المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطريق إلى أرض الأساطير.... رحلة في الدروب السرية لسيناء



هاشم
09-04-2005, 01:00 AM
اسامة السعيد



*تعد سيناء بمثابة العقدة المثلثة فهي ترتبط بفلسطين مع بئر السبع والنقب وقريبة من بدو الاردن وهي جزء من مصر والبحر المتوسط والاحمر من احشائها.تتميز شخصية انسان هذا المكان بتعقيدات المكان ورحابته ايضا فهم بدو اخذوا جزءا من فهمهم للحياة من خلال الطبيعة الوعرة والقاسية ودروبها المخيفة، فجاءت انفسهم فيها نوعا من الغموض وفيها خيال بعيد لدرجة لا تحسن اكتشافهم لأول وهلة وحتى لسنوات من الاختلاط لا يبوحون بسر ولا ينطقون كثيرا.كل فئة فيها كومة مليئة من الاسرار فمنذ القدم كانوا على جدال واسع مع القادمين والغادين كأدلاء وقصاصي أثر ببراعة.

لديهم عيون النسر وصلابة تقهر الموت.حرفتهم الواضحة كبقية البدو الرعي والحلال وحرفتهم غير المنظورة التجارة بكل اتجاهاتها من المخدرات الى المعلومات الى السلاح، بعض منهم منظره لا يؤكد اتقانه اكثر من لغة، فهم يتكلمون العربية ولهم فيها لغة رمزية لا يفهمها إلا هم، فهي كودات اصطلاح سري يكشفون من خلالها أية عملية اختراق داخلي، وبها يفضون بعض اسرارهم.التجار منهم يتقنون العبرية ويتعاملون مع حرس الحدود والموساد مثلما يتعاونون مع اجهزة امنية عربية ضمن فقه واحد هو تجارة المعلومات، لا يتعاملون بالاوراق وليست لديهم اجهزة كمبيوتر ولكنهم يتعاملون مع الموبايل بحرص شديد ومغلق وضمن مساحات محددة، كثير من الصفقات ابرمت وانتقلت من مكان الى مكان بواسطتهم.من المناطق الحدودية يتم تهريب الاسلحة والمخدرات مثلما يتم تهريب الاشخاص، كثير منهم لا يحتفظ بسجل مدني ولهم من الاسماء ما يثبت انهم موجودون، محطات تاريخية اكدت ان بدو سيناء والنقب والسبع كانوا يتكئون على اسنة الموت ولكنهم كانوا اكثر تحديقا وتصريفا للامور، سجنوا في زنزانات اسرائيل ومضت سنوات ولم ينطقوا ببنت شفة ومالت اسرائيل الى عمليات التفاهم وعقد الصفقات وابرامها وفقا لمقتضيات الحال.لا يؤمنون لأحد.فيهم حالة من الحذر الشديد لا يستجيبون لأول أمر، بل يمتحنون القادمين والعملاء في اكثر من موقف، من هنا عبرت شحنات من الاسلحة وكميات من المخدرات ومن هذه الوديان سيق الرقيق الابيض الى قلب تل ابيب فهي منطقة عقدة الاتصالات الخفية والسرية التي قد يكون مر بها ارهابيو شرم الشيخ وقبلهم طابا .

