المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آباء فاشلون دراسيا يزيفون تجربتهم الدراسية لحث أبنائهم على الاجتهاد



سمير
09-11-2005, 07:45 AM
الرياض: منيف الصفوقي


يستعرض الآباء تجربتهم الدراسية في معرض حديثهم مع أبنائهم حول أهمية التعليم والتحصيل الدراسي.
والآباء أصحاب التجربة لا يتجاوز تعليمهم المتوسطة وعند مواجهة الأبناء لهم حول توقفهم عن الدراسة في مرحلة مبكرة يكون الجواب الحاضر لدى الآباء أن توفير لقمة العيش هو السبب.

ويتجنب الآباء الحديث عن أيام الدراسة في وجود الجد حيث انه الأعرف بسلوك أبنائه حين كانوا طلابا ولا يفوت الآباء الإشارة إلى الهدايا التي كانوا يحصلون عليها بسبب تفوقهم الدراسي ولا يصعب عليهم إيجاد الشهود فالعديد من الأقارب الذين مروا بذات التجربة يتبادلون معهم تمجيد الذات في فترة الدراسة السابقة.

أحد الآباء الذي كان يتحدث إلى ابنه قبل امتحان الدور الثاني لم يجد شيئا يتحجج به إلا أنه لم يتحصل خلال مسيرته الدراسية على (دور ثاني) وأن السنوات الدراسية كان يقطعها بانتظام وبعد ان يمضي الابن يلتفت الأب إلى الحاضرين ويقول لهم «لو علم بما كنت اصنع لما سمع مني حرفا».

وعند تحدثهم في غياب الأبناء عن سنوات الدراسة الماضية يفيد ناصر عبد الله الشمري إلى أنه في مطلع الثمانينات كان طالبا في نهاية المرحلة الابتدائية في شمال المملكة وبحكم كبر السن الذي لم يكن عيبا كان والده يلزمه بالدراسة في حين كان يفر من المدرسة بحكم أن المدرسين وخصوصا غير السعوديين كانوا ينظرون إليه نظرة احتقار كونه لا يزال طالبا في الابتدائية.

ويضيف أنه لم يكن يقبل تلك النظرة منهم وكان يتشاجر معهم إلى أن وصل الأمر في أحد الأيام إلى الاشتباك مع أحد المدرسين ليترك المدرسة منطلقا إلى منزله القريب ليحضر«العجرة» ـ عصا غليظة تستخدم عند نشوب المشاجرات ـ لينهال على المدرس ضربا.

وبين أنه وبعد مضي ما يزيد على 25 عاما ليس نادما على ما فعل بل كان يفترض أن يمعن في ضرب المعلم، مشيرا إلى أنه لو اتيحت له الفرصة لفعل ذلك مجددا لفعله الآن مستندا إلى أن المعلم غير السعودي كان جاهلا بطبيعة مجتمع أدخل أبناءه إلى التعليم متأخرا وليس بسبب أنهم بلداء.

آخر يسرد تجربته في المدرسة ذاتها ولكن مشكلته كانت مختلفة فهو كاره للتعليم ولهذا كان يغادر البيت صباحا لينام في ظل بيت عمه غير البعيد وبحكم قلة المنازل في القرية التي يقطنها كان انكشاف أمره يسيرا ولهذا كان يطارده والده على سيارة من نوع تويوتا هايلكس بينما يهرب بين المنازل لعل والده يكف عن ملاحقته موضحا أن أسوأ فترات المطاردة التي تكون في الضحى حيث ان اغلب سكان القرية يجلسون في ظلال منازلهم وحين مروره بهم يكون عرضة للرجم فأحدهم يرجمه بحجر وآخر يرميه بحذاء لكن أغرب من رجمه كان شيخا في القرية ضعيف البصر رماه يوما بإبريق الشاي.

وفي سياق الحديث عن الأيام الخوالي للتعليم في السعودية يفيد بعض من واكبوها أن المعلم السعودي في تلك الفترة يعد الأفضل بالنسبة إليهم فهم يعتبرون الغش منقصة ولهذا لا يعمدون إليه لكنهم في المقابل يستثيرون نخوة المعلم السعودي ليطلعهم على الإجابات الصحيحة وكان المعلم يراوغهم لكن التذكير بأمجاد آبائه ومآثرهم يجبره على الخضوع للأعراف التقليدية وإعطاء الإجابات الصحيحة كما أن مدير المدرسة إذا كان سعوديا فليس هناك مكان للرسوب بحكم العلاقات التي تربط أولياء الأمور به خصوصا أن الطالب الراسب يمارس ذووه ضغطا اجتماعيا مفاده التشهير المستمر بالمدير الذي يتفادى ذلك ليكسب بدلا عنه الثناء.

هذه التجارب وغيرها كلها لا تعرض أمام الأبناء اليوم ويستعاض عنها بالحديث عن الجد والاجتهاد والسخط على الظروف المادية التي جعلتهم يحجمون عن مواصلة تعليمهم ما يحمل الأبناء مسؤولية تحقيق حلم الآباء الذي حرموا منه.