فاطمي
09-02-2005, 03:47 PM
يقول كتابهم: باسم الـحي العظيم جاء الماء والـحياة.. ومن الماء جاء النور.. ومن النور جاء البهاء.. ومن البهاء جاء الأثيري والملائكة الصالـحون
الصابئة المندائيون في العراق ..... عين على الوطن التاريخ.. وقلب على الوطن المفجوع
البصرة ـ القبس ـ علي الساعدي
الصابئة.. المندائيون.. المغتسلة، أسماء مختلفة لمعنى واحد، يشير الى اكثر الجماعات الاثنية - في التاريخ - ارتباطا وتقديسا للماء ونزوعا للسلام وتطامنا وانسجاما مع الدول والحضارات التي عاشوا في اطارها. فهم لم يكن لهم دولة قومية ولا كيان سياسي مستقل وليس لهم حروب يستعيدون امجادها او ملاحم يتغنون بها، بل كانوا مشاريع دائمة للاضطهاد والتهميش وذاكرتهم اللدنة تحفل بالكثير من رحلات الهجرة والشتات، ولكن ليس عبر صحارى ورمال بل عبر فراديس الماء..فهم ابناء حضارة الماء التي اكتسبوا رقتها وشفافيتها وولعها بالحياة. فالماء ابجديتهم الاولى التي يغمس «يعمد» فيها وليدهم بعد ثلاثين يوما من ولادته ويدخل «في سجلات النور».. ليكون مندائيا. فالماء في عقيدتهم اصل الكون واصل الحياة تقول «البوثة» ـ الآية.. باسم الحي العظيم «من الحي العظيم جاء الماء والحياة، ومن الماء جاء النور ومن النور جاء البهاء ومن البهاء جاء الاثيري والملائكة الصالحون».
رئيس الطائفة لـ القبس : نحن أمة عريقة ولسنا طائفة.. لكننا غير عنصريين
بين «يردنا» نهر الاردن و«فراش زيوا» الفرات النوراني يزاور تاريخ هؤلاء الوديعين، فقد كانا رفيقين وشاهدين لرحلتهم الطويلة التي يقولون عنها انها تمتد الى شيت ابن ادم.. وادريس، حيث لا يترددون في قولهم «نحن اول الموحدين» والطيب مدينتنا التاريخية التي عمرها شيت ابن ادم.. «الطيب» مدينة لم تزل قائمة في الشمال الشرقي من ميسان.
واذاصح هذا فان «يردنا» نهر الاردن وما يحيط به هو محطتهم الثانية، وكذلك ان النبي يحيى بن زكريا ليس كما يعتقد الكثيرون بانه مؤسس ديانتهم بل هو اخر انبيائهم و يؤكدون انه عرج الى السماء وليس كما هو شائع ان هيرودس قطع رأسه ووضعه على طبق وقدمه الى هيروديا، ويستشهدون بالقرآن الكريم على عروجه الى السماء وتكذيب رواية قتله «وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا».
وهو نبي ورسول ومعلم بل هو اهم نبي في الديانة المندائية ويقولون عنه ان الملائكة احتضنته وعلمته كل اسرار الكون والخليقة وظل يعمد الناس لاثنين و اربعين عاما حتى صعوده الى السماء، لذلك كان التعميد جوهر الديانة المندائية، ولكي يفارقوا القاموس المسيحي اسموا هذا الطقس «الصباغة» فلا يكون مندائيا من لم يدخل المصبغة. والمصبغة هذه تكون حيث يكون الماء الجاري لذلك تعمد تاريخهم بماء النهرين ولم يبتعدوا عنهما ابدا ولم يختلف كل الذين اشتغلوا في دراسة المندائية على ذلك بل كانت خلافاتهم تنصب حول من هي مدينتهم الاولى وموطنهم الاول؟ هل هي القدس ام الطيب ام حران وربما اكثر النظريات شيوعا انهم هاجروا من القدس الى حران مع الملك الفرثي «اردبان» حيث كان لهم هناك اخوان في الدين بعد ذلك استوطنت جماعات منهم شواطئ دجلة والفرات بسبب اضطهاد اليهود لهم.
المندائيون في التاريخ العربي والإسلامي
كان يقال لكل من يخرج على قريش في الجاهلية ويدخل الى حظيرة الاسلام «صبأ الرجل» وكل من يدخل الاسلام «مصبوا» ولأنهم لا يهمزون ابدلوا الهمزة واوا، واصلها صبا غير مهموزة، والتي تعني التعميد او التطهر باللغة الارامية وهي الانغماس في الماء بغية التطهر وهذا جوهر طقوس المندائيين.وكما هو واضح من ان هناك تناظرا بين المفردتين اضافة الى ان من المتفق عليه تماما بين مصادر التاريخ العربي والكتب المندائية والانثر بولوجيون.. ان الدين الصابئي كان موجودا في المنطقة العربية قبل الاسلام،وان معتنقي هذه الديانة يسكنون هنا منذ القدم، وليس ادل على ذلك مما جاء في القرآن الكريم حيث تحدثت عنهم ثلاث آيات في ثلاث سور مختلفة منها «ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون»... المائدة.