الشباب السيناوي..هل هو ضحية الفقر والإهمال والتطرف؟

دروب الصحراء السرية وتجارة المخدرات والسلاح والرقيق الابيض

*على أرضها تجلى الله, تحدث إلى موسى, تهاوت الجبال من جلاله, عبرها الانبياء والرسل. تاه في دروبها بنو إسرائيل أربعين عاما, كل شبر فيها يروى قصة، وينطق بعبرة, رمالها اختلطت بالدماء, كل جيوش الأرض تقريباً مرت بها, منهم من عبرها ومنهم من دفن بأعماقها, أسرارها أكثر من أن تحصى، ووديانها تحمل غموضاً ذا سحر خاص، إنها اسطورة الأرض وأرض الاساطير.. سيناء.تلك الأرض التى ظلت لقرون طويلة مفتاح الشرق، كانت ميداناً للحرب ورمزاً للسلام، وفي الأيام الماضية، سقطت ضحية بين أنياب الارهاب، الذي اختبأ بدروبها الوعرة، وسيناء هي أرض الانتصارات والانكسارات احتلت مكانتها المميزة لأسباب دينية وتاريخية، إلا أنها وعلى مر التاريخ لم تمنح أسرارها لملك أو أمير أو غازٍ وظل غموضها أكبر أسرارها.عرفت سيناء لأول مرة في التاريخ كمصدر لمناجم النحاس والفيروز والزبرجد وذلك في عام 3000 قبل الميلاد عند بدء تكوين الأسرة الفرعونية الأولى، والفتح العربي لمصر «640م» جاء عبر شبه جزيرة سيناء خلال الطريق الحربي المعروف، وقاد الجيش العربي القادم من الشام عمرو بن العاص «داهية العرب» في عهد الخليفة الثانى عمر بن الخطاب.وفي عصر الحروب الصليبية زادت أهمية سيناء العسكرية إذ ما كاد الصليبيون يثبتون أقدامهم في بيت المقدس وجنوب الشام حتى تطلعوا إلي مصر إلا أن تطلعاتهم كان مصيرها الفشل.وعبر سيناء أيضاً خرج الجيش الاسلامي بقيادة صلاح الدين لهزيمة الصليبيين بعد أقل من قرن واحد لمواجهة التتار بعد اجتياحهم العراق وقتل آخر الحكام العباسيين ثم السيطرة على الشام ونهاية الدولة الأيوبية، ثم توجهوا إلى مصر وفي عين جالوت جنوب فلسطين لقوا أقسى هزيمة.يذكر التاريخ أن الحروب والحملات العسكرية ساهمت في إبراز الاهمية الاستراتيجية لسيناء وذلك منذ الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 وعلى الشام 1799 حيث تضاعفت أهمية سيناء في العصر الحديث مما حولها من أرض عبور للجيوش والعسكر إلى ساحة معارك بين القوات الفرنسية وبدو سيناء والعريش والقوات العثمانية، واهتمت بريطانيا أيضاً بسيناء قبل وأثناء احتلالها لمصر وسعت لاستمالة ورشوة بدو سيناء ضد الحركة العرابية.ولكن البدو كانوا أقوى من رشاوى الانجليز، وكانت سيناء خلال النصف الأخير من القرن العشرين ميداناً للمعارك العربية ضد اسرائيل في 1956، ثم 1967، وأخيراً 1973، فسيناء هي بالفعل أرض الانتصارت والإنكسارات.

جغرافيا المكان والانسان
على الخريطة الجغرافية تملك سيناء نحو 30 % من سواحل مصر وتبلغ مساحتها 61000 كم أي 6.1 % من مساحة مصر، وجغرافيتها مثلث قاعدته في الشمال، ورأسه في الجنوب، ويحده المتوسط من الشمال وخليج العقبة من الشرق، وخليج السويس وقناة السويس من الغرب.
تضاريس سيناء تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الجنوب حيث المنطقة الوعرة شديدة الصلابة، والتي تتألف من جبال جرانيتية شاهقة الارتفاع، أعلى قمة فيها تصل لنحو 2640 متراً فوق سطح البحر، والقسم الاوسط يتشكل من مجموعة هضاب «هضبة التيه» والشمالي ارض منبسطة وسهول ساحلية ولذا فإن أسرار سيناء فيه. وتعد سيناء حلقة الوصل بين آسيا وأفريقيا، وهي أيضاً معبر بين حضارات العالم القديم في وادي النيل ودلتا دجلة والفرات وبلاد الشام، وهي معبر للديانات السماوية.. كرمها الله بذكرها في القرآن وعبور أنبيائه أرضها قاصدين وادي النيل.

