سياسى
09-10-2005, 01:42 AM
تقرير واشنطن
بعد مرور أربع سنوات على هجمات سبتمبر (أيلول) الإرهابية، يبدو أن الصورة باتت أكثر وضوحا وشبه كاملة فيما يتعلق بتأثير الأحداث على الجالية العربية في الولايات المتحدة. فبدلا من الحديث طوال السنوات الثلاث الماضية عن الآثار السلبية لهجمات سبتمبر على الحقوق المدنية للعرب الأميركيين بدأ البعض يدرك أن هناك من الجوانب والنتائج الإيجابية ما يستحق الرصد والدراسة. يحاول تقرير واشنطن في هذا المقال توصيف حال الجالية العربية في الذكرى الرابعة للكارثة ورصد الآثار السلبية المتواصلة مع التركيز على الآثار الإيجابية المتنامية:
استمرار انتهاك الحقوق المدنية
ما يزال العرب الأميركيون يعانون من الآثار السلبية الناجمة عن هجمات سبتمبر ولا تزال منظمات الحريات المدنية والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق العرب والمسلمين ترصد مئات الانتهاكات والتمييز ضد العرب أو من هم من أصل عربي في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وفي سياقات شتى سواء كانت تصريحات عدائية لسياسيين أو رجال دين ضدهم أو من خلال تمديد العمل بقانون باتريوت أكت Patriot Act الذي يقيد من الحريات ويدعم اتخاذ إجراءات احترازية تتنافى مع ثقافة المجتمع الأمريكي أو من خلال استهداف بعضهم في المطارات بالتفتيش الذاتي واحتجاز البعض لساعات بسبب ملامحه أو ملبسه أو اسمه الخ... صحيح أن نسبة ومعدل هذه الانتهاكات والمواقف المعادية تقل بمرور الوقت، لكنها تشهد تصاعدا وانتعاشا موسميا في أعقاب هجمات إرهابية مماثلة شهدتها عواصم أوربية متحالفة مع واشنطن أو من خلال قيام الإدارة بالإعلان عن تحذير المواطنين من هجمات إرهابية مفترضة ورفع درجة التحذيرات الأمنية من لون إلى لون أعلى. شون لمنجر Shawn Lemenager مواطن أمريكي يدرس العربية منذ 13 عاما يوافق على أن الانتهاكات في حق العرب الأميركيين تشهد مراحل صعود وهبوط طبقا لحجم وطبيعة التهديدات الإرهابية ويلف لمنجر إلى خطورة تكريس هذه التهديدات للصورة النمطية للعرب والمسلمين، حيث أن التصور السائد لدى قطاع كبير من الأميركيين أن كل شر وتهديد يستهدف المصالح والأمة الأميركية يقف وراءه مسلم أو عربي.
هجمات سبتمبر لم توقف مسيرة الاندماج
رغم استمرار الانتهاكات والتمييز ضد العرب الأميركيين منذ هجمات سبتمبر وحتى اليوم، إلا أن الصورة لا تبدو بهذه السوء إذا نظرنا إلى كافة أبعادها . علاء بيومي مدير مدير العلاقات العربية بمنظمة "كير" المعنية بالدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة تحدث إلى تقرير واشنطن قائلا "إن هجمات سبتمبر وبعد مرور أربعة أعوام على حدوثها لم تستطع أن توقف مسيرة الطويلة والصعبة للجالية العربية نحو الاندماج في المجتمع والمؤسسات الأمريكية". ويضيف بيومي :" بل على العكس ، فإن تداعيات هجمات سبتمبر وتوجيه أصابع الاتهام والمسؤولية من قبل البعض إلى الجالية العربية زادت من رغبة العرب الأميركيين في الاندماج والانفتاح على منظمات ومؤسسات والمجتمع الأمريكي. وقد أظهر أكثر من استطلاع للرأي قامت به مؤسسة زغبي انترناشونال بعد أحداث سبتمبر أن العرب الأميركيون أو الأميركيون العرب مواطنون ملتزمون بواجبات المواطنة ومدركون لحقوقها أيضا.
