تركي
01-06-2023, 12:01 AM
عبد الله قمح (https://www.al-akhbar.com/Author/6415)
الخميس 5 كانون الثاني 2023
https://al-akhbar.com/Images/ArticleImages/202314233535327638084721353276057.jpeg
في الرابع من آب 2021 احتجزت السلطات السعودية المهندس اللبناني علي مزيد استناداً إلى «وشاية»، ووجّهت إليه اتهامات بتقديم دعم مالي لحزب الله عبر إنشاء شركة مع لبنانيين مدرَجين على لوائح العقوبات الأميركية.
ورغم عدم تقديم أي دليل على هذه المزاعم، بقيَ مزيد موقوفاً لمدة عام ونصف عام، من دون تمكينه من توكيل محام أو السماح له بإجراء اتصالات هاتفية، في ظل تخلٍّ لبناني رسمي.
وهو أمضى شطراً من فترة توقيفه في غرف انفرادية متنقلاً بين أكثر من سجن، إلى أن أُخلي سبيله في 26 كانون الأول الماضي، بالتزامن مع إصدار السلطات السعودية أحكاماً بالسجن في حق عدد من الموقوفين اللبنانيين.
وعلمت «الأخبار» أن آخر موجة أحكام صدرت قبل نحو شهرين شملت ثلاثة لبنانيين، بلغت عقوبة كل منهم السجن 10 أعوام بتهمة تأييد حزب الله وتمويله!
كان وزن مزيد، أو كما عُرف بـ«الموقوف 487»، عندما دخل السجن 72 كيلوغراماً وخرج منه بما لا يتجاوز 50 كيلوغراماً، وبنقص حادّ في الغذاء ومشاكل خطيرة في النظر وحاجة إلى رعاية صحية مركّزة. وتؤكد المعلومات أن إطلاقه لم يأت ضمن صفقة أمنية أو سياسية، وإنما لعدم ثبوت التهم في حقه، إضافة إلى وضعه الصحي الحرج.
يؤكد مزيد لـ«الأخبار» أن اعتقال مواطنين في المملكة على يد جهاز أمن الدولة يرتبط غالباً ببلاغات ووشايات مصدرها بيروت، مشيراً إلى أن إحدى ذرائع توقيفه هي معرفته بلبنانييْن مدرَجيْن على لوائح العقوبات الأميركية تتهمهما السلطات السعودية بأنهما قائدان في حزب الله. ويقول إن علاقته بالرجلين شخصية ولا خلفيات حزبية لها، ويرجّح أن أحداً في بيروت وراء هذه الوشايات التي تضمّنت تفاصيل ومعلومات دقيقة حول أفراد عائلته، «وخلال التحقيقات كان المحققون يعودون إلى بيروت للتدقيق في ما أقوله، ولم يكن هؤلاء يخفون ذلك».
عملية توقيفه، كما يصفها مزيد، كانت أشبه بعملية خطف. «طب عليّ عناصر أمن الدولة أثناء وجودي في سيارتي قرب منزلي. جرى إدخاله إلى المنزل حيث أجرى العناصر عملية تفتيش دقيقة صادروا خلالها أموالاً وأوراقاً شخصية».
اعتقد بداية أن توقيفه لن يدوم طويلاً ربطاً خصوصاً أن إقامته في المملكة قانونية، كما تربطه علاقات جيدة بأمراء ومسؤولين سعوديين، قبل أن يتبيّن أن الأمر يتعلق بقضية «أمن دولة».
ويصف جلسات التحقيق لدى جهاز أمن الدولة بأنها تجري في ظروف سيئة للغاية، وتستمر لفترات طويلة، «وتتخللها ضغوطات نفسية وجسدية تفتقد إلى أبسط المعايير الإنسانية».
ويوضح أن «جلسة التحقيق الأولى استمرت 12 ساعة متواصلة، من الرابعة عصراً حتى الرابعة فجراً، فيما لم يقلّ أقصر الجلسات التالية عن 5 ساعات متواصلة».
والأسوأ كان الإقامة لمدة ثلاثة أشهر ونصف شهر في غرفة انفرادية لا تتجاوز مساحتها متراً ونصف متر بارتفاع متر، في مقر احتجاز يُعرف بـ«المخرج 5»، وهو مخصّص للموقوفين المشتبه فيهم بالضلوع في قضايا الإرهاب وتمويل الإرهاب والتآمر على الدولة.