مما يدل على ان ديانتهم كانت معروفة في الجزيرة العربية وصنفهم القرآن بانهم من اهل الكتاب دون لبس، وكذلك ازدحمت كتب التراث العربي والاسلامي بالحديث عنهم وورد الكثير من التراجم لاعلامهم من الاطباء والفلكيين والادباء والمهندسين الذين كانوا يتمتعون بمكانة مرموقة في الدولة والمجتمع الاسلامي فكان منهم ثابت بن قرة. وسنان بن ثابت. وابو اسحاق الصابي. وابو حسن الحراني.كذلك تحدثت المعاجم الجغرافية عن قدم وعراقة وجودهم في مناطق مختلفة من وادي النهرين وقبل الفتح الاسلامي كانوا هم اهم سكنة بطائح العراق، بل ربما هم سكانها الاصليون.
معتقداتهم وطقوسهم
«كنـزا ربا» يعني بالآرامية كتاب ادم وهو كتاب المندائيين المقدس والذي يحتوي على افتتاحية ورسائل وتعاليم وتراتيل وأدعية وصلوات، و«ريش امه» يعني رئيس الامه وهي اعلى درجة دينية عندهم وقد لخصت الباحثة دراور المتخصصة في الدراسات المندائية جوهر معتقداتهم في نقطتين:
1 ـ الاعتقاد برب عظيم آياته خلق الكائنات الروحية والمادية.
2 ـ الاعتقاد بان النفس في الجسم اشبه ما تكون بالأسير وهي لابد عائدة الى موطنها الاصلي الذي انبعثت منه حيث تتحد بالذات العظمى في عالم الانوار. فالمندائية لاتختلف كثيرا عن الديانات التوحيدية في جوهرها. من حيث الايمان بالله واليوم الاخر والوحي والعقاب والثواب. واركان الديانة المندائية هي خمسة: التوحيد.. الشهادة.. الصباغة.. الصوم.. الصدقة.
كذلك هم يصلون ثلاث مرات باليوم ويصومون ستة وثلاثين يوما غير متصلة، ولهم اربعة اعياد العيد الكبير (رأس السنة)، العيد الصغير (عيد الربيع)، وعيد الخليقة (البنجة)، وعيد التعميد. كما ان لهم شعائر خاصة ومعقدة عند نحر الحيوان وهم لا يجيزونه الا بنية الاستفادة من لحمه ويمارس عملية الذبح مساعد رجل دين اسمه «الحلالي» يقوم بالطقس بعد صلوات وادعية.
للمرأة أهمية في حياتهم
بدءاً هم لايختلفون في مأكلهم او ملبسهم او عاداتهم او حتى في أسمائهم عن محيطهم الذي يعيشون فيه، فهم جنوبيون بكل ما في الكلمة من معنى. على الرغم من التزامهم الدقيق بروح الديانة المندائية، ولعل الطقوس هي التي تميزهم عن الاخرين، اما الاعراف والعادات فهي ذاتها. وللمرأة اهمية كبيرة عند المندائية، فمن يعش بلا امرأة فلا جنة له، والرهبنة محرمة عندهم تماما والذي لا يتزوج من الروحانيين «ترميذة» لا يرقى الى درجة «كنزفرا» مهما بلغ من الكمال الديني او علمه اللاهوتي لأنه يعتبر ناقصا، ولا يكتمل الا بذرية من زوجته، كذلك فهو يبقى على درجته الدينية اذا لم ينجب اطفالا، اما بالنسبة للعامة فلا يصح للاعزب والمتزوج العقيم ان يحمل جنازة او يوكّل في عقد الزواج. اجمالا ان الزوجة تكمل الزوج حتى في العالم الاخر. حيث تلتحق به في الجنة بعد ان تتطهر بالحساب وتنال عقوبتها على ما فعلته في الدنيا، ويجوز عندهم الزواج باخرى في حالة عدم الانجاب والمرض المعدي شريطة ان يكون الرجل عادلا بين زوجاته مع تفضيلهم الزواج بواحدة.
