الذين لاذوا بكتبه ومرئياته لتفنيد حجج من وقفوا ضد اتجاهاتهم التكفيرية ودعاواهم بوجوب محاربة الحكومات والمجتمعات العربية.
وعلى الرغم من الفترة القصيرة التي أمضاها أبو محمد المقدسي خارج المعتقل، قبل أن تعيد السلطات الأردنية اعتقاله، إلاّ أن هذه الفترة أدت إلى جدل سياسي وإعلامي كبير نتيجة الأفكار والتصريحات التي أطلقها المقدسي، وأبرزها الملاحظات النقدية على العديد من ممارسات تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين".
لكن المقدسي الذي عادت السلطات الأردنية لتوجيه تهمة التحريض على الإرهاب له، أكد في بيان أصدره أن جزءا من تصريحاته تم بترها وجزءا آخر تم اختلاقه. وتمكنت مجلة "العصر" من اجراء حوار فكري نادر مع المقدسي قبل أن يعتقل مرة ثانية.
- من وجهة نظرك، ما هي أهم المرتكزات الفكرية التي ميزت تياركم - السلفية الجهادية - الموصوف بأنه تكفيري ومتشدد، عن المدارس الفكرية الأخرى في العالم الإسلامي؟
- تهمة وصفنا بالجماعات التكفيرية المتشددة تارة، وبالإرهابية تارة أخرى في وسائل الإعلام المختلفة، روجت لها الحكومات لتنفير الناس من دعوتنا. وأطروحتنا كلها تتركز وتتميز بتناولها موضوع الحاكمية، وتحاول الحكومات باستمرار التنفير من فكرنا والترويج لرفضه بدعوى أننا نكفر المجتمعات والناس بالعموم، ونحن بريئون من هذه التهم الباطلة، بل على العكس تماما فقد حذرنا في كثير من كتاباتنا من الغلو في التكفير وتكفير الناس بالعموم، ومن أشهر مؤلفاتنا حول هذا الموضوع رسالتنا الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير
تكفير الشيعة
- إذا ما هي ملامح فكر السلفية الجهادية ؟
- هذا التيار يجعل على رأس أولوياته دعوة الناس إلى التوحيد، ونحن نسعى جاهدين إلى تقريب وشرح هذا التوحيد للناس لإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ونركز بهذا المجال على نواقض التوحيد المعاصرة مثل أن يصرف التشريع لغير الله عز وجل، والتحاكم إلي القوانين الوضعية وتعطيل حكم الله، وهذا ما يطلق عليه بالحاكمية في مصطلحات العصر والحاكمية جزء أساسي من التوحيد.
أما مسألة تكفير المجتمع فلم نتبن ولم نحمل يوما من الأيام فكرة تكفير المجتمعات في البلاد الإسلامية، ولا تكفير الناس بالعموم، بل إن كتاباتنا واضحة في التحذير من التكفير ومن مثل هذه الأخطاء التي أصلها الغلو في التكفير والجهل بالدين، ورسالتي الثلاثينية تتناول هذا الموضوع الحساس بكل جوانبه وهي من أكثر الكتب التي يقرأها الشباب على موقعي بالانترنت.
ما يتعلق بمسالة تكفير الشيعة وبالتالي استباحة دمائهم فقد راج هذا الموضوع منذ الحرب العراقية - الإيرانية، بالاستناد إلى فتاوى ومواقف بعض "العلماء" أو بالأصح "المشايخ" التي توافقت مع مواقف الأنظمة الحاكمة، أما أنا فلا أكفر عموم الشيعة، وهذا من الأخطاء التي تورط فيها بعض الشباب من الطرفين السني والشيعي، وهذه الفتنة الطائفية حذرت منها لأنها تصب في تحويل مسار مقاومة وصراع المحتل وإضعاف الأمة الإسلامية، والاستمرار في نهب خيراتها، وهذا ما يتمناه المحتل الأميركي، وأنصح أخوتي في المقاومة العراقية أن يمتثلوا لقول الله عز وجل: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".
