مسافر
04-12-2023, 11:05 AM
خاص-شهادة أمير المؤمنين (ع) دلالات وعِبر
الثلاثاء 11 أبريل, 2023
https://lebanon.shafaqna.com/wp-content/uploads/2023/04/5b1495424c792-640x427.jpg (https://lebanon.shafaqna.com/wp-content/uploads/2023/04/5b1495424c792.jpg)
خاص شفقنا-بيروت
لم تكن شهادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “ع” شهادة عادية، فمن حيث المكان، الشّهادة كانت بين يدي الله وفي محرابه وخلال الصلاة، أما من حيث التوقيت، فقد كانت في ليالي الأنس في شهر رمضان المبارك وما لهذا الشهر وساعاته وعباداته من كرامات وفضائل.
إذا كان الإمام علي -عليه السّلام- يعلم بأن ابن ملجم لعنه الله عليه سيقتله لماذا لم يق نفسه ولو بعدم الخروج في تلك الليلة للصلاة؟
وفي هذا السّياق وحول شهادة أمير المؤمنين “ع”، أشار رئيس الهيئة الإدارية في تجمّع العلماء المسلمين الشّيخ الدكتور حسّان عبد الله في حديث خاص لوكالة” شفقنا “إلى أنّ أمير المؤمنين” ع “كان يعلم أنّه سيقتل، وقد أبلغه بذلك رسول الله” ص “عندما عاد الإمام علي” ع “من واقعة أحد، فقد ورد في نهج البلاغة أنّه قال لرسول الله” ص “:” أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين، حيزت عنّي الشّهادة فشقّ ذلك عليّ ، فقلت لي أبشر فإنّ الشّهادة من ورائك، فقال لي إنّ ذلك لكائن فكيف صبرك؟
“، يعني أنّ الإمام علي” ع “كان يعلم بذلك ويعلم بأنّه سيقتل ويعلم بأنّه سيقتل أيضا في شهر رمضان المبارك، والسّؤال أنّه طالما أنّه كان يعلم بأنّه سيقتل، وطالما أنّه كان يعلم بأنّ ابن ملجم هو قاتله، فلماذا خرج في تلك اللّيلة؟
وهذا الأمر قد عرض على الإمام علي بن موسى الرّضا” ع “عندما قال له الحسن بن الجهم وهو من أصحابه، أنّ أمير المؤمنين” ع “قد عرف قاتله، واللّيلة التي يقتل فيها، والموضع الذي يقتل فيه، وقول الأمير” ع “عندما سمع صياح الإوزّ في الدّار فقال:” صوائح تتّبعها نوائح “، وقول أم كلثوم له” ع ” لو صلّيت اللّيلة داخل الدّار وأمرت غيرك أنّ يصلّي بالنّاس فأبى عليها، وكثر دخوله وخروجه -عليه السّلام- تلك اللّيلة بلا سلاح، وقد عرف -عليه السّلام- أنّ ابن ملجم -لعنه الله- قاتله بالسّيف، كان هذا ممّا لم يجد تعرّضه،
فقال له الإمام الرّضا” ع “:” ذلك كان ولكنّه خير في تلك الليلة لتمضي مقادير الله -عزّ وجلّ- “، فالإمام الرضا” ع “كان واضحا أنّ الإمام -عليه السّلام- أعطي الخيّرة في أمر موته ، فاختار القتل لتجري الأمور على مقاديرها المعيّنة في الغيب، وليكون ذلك أدلّ على طاعته لإرادة الله وانقياده لتقديره، مؤكّدا أنّ الإمام علي” ع “، وإنّ كان يعلم بأنّ قاتله سيقوم بهذا الفعل، إلا أنّه لم يكن ليتصرّف على خلاف الموازين الشّرعيّة في أنّ يتعامل مع قاتله وكأنّه قد ارتكب الجرم، بل كان عليه أنّ يبقي الأمور تجري في مجاريها، وبالتاّلي فإنّه سيصل إلى أكرم ما يناله وهو الشّهادة في سبيل الله عزّ وجلّ، وتلك كانت من الأمور التي يسعى إليها -عليه السّلام-.
