yasmeen
09-09-2005, 11:07 AM
متابعة بيان عاكوم
في عصر أصبح فيه الجمال الشغل الشاغل للمرأة العربية، فأخذت تخطو خطواتها مسرعة، لتصعد سلم الجمال وتصل به الى أعلى درجة من درجاته حتى تكون في أبهى حلة مهما تعددت وتنوعت الوسائل المتبعة.
وفي سعيها الدؤوب لمزيد من جرعات الجمال اقبلت بملء ما فيها على كل شيء يخاطب هذا الجمال ولم تتعب كثيرا، إذ وجدت امامها كما هائلا من المراكز التي تعنى بالتجميل والتي تحاكي رغبة المرأة في ابراز جمالها من خلال ازالة السمنة وشفط الدهون وصولا الى تبييض وشد الوجه، وذلك بطرق سحرية قد لا تتجاوز نصف الساعة حتى تحصل المرأة على مرادها، كما يقول القيمون على هذه المراكز.
وفي الآونة الاخيرة انتشرت مراكز التجميل التي لا ينحصر وجودها في دولة دون أخرى، بل في مختلف بقاع الارض وبخاصة في منطقتنا العربية وتحديدا الكويت، حيث ان المتتبع للمجلات والصحف المتخصصة بالاعلانات يجد يوميا اعدادا كبيرة من تلك الاعلانات التي تتناول مواضيع الصحة والجمال، فمنها من يدعي التخصص في التجميل من تخفيف الوزن وتبييض الوجه وشد البشرة وازالة التجاعيد، ومنها من يذهب الى حد الادعاء بالقدرة على علاج الامراض المستعصية التي ما زال الطب الحديث يقف عاجزا امام ايجاد العلاج الشافي لها، مستغلين بذلك بساطة الناس، وجريان المرأة نحو الجمال دون السؤال عما اذا كانت هذه الاعلانات تحقق لها العلاج المطلوب.
ومن منطلق علمهم أن «الغرقان يتعلق بقشة»، وجدوا في المرأة فريسة سهلة الاصطياد لتحقيق ثروات سريعة على حسابهن، من خلال انتحالهم هذه المهنة والادعاء التخصص والمعرفة فيها.
واذا كان هناك العديد من المهن التي تخترق من قبل من لا مهنة له، فإن الامر يجب ان يختلف تماما مع الطب لانه يرتبط ارتباطا وثيقا بجسد الانسان وحياته.
حكايات
فإحدى السيدات تقول انها توجهت الى هذه المراكز بهدف التخلص من السمنة التي تعانيها، وبعد مرور فترة طويلة من الوقت تصل الى نحو ثلاثة اشهر لم تجد اي نتيجة على الاطلاق رغم انها دفعت مبلغا كبيرا من المال.
وتتابع كلامها قائلة «رغم ذلك فلم اتعلم من اخطائي حيث توجهت الى مركز اخر يقوم بتصنيع حبوب خاصة لازالة السمنة، وقال لي المسؤول انها مصنوعة من الاعشاب الطبيعية وستحقق لي الرشاقة خلال فترة وجيزة، الا انني وحتى اليوم لم انقص كيلوغراما واحدا اضافة الى أنني بدأت أشعر بعوارض ألم في معدتي، فلذلك توقفت عن تناولها.
وسيدة أخرى زارت مراكز التجميل لاطالة شعرها وتنعيمه، وقيل لها ان باستخدام هذه الخلطات التي يبيعها المركز ستحصل على نتائج سريعة، ولكن بدل من اطالة شعرها وجدت بعد ثلاثة ايام من استخدامها للخلطات شعرها يتساقط امامها.
ودعت هذه السيدة جميع النساء بعدم تصديق كل ما هو موجود في الاعلانات وطالبت بألا يسمح للعاطلات عن العمل بأن يمارسن مهنة التجميل وان يتدربن على حسابهن.