محرماتهم.. محرمات المسلمين
ومحرماتهم هي ذاتها محرمات المسلمين ولا يحل لهم الزواج بغير الصابئية ومن يفعل ذلك يخرج عن دينه. والمندائية تمنح المرأة كل الحقوق التي تمنحها للرجل حرية التعليم والعمل واختيار الزوج، كذلك جوزت للمرأة العمل الكهنوتي حيث ترفع بعضهن الى مرتبة «ريش امه» ـ رئيسة امه ـ كما جوزت لها طلب الطلاق اذا كان الرجل سيئ الخلق، او اذا تعذر عليه اعالتها او لم يستطع القيام بواجبه الزوجي او اذا طلب منها ممارسة الفحش او اذا ترك دينه وتزوج من غير صابئية، اما حقوق الرجل الممنوحة له في طلب الطلاق فهي في حالات ثبوت الزنى او اذا سرقت بيت زوجها او اذا كانت عاقرا او اذا اطعمت زوجها طعاما وهي على نجاسة او اذا كانت مصابة بمرض معد لا شفاء منه. والطلاق عندهم فرقة ويجوز لاحدهم العودة الى الثاني دون عقد مجدد، فهي في عصمته حتى تتزوج غيره.وتعاقب المطلقة في آخرتها بطوق في عنقها، واطفالها من زوجها الثاني لايؤهلون الى درجة دينية كابن غير المطلقة، ويسمى الطفل باسم امه في اجراء الطقوس الدينية فهم يقولون انه بعد ان خلق الله آدم وخلق حواء من جسمه وبعد ان انجبا لم يتزوج الاخوان اخواتهم بل ارسلت البنات الى عالم اخر فيه اناس مثلنا يسمونه«أرض العهد» وجيئ ببنات منه لاولاد ادم فتزوجوهن.
المرأة من عالم آخر طاهر
فالمرأة في الدين الصابئي من عالم غير عالمنا عالم كله طهارة وعهد وهن اطهر من الطين. وربما هي نظرية سبقوا فيها من قالوا بحياة اخرى خارج هذا الكوكب، وان اجراءاتهم في الزواج هي كعامة العراقيين تبدأ بالخطبة وبعدها المهر والافراح والولائم، ولكن شرعية الزواج لا تتم الا باتمام الطقوس والمراسيم الدينية ففي يوم الاحد يؤتى بالعروس والعريس الى دار «الكنزفرا» حيث تبدأ المراسيم المعقدة وهو ان يعمد الزوج والزوجة على انفراد من قبل الكهان مرتين، والتعميد الاول هو تطهير من الاوجاس والمخالفات والنجاسات، والتطهير الثاني هو القبول النهائي، وتتم هذه العملية في نهر نظيف جار وفي كل المواسم.اما مندائيو المدن فيمارسون طقسهم داخل «المندى» والمندى هو مكان العبادة واقامة الشعائر والطقوس المندائية وهو ما يقابل الجامع او الكنيسة، وتعمل احواض تناسب هذه الطقوس داخل المندى ولا يعقد الكاهن لفتاة ليست عذراء فالبكارة عندهم الشرف والطهارة وعدم الانغماس في الفساد ويجري فحص الفتاة قبل اتمام العقد من قبل زوجة رجل الدين «الكنزفرا» مع عدد من المساعدات.
دعاة سلام ومحبة
ولغرض التعرف على تاريخ وإسهامات وهموم هذه الطائفة العراقية العريقة عن قرب قصدت «القبس» الى مندى البصرة والتقت الشيخ «رعد كباشي» ـ رئيس الطائفة وممثلها في المجلس الاستشاري في محافظة البصرة، وبعد الترحيب بنا سألناه عن تاريخ الطائفة المندائية في البصرة فقال:
ـ نحن لسنا طائفة بل نحن امة عريقة سكنت العراق منذ القدم لذلك تكون اعلى درجة دينية عندنا هي «ريش امه» تجمعنا الديانة المندائية، وعلى الرغم من ان النسب اهم مقوماتنا لكننا لسنا عنصريين وتعايشنا مع الجميع شعوبا واديانا وحكومات بألفة وانسجام، فنحن دعاة محبة وثقافتنا ثقافة مائية فيها الكثير من الرقة والشفافية عكس ثقافة الصحراء، وسكنّا البصرة بعد ان ازدهرت المدينة وانطلقت الهجرات من الريف.
لا أساس للاتهامات
وسألناه عن أن هناك الكثير من الالتباسات والتهم الموجهة الى الديانة الصابئية منها «اتهامكم بعبادة النجوم وتقديس الاوابد» فأجاب الشيخ رعد قائلا:
ـ نحن اول الموحدين وننزه الله عن كل شيء وهو الواحد الاحد الفرد المتعالي، والاوابد ليس من ثقافتنا الحقيقية بل نحن عشنا في اطر تاريخية وحضارية وثقافية مختلفة وكانت بعض محمولاتها من الافكار والمعتقدات تلقى على كاهلنا.. نحن امة ظُلِمت، على الرغم من ان جميع الحضارات التي ازدهرت في العراق كالبابلية والاشورية قد غرفت من معيننا فكان منا الاطباء والشعراء والفلاسفة والمهندسون كما برعنا في علم الفلك والنجوم وكنا نتعرف على تقويمنا الخاص عبر رصد النجوم من هنا كان التأويل وكانت المشكلة.
