المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضابط لحدي: "صفقة إسرائيلية مع نصر الله منعته من الانتقام من القرى الحدودية"



سياسى
08-29-2005, 12:40 AM
عودة سرية لضباط من الجنوبي الى بيروت وحزب الله يقبل وجوداً عسكرياً أميركياً في الجنوب


لندن- من حميد غريافي


اندفع موضوع عودة اللاجئين من »جيش لبنان الجنوبي« الى اسرائيل او ما يطلق عليهم »حزب الله« والاحزاب والتيارات المتحالفة معه على الساحة اللبنانية اسم »العملاء« بقوة كبيرة داخل قنوات سرية موازية لحملتي البطريرك الماروني نصر الله صفير وزعيم »التيار الوطني الحر« العمال ميشال عول العلنيتين لاستعادة هؤلاء مع عائلاتهم البالغ تعدادهم نحو ثلاثة آلاف, حين كشفت مصادر لبنانية في باريس وستوكهولم في زيارة الاسبوع الفائت النقاب عن ان عدداً من كبار ضباط هذا »الجيش« المشتت راهنا بين اسرائيل وعواصم اوروبية وغربية عدة, »قد يكونوا عادوا بالفعل الى لبنان بالاتفاق مع جهات لبنانية غير مدنية حاملين معهم لوائح مفندة عن كل ضابط او عنصر من رفاقهم تشرح سيرتهم منذ انشاء الحزام الامني في جنوب لبنان في مطلع الثمانينات, تمهيداً لدراسة كل ملف على حدة قبل طرح موضوع عودتهم رسميا من جانب الدولة للمثول امام المحققين ومحاكمة من يثبت تعامله مع العدو«.

وقال رجل اعمال لبناني يقيم في السويد منذ نهاية الثمانينات في اتصال اجراه ب¯ »السياسة« ان اربعة من كبار ضباط »الجيش الجنوبي« يقيمون كلاجئين سياسيين في ستوكهولم منذ نهاية عام 2000 اي بعد اشهر عدة من الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان ولجوء عناصر هذا الجيش الى الدولة العبرية مع عائلاتهم قبل توزيع بعضهم على دول اوروبية وغريبة غادروا الى جنيف قبيل منتصف هذا الشهر للقاء زملاء لهم هناك, بعدما ابلغ احدهم اصدقاء سويديين له انه في طريقه الى لبنان مع عدد من رفاقه في الجيش السابق, اذ حصلوا على جوازات سفر لبنانية اثر انفراج الاوضاع الداخلية هناك وانسحاب الجيش السوري منه.

ونقل رجل الاعمال اللبناني عن هؤلاء الاصدقاء السويديين قولهم ان هذا الضابط اللبناني اسر لهم انه يغادر السويد مع ثلاثة من رفاقه العسكريين الاقل رتبة من دون ان يرافقوا معهم عائلاتهم في الوقت الراهن, ومن غير المستبعد ان يعودوا مجدداً الى ستوكهولم لتصفية اعمالهم وتسليم منازلهم المؤجرة الى السلطات السويدية التي كانوا حصلوا عليها بموجب قانون اللجوء.

واعرب رجل الاعمال ل¯ »السياسة« عن اعتقاده ان يكون الضباط الاربعة هؤلاء انتقلوا من سويسرا مع اربعة آخرين من زملائهم اللاجئين اليها, الى دولة عربية خليجية, حيث كان في انتظارهم ثلاثة امنيين لبنانيين ينقلون لهم جوازات سفرهم الجديدة, باسماء تحمل غير اسمائهم الحقيقية, »بعدما رتبوا مع الحكومة الخليجية المذكورة الامور, ثم انتقلوا معا باحدى طائرات خطوط الشرق الاوسط اللبنانية الى بيروت ودخلوا من مطارها دخولا طبيعياً.

ونفت اوساط امنية مسؤولة في العاصمة اللبنانية علمها بدخول ضباط سابقين في الجيش اللبناني كانوا يعملون في قيادة »جيش لبنان الجنوب« مؤكدة ان »الاتفاق ضروري بين الاطراف اللبنانية الداخلية على موضوع عودة اللاجئين من هذا الجيش الى اسرائيل وبعض الدول الاخرى, اما ان يكون عاد بعض هؤلاء بطرق غير رسمية او شرعية فهذا امر نجهله تماما«.

