المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحرب العالمية الثالثة.. المخاوف تتعاظم



زاير
05-08-2022, 12:08 PM
https://www.albayan.ae/polopoly_fs/1.4429684.1651951993!/image/image.jpgمعالجة انعدام الأمن الغذائي في العالم تتطلب:

القاهرة - محمد خالد





08 مايو 2022



مع تعثّر المسارات السياسية والدبلوماسية على مدار أكثر من شهرين، لحسم الموقف في أوكرانيا، بعد بدء العملية العسكرية الروسية في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، وما خلّفته من تبعات واسعة المدى على مستويات عدة، تتعمق مخاوف العالم - والهواجس الأوروبية بشكل خاص - من سيناريوهات شديدة الخطورة، من بينها «الحرب العالمية الثالثة»، الذي يخشاه الجميع، بينما يُدفعون إليه دفعاً، وسط مؤشرات لا يمكن الاستهانة بها.

تعزز جملة من الشواهد، مخاوف الغرب من اندلاع تلك الحرب، وبما يجعل أوروبا والولايات المتحدة، تسعيان إلى الدفع باتجاه تجنب مثل تلك الحرب قدر الإمكان، وبشكل خاص، مع الشكوك التي تحوم حول الموقف الصيني من أي حرب محتملة تكون روسيا طرفاً فيها، ومع تصاعد القوة الصينية، بما يهدد الهيمنة الغربية.

جددت موسكو التحذير قبل أيام، على لسان وزير الخارجية سيرجي لافرورف، من خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، ذلك في ظل التوتّرات التي وصفها بـ «غير المسبوقة»، بين موسكو والغرب. واعتبر أن الخطر المرتبط باندلاع حرب عالمية ثالثة «جسيم ولا يمكن الاستهانة به»، مشدداً على أنه لا ينبغي التقليل من خطر نشوب صراع نووي.

ومن جانبها، تسعى الولايات المتحدة وأوروبا، إلى تجنب مواجهة عسكرية مباشرة بين حلف الناتو وروسيا، باعتبارها قوة عظمى نووية. ومن ثمّ تمضي دول أوروبية، في سياق الوساطات والحلول الدبلوماسية. وقد عبّر عن ذلك المستشار الألماني أولاف شولتس، لدى حديثه السابق مع دير شبيغل قبل أيام، حينما قال: «أفعل كل ما في وسعي، لمنع تصعيد من شأنه أن يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.. لا يمكن أن تكون هناك حرب نووية».

كما تؤكد واشنطن حرصها على منع اندلاع حرب عالمية ثالثة. وقال مدير الاستخبارات الأمريكية، ويليام بيرنز «ليس لدينا أي دليل على أن روسيا رفعت مستوى تأهب قواتها النووية».

اصطفافات الحرب

المحلل السياسي الإيطالي، ماسيميليانو بوكوليني، يقول لـ «البيان»، إن الحرب العالمية الثالثة تعني الوصول إلى مواجهة مباشرة بين روسيا والدول الأعضاء في حلف الناتو، وهذا أمر خطير للغاية، لأنه قد يؤدي إلى استخدام «القنبلة الذرية». لكن بوكوليني قال بموقع «ديكود 39»، إننا «لم نصل بعد إلى هذا الأمر (سيناريو الحرب العالمية الثالثة)، لكن الاحتمالات تتزايد حالياً، ففي قمة «الناتو» الأخيرة بألمانيا، طُلب من الدول الأوروبية إرسال أسلحة ثقيلة لأوكرانيا لأول مرة، مثل الدبابات (..) ما قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين الحلف وروسيا، ولهذا السبب، تعارض ألمانيا وفرنسا، وأيضاً جزء من إيطاليا، إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا».

ويرى أنه إذا اندلعت الحرب العالمية الثالثة، فسيكون مسرحها «أوكرانيا»، وربما دول أوروبية مثل «بولندا»، أو «دول البلطيق»، والآن يخشى الألمان أن تأتي الحرب أيضاً إليهم، لهذا السبب، يضغطون من أجل الوساطة مع روسيا.

وعن شكل الاصطفافات الأوروبية والدولية حال اندلاع الحرب الثالثة، يشير بوكوليني إلى أنه إذا اندلعت «الحرب العالمية الثالثة»، فستكون بين روسيا والدول الأعضاء في «الناتو»، الممتدة إلى دول أوروبية أخرى، مثل السويد وفنلندا، التي تخشى تقدم روسيا إلى أراضيها.

أما عن موقف «الصين» المحتمل، فيشدد المحلل الإيطالي، على أنه لا مصلحة لبكين في اندلاع الحرب بين روسيا وأوروبا، لأن أوروبا هي أهم أسواقها، وهذا من شأنه أن يوقف نموها الاقتصادي.