أما المرتكز الثاني الذي يميز هذا التيار عن غيره فهو الولاء والبراء، الذي هو من أوثق عرى التوحيد وقد بينا ذلك في كتابنا "ملة إبراهيم"، كما أن من أول الواجبات على الموحد أن يبرأ ويكفر بالأرباب المتفرقين والمسميات الكثيرة التي تعبد من دون الله والتي كانت قديما تتمثل بصورة الحجر والأوثان البدائية، وتتمثل في زماننا بصورة الحكام والمشرعين وقوانينهم وتشريعاتهم الوضعية، فالتوحيد الذي تكلمنا فيه يستلزم ويوجب البراء والكفر بهذه التشريعات الوضعية والأوثان المتفرقة فمن أهم عراه الوثقى موضوع الولاء والبراء الذي يستلزم البراء من واضعي هذه الأنظمة والقوانين والقائمين عليها، وان يكون منهج الإنسان المسلم في المحبة والبغض والموالاة والمعاداة منضبطة وفقا لهذا الأصل، وقد فصلنا هذا في رسالتنا " ملة إبراهيم " في شرحنا لقوله تعالى " إنا برءآء منكم ومما تعبدون من دون الله"، وكذلك في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء من دون الله بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فانه منهم ".
والمرتكز الثالث في فكرنا فهو الجهاد، حيث إن الجهاد عندنا يقوم على هذا الأصل، وهو تحقيق التوحيد بالبراء من الطواغيت والولاء للمؤمنين. والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله بأي نوع من أنواع العبادة وهو راض بذلك فيندرج تحت هذا الأصل كل الأوثان التي بصورتها الساذجة القديمة - الأصنام - كما يندرج تحتها المشرعون والحاكمون بغير ما أنزل الله، لأن الطاعة في التشريع عبادة، وهذا الأمر يجعله كثير من المسلمين منحصرا بالسجود والركوع ونحوهما.
حول الارهاب
- لكن هل هناك صلة أو علاقة بين المرتكزات والمفاهيم السابقة التي ذكرتموها وبين التهم التي توجه لكتاباتكم بأنها تحث وتشجع على الإرهاب؟
- هذا الذي يسمونه إرهابا هو في ديننا "الجهاد في سبيل الله" لقوله تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ". والجهاد فريضة من فرائض ديننا، وان حاول أعداء هذا الدين تشويهه بهذه المسميات؛ واستغلال بعض الأخطاء الفردية غير المنضبطة التي لا تمثل المنهج الأصيل للجهاد الإسلامي، ومصدر لصق الإرهاب بالإسلام والمسلمين يأتي ضمن الحملة الأميركية من خلال السيطرة الكاملة التي يمارسونها على وسائل الإعلام العالمية، وتبعهم بذلك الأنظمة العربية والإسلامية؛ ففريضة الجهاد في الإسلام من أنقى وأعظم الشرائع، وفيها من الضوابط والتشريعات في الحرب والقتال والأسر ونحوه ما جعلها متميزة عن كافة الشرائع، فديننا يحثنا على عدم التعدي أو الظلم، أو قتل النساء والأطفال والشيوخ وحتى قطع الأشجار، أساس مسلكنا وأعمالنا ومبتغانا تحقيق مرضاة الله تعالى، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، لأننا نريد الخير لكل البشر وإنقاذهم من عذاب ربنا.
