المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيوت سعودية تعاني من "صمت رهيب"



yasmeen
08-30-2005, 10:49 PM
فتيات يدعون لـ"حوار وطني" منزلي



كشفت تقارير الطب النفسي، أن 80 % من البيوت السعودية، تعيش على صمت رهيب تختفي فيه مشاعر الحب، حتى أقل أنواع التعبير اللفظي، وحتى في حالة الخصام بين الأزواج، فإن الطرفين يلتزمان الصمت ويكون العناد مشتركا بين الاثنين، يغيب خلاله الحوار رغم بساطة الخلل، مما يجعل المشاكل الأسرية تتفاقم ويستحيل في بعضها العلاج ويصبح الكي غير مجد.

وتنقل صحيفة "الشرق الأوسط " اللندنية عن الاختصاصي النفسي وليد الزهراني قوله "إن أغلب رواد العيادات النفسية، الذين يعانون من مشاكل أسرية، تغيب داخل أسوار منازلهم لغة التفاهم والاحتواء، وتظل المشاكل معلقة لا يفتحها أحد، مما يترتب عليها مشاكل أكبر وأعمق".

وأرجع الزهراني السبب في ذلك إلى الأسرة، حيث يشبّ أغلب الأزواج من دون نموذج يحتذون به، فآباؤهم يعالجون مشاكلهم الأسرية بالصمت، لذلك يكبرون من دون أن يعرفوا كيف يعتذرون أو يعبّرون لفظيا عن الحب، ويعتقد أن الهدية هي تعبير عن الاعتذار أو الحب. مشيرا إلى أن الهدايا تعبير صامت لا معنى له عند كثير من النساء، يسير ضد ما تريده من مشاعر لفظية صادقة غنية عن آلاف الهدايا.

وأضاف: "أن الرجال أكثر من النساء مصابين بضعف التعبير، والمرأة مستعدة للتجاوب لو وجدت من يبادلها ويعبّر لها عن مشاعره". وتابع: "لكي ينمو الشباب ملمين بثقافة للحب، مغايرة عن التي شبّ عليها آباؤهم، يجب أن تضم المناهج ما يلقي الضوء على ذلك، وأن يتم تغيير هذه الثقافة المجتمعية عن طريق وسائل الإعلام والمنابر العامة".. مؤكدا على دور البيت في زرع ذلك في نفوس الأبناء.

وترى الاختصاصية في علم النفس والتربية آمال عبد الباقي أن "غياب التعبير عن الحب يعود إلى العرف في المجتمع السعودي، وليس له علاقة بالدين، فالتعبير بكلمة (أحبك)، نحو أي ممن حولنا، يفهم دائما بشكل سلبي وتفسر بسوء ظن، على أساس أنها كلمة خطرة، مما يجعل الآخرين يتقاعسون عن التعبير بهذه الكلمة المهمة، التي لها تأثير كبير على نفسيات من حولنا ويلجؤون إلى استبدالها بالتعبير الصامت للحب، وهو الهدايا".

وأوضحت عبد الباقي "أن الدين الإسلامي طالب المسلمين بالمحبة والتودد بين الأزواج وبين أفراد المجتمع في أكثر من موقع قرآني، ووردت في السيرة النبوية قصص لا تحصى عن أهمية الحب وضرورته". وأضافت: "لذلك يجب أن نغير مفهوم المجتمع ناحية كلمة الحب، وأن يتم تداولها في التعبير عن الشكر أو الاعتذار أو الامتنان تجاه أي عمل إيجابي، مما يعزز الشعور الحميم بين أفراد الأسرة الواحدة، وبالتالي تصبح عادة يتعود عليها المجتمع".

وأشارت إلى أن تعزيز شعور الحب لدى الأبناء مهم جدا للنمو العاطفي لديهم، وأن ذلك لن يتم إلا إذا اشبعوا بالحب اللفظي والفعلي، وإذا لم ينمّوا الأبناء مشبعين بذلك، لن يستطيعوا إسماعها لزوجاتهم وأبنائهم لأنهم لم يتعلموها أصلا. وتابعت: "يجب أن تقام دورات تدريبية مكثفة للأمهات والآباء في كيفية التعبير عن الحب، ومتى يتم التعبير"، مشيرة إلى "أن الدورات الحالية غير كافيه لتغطية المجتمع بأكمله".

