المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عودة المدارس.. جاء وقت الانتقام !



فاتن
09-04-2005, 07:41 AM
كتب: د.خالد القحص


ارجو بنهاية هذا المقال الا تظنوا اني أب شرير أو اني لا احب ابنائي، بل على العكس من ذلك تماما، فأنا احب ابنائي جدا، كما انني اعتبر على مستوى العائلة ابا مثاليا جدا! لكني انظر الى العلاقة بين الابناء والآباء بطريقة تختلف جذريا عن الطريقة التي نراها في الكتب الاسرية أو التربوية، والتي تظهر لنا الابناء بطريقة مثالية جميلة! انا ازعم ان العلاقة بيننا كآباء وكأمهات من جهة وبين ابنائنا وبناتنا من جهة هي علاقة لها قوانينها ولها ألاعيبها ولها ايضا خفاياها واسرارها!

الابناء (مهما كان سنهم أو جنسهم) اذكى مما نتصور، وادهى مما نتوقع، واخبث مما نتخيل، ولذا اجد انه من واجبي ان اذكر بعض هذه الاسرار حتى نستطيع ان نكون على مستوى الحدث!

ابناؤنا يتفنون في تعذيبنا ويتمتعون في زيادة شقائنا وتعبنا في تربيتهم والاهتمام بشؤونهم، ولذا فهم يبدعون في اكتشاف الطرق والوسائل لتحقيق ذلك! انظروا مثلا الى هدوء ابنائنا وهم في البيت وامامنا، ولكن ما ان نكون بين الناس أو في الجمعية التعاونية أو في محل ألعاب إلا وتراهم يطلقون العنان للصراخ والعويل ويبدأون بالبكاء وتظهر دموع التماسيح وانت تحاول ان تسحب من أحدهم تلك اللعبة الغالية الثمن، ولكن ابنك يعاندك، ويمر عليك الناس ويرمقونك بنظراتهم اللوامة ولسان حالهم يقول: انظروا الى هذا الاب القاسي الذي لا يحب ابنه! وترسل لهم انت بنظراتك التي تقول: صدقوني انه يمثل، فهذه خامس لعبة اشتريتها له هذا الاسبوع! ولكن لا احد يأبه لك أو لنظراتك!

كم مرة ملأنا عربة الجمعية بأغراض ليس لأننا نحتاجها، ولكن بسبب دموع فلذات اكبادنا التي احرجتنا مع الناس، وعندما نقترب من الكاشير، حتى ندع العربة جانبا، ونقول له: نريد فقط كرتون البيض واللبن! ناهيك عن المشكلات التي يسببها الابناء في السيارة عندما يريد كل واحد منهم ان يجلس في الامام أو بجانب النافذة، هذا بالاضافة الى الجدال العقيم الذي يحدث بينهم خاصة بالسيارة، وتحاول ان تكون حكما عادلا وتعتقد انه بإمكانك ان تقضي بينهم بالعدل، فتسأل هذا ويقول لك ان اخاه هو الذي بدأ بالضرب، فتتجه الى الآخر الذي يجلس بأدب جم فيخبرك ان اخاه شتمه، وهكذا يتلاعبون بك ككرة تنس، ولا تجد الا الحل الذي كان يستخدمه آباؤنا واجدادنا من قبل، وهو ضرب المدعي والمدعى عليه، وظلم الجميع عدل!

يمثل موسم العودة للمدارس، بالنسبة لي على الاقل، فرصة ذهبية وشرعية للانتقام من ابنائنا، واليكم الطريقة! الابناء والمدرسة لا يلتقيان ولا يحبان بعضهما بعضا، وعليه فمجرد ذكر كلمة مدرسة أو طابور أو كشكول كفيل بأن يثير الذعر أو القلق لدى ابنك أو ابنتك الغالية! لكن التعليم ضروري والزامي وشر لا بد منه، وابناؤنا يعلمون ذلك، ولذا فنحن كآباء نستطيع ان نستغل هذا الموسم للتعويض عن كل التعب والقلق والازعاج الذي سببه لنا الابناء!

زوجتي تستغرب حماستي هذه الايام في الذهاب معها الى الاسواق والمجمعات التجارية وذلك لكي نستعد للعودة الى المدارس! فأم العيال ما ان تقول الكلمة السحرية المدرسة حتى تجدني اركض قبلها الى السيارة! بل اني بداية شهر اغسطس اتعمد ان آخذ ابنائي الى ركن العودة الى المدارس في المجمعات التجارية واقول لهم انه لم يبق على العطلة الصيفية سوى شهر واحد حتى اتلذذ بتعذيبهم وهم يتأففون ويتبرمون مني!

انا انظر الى المحايات والبرايات واقلام الرصاص على انها ادوات تعذيب لا ادوات تعليم، ولذا افرح عندما انسى شيئا منها حتى اتمتع بالعودة مرة اخرى الى محل القرطاسية مع ابنائي!
كذلك احرص جدا على ان اذهب بأبنائي الى مدارسهم في الصباح الباكر واوصلهم بنفسي لأرى النوم في عيونهم، وخلال الاسبوع اذكرهم بالحصص والامتحانات والمدرسين! بل انني خلال الاسبوع عندما يضايقني ابني في امر ما، فإني آخذه في جولة في السيارة مساء وامر على المدرسة، لأني اعلم انه سوف يشعر بالضيق!

موسم العودة للمدارس موسم سعيد بالنسبة لي لأنه الفرصة الوحيدة التي استطيع فيها الانتقام من الاولاد بموافقة الام والمجتمع والدولة بأكملها.. وكل عام وانتم بخير!


qahas@hotmail.com