ويتابع الشّيخ عبد الله:
وورد أيضا عن الإمام أبي جعفر الباقر “ع” أنّه سأله حمران جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب “ع”، والحسن والحسين عليهما السّلام، وخروجهم وقيامهم بدين الله عزّ ذكره، وما أصيبوا من قتل الطّواغيت إيّاهم والظّفر بهم حتّى قتلوا وغلبوا، فقال أبو جعفر “ع”: “يا حمران إنّ الله -تبارك وتعالى- قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحكمه على سبيل الاختيار ثمّ أجراه، يعني أنّ الله -عزّ وجلّ-
قد أمضى هذا الأمر بالقضاء من قبله، وهم اختاروا أنّ يسيروا في قضاء الله طائعين مختارين، بمعنى لم يخرجوا عن إرادة الله -عزّ وجلّ- فيما قدّر لهم من الشّهادة في سبيل الله، في ذلك الموضع وفي تلك الليلة وفي تلك السّاعة، وأضاف الشيخ عبد الله: لذلك هذا الأمر كان عند أمير المؤمنين، وإن كان معروفا إلّا أنّه كان قد سلّم لقضاء الله وقدره وإرادة الله، تماما كما كان قد سلّم إسماعيل” ع “لإرادّة الله -عزّ وجلّ- في أنّ يذبحه إبراهيم” ع “، وغاية ما هنالك أنّ الله فداه بكبش عظيم، أمّا أمير المؤمنين فقد أراد الله -عز ّوجلّ- أنّ تكون تلك اللّيلة ليلة شهادته، لينال الفوز في الآخرة كما فاز في الدنيا، والموضع الّذي وصل إليه في الدّنيا وفي الآخرة.
https://lebanon.shafaqna.com/wp-content/uploads/2023/04/%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D9%83%D9%81%D9%8A%D8%B1-1.jpg
ما هي ميزات الشّهادة التي نالها أمير المؤمنين عليه السّلام؟
اعتبر الشّيخ عبد الله أنّ أمير المؤمنين قد نال أعظم أنواع الشّهادة، وهي أنّ يستشهد وهو ساجد، ومن المعروف أنّ أقرب ما يكون الإنسان إلى ربّه وهو ساجد، وقد ورد في ذلك روايات عديدة عن أئمّة أهل البيت وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فإذا هو نال الشّهادة في الصّلاة، في أفضل صلاة وهي صلاة الفجر وهو ساجد، بمعنى أن يكون أقرب ما يكون إلى الله عزّ وجلّ، وفي بيت الله، هذه الميزة ميزة مهمّة للإمام عليه السّلام ميزته أنّه ولد في بيت الله واستشهد في بيت الله، وتلك لم ينلها أحدٌ من العالمين، وهذه مهمّة جدا، ويتابع عبد الله:
عندما تلقّى عليه السّلام الضّربة ورفع رأسه من السّجود قال “فزت ورب الكعبة”، يعني أنّه نال ما كان يطمح إليه، وهذا دليل على أنّ هذه الشّهادة التي نالها هي شهادة عظيمة جدا، إضافة إلى أنّها كانت من حيث التّوقيت في شهر رمضان المبارك وبعد صلاة الفجر، يعني استشهد وهو صائم، وهو في الصّلاة في بيت الله، ونال منه أشقى الأوّلين والآخرين.