أما صبحي الغندور مدير مركز الحوار الكائن بالعاصمة واشنطن فيرى أن أحداث سبتمبر رغم كل مثلته من فداحة لكافة المواطنين الأميركيين وخصوصا العرب منهم ، فإنها كما أفرزت نتائج سلبية كثيرة لم تخلو من بعض النتائج الإيجابية وأنها كما كانت فرصة للمنظمات والجماعات اليمينية للهجوم على الثقافة العربية والإسلام فقد كانت فرصة متكافئة للجالية العربية كي تجيب على أسئلة كثيرة وتوضح حقائق أكثر حول صورة الإنسان العربي.
وداعا للسلبية
من الأمور المعروفة عن أفراد الجالية العربية في الولايات المتحدة قبل هجمات سبتمبر انصرافهم عن السياسة وعدم الانخراط في أنشطة مؤسسات المجتمع المدني الأمريكي بسبب أن معظمهم تكنوقراط . ولكن تداعيات سبتمبر وأوقات الأزمة والمعاناة قد ولدت في داخل المجتمع العربي حالة من الطاقة ،على حد تعبير بيومي، دفعت بقوة في اتجاه انتشار مفاهيم وثقافة الحقوق المدنية والمشاركة .ومن الدلائل على ذلك أن عددا كبيرا من الطلاب ذوي الأصول العربية توجه إلى دراسة القانون. كما لوحظ تضاعف عدد المنظمات العربية المهتمة بالحقوق المدنية. وأصبح من النادر مصادفة خطاب الفئات المعزولة والسلبية بين أبناء الجالية العربية. كما اتجه الناشطون في المنظمات العربية الأميركية إلى التواصل مع الأقليات الأخرى بصورة ملحوظة.
وداعا للازدواجية
كانت معضلة تعريف من هم العرب الأميركيون تنبع من الازدواجية في الانتماء إلى وطنين وثقافتين ومجتمعين . ولم يكن تأثير هذه الازدواجية يقف عند حد جيل المهاجرين بل كان ينتقل إلى الأبناء الذين ولدوا على الأراضي الأميركية لأسباب شتى ومتنوعة . أهمها خوف الآباء على ذوبان أبنائهم في الثقافة الغربية. وكانت هذه الازدواجية تنسحب على كل القيم والمفاهيم بما فيها ماهية الوطن. لكن أحداث سبتمبر قد جعلت الأمر محسوما كما يقول الغندور فإما أن تنتمي وأن تكون جزءا من هذا الوطن فلا مجال للازدواجية في صورته السلبية بعد الآن.
تسليط الضوء على العرب الأميركيين وقضاياهم
كان من الطبيعي بعد أحداث سبتمبر أن يهتم المجتمع الأميركي ووسائل الإعلام بالعرب والمسلمين الأميركيين. وشهدت السنوات الأخيرة آلاف المقالات والتغطيات الإعلامية التي تتناول شؤون العرب المقيمين في الولايات المتحدة وبغض النظر عما احتوت عليه كثير من هذه التغطيات من جوانب سلبية فإنها قد سلطت الضوء بقوة على وجود الجالية وأشعرت أفرادها بحقيقة وجودهم وألهمتهم معنى أنهم يمثلون كيانا وجزءا مهما من مكونات وأطياف المجتمع الأميركي. كما أصبح المواطن العربي في الولايات المتحدة مثار اهتمام وفضول بقية المواطنين. وبات موقفا مثل أن يسألك البعض- بمجرد معرفتهم أنك من أصول عربية- عن الثقافة العربية والإسلام، أمرا معتادا في الحياة اليومية في الولايات المتحدة. ومن الأمور اللافتة أيضا اهتمام المجتمع الأمريكي بقضايا لم تكن تشغله قبل الحادي عشر من سبتمبر مثل قضايا السياسة الخارجية والوضع في الشرق الأوسط. ويكفي القول- والكلام للغندور- إن موضوع الجدل في انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة كان حول سياسة الرئيس بوش في العراق.
المزيد من فرص العمل لأبناء الجالية العربية
من الجوانب التي يمكن اعتبارها من الآثار الإيجابية لأحداث سبتمبر على العرب الأميركيين أنها أوجدت فرص ومجالات عمل جديدة ومتزايدة لكل من هو ملم بالشؤون واللغة العربية. وبات الإعلان عن وجود وظيفة لمن يتقن العربية للعمل في مؤسسات تعليمية أو أمنية أو عسكرية أو استخباراتية أو إعلامية أمرا شبه يومي في مواقع التوظيف الإلكترونية أو الجرائد. ويكفي أن تضغط في طابعة حاسوبك على حروف كلمة اللغة العربية أو العرب لتجد عشرات من إعلانات التوظيف يوميا.