اما مشاعل وهي من الفتيات اللواتي عانين كثيرا من مراكز التجميل تقول «توجهت الى احدى المراكز عقب اعلان قرأته في الجريدة عن وجود خلطات تعمل على تبييض الوجه في فترة وجيزة، ولكن بعد مرور اسبوع على استخدامي للخلطة، بدأ الجلد بالاحتراق وبدلا من ان يصبح لون بشرتي ابيض اصبح لونه عنابيا».
وتتابع مشاعل «وعندما اتصلت بهم وقلت لهم ما حصل لوجهي، قالوا اذهبي واشتكي، فأنت لست قادرة على اثبات شيء، ولا تملكين اي وثيقة تثبت انك استخدمت منتوجاتنا».
وهكذا فإن الاضرار الناجمة عن مراكز التجميل اكثر من افادتها، ومع ذلك تجدها كثيرة الانتشار في بلد صغير كالكويت، حيث تمتلئ الصحف والمجلات بالاعلانات الخاصة بالجمال والتجميل.
جولة هاتفية
وفي جولة هاتفية لـ «الرأي العام» على جزء من هذه المراكز، فقد تبين التناقض في الكلام عند البعض منهم، وصدقية النساء اللواتي شرحن معاناتهن مع مراكز التجميل.
فأحد المراكز الذي يعنى بتخفيف الوزن اكد لنا المسؤول عن خدمة العملاء ان المركز يحتوي على مستحضر قادر على انقاص الوزن 12 كيلوغراما خلال عشرة ايام.
وعند سؤاله عن تكوينات هذه الحبوب قال انها من الاعشاب الطبيعية وليس لها اي تأثيرات جانبية على الجسم, وهنا يكمن السؤال، كيف يمكن انقاص الوزن 12 كيلوغراما خلال فترة لا تتجاوز الايام العشرة، وان كان الامر كذلك، فما بقي احد يعاني من السمنة بمجرد توفر هذا الدواء العشي كما يقولون، ولكن ما نلتمسه في الواقع عكس ذلك تماما، حيث ان هناك الكثير الكثير ممن ما زالوا يعانون من السمنة الزائدة رغم استخدامهم للادوية والمستحضرات التي تعنى بتخفيف الوزن.
وأيضا نجد مركزا اخر يصل الى أبعد من ذلك في تخفيف الوزن، اذ انه وخلال يومين يمكن للمرأة ان تحصل على نتائج فعالة من جراء المساج والكريمات التي توضع على الجسم، وذلك بأسعار تختلف باختلاف المنطقة المراد تخسيسها، فمثلا ثمن تخسيس الورك يختلف عن ثمن تخسيس المعدة او الارداف، وذلك بأسعار تتراوح بين الـ 70 و160 دينارا كويتيا.
حل 12 مشكلة
اما عن مشاكل البشرة والجسم فما اكثر الاعلانات التي تتناول هذه المشاكل وتقدم حلولا سحرية لها، فأحد المراكز يعلن أن لديهم كريما مستخلصا من الاعشاب الطبيعية وقادرا على ازالة الكلف والنمش والبقع الداكنة في الوجه.
الغريب العجيب ان المستحضر ذاته قادر ايضا على ازالة «الترهلات» والتشققات وازالة التجاعيد من الوجه والتخلص من الهالات السوداء تحت العين، مهلا لم ننته بعد، فعند سؤالنا عما اذا كان المستحضر وحده قادرا على حل كل هذه المشاكل، أجابت المسؤولة «نعم انه قادر على حل 12 مشكلة في وقت واحد».
نصف ساعة فقط
واضافة الى ذلك، فقد لفت نظرنا اعلان يؤكد امتلاكه لعجينة سحرية قادرة على تبييض البشرة وتفتيحها خلال نصف ساعة فقط.