وأضاف الشّيخ عبد الله: قال رسول الله “ص” في خطبة شهر رمضان المبارك عندما سُئل عمّا هي أفضل الأعمال في هذا الشّهر، فقال الرّسول “ص” الورع عن محارم الله، ثمّ بكى فقال له الأمير عليه السّلام، وما يبكيك يا رسول الله؟ قال صلّى الله عليه وآله: “أبكي لما يحلّ عليك من بعدي في شهر رمضان، كأنّي بك وأنت في محرابك إذ انبعث إليك أشقى الخلق من الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة صالح، يضربك ضربة على مفرق رأسك، ويشقّه نصفين ، ويخضّب لحيتك من دم رأسك”، فقال الإمام “ع”: “يا سيّدي أفي سلامة من ديني”، فقال صلّى الله عليه وآله: “نعم يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن سبك فقد سبّني، لأنّك مني وأنا منك”، لافتا إلى أنّ هذه الميزة المهمة جدا لهذه الشّهادة بأنّ الإمام علي “ع” قال أو في سلامة من ديني؟! أي المهم أن تكون ختام الحياة هو في نيل رضوان الله -عزّ وجلّ- شهادة في سبيله.
ما الذي يجب أن يتعلّمه المؤمنون من ردّة فعل الأمير تجاه قاتله ؟
“الحقيقة ما فعله أمير المؤمنين -عليه السّلام- تجاه قاتله هو مدرسة في كيفيّة التّعامل مع الأسير، مدرسة في كيفيّة الاقتصاص من القاتل، فقال وهو على فراشه ينتظر الموت والشّهادة في سبيل الله،” يا بني عبد المطّلب لا ألفينكم تخوضون في دماء المسلمين خوضا تقولون قد قتل أمير المؤمنين ألّا لا تقتلن بي إلّا قاتلي، انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة ولا يمثّل بالرجل، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول إيّاكم والمثلى ولو بالكلب العقور “، يقول الشّيخ عبد الله، ويضيف:
هذا الخطاب لبني عبد المطلب أنّ لا تتصرّفوا بناء للثأريّة العشائريّة التي كان عليها العرب في تلك الأوقات، وأيضا ما زالت موجودة عند بعض العشائر في هذه الأيّام، أنّه عندما يقتل شخص، خاصّة إذا كان هذا الشّخص من أهمّ أفراد العشيرة، فإنّهم يقومون بقتل من في العشيرة الأخرى جميعا، فقال لهم إياكم أن تخوضوا في دماء المسلمين، تقولون قتل أمير المؤمنين، لا يقتل بي إلّا قاتلي.
وتابع الشيّخ عبد الله: انظروا في كيفيّة التّعامل مع السّجين ومع الأسير، قاتل رئيس دولة الإسلام في ذلك الوقت الذي هو الإمام أمير المؤمنين” ع “، والذي كان خليفة المسلمين بإجماع المسلمين، قال لهم أطعموه مما تأكلون، يعني يجب أنّ يكون طعام السّجين طعاما لائقا، وهذه هي واحدة من أهمّ الأمور التي يحافظ فيها على حقوق الإنسان التي يتغنّون بها هذه الأيام زورا وبهتانا، ولا تقيّد له قدما (لا تربط له رجليه)، ولا تغلو له يد (لا تضع الأغلال في يده)،
إذا أنا عشت أنا أتولى أمره، قد أعفو عنه، وأمّا إذا أنا مت فإنّ عليكم أن تقتصّوا منه بالقتل وتضربونه ضربة واحدة، وإيّاكم أنّ تحرقوه كما تفعل بعض القبائل في ذلك الوقت، ولا يمثّل بالرجل، أي لا تعذّبونه، ولا تقومون بالتمثيل بجسده، ومجرّد أنّ تقتلوه ادفنوه.
إذا كثيرة هي المواقف التي نتعلّمها من أمير المؤمنين وواحدة من أهمّ هذه الأمور هي كيفيّة تعامله مع قاتله ، وما نحتاجه اليوم هو بالفعل بعض من مدرسة الأمير” ع “، فلو أنّ من في الأرض يقتدون به، ويحذون حذوه، ويلتزمون بتعاليمه ، لكنّا شهدنا عالماً يسوده العدل والرّحمة، فمدرسة الأمير”ع” لم تكن مدرسة تعلّم النّاس العشوائيّة وتعاليم القبيلة، بل كانت مدرسة ٌتصوّب الأمور دائما، كالبوصلة، التي لا يحيد سمّتها عن طاعة الله ورضاه.