وتضم سيناء العديد من المدن ذات الطبيعة الخاصة منها العريـش وهي أهم مدن شاطئ سيناء على البحر المتوسط، بل هي أكبر مدينة صحراوية في مصر على الإطلاق، أما سـانت كاترين فهي أكثر مدن سيناء خصوصية وتميزاً كونها أعلى الأماكن المأهولة في سيناء ويميزها موقعها على هضبة ترتفع 1600 متر فوق سطح البحر.وتحيط بها سلسلة من الجبال هي الأعلى في سيناء بل وفي مصر كلها.. وأعلاها قمة جبل كاترين وموسى وجبل الصفصافة وغيرها.أما شرم الشيخ هذا المنتجع الذي يجثو على شاطىء البحر الأحمر والذي استهدفته سلسلة الاعتداءات الأخيرة، فهو درة السياحة في مصر والمكان المفضل للرئيس المصري حسني مبارك لاقامة المنتديات الدولية واستقبال ضيوفه فيه حتى اصبح شبيها بـ «كمب ديفيد» للرئيس الاميركي. وتقع هذه المدينة الحديثة التي تزنرها الجبال في الطرف الجنوبي من شبه جزيرة سيناء وتطغى عليها ثلاثة الوان، ازرق البحر واحمر الجبال وابيض الفيلات والفنادق، ورغم انها كانت شبه منسية قبل عشرين عاماً. فقد استضافت في الاعوام الأخيرة العديد من المؤتمرات الدولية، وعلى غرار الأجزاء الأخرى من سيناء استردت مصر شرم الشيخ من إسرائيل عام 1982 وفق اتفاق السلام الموقع بينهما عام 1979، ومنحتها اليونيسكو عام 2002 صفة «مدينة السلام» اضافة الى أربع مدن اخرى في العالم، وتحولت شرم الشيخ تدريجيا, ونظراً لأهميتها السياحية, إلى أحد اهم مراكز الغطس في العالم وتستقبل كل سنة زوارا من مختلف الجنسيات، وتمتد المدينة على مساحة كيلومترات وتشهد تطورا سياحيا لافتا.

