المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل الله ....أخشى أن تتآكل الجمهورية الإسلامية من الداخل.. والعلاقات مع أميركا ستعود”



مرتاح
09-01-2005, 05:01 PM
السيد محمد حسين فضل الله: لا فرصة للحرب الأهلية في العراق لكن الحذر واجب


السفير -- (الثلاثاء، 9 آذار «مارس» 2004


حسين أيوب


قبل اسابيع قليلة استهدفت مؤسسات تابعة للمرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله في مدينة صور. ترافقت مع تجدد موجة بيانات الفجر المجهولة المعروفة الهوية التي تحاول النيل من مقام السيد ومرجعيته ودوره في الدائرة الإسلامية العالمية. كلما اشتدت الحملة عليه كلما ازداد شجاعة وتوقدا. نسأله هل هي تداعيات اعلان مرجعيتك فيهز رأسه مبتسما. نسأله هل وصلت الينا السلفية الشيعية فيهز رأسه: “جدا جدا” .. وهل هي ايرانية؟ يجيب: “نحن ما هي مشكلتنا غير السلفية الشيعية في ايران. لقد وصلت الينا والى مستوى من الغلو” . نقاطعه بأنها ما زالت ظاهرة معزولة في المجتمع الشيعي اللبناني فيجيب: “هناك شخص معزول في الزنزانة وهناك شخص آخر معزول وامامه نافذة من هنا وهناك ويقومون بتفليته بين حين وآخر.. هذا هو الفرق”.

يتوغل سماحة السيد في الحديث عن امراض الشرقيين المتدينين منهم او العلمانيين ويقول “التعصب الانساني وليس الديني هو هوية شرقية”.

لم يزر سماحة السيد الجمهورية الاسلامية منذ عقد من الزمن. جاءته دعوات كثيرة “ولم اجد حاجة لتلبيتها”. هم يأتون اليه كعادتهم ويصارحهم في قضاياهم وقضايا كثيرة. ينفي القطيعة ولكنه يحافظ على “بروتوكوله” الذي حال دون اجتماعه بالسيد محمد خاتمي عندما زار لبنان “مع ان الرجل صديقي”. سألناه عن مصدر قوته خاصة وان هناك من راهن على تراجع دور مؤسساته بعد الالتباسات التي سادت علاقته بالايرانيين فيجيب: “مصدر قوتي انني لا اطلب من احد شيئا حتى من الايرانيين بدليل ان مؤسساتي كبرت وتنامى وضعها وانا لم اكن احصل على قرش واحد منهم في يوم من الايام وليس لايران أي علاقة بمؤسساتي ولو بنسبة واحد بالمائة”.

يعيش الحرية بشجاعة الموقف الذي لا يتوانى عن اطلاقه والمجاهرة به ودائما على اساس القاعدة الذهبية التي يتباهى بها: “كن نفسك ليس الا”.. على هذا الاساس لا يستطيع احد ان يكبّر “السيد” او يصغّره لانه يبقى كبيرا كبيرا بفكره الذي لا يهادن وميزته انه يحاول دائما ان يتفادى السطح كما يحاول التسلل الى الكلمات الممحية في السطور لعله يجد فيه شيئا من ضالته فيبادر الى تحويلها موقفا يرميه في بحر مريديه.

طلبنا من “السيد” ان يتمحور الحديث حول الموضوعين العراقي والايراني فقط وان نتفادى الوحل اللبناني فاذا به منطلقا في حوار شامل تجاوز الساعتين واخترنا ان نقلبه من العراق الى ايران وليس كما بدا من ايران الى العراق.