أسئلة المحققين ركّزت على ثلاثة أمور أساسية: طبيعة عمله في شركة إسبانية، سبب زياراته المتكررة للعراق ولقائه هناك شخصيات سياسية، وعلاقته بلبنانيين مدرَجين على لائحة العقوبات الأميركية. وقد شرح طبيعة عمله في الشركة والمهام الموكلة إليه، وبرّر زياراته للعراق بمهام كان يتولاها في الشركة التي أوكلت إليه تنفيذ عقود فازت بها، كما برّر بعض رحلاته إلى بغداد عبر مطار بيروت بإقفال مطارات المملكة استجابة لإجراءات الحد من «كورونا».
أما في شأن علاقته باللبنانييْن المُدرجيْن على قوائم العقوبات الأميركية، فأكد أن معرفته بهما تعود إلى أيام الدراسة الجامعية في سبعينيات القرن الماضي، وأنه التقى أحدهما في الفترة الأخيرة صدفة خلال تلقيه العلاج في بيروت من مرض عضال، «بينما الثاني يملك شركة مقاولات والتقيت به لاحقاً في عدة مناسبات بحكم عملنا في المجال نفسه».
وقد وُجه الاتهام إلى مزيد بالاشتراك مع الاثنين في إنشاء شركة مقاولات تدعى «نمى» لتأمين تمويل لحزب الله، وأنه كان يلتقيهما بشكل دوري خلال زياراته لبيروت. فيما أكّد مزيد أن اقتراحاً عُرض عليه بإنشاء شركة مقاولات وأنه رفض الأمر لارتباطه بعقود عمل مع شركته.
ورغم عدم وجود ما يثبت الاتهامات، استمر المحققون طوال فترة التوقيف في طرح الأسئلة نفسها، وإلزامه بالإجابة عليها خطياً.
عقب انتهاء التحقيق معه في «المخرج 5»، تنقّل «الموقوف 487» بين عدد من السجون، فنُقل إلى سجن «الحائر»، وهو عبارة عن معتقل سياسي، حيث بقي حوالي 4 أشهر، قبل أن يُستدعى إلى جلسة تحقيق، كانت الأسئلة فيها مختلفة تماماً، إذ تمحورت حول مقيمين لبنانيين في السعودية وما إذا كان على معرفة بأيّ منهم.
بعدها نُقل إلى سجن «أبها» حيث بقي 3 أسابيع في سجن انفرادي، قبل أن يُنقل إلى جناح مخصص للموقوفين في قضايا إرهاب كالانتماء إلى داعش والإخوان المسلمين. وبعد «أبها» أعيد إلى سجن «الحائر» حيث تغيّرت أسئلة المحققين مجدداً وتمحورت حول مخالفته نظام الوكالة! في ما بعد، جرى نقله إلى «سجن الترحيل» حيث بقي فترة قبل الإفراج عنه.
التقى خلال توقيفه طبيباً لبنانياً اعتُقل بسبب وضع «لايك» على مواقع التواصل الاجتماعي
خلال تنقله بين أكثر من سجن، لم يلتق مزيد بموقوفين لبنانيين لكنه سمع عن وجود أشخاص منهم، كما سمع عن توقيفات بناءً على شبهات سياسية كتأييد حزب الله أو التيّار الوطني الحرّ أو شخصيات حليفة للحزب. وفي سجن «الترحيل» المقسم إلى عنابر يُزج فيها الموقوفون بحسب جنسياتهم، تعرّف إلى طبيب لبناني أوقف بتهمة وضع «لايك» على منشور ديني على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.
وكحال قضية مزيد التي لم تلقَ أي اهتمام رسمي سواء من السفارة اللبنانية في المملكة أو غيرها حتى بعيد الإفراج عنه، ثمة قضايا لا تقل شأناً للبنانيين لا يزالون موقوفين بناءً على شبهة أو وشاية. من بين هؤلاء ح. سليم الذي أوقف خلال موسم الحاج الماضي، وكل من ب. الزين، م. جمال الدين و أ. رضا.
هؤلاء، بحسب معلومات «الأخبار»، صدرت أحكام بسجن كل منهم 10 أعوام، بتهم من بينها حيازة مقاطع مرئية لحزب الله والشك بتأييد الحزب وتأمين تمويل له.
