المهدى
08-28-2005, 06:04 PM
شجعه والده على الضحك وصرخت والدته لتجبره على النزول عندما رأته على خشبة المسرح..
http://www.asharqalawsat.com/2005/08/26/images/tvsupplement.319625.jpg
القاهرة: دينا وادي
يتفق ويختلف الناس عادة حول إنسان أو مبدع أو سياسي أو غيره، ولكنهم أجمعوا على موهبة وإبداع الفنان العبقري فؤاد المهندس ملك «الفودفيل» الذي يستطيع أن ينتزع الضحكة من القلوب صافية صادقة.
وفؤاد أو زكي المهندس، المعروف بـ«فؤاد المهندس» ولد ونشأ في حي العباسية أشهر أحياء مدينة القاهرة في 6 سبتمبر عام 1924 ويعتبر التلميذ النجيب في «مدرسة نجيب الريحاني»، والذي أكمل تأسيس مدرسة الكوميديا المجانية من بعده، ليلتحق بها كل من يريد أن يتعلم كوميديا «الفودفيل»، أو بمعنى أبسط فن الكوميديا الخفيفة وهي من أصعب أنواع الكوميديا، وتتشابه مع الكوميديا التي يختلقها الإنسان العادي والبسيط لنفسه ويضحك من حوله.
نشأ فؤاد المهندس في أسرة مكونة من الوالد الذي كان يعلم اللغة العربية في كلية دار العلوم، حتى وصل لمنصب عميد كلية دار العلوم، ووالدته ربة منزل وأم محافظة يخاف أطفالها عقابها عند الخطأ، وهو الطفل الثالث في الترتيب بعد أختين شقيقتين هما صفية ودرية ثم شقيقه الرابع سامي المهندس.
يعتبر والده الرافد الأول الذي ساعد في تشكيل شخصية «المهندس»، وهو صاحب الفضل الأول في تنمية موهبته الفنية خاصة أنه ورث عن والده خفة الدم وحضور البديهة، وبدأت مواهبه في التمثيل تظهر تحديدا في مدرسة العباسية الابتدائية ثم مدرسة فاروق الأول الثانوية، واشتهر خلال هاتين المرحلتين بتقليد شخصيات المدرسين في الحفلات السنوية.
وتأثر فؤاد المهندس بثلاث شخصيات كونت شخصيته الكوميدية، أولها الكوميدي الهولندي «جروشو ماركس» الذي كان يقلده في حركاته و«تلعيب» حاجبيه، و«شارلي شابلن» الذي كان يقلده في ارتداء القبعة العريضة والبنطلون الممزق والحذاء الضخم، ويحمل العصا الشهيرة التي كانت لا تفارقه، وآخرهم والأكثر تأثيرا هو الأستاذ نجيب الريحاني الذي اقترب منه وتعرف إليه ليتعلم منه وذلك خلال المرحلة الجامعية.
أما الوالدة فكانت تنظر للطفل «فؤاد» على أنه صبي شقي وغريب، وكانت تنهال عليه ضربا حتى يقلع عن الحركات التي كان يقوم بها، وتصادف ذات مرة أن حضرت والدته وأخوته صفية ودرية وسامي حفلة مدرسية كان «فؤاد» مشاركا بها ولم يكن يعلم بحضور والدته في هذا الحفل، وعندما صعد على خشبة المسرح ليؤدي دوره، فوجئ بصراخ والدته من القاعة قائلة (انزل يا ولد) فترك المسرح ونزل. وبالرغم من معارضة والدته الشديدة في أن يتخذ الفن طريقا له إلا أن والده المعلم اللغوي والمربي الفاضل الذي سكن في عقله الباطن بمشيته وطريقة كلامه بالعربية الفصحى وخفة دمه، كان يشجع موهبة الطفل فؤاد ويراقبه في تقليد الشخصيات والتمثيل، وكان يحاول توجيهه في الطريق الصحيح، وكان الأب يردد دائما «هذا العفريت بكرة يبقى له شأن» لذا كان دائم الاعتناء به، وساعده على القراءة منذ الصغر بما يتلاءم مع مراحله العمرية المختلفة وكان «فؤاد» يستمتع عندما يلقي على والده المحفوظات المدرسية، ويصحح له والده لغته العربية من خلالها ويعلمه الإلقاء الصحيح وبدأ «فؤاد المهندس» يتفهم أن طريق الفن ليس سهلا، ويحتاج لمجهود كبير حتى يعيش لتتذكره أجيال وأجيال من بعده.