العراق
السيد محمد حسين فضل الله على تواصل شبه يومي مع المراجع الشيعية في العراق. بالأمس تابع وقائع التوقيع على الدستور العراقي المؤقت. سألناه عن الافخاخ والمطبات التي تنتظر مجلس الحكم الانتقالي في المرحلة المقبلة فقال:

“لا يمكن الحديث عن هذه الفكرة بالمطلق مع إيماننا بوعي الشعب العراقي. اننا نجد ان العراق أصبح ساحة لكل المغامرين والطامحين والمصطادين في الماء العكر ولا سيما اننا لا نثق بالولايات المتحدة الاميركية التي نشطت من خلال مخابراتها ومن خلال “الموساد” المتحالف معها ومن خلال العملاء الذين يتحركون في داخل العراق منذ كان النظام الطاغي السابق. هؤلاء يعملون على خلط الاوراق وخلق المشاكل هنا وهناك من اجل اطالة امد الاحتلال الاميركي للعراق وتكون الصورة على السطح صورة الاحتلال الذي اعطى السيادة للعراقيين في الشكل ولكنها سيادة للاحتلال في المضمون.

ماذا يريد الاميركيون ابعد من العراق؟
“اميركا صرحت بأنها سوف تستمر في العراق اما من خلال الاحتلال المباشر او المبطن لانها تريد ان تكمل مشروعها في ترتيب المنطقة وفي مقدمتها العراق لحماية مصالحها وتنمية نفوذها بحيث تسيطر على المنطقة بشكل مباشر وتجعل العراق جسر عبور الى المنطقة كلها لا سيما ايران وسوريا والخليج العربي”.


عدم الاستغراق في الماضي عن الانتخابات يقول السيد فضل الله:
“القضية الان هي ان العراق يبحث عمن يمثله بطريقة شرعية ولذلك كل ما يصدر عن الاحتلال لا يعتبر ممثلا للشعب العراقي وان كان بعض هؤلاء الذين يتحركون في مجلس الحكم يمثلون بعض الشرائح ولكنهم لا يملكون التمثيل الشامل الذي يمكن ان يعطي الصورة الحقيقية لما يريده العراقيون.

نحن نأمل ان تتحرك الفعاليات العراقية كلها على اساس ان مشكلة العراق بعد ذهاب الطاغي صدام حسين هي مشكلة الاحتلال الخفي والمعلن والخطة الاميركية التي تتحدث عن الشرق الاوسط الكبير ومشاريع الديموقراطية على طريقتها والحرية التي تمثل حرية مصالحها وليس سواد عيون العراقيين او غيرهم من شعوب المنطقة. على القيادات العراقية المخلصة ان تنظر للمستقبل، فنحن لا نأمن لاميركا على كل ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. نحن نريد للشعب العراقي ان يفهم جيدا اصول اللعبة الاستكبارية وان يعرف ان اميركا لا تريد الخير له وللمنطقة وبالتالي على العراقيين ان يحدقوا في الطريقة التي تدير بها أميركا المسألة الفلسطينية وكيف تخطط مع إسرائيل للمزيد من المجازر المتحركة التي تمثل نوعا من الابادة المنظمة للشعب الفلسطيني. إننا نأمل من العراقيين إلا يستغرقوا في الدور الاميركي في إسقاط النظام الطاغي بل أن يعتبروا ذلك من الماضي”.


لا فرصة للحرب الاهلية
هل أنت خائف من احتمال الحرب الاهلية؟
يجيب فضل الله: “انني اعتقد ان العراق لن يدخل في حرب اهلية بين السنة والشيعة او بين المسلمين وغيرهم او بالمعنى العرقي لان التاريخ الذي رافقناه وتحكم عناصره الواقع العراقي يشير الى عقلنة الفعاليات الاسلامية وغيرها. لم تحدث في تاريخ العراق وحاضره اية حروب داخلية اهلية. وهناك ضمانات في اكثر من موقع سياسي وديني وثقافي واجتماعي في العراق وهذا ما لاحظناه بعد المجازر الوحشية الاخيرة في بغداد وكربلاء. لقد وجه جميع العلماء السنة والشيعة الاتهام الى المحتل وليس الى أي طرف داخلي. انا لا اتصور ان هناك اية فرصة لحرب اهلية ولكن ذلك لا يمنع من التحديق بالواقع حذرا من المصطادين في الماء العكر لانه ليس هناك مطلق في السياسة بل هي تخضع لكثير من الرياح العاصفة من هنا وهناك.