وعند سؤالنا عن العجينة قالت المسؤولة انها بـ 10 دنانير وخلال نصف ساعة تحصلين على النتيجة, اما تركيبة العجينة فقد اكدت انها من الاعشاب الطبيعية، وعلى ما يبدو ان هذه الاعشاب اصبحت كلمة السر التي تعتمد عليها مراكز التجميل في تسويق منتوجاتها.
مكتب عقاري للسكر
مرضى السكري كان لهم نصيب من هذه الاعلانات، اذ عند اتصالنا على الرقم المعلن في الجريدة اجابنا احد الاشخاص أن لديه خلطة قادرة على تحقيق الشفاء لمرضى السكر خلال ثلاثة اشهر, وعلى المريض ان يستخدمها مع الدواء اول عشرة ايام، وبعد ذلك يأخذها بمفردها لمدة ثلاثة أشهر، حينها يشفى كليا.
وعند سؤالنا عن مكان المركز قال «لا يوجد لدي مركز وانما مكتب عقاري», وهكذا اذاً، أصبحت أدوية مرضى السكري تباع في مكاتب عقارية.
الاختصاصي في الامراض الجلدية والتناسلية د, هشام الخطيب قال عن مراكز التجميل ان لها دورا معروفا ومحددا لاقامة بعض الاجراءات التجميلية للمرأة مثل الشعر، المكياج، والاظافر، ولكن قيامها بالتقشير والتبييض وعلاج الجلد من الكلف والترهلات، فهذا امر غير مقبول لانها غير مؤهلة للقيام بهذا الدور الذي يقتصر نجاحه على الاطباء فقط.
وشدد الخطيب على ضرورة قيام وزارة الصحة بوضع أسس رقابية صارمة على مراكز وصالونات التجميل وعدم السماح لها بعلاج الامراض الجلدية، مؤكدا ان الجلد يعتبر من اكثر المناطق حساسية واي استخدام خاطئ من قبل هذه المراكز قد يؤدي الى مضاعفات وتشوهات على جلد الانسان.
وعن الادوية المنتشرة في الاسواق قال الخطيب انها بحاجة الى ترخيص من وزارة الصحة وتكون هذه الادوية لعلاج مشكلة واحدة، ولكن للأسف احيانا نرى الكثير من المراكز التي تستغل اجازة وزارة الصحة وتضع في اعلانها ان الدواء يعالج مشاكل عدة، وهذا امر قد لا يكون صحيحا وعلى الوزارة المتابعة والتدقيق في ذلك.
كما لم ينصح الخطيب السيدات باستخدام الخلطات والتركيبات العشبية التي تشاهدها في الاعلانات، والتي تعتمد فقط على الربح دون الفائدة للمرأة.
وتابع «صحيح هناك الكثير من الادوية التي تصنع من الاعشاب ولكنها خاضعة لدراسات وابحاث علمية في الجامعات المتخصصة وليست على أيدي اشخاص عاديين».
وتوجه الخطيب للمرأة بأن يقتصر وجودها في مراكز التجميل على الزينة فقط، وليس في الامور الطبية التي يجب ان تتوجه عندها لذوي الاختصاص حتى تتجنب مضاعفات كثيرة قد تسببها لها تلك المراكز.
رأي علم النفس
كريم سهر بروفيسور ودكتور في الصحة النفسية والتنويم الابحاثي يقول عن مراكز التجميل انه لا توجد هناك قواعد وقوانين لممارسة هذه المهنة التي اصبحت عملية تجارية اكثر مما تكون عملية صحية او خدماتية.
وعن سبب اقبال الكثير من النساء على هذه المراكز اكد انه يعود لاسباب عدة اولها فقدان تلك السيدات للجمال الروحي، وذلك مرده الى الفراغ العاطفي في حياتهن وعدم تقبل الرجل او الزوج للمرأة السمينة.