بدأت علاقة «فؤاد المهندس» بالإذاعة من خلال مشاركته في برامج الأطفال، بمساعدة زوج شقيقته صفية المهندس، محمد محمود شعبان الشهير بـ«بابا شارو» وأشهر أغنياته في هذه البرامج بعنوان «عيد ميلاد أبو الفصاد»، حتى أنه قام فيما بعد بإعداد برامج إذاعية اشترك في تمثيلها، من بينها برامج حكايات «طرازان» و«كينج كونج» و«كنوز الملك سليمان».
الخطوة الأهم في طريق «فؤاد المهندس» بدأت عندما انضم إلى فريق التمثيل لدى التحاقه بكلية التجارة، وجاءت مشاهدته للريحاني في مسرحية (الدنيا على كف عفريت) لتنقلب حياته رأسا على عقب وكان سبب رسوبه في كلية التجارة على مدى عامين، قبل أن يتخرج، واقترب المهندس التلميذ من الريحاني الأستاذ وبدأ في حضور بروفات مسرحياته، ليتعلم كيف يقف على خشبة المسرح واستمرت العلاقة بينهما حتى رحل الريحاني، وبكاه المهندس بشدة وفي هذه الفترة تكونت فرقة «ساعة لقلبك» عام 1953 من مجموعة اصبحوا نجوم الكوميديا في مصر منذ تلك الفترة، وكان فؤاد واحدا من هؤلاء وقام بأداء شخصية «محمود» الزوج الطيب للزوجة المناكفة، وأصبحت هذه الشخصية حديث كل من يشاهدها لكن ظل حلم الأدوار الدرامية الكبيرة وشخصيات الريحاني، يراود فؤاد المهندس الذي اشتهر في برامج الأطفال في الإذاعة وبدأ التلفزيون المصري إرساله في بداية الستينات وكانت فرصته للظهور في برنامج «وراء الستار» مع الفنانة الراحلة سناء جميل.
لكن شهرته الحقيقية بدأت عندما تحمس له الراحل «سيد بدير» الذي كان يستعد للعب البطولة في مسرحية «السكرتير الفني»، أمام فنانة شابة وجميلة دخلت حديثا لعالم الفن اسمها «شويكار كوب صقال»، على أن يؤدي المهندس أحد الأدوار في هذه المسرحية، لكن لظروف طارئة اضطر «بدير» للسفر إلى تشيكوسلوفاكيا، وأسند بطولة المسرحية لفؤاد المهندس وكانت شخصية «ياقوت أفندي» هي أحد أحلامه فهي تشبه أدوار أستاذه الراحل الريحاني، وبدأ فؤاد المهندس طريق النجاح والشهرة ليقدم بعدها مجموعة من أهم مسرحياته منها «أنا وهو وهي» عام 1963 و«أنا فين وإنت فين» عام 1968 «سيدتي الجميلة» و«حواء الساعة 12» و«إنها حقا عائلة محترمة» و«سك على بناتك» و«علشان خاطر عيونك».
وفي مرحلة الستينات التي تعتبر مرحلة الانتشار والشهرة في حياة المهندس، وجد العاملين في الحقل السينمائي غايتهم والدجاجة التي تبيض ذهبا، وبالرغم من ذلك لم يتخل فؤاد المهندس عن شعاره الضحك من أجل الضحك حتى في السينما، وقدم عددا من الأفلام التي نجحت جماهيريا، وما زلنا نشاهدها حتى الآن منها «هارب من الزواج» و«أنا وهو وهي» المسرحية التي نجحت وحولوها لفيلم سينمائي و«جناب السفير» و«اعترافات زوج» و«غرام في أغسطس» و«أخطر رجل في العالم» و«مطاردة غرامية» و«شنبو في المصيدة» و«العتبة جزاز» و«إنت اللي قتلت بابايا»، وأهم أفلام فؤاد المهندس «أرض النفاق» الذي قدمه مع المخرج فطين عبد الوهاب عام 1968 بعد النكسة السياسية التي أصابت مصر والأمة العربية وقتها، وكان يبحث من خلال هذا الفيلم الأسباب الحقيقية وراء النكسة في قالب كوميدي، يتفهمه المواطن البسيط كذلك فيلم «كان وكان وكان» الذي قدمه عام 1977، بعد أن وصل لقمة النضج الفني مع المخرج عباس كامل.