الثقة بالامم المتحدة
ماذا يعني ان تجري الانتخابات بإشراف الاميركيين او الامم المتحدة؟
يقول فضل الله: “الاميركيون محتلون بما يملكون من قوة ولكنهم لا يفهمون الشعوب وارادتها وطاقاتها وامالها ولذلك لن يستطيعوا ادارة العراق المعقد بتنوعاته المذهبية والعرقية والثقافية ولذلك فان الامم المتحدة هي التي تملك بوعي العراقيين والمنطقة كلها الثقة بانها سوف لن تتحرك الا على اساس المبادىء الانسانية في احترام حقوق الانسان وللامم المتحدة تجارب في مسالة الاشراف على الانتخابات وادارتها وتهيئة الظروف لها ونعتقد ان المحتل الاميركي لا يملك من خلال طبيعة السياسة الاميركية المتحالفة مع الادارة الاسرائيلية القدرة على اجراء انتخابات محايدة ونزيهة ولذلك ينبغي ان يكون الصوت العراقي واحدا في الدعوة الى اجراء انتخابات تحت اشراف الامم المتحدة.


القراءة بين السطور
وعن الاتهامات التي تجاوزت الاميركيين والاسرائيليين في موضوع التفجيرات الاخيرة في العراق يقول فضل الله:
“اننا امام غموض المجرم قد نتصور ان هذه الفئات المقصودة قامت بذلك ولكن نتساءل اذا وضعت التفجيرات التي استهدفت مواقع شيعية في دائرة معينة، فمن الذي فجر بعض مساجد السنة؟ هل هم الشيعة؟ ان هناك نوعا من الغموض ولذلك فان الحكم على الفاعل بالطريقة القضائية يحتاج الى معطيات واقعية. ان الامن في العراق مسؤولية المحتل الاميركي لانه هو الذي ضمن امن العراق بحسب قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن ولان الولايات المتحدة تملك اقوى مخابرات في العالم وهي موجودة في العراق حتى في قلب نظام صدام كما ان هناك تحالفا بين المخابرات الاميركية و”الموساد” الذي دخل بكل قدرته الى العراق متحالفا مع المخابرات المركزية الاميركية على اساس ان يخلط الأوراق ويساهم في تثبيت الخطة الاميركية الاسرائيلية في العراق ولذلك نعتقد ان المصلحة الكبرى لهما وان المسؤول الاساسي والمستفيد الاساسي هما الولايات المتحدة واسرائيل ونقول لمن يقولون بان الاساليب تشير الى ان من قام بالاعمال الاجرامية هم مسلمون متطرفون.

ايضا من يتجسسون في فلسطين على الانتفاضة لمصلحة الاسرائيليين هم مسلمون ويتحركون من خلال المخابرات الدولية والاقليمية لخدمة هذا النظام او ذاك. ان أي احتمال لاتهام اية جهة لا يبرىء المحتل الاميركي ونحن نتساءل لماذا لم تمنح الادارة الاميركية الشرطة العراقية الاسلحة التي تحتاجها وقد سمعنا من ضباط عراقيين عينوا حديثا انهم لا يملكون ما يدافعون به عن انفسهم ولماذا لا يعطى مجلس الحكم عناصر وادوات القوة التي يستطيع من خلالها رصد الاحداث. هناك اكثر من سر خفي ومشكلتنا اننا نحدق في السطح ونتنازع على السطح ونحكم على السطح ولا ننفذ الى الواقع . يجب ان نقرأ بين السطور يجب ان نقرأ الممحي من المفردات”.