العمران وقبائل البدو
ينتشر العمران في سيناء على شكل بقع في مواقع متعددة وهذا الهيكل العمراني، الفريد من نوعه، في سيناء بدأ يتغير بشكل سريع تجاوباً مع جهود التنمية، خاصة والسياحة قد ضاعفت من أعداد السكان في مناطق لم تكن كثيفة السكان من قبل، خاصة على خليج العقبة، وجهود توفير المياه والطرق أدى أيضاً إلى خلق نوع من الترابط بين محاور الهيكل العمراني, وأصبح التقسيم الإداري لسيناء يشمل محافظتين هما شمال سيناء وجنوب سيناء إضافة إلى مدينة القنطرة شرق التابعة لمحافظة الاسماعيلية ومنطقة الشط التابعة لمحافظة السويس.المجتمع في سيناء يشكل البدو فيه مكوناً أساسياً ومن أشهر ما يميز بدو سيناء، خاصة النساء هو الوشم الذي ما زال رائجاً بينهم في أشكال شتى على أجزاء مختلفة من الوجه واليدين والقدمين، ويعكس الوشم صوراً من البيئة الطبيعية ذات الدلالات التي ترتبط بالتبرك أو التفاؤل أو ما يعتبر من مظاهر الحسن والجمال غيرها. وفي سيناء قبائل كثيرة أشهرها 12 قبيلة يتراوح تعداد كل منها بين 500 نسمة و12 ألف نسمة، وتتمركز هذه القبائل في المناطق الساحلية شمالاً وشرق القناة وخليج السويس، وأشهرها السواركة والرحيلات وعرب قاطية والمساعيد والبلي.وأهمها في وسط سيناء وهي الترابين والعبابدة والاحيوات والتياها والحويطات والصوالحة والعقبان، أما في الجنوب فالجبالية ومزينة والعليقات والقرارشة والبدارة والطوارة وبني واصل. وتشيع بين قبائل البدو العديد من القيم الإيجابية كالشجاعة والكرم وحب الضيافة والنجدة وعزة النفس، من هؤلاء البدو نجد أشهر قصاصي الأثر الذين يعرفون مسالك سيناء ودروبها الخاصة.ولذا فإن أحداً لا يمكنه التوغل داخل هذه الدروب إلا بهؤلاء البدو، ومعظم عادات وتقاليد البدو تمثل تراثاً ثقافياً مهماً يحرصون على إحيائه والمحافظة عليه مثل القضاء العرفي.وهو قضاء خاص بالقبائل البدوية وله قواعده وإجراءاته التي تتمثل في الاحتكام إلي أشخاص بعينهم تخصص كل منهم في نوع من الجرائم يعرف أحكامها والعقوبات المقررة، ويقول ابن خلدون في هذا الشأن «إن العرب أشد بداوة من غيرهم من الأمم البدوية لقيام بداوتهم على رعي الإبل فقط، كما أنهم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض، لغلظتهم تجتمع أهواؤهم»، لهذا فلا غرابة أن نرى من بين وسائل تحقيق العدالة بين بدو سيناء وسائل غاية في البدائية، بعضها مرتبط بالبيئة والبعض الآخر مرتبط ببعض العادات العربية. وقد حاولت القيادات الاسرائيلية إبان فترة الاحتلال السيطرة على بدو سيناء، إلا أنه وبعد صدمة مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، وفشل تمرير فكرة تدويل سيناء, حيث أشار رجال المخابرات وخبراء الموساد على حكومتهم بأن أفضل وسيلة لترويض البدو هو التعرف عن قرب على أسلوب تفكيرهم ونواحي فلسفتهم ومثلهم الأخلاقية والاجتماعية.لذا دفع الموساد بمجموعة من الباحثين الأجانب والإسرائيليين عام 1970م لجمع وتدوين تراث بدو سيناء إلا أن مدافع حرب رمضان (أكتوبر 1973) قد خيبت آمال الصهاينة في سرقة الأرض والشعب والتراث.ويعاني المجتمع السيناوي العديد من المشكلات الخطيرة، فى مقدمتها تزايد الافكار المتطرفة في اوساط الشباب.وعلى الجانب الآخر تزايد الانشطة غير المشروعة كالتهريب وتجارة المخدرات وتهريب الروسيات.فعندما وقعت تفجيرات طابا في أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، نشرت جميع الصحف المصرية تقريباً أخبارا وموضوعات عن خطة الحكومة المصرية لتطوير المجتمعات البدوية في سيناء للحيلولة دون وقوع شبابها في براثن الإرهاب وسردت الصحف أرقاما وتحدثت عن ملايين رصدت لهذه العملية.وقبل أن يمضي العام كان تفجير آخر أكثر ترويعا قد وقع وعاد الحديث مرة أخرى عن تطوير مجتمعات البدو فمنهم خرج الجناة في المرة الأولى واليهم تشير أصابع الاتهام هذه المرة، فعلى الأقل منهم من ساعد بحكم الخبرة بمداخل المنطقة ومخارجها جيدا./ويبقى دائما التساؤل عن طبيعة المجتمعات البدوية التي تخطط الحكومة المصرية لتطويرها والتي خرج منها إرهابيون يفجرون ويدمرون. ويتصور البعض ان سيناء لا يسكنها إلا البدو، لكن الواقع ان سكان سيناء موزعون ما بين أهل المدن أو الحضر وبين بدو ينتمون لأكثر من قبيلة، وكل قبيلة تنقسم بدورها إلى بطون وعشائر وعائلات، وهم موزعون في عدة مناطق، لكن الكثافة الأكبر توجد في محافظة شمال سيناء (تنقسم شبه جزيرة سيناء إلى محافظتين شمال وجنوب).وعلى الرغم من ان مدينة شرم الشيخ تتبع إداريا محافظة جنوب سيناء، الا ان عددا كبيرا من شباب الشمال نزح للعمل في السياحة والخدمات السياحية في الجنوب ربما لتعويض النقص السكاني، حيث لا يزيد عدد السكان في الجنوب على 35 ألف نسمة، نسبة كبيرة منهم نزحت من وادي النيل وقلة من القبائل البدوية في حين يقترب عدد سكان الشمال من 300 ألف نسمة وتبلغ نسبة البدو من بينهم أكثر من %75.