الموقف الأمريكي

وأكدت الصين في وقت سابق، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ وين بين، أنه لا أحد يريد اندلاع حرب عالمية ثالثة، داعية إلى الحلول الدبلوماسية والسياسية للأزمات. وسط تحذيرات من مغبة الانجرار إلى استخدام الأسلحة النووية.

وبدوره، يشير الأكاديمي الأمريكي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هاملتون في نيويورك، آلان كافروني، إلى أنه في مواجهة هذا الاحتمال (المرتبط بتهديدات روسيا بالأسلحة النووية)، والتي اعتبرها «خطراً كبيراً وحقيقياً»، لجهة دخول العالم في حرب عالمية ثانية، فإن الولايات المتحدة تنكر - على لسان الرئيس جو بايدن ومسؤولين أمريكيين آخرين، وحتى أوكرانيا أيضاً- إمكانية استخدام روسيا الأسلحة النووية، ورفضت واشنطن هذه التحذيرات الروسية، ووصفتها بأنها «تبجّح».

ومع ذلك، فلقد صرّح مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، بأنه إذا خسر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيمكنه «اللجوء إلى ترسانته من الأسلحة النووية التكتيكية»، في ميدان المعركة. وأمام تلك المؤشرات، يعتقد بأن «خطر الحرب النووية أكبر مما كان عليه خلال أزمة الصواريخ الكوبية».

ويتابع كافروني: لقد اعترف وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، بأن سياسة الولايات المتحدة لا تقتصر على الدفاع عن أوكرانيا فحسب، بل أيضاً الانتصار في حرب بالوكالة «رؤية روسيا ضعيفة لدرجة أنها لا تستطيع القيام بالأشياء التي فعلتها في أوكرانيا». أو كما قال قائد الجيش الأمريكي في أوروبا، بن هودغز: «تركز السياسة الأمريكية الآن، على كسر ظهر روسيا».

أما لجهة موقف الصين، فيعتقد الأكاديمي الأمريكي، بأن «بكين ستسعى إلى تجنب العقوبات الأمريكية، لكنها ستحتفظ بعلاقتها الوثيقة مع روسيا، وسوف تواصل العمل مع دول البريكس، لتعزيز ما تعتبره عالماً ناشئاً متعدد الأقطاب».

تحالف دولي

وعلى جهة أخرى، يرى المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا، أن فكرة اندلاع حرب عالمية أخرى، بالمعنى الذي يقسم العالم نصفين، مع أو ضد روسيا «غير واردة»، بينما «ما سنراه قد يكون تحالفاً لعدد من الدول ضد روسيا»، على حد تعبيره.

ويتحدث المحلل السياسي، في تصريحات لـ «البيان»، من واشنطن، عن سيناريوهين، يمكنهما أن يؤديا إلى تشكل هذا التحالف أو الحرب، الأول حال تفاقم العمليات الروسية في أوكرانيا، إلى درجة تُجبر الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية على التدخّل.. وهناك يضطر «الناتو» للتدخل بشكل أكبر من المتاح حالياً بالسلاح والمعلومات.. وهذا السيناريو مرتبط بمدى قدرة الجيش الأوكراني على المقاومة.

أما السيناريو الثاني، الذي قد يقود إلى تلك الحالة التي يتحدث عنها الغبرا، فهو حال «تمدد روسيا إلى دول أخرى»، مشدداً على المخاوف التي تنتاب الدول ذات الحدود مع روسيا، منها مولدوفا وفنلندا والسويد، وبالتالي «إذا تمدد الصراع خارج الحدود الأوكرانية، فهنا قد نأتي إلى مرحلة جديدة، قد تؤدي على الأقل إلى تشكل تحالف دولي ضد روسيا».

ويعتقد بأن الطريقة المثلى لتجنب أي صراع دولي من هذا القبيل، هو «انسحاب روسيا إلى خارج الحدود الأوكرانية، والعودة للعملية السياسية والقانونية والدبلوماسية، والابتعاد عن العمل العسكري، أياً كان نوعه».

ويلفت المحلل السياسي الأمريكي في الوقت نفسه، إلى أنه حال اندلاع ذلك الصراع، فإنه من غير المرجح أن ينقسم العالم إلى نصفين، لجهة أن الدول التي قد تصطف إلى جانب روسيا في هذا الصراع، هي دول «ليست ذات وزن هائل في صراع دولي من هذا النوع»، بينما «يبقى الموقف الصيني هو الورقة المجهولة (..)، أعتقد بأن الصين ليست مهتمة بشكل عام بحرب ستؤثر بشكل كبير في اقتصاد العالم، وبصورة مباشرة في اقتصادها».