زهير
08-30-2005, 10:26 AM
علي الشلاه
تتصاعد هذه الأيام دعوات من أطراف عربية عدة منذرة بالويل والثبور مدعية ان عروبة العراق في خطر، وقد تصاعدت هذه الدعوات بعد اعلان مسودة الدستور العراقي الذي لم ينل تصديق الشعب بعد، ولكن السؤال يظل قائماً وحقيقياً أعني سؤال عروبة العراق ولا ازعم انني لست اسفاً مثل كثيرين من ابناء وطني على ما وصل اليه حال العلاقة العراقية العربية اليوم ولكنني ازعم واثقاً اننا نبهنا الى هذه النتيجة منذ زمن بعيد ولم يسمعنا احد أو لم يرد احد سماعنا وهذا هو الأصح.
وللتاريخ أذكر اني التقيت السيد عمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية بعيد أسابيع من سقوط الدكتاتورية في العراق ويومها سألني معالي الأمين العام بحضور نائبه عن حال العراقيين فقلت له ( ان غالبية العراقيين يعتقدون ان جامعة الدول العربية جامعة طائفية عنصرية والعربي في عرفها يجب ان يكون سنياً عربياً ) فتعوذ معاليه وشرح واقعاً غير مازعمت فاقترحت عليه ان تبدي الجامعة العربية بادرة حسن نية تجاه الغالبية العربية في العراق وأعني الغالبية الشيعية اذ ليس من المعقول ان نتطلع الى عراق عربي يهمل هوية الشيعة العرب اذ بدونهم يتساوى السنة العرب والأكراد تقريباً ولا عراق عربي يبقى حينئذ اذا اردنا الموضوعية،لقد دفعتم الشيعة دفعاً الى الخانة الايرانية واليوم تجبرونهم على الخانة الأمريكية.
فأبدى الأمين العام تفهماً كبيراً لذلك لكن لم يصدر من الجامعة مثل هذه البادرة بل على العكس من ذلك صار الطائفيون يستغلون منبر الجامعة العربية لشتم الشيعة والأكراد في العراق بل ان الأمر وصل الى يستقبل السيد عمرو موسى احد ضباط مخابرات صدام باسم الدفاع عن الشعب العراقي.
نعم ان عروبة العراق في خطر لكن ليس لأن الأكراد قد نالوا حقوقهم المشروعة وليس لأن الشيعة قد تمكنوا اخيراً من البكاء على أئمتهم ومقابرهم الجماعية بحرية، بل ان عروبة العراق في خطر لأن العرب عاملوا العراقيين بطائفية وعنصرية مريضتين وصوروهما خونة وعملاء في وسائل اعلامهم وابقوهم متهمين في وطنيتهم واشعروهم بأنهم يفضلون صدام الذي أبادهم على أية حكومة ينتخبونها، بل انهم لا يعترفون حتى بالشهداء الذين غطوا صعيد الرافدين اعدامات ومقابر جماعية ويزعمون انهم من صناعة السينما الامريكية.
نعم ان عروبة العراق في خطرلأن الجزارين القادمين من وراء الحدود العربية لم يتركوا طفلاً ذاهباً الى مدرسة ولاصبية جميلة في ثوب زفاف ولا شاباً يحمل ارغفة الخبر الحارة الى امه وقسموا العراقيين الى غالبية كافرة واقلية مسلمة ورفعوا شعار اقتل امريكيا بأجر واحد واقتل عراقياً بأجرين وتغد مع النبي في الجنة.