كما ان للفضائيات دورا كبيرا في التوجيه والتأثير على النساء والرجال على السواء، حيث ان المرأة من خلال ما تشاهده في وسائل الاعلام تذهب الى المراكز التجميلية، كي تبدو شبه هذه الممثلة او تلك المغنية، اضافة الى تأثيرها على الرجل ايضا، بحيث لم يعد يتقبل زوجته، بل يصبح يريدها كتلك التي يشاهدها عبر الاعلام والفضائيات، ما يشكل ضغطا نفسيا غير مباشر على الرجل، واصبحت تؤثر سلبا على نفسية زوجته التي تبدأ بالبحث عن اي شيء يحقق لها الرشاقة والجمال لارضاء الرجل.
اضف الى ذلك أن عدم وجود التكامل بين العقل والروح والجسد عند السيدات يزيد من توجه المرأة نحو هذه المراكز، اذ ان بعضهن فقط يهتم من بجسدهن ولكن روحهن النفسية خاوية والبعض الاخر يهتم بروحه وبعقله, من هنا يجب ان يكون هناك تكامل بين الروح والعقل والجسد، أي ألا يقتصر اهتمام المرأة فقط بجسدها وانما بروحها وبعقلها ايضا.
ويرى سهر ان المطلقات هن اكثر اقبالا على هذه المراكز، اذ انه وبسبب الضغوط النفسية التي يمررن بها يقبلن على الطعام بشكل فائق، فيصبحن سمينات، ومن ثم يلجأن الى مراكز التجميل ليكن مقبولات في المجتمع, كما ان السيدة السمينة قبل الزواج تعتقد انها ما زالت عزباء بسبب السمنة، لذلك تلجأ الى المركز لانقاص وزنها.
والممارسة الجنسية بين الزوجين لها تأثيرها ايضا، حيث ان هذه العلاقة قد تتبدد ويصبح الرجل اقل اهتماما بزوجته، عكس ما كان في السابق بسبب سمنتها، ما يشكل ضغطا نفسيا على الزوجة، فتجد خلاصها في مراكز التجميل.
ويؤكد سهر ان كثرة الصالونات والمراكز، وتفاوت اسعارها اصبحت تناسب شريحة كبيرة من افراد المجتمع، بحيث ان المرأة المتوسطة الدخل لم تعد تجد صعوبة في الذهاب الى هذه المراكز ما زاد من نسبة الاقبال عليها.
من هنا، فهن بحاجة الى الثقافة الصحية العامة والتمتع بالثقة بالنفس، وان تعمل السيدة على الايحاء الذاتي لانه جزء من الشفاء، ويعني برمجة العقل الباطني لديها بالقول والتخيل انها انسانة ناجحة وراضية عن نفسها ما ينعكس ايجابيا على سلوكها وحياتها, اضافة الى تطوير نفسها وان تحرص على التأثير الايجابي في الاخرين، وتعرف كيف تتعامل مع ضغوط الحياة النفسية.
وحث سهر المرأة على ممارسة اليوغا والاسترخاء والتجرد من العالم المادي ولو لفترات قصيرة اضافة الى اتباع نظام غذائي صحي وطبيعي والذي بدوره يعكس نضارة واشراقاً ورشاقة لجسمها وبشرتها.
كما للرجل دور كبير في تعزيز ذلك للمرأة من خلال زرع الثقة لديها ومساندتها وعدم مقارنتها مع الأخريات، وعليه ايضا اتباع غذاء صحي لمساعدة زوجته وخلق بيئة صحية سليمة في المنزل.
دور الرقابة
ويبقى في النهاية ان نتوجه الى وزارة الصحة لتشديد الرقابة على هؤلاء التجار الذين يعملون فقط على تحقيق الربح السريع دون الاكتراث او الالتفات الى المواطنين الذين يستغلونهم أشد استغلال للحصول على المادة مقابل لا شيء للمستهلك، لا بل مقابل إحداث اضرار صحية قد تكون خطيرة تؤدي بهم الى المستشفيات.