- يشكك عدد كبير من العلماء والمفكرين الإسلاميين اليوم في مواقف وفتاوى تيار السلفية الجهادية، ما هو ردكم على ذلك؟
- دور العلماء في الأمة مهم وخطير جدا في آن، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ذهب العلماء؛ اتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"، ومن أعظم مصائب أهل الإسلام في هذا الزمان ندرة العلماء الربانيين الذين يقولون الحق ولا يخشون في الله لومة لائم، والشباب المسلم وخصوصا أبناء التيار السلفي الجهادي لا يثقون بأي عالم يسير في ركاب الحكومات والسلطة؛ الأمر الذي يجعل من الضروري بناء وإيجاد المرجعيات العلمية الشرعية المخلصة التي تضع على كاهلها توجيه هذا التيار وحمايته من الانحراف إلى مزالق الإفراط أو التفريط، للأسف فاني ومن خلال متابعتي من داخل السجن وجدت أن فريقا من العلماء وقف في وجه هذا التيار الجهادي المبارك يثبطه ويصد عنه، وطائفة أخرى انجرت خلف حماس شباب هذا التيار متحرجة أو متخوفة من مناصحته وتوجيهه؛ وأنا قد أخذت على عاتقي إن شاء الله تعالى ألا أكون من هؤلاء ولا من هؤلاء، فلن أقف في وجه هذا التيار أو أصد عنه كما أنني لن أنجر لضغط وحماس شبابه خلف اختيارات غير منضبطة بضوابط شرعية، بل إنني أرى بهذه المرحلة الهامة الصعبة التي تمر بها امتنا من تكالب أعداء الله عليها أن مهمتي تتلخص برعاية هذا التيار وحمايته من الانحراف وتسديده وتوجيهه إلى أفضل الاختيارات التي تحقق للأمة ما تتطلع إليه من عزة وحرية.
ولا بد من الإشارة إلى دور العلماء التقليديين من علماء الدعوة النجدية الذين ساهموا بإثراء الفهم الصحيح للدين، ولا نغبنهم حقهم؛ مع مخالفتنا لهم في كثير من المسائل.
الخلاف مع الزرقاوي
- لكن حديثك السابق يجرنا إلى الحديث عن الخلاف بينكم وبين الزرقاوي، إذ لم يقبل عدد كبير من أفراد التيار المناصحة التي وجهتموها للزرقاوي واعتبروا أنها تسير في اتجاه مضاد لمسار السلفية الجهادية، فهل توضحون ذلك؟
- الرسالة التي وجهتها إلى أبي مصعب، هي رسالة مناصرة ومناصحة وليست رسالة نقد وتجريح، بل هي من باب غيرتنا على هذه الدعوة والعاملين بها، وأنا كتبتها من داخل السجن حيث إنني انقطعت عن الأخوة ومسار الدعوة في الخارج لمدة تزيد عن السنتين آنذاك، والأخبار التي كنت أتلقاها حول العمل الجهادي والأخوة كانت من خلال وسائل الإعلام الرسمية التي تصلني إلى داخل السجن كبقية المعتقلين، وأنا لا أريد أن احمل أخي الشيخ الفاضل "أبو مصعب" أكثر مما يطيق، فأصحاب الثغور أدرى بمصلحتهم منا نحن البعيدين عن ساحات القتال، وخلافي مع "أبو مصعب" في العمليات الاستشهادية ليس خلافا حول مشروعيتها أو عدمه بل كتبت برسالتي المناصحة بأن العمليات الاستشهادية هي وسيلة استثنائية وليست وسيلة تقليدية أصيلة في العمل الجهادي، وتحفظت أيضا على مسألة قتل المدنيين، وضرب الكنائس ومساجد الشيعة، إن صح أن من يقوم بها الزرقاوي، فعلمي بالزرقاوي ومن يحمل فكره أنهم لا يقتلون الناس لأجل القتل ولا يبيحون دماء الناس بالجملة، بل هم يتورعون على قتل أي نفس دونما حق.
- بما أنك تحدثت عن الرسائل التي صدرت عنكم داخل السجن، فهل تقيمون لنا تجربة السنوات الأخيرة، وفيما إذا كانت تختلف عن السابقة؟
- تجربتي في السجن خلال الثلاث سنوات الأخيرة كغيرها من الفترات السابقة، اشتغلنا بتدريس وتوجيه الشباب المعتقلين معنا على خلفية قضايا إسلامية مختلفة، وكذلك بكتابة بعض المصنفات التي سمحت الظروف داخل السجن بكتابتها وأذكر مثالا على ذلك كتاب حول "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، وما تنادي به أمريكا من دعوات للإصلاح الزائفة في بلاد المسلمين على المقاس الأمريكي، تحقيقا للمصالح الإسرائيلية في المنطقة، وكتبت أيضا كتابا هاما أسميته "وقفات مع ثمرات الجهاد" قدمت فيها خلاصة نصحي لأبناء هذا التيار الجهادي المبارك، وغير ذلك من الرسائل.