نعم ان عروبة العراق في خطر لأن الساسة والاعلاميين العرب يزعمون بأن الشيعة ايرانيون وان كانوا عرباً أباً عن جد وان افترقوا عن ايران وسياساتها وأحلامها واوهامها، وانهم طابور خامس في جسد الامة العربية الشريف وانهم اخطر من اسرائيل، ولا ادري اذا كان الشيعة ايرانيون وهم والأكراد والتركمان والآشوريين والشبك والصابئة ليسوا عرباً فمن اين تأتي عروبة العراق اذن، ولماذا يتخوف العرب من تحول العراق الى ولاية فارسية -والعياذ بالله- اذا كان الفرس هم الغالبية في العراق ؟
نعم ان عروبة العراق في خطر لان هناك جهلة وموتورين في امة العرب يريدون اخراج عرب العراق الشيعة من جلودهم ويمنحونهم بمجانية الى امريكا مرة والى بريطانيا اخرى والى ايران مرات عديدة،
والطريف ان العرب يعترضون على وجود عبارة في دستور العراق المقترح تقول ( وان العرب فيه جزء من الامة العربية ) لكن الذي يفهمه الناس من هذا الاعتراض هو غير المراد منه، فالمراد بالاعتراض ان يقال ( وان السنة العرب فيه هم جزء من الامة العربية ) اما الشيعة العرب وباقي المذاهب والديانات العراقية فهم غير موجودين في سمات الهوية العراقية الأزلية لدى الأشقاء العرب.
نعم ان عروبة العراق في خطر مالم يعتذر العرب عن اخطاء الماضي ويمدوا ايديهم وسرائرهم الصافية الى اشقائهم العراقيين يضمدون جراحهم ويقفون على مقابرهم ويواسون من لم تعثر على رفات اولادها منهم، ويدفنون الأرث الصدامي المرير معهم، ويتعرفوا على عروبة حقيقية اخرى غير التي الفوها، تلك العروبة الانسانية الرحيمة والأصيلة التي دفعت مليوني ضحية ولم تغير هويتها ولا ثقافتها ولم تأخذها شهوات الانتقام والقتل والثأر، وظل اللسان العربي مديناً الى كوفتها وبصرتها منشداً بنحوهما.. ياليتكم كنتم معنا لتفوزوا فوزاً عظيما.
* كاتب واكاديمي عراقي / مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري
تتصاعد هذه الأيام دعوات من أطراف عربية عدة منذرة بالويل والثبور مدعية ان عروبة العراق في خطر، وقد تصاعدت هذه الدعوات بعد اعلان مسودة الدستور العراقي الذي لم ينل تصديق الشعب بعد، ولكن السؤال يظل قائماً وحقيقياً أعني سؤال عروبة العراق ولا ازعم انني لست اسفاً مثل كثيرين من ابناء وطني على ما وصل اليه حال العلاقة العراقية العربية اليوم ولكنني ازعم واثقاً اننا نبهنا الى هذه النتيجة منذ زمن بعيد ولم يسمعنا احد أو لم يرد احد سماعنا وهذا هو الأصح.
وللتاريخ أذكر اني التقيت السيد عمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية بعيد أسابيع من سقوط الدكتاتورية في العراق ويومها سألني معالي الأمين العام بحضور نائبه عن حال العراقيين فقلت له ( ان غالبية العراقيين يعتقدون ان جامعة الدول العربية جامعة طائفية عنصرية والعربي في عرفها يجب ان يكون سنياً عربياً ) فتعوذ معاليه وشرح واقعاً غير مازعمت فاقترحت عليه ان تبدي الجامعة العربية بادرة حسن نية تجاه الغالبية العربية في العراق وأعني الغالبية الشيعية اذ ليس من المعقول ان نتطلع الى عراق عربي يهمل هوية الشيعة العرب اذ بدونهم يتساوى السنة العرب والأكراد تقريباً ولا عراق عربي يبقى حينئذ اذا اردنا الموضوعية،لقد دفعتم الشيعة دفعاً الى الخانة الايرانية واليوم تجبرونهم على الخانة الأمريكية.