في عصر أصبح فيه الجمال الشغل الشاغل للمرأة العربية، فأخذت تخطو خطواتها مسرعة، لتصعد سلم الجمال وتصل به الى أعلى درجة من درجاته حتى تكون في أبهى حلة مهما تعددت وتنوعت الوسائل المتبعة.
وفي سعيها الدؤوب لمزيد من جرعات الجمال اقبلت بملء ما فيها على كل شيء يخاطب هذا الجمال ولم تتعب كثيرا، إذ وجدت امامها كما هائلا من المراكز التي تعنى بالتجميل والتي تحاكي رغبة المرأة في ابراز جمالها من خلال ازالة السمنة وشفط الدهون وصولا الى تبييض وشد الوجه، وذلك بطرق سحرية قد لا تتجاوز نصف الساعة حتى تحصل المرأة على مرادها، كما يقول القيمون على هذه المراكز.
وفي الآونة الاخيرة انتشرت مراكز التجميل التي لا ينحصر وجودها في دولة دون أخرى، بل في مختلف بقاع الارض وبخاصة في منطقتنا العربية وتحديدا الكويت، حيث ان المتتبع للمجلات والصحف المتخصصة بالاعلانات يجد يوميا اعدادا كبيرة من تلك الاعلانات التي تتناول مواضيع الصحة والجمال، فمنها من يدعي التخصص في التجميل من تخفيف الوزن وتبييض الوجه وشد البشرة وازالة التجاعيد، ومنها من يذهب الى حد الادعاء بالقدرة على علاج الامراض المستعصية التي ما زال الطب الحديث يقف عاجزا امام ايجاد العلاج الشافي لها، مستغلين بذلك بساطة الناس، وجريان المرأة نحو الجمال دون السؤال عما اذا كانت هذه الاعلانات تحقق لها العلاج المطلوب.
ومن منطلق علمهم أن «الغرقان يتعلق بقشة»، وجدوا في المرأة فريسة سهلة الاصطياد لتحقيق ثروات سريعة على حسابهن، من خلال انتحالهم هذه المهنة والادعاء التخصص والمعرفة فيها.
واذا كان هناك العديد من المهن التي تخترق من قبل من لا مهنة له، فإن الامر يجب ان يختلف تماما مع الطب لانه يرتبط ارتباطا وثيقا بجسد الانسان وحياته.
حكايات
فإحدى السيدات تقول انها توجهت الى هذه المراكز بهدف التخلص من السمنة التي تعانيها، وبعد مرور فترة طويلة من الوقت تصل الى نحو ثلاثة اشهر لم تجد اي نتيجة على الاطلاق رغم انها دفعت مبلغا كبيرا من المال.
وتتابع كلامها قائلة «رغم ذلك فلم اتعلم من اخطائي حيث توجهت الى مركز اخر يقوم بتصنيع حبوب خاصة لازالة السمنة، وقال لي المسؤول انها مصنوعة من الاعشاب الطبيعية وستحقق لي الرشاقة خلال فترة وجيزة، الا انني وحتى اليوم لم انقص كيلوغراما واحدا اضافة الى أنني بدأت أشعر بعوارض ألم في معدتي، فلذلك توقفت عن تناولها.
وسيدة أخرى زارت مراكز التجميل لاطالة شعرها وتنعيمه، وقيل لها ان باستخدام هذه الخلطات التي يبيعها المركز ستحصل على نتائج سريعة، ولكن بدل من اطالة شعرها وجدت بعد ثلاثة ايام من استخدامها للخلطات شعرها يتساقط امامها.
ودعت هذه السيدة جميع النساء بعدم تصديق كل ما هو موجود في الاعلانات وطالبت بألا يسمح للعاطلات عن العمل بأن يمارسن مهنة التجميل وان يتدربن على حسابهن.