والذي يرصد حياة الكوميديان فؤاد المهندس يرى أنه فنان مسرحي بالدرجة الأولى، ارتبط بالمسرح ويعيش أحلى لحظات حياته على خشبة المسرح ولكن جاءت السينما التي استغلت شهرة، وقبول فؤاد المهندس دون أن يحاول هو استغلالها لإظهار قدراته التي تظهر بمنتهى السهولة واليسر على خشبة المسرح، وكانت بدايات المهندس السينمائية مرتبطة بعلاقته القوية بـ آلـ ذو الفقار الذي كانوا جيرانه في حي العباسية، لذلك أشركاه الشقيقان محمود وعز في افلامهما المختلفة في فترة الخمسينات وبداية الستينات، لإضفاء لمسة كوميدية على هذه الأعمال ومنها «بنت الجيران» الذي كان أول أفلام المهندس ويناقش قضايا اجتماعية ما زالت موجودة في مجتمعنا للآن و«الأرض الطيبة» و«عيون سهرانه» و«الشموع السوداء» و«نهر الحب» و«موعد في البرج» و«بين الأطلال»، مما اثر في تواجد المهندس على الساحة الفنية فيما بعد، فلقد كان بمثابة نسمة الهواء الخفيفة في ظل حرارة شديدة في أفلام مثل «الشموع السوداء» و«نهر الحب» و«بين الأطلال» وهي أفلام درامية رومانسية من الدرجة الأولى، ووجوده في هذه الأفلام أحدث توازنا فنيا وإنسانيا في العمل الدرامي. أما تجربته السينمائية الأولى «بنت الجيران» أمام الفنانة زهرة العلا فكانت لشخصية مقاول ثري ومتزوج، لكنه يعشق النساء ويدخل في مغامرات تحدث له ولأسرته مشاكل وكل هذا يدور في إطار كوميدي، أتاح له الرقص والغناء ومساحة الدور أتاحت له إظهار قدراته التمثيلية التلقائية وتكرر هذا النموذج فيما بعد من خلال أدوار كثيرة قام بأدائها في أفلام «مطاردة غرامية» و«شنبو في المصيدة» و«جناب السفير» مما جعل فيلم «بنت الجيران» تمهيدا لظهور لون مختلف لفتى الشاشة الأول، في تلك المرحلة التي اعتمدت على وسامة رشدي أباظة وأحمد رمزي وعمر الشريف.
قال عنه الكاتب الكبير توفيق الحكيم عندما طلبوا منه تقديم روايته «أنا وهو وهي» على المسرح على أن يكون فؤاد المهندس هو البطل (اتركوا فؤاد يقدم المسرحية كما يريد لأنه فنان عظيم ولديه طاقة رهيبة للمسرح وأنا متأكد أنه سينفذها بشكل جميل وفي رأيي أن الفن لا بد أن يرتقي بالجمهور والأخلاق).
وكانت مسرحية «أنا وهو وهي» هي التي شهدت طلبه الزواج من الفنانة شويكار في احدى مشاهد المسرحية، عندما كانا مستلقيين على خشبة المسرح وقال فؤاد المهندس عن هذه اللحظة ( شعرت أنني أريد أن أقول لها تتجوزيني وساعتها ردت شويكار علي وقالت يابايخ. أخيرا قلتها) وكان هذا الحوار أمام أعين الجمهور الذي لم يدركه وقتها.