> وما علاقتكم بـ «المانوية»؟
ـ ليس لنا أية علاقة بالمانوية فهم من الثنوية ونحن من الموحدين ان لم نكن اقدمهم، وكل ما يثار عن علاقتنا بالمانوية هو تدليس وايهام، والقضية تتلخص في ان «فاتق» «والد ماني» التجأ الى صابئة ميسان بعد ان هتف به هاتف يدعوه الى عبادة الله ونبذ الاصنام.
> .. والعلاقة بالاسلام؟
أجاب الشيخ رعد كباشي:
ـ قبل ان يجيء الاسلام كانت ديانتنا معروفة وبعد مجيئه تعايشنا مع الدولة الاسلامية ومع المسلمين بمحبة وإخاء، وبعد هذا التاريخ الطويل اصبحت لنا صلات دم «عمومة وخؤولة» حيث اختار البعض منا ان يكونوا مسلمين، ولم يزعجنا ذلك كثيرا، فنحن دعاة محبة وسلام ونعيش بألفة وانسجام تامين مع اخواننا العراقيين من جميع الاديان، ومناطق وجودنا تنحصر في الجنوب على الاكثر وبغداد ايضا بعد الهجرة من الريف الى المدينة.
وعن علاقتهم بالدولة المركزية والنظام السابق قال:
ـ كنا على الدوام مواطنين عراقيين مخلصين ومشاركتنا في بناء الدولة والنشاطات الوطنية غير محدودة، بل كان ابناؤنا رموزاً عراقية مضيئة مثل العالم الكبير عبد الجبار عبدالله رئيس جامعة بغداد السابق والشاعرة لميعة عباس عمارة والباحثة ناجية المراني والأستاذ المربي غضبان رومي والآستاذ المناضل الشهيد عبد الرزاق مسلم وعبد الفتاح الزهيري وغيرهم. وعلى الرغم من ان صدام كان يصفنا بـ «الطائفة الذهبية» فقد وجد أكثر من مائة من شبابنا مدفونين في المقابر الجماعية وهذا رقم كبير بالنسبة لعددنا.
خوف من العنف وهجرة من الوطن
> والآن وبعد سقوط النظام؟
ـ كان فرحنا كبيراً بسقوط الطاغية مثل كل العراقيين وشاركنا في كل الفعاليات الوطنية والسياسية والثقافية، وأنا الآن أمثل المندائيين في مجلس المحافظة، ولكن تصاعد العنف والارهاب واسترخاص حياة الناس من قبل المتعصبين أضر كثيرا ببنية المجتمع العراقي واثار مشاعر الهلع والخوف وعدم الامان، خصوصا عند الاقليات، وهذا ما جعل الكثير من المندائيين يحزمون حقائبهم للهجرة خوفا من حمى القتل خصوصا بعد ما جرى للاخوة المسيحيين من عمليات قتل واغتيال، واذا كان تاريخ هجرة الصابئة قد بدأ بعد تعقد الظروف السياسية وكثرة الويلات والحروب حيث بدأت في مطلع الثمانينات، فإن الهجرة الحالية بسبب فقدان الامن الاجتماعي وشرعنة القتل والارهاب بحيث لم يبق من المندائيين في البصرة سوى أربعمائة عائلة وهم الذين كان لهم محلات ومناطق تسمى باسمهم.
تقويم سنوي خاص
للمندائيين تقويمهم الخاص حيث تبدأ سنتهم مع بداية شهر شباط، كما لا يفوتنا ان ننوه في هذا العرض الموجز لأهم عقائدهم وطقوسهم.ان المندائية فيها الكثير من الباطنية والعرفانية، وتعتمد الكشف والاشراق. وربما هذا الذي فتح عليها ابواب الطعون والتأوييل المغرض، اضافة الى العزلة التي فرضت عليهم في عصور مختلفة، رافق ذلك رغبتهم في تجاوز المشاكل التي كان يفرضها محيطهم حيث الارياف البعيدة التي يكونون فيها اقليات تنـزع دائما الى الدعة والسلام وحيث تجري الانهار التي يقيمون فيها كل طقوسهم.
الصياغة أبرز فنونهم
ـ سألنا شيخ المندائيين في البصرة.. كلما ذكر اسم الصابئة يتبادر الى الذهن مهنة الصياغة والذهب والحلي، فما سر ارتباطكم بهذه المهنة؟ فقال:
ـ الصياغة حرفة لطيفة ونادرة وفيها من الجمال والشفافية ما يتناسب وروحية المندائي النزاعة الى الجمال والطهر وتحتاج الى قدر كبير من الصبر والاتقان، ثم انها مهنة جيدة لكسب العيش. كما ان الصابئة وقبل ان يهاجروا من الارياف كانوا هم حرفيي القرى وقد برعوا في الحدادة والنجارة وصنع المناجل والمساحي والرحى والزوارق، مثلما هم الآن بارعون في مهنة الصياغة في منافيهم التي تمتد في كل الدول الاوروبية والعربية.