اما مشاعل وهي من الفتيات اللواتي عانين كثيرا من مراكز التجميل تقول «توجهت الى احدى المراكز عقب اعلان قرأته في الجريدة عن وجود خلطات تعمل على تبييض الوجه في فترة وجيزة، ولكن بعد مرور اسبوع على استخدامي للخلطة، بدأ الجلد بالاحتراق وبدلا من ان يصبح لون بشرتي ابيض اصبح لونه عنابيا».
وتتابع مشاعل «وعندما اتصلت بهم وقلت لهم ما حصل لوجهي، قالوا اذهبي واشتكي، فأنت لست قادرة على اثبات شيء، ولا تملكين اي وثيقة تثبت انك استخدمت منتوجاتنا».
وهكذا فإن الاضرار الناجمة عن مراكز التجميل اكثر من افادتها، ومع ذلك تجدها كثيرة الانتشار في بلد صغير كالكويت، حيث تمتلئ الصحف والمجلات بالاعلانات الخاصة بالجمال والتجميل.
جولة هاتفية
وفي جولة هاتفية لـ «الرأي العام» على جزء من هذه المراكز، فقد تبين التناقض في الكلام عند البعض منهم، وصدقية النساء اللواتي شرحن معاناتهن مع مراكز التجميل.
فأحد المراكز الذي يعنى بتخفيف الوزن اكد لنا المسؤول عن خدمة العملاء ان المركز يحتوي على مستحضر قادر على انقاص الوزن 12 كيلوغراما خلال عشرة ايام.
وعند سؤاله عن تكوينات هذه الحبوب قال انها من الاعشاب الطبيعية وليس لها اي تأثيرات جانبية على الجسم, وهنا يكمن السؤال، كيف يمكن انقاص الوزن 12 كيلوغراما خلال فترة لا تتجاوز الايام العشرة، وان كان الامر كذلك، فما بقي احد يعاني من السمنة بمجرد توفر هذا الدواء العشي كما يقولون، ولكن ما نلتمسه في الواقع عكس ذلك تماما، حيث ان هناك الكثير الكثير ممن ما زالوا يعانون من السمنة الزائدة رغم استخدامهم للادوية والمستحضرات التي تعنى بتخفيف الوزن.
وأيضا نجد مركزا اخر يصل الى أبعد من ذلك في تخفيف الوزن، اذ انه وخلال يومين يمكن للمرأة ان تحصل على نتائج فعالة من جراء المساج والكريمات التي توضع على الجسم، وذلك بأسعار تختلف باختلاف المنطقة المراد تخسيسها، فمثلا ثمن تخسيس الورك يختلف عن ثمن تخسيس المعدة او الارداف، وذلك بأسعار تتراوح بين الـ 70 و160 دينارا كويتيا.
حل 12 مشكلة
اما عن مشاكل البشرة والجسم فما اكثر الاعلانات التي تتناول هذه المشاكل وتقدم حلولا سحرية لها، فأحد المراكز يعلن أن لديهم كريما مستخلصا من الاعشاب الطبيعية وقادرا على ازالة الكلف والنمش والبقع الداكنة في الوجه.
الغريب العجيب ان المستحضر ذاته قادر ايضا على ازالة «الترهلات» والتشققات وازالة التجاعيد من الوجه والتخلص من الهالات السوداء تحت العين، مهلا لم ننته بعد، فعند سؤالنا عما اذا كان المستحضر وحده قادرا على حل كل هذه المشاكل، أجابت المسؤولة «نعم انه قادر على حل 12 مشكلة في وقت واحد».
نصف ساعة فقط
واضافة الى ذلك، فقد لفت نظرنا اعلان يؤكد امتلاكه لعجينة سحرية قادرة على تبييض البشرة وتفتيحها خلال نصف ساعة فقط.