معضلة الشباب السيناوي
نزوح الشباب للعمل في المنتجعات السياحية أصبح أمرا عاديا، بل فرصة يحلم بها كثيرون في ظل أوضاع اقتصادية متردية للمجتمعات البدوية وتقاليد راسخة صارمة تحرم الشباب من حرية الحركة، وما زالت تمنع الاختلاط بين الشباب والفتيات وتحتم نوعا معينا من الملابس على الرجال والنساء «الجلباب الأبيض للرجال والأسود للنساء».وعلى الرغم من ان التجمعات البدوية (82 قرية و 458 تجمعا في الشمال و 9 قرى و 74 تجمعا في الجنوب) تتجاور لحد التلاصق، إلا انها تتنافر وتتباعد في علاقاتها وعاداتها وتقاليدها وألسنتها، بل وتمنع بعض القبائل زواج بناتها من القبيلة الملاصقة لها بحكم تباعد الأنساب فيما بينها.ولا تزال لشيخ القبيلة او كبيرها السيطرة التامة على أبناء قبيلته، القاصي منهم والداني والقريب والبعيد، فكل شيء في القبيلة يتم بأمره، وأحكامه نهائية لا تقبل الخروج عليها فانتخاب المرشحين للانتخابات البرلمانية يتم بمقتضى الاتفاقيات التي يعقدها الشيخ ومن خلفه تحتشد القبيلة رجالها ونساؤها وعن طريق مجلس القبيلة او «المقعد » تتم مناقشة كل ما يستجد من أمور والبت في المشاكل قبل وصولها لقسم الشرطة، سواء أكان ذلك في المعاملات المالية أو في أمور الزواج والطلاق.نسبة كبيرة من شباب البدو في سيناء متعلم، وأغلبهم بدون عمل لضعف فرص العمل والوظائف التي توفرها الدولة، ولذا انحسرت فرص العمل في الزراعة المحدودة بحكم التربة الضعيفة التي لا تقبل الزراعة أكثر من مرة، حيث تنتشر زراعة الكانتالوب والطماطم والزيتون والرمان على المياه الجوفية وبين العمل في الصيد في بحيرة البردويل التي انخفض إنتاجها من الأسماك إلى درجة كبيرة بسبب الصيد الجائر في السنوات الأخيرة.هذا الوضع الاقتصادي المتدني والانغلاق الاجتماعي كانا مناخا طيبا لعمل الجماعات المتطرفة التي انتشرت بين شباب القبائل السيناوية، وبدءا من مطلع التسعينات زاد أعداد الشباب الذين يطلقون لحاهم ويقصرون جلابيبهم تمييزا لأنفسهم عن الآخرين وارتدت زوجاتهم وأخواتهم الجوارب السوداء تمييزا لهن عن السيناويات.وأصبح للشباب المتشدد شيوخهم فلا يصلّون الا خلفهم، هذه الجماعات المدعومة بأموال كبيرة لا يعلم أحد مصدرها نجحت في جذب عدد كبير من الشباب، خاصة ان الجماعة تقوم بتزويج الشباب ومساعدتهم في إقامة مشروعات خاصة بهم.وعلى الرغم من أن القبائل البدوية منغلقة على نفسها ولا تشجع الاختلاط والزواج من خارجها، الا ان مجتمع «الاخوة»، كما يطلق عليهم أهل سيناء، كان عابرا للقبائل متجاوزا لتقاليدها فليس مهما اسم قبيلتك أو وضعها وحيثيتها وحجمها فالجميع متساوون ولا فرق بينهم، وشيئا فشيئا تصدى الاخوة لأنشطة المساجد من اذان واقامة شعائر وخطبة الجمعة.ولبعد المساجد وتناثرها لا يمكن ان تحكم وزارة الأوقاف المصرية قبضتها وإشرافها عليها، ولذلك لا تخرج موضوعات الخطبة عن عذاب القبر ومهانة المسلمين وجحيم الحياة الدنيا وأهوال يوم القيامة.