مهدي سعادي – شفقنا (https://lebanon.shafaqna.com/)
الثلاثاء 11 أبريل, 2023
https://lebanon.shafaqna.com/wp-content/uploads/2023/04/5b1495424c792-640x427.jpg (https://lebanon.shafaqna.com/wp-content/uploads/2023/04/5b1495424c792.jpg)
خاص شفقنا-بيروت
لم تكن شهادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “ع” شهادة عادية، فمن حيث المكان، الشّهادة كانت بين يدي الله وفي محرابه وخلال الصلاة، أما من حيث التوقيت، فقد كانت في ليالي الأنس في شهر رمضان المبارك وما لهذا الشهر وساعاته وعباداته من كرامات وفضائل.
إذا كان الإمام علي -عليه السّلام- يعلم بأن ابن ملجم لعنه الله عليه سيقتله لماذا لم يق نفسه ولو بعدم الخروج في تلك الليلة للصلاة؟
وفي هذا السّياق وحول شهادة أمير المؤمنين “ع”، أشار رئيس الهيئة الإدارية في تجمّع العلماء المسلمين الشّيخ الدكتور حسّان عبد الله في حديث خاص لوكالة” شفقنا “إلى أنّ أمير المؤمنين” ع “كان يعلم أنّه سيقتل، وقد أبلغه بذلك رسول الله” ص “عندما عاد الإمام علي” ع “من واقعة أحد، فقد ورد في نهج البلاغة أنّه قال لرسول الله” ص “:” أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين، حيزت عنّي الشّهادة فشقّ ذلك عليّ ، فقلت لي أبشر فإنّ الشّهادة من ورائك، فقال لي إنّ ذلك لكائن فكيف صبرك؟
“، يعني أنّ الإمام علي” ع “كان يعلم بذلك ويعلم بأنّه سيقتل ويعلم بأنّه سيقتل أيضا في شهر رمضان المبارك، والسّؤال أنّه طالما أنّه كان يعلم بأنّه سيقتل، وطالما أنّه كان يعلم بأنّ ابن ملجم هو قاتله، فلماذا خرج في تلك اللّيلة؟
وهذا الأمر قد عرض على الإمام علي بن موسى الرّضا” ع “عندما قال له الحسن بن الجهم وهو من أصحابه، أنّ أمير المؤمنين” ع “قد عرف قاتله، واللّيلة التي يقتل فيها، والموضع الذي يقتل فيه، وقول الأمير” ع “عندما سمع صياح الإوزّ في الدّار فقال:” صوائح تتّبعها نوائح “، وقول أم كلثوم له” ع ” لو صلّيت اللّيلة داخل الدّار وأمرت غيرك أنّ يصلّي بالنّاس فأبى عليها، وكثر دخوله وخروجه -عليه السّلام- تلك اللّيلة بلا سلاح، وقد عرف -عليه السّلام- أنّ ابن ملجم -لعنه الله- قاتله بالسّيف، كان هذا ممّا لم يجد تعرّضه،
فقال له الإمام الرّضا” ع “:” ذلك كان ولكنّه خير في تلك الليلة لتمضي مقادير الله -عزّ وجلّ- “، فالإمام الرضا” ع “كان واضحا أنّ الإمام -عليه السّلام- أعطي الخيّرة في أمر موته ، فاختار القتل لتجري الأمور على مقاديرها المعيّنة في الغيب، وليكون ذلك أدلّ على طاعته لإرادة الله وانقياده لتقديره، مؤكّدا أنّ الإمام علي” ع “، وإنّ كان يعلم بأنّ قاتله سيقوم بهذا الفعل، إلا أنّه لم يكن ليتصرّف على خلاف الموازين الشّرعيّة في أنّ يتعامل مع قاتله وكأنّه قد ارتكب الجرم، بل كان عليه أنّ يبقي الأمور تجري في مجاريها، وبالتاّلي فإنّه سيصل إلى أكرم ما يناله وهو الشّهادة في سبيل الله عزّ وجلّ، وتلك كانت من الأمور التي يسعى إليها -عليه السّلام-.