الخميس 5 كانون الثاني 2023
https://al-akhbar.com/Images/ArticleImages/202314233535327638084721353276057.jpeg
في الرابع من آب 2021 احتجزت السلطات السعودية المهندس اللبناني علي مزيد استناداً إلى «وشاية»، ووجّهت إليه اتهامات بتقديم دعم مالي لحزب الله عبر إنشاء شركة مع لبنانيين مدرَجين على لوائح العقوبات الأميركية.
ورغم عدم تقديم أي دليل على هذه المزاعم، بقيَ مزيد موقوفاً لمدة عام ونصف عام، من دون تمكينه من توكيل محام أو السماح له بإجراء اتصالات هاتفية، في ظل تخلٍّ لبناني رسمي.
وهو أمضى شطراً من فترة توقيفه في غرف انفرادية متنقلاً بين أكثر من سجن، إلى أن أُخلي سبيله في 26 كانون الأول الماضي، بالتزامن مع إصدار السلطات السعودية أحكاماً بالسجن في حق عدد من الموقوفين اللبنانيين.
وعلمت «الأخبار» أن آخر موجة أحكام صدرت قبل نحو شهرين شملت ثلاثة لبنانيين، بلغت عقوبة كل منهم السجن 10 أعوام بتهمة تأييد حزب الله وتمويله!
كان وزن مزيد، أو كما عُرف بـ«الموقوف 487»، عندما دخل السجن 72 كيلوغراماً وخرج منه بما لا يتجاوز 50 كيلوغراماً، وبنقص حادّ في الغذاء ومشاكل خطيرة في النظر وحاجة إلى رعاية صحية مركّزة. وتؤكد المعلومات أن إطلاقه لم يأت ضمن صفقة أمنية أو سياسية، وإنما لعدم ثبوت التهم في حقه، إضافة إلى وضعه الصحي الحرج.
يؤكد مزيد لـ«الأخبار» أن اعتقال مواطنين في المملكة على يد جهاز أمن الدولة يرتبط غالباً ببلاغات ووشايات مصدرها بيروت، مشيراً إلى أن إحدى ذرائع توقيفه هي معرفته بلبنانييْن مدرَجيْن على لوائح العقوبات الأميركية تتهمهما السلطات السعودية بأنهما قائدان في حزب الله. ويقول إن علاقته بالرجلين شخصية ولا خلفيات حزبية لها، ويرجّح أن أحداً في بيروت وراء هذه الوشايات التي تضمّنت تفاصيل ومعلومات دقيقة حول أفراد عائلته، «وخلال التحقيقات كان المحققون يعودون إلى بيروت للتدقيق في ما أقوله، ولم يكن هؤلاء يخفون ذلك».
عملية توقيفه، كما يصفها مزيد، كانت أشبه بعملية خطف. «طب عليّ عناصر أمن الدولة أثناء وجودي في سيارتي قرب منزلي. جرى إدخاله إلى المنزل حيث أجرى العناصر عملية تفتيش دقيقة صادروا خلالها أموالاً وأوراقاً شخصية».
اعتقد بداية أن توقيفه لن يدوم طويلاً ربطاً خصوصاً أن إقامته في المملكة قانونية، كما تربطه علاقات جيدة بأمراء ومسؤولين سعوديين، قبل أن يتبيّن أن الأمر يتعلق بقضية «أمن دولة».
ويصف جلسات التحقيق لدى جهاز أمن الدولة بأنها تجري في ظروف سيئة للغاية، وتستمر لفترات طويلة، «وتتخللها ضغوطات نفسية وجسدية تفتقد إلى أبسط المعايير الإنسانية».
ويوضح أن «جلسة التحقيق الأولى استمرت 12 ساعة متواصلة، من الرابعة عصراً حتى الرابعة فجراً، فيما لم يقلّ أقصر الجلسات التالية عن 5 ساعات متواصلة».
والأسوأ كان الإقامة لمدة ثلاثة أشهر ونصف شهر في غرفة انفرادية لا تتجاوز مساحتها متراً ونصف متر بارتفاع متر، في مقر احتجاز يُعرف بـ«المخرج 5»، وهو مخصّص للموقوفين المشتبه فيهم بالضلوع في قضايا الإرهاب وتمويل الإرهاب والتآمر على الدولة.