تزايد إقبال الأميركيين على تعلم اللغة والثقافة العربية
تشهد أعداد الطلاب الذين يرغبون في دراسة اللغة والثقافة العربية بعد أحداث سبتمبر زيادة مطردة. فقد تضاعف عدد طلاب اللغة العربية في جامعة جورج واشنطن في السنة الأخيرة من بضعة عشرات إلى ما يقترب من 300 طالب . ونفس الشيء ينسحب على كافة أقسام تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في الجامعات الأميركية . كما تشهد المؤسسات التعليمية ظاهرة جديدة تعبر عن حاجة ورغبة المجتمع الأمريكي في سبر أغوار الثقافة العربية من خلال رصد بعض المؤسسات الحكومية والخاصة لميزانيات ضخمة لتنظيم برامج وتقديم منح سنوية مكثفة لمجموعة منتقاه من الطلاب لدراسة اللغة العربية مثل برنامج فلاغ شب Flagship وكبا CAPA وغيرهما.
نخلص مما سبق أن الأزمة والمعاناة والأوقات العصيبة التي تعرض لها العرب الأميركيون بعد هجمات سبتمبر الإرهابية لم تكن شرا مطلقا بل كانت تحمل بين جوانحها بعض الفوائد والمميزات على مستوي الفرد والجماعة.
حقائق وأرقام أساسية حول العرب الأميركيين
• يتفاوت عدد العرب الأميركيين بين 1.25 مليون و 3.5 مليون نسمة ويرجع الدكتور منذر سليمان هذه الفجوة الكبيرة في العدد إلى اختلاف مصدر الإحصاء من المنظمات العربية الأميركية إلى معهد الإحصاء الأميركي.
• يتوزع العرب الأميركيون جغرافيا -طبقا لسليمان- على مختلف الولايات الأميركية حيث يتركـز ثلثيهم تقريباً في 10 ولايات، والثلث الباقي منتشر على معظم الولايات الأخرى الأربعين. ويقطن ثلث العرب الأمريكيين في كل من ولايات كاليفورنيا، نيويورك، ومتشغان. ويستقر حوالي 94% منهم في ضواحي المدن الرئيسية خاصة لوس انجلوس، وديترويت، ونيويورك، نيوجرسي، وضواحي العاصمة واشنطن.
• ينحدر أصل العرب الأميركيين إلى مختلف الأقطار العربية لكن الأغلبية طبقا لتقدير المعهد العربي الأمريكي تتمثل في الجالية اللبنانية (47%) ثم السورية(15%) ثم المصرية(9%) ، فالفلسطينية(6%) والعراقية(3%) وتمثل بقية الجاليات 18(%).
• معظم أبناء الجالية العربية مسيحيون بسبب أن الرعيل الأول من المهاجريين كانوا من مسيحيي الشام ويتوزع هؤلاء على المذاهب المسيحية كالتالي: كاثوليك 42% ، أرثوذكس 23%، بروتستانت 12% . أما العرب المسلمون فتبلغ نسبتهم طبقا لتقدير المعهد العربي الأمريكي 23%.
• يذكر د.سليمان أستنادا على تقديرات منظمات عربية أميركية أن العرب في الولايات المتحدة يتمتعون بنسبة تعليم عالية قياساً بالمتوسط التعليمي لبقية السكان الأمريكيين، حيث يحمل 40% من العرب شهادات جامعية عليا وهي نسبة مضاعفة عن المعدل الوسطي الأمريكي للمتعلمين. وتدخل نسبة 65% من البالغين في سوق العمل يحتلون وظائف إدارية وتقنية أو مهنية ومعظمهم في القطاع الخاص أو قطاع الخدمات. وتبلغ نسبة العاملين في القطاع الخاص 88% مقابل 12% في وظائف حكومية، ويزيد متوسط الدخل للعرب الأمريكيين 8% عن المعدل الوسطي للدخل في أمريكا والذي يقدر بحوالي 57 ألف دولار سنوياً.