السياحة وسلام المنتجعات
سيناء كنز سياحي ثمين اكتشف جزء منه ولا يزال الجزء الأكبر من هذا الكنز خافياً، وهي جزء لا ينفصم من حضارة وادي النيل فكل العصور التي مرت بها تلك الحضارة من فرعونية، ويونانية/ رومانية، وقبطية، وإسلامية، وحديثة، لها وجود علي أرض سيناء، لها ودائع ممثلة في مواقع أثرية عديدة، من الناحية التاريخية ـــ الأثرية تتميز سيناء بميزتين هما الطريق الحربي الكبير الذي يمر بها وما زالت آثاره باقية، والمناجم الأثرية (الفيروز والنحاس) والتي تعد من أقدم المناجم في العالم، فهذان العنصران هما مدخل تاريخ سيناء ومفتاح لاستيعاب الخريطة الأثرية بها.وبالرغم من هذه الهالة من القدسية التي تحيط بالكثير من المناطق بسيناء، إلا ان الواقع في كثير من المناطق يخالف هذه القدسية، فتكثر المنتجعات التي ينتشر بها الإسرائيليون في دهب وطابا ونويبع، والتي تكثر بها الانشطة غير المشروعة كالدعارة والمخدرات.ويصل الأمر احيانا الى تخصيص شواطئ مغلقة تكاد تكون للعراة فقط، ومن العادي ان تجد عند مدخل المنتجعات السياحية الساحلية، علامات ترحيب حارة باللغة «العبرية» بالإسرائيليين الزائرين للاستمتاع بالشمس أو رياضة الغوص في مياه البحر الأحمر.وفي فندق هيلتون طابا الشهير وبالقرب من الحدود المصرية مع إسرائيل يفضل الإسرائيليون الذين يجتذبهم وجود هذا المنتجع قرب مدينة إيلات الساحلية الإسرائيلية، أن يمضوا الوقت حول حوض السباحة أو لعب الورق في بهو الفندق.لكن ورغم التفجيرات التي طالت هذا الفندق الشهير في7 ـ 10 ـ 2004 ومخيم أرض القمر السياحي بجزيرة الشيطان الواقعة بين طابا ونويبع، ـ ووقع الانفجار الثالث بمنطقة مخيم الطرابين السياحي، قتل فيه 23 إسرائيليا وخمسة مصريين، إلا أن ذلك لم يمنع السياح الإسرائيليين الذين يبحثون عن منتجعات قريبة منهم عن التدفق إلى الساحل الشرقي لشبه جزيرة سيناء، حيث تعد المنتجعات الأقرب إلى إسرائيل على امتداد شريط ساحلي بين طابا ونويبع هي المفضلة بشكل خاص.وقد بنى الإسرائيليون بعضا من فنادق سيناء بما في ذلك فندق هيلتون طابا بعد احتلالهم المنطقة في حرب 1967 وقبل إعادتها في نهاية الأمر إلى مصر في إطار اتفاقية السلام عام 1979. وبينما لا يشترط حصول الإسرائيليين على تأشيرة للسفر إلى شرق سيناء رغم أنهم ملزمون بالحصول على تصاريح دخول لزيارة بقية مصر، فإنه يتعين على المصريين الراغبين في زيارة المنطقة المرور عبر نقاط تفتيش أمنية خاصة.