وعند سؤالنا عن العجينة قالت المسؤولة انها بـ 10 دنانير وخلال نصف ساعة تحصلين على النتيجة, اما تركيبة العجينة فقد اكدت انها من الاعشاب الطبيعية، وعلى ما يبدو ان هذه الاعشاب اصبحت كلمة السر التي تعتمد عليها مراكز التجميل في تسويق منتوجاتها.
مكتب عقاري للسكر
مرضى السكري كان لهم نصيب من هذه الاعلانات، اذ عند اتصالنا على الرقم المعلن في الجريدة اجابنا احد الاشخاص أن لديه خلطة قادرة على تحقيق الشفاء لمرضى السكر خلال ثلاثة اشهر, وعلى المريض ان يستخدمها مع الدواء اول عشرة ايام، وبعد ذلك يأخذها بمفردها لمدة ثلاثة أشهر، حينها يشفى كليا.
وعند سؤالنا عن مكان المركز قال «لا يوجد لدي مركز وانما مكتب عقاري», وهكذا اذاً، أصبحت أدوية مرضى السكري تباع في مكاتب عقارية.
الاختصاصي في الامراض الجلدية والتناسلية د, هشام الخطيب قال عن مراكز التجميل ان لها دورا معروفا ومحددا لاقامة بعض الاجراءات التجميلية للمرأة مثل الشعر، المكياج، والاظافر، ولكن قيامها بالتقشير والتبييض وعلاج الجلد من الكلف والترهلات، فهذا امر غير مقبول لانها غير مؤهلة للقيام بهذا الدور الذي يقتصر نجاحه على الاطباء فقط.
وشدد الخطيب على ضرورة قيام وزارة الصحة بوضع أسس رقابية صارمة على مراكز وصالونات التجميل وعدم السماح لها بعلاج الامراض الجلدية، مؤكدا ان الجلد يعتبر من اكثر المناطق حساسية واي استخدام خاطئ من قبل هذه المراكز قد يؤدي الى مضاعفات وتشوهات على جلد الانسان.
وعن الادوية المنتشرة في الاسواق قال الخطيب انها بحاجة الى ترخيص من وزارة الصحة وتكون هذه الادوية لعلاج مشكلة واحدة، ولكن للأسف احيانا نرى الكثير من المراكز التي تستغل اجازة وزارة الصحة وتضع في اعلانها ان الدواء يعالج مشاكل عدة، وهذا امر قد لا يكون صحيحا وعلى الوزارة المتابعة والتدقيق في ذلك.
كما لم ينصح الخطيب السيدات باستخدام الخلطات والتركيبات العشبية التي تشاهدها في الاعلانات، والتي تعتمد فقط على الربح دون الفائدة للمرأة.
وتابع «صحيح هناك الكثير من الادوية التي تصنع من الاعشاب ولكنها خاضعة لدراسات وابحاث علمية في الجامعات المتخصصة وليست على أيدي اشخاص عاديين».
وتوجه الخطيب للمرأة بأن يقتصر وجودها في مراكز التجميل على الزينة فقط، وليس في الامور الطبية التي يجب ان تتوجه عندها لذوي الاختصاص حتى تتجنب مضاعفات كثيرة قد تسببها لها تلك المراكز.
رأي علم النفس
كريم سهر بروفيسور ودكتور في الصحة النفسية والتنويم الابحاثي يقول عن مراكز التجميل انه لا توجد هناك قواعد وقوانين لممارسة هذه المهنة التي اصبحت عملية تجارية اكثر مما تكون عملية صحية او خدماتية.
وعن سبب اقبال الكثير من النساء على هذه المراكز اكد انه يعود لاسباب عدة اولها فقدان تلك السيدات للجمال الروحي، وذلك مرده الى الفراغ العاطفي في حياتهن وعدم تقبل الرجل او الزوج للمرأة السمينة.