ويتابع الشّيخ عبد الله:
وورد أيضا عن الإمام أبي جعفر الباقر “ع” أنّه سأله حمران جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب “ع”، والحسن والحسين عليهما السّلام، وخروجهم وقيامهم بدين الله عزّ ذكره، وما أصيبوا من قتل الطّواغيت إيّاهم والظّفر بهم حتّى قتلوا وغلبوا، فقال أبو جعفر “ع”: “يا حمران إنّ الله -تبارك وتعالى- قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحكمه على سبيل الاختيار ثمّ أجراه، يعني أنّ الله -عزّ وجلّ-
قد أمضى هذا الأمر بالقضاء من قبله، وهم اختاروا أنّ يسيروا في قضاء الله طائعين مختارين، بمعنى لم يخرجوا عن إرادة الله -عزّ وجلّ- فيما قدّر لهم من الشّهادة في سبيل الله، في ذلك الموضع وفي تلك الليلة وفي تلك السّاعة، وأضاف الشيخ عبد الله: لذلك هذا الأمر كان عند أمير المؤمنين، وإن كان معروفا إلّا أنّه كان قد سلّم لقضاء الله وقدره وإرادة الله، تماما كما كان قد سلّم إسماعيل” ع “لإرادّة الله -عزّ وجلّ- في أنّ يذبحه إبراهيم” ع “، وغاية ما هنالك أنّ الله فداه بكبش عظيم، أمّا أمير المؤمنين فقد أراد الله -عز ّوجلّ- أنّ تكون تلك اللّيلة ليلة شهادته، لينال الفوز في الآخرة كما فاز في الدنيا، والموضع الّذي وصل إليه في الدّنيا وفي الآخرة.
https://lebanon.shafaqna.com/wp-content/uploads/2023/04/%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D9%83%D9%81%D9%8A%D8%B1-1.jpg
ما هي ميزات الشّهادة التي نالها أمير المؤمنين عليه السّلام؟
اعتبر الشّيخ عبد الله أنّ أمير المؤمنين قد نال أعظم أنواع الشّهادة، وهي أنّ يستشهد وهو ساجد، ومن المعروف أنّ أقرب ما يكون الإنسان إلى ربّه وهو ساجد، وقد ورد في ذلك روايات عديدة عن أئمّة أهل البيت وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فإذا هو نال الشّهادة في الصّلاة، في أفضل صلاة وهي صلاة الفجر وهو ساجد، بمعنى أن يكون أقرب ما يكون إلى الله عزّ وجلّ، وفي بيت الله، هذه الميزة ميزة مهمّة للإمام عليه السّلام ميزته أنّه ولد في بيت الله واستشهد في بيت الله، وتلك لم ينلها أحدٌ من العالمين، وهذه مهمّة جدا، ويتابع عبد الله:
عندما تلقّى عليه السّلام الضّربة ورفع رأسه من السّجود قال “فزت ورب الكعبة”، يعني أنّه نال ما كان يطمح إليه، وهذا دليل على أنّ هذه الشّهادة التي نالها هي شهادة عظيمة جدا، إضافة إلى أنّها كانت من حيث التّوقيت في شهر رمضان المبارك وبعد صلاة الفجر، يعني استشهد وهو صائم، وهو في الصّلاة في بيت الله، ونال منه أشقى الأوّلين والآخرين.
وأضاف الشّيخ عبد الله: قال رسول الله “ص” في خطبة شهر رمضان المبارك عندما سُئل عمّا هي أفضل الأعمال في هذا الشّهر، فقال الرّسول “ص” الورع عن محارم الله، ثمّ بكى فقال له الأمير عليه السّلام، وما يبكيك يا رسول الله؟ قال صلّى الله عليه وآله: “أبكي لما يحلّ عليك من بعدي في شهر رمضان، كأنّي بك وأنت في محرابك إذ انبعث إليك أشقى الخلق من الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة صالح، يضربك ضربة على مفرق رأسك، ويشقّه نصفين ، ويخضّب لحيتك من دم رأسك”، فقال الإمام “ع”: “يا سيّدي أفي سلامة من ديني”، فقال صلّى الله عليه وآله: “نعم يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن سبك فقد سبّني، لأنّك مني وأنا منك”، لافتا إلى أنّ هذه الميزة المهمة جدا لهذه الشّهادة بأنّ الإمام علي “ع” قال أو في سلامة من ديني؟! أي المهم أن تكون ختام الحياة هو في نيل رضوان الله -عزّ وجلّ- شهادة في سبيله.