وكشفت احدى القيادات السياسية اللبنانية تسعى الى ايجاد حل لعودة هؤلاء النقاب ل¯ »السياسة« في اتصال بها في بيروت الاسبوع الماضي, عن ان قائد جيش لبنان الجنوبي اللواء انطوان لحد المقيم حاليا في تل ابيب »حيث يدير مطعما هناك وبعض المصالح الخاصة الاخرى« أوكل في مطلع هذا الشهر الى محاميين لبنانيين مسألة تحريك الأحكام الصادرة بحقه بهدف اعادة فتح ملفه الذي يؤكد »انه سياسي مثل كل الملفات التي وضعتها اجهزة أمنية لبنانية سابقة لعدد من زعماء لبنان وعلى رأسهم العماد ميشال عون الدكتور سمير جعجع والرئيس امين الجميل وسواهم«.

وقال السياسي اللبناني ان لحد »مصمم على العودة« الى لبنان ومواجهة القضاء وهو يقول انه يمتلك وثائق ومستندات من قيادة الجيش اللبناني السابقة في عهد قائدها العماد حنا سعيد في اواخر السبعينات, تؤكد انه تصرف بطلب وتكليف من هذه القيادة في الجزء الجنوبي من لبنان وان كل ما سيق ضده مجرد اضاليل مغرضة من جهات سابقة وراهنة معروفة بولائها لغير الوطن.

وفي واشنطن ذكر ديبلوماسي خليجي ل¯ »السياسة« ان الولايات المتحدة رفضت اقتراحات حلول« تقدم بها بعض قادة السلطة الجديدة في لبنان مقربين من حزب الله بشأن »قضية سلاح الحزب, لانها- حسب المسؤولين الاميركيين- »تنحرف عن الزامية بنود القرار الدولي 1559 الواضحة والصريحة لحزب الله بنزع سلاحه, وتحاول التلاعب والتحايل عليها, وهذا أمر مرفوض«.

وقال الديبلوماسي الخليجي »ان مسؤولين في الحكومة اللبنانية وقادة سياسيين يسيطرون على مفاصلها دأبوا منذ مطلع الاسبوع الماضي على ايصال رسائل الى الادارة الاميركية بواسطة طرف ثالث, يعربون فيها عن تقيدهم بالقرار الدولي إلا انهم يقترحون ترك هذه المسألة الشائكة الى الفاعليات اللبنانية المتمثلة بالحكومة الجديدة للوصول بها الى حل مرض لا يبلغ سقف تجريد حزب الله والفلسطينيين من سلاحهم, وانما يبعد خطرهم عن الحدود اللبنانية مع اسرائيل.

ونقل الديبلوماسي عن مسؤول اميركي في وزارة الخارجية بواشنطن قوله ان »الوسطاء« اللبنانيين اكدوا ان حزب الله مستعد في نهاية المطاف للسماح للجيش اللبناني بانتشار اوسع في الجنوب كحد اقصى بالنسبة لملف الحزب المفتوح دولياً, لانه - حسب هؤلاء الوسطاء - يعتبر سلاحه جزءاً لا يتجزأ من وجوده وان نزع هذا السلاح هو الغاء لذلك الوجود.

إلا ان ردنا القاطع كان الرفض, والإصرار على وجوب التطبيق الدقيق والكامل لقرار مجلس الأمن دون زيادة او نقصان.

وذكر المسؤول الاميركي ان من اكثر الاقتراحات غرابة التي قدمها لنا الوسطاء اللبنانيون كان موافقة الحكومة اللبنانية على وجود امني أو عسكري اميركي في بعض مناطق الجنوب عبر الانخراط في قوات الطوارئ الدولية او بالتنسيق معها اذا كان هذا الوجود يطمئن الولايات المتحدة واسرائيل مقابل احتفاظ حزب الله بسلاحه بعد ان يسلم جزءاً منه الى الجيش اللبناني.

وقال المسؤول ان هذا الاقتراح الغريب اكد لنا بما لا يقبل اي شك ان اصرار حزب الله المستميت على الاحتفاظ بسلاحه ليس عائداً الى مزارع شبعا المحتلة أو اي صراع لبناني مع اسرائيل, وانما بات هذا السلاح جزءاً من الصراع الإيراني - الاميركي - الاسرائيلي في المنطقة, بمعنى أنه لم يعد سلاحاً لبنانياً لحماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية كما يزعمون لذلك حثثنا كوفي عنان على الاسراع في ارسال مبعوثه تيري رود لارسن الى بيروت الاحد المقبل في الرابع من سبتمبر للاطلاع من حكومة السنيورة على ما قطعته من مسافة نحو المفاوضات الداخلية مع حزب الله لتسليم سلاحه«.