ايران المحافظين والاصلاحيين
نبدأ الحديث الايراني مع “السيد” من نتائج الانتخابات الاخيرة في ايران فيجيب:
“نلاحظ ان هناك صراعا في طبيعة وعي المضمون الاسلامي للثورة الايرانية التي انتجت الجمهورية الاسلامية الايرانية. هناك فريق كبير من الايرانيين الذين قد يطلق عليهم “المحافظون” الذين تختلف تنوعاتهم بين آخر اليمين وبين الوسط. اننا نلاحظ ان هذا الفريق يرى بان مضمون الثورة الاسلامية هو الاسلام على الطريقة التي يفهمونها وبالمستوى الذي يخاف منه هذا الفريق على الاسلام من الحريات الثقافية والسياسية والاعلامية باعتبار انه يفسح المجال للمفاهيم غير الاسلامية ان تنفذ الى وجدان الشعب الايراني بالطريقة التي بعده عن الاسلام الذي هو عنوان الثورة او من خلال التدخل الخارجي ولا سيما الاميركي الذي يحاول ان ينفذ الى ايران من الف شباك وشباك ولهذا فانهم ومن خلال ما يعتقدونه محافظة على الاسلام الذي انطلقت الثورة منه، يقيدون الحريات على انواعها.

ويتمثل ذلك بطبيعة بعض الاحكام القضائية او قضية اغلاق الصحف وسجن من يخالفون الرأي او في المسالة السياسية التي ربما تختلف مواقعها حسب مواقع الاوضاع الاقليمية مع بقاء العلاقات الاميركية الايرانية في دائرة السلب بالرغم من بعض الاشارات واللمحات واللقاءات الخفية هنا وهناك ولعل المؤسسات الدستورية في ايران تساعد على بعض حرية الحركة في هذا الاتجاه لا سيما ان بعض هذه المؤسسات قد تحمل اتجاها لا يرى هناك شرعية للحرية من الناحية الاسلامية وربما تمثل هذا في اكثر من موقف او موقع في ما يعتبره البعض حصارا للتيار الاخر او حصارا للحكومة لانها لا تملك كل الصلاحيات التي تتيح لها الحرية في ان تنفذ برنامجها ولعل تجربة مسالة قرارات مجلس صيانة الدستور في ابعاد نحو ثلاثة الاف مرشح مؤخرا عن صلاحية الترشيح وما تبعها من ارباك ونقل المسألة الى وزارة الامن الخ.. كل ذلك اوجد ارباكا في الحياة السياسية وحركة معارضة بحيث تجاوز بعض رموزها الخطوط الحمراء في تصريحاته بالمستوى الذي وصل الامر الى نوع من انواع العتب للمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية. وهناك تيار اخر هو التيار الذي استطاع ان يفتح ايران على العالم من خلال مسالة الحرية بمستوياتها المختلفة وذلك في اطار ما اسمي حوار الحضارات. لكن مشكلة هذا التيار انه اطلق عناوين كبيرة بالطريق التي اخافت التيار الاخر وخلق له نوعا من انواع القلق والخوف من امكان تطوره الى مرحلة يمكن ان تساق فيها ايران الى العلمانية لا سيما ان بعض جيل الشباب في الجامعة وغيرها يهمس بمثل ذلك.

الاصلاحيون ليسوا فريقا واحدا ، هناك الفريق الذي لا يشجع بقاء ايران اسلامية وهناك علمانيون من هذ القبيل وهناك الذين يؤمنون بالاسلام ويجتهدون في مسالة الحريات ويرون انها لا تبتعد عن الاسلام، بل يرون ان المزيد من الضغط هو الذي يمكن ان يتراكم تاثيرا سلبيا على النظام، وان الاسلام لا يخشى من الحرية لانه يملك ما يواجه بها الشبهات او الحملات وما الى ذلك بينما يمكن ان يمثل الضغط السياسي والثقافي والاعلامي نوعا من انواع ارباك النظام العام كما حصل في اكثر من نظام في العالم عندما بدأ يحاصر الحريات.

عندما ندرس القضية في هذا المناخ نجد في الجانب السلبي مشكلة استفادة المحافظين من المؤسسات التي يشرفون عليها وذلك لمحاصرة الاتجاه الاخر الذي يمثل الحكومة بكل مؤسساتها التقليدية وقد استفاد المحافظون مما تملكه هذه المؤسسات من سلطة شبه مطلقة باعتبار انه لايسمح بالدخول في مناقشة موضوعية وعلمية وسياسية بالنسبة الى ما يتخذه مجلس صيانة الدستور من مقررات، ربما يرى البعض انها تمثل قرارات المرشد الاعلى لانه هو الذي يعين مجلس صيانة الدستور وبالتالي يمثل التمرد عليه تمردا على ولاية الفقيه اي على اساس الشرعية واساس النظام.


