المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من ثقب الباب إلى.. الباب العالي أيها السيد جميل السيد: تكلم...!



جمال
09-04-2005, 08:15 AM
بيروت - نبيه البرجي


غريب انه وصل حياً الى الطبقة الرابعة في وزارة العدل ليمثل امام المحقق العدلي، لا احد قتله برصاصة قناص أو بسيارة مفخخة، أو بأي وسيلة اخرى، ولكن حين طلب اليه صبيحة الثلاثاء ان يذهب مع «الفهود السود» الى مقر لجنة التحقيق الدولية في المونتيفردي، اصر على ان يستقل سيارته المصفحة بعدما كان قد اتخذ احتياطات كبيرة ومثيرة، روي الكثير عن تصرفاته في الايام التي سبقت عملية الانزال في منزله قبالة فندق السمرلاند والذي كان محظورا السير امامه.

كنت اذا جلست الى وزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان، يوم كان رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية العاملة سابقاً في لبنان، كان يردد اسم جميل السيد عشر مرات على الاقل خلال الساعة الواحدة، فجأة راح كنعان يشتمه بعدما اصدر بياناً حول مسألة معينة بثه التلفزيون. بحدة وبعصبية وبغضب وبتعال قال له «اللواء غازي» على الهاتف: «يا فخامة الرئيس..» وسأله بسخرية جارحة ما اذا كان يريد ان يصبح رئيسا للجمهورية. لم يرد مدير عام الامن العام السابق. له مرجعيته في دمشق.

اشتكى بكل ما اوتي من تفاصيل. خطوة انتحارية في لحظة انتحارية هل كانت الشكوى وراء نقل غازي كنعان من عنجر الى دمشق مسؤولاً الى الامن السياسي قبل ان يصبح وزيرا للداخلية؟

النبي ايلا

من الصعب الاحاطة بذكائه، وبقوة شخصيته وبثقافته، انه ابن بلدة النبي ايلا في قضاء زحلة في البقاع. بلد شيعية على التلال، وفيها مقام لـ «النبي ايلا» (اي ايليا او الياس) يقصده المؤمنون من ابناء المنطقة.

عادة لا وجود سياسيا وحتى انسانيا لشيعة قضاء زحلة مجرد كمية بشرية، هكذا كانوا، فلا هم تابعون للجنوب ولا هم تابعون لبعلبك، منزلة بين المنزلتين والنتيجة: الضياع.

من يستطع ان يصل الى منصب مدير عام الامن العام، ومن تلك المنطقة لا بد ان يكون استثنائياً، لا يكفي الذكاء ولا الثقافة، الميكيافيلية ضرورية جدا، من ثقب الباب ذهب الى دمشق، بعد سنوات بدأ خصومه يصفونه بان رجل الباب العالي في لبنان، اجل من ثقب الباب الى الباب العالي ما هي هويته السياسية؟ الشيعة في الخمسينات والستينات والسبعينات، وصولا الى الثمانينات كانوا مشرعين على كل الرياح الايديولوجية والسياسية. على جدران قرية ما كنت تشاهد صور ارنستو تشي غيفارا ورئيس جمهورية اليمن ابراهيم حمدي، واكرم الحوراني وليون تروتسكي، انطون سعادة وفلاديمير لينين، كمال جنبلاط وياسر عرفات، وان كان جمال عبدالناصر هو نجم النجوم.

الكوكتيل الايديولوجي

بلدة النبي ايلا كانت الاقل تفاعلاً مع ذلك الكوكتيل الايديولوجي، مالكو ارض شاسعة على تلال خلابة يزرع بعضها بالكروم، عادة الفقراء او الذين لا يمتلكون الاراضي هم الذين يلهثون وراء عبدالرحمن الكواكبي أو كارل ماركس أو حتى محمد حسنين هيكل.

لم يعرف عن جميل السيد انه كان خارج خط الدولة، اصبح ضابطاً وعليه ان يختم فمه بالشمع الاحمر، والا يستخدم رأسه الا في نطاق معين، لم تكن هذه مشكلة. البزة العسكرية كانت مغرية جدا، لكن جميل السيد لم يستخدم ذكاءه في البداية، على نحو صاخب، ممتثل لواقع الحال، لكنه كان يعرف كيف يثبت وجوده دون ان يوحي بأنه ينظر الى ما وراء كتف الشخص الذي يعلوه. الظروف لعبت دورها لا، لا، هو عرف كيف يلعب بالظروف، مثقف، دقيق، يعني بكل التفاصيل، يفكر منهجيا، يضبط الايقاع (او يفجره). رجل قرر ان يصل.. وصل.