واعرب الديبلوماسي الخليجي في واشنطن عن اعتقاده ان »تقلص مثل هذه العروض الحكومية اللبنانية حجم التأييد الأميركي للحكومة اللبنانية الجديدة اذ باتت إدارة بوش تشعر بعدم جديتهم في التعاطي مع قرار مجلس الأمن, وبأنهم يحاولون التهرب من مسؤوليتهم الدولية, وهذا امر سيء قد يؤدي الى سحب المجتمع الدولي ثقته بهم ويتراجع عن »فترة السماح« التي وافقت عليها وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس خلال زيارتها بيروت اخيراً للتوصل الى نزع سلاح حزب الله عبر مفاوضات داخلية, ويستأنف فوراً ضغوطه لتطبيق كامل قراره«.

وفيما نقل الديبلوماسي عن مسؤولين في الامم المتحدة بنيويورك قولهم في نهاية الاسبوع ان المنظمة الدولية »قد تتدخل في الوقت المناسب لحل اشكال عودة اللاجئين الى لبنان من اسرائيل وبعض المغتربات الاوروبية, وذكر ضابط في »جيش لبنان الجنوبي« يقيم في باريس ان حملة القادة الروحيين والسياسيين اللبنانيين »لعودتنا الى بلدنا« اعادت رص صفوف جيشنا الباقية خارج لبنان.

وبعدما كانوا تشرذموا وتفرقوا بفعل الانسحاب الاسرائيلي المفاجئ من لبنان في مايو عام 2000 بحيث تشكلت قيادة جديدة لهم تضم نحو 50 ضابطا معظمهم مازال يقيم في اسرائيل وبعضهم لاجئ الى فرنسا او سويسرا او بعض العواصم السكندنافية واميركا واستراليا وكندا من أجل متابعة قضية عودتهم مع المحافل الدولية, خصوصا مع دوائر الامم المتحدة المعنية بأمور اللاجئين في العالم.

وقال الضابط في اتصال ب¯»السياسة« في لندن »اننا اليوم اقرب الى العودة الى وطننا من اي وقت مضى, ونحن على استعداد جميعاً لأن نضع انفسنا بتصرف القضاء اللبناني الجديد الذي نعتبره المرجع الاساسي وربما الأوحد للبت بقضيتنا دون ان نتوسل أي عفو عنا لاننا لم نفعل سوى ما طلبت منا قيادة الجيش في اليرزه طوال نيف وثلاثين عاما من دفاعنا عن الشريط الحدودي من هجمات فلسطينية ومن حزب الله على بلداننا وقرانا بهدف احتلالها وتدميرها على رؤوس اصحابها.

وأماط الضابط الذي قال انه احد اركان القيادة الجديدة اللثام عن ان »سلوك حزب الله مع سكان القرى المسيحية والشيعية على الحدود مع اسرائيل التي انضم معظم شبابها الى »جيش لبنان الغربي« بعد انسحاب اسرائيل لم يكن مرده الى »كرم اخلاق قادة وعناصر هذا الحزب في عدم حدوث انتقامات من آلاف العائدين خلال السنوات الاربع الماضية, أو من سكان تلك المناطق الذين لم يغادروها, بل الى اتفاق تم بين قيادة حزب الله والقيادة العسكرية الشمالية الاسرائيلية قبل أشهر من الانسحاب العبري شارك في انجازه ضباط من جيش لبنان الجنوبي قضى بامتناع جماعات الحزب عن القيام بأي انتقام من عائلات هذا الجيش, او بمهاجمة القوات الاسرائيلية واللبنانية خلال عملية الانسحاب وهذا ما تم فعلاً.
وقال ضابط »الجيش الجنوبي« ان اكثر من عشرة لقاءات تمت بين »عدد من رفاقنا وقيادات عسكرية وسياسية في حزب الله ومن الاستخبارات العسكرية, انتهت الى هذا الاتفاق.

وذكر ان اللواء انطوان لحد قائد »الجيش الجنوبي« لم يشارك في اي من هذه اللقاءات الا انه كان المنسق الأكبر لها عبر قنوات له مع جماعات حزب الله وحركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي .. واضاف الضابط الى قوله ان »مقولة ان لحد فوجئ في باريس بالانسحاب الاسرائيلي في 3 مايو 2000 من جنوب لبنان كان فقط للتمويه, اذ كان على اطلاع حميم على الخطى المتواصلة لهذا الانسحاب لكن ربما لم يكن مطلعاً بدقة على موعده المحدد لان الاسرائيليين كانوا فقدوا ثقتهم به.