عباس الابيض
03-01-2023, 12:06 PM
https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/storage/attachments/5908/%D9%8A%D8%A7-%D9%86%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D8%B1-%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%A8%D9%83%D9%85-1677516292066_large.jpeg
28 فبراير 2023
أنا أحد مقاولي رصف الطرق، التي تشتكون منها، ويتلقون شتائمكم ولعناتكم صباح ومساء كل يوم، والذين تسببوا في خسائر للكثير منكم وتأخركم عن أعمالكم، وإتلاف مركباتكم، وحتى التسبب في موت أهل وأقرباء لكم... نحن مقاولي الطرق.
لا أتحدث عن نفسي هنا، بل عن كل من أعرف من المقاولين في مجالي. نعترف جميعاً بأن لنا دوراً ما في موضوع رداءة طرق الدولة. كلنا، دون استثناء، كنا نعرف سوء ما كنا نقوم به من عمل، وكنا نعرف مسبقا أن أسفلت هذا الطريق أو ذلك الشارع سوف لن يدوم، وسيحتاج لصيانة خلال فترة قصيرة. وكلنا كنا نعرف أن الصيانة لن تتحقق وإن تحققت فلن تنفع فالخراب أكبر من الصيانة، وبالتالي نعترف بتقصيرنا!
ولكن ماذا عن نظام المناقصات الذي يشجع على الفساد؟
ماذا عن خراب إجراءات وأنظمة الوزارة؟
ماذا عن الضغط المستمر علينا، من موظفين كبار وفاسدين، بطلب الرشوة؟
في أية عملية «فاسدة» سواء كانت بضاعة أو خدمة أو طريق سيئ هناك دائما طرفان، ولا يعني ذلك أبدا أن جميع المقاولين، وجميع مسؤولي الوزارات، يمتهنون أو يشجعون الفساد!
ولكن عندما يكون هناك مورّد أو مقاول فاسد فهناك، مقابله، موظف حكومي فاسد ومشرف فاسد ومراقب فاسد، ومهندس فاسد.
ماذا عن الجهات الحكومية التي تصر على رفض طلباتنا المنطقية بعدم استخدام أي طريق قبل مرور من 12 إلى 18 ساعة على رصفه، لتتماسك مكوناته، وتأمر بفتح الطريق بعد ساعات فقط، لتجنب عرقلة المرور؟
وماذا عن الشركة الحكومية التي تزود مصانع الأسفلت بمنتجات غير مطابقة للمواصفات؟
وماذا عن رفض «الأشغال» الاستعانة بمكاتب استشارية عالمية لدراسة حالة الطرق والنظر في سبب تآكل طرقنا؟
وماذا عن التكدس الوظيفي والتراخي والتسيب في هيئات الرقابة على جودة الطرق وجودة المواد المستخدمة في عملية الرصف، من هيئة ووزارة ومختبرات، وما بينها من صراع وتضارب؟
ماذا عن تهميش هيئة الطرق وسحب موظفيها وصلاحياتها؟
وماذا عن تقاعس الوزارة عن محاسبة المقاولين المقصرين، خاصة فيما يتعلق بضمانات الصيانة، بحيث شملتنا جميعا تهمة الفساد؟
ماذا عن تقصير وزارة المالية في رصد ما يكفي من مخصصات لإصلاح الطرق وصيانتها؟
ولماذا السكوت عن تكرار تشكيل لجان حل مشكلة الطرق، ورفض توصياتها المرة تلو الأخرى؟
ولماذا لم تهتم هيئة الطرق يوما بالتدقيق على أوزان الشاحنات التي تستخدم الطرق، وتجاوزها الحمولة القانونية؟
وأخيرا، ماذا عن المراقب أو المشرف الكويتي، سواء أكان مكتباً أم فرداً، من الذين يعلمون جيدا بأن ما يقومون بالإشراف عليه أو بتسلمه من أعمال «غير مطابقة للمواصفات»، فيقوم البعض منهم بتمريرها، ويذهب للصلاة؟
***
الموضوع ليس قضية طريق خرب بل قضية وطن مجروح، وتدنٍ أخلاقي واضح. وقبل أن نفكر في كيفية حل مشكلة الطرق اليوم، والذي سيتلف بعدها بأشهر، علينا التفكير أيضاً في إصلاح فساد الإدارة الحكومية، ووقف تعيين من «نحب» من أبناء وأقارب و«ناخبين» في مناصب خطيرة لا يستحقون شرف توليها.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw
https://www.alqabas.com/article/5907194 :إقرأ المزيد
28 فبراير 2023
أنا أحد مقاولي رصف الطرق، التي تشتكون منها، ويتلقون شتائمكم ولعناتكم صباح ومساء كل يوم، والذين تسببوا في خسائر للكثير منكم وتأخركم عن أعمالكم، وإتلاف مركباتكم، وحتى التسبب في موت أهل وأقرباء لكم... نحن مقاولي الطرق.