وتعتبر الفنانة شويكار هي الزيجة الثانية لفؤاد المهندس، بعد أن دق الحب قلبه عندما التقيا في مسرحية «السكرتير الفني» على مسرح دار الأوبرا وانفصلا عن بعض في فيلم «فيفا زلاطا» ولكنهما ظلا أصدقاء، حتى يومنا هذا وقال المهندس (لا أتصور أن أقول آه.. ولا أجد شويكار بجواري) أما الحب الأول أو الزواج الأول في حياة المهندس فبدأ عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية، وكانت فتاة أحلامه تشبه كوكب الشرق أم كلثوم، وذلك من فرط حبه لسيدة الغناء العربي وهي بنت الجيران، التي كانت أيضا في المرحلة الثانوية وبالفعل أصبحت زوجته فيما بعد وهي السيدة عفت سرور نجيب وأثمر هذا الزواج ولديهما الوحيدين المهندس أحمد والمحاسب محمد.
والذي يعرف «فؤاد المهندس» هذا الكوميديان عن قرب، يعرف أن دمعته قريبة منه وأنه يبكي في بعض الأحيان خاصة إذا رأى طفلا مريضا أو يتيما أو سيدة حامل تتألم حسبما قال، وكيف لا يحدث هذا وهو أكثر الكوميديانات الذين اقتربوا من الأطفال، ولا يوجد طفل لا يعرف «عمو فؤاد» أيضا لا يوجد رجل أو امرأة لا يعرف برنامج «كلمتين وبس» الذي يقوله في الإذاعة يوميا في ميعاد محدد قبل الثامنة صباحا بخمس دقائق وينتهي منهما في الثامنة بالضبط، فكما قال عنه الكاتب أحمد بهجت (إن فؤاد المهندس يخاجل الكبار ويتوجه إلى ضمائرهم في برنامجه الإذاعي الاجتماعي الناقد «كلمتين وبس» وهو يخاطب الأطفال ويتوجه إلى قلوبهم في فوازير «عمو فؤاد» وكان يخاطب الأسرة من قبل في «عائلة مرزوق أفندي»).
حاولت الدولة مؤخرا أن تعطيه جزء امن حقه بأن أعطته جائزة الدولة التقديرية بعد أن أعطاه الجمهور حقه في التصفيق له الذي ما زال مستمرا فور أن تلتقط أذن أي مشاهد أو مستمع اسم «فؤاد المهندس» أو مهندس الضحك.
http://www.asharqalawsat.com/2005/08/26/images/tvsupplement.319625.jpg
القاهرة: دينا وادي
يتفق ويختلف الناس عادة حول إنسان أو مبدع أو سياسي أو غيره، ولكنهم أجمعوا على موهبة وإبداع الفنان العبقري فؤاد المهندس ملك «الفودفيل» الذي يستطيع أن ينتزع الضحكة من القلوب صافية صادقة.
وفؤاد أو زكي المهندس، المعروف بـ«فؤاد المهندس» ولد ونشأ في حي العباسية أشهر أحياء مدينة القاهرة في 6 سبتمبر عام 1924 ويعتبر التلميذ النجيب في «مدرسة نجيب الريحاني»، والذي أكمل تأسيس مدرسة الكوميديا المجانية من بعده، ليلتحق بها كل من يريد أن يتعلم كوميديا «الفودفيل»، أو بمعنى أبسط فن الكوميديا الخفيفة وهي من أصعب أنواع الكوميديا، وتتشابه مع الكوميديا التي يختلقها الإنسان العادي والبسيط لنفسه ويضحك من حوله.
نشأ فؤاد المهندس في أسرة مكونة من الوالد الذي كان يعلم اللغة العربية في كلية دار العلوم، حتى وصل لمنصب عميد كلية دار العلوم، ووالدته ربة منزل وأم محافظة يخاف أطفالها عقابها عند الخطأ، وهو الطفل الثالث في الترتيب بعد أختين شقيقتين هما صفية ودرية ثم شقيقه الرابع سامي المهندس.
يعتبر والده الرافد الأول الذي ساعد في تشكيل شخصية «المهندس»، وهو صاحب الفضل الأول في تنمية موهبته الفنية خاصة أنه ورث عن والده خفة الدم وحضور البديهة، وبدأت مواهبه في التمثيل تظهر تحديدا في مدرسة العباسية الابتدائية ثم مدرسة فاروق الأول الثانوية، واشتهر خلال هاتين المرحلتين بتقليد شخصيات المدرسين في الحفلات السنوية.