الصابئة المندائيون في العراق ..... عين على الوطن التاريخ.. وقلب على الوطن المفجوع
البصرة ـ القبس ـ علي الساعدي
الصابئة.. المندائيون.. المغتسلة، أسماء مختلفة لمعنى واحد، يشير الى اكثر الجماعات الاثنية - في التاريخ - ارتباطا وتقديسا للماء ونزوعا للسلام وتطامنا وانسجاما مع الدول والحضارات التي عاشوا في اطارها. فهم لم يكن لهم دولة قومية ولا كيان سياسي مستقل وليس لهم حروب يستعيدون امجادها او ملاحم يتغنون بها، بل كانوا مشاريع دائمة للاضطهاد والتهميش وذاكرتهم اللدنة تحفل بالكثير من رحلات الهجرة والشتات، ولكن ليس عبر صحارى ورمال بل عبر فراديس الماء..فهم ابناء حضارة الماء التي اكتسبوا رقتها وشفافيتها وولعها بالحياة. فالماء ابجديتهم الاولى التي يغمس «يعمد» فيها وليدهم بعد ثلاثين يوما من ولادته ويدخل «في سجلات النور».. ليكون مندائيا. فالماء في عقيدتهم اصل الكون واصل الحياة تقول «البوثة» ـ الآية.. باسم الحي العظيم «من الحي العظيم جاء الماء والحياة، ومن الماء جاء النور ومن النور جاء البهاء ومن البهاء جاء الاثيري والملائكة الصالحون».
رئيس الطائفة لـ القبس : نحن أمة عريقة ولسنا طائفة.. لكننا غير عنصريين
بين «يردنا» نهر الاردن و«فراش زيوا» الفرات النوراني يزاور تاريخ هؤلاء الوديعين، فقد كانا رفيقين وشاهدين لرحلتهم الطويلة التي يقولون عنها انها تمتد الى شيت ابن ادم.. وادريس، حيث لا يترددون في قولهم «نحن اول الموحدين» والطيب مدينتنا التاريخية التي عمرها شيت ابن ادم.. «الطيب» مدينة لم تزل قائمة في الشمال الشرقي من ميسان.
واذاصح هذا فان «يردنا» نهر الاردن وما يحيط به هو محطتهم الثانية، وكذلك ان النبي يحيى بن زكريا ليس كما يعتقد الكثيرون بانه مؤسس ديانتهم بل هو اخر انبيائهم و يؤكدون انه عرج الى السماء وليس كما هو شائع ان هيرودس قطع رأسه ووضعه على طبق وقدمه الى هيروديا، ويستشهدون بالقرآن الكريم على عروجه الى السماء وتكذيب رواية قتله «وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا».
وهو نبي ورسول ومعلم بل هو اهم نبي في الديانة المندائية ويقولون عنه ان الملائكة احتضنته وعلمته كل اسرار الكون والخليقة وظل يعمد الناس لاثنين و اربعين عاما حتى صعوده الى السماء، لذلك كان التعميد جوهر الديانة المندائية، ولكي يفارقوا القاموس المسيحي اسموا هذا الطقس «الصباغة» فلا يكون مندائيا من لم يدخل المصبغة. والمصبغة هذه تكون حيث يكون الماء الجاري لذلك تعمد تاريخهم بماء النهرين ولم يبتعدوا عنهما ابدا ولم يختلف كل الذين اشتغلوا في دراسة المندائية على ذلك بل كانت خلافاتهم تنصب حول من هي مدينتهم الاولى وموطنهم الاول؟ هل هي القدس ام الطيب ام حران وربما اكثر النظريات شيوعا انهم هاجروا من القدس الى حران مع الملك الفرثي «اردبان» حيث كان لهم هناك اخوان في الدين بعد ذلك استوطنت جماعات منهم شواطئ دجلة والفرات بسبب اضطهاد اليهود لهم.
المندائيون في التاريخ العربي والإسلامي
كان يقال لكل من يخرج على قريش في الجاهلية ويدخل الى حظيرة الاسلام «صبأ الرجل» وكل من يدخل الاسلام «مصبوا» ولأنهم لا يهمزون ابدلوا الهمزة واوا، واصلها صبا غير مهموزة، والتي تعني التعميد او التطهر باللغة الارامية وهي الانغماس في الماء بغية التطهر وهذا جوهر طقوس المندائيين.وكما هو واضح من ان هناك تناظرا بين المفردتين اضافة الى ان من المتفق عليه تماما بين مصادر التاريخ العربي والكتب المندائية والانثر بولوجيون.. ان الدين الصابئي كان موجودا في المنطقة العربية قبل الاسلام،وان معتنقي هذه الديانة يسكنون هنا منذ القدم، وليس ادل على ذلك مما جاء في القرآن الكريم حيث تحدثت عنهم ثلاث آيات في ثلاث سور مختلفة منها «ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون»... المائدة.