لا أتحدث عن نفسي هنا، بل عن كل من أعرف من المقاولين في مجالي. نعترف جميعاً بأن لنا دوراً ما في موضوع رداءة طرق الدولة. كلنا، دون استثناء، كنا نعرف سوء ما كنا نقوم به من عمل، وكنا نعرف مسبقا أن أسفلت هذا الطريق أو ذلك الشارع سوف لن يدوم، وسيحتاج لصيانة خلال فترة قصيرة. وكلنا كنا نعرف أن الصيانة لن تتحقق وإن تحققت فلن تنفع فالخراب أكبر من الصيانة، وبالتالي نعترف بتقصيرنا!
ولكن ماذا عن نظام المناقصات الذي يشجع على الفساد؟
ماذا عن خراب إجراءات وأنظمة الوزارة؟
ماذا عن الضغط المستمر علينا، من موظفين كبار وفاسدين، بطلب الرشوة؟
في أية عملية «فاسدة» سواء كانت بضاعة أو خدمة أو طريق سيئ هناك دائما طرفان، ولا يعني ذلك أبدا أن جميع المقاولين، وجميع مسؤولي الوزارات، يمتهنون أو يشجعون الفساد!
ولكن عندما يكون هناك مورّد أو مقاول فاسد فهناك، مقابله، موظف حكومي فاسد ومشرف فاسد ومراقب فاسد، ومهندس فاسد.
ماذا عن الجهات الحكومية التي تصر على رفض طلباتنا المنطقية بعدم استخدام أي طريق قبل مرور من 12 إلى 18 ساعة على رصفه، لتتماسك مكوناته، وتأمر بفتح الطريق بعد ساعات فقط، لتجنب عرقلة المرور؟
وماذا عن الشركة الحكومية التي تزود مصانع الأسفلت بمنتجات غير مطابقة للمواصفات؟
وماذا عن رفض «الأشغال» الاستعانة بمكاتب استشارية عالمية لدراسة حالة الطرق والنظر في سبب تآكل طرقنا؟
وماذا عن التكدس الوظيفي والتراخي والتسيب في هيئات الرقابة على جودة الطرق وجودة المواد المستخدمة في عملية الرصف، من هيئة ووزارة ومختبرات، وما بينها من صراع وتضارب؟
ماذا عن تهميش هيئة الطرق وسحب موظفيها وصلاحياتها؟
وماذا عن تقاعس الوزارة عن محاسبة المقاولين المقصرين، خاصة فيما يتعلق بضمانات الصيانة، بحيث شملتنا جميعا تهمة الفساد؟
ماذا عن تقصير وزارة المالية في رصد ما يكفي من مخصصات لإصلاح الطرق وصيانتها؟
ولماذا السكوت عن تكرار تشكيل لجان حل مشكلة الطرق، ورفض توصياتها المرة تلو الأخرى؟
ولماذا لم تهتم هيئة الطرق يوما بالتدقيق على أوزان الشاحنات التي تستخدم الطرق، وتجاوزها الحمولة القانونية؟
وأخيرا، ماذا عن المراقب أو المشرف الكويتي، سواء أكان مكتباً أم فرداً، من الذين يعلمون جيدا بأن ما يقومون بالإشراف عليه أو بتسلمه من أعمال «غير مطابقة للمواصفات»، فيقوم البعض منهم بتمريرها، ويذهب للصلاة؟
***
الموضوع ليس قضية طريق خرب بل قضية وطن مجروح، وتدنٍ أخلاقي واضح. وقبل أن نفكر في كيفية حل مشكلة الطرق اليوم، والذي سيتلف بعدها بأشهر، علينا التفكير أيضاً في إصلاح فساد الإدارة الحكومية، ووقف تعيين من «نحب» من أبناء وأقارب و«ناخبين» في مناصب خطيرة لا يستحقون شرف توليها.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw
https://www.alqabas.com/article/5907194 :إقرأ المزيد