- أشارت كثير من الأنظمة العربية والإسلامية في المنطقة بأن ما يجري في بلدانهم يقع على عاتقك وبسبب رجوع أفراد التيار السلفي الجهادي إلى مؤلفاتكم، فهل تقر بتحمل مثل هذه المسؤولية ؟
- قال تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، وأنا بهذا لا أتبرأ من المجاهدين، بل إني أتبرأ من بعض أفعالهم الخاطئة التي يقعون بها ويفعلونها وخاصة الأخطاء والأفعال الظاهرة البينة، فدين الله أعز علينا وأحق بالا تباع، وحماية الدعوة الجهادية من الممارسات الخاطئة التي يقتدي بها من يأتي بعدنا هي من الأمور التي أخذتها على عاتقي، وهذه الدعوة ليست حكرا على شخصي.
- ما تقييمكم لمآل التيار السلفي الجهادي في الأردن؟
- أصبح رموز وأتباع التيار السلفي الجهادي في الأردن وفي العالم اأمع، في مواجهة الخيارات الثلاث التالية، إما أن يكونوا قد قتلوا، أو أن يكونوا قد غيبوا في السجون من خلال أسرهم في ساحات القتال أو اعتقالهم في البلدان التي يعيشون بها، أو أنهم مشتتون، مطاردون في أنحاء العالم، لذلك فقد أخذت على عاتقي بعد خروجي من السجن مسؤولية مناصحة المنتمين لهذا التيار ورعايتهم، وحمايتهم من البعثرة والانحراف.
http://www.alarabiya.net/staging/portal/Archive/Media/2005/09/13/1945291.jpg
عمان - مروان شحادة
اكتسب الأردني أبومحمد المقدسي أحد كبار منظري التيارات السلفية الجهادية في العالم العربي أهمية كبيرة خصوصا بعد لجوء مواطنه أبومصعب الزرقاوي لشن هجمات ارهابية في العراق بالاستناد إلى آراء عدد من رموز هذا التيار ومنهم المقدسي. كما ينظر إلى هذا الأخير بوصفه مؤثرا جدا في مئات الشباب الذين لاذوا بكتبه ومرئياته لتفنيد حجج من وقفوا ضد اتجاهاتهم التكفيرية ودعاواهم بوجوب محاربة الحكومات والمجتمعات العربية.
وعلى الرغم من الفترة القصيرة التي أمضاها أبو محمد المقدسي خارج المعتقل، قبل أن تعيد السلطات الأردنية اعتقاله، إلاّ أن هذه الفترة أدت إلى جدل سياسي وإعلامي كبير نتيجة الأفكار والتصريحات التي أطلقها المقدسي، وأبرزها الملاحظات النقدية على العديد من ممارسات تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين".
لكن المقدسي الذي عادت السلطات الأردنية لتوجيه تهمة التحريض على الإرهاب له، أكد في بيان أصدره أن جزءا من تصريحاته تم بترها وجزءا آخر تم اختلاقه. وتمكنت مجلة "العصر" من اجراء حوار فكري نادر مع المقدسي قبل أن يعتقل مرة ثانية.