استغلال نفوذ ربما
الا تعتقدون ان الدستور يعطي دورا مرجحا للمؤسسات غير المنتخبة وتحديدا تلك التي يمسكها الولي الفقيه؟
يجيب فضل الله:”ربما تكون الصورة صورة استغلال نفوذ حسب راي الفريق الاخر ضد التيار الاصلاحي والحكومة التي لا تملك صلاحيات كبيرة كاي حكومة في العالم. اننا نجد ان هناك سلبية ادت الى ارباك الواقع الايراني ولا سيما جيل الشباب الذي كان ينتظر من الاصلاحيين ان يكونوا اكثر شجاعة ويحققوا له طموحاته في الحرية وغيرها بينما يرى الاصلاحيون ان الدستور الايراني لا يسمح لهم بتحقيق مشروعهم كما ان القوى الامنية لا تسمح لهم بان يكونوا في الموقع القوي للسلطة.

عندما تدرس القضية من جانب اخر من الصورة فاننا نجد في هذا الحدث الايراني اي الانتخابات وفي هذا الصراع الذي لم يصل الى حد الصراع الدامي بل الى حد الصراع الحاد الذي قد يعبر عنه البعض بالقول انه صراع كسر عظم. ان هذ الصراع يمثل في الجانب السياسي وجود حياة سياسية متحركة قادرة على تغيير الواقع.

الا تعتقدون ان الحياة السياسية في ايران اصيبت بخدوش في الانتخابات الاخيرة؟
يقول فضل الله: الشعب الايراني نزل الى الساحة واعطى رايه بنسبة النصف واكثر قليلا واستطاع ان يغير الصورة السياسية لواجهة الحكم في ايران عندما اعطى هذه الاغلبية للفريق المسمى بالمحافظين. واذا كانت هناك بعض المقاطعة للانتخابات من فريق معين فان هذا ليس بدعة في الحياة السياسية في بلد في العالم، ولهذا نعتقد ان الحياة السياسية التي قد تصيبها خدوش تمثل حدثا نموذجيا في المنطقة فنحن لا نجد هناك اية انتخابات حقيقية في المنطقة، بمعنى اننا نرى ان انتخابات ال99,99 بالمئة او على مستوى لبنان او غيره لا تغير شيئا في الواقع، أي ليست هناك حياة سياسية بالمعنى التغييري بحيث ان الشعب يملك ارادة التغيير بل نجد ان السياسيين يحاولون مخاطبة الشعب بالاساليب المؤثرة أي بغير الذهنية التي تؤدي الى تغيير مواقفه في الواقع.

وفي دراستنا لتاريخ الانتخابات في ايران، نجد انها منذ الثورة انتخابات حية يمارسها شعب حي يعرف كيف يمارس حريته بقطع النظر عن الصح او الخطأ وبالرغم من كل نقاط الضعف التي ننقدها في طبيعة بعض مواد الدستور والمؤسسات نجد ان إيران تتمتع بحياة سياسية فاعلة ومؤثرة وفي الوقت نفسه تتمتع بالحريات الإعلامية ولا أتصور أن الحريات الموجودة في إيران مع التحفظ على بعض خطوطها هنا أو هناك تمثل حياة سياسية في عافية سياسية.