من ناحية أخرى، يرى العديد من الآباء والأمهات، وحتى بعض الإخوة الكبار، أن على المراهقين عموماً والمراهقات خصوصاً، عدم المشاركة في أحاديث من يكبروهم أو يكبروهن سناً. وتطالب كثيرات في عمر المراهقة باعتماد فكرة "الحوار الأسري" في المنزل، على أن تشملهن، على غرار "الحوار الوطني" في المجتمع.

وفي التقرير الذي أعدته جريدة "الحياة" اللندنية تؤكد طالبة المرحلة الثانوية بدور العمر(17عاماًَ) أن عائلتها تحترم اشتراكها في الحوار معها عند حدوث مشكلة، مشيرة إلى أن ذلك زادها ثقة في نفسها. "صوتي مسموع، وحتى في حال صمتي يطلب مني إبداء رأيي ويؤخذ به إذا كنت على صواب".

لكن هذا لا ينطبق على معظم الأسر، فهناك من يطلب من شقيقته الصمت عندما تبدي رأيها حتى في برنامج تلفزيوني, لمجرد وجود قناعة داخلية لديه بأن الفتاة ليس لها الحق في إبداء رأيها، كما تقول ابتهاج (16عاماًَ). وتضيف: "يصادر أكبر أشقائي حقي في عرض وجهة نظري بقوله: ما عندنا بنات يتفلسفن".

ابتهاج تصف وضعها لافتة إلى أنها الفتاه الوحيدة بعد وفاة والدتها بين ستة أشقاء: "حاول والدي التدخل غير مرة لفض النزاع بيني وبين شقيقي, ولكن تقدير والدي لشقيقي الأكبر يجعله ينسى أو يتناسى حقي في الحوار والتعبير عن رأيي".

وتطالب طالبة المرحلة الثانوية سارة عبد الرحمن (18عاماًَ) بقيام حوار وطني في منزلها، مداعبة والديها بذلك، بعد قراءة أي مستجدات عن الحوار الوطني الذي أصبح حديث المجتمع، في كل مرة تنشر وسائل الإعلام مستجدات ورش العمل المتعلقة به, ونظمت مع أشقائها الأصغر سناًَ: ربى (11عاماًَ) وسعود (13عاماًَ) وأريام (9أعوام) حواراًَ وطنياًَ مقتبساً من الفكرة الأم. وتوضح سارة: "قمنا بكتابة دعوات في بطاقات صغيرة لعائلتنا المكونة من تسعة أفراد، تحمل وصفاًَ لمكان الحوار الوطني وهو(خيمة المنزل)، ومدة الحوار، حتى لا يتعذر والدي بانشغاله".

وتأسف سارة لكون فكرتها قوبلت بالاستهزاء من أشقائها الأكبر سـناً، كمـا أبــدت حــزنها لعدم حضور أي فــرد من عائـلـتها "حوارها الوطني".

وتجد يارا العبد الكريم (17عاماًَ) في الشبكة العنكبوتية مساحة واسعة لمناقشة كل ما يخطر على البال من مواضيع اجتماعية وترفيهية تخص جيلها وتقول: "في الإنترنت أشارك في منتدى, وأبدي رأيي في أشياء متنوعة, لكن في بيتنا لا يتسنى لي الحديث مع أي شخص".

وتضيف: "يستغرب أعضاء المنتدى من أسلوبي في التحاور, ويظن بعضهم أن تربيتي على الحوار في المنزل تلعب دوراًَ في خبرتي"! وتنفي العبد الكريم ذلك: أكاد أتحدث إلى والدتي أو والدي".

كما تؤكد ربة المنزل أم هيثم أن "للحوار أهمية تكمن في جعل الأبناء قادرين على التحاور والمشاركة بجرأة، وإقصائهم وعــدم تربيتهم على روح الجماعة والتحاور ســيعيدنهم إلى الخلف".