- من وجهة نظرك، ما هي أهم المرتكزات الفكرية التي ميزت تياركم - السلفية الجهادية - الموصوف بأنه تكفيري ومتشدد، عن المدارس الفكرية الأخرى في العالم الإسلامي؟
- تهمة وصفنا بالجماعات التكفيرية المتشددة تارة، وبالإرهابية تارة أخرى في وسائل الإعلام المختلفة، روجت لها الحكومات لتنفير الناس من دعوتنا. وأطروحتنا كلها تتركز وتتميز بتناولها موضوع الحاكمية، وتحاول الحكومات باستمرار التنفير من فكرنا والترويج لرفضه بدعوى أننا نكفر المجتمعات والناس بالعموم، ونحن بريئون من هذه التهم الباطلة، بل على العكس تماما فقد حذرنا في كثير من كتاباتنا من الغلو في التكفير وتكفير الناس بالعموم، ومن أشهر مؤلفاتنا حول هذا الموضوع رسالتنا الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير
تكفير الشيعة
- إذا ما هي ملامح فكر السلفية الجهادية ؟
- هذا التيار يجعل على رأس أولوياته دعوة الناس إلى التوحيد، ونحن نسعى جاهدين إلى تقريب وشرح هذا التوحيد للناس لإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ونركز بهذا المجال على نواقض التوحيد المعاصرة مثل أن يصرف التشريع لغير الله عز وجل، والتحاكم إلي القوانين الوضعية وتعطيل حكم الله، وهذا ما يطلق عليه بالحاكمية في مصطلحات العصر والحاكمية جزء أساسي من التوحيد.
أما مسألة تكفير المجتمع فلم نتبن ولم نحمل يوما من الأيام فكرة تكفير المجتمعات في البلاد الإسلامية، ولا تكفير الناس بالعموم، بل إن كتاباتنا واضحة في التحذير من التكفير ومن مثل هذه الأخطاء التي أصلها الغلو في التكفير والجهل بالدين، ورسالتي الثلاثينية تتناول هذا الموضوع الحساس بكل جوانبه وهي من أكثر الكتب التي يقرأها الشباب على موقعي بالانترنت.
ما يتعلق بمسالة تكفير الشيعة وبالتالي استباحة دمائهم فقد راج هذا الموضوع منذ الحرب العراقية - الإيرانية، بالاستناد إلى فتاوى ومواقف بعض "العلماء" أو بالأصح "المشايخ" التي توافقت مع مواقف الأنظمة الحاكمة، أما أنا فلا أكفر عموم الشيعة، وهذا من الأخطاء التي تورط فيها بعض الشباب من الطرفين السني والشيعي، وهذه الفتنة الطائفية حذرت منها لأنها تصب في تحويل مسار مقاومة وصراع المحتل وإضعاف الأمة الإسلامية، والاستمرار في نهب خيراتها، وهذا ما يتمناه المحتل الأميركي، وأنصح أخوتي في المقاومة العراقية أن يمتثلوا لقول الله عز وجل: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".
أما المرتكز الثاني الذي يميز هذا التيار عن غيره فهو الولاء والبراء، الذي هو من أوثق عرى التوحيد وقد بينا ذلك في كتابنا "ملة إبراهيم"، كما أن من أول الواجبات على الموحد أن يبرأ ويكفر بالأرباب المتفرقين والمسميات الكثيرة التي تعبد من دون الله والتي كانت قديما تتمثل بصورة الحجر والأوثان البدائية، وتتمثل في زماننا بصورة الحكام والمشرعين وقوانينهم وتشريعاتهم الوضعية، فالتوحيد الذي تكلمنا فيه يستلزم ويوجب البراء والكفر بهذه التشريعات الوضعية والأوثان المتفرقة فمن أهم عراه الوثقى موضوع الولاء والبراء الذي يستلزم البراء من واضعي هذه الأنظمة والقوانين والقائمين عليها، وان يكون منهج الإنسان المسلم في المحبة والبغض والموالاة والمعاداة منضبطة وفقا لهذا الأصل، وقد فصلنا هذا في رسالتنا " ملة إبراهيم " في شرحنا لقوله تعالى " إنا برءآء منكم ومما تعبدون من دون الله"، وكذلك في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء من دون الله بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فانه منهم ".
والمرتكز الثالث في فكرنا فهو الجهاد، حيث إن الجهاد عندنا يقوم على هذا الأصل، وهو تحقيق التوحيد بالبراء من الطواغيت والولاء للمؤمنين. والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله بأي نوع من أنواع العبادة وهو راض بذلك فيندرج تحت هذا الأصل كل الأوثان التي بصورتها الساذجة القديمة - الأصنام - كما يندرج تحتها المشرعون والحاكمون بغير ما أنزل الله، لأن الطاعة في التشريع عبادة، وهذا الأمر يجعله كثير من المسلمين منحصرا بالسجود والركوع ونحوهما.