حمار أو اينشتاين

مهما كانت نتيجة التحقيق، فالكثيرون استغربوا ان يكون جميل السيد بين المشتبه بهم الاربعة، ربما كان الوحيد بين الرباعي الذي كان يعرف ماذا يعني اغتيال رفيق الحريري في ظل قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559. جميل السيد يخطط لقتل الحريري؟ حتى جوني عبده، خصمه اللدود، لم يصدق. اعتبر انه يعرف لكنه اذكى من ان ينتحر بتلك الطريقة الساذجة، كان السيد قد قال ان من قتل رئيس الحكومة السابق اما ان يكون حمارا او يكون... اينشتاين.

الآن، اذا سطر المحقق العدلي مذكرة بتوقيفه، في اي خانة يوضع جميل السيد؟

ما الذي يجمعه بعلي الحاج، بشاربيه المعقوفين، وبناصر قنديل الذي يحمل دكتوراه في الادب العربي (او ما شاكل) من ارمينيا؟ جميل السيد حالة خاصة. هل قيل له، مثلا، اقتل رفيق الحريري وتربع على كرسي رئاسة مجلس النواب؟

من زمان، وهو يطمح الى المنصب. لكن نبيه بري له «جماعته» داخل سوريا. في الحسابات الاقليمية والدولية حين يكون هناك رجل مثل حسن نصر الله على رأس فئة من الطائفة الشيعية، لا بد ان يكون هناك رجل مثل نبيه بري قبالته (ولو من موقع الحليف).

ليس شعبيا ولا شعبويا

جميل السيد يصلح للأروقة، والممرات، السرية. ليس شعبيا، ولا شعبويا، على الاطلاق، بخلاف بري الذي يمازح الجميع ويخرق كل قوانين الارض (فقط الارض؟) من اجل احد افراد الحاشية. «الاستاذ نبيه» يتمتع بكاريزما خاصة، صوت عال، ويصلح للجماهير. جميل السيد يصلح - فقط - للثكنات.

لا يحب الطبقة السياسية ابدا، قبل اشهر قليلة من اغتيال الرئيس الحريري زرته في مكتبه في المديرية العامة للأمن العام. راح يتحدث بمثالية وببراعة عن كيفية ادارة الدولة. هاجم الساسة وتواطؤهم على تدمير الجمهورية. كان واضحا من كلامه ان الانتقاد يطارد ايضا رئيس الجمهورية الذي بشر، في خطاب القسم، بجمهورية افلاطون، فإذا بـ«المواطنين الاعزاء» يفاجأون بجمهورية قراقوش.

لا احد «اثمن» منه في فريق رئيس الجمهورية، من الطبيعي القول: كيف يمكن لأميل لحود ان يبقى في القصر الجمهوري فيما جميل السيد يتنقل تحت جنح الظلام، والآن يقبع في الظلام؟

ولكن من هو (وما هو) جميل السيد؟ كل شيء عن كل شيء بين يديه، او بين اسنانه. ماذا اذا زل لسانه وراح يحكي: «علي وعلى اصدقائي يارب».

الشرطي المثقف

تحدث امام المحقق بالانكليزية حتى لا يحدث اي خلل في الترجمة، شديد التماسك. له صداقات مع الاميركيين، صداقات اكثر مع الفرنسيين الذين يحدثون بلغتهم عن كبار كتابهم فيذهلون امام الشرطي المثقف. قرينته البراءة لا تزال هناك. لا احد يستطيع ان يكون حاسما امام ذلك السيناريو الشكسبيري المعقد. لكن جميل السيد بالذات لا بد ان يثير الكثير من التساؤلات، حتى وان قيل ان مسؤول الاستخبارات جاهز ليفعل ما لا يمكن ان يتصوره حتى الخيال. قد يظهر بمظهر احد الاولياء الصالحين، لكن الصورة تنقلب رأسا على عقب في لحظة ما.

كمتفرجين: هل نقلب صورة جميل السيد رأسا على عقب؟

فعلنا هذا منذ ان قال ديتليف ميليس ما قاله. ولكن اذا اكتشف الرجل انه يقترب من حبل المشنقة، او من السجن المؤبد الذي قد يكون اسوأ بكثير، فهل تراه يخشى ان يقول ما يهز الدنيا.

الآن يقال الزلزال. يا للهول اذا تكلم جميل السيد، تكلم...

هاشم
09-04-2005, 04:52 PM
جميل السيد قرات عنه كثيرا وعن دفاعه فى هذه القضية ، ولدى احساس انه برىء ولكن فوجئت بأنه تم توقيفه رسميا من قبل اللجنة الدولية .

وعلى كل حال المحقق الألمانى لم يستبعد البراءة وربما التوقيف هو لمزيد من التأكد والحصول على المعلومات ولأن منصبه الرسمى ( اى الجميل ) كان يتيح له الإطلاع على كثير من البيانات والمعلومات المطلوبة من قبل لجنة التحقيق الدوليه ، ولهذا السبب فأمر بقاءه قيد التحقيق قد يطول قليلا ولا يعنى الإدانة بالضرورة .

ولكن الحقيقة هى مطلب الجميع لمعرفة من ساند وخطط لقتل الشهيد الحريرى رحمه الله .