مما يدل على ان ديانتهم كانت معروفة في الجزيرة العربية وصنفهم القرآن بانهم من اهل الكتاب دون لبس، وكذلك ازدحمت كتب التراث العربي والاسلامي بالحديث عنهم وورد الكثير من التراجم لاعلامهم من الاطباء والفلكيين والادباء والمهندسين الذين كانوا يتمتعون بمكانة مرموقة في الدولة والمجتمع الاسلامي فكان منهم ثابت بن قرة. وسنان بن ثابت. وابو اسحاق الصابي. وابو حسن الحراني.كذلك تحدثت المعاجم الجغرافية عن قدم وعراقة وجودهم في مناطق مختلفة من وادي النهرين وقبل الفتح الاسلامي كانوا هم اهم سكنة بطائح العراق، بل ربما هم سكانها الاصليون.
معتقداتهم وطقوسهم
«كنـزا ربا» يعني بالآرامية كتاب ادم وهو كتاب المندائيين المقدس والذي يحتوي على افتتاحية ورسائل وتعاليم وتراتيل وأدعية وصلوات، و«ريش امه» يعني رئيس الامه وهي اعلى درجة دينية عندهم وقد لخصت الباحثة دراور المتخصصة في الدراسات المندائية جوهر معتقداتهم في نقطتين:
1 ـ الاعتقاد برب عظيم آياته خلق الكائنات الروحية والمادية.
2 ـ الاعتقاد بان النفس في الجسم اشبه ما تكون بالأسير وهي لابد عائدة الى موطنها الاصلي الذي انبعثت منه حيث تتحد بالذات العظمى في عالم الانوار. فالمندائية لاتختلف كثيرا عن الديانات التوحيدية في جوهرها. من حيث الايمان بالله واليوم الاخر والوحي والعقاب والثواب. واركان الديانة المندائية هي خمسة: التوحيد.. الشهادة.. الصباغة.. الصوم.. الصدقة.
كذلك هم يصلون ثلاث مرات باليوم ويصومون ستة وثلاثين يوما غير متصلة، ولهم اربعة اعياد العيد الكبير (رأس السنة)، العيد الصغير (عيد الربيع)، وعيد الخليقة (البنجة)، وعيد التعميد. كما ان لهم شعائر خاصة ومعقدة عند نحر الحيوان وهم لا يجيزونه الا بنية الاستفادة من لحمه ويمارس عملية الذبح مساعد رجل دين اسمه «الحلالي» يقوم بالطقس بعد صلوات وادعية.
للمرأة أهمية في حياتهم
بدءاً هم لايختلفون في مأكلهم او ملبسهم او عاداتهم او حتى في أسمائهم عن محيطهم الذي يعيشون فيه، فهم جنوبيون بكل ما في الكلمة من معنى. على الرغم من التزامهم الدقيق بروح الديانة المندائية، ولعل الطقوس هي التي تميزهم عن الاخرين، اما الاعراف والعادات فهي ذاتها. وللمرأة اهمية كبيرة عند المندائية، فمن يعش بلا امرأة فلا جنة له، والرهبنة محرمة عندهم تماما والذي لا يتزوج من الروحانيين «ترميذة» لا يرقى الى درجة «كنزفرا» مهما بلغ من الكمال الديني او علمه اللاهوتي لأنه يعتبر ناقصا، ولا يكتمل الا بذرية من زوجته، كذلك فهو يبقى على درجته الدينية اذا لم ينجب اطفالا، اما بالنسبة للعامة فلا يصح للاعزب والمتزوج العقيم ان يحمل جنازة او يوكّل في عقد الزواج. اجمالا ان الزوجة تكمل الزوج حتى في العالم الاخر. حيث تلتحق به في الجنة بعد ان تتطهر بالحساب وتنال عقوبتها على ما فعلته في الدنيا، ويجوز عندهم الزواج باخرى في حالة عدم الانجاب والمرض المعدي شريطة ان يكون الرجل عادلا بين زوجاته مع تفضيلهم الزواج بواحدة.