بعد مرور أربع سنوات على هجمات سبتمبر (أيلول) الإرهابية، يبدو أن الصورة باتت أكثر وضوحا وشبه كاملة فيما يتعلق بتأثير الأحداث على الجالية العربية في الولايات المتحدة. فبدلا من الحديث طوال السنوات الثلاث الماضية عن الآثار السلبية لهجمات سبتمبر على الحقوق المدنية للعرب الأميركيين بدأ البعض يدرك أن هناك من الجوانب والنتائج الإيجابية ما يستحق الرصد والدراسة. يحاول تقرير واشنطن في هذا المقال توصيف حال الجالية العربية في الذكرى الرابعة للكارثة ورصد الآثار السلبية المتواصلة مع التركيز على الآثار الإيجابية المتنامية:
استمرار انتهاك الحقوق المدنية
ما يزال العرب الأميركيون يعانون من الآثار السلبية الناجمة عن هجمات سبتمبر ولا تزال منظمات الحريات المدنية والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق العرب والمسلمين ترصد مئات الانتهاكات والتمييز ضد العرب أو من هم من أصل عربي في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وفي سياقات شتى سواء كانت تصريحات عدائية لسياسيين أو رجال دين ضدهم أو من خلال تمديد العمل بقانون باتريوت أكت Patriot Act الذي يقيد من الحريات ويدعم اتخاذ إجراءات احترازية تتنافى مع ثقافة المجتمع الأمريكي أو من خلال استهداف بعضهم في المطارات بالتفتيش الذاتي واحتجاز البعض لساعات بسبب ملامحه أو ملبسه أو اسمه الخ... صحيح أن نسبة ومعدل هذه الانتهاكات والمواقف المعادية تقل بمرور الوقت، لكنها تشهد تصاعدا وانتعاشا موسميا في أعقاب هجمات إرهابية مماثلة شهدتها عواصم أوربية متحالفة مع واشنطن أو من خلال قيام الإدارة بالإعلان عن تحذير المواطنين من هجمات إرهابية مفترضة ورفع درجة التحذيرات الأمنية من لون إلى لون أعلى. شون لمنجر Shawn Lemenager مواطن أمريكي يدرس العربية منذ 13 عاما يوافق على أن الانتهاكات في حق العرب الأميركيين تشهد مراحل صعود وهبوط طبقا لحجم وطبيعة التهديدات الإرهابية ويلف لمنجر إلى خطورة تكريس هذه التهديدات للصورة النمطية للعرب والمسلمين، حيث أن التصور السائد لدى قطاع كبير من الأميركيين أن كل شر وتهديد يستهدف المصالح والأمة الأميركية يقف وراءه مسلم أو عربي.
هجمات سبتمبر لم توقف مسيرة الاندماج
رغم استمرار الانتهاكات والتمييز ضد العرب الأميركيين منذ هجمات سبتمبر وحتى اليوم، إلا أن الصورة لا تبدو بهذه السوء إذا نظرنا إلى كافة أبعادها . علاء بيومي مدير مدير العلاقات العربية بمنظمة "كير" المعنية بالدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة تحدث إلى تقرير واشنطن قائلا "إن هجمات سبتمبر وبعد مرور أربعة أعوام على حدوثها لم تستطع أن توقف مسيرة الطويلة والصعبة للجالية العربية نحو الاندماج في المجتمع والمؤسسات الأمريكية". ويضيف بيومي :" بل على العكس ، فإن تداعيات هجمات سبتمبر وتوجيه أصابع الاتهام والمسؤولية من قبل البعض إلى الجالية العربية زادت من رغبة العرب الأميركيين في الاندماج والانفتاح على منظمات ومؤسسات والمجتمع الأمريكي. وقد أظهر أكثر من استطلاع للرأي قامت به مؤسسة زغبي انترناشونال بعد أحداث سبتمبر أن العرب الأميركيون أو الأميركيون العرب مواطنون ملتزمون بواجبات المواطنة ومدركون لحقوقها أيضا.