وتأثر فؤاد المهندس بثلاث شخصيات كونت شخصيته الكوميدية، أولها الكوميدي الهولندي «جروشو ماركس» الذي كان يقلده في حركاته و«تلعيب» حاجبيه، و«شارلي شابلن» الذي كان يقلده في ارتداء القبعة العريضة والبنطلون الممزق والحذاء الضخم، ويحمل العصا الشهيرة التي كانت لا تفارقه، وآخرهم والأكثر تأثيرا هو الأستاذ نجيب الريحاني الذي اقترب منه وتعرف إليه ليتعلم منه وذلك خلال المرحلة الجامعية.
أما الوالدة فكانت تنظر للطفل «فؤاد» على أنه صبي شقي وغريب، وكانت تنهال عليه ضربا حتى يقلع عن الحركات التي كان يقوم بها، وتصادف ذات مرة أن حضرت والدته وأخوته صفية ودرية وسامي حفلة مدرسية كان «فؤاد» مشاركا بها ولم يكن يعلم بحضور والدته في هذا الحفل، وعندما صعد على خشبة المسرح ليؤدي دوره، فوجئ بصراخ والدته من القاعة قائلة (انزل يا ولد) فترك المسرح ونزل. وبالرغم من معارضة والدته الشديدة في أن يتخذ الفن طريقا له إلا أن والده المعلم اللغوي والمربي الفاضل الذي سكن في عقله الباطن بمشيته وطريقة كلامه بالعربية الفصحى وخفة دمه، كان يشجع موهبة الطفل فؤاد ويراقبه في تقليد الشخصيات والتمثيل، وكان يحاول توجيهه في الطريق الصحيح، وكان الأب يردد دائما «هذا العفريت بكرة يبقى له شأن» لذا كان دائم الاعتناء به، وساعده على القراءة منذ الصغر بما يتلاءم مع مراحله العمرية المختلفة وكان «فؤاد» يستمتع عندما يلقي على والده المحفوظات المدرسية، ويصحح له والده لغته العربية من خلالها ويعلمه الإلقاء الصحيح وبدأ «فؤاد المهندس» يتفهم أن طريق الفن ليس سهلا، ويحتاج لمجهود كبير حتى يعيش لتتذكره أجيال وأجيال من بعده.
بدأت علاقة «فؤاد المهندس» بالإذاعة من خلال مشاركته في برامج الأطفال، بمساعدة زوج شقيقته صفية المهندس، محمد محمود شعبان الشهير بـ«بابا شارو» وأشهر أغنياته في هذه البرامج بعنوان «عيد ميلاد أبو الفصاد»، حتى أنه قام فيما بعد بإعداد برامج إذاعية اشترك في تمثيلها، من بينها برامج حكايات «طرازان» و«كينج كونج» و«كنوز الملك سليمان».
الخطوة الأهم في طريق «فؤاد المهندس» بدأت عندما انضم إلى فريق التمثيل لدى التحاقه بكلية التجارة، وجاءت مشاهدته للريحاني في مسرحية (الدنيا على كف عفريت) لتنقلب حياته رأسا على عقب وكان سبب رسوبه في كلية التجارة على مدى عامين، قبل أن يتخرج، واقترب المهندس التلميذ من الريحاني الأستاذ وبدأ في حضور بروفات مسرحياته، ليتعلم كيف يقف على خشبة المسرح واستمرت العلاقة بينهما حتى رحل الريحاني، وبكاه المهندس بشدة وفي هذه الفترة تكونت فرقة «ساعة لقلبك» عام 1953 من مجموعة اصبحوا نجوم الكوميديا في مصر منذ تلك الفترة، وكان فؤاد واحدا من هؤلاء وقام بأداء شخصية «محمود» الزوج الطيب للزوجة المناكفة، وأصبحت هذه الشخصية حديث كل من يشاهدها لكن ظل حلم الأدوار الدرامية الكبيرة وشخصيات الريحاني، يراود فؤاد المهندس الذي اشتهر في برامج الأطفال في الإذاعة وبدأ التلفزيون المصري إرساله في بداية الستينات وكانت فرصته للظهور في برنامج «وراء الستار» مع الفنانة الراحلة سناء جميل.