ما الذي يجب أن يتعلّمه المؤمنون من ردّة فعل الأمير تجاه قاتله ؟
“الحقيقة ما فعله أمير المؤمنين -عليه السّلام- تجاه قاتله هو مدرسة في كيفيّة التّعامل مع الأسير، مدرسة في كيفيّة الاقتصاص من القاتل، فقال وهو على فراشه ينتظر الموت والشّهادة في سبيل الله،” يا بني عبد المطّلب لا ألفينكم تخوضون في دماء المسلمين خوضا تقولون قد قتل أمير المؤمنين ألّا لا تقتلن بي إلّا قاتلي، انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة ولا يمثّل بالرجل، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول إيّاكم والمثلى ولو بالكلب العقور “، يقول الشّيخ عبد الله، ويضيف:
هذا الخطاب لبني عبد المطلب أنّ لا تتصرّفوا بناء للثأريّة العشائريّة التي كان عليها العرب في تلك الأوقات، وأيضا ما زالت موجودة عند بعض العشائر في هذه الأيّام، أنّه عندما يقتل شخص، خاصّة إذا كان هذا الشّخص من أهمّ أفراد العشيرة، فإنّهم يقومون بقتل من في العشيرة الأخرى جميعا، فقال لهم إياكم أن تخوضوا في دماء المسلمين، تقولون قتل أمير المؤمنين، لا يقتل بي إلّا قاتلي.
وتابع الشيّخ عبد الله: انظروا في كيفيّة التّعامل مع السّجين ومع الأسير، قاتل رئيس دولة الإسلام في ذلك الوقت الذي هو الإمام أمير المؤمنين” ع “، والذي كان خليفة المسلمين بإجماع المسلمين، قال لهم أطعموه مما تأكلون، يعني يجب أنّ يكون طعام السّجين طعاما لائقا، وهذه هي واحدة من أهمّ الأمور التي يحافظ فيها على حقوق الإنسان التي يتغنّون بها هذه الأيام زورا وبهتانا، ولا تقيّد له قدما (لا تربط له رجليه)، ولا تغلو له يد (لا تضع الأغلال في يده)،
إذا أنا عشت أنا أتولى أمره، قد أعفو عنه، وأمّا إذا أنا مت فإنّ عليكم أن تقتصّوا منه بالقتل وتضربونه ضربة واحدة، وإيّاكم أنّ تحرقوه كما تفعل بعض القبائل في ذلك الوقت، ولا يمثّل بالرجل، أي لا تعذّبونه، ولا تقومون بالتمثيل بجسده، ومجرّد أنّ تقتلوه ادفنوه.
إذا كثيرة هي المواقف التي نتعلّمها من أمير المؤمنين وواحدة من أهمّ هذه الأمور هي كيفيّة تعامله مع قاتله ، وما نحتاجه اليوم هو بالفعل بعض من مدرسة الأمير” ع “، فلو أنّ من في الأرض يقتدون به، ويحذون حذوه، ويلتزمون بتعاليمه ، لكنّا شهدنا عالماً يسوده العدل والرّحمة، فمدرسة الأمير”ع” لم تكن مدرسة تعلّم النّاس العشوائيّة وتعاليم القبيلة، بل كانت مدرسة ٌتصوّب الأمور دائما، كالبوصلة، التي لا يحيد سمّتها عن طاعة الله ورضاه.
مهدي سعادي – شفقنا (https://lebanon.shafaqna.com/)