أما صبحي الغندور مدير مركز الحوار الكائن بالعاصمة واشنطن فيرى أن أحداث سبتمبر رغم كل مثلته من فداحة لكافة المواطنين الأميركيين وخصوصا العرب منهم ، فإنها كما أفرزت نتائج سلبية كثيرة لم تخلو من بعض النتائج الإيجابية وأنها كما كانت فرصة للمنظمات والجماعات اليمينية للهجوم على الثقافة العربية والإسلام فقد كانت فرصة متكافئة للجالية العربية كي تجيب على أسئلة كثيرة وتوضح حقائق أكثر حول صورة الإنسان العربي.
وداعا للسلبية
من الأمور المعروفة عن أفراد الجالية العربية في الولايات المتحدة قبل هجمات سبتمبر انصرافهم عن السياسة وعدم الانخراط في أنشطة مؤسسات المجتمع المدني الأمريكي بسبب أن معظمهم تكنوقراط . ولكن تداعيات سبتمبر وأوقات الأزمة والمعاناة قد ولدت في داخل المجتمع العربي حالة من الطاقة ،على حد تعبير بيومي، دفعت بقوة في اتجاه انتشار مفاهيم وثقافة الحقوق المدنية والمشاركة .ومن الدلائل على ذلك أن عددا كبيرا من الطلاب ذوي الأصول العربية توجه إلى دراسة القانون. كما لوحظ تضاعف عدد المنظمات العربية المهتمة بالحقوق المدنية. وأصبح من النادر مصادفة خطاب الفئات المعزولة والسلبية بين أبناء الجالية العربية. كما اتجه الناشطون في المنظمات العربية الأميركية إلى التواصل مع الأقليات الأخرى بصورة ملحوظة.
وداعا للازدواجية
كانت معضلة تعريف من هم العرب الأميركيون تنبع من الازدواجية في الانتماء إلى وطنين وثقافتين ومجتمعين . ولم يكن تأثير هذه الازدواجية يقف عند حد جيل المهاجرين بل كان ينتقل إلى الأبناء الذين ولدوا على الأراضي الأميركية لأسباب شتى ومتنوعة . أهمها خوف الآباء على ذوبان أبنائهم في الثقافة الغربية. وكانت هذه الازدواجية تنسحب على كل القيم والمفاهيم بما فيها ماهية الوطن. لكن أحداث سبتمبر قد جعلت الأمر محسوما كما يقول الغندور فإما أن تنتمي وأن تكون جزءا من هذا الوطن فلا مجال للازدواجية في صورته السلبية بعد الآن.
تسليط الضوء على العرب الأميركيين وقضاياهم
كان من الطبيعي بعد أحداث سبتمبر أن يهتم المجتمع الأميركي ووسائل الإعلام بالعرب والمسلمين الأميركيين. وشهدت السنوات الأخيرة آلاف المقالات والتغطيات الإعلامية التي تتناول شؤون العرب المقيمين في الولايات المتحدة وبغض النظر عما احتوت عليه كثير من هذه التغطيات من جوانب سلبية فإنها قد سلطت الضوء بقوة على وجود الجالية وأشعرت أفرادها بحقيقة وجودهم وألهمتهم معنى أنهم يمثلون كيانا وجزءا مهما من مكونات وأطياف المجتمع الأميركي. كما أصبح المواطن العربي في الولايات المتحدة مثار اهتمام وفضول بقية المواطنين. وبات موقفا مثل أن يسألك البعض- بمجرد معرفتهم أنك من أصول عربية- عن الثقافة العربية والإسلام، أمرا معتادا في الحياة اليومية في الولايات المتحدة. ومن الأمور اللافتة أيضا اهتمام المجتمع الأمريكي بقضايا لم تكن تشغله قبل الحادي عشر من سبتمبر مثل قضايا السياسة الخارجية والوضع في الشرق الأوسط. ويكفي القول- والكلام للغندور- إن موضوع الجدل في انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة كان حول سياسة الرئيس بوش في العراق.
المزيد من فرص العمل لأبناء الجالية العربية
من الجوانب التي يمكن اعتبارها من الآثار الإيجابية لأحداث سبتمبر على العرب الأميركيين أنها أوجدت فرص ومجالات عمل جديدة ومتزايدة لكل من هو ملم بالشؤون واللغة العربية. وبات الإعلان عن وجود وظيفة لمن يتقن العربية للعمل في مؤسسات تعليمية أو أمنية أو عسكرية أو استخباراتية أو إعلامية أمرا شبه يومي في مواقع التوظيف الإلكترونية أو الجرائد. ويكفي أن تضغط في طابعة حاسوبك على حروف كلمة اللغة العربية أو العرب لتجد عشرات من إعلانات التوظيف يوميا.