محرماتهم.. محرمات المسلمين
ومحرماتهم هي ذاتها محرمات المسلمين ولا يحل لهم الزواج بغير الصابئية ومن يفعل ذلك يخرج عن دينه. والمندائية تمنح المرأة كل الحقوق التي تمنحها للرجل حرية التعليم والعمل واختيار الزوج، كذلك جوزت للمرأة العمل الكهنوتي حيث ترفع بعضهن الى مرتبة «ريش امه» ـ رئيسة امه ـ كما جوزت لها طلب الطلاق اذا كان الرجل سيئ الخلق، او اذا تعذر عليه اعالتها او لم يستطع القيام بواجبه الزوجي او اذا طلب منها ممارسة الفحش او اذا ترك دينه وتزوج من غير صابئية، اما حقوق الرجل الممنوحة له في طلب الطلاق فهي في حالات ثبوت الزنى او اذا سرقت بيت زوجها او اذا كانت عاقرا او اذا اطعمت زوجها طعاما وهي على نجاسة او اذا كانت مصابة بمرض معد لا شفاء منه. والطلاق عندهم فرقة ويجوز لاحدهم العودة الى الثاني دون عقد مجدد، فهي في عصمته حتى تتزوج غيره.وتعاقب المطلقة في آخرتها بطوق في عنقها، واطفالها من زوجها الثاني لايؤهلون الى درجة دينية كابن غير المطلقة، ويسمى الطفل باسم امه في اجراء الطقوس الدينية فهم يقولون انه بعد ان خلق الله آدم وخلق حواء من جسمه وبعد ان انجبا لم يتزوج الاخوان اخواتهم بل ارسلت البنات الى عالم اخر فيه اناس مثلنا يسمونه«أرض العهد» وجيئ ببنات منه لاولاد ادم فتزوجوهن.
المرأة من عالم آخر طاهر
فالمرأة في الدين الصابئي من عالم غير عالمنا عالم كله طهارة وعهد وهن اطهر من الطين. وربما هي نظرية سبقوا فيها من قالوا بحياة اخرى خارج هذا الكوكب، وان اجراءاتهم في الزواج هي كعامة العراقيين تبدأ بالخطبة وبعدها المهر والافراح والولائم، ولكن شرعية الزواج لا تتم الا باتمام الطقوس والمراسيم الدينية ففي يوم الاحد يؤتى بالعروس والعريس الى دار «الكنزفرا» حيث تبدأ المراسيم المعقدة وهو ان يعمد الزوج والزوجة على انفراد من قبل الكهان مرتين، والتعميد الاول هو تطهير من الاوجاس والمخالفات والنجاسات، والتطهير الثاني هو القبول النهائي، وتتم هذه العملية في نهر نظيف جار وفي كل المواسم.اما مندائيو المدن فيمارسون طقسهم داخل «المندى» والمندى هو مكان العبادة واقامة الشعائر والطقوس المندائية وهو ما يقابل الجامع او الكنيسة، وتعمل احواض تناسب هذه الطقوس داخل المندى ولا يعقد الكاهن لفتاة ليست عذراء فالبكارة عندهم الشرف والطهارة وعدم الانغماس في الفساد ويجري فحص الفتاة قبل اتمام العقد من قبل زوجة رجل الدين «الكنزفرا» مع عدد من المساعدات.
دعاة سلام ومحبة
ولغرض التعرف على تاريخ وإسهامات وهموم هذه الطائفة العراقية العريقة عن قرب قصدت «القبس» الى مندى البصرة والتقت الشيخ «رعد كباشي» ـ رئيس الطائفة وممثلها في المجلس الاستشاري في محافظة البصرة، وبعد الترحيب بنا سألناه عن تاريخ الطائفة المندائية في البصرة فقال:
ـ نحن لسنا طائفة بل نحن امة عريقة سكنت العراق منذ القدم لذلك تكون اعلى درجة دينية عندنا هي «ريش امه» تجمعنا الديانة المندائية، وعلى الرغم من ان النسب اهم مقوماتنا لكننا لسنا عنصريين وتعايشنا مع الجميع شعوبا واديانا وحكومات بألفة وانسجام، فنحن دعاة محبة وثقافتنا ثقافة مائية فيها الكثير من الرقة والشفافية عكس ثقافة الصحراء، وسكنّا البصرة بعد ان ازدهرت المدينة وانطلقت الهجرات من الريف.
لا أساس للاتهامات
وسألناه عن أن هناك الكثير من الالتباسات والتهم الموجهة الى الديانة الصابئية منها «اتهامكم بعبادة النجوم وتقديس الاوابد» فأجاب الشيخ رعد قائلا:
ـ نحن اول الموحدين وننزه الله عن كل شيء وهو الواحد الاحد الفرد المتعالي، والاوابد ليس من ثقافتنا الحقيقية بل نحن عشنا في اطر تاريخية وحضارية وثقافية مختلفة وكانت بعض محمولاتها من الافكار والمعتقدات تلقى على كاهلنا.. نحن امة ظُلِمت، على الرغم من ان جميع الحضارات التي ازدهرت في العراق كالبابلية والاشورية قد غرفت من معيننا فكان منا الاطباء والشعراء والفلاسفة والمهندسون كما برعنا في علم الفلك والنجوم وكنا نتعرف على تقويمنا الخاص عبر رصد النجوم من هنا كان التأويل وكانت المشكلة.