تجارة السلاح والمخدرات
رغم ان تفجيرات شرم الشيخ التي حدثت في 23 يوليو (تموز) الماضي التي اعتبرت اعنف ما تعرضت لها مصر في تاريخ مواجهاتها مع الجماعات الأصولية والارهابية منذ أكثر من نصف قرن، لكنها تحمل من جهة أخرى مؤشرات على نشأة خلايا نائمة وشبكات مغمورة في فضاء سيناء والذي لا تزال معظم دهاليزه ومسالكه مجهولة لغير البدو الذين يعيشون في تلك المنطقة.وبعض خبراء الارهاب وصفوا الجو البدوي العشائري في سيناء بأنه أشبه بـجو «تورا بورا» في أفغانستان، وأن السلطات المصرية ستواجه صعوبة بالغة في التعامل مع هذه التشكيلات عبر هذا الفضاء ومع سكانه البدو ذوي الحساسيات الخاصة التي تعود لطبيعتهم البدوية والقبلية المختلفة عن باقي سكان مصر في الدلتا.ورغم محاولة الدولة انشاء منتجعات سياحية وحضرية في بعض أجزائها، فما زالت المخدرات تزرع في بعض المناطق البعيدة أو الخافية والصعبة عن متناول الشرطة، كما أن الأسلحة وبعضها من مخلفات الحروب مع اسرائيل موجودة بكثرة، إضافة إلى معرفة البدو بمسالك تهريب السلاح والمخدرات عبر الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وغير تهريب السلاح والمخدرات فقد برعوا في تهريب الروسيات والاوكرانيات إلى داخل اسرائيل بعد وصولهم إلى مصر، وذلك في تجارة دعارة عابرة للحدود يجني المهربون في سيناء أموالا طائلة من ورائها، وقد خاضت السلطات المصرية معارك شرسة مع هؤلاء المهربين في المسالك الوعرة بسيناء.هذه التجارة ربما تكون ينابيع للصرف على تجارة السلاح التي قد تجد دعما من جهات خارجية لانتاج تنظيمات سيناوية تستمد فكرها من الحركات السلفية الجهادية، والتي تتجه إليها أصابع المحققين حاليا باعتبارها الأقرب جغرافيا إلى تلك التنظيمات، كونها موجودة في دول عربية مجاورة وفي فلسطين المحتلة، والدولة إذا لم تتعامل بشكل مختلف مع هذه التنظيمات، فإن الأمر قد يؤدي لكارثة، فهناك طبيعة دينية عميقة موجودة في البدوي أو القبلي، وهذه الطبيعة من الممكن أن تستجيب لبعض الأفكار التي لها طابع سلفي جهادي.

الفلسطينيون في سيناء
من المظاهر اللافتة للنظر تزايد اعداد الفلسطينيين المقيمين فى سيناء لا سيما في الشمال حيث تكثر الزيجات بين المصريين والفلسطينيات للحصول على الجنسية المصرية، بل انه يمكن القول ان الزواج من الفلسطينيات الثريات صار حلما لكثير من شباب سيناء الذين يعانون من ظروف معيشية سيئة، وهو ما يمثل عبئا مضاعفا على الاجهزة الامنية هناك لاحكام الرقابة على تدفق الفلسطينيين ومنع دخول اسرائيليين او عملاء وسطهم.ولم تأت موجات الفلسطينيين التي تدفقت الى مصر، من فراغ بل انها تعود الى مطلع عشرينيات القرن الماضي، فقد دفعت الصدامات وثورة 1936 ـــ 1939، الكثير من الفلسطينيين للجوء الى مصر، والنسبة الاكبر من هؤلاء جاءت من الخليل، المدينة التي شهدت أشرس الصدامات بين العرب واليهود، إبان هبة البراق والنسبة العظمى من هؤلاء حصلت على الجنسية المصرية، حتى قبل وقوع نكبة 1948 الفلسطينية.
ثم جاء لاجئو 1948، بأعدادهم الكبيره، نسبياً، وبعدهم توافدت اعداد قليلة، ممن قذف بهم، احتلال القوات الاسرائيلية لقطاع غزة، خريف 1956، خلال العدوان الثلاثي، على ان أعدادا أكبر وصلت مصر بعد احتلال القوات الاسرائيلية للضفة الغربية و قطاع غزة، في حرب يونيو (حزيران) 1967، بل ان نزف المواطنين في هاتين المنطقتين المحتلتين لم ينقطع، منذئذ الى يوم قريب مضى.ويعتمد عدد كبير من الفلسطينيين في سيناء على التجارة، لكن جانبا غير يسير منهم يعمل بالتهريب على الحدود المصرية الاسرائيلية فالتطبيع التدريجي للعلاقات الاقتصادية المصرية ـ الإسرائيلية والتعاون الثنائي بين البلدين، بخاصة في المجال الزراعي يتيحان بعد الآن استيراد البذور بصورة شرعية.ويتناول التهريب حالياً المنتجات الإسرائيلية الاستهلاكية الجارية التي تحظى في مصر بجاذبية معينة وذلك على غرار جميع المنتجات المستوردة وعن طريق غزة، تصل هذه البضائع التي تمون تجارة التجزئة غير الرسمية بالعريش والتي يحضرها «الزوار» الفلسطينيون الذين يستيطعون الذهاب إلى غزة بسهولة أكبر أو بواسطة «السياح» المصريين أو الزوار الفلسطينيين كما يحصلون منها أيضاً على ربح .