تزايد إقبال الأميركيين على تعلم اللغة والثقافة العربية
تشهد أعداد الطلاب الذين يرغبون في دراسة اللغة والثقافة العربية بعد أحداث سبتمبر زيادة مطردة. فقد تضاعف عدد طلاب اللغة العربية في جامعة جورج واشنطن في السنة الأخيرة من بضعة عشرات إلى ما يقترب من 300 طالب . ونفس الشيء ينسحب على كافة أقسام تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في الجامعات الأميركية . كما تشهد المؤسسات التعليمية ظاهرة جديدة تعبر عن حاجة ورغبة المجتمع الأمريكي في سبر أغوار الثقافة العربية من خلال رصد بعض المؤسسات الحكومية والخاصة لميزانيات ضخمة لتنظيم برامج وتقديم منح سنوية مكثفة لمجموعة منتقاه من الطلاب لدراسة اللغة العربية مثل برنامج فلاغ شب Flagship وكبا CAPA وغيرهما.
نخلص مما سبق أن الأزمة والمعاناة والأوقات العصيبة التي تعرض لها العرب الأميركيون بعد هجمات سبتمبر الإرهابية لم تكن شرا مطلقا بل كانت تحمل بين جوانحها بعض الفوائد والمميزات على مستوي الفرد والجماعة.
حقائق وأرقام أساسية حول العرب الأميركيين
• يتفاوت عدد العرب الأميركيين بين 1.25 مليون و 3.5 مليون نسمة ويرجع الدكتور منذر سليمان هذه الفجوة الكبيرة في العدد إلى اختلاف مصدر الإحصاء من المنظمات العربية الأميركية إلى معهد الإحصاء الأميركي.
• يتوزع العرب الأميركيون جغرافيا -طبقا لسليمان- على مختلف الولايات الأميركية حيث يتركـز ثلثيهم تقريباً في 10 ولايات، والثلث الباقي منتشر على معظم الولايات الأخرى الأربعين. ويقطن ثلث العرب الأمريكيين في كل من ولايات كاليفورنيا، نيويورك، ومتشغان. ويستقر حوالي 94% منهم في ضواحي المدن الرئيسية خاصة لوس انجلوس، وديترويت، ونيويورك، نيوجرسي، وضواحي العاصمة واشنطن.
• ينحدر أصل العرب الأميركيين إلى مختلف الأقطار العربية لكن الأغلبية طبقا لتقدير المعهد العربي الأمريكي تتمثل في الجالية اللبنانية (47%) ثم السورية(15%) ثم المصرية(9%) ، فالفلسطينية(6%) والعراقية(3%) وتمثل بقية الجاليات 18(%).
• معظم أبناء الجالية العربية مسيحيون بسبب أن الرعيل الأول من المهاجريين كانوا من مسيحيي الشام ويتوزع هؤلاء على المذاهب المسيحية كالتالي: كاثوليك 42% ، أرثوذكس 23%، بروتستانت 12% . أما العرب المسلمون فتبلغ نسبتهم طبقا لتقدير المعهد العربي الأمريكي 23%.
• يذكر د.سليمان أستنادا على تقديرات منظمات عربية أميركية أن العرب في الولايات المتحدة يتمتعون بنسبة تعليم عالية قياساً بالمتوسط التعليمي لبقية السكان الأمريكيين، حيث يحمل 40% من العرب شهادات جامعية عليا وهي نسبة مضاعفة عن المعدل الوسطي الأمريكي للمتعلمين. وتدخل نسبة 65% من البالغين في سوق العمل يحتلون وظائف إدارية وتقنية أو مهنية ومعظمهم في القطاع الخاص أو قطاع الخدمات. وتبلغ نسبة العاملين في القطاع الخاص 88% مقابل 12% في وظائف حكومية، ويزيد متوسط الدخل للعرب الأمريكيين 8% عن المعدل الوسطي للدخل في أمريكا والذي يقدر بحوالي 57 ألف دولار سنوياً.