مرتاح
09-01-2005, 05:02 PM
البعد الثقافي للثورة
يتكرر السؤال عن الهيمنة غير المقيدة لمصلحة المؤسسات الدستورية غير المنتخبة في إيران فيقول فضل الله:
لعل هذا هو التحفظ الذي ربما يدخل في بعض مفاصل النظام الإسلامي في إيران. تمثل هذه القضية مسالة تتصل بالجانب الثقافي للثورة الإيرانية أكثر مما تتصل بالمفردات السياسية للثورة. نحن نعرف أن العنوان الكبير للثورة هو الإسلام ومن الطبيعي أن الاجتهادات في الاسلام مختلفة ولعل الاجتهاد الغالب على الذين يديرون مسالة الثورة انه لا يمكن ان تكون الانتخابات حرة من دون قيود فلا بد من المرشح للانتخابات ان يكون مؤمنا بالاسلام، ولما كانوا يعتبرون ان ولاية الفقيه هي الاساس الاسلامي لنظام من ناحية ما ينطلقون به من اجتهاد في ان الولاية تمثل الشرعية التي تعطي الولي الفقيه صلاحيات مطلقة تماما كما هي ولاية الامام او النبي في الجانب التنفيذي، فلذلك لا يمكن ان يسمح بان يترشح شخص غير اسلامي او لا يؤمن بولاية الفقيه لان معنى ذلك ان هذا الشخص لا يؤمن بالنظام بكليته والامر هنا تتعلق بسلامة النظام وليس بالمسالة الانتخابية.

لقد شرع الدستور الايراني لتعدد المؤسسات، في القمة تقع مؤسسة ولاية الفقيه ثم تاتي بعدها مؤسسة تشخيص مصلحة النظام، لان هناك شيئا في الفقه الاسلامي وهو ان الواقع في كل المشاريع التي تريد ان تقوم بها الدولة الاسلامية قد تتعارض او يتزاحم واقع مع اخر ويختلف الحكم. مثلا، تريد الدولة ان تشق شارعا جديدا وهي مضطرة إلى هدم بيوت لناس والتعويض عليهم وبحسب الحكم الشرعي هذا أمر غير جائز “ لأنه لا يجوز التصرف في مال امرئ إلا بطيب نفسه” ولكن مصلحة البلد أو مصلحة المسلمين أو النظام هو شق الطريق الجديد وهنا يقع التزاحم بين المفسدة الأولى المتمثلة في تهديم البيوت وبين المصلحة ولذلك هنا يأتي دور مؤسسة تشخيص مصلحة النظام من اجل المفاضلة بين مصلحة خصوصيات الناس والنظام العام. مثل آخر هل من مصلحة الشعب الإيراني أن ينشئ علاقات سريعة وبلا تحفظ مع أميركا أو ليس من مصلحته ذلك وهل من مصلحة إيران أن تدخل في حرب حارة مع أميركا أم لا؟

لا بد من مؤسسة مصلحة تشخيص النظام من اجل دراسة كل حالات التعارض والتزاحم التي يتزاحم فيها الواقع بين السلبي والايجابي.

أما مجلس صيانة الدستور فهو شبيه بالمجلس الدستوري عندنا، أي المؤسسة الحامية والحارسة للدستور، ولذلك هذه المؤسسات ضرورية للدولة بالاضافة الى مجلس الشورى الذي يمثل مؤسسة استفتاء الشعب. ربما تكون المؤسسات ضرورية من خلال خصوصية النظام الاسلامي في بعض التعقيدات والتفاصيل لكن ربما يلاحظ البعض ان مجلس صيانة الدستور ليس معصوما فلماذا لا تكون هناك فرصة للذين يحكم عليهم من قبله ان يدافعوا عن انفسهم.

في هذه النقطة بالذات لماذا لم يسمح لمن ابعدوا عن الترشيح ان يعترضوا بطريقة او اخرى تحفظ طبيعة المجلس وحقوقه وحقوقهم في ان معا ولماذا ينتظر ان يتحدث مثلا المرشد الاعلى لجمهورية مع مجلس صيانة الدستور لاعادة النظر في موقفه وقد اعاد النظر فعلا وتراجع. هذه المسألة ربما يرى البعض انها تمثل نوعا من الارباك للنظام كله لانه اذا كانت قرارات المجلس حاسمة فلماذا يعاد النظر فيها واذا لم تكن حاسمة فلماذا لا يعطى الشخص المستهدف او المتهم حق الدفاع عن نفسه او الاستئناف مع ملاحظة اخرى في العناوين الاسلامية السياسية العامة وهي انه كيف يمكن ان يحكم مجلس لم ينتخبه الشعب على جماعة انتخبهم الشعب وكيف وافق المجلس على ترشيحهم في الماضي ولم يوافق على ترشيحهم في الحاضر مع ان الشعب انتخبهم. لم يقدم المجلس اطروحة على ان هؤلاء تغيروا وبدلوا وثبت كذا وكذا ولكن بعضهم يقول ان مجلس صيانة الدستور هو احدى امتدادات ولاية الفقيه لانه من قبل الولي الفقيه ولذلك احكامه هي احكام ولاية الفقيه التي لاتناقش حسب الدستور الايراني.