حول الارهاب
- لكن هل هناك صلة أو علاقة بين المرتكزات والمفاهيم السابقة التي ذكرتموها وبين التهم التي توجه لكتاباتكم بأنها تحث وتشجع على الإرهاب؟
- هذا الذي يسمونه إرهابا هو في ديننا "الجهاد في سبيل الله" لقوله تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ". والجهاد فريضة من فرائض ديننا، وان حاول أعداء هذا الدين تشويهه بهذه المسميات؛ واستغلال بعض الأخطاء الفردية غير المنضبطة التي لا تمثل المنهج الأصيل للجهاد الإسلامي، ومصدر لصق الإرهاب بالإسلام والمسلمين يأتي ضمن الحملة الأميركية من خلال السيطرة الكاملة التي يمارسونها على وسائل الإعلام العالمية، وتبعهم بذلك الأنظمة العربية والإسلامية؛ ففريضة الجهاد في الإسلام من أنقى وأعظم الشرائع، وفيها من الضوابط والتشريعات في الحرب والقتال والأسر ونحوه ما جعلها متميزة عن كافة الشرائع، فديننا يحثنا على عدم التعدي أو الظلم، أو قتل النساء والأطفال والشيوخ وحتى قطع الأشجار، أساس مسلكنا وأعمالنا ومبتغانا تحقيق مرضاة الله تعالى، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، لأننا نريد الخير لكل البشر وإنقاذهم من عذاب ربنا.
- يشكك عدد كبير من العلماء والمفكرين الإسلاميين اليوم في مواقف وفتاوى تيار السلفية الجهادية، ما هو ردكم على ذلك؟
- دور العلماء في الأمة مهم وخطير جدا في آن، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ذهب العلماء؛ اتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"، ومن أعظم مصائب أهل الإسلام في هذا الزمان ندرة العلماء الربانيين الذين يقولون الحق ولا يخشون في الله لومة لائم، والشباب المسلم وخصوصا أبناء التيار السلفي الجهادي لا يثقون بأي عالم يسير في ركاب الحكومات والسلطة؛ الأمر الذي يجعل من الضروري بناء وإيجاد المرجعيات العلمية الشرعية المخلصة التي تضع على كاهلها توجيه هذا التيار وحمايته من الانحراف إلى مزالق الإفراط أو التفريط، للأسف فاني ومن خلال متابعتي من داخل السجن وجدت أن فريقا من العلماء وقف في وجه هذا التيار الجهادي المبارك يثبطه ويصد عنه، وطائفة أخرى انجرت خلف حماس شباب هذا التيار متحرجة أو متخوفة من مناصحته وتوجيهه؛ وأنا قد أخذت على عاتقي إن شاء الله تعالى ألا أكون من هؤلاء ولا من هؤلاء، فلن أقف في وجه هذا التيار أو أصد عنه كما أنني لن أنجر لضغط وحماس شبابه خلف اختيارات غير منضبطة بضوابط شرعية، بل إنني أرى بهذه المرحلة الهامة الصعبة التي تمر بها امتنا من تكالب أعداء الله عليها أن مهمتي تتلخص برعاية هذا التيار وحمايته من الانحراف وتسديده وتوجيهه إلى أفضل الاختيارات التي تحقق للأمة ما تتطلع إليه من عزة وحرية.
ولا بد من الإشارة إلى دور العلماء التقليديين من علماء الدعوة النجدية الذين ساهموا بإثراء الفهم الصحيح للدين، ولا نغبنهم حقهم؛ مع مخالفتنا لهم في كثير من المسائل.