لكن شهرته الحقيقية بدأت عندما تحمس له الراحل «سيد بدير» الذي كان يستعد للعب البطولة في مسرحية «السكرتير الفني»، أمام فنانة شابة وجميلة دخلت حديثا لعالم الفن اسمها «شويكار كوب صقال»، على أن يؤدي المهندس أحد الأدوار في هذه المسرحية، لكن لظروف طارئة اضطر «بدير» للسفر إلى تشيكوسلوفاكيا، وأسند بطولة المسرحية لفؤاد المهندس وكانت شخصية «ياقوت أفندي» هي أحد أحلامه فهي تشبه أدوار أستاذه الراحل الريحاني، وبدأ فؤاد المهندس طريق النجاح والشهرة ليقدم بعدها مجموعة من أهم مسرحياته منها «أنا وهو وهي» عام 1963 و«أنا فين وإنت فين» عام 1968 «سيدتي الجميلة» و«حواء الساعة 12» و«إنها حقا عائلة محترمة» و«سك على بناتك» و«علشان خاطر عيونك».
وفي مرحلة الستينات التي تعتبر مرحلة الانتشار والشهرة في حياة المهندس، وجد العاملين في الحقل السينمائي غايتهم والدجاجة التي تبيض ذهبا، وبالرغم من ذلك لم يتخل فؤاد المهندس عن شعاره الضحك من أجل الضحك حتى في السينما، وقدم عددا من الأفلام التي نجحت جماهيريا، وما زلنا نشاهدها حتى الآن منها «هارب من الزواج» و«أنا وهو وهي» المسرحية التي نجحت وحولوها لفيلم سينمائي و«جناب السفير» و«اعترافات زوج» و«غرام في أغسطس» و«أخطر رجل في العالم» و«مطاردة غرامية» و«شنبو في المصيدة» و«العتبة جزاز» و«إنت اللي قتلت بابايا»، وأهم أفلام فؤاد المهندس «أرض النفاق» الذي قدمه مع المخرج فطين عبد الوهاب عام 1968 بعد النكسة السياسية التي أصابت مصر والأمة العربية وقتها، وكان يبحث من خلال هذا الفيلم الأسباب الحقيقية وراء النكسة في قالب كوميدي، يتفهمه المواطن البسيط كذلك فيلم «كان وكان وكان» الذي قدمه عام 1977، بعد أن وصل لقمة النضج الفني مع المخرج عباس كامل.
والذي يرصد حياة الكوميديان فؤاد المهندس يرى أنه فنان مسرحي بالدرجة الأولى، ارتبط بالمسرح ويعيش أحلى لحظات حياته على خشبة المسرح ولكن جاءت السينما التي استغلت شهرة، وقبول فؤاد المهندس دون أن يحاول هو استغلالها لإظهار قدراته التي تظهر بمنتهى السهولة واليسر على خشبة المسرح، وكانت بدايات المهندس السينمائية مرتبطة بعلاقته القوية بـ آلـ ذو الفقار الذي كانوا جيرانه في حي العباسية، لذلك أشركاه الشقيقان محمود وعز في افلامهما المختلفة في فترة الخمسينات وبداية الستينات، لإضفاء لمسة كوميدية على هذه الأعمال ومنها «بنت الجيران» الذي كان أول أفلام المهندس ويناقش قضايا اجتماعية ما زالت موجودة في مجتمعنا للآن و«الأرض الطيبة» و«عيون سهرانه» و«الشموع السوداء» و«نهر الحب» و«موعد في البرج» و«بين الأطلال»، مما اثر في تواجد المهندس على الساحة الفنية فيما بعد، فلقد كان بمثابة نسمة الهواء الخفيفة في ظل حرارة شديدة في أفلام مثل «الشموع السوداء» و«نهر الحب» و«بين الأطلال» وهي أفلام درامية رومانسية من الدرجة الأولى، ووجوده في هذه الأفلام أحدث توازنا فنيا وإنسانيا في العمل الدرامي. أما تجربته السينمائية الأولى «بنت الجيران» أمام الفنانة زهرة العلا فكانت لشخصية مقاول ثري ومتزوج، لكنه يعشق النساء ويدخل في مغامرات تحدث له ولأسرته مشاكل وكل هذا يدور في إطار كوميدي، أتاح له الرقص والغناء ومساحة الدور أتاحت له إظهار قدراته التمثيلية التلقائية وتكرر هذا النموذج فيما بعد من خلال أدوار كثيرة قام بأدائها في أفلام «مطاردة غرامية» و«شنبو في المصيدة» و«جناب السفير» مما جعل فيلم «بنت الجيران» تمهيدا لظهور لون مختلف لفتى الشاشة الأول، في تلك المرحلة التي اعتمدت على وسامة رشدي أباظة وأحمد رمزي وعمر الشريف.