ديكتاتورية دينية؟
هل تخشون على ايران والحريات؟
“لم تصل ايران الى مرحلة الاستقرار والسلام الامني في موقعها من الصراعات والسياسات الدولية. ايران لا تزال مستهدفة ولا سيما من الولايات المتحدة وحتى من اوروبا في مستوى معين.. ايضا تشعر ايران انها تعيش بعض الخطر من الدول المحيطة بها التي تخضع للسياسة الاميركية كما حصل في العراق عندما كان الاميركيون يحكمون العراق سياسيا. هم يعتبرون ان إيران لا بد ان تحمي نفسها بما يشبه حالة الطوارئ باعتبار ان هناك اكثر من نافذة تطل عبرها القوى المضادة على الواقع الداخلي بحيث انه يمكن ان تنفذ المخابرات الدولية ولا سيما الاميركية من خلال بعض الجهات المعارضة مثل مجاهدي خلق او من خلال تيارات اخرى لا عنوان لها لكنها ضد النظام الاسلامي.

ربما يجدون ان ايران لم تصل الى حد الاستقرار الامني والسياسي وبالتالي تجد ايران نفسها مضطرة الى ان تحيط واقعها ببعض القيود التي تحفظ لها امنها ولعل هذا البعض الذي يتحدث بهذه الطريقة يقول اننا نلاحظ ان اميركا الدولة الاقوى في العالم من الناحية المادية عندما تعرضت لاحداث الحادي عشر من ايلول عملت على تقليص الحريات في داخلها، الامر الذي اغضب الكثير من منظمات حقوق الانسان لان ما تم تشريعه جاء مخالفا لحقوق الانسان وهكذا تتجه المسالة في هذا الاتجاه”.


اختلف مع نظرية الولي الفقيه
يدافع سماحة “السيد” وكأنه ملكي اكثر من الملك...يسارع الى القول:

لدي تحفظات كثيرة حول الموضوع حتى انني اختلف مع نظرية ولاية الفقيه من ناحية المعطيات الفقهية لهذه المسالة، فانا بحسب اجتهادي لا اجد ان الادلة من الكتاب والسنة تساعد ولاية الفقيه المطلقة بل ان رايي كرأي بعض الفقهاء وهو ان لدينا قاعدة اسلامية ولعلها حضارية لناحية وجوب حفظ نظام المجتمع ووجوب حفظ نظام الامة فالمقولة التي اطلقناها هي انه اذا توقف حفظ النظام من خلال الظروف الداخلية والخارجية على ولاية الفقيه فان الفقيه يمكن ان ياخذ الولاية بقدر ما يتوقف حفظ النظام على ذلك وفي الموقع الذي يتوقف عليه حفظ النظام، أي ليس له ولاية على العالم، ولذلك كنا نقول انه لو قلنا بولاية الفقيه فليست هناك مركزية واحدة للفقيه في ولايته على العالم بل يمكن ان يكون هناك اكثر من ولي فقيه بحسب هذا البلد او ذاك وربما تختلف بعض الخطوط هنا وهناك مع المحافظة على السلامة للاسلام وللتنسيق بين المسلمين حتى مع اختلاف الاجتهادات واختلاف الولايات..