الخلاف مع الزرقاوي
- لكن حديثك السابق يجرنا إلى الحديث عن الخلاف بينكم وبين الزرقاوي، إذ لم يقبل عدد كبير من أفراد التيار المناصحة التي وجهتموها للزرقاوي واعتبروا أنها تسير في اتجاه مضاد لمسار السلفية الجهادية، فهل توضحون ذلك؟
- الرسالة التي وجهتها إلى أبي مصعب، هي رسالة مناصرة ومناصحة وليست رسالة نقد وتجريح، بل هي من باب غيرتنا على هذه الدعوة والعاملين بها، وأنا كتبتها من داخل السجن حيث إنني انقطعت عن الأخوة ومسار الدعوة في الخارج لمدة تزيد عن السنتين آنذاك، والأخبار التي كنت أتلقاها حول العمل الجهادي والأخوة كانت من خلال وسائل الإعلام الرسمية التي تصلني إلى داخل السجن كبقية المعتقلين، وأنا لا أريد أن احمل أخي الشيخ الفاضل "أبو مصعب" أكثر مما يطيق، فأصحاب الثغور أدرى بمصلحتهم منا نحن البعيدين عن ساحات القتال، وخلافي مع "أبو مصعب" في العمليات الاستشهادية ليس خلافا حول مشروعيتها أو عدمه بل كتبت برسالتي المناصحة بأن العمليات الاستشهادية هي وسيلة استثنائية وليست وسيلة تقليدية أصيلة في العمل الجهادي، وتحفظت أيضا على مسألة قتل المدنيين، وضرب الكنائس ومساجد الشيعة، إن صح أن من يقوم بها الزرقاوي، فعلمي بالزرقاوي ومن يحمل فكره أنهم لا يقتلون الناس لأجل القتل ولا يبيحون دماء الناس بالجملة، بل هم يتورعون على قتل أي نفس دونما حق.
- بما أنك تحدثت عن الرسائل التي صدرت عنكم داخل السجن، فهل تقيمون لنا تجربة السنوات الأخيرة، وفيما إذا كانت تختلف عن السابقة؟
- تجربتي في السجن خلال الثلاث سنوات الأخيرة كغيرها من الفترات السابقة، اشتغلنا بتدريس وتوجيه الشباب المعتقلين معنا على خلفية قضايا إسلامية مختلفة، وكذلك بكتابة بعض المصنفات التي سمحت الظروف داخل السجن بكتابتها وأذكر مثالا على ذلك كتاب حول "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، وما تنادي به أمريكا من دعوات للإصلاح الزائفة في بلاد المسلمين على المقاس الأمريكي، تحقيقا للمصالح الإسرائيلية في المنطقة، وكتبت أيضا كتابا هاما أسميته "وقفات مع ثمرات الجهاد" قدمت فيها خلاصة نصحي لأبناء هذا التيار الجهادي المبارك، وغير ذلك من الرسائل.
- أشارت كثير من الأنظمة العربية والإسلامية في المنطقة بأن ما يجري في بلدانهم يقع على عاتقك وبسبب رجوع أفراد التيار السلفي الجهادي إلى مؤلفاتكم، فهل تقر بتحمل مثل هذه المسؤولية ؟
- قال تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، وأنا بهذا لا أتبرأ من المجاهدين، بل إني أتبرأ من بعض أفعالهم الخاطئة التي يقعون بها ويفعلونها وخاصة الأخطاء والأفعال الظاهرة البينة، فدين الله أعز علينا وأحق بالا تباع، وحماية الدعوة الجهادية من الممارسات الخاطئة التي يقتدي بها من يأتي بعدنا هي من الأمور التي أخذتها على عاتقي، وهذه الدعوة ليست حكرا على شخصي.
- ما تقييمكم لمآل التيار السلفي الجهادي في الأردن؟
- أصبح رموز وأتباع التيار السلفي الجهادي في الأردن وفي العالم اأمع، في مواجهة الخيارات الثلاث التالية، إما أن يكونوا قد قتلوا، أو أن يكونوا قد غيبوا في السجون من خلال أسرهم في ساحات القتال أو اعتقالهم في البلدان التي يعيشون بها، أو أنهم مشتتون، مطاردون في أنحاء العالم، لذلك فقد أخذت على عاتقي بعد خروجي من السجن مسؤولية مناصحة المنتمين لهذا التيار ورعايتهم، وحمايتهم من البعثرة والانحراف.