أسئلة المحققين ركّزت على ثلاثة أمور أساسية: طبيعة عمله في شركة إسبانية، سبب زياراته المتكررة للعراق ولقائه هناك شخصيات سياسية، وعلاقته بلبنانيين مدرَجين على لائحة العقوبات الأميركية. وقد شرح طبيعة عمله في الشركة والمهام الموكلة إليه، وبرّر زياراته للعراق بمهام كان يتولاها في الشركة التي أوكلت إليه تنفيذ عقود فازت بها، كما برّر بعض رحلاته إلى بغداد عبر مطار بيروت بإقفال مطارات المملكة استجابة لإجراءات الحد من «كورونا».
أما في شأن علاقته باللبنانييْن المُدرجيْن على قوائم العقوبات الأميركية، فأكد أن معرفته بهما تعود إلى أيام الدراسة الجامعية في سبعينيات القرن الماضي، وأنه التقى أحدهما في الفترة الأخيرة صدفة خلال تلقيه العلاج في بيروت من مرض عضال، «بينما الثاني يملك شركة مقاولات والتقيت به لاحقاً في عدة مناسبات بحكم عملنا في المجال نفسه».
وقد وُجه الاتهام إلى مزيد بالاشتراك مع الاثنين في إنشاء شركة مقاولات تدعى «نمى» لتأمين تمويل لحزب الله، وأنه كان يلتقيهما بشكل دوري خلال زياراته لبيروت. فيما أكّد مزيد أن اقتراحاً عُرض عليه بإنشاء شركة مقاولات وأنه رفض الأمر لارتباطه بعقود عمل مع شركته.
ورغم عدم وجود ما يثبت الاتهامات، استمر المحققون طوال فترة التوقيف في طرح الأسئلة نفسها، وإلزامه بالإجابة عليها خطياً.
عقب انتهاء التحقيق معه في «المخرج 5»، تنقّل «الموقوف 487» بين عدد من السجون، فنُقل إلى سجن «الحائر»، وهو عبارة عن معتقل سياسي، حيث بقي حوالي 4 أشهر، قبل أن يُستدعى إلى جلسة تحقيق، كانت الأسئلة فيها مختلفة تماماً، إذ تمحورت حول مقيمين لبنانيين في السعودية وما إذا كان على معرفة بأيّ منهم.
بعدها نُقل إلى سجن «أبها» حيث بقي 3 أسابيع في سجن انفرادي، قبل أن يُنقل إلى جناح مخصص للموقوفين في قضايا إرهاب كالانتماء إلى داعش والإخوان المسلمين. وبعد «أبها» أعيد إلى سجن «الحائر» حيث تغيّرت أسئلة المحققين مجدداً وتمحورت حول مخالفته نظام الوكالة! في ما بعد، جرى نقله إلى «سجن الترحيل» حيث بقي فترة قبل الإفراج عنه.
التقى خلال توقيفه طبيباً لبنانياً اعتُقل بسبب وضع «لايك» على مواقع التواصل الاجتماعي
خلال تنقله بين أكثر من سجن، لم يلتق مزيد بموقوفين لبنانيين لكنه سمع عن وجود أشخاص منهم، كما سمع عن توقيفات بناءً على شبهات سياسية كتأييد حزب الله أو التيّار الوطني الحرّ أو شخصيات حليفة للحزب. وفي سجن «الترحيل» المقسم إلى عنابر يُزج فيها الموقوفون بحسب جنسياتهم، تعرّف إلى طبيب لبناني أوقف بتهمة وضع «لايك» على منشور ديني على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.
وكحال قضية مزيد التي لم تلقَ أي اهتمام رسمي سواء من السفارة اللبنانية في المملكة أو غيرها حتى بعيد الإفراج عنه، ثمة قضايا لا تقل شأناً للبنانيين لا يزالون موقوفين بناءً على شبهة أو وشاية. من بين هؤلاء ح. سليم الذي أوقف خلال موسم الحاج الماضي، وكل من ب. الزين، م. جمال الدين و أ. رضا.
هؤلاء، بحسب معلومات «الأخبار»، صدرت أحكام بسجن كل منهم 10 أعوام، بتهم من بينها حيازة مقاطع مرئية لحزب الله والشك بتأييد الحزب وتأمين تمويل له.