كما ان للفضائيات دورا كبيرا في التوجيه والتأثير على النساء والرجال على السواء، حيث ان المرأة من خلال ما تشاهده في وسائل الاعلام تذهب الى المراكز التجميلية، كي تبدو شبه هذه الممثلة او تلك المغنية، اضافة الى تأثيرها على الرجل ايضا، بحيث لم يعد يتقبل زوجته، بل يصبح يريدها كتلك التي يشاهدها عبر الاعلام والفضائيات، ما يشكل ضغطا نفسيا غير مباشر على الرجل، واصبحت تؤثر سلبا على نفسية زوجته التي تبدأ بالبحث عن اي شيء يحقق لها الرشاقة والجمال لارضاء الرجل.
اضف الى ذلك أن عدم وجود التكامل بين العقل والروح والجسد عند السيدات يزيد من توجه المرأة نحو هذه المراكز، اذ ان بعضهن فقط يهتم من بجسدهن ولكن روحهن النفسية خاوية والبعض الاخر يهتم بروحه وبعقله, من هنا يجب ان يكون هناك تكامل بين الروح والعقل والجسد، أي ألا يقتصر اهتمام المرأة فقط بجسدها وانما بروحها وبعقلها ايضا.
ويرى سهر ان المطلقات هن اكثر اقبالا على هذه المراكز، اذ انه وبسبب الضغوط النفسية التي يمررن بها يقبلن على الطعام بشكل فائق، فيصبحن سمينات، ومن ثم يلجأن الى مراكز التجميل ليكن مقبولات في المجتمع, كما ان السيدة السمينة قبل الزواج تعتقد انها ما زالت عزباء بسبب السمنة، لذلك تلجأ الى المركز لانقاص وزنها.
والممارسة الجنسية بين الزوجين لها تأثيرها ايضا، حيث ان هذه العلاقة قد تتبدد ويصبح الرجل اقل اهتماما بزوجته، عكس ما كان في السابق بسبب سمنتها، ما يشكل ضغطا نفسيا على الزوجة، فتجد خلاصها في مراكز التجميل.
ويؤكد سهر ان كثرة الصالونات والمراكز، وتفاوت اسعارها اصبحت تناسب شريحة كبيرة من افراد المجتمع، بحيث ان المرأة المتوسطة الدخل لم تعد تجد صعوبة في الذهاب الى هذه المراكز ما زاد من نسبة الاقبال عليها.
من هنا، فهن بحاجة الى الثقافة الصحية العامة والتمتع بالثقة بالنفس، وان تعمل السيدة على الايحاء الذاتي لانه جزء من الشفاء، ويعني برمجة العقل الباطني لديها بالقول والتخيل انها انسانة ناجحة وراضية عن نفسها ما ينعكس ايجابيا على سلوكها وحياتها, اضافة الى تطوير نفسها وان تحرص على التأثير الايجابي في الاخرين، وتعرف كيف تتعامل مع ضغوط الحياة النفسية.
وحث سهر المرأة على ممارسة اليوغا والاسترخاء والتجرد من العالم المادي ولو لفترات قصيرة اضافة الى اتباع نظام غذائي صحي وطبيعي والذي بدوره يعكس نضارة واشراقاً ورشاقة لجسمها وبشرتها.
كما للرجل دور كبير في تعزيز ذلك للمرأة من خلال زرع الثقة لديها ومساندتها وعدم مقارنتها مع الأخريات، وعليه ايضا اتباع غذاء صحي لمساعدة زوجته وخلق بيئة صحية سليمة في المنزل.
دور الرقابة
ويبقى في النهاية ان نتوجه الى وزارة الصحة لتشديد الرقابة على هؤلاء التجار الذين يعملون فقط على تحقيق الربح السريع دون الاكتراث او الالتفات الى المواطنين الذين يستغلونهم أشد استغلال للحصول على المادة مقابل لا شيء للمستهلك، لا بل مقابل إحداث اضرار صحية قد تكون خطيرة تؤدي بهم الى المستشفيات.