لذلك فانني في متابعتي للاحداث الاخيرة لم اكن متحمسا لما حدث ورايت، لان هذه القرارات خدمت الاصلاحيين اكثر مما اضرتهم لانهم برزوا بعنوان المظلوم مما ادى الى المزيد من العطف عليهم ولو كانوا اعطوهم الحرية لامكن ان يخذلهم الشعب لان هناك اصواتا كثيرة من الجيل الجديد تقول بان الاصلاحيين لم يستطيعوا تنفيذ الخطط الاقتصادية والسياسية والاصلاحية والاجتماعية التي تبنوها.


العلاقات الاميركية الايرانية
عن تصوره لمستقبل العلاقات الايرانية الاميركية يقول فضل الله:

الخطاب الايراني الاسلامي من اعلى القمة الى السفح اذا صح التعبير يتحدث دائما عن اميركا والاعداء والاخطار واسرائيل مما يدل على ان هناك هاجسا في الداخل الايراني لناحية وجود خطر خارجي يسعى للمرور عبر الجامعة او الشخصيات او بعض الواجهات، ولذلك انني اتصور ان ايران لم تستقر منذ زمن الثورة حتى الان ورغم ذلك استطاع الايرانيون ان يبلغوا في المسالة السياسية وعلى الاقل في السياسة الخارجية سن الرشد، ويمكن القول ان ايران بلغت مرحلة البراغماتية الاسلامية حسب اجتهادهم لان البعض يرى ان هناك نوعا من البراغماتية في الاسلام وهذا ما كنا نتحدث عنه، بان الاخلاق الاسلامية ليست مطلقة بل هي نسبية والمثال ان الكذب محرم اسلاميا ولكن اذا كانت مصلحة المسلمين في الكذب يجب الكذب في هذا المقام وهنا كلمة ماثورة:”احلف بالله كاذبا ونج اخاك من القتل” اذا الاخلاق الاسلامية نسبية وليست مطلقة.

انني اتصور انه سوف ياتي وقت تعود فيه العلاقات الاميركية الايرانية، ولكن لايران شروطها وسوف يبقى الجدل على مستوى موازين القوى والضعف ولكن اعتقد انه لن يبقى في هذه الحدة وهناك اكثر من حديث متداول في ايران وغيرها بان المحافظين تبنوا مطلب الاصلاحيين في العلاقة مع اميركا بالرغم من ان الاصلاحيين كانوا متهمين من المحافظين بانهم عملاء اميركا وما الى ذلك.

الا تخشون سقوط ايران بفعل العوامل الاقتصادية الداخلية؟
هناك سقوط اقتصادي في ايران يجيب فضل الله ايران ليست فقيرة لكن مشكلة النظام انه في الجانب الامني جعل ايران تصرف الكثير من الميزانيات على السلاح. ايران صارت مع الوقت دولة صناعية بدرجة متقدمة في مجال صناعة السلاح. ان مشكلة خاتمي الاصلاحي ومشكلة المحافظين انهم ليسوا احزابا بل تيارات ولذلك يدعو خاتمي الى عدم المقاطعة ولا يلتزم التيار الاصلاحي بدعوته. المشكلة انه ليست هناك حزبية بالمعنى التنظيمي . الناس تنظر الى ايران وكانها قوالب جاهزة حتى الثورة ليست قالبا جاهزا.


الخوف من الداخل
هل تخافون على الحرية في ايران؟
يسارع الى القول: “انا لا اخاف على النظام في ايران لان هناك قواعد قوية جدا تحفظ النظام ولا سيما ان الشعب الايراني بجميع اطيافه اذا واجه الخطر من الخارج اتحد، هذا اولا اما الخوف على الحرية فانا لا اخاف على الحرية بشكل تتحول ايران الى دولة ديكتاتورية لانه في ضوء الاحداث التي تحيط بايران وتهز العالم والضغوط الحاصلة في موضوع حقوق الانسان والحريات والجيل الجديد من الشباب لا يستطيع أي نظام ان يخنق الحرية. يستطيع ان يقلص الحرية وكل ما اخشاه ان تتاكل ايران من الداخل لعوامل داخلية ناتجة عن بعض الذهنيات الجامدة وبعض الاساليب المتخلفة ومن بعض الانفعال الذي لا يختزن شيئا من العقل”.