> وما علاقتكم بـ «المانوية»؟
ـ ليس لنا أية علاقة بالمانوية فهم من الثنوية ونحن من الموحدين ان لم نكن اقدمهم، وكل ما يثار عن علاقتنا بالمانوية هو تدليس وايهام، والقضية تتلخص في ان «فاتق» «والد ماني» التجأ الى صابئة ميسان بعد ان هتف به هاتف يدعوه الى عبادة الله ونبذ الاصنام.
> .. والعلاقة بالاسلام؟
أجاب الشيخ رعد كباشي:
ـ قبل ان يجيء الاسلام كانت ديانتنا معروفة وبعد مجيئه تعايشنا مع الدولة الاسلامية ومع المسلمين بمحبة وإخاء، وبعد هذا التاريخ الطويل اصبحت لنا صلات دم «عمومة وخؤولة» حيث اختار البعض منا ان يكونوا مسلمين، ولم يزعجنا ذلك كثيرا، فنحن دعاة محبة وسلام ونعيش بألفة وانسجام تامين مع اخواننا العراقيين من جميع الاديان، ومناطق وجودنا تنحصر في الجنوب على الاكثر وبغداد ايضا بعد الهجرة من الريف الى المدينة.
وعن علاقتهم بالدولة المركزية والنظام السابق قال:
ـ كنا على الدوام مواطنين عراقيين مخلصين ومشاركتنا في بناء الدولة والنشاطات الوطنية غير محدودة، بل كان ابناؤنا رموزاً عراقية مضيئة مثل العالم الكبير عبد الجبار عبدالله رئيس جامعة بغداد السابق والشاعرة لميعة عباس عمارة والباحثة ناجية المراني والأستاذ المربي غضبان رومي والآستاذ المناضل الشهيد عبد الرزاق مسلم وعبد الفتاح الزهيري وغيرهم. وعلى الرغم من ان صدام كان يصفنا بـ «الطائفة الذهبية» فقد وجد أكثر من مائة من شبابنا مدفونين في المقابر الجماعية وهذا رقم كبير بالنسبة لعددنا.
خوف من العنف وهجرة من الوطن
> والآن وبعد سقوط النظام؟
ـ كان فرحنا كبيراً بسقوط الطاغية مثل كل العراقيين وشاركنا في كل الفعاليات الوطنية والسياسية والثقافية، وأنا الآن أمثل المندائيين في مجلس المحافظة، ولكن تصاعد العنف والارهاب واسترخاص حياة الناس من قبل المتعصبين أضر كثيرا ببنية المجتمع العراقي واثار مشاعر الهلع والخوف وعدم الامان، خصوصا عند الاقليات، وهذا ما جعل الكثير من المندائيين يحزمون حقائبهم للهجرة خوفا من حمى القتل خصوصا بعد ما جرى للاخوة المسيحيين من عمليات قتل واغتيال، واذا كان تاريخ هجرة الصابئة قد بدأ بعد تعقد الظروف السياسية وكثرة الويلات والحروب حيث بدأت في مطلع الثمانينات، فإن الهجرة الحالية بسبب فقدان الامن الاجتماعي وشرعنة القتل والارهاب بحيث لم يبق من المندائيين في البصرة سوى أربعمائة عائلة وهم الذين كان لهم محلات ومناطق تسمى باسمهم.
تقويم سنوي خاص
للمندائيين تقويمهم الخاص حيث تبدأ سنتهم مع بداية شهر شباط، كما لا يفوتنا ان ننوه في هذا العرض الموجز لأهم عقائدهم وطقوسهم.ان المندائية فيها الكثير من الباطنية والعرفانية، وتعتمد الكشف والاشراق. وربما هذا الذي فتح عليها ابواب الطعون والتأوييل المغرض، اضافة الى العزلة التي فرضت عليهم في عصور مختلفة، رافق ذلك رغبتهم في تجاوز المشاكل التي كان يفرضها محيطهم حيث الارياف البعيدة التي يكونون فيها اقليات تنـزع دائما الى الدعة والسلام وحيث تجري الانهار التي يقيمون فيها كل طقوسهم.
الصياغة أبرز فنونهم
ـ سألنا شيخ المندائيين في البصرة.. كلما ذكر اسم الصابئة يتبادر الى الذهن مهنة الصياغة والذهب والحلي، فما سر ارتباطكم بهذه المهنة؟ فقال:
ـ الصياغة حرفة لطيفة ونادرة وفيها من الجمال والشفافية ما يتناسب وروحية المندائي النزاعة الى الجمال والطهر وتحتاج الى قدر كبير من الصبر والاتقان، ثم انها مهنة جيدة لكسب العيش. كما ان الصابئة وقبل ان يهاجروا من الارياف كانوا هم حرفيي القرى وقد برعوا في الحدادة والنجارة وصنع المناجل والمساحي والرحى والزوارق، مثلما هم الآن بارعون في مهنة الصياغة في منافيهم التي تمتد في كل الدول الاوروبية والعربية.