قال عنه الكاتب الكبير توفيق الحكيم عندما طلبوا منه تقديم روايته «أنا وهو وهي» على المسرح على أن يكون فؤاد المهندس هو البطل (اتركوا فؤاد يقدم المسرحية كما يريد لأنه فنان عظيم ولديه طاقة رهيبة للمسرح وأنا متأكد أنه سينفذها بشكل جميل وفي رأيي أن الفن لا بد أن يرتقي بالجمهور والأخلاق).
وكانت مسرحية «أنا وهو وهي» هي التي شهدت طلبه الزواج من الفنانة شويكار في احدى مشاهد المسرحية، عندما كانا مستلقيين على خشبة المسرح وقال فؤاد المهندس عن هذه اللحظة ( شعرت أنني أريد أن أقول لها تتجوزيني وساعتها ردت شويكار علي وقالت يابايخ. أخيرا قلتها) وكان هذا الحوار أمام أعين الجمهور الذي لم يدركه وقتها.
وتعتبر الفنانة شويكار هي الزيجة الثانية لفؤاد المهندس، بعد أن دق الحب قلبه عندما التقيا في مسرحية «السكرتير الفني» على مسرح دار الأوبرا وانفصلا عن بعض في فيلم «فيفا زلاطا» ولكنهما ظلا أصدقاء، حتى يومنا هذا وقال المهندس (لا أتصور أن أقول آه.. ولا أجد شويكار بجواري) أما الحب الأول أو الزواج الأول في حياة المهندس فبدأ عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية، وكانت فتاة أحلامه تشبه كوكب الشرق أم كلثوم، وذلك من فرط حبه لسيدة الغناء العربي وهي بنت الجيران، التي كانت أيضا في المرحلة الثانوية وبالفعل أصبحت زوجته فيما بعد وهي السيدة عفت سرور نجيب وأثمر هذا الزواج ولديهما الوحيدين المهندس أحمد والمحاسب محمد.
والذي يعرف «فؤاد المهندس» هذا الكوميديان عن قرب، يعرف أن دمعته قريبة منه وأنه يبكي في بعض الأحيان خاصة إذا رأى طفلا مريضا أو يتيما أو سيدة حامل تتألم حسبما قال، وكيف لا يحدث هذا وهو أكثر الكوميديانات الذين اقتربوا من الأطفال، ولا يوجد طفل لا يعرف «عمو فؤاد» أيضا لا يوجد رجل أو امرأة لا يعرف برنامج «كلمتين وبس» الذي يقوله في الإذاعة يوميا في ميعاد محدد قبل الثامنة صباحا بخمس دقائق وينتهي منهما في الثامنة بالضبط، فكما قال عنه الكاتب أحمد بهجت (إن فؤاد المهندس يخاجل الكبار ويتوجه إلى ضمائرهم في برنامجه الإذاعي الاجتماعي الناقد «كلمتين وبس» وهو يخاطب الأطفال ويتوجه إلى قلوبهم في فوازير «عمو فؤاد» وكان يخاطب الأسرة من قبل في «عائلة مرزوق أفندي»).
حاولت الدولة مؤخرا أن تعطيه جزء امن حقه بأن أعطته جائزة الدولة التقديرية بعد أن أعطاه الجمهور حقه في التصفيق له الذي ما زال مستمرا فور أن تلتقط أذن أي مشاهد أو مستمع اسم «فؤاد المهندس» أو مهندس الضحك.