فأبدى الأمين العام تفهماً كبيراً لذلك لكن لم يصدر من الجامعة مثل هذه البادرة بل على العكس من ذلك صار الطائفيون يستغلون منبر الجامعة العربية لشتم الشيعة والأكراد في العراق بل ان الأمر وصل الى يستقبل السيد عمرو موسى احد ضباط مخابرات صدام باسم الدفاع عن الشعب العراقي.
نعم ان عروبة العراق في خطر لكن ليس لأن الأكراد قد نالوا حقوقهم المشروعة وليس لأن الشيعة قد تمكنوا اخيراً من البكاء على أئمتهم ومقابرهم الجماعية بحرية، بل ان عروبة العراق في خطر لأن العرب عاملوا العراقيين بطائفية وعنصرية مريضتين وصوروهما خونة وعملاء في وسائل اعلامهم وابقوهم متهمين في وطنيتهم واشعروهم بأنهم يفضلون صدام الذي أبادهم على أية حكومة ينتخبونها، بل انهم لا يعترفون حتى بالشهداء الذين غطوا صعيد الرافدين اعدامات ومقابر جماعية ويزعمون انهم من صناعة السينما الامريكية.
نعم ان عروبة العراق في خطرلأن الجزارين القادمين من وراء الحدود العربية لم يتركوا طفلاً ذاهباً الى مدرسة ولاصبية جميلة في ثوب زفاف ولا شاباً يحمل ارغفة الخبر الحارة الى امه وقسموا العراقيين الى غالبية كافرة واقلية مسلمة ورفعوا شعار اقتل امريكيا بأجر واحد واقتل عراقياً بأجرين وتغد مع النبي في الجنة.
نعم ان عروبة العراق في خطر لأن الساسة والاعلاميين العرب يزعمون بأن الشيعة ايرانيون وان كانوا عرباً أباً عن جد وان افترقوا عن ايران وسياساتها وأحلامها واوهامها، وانهم طابور خامس في جسد الامة العربية الشريف وانهم اخطر من اسرائيل، ولا ادري اذا كان الشيعة ايرانيون وهم والأكراد والتركمان والآشوريين والشبك والصابئة ليسوا عرباً فمن اين تأتي عروبة العراق اذن، ولماذا يتخوف العرب من تحول العراق الى ولاية فارسية -والعياذ بالله- اذا كان الفرس هم الغالبية في العراق ؟
نعم ان عروبة العراق في خطر لان هناك جهلة وموتورين في امة العرب يريدون اخراج عرب العراق الشيعة من جلودهم ويمنحونهم بمجانية الى امريكا مرة والى بريطانيا اخرى والى ايران مرات عديدة،
والطريف ان العرب يعترضون على وجود عبارة في دستور العراق المقترح تقول ( وان العرب فيه جزء من الامة العربية ) لكن الذي يفهمه الناس من هذا الاعتراض هو غير المراد منه، فالمراد بالاعتراض ان يقال ( وان السنة العرب فيه هم جزء من الامة العربية ) اما الشيعة العرب وباقي المذاهب والديانات العراقية فهم غير موجودين في سمات الهوية العراقية الأزلية لدى الأشقاء العرب.
نعم ان عروبة العراق في خطر مالم يعتذر العرب عن اخطاء الماضي ويمدوا ايديهم وسرائرهم الصافية الى اشقائهم العراقيين يضمدون جراحهم ويقفون على مقابرهم ويواسون من لم تعثر على رفات اولادها منهم، ويدفنون الأرث الصدامي المرير معهم، ويتعرفوا على عروبة حقيقية اخرى غير التي الفوها، تلك العروبة الانسانية الرحيمة والأصيلة التي دفعت مليوني ضحية ولم تغير هويتها ولا ثقافتها ولم تأخذها شهوات الانتقام والقتل والثأر، وظل اللسان العربي مديناً الى كوفتها وبصرتها منشداً بنحوهما.. ياليتكم كنتم معنا لتفوزوا فوزاً عظيما.
* كاتب واكاديمي عراقي / مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري