المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقع إلكترونية تكشف «مقالب» العقار



المهدى
08-28-2005, 05:58 PM
التحذيرات تشمل معدلات السرقة ونسب الجرائم ونوعية الجيران


الاستثمار في شراء العقار يقوم في العادة على قواعد اقتصادية معروفة ومدروسة، تشمل تقييم العقار وتدبير التمويل بعد الفحص الهيكلي والقانوني، ثم تبادل وثائق الملكية، لكن بعض خبراء السوق اكتشفوا ان هناك انواعا من المخاطر غير المنظورة التي لا يعرف بها المشتري الا بعد إتمام الصفقة، مما قد يتسبب له في خسائر جسيمة من الصعب تقديرها أومحاسبة المتسببين فيها.
سبب هذه المخاطر ان تعاملات المشتري تكون في العادة مع اطراف لها مصلحة في بيع العقار، وبالتالي في تسويقه في افضل صورة ممكنة وتغطية العيوب التي من شأنها تعطيل بيع العقار او تخفيض قيمته. وقد يصل الامر الى المبالغة في قيمة العقار بعدم الافصاح عن معلومات من شأنها التأثير على القيمة، فحتى سمسار العقار يهمه رفع السعر لان عمولته نسبة مئوية من ثمن البيع.

المستثمر غير الخبير قد يعتقد احيانا انه قد قام بكل ما يتوجب عليه عمله من اجل التأكد من صلاحية العقار للاستثمار، وتقدير قيمته والكشف الهيكلي على سلامته، بما لا يدع هناك اي مجال لمخاطر غير محسوبة. لكن الواقع، او بالاحرى الموقع، يؤكد غير ذلك، فهناك عوامل تتعلق بـ «البيئة» التي يقع فيها العقار وتؤثر كثيرا في قيمته من غير ان تكون ظاهرة للمشتري مهما كان واعيا وخبيرا، لسبب بسيط، وهو انه في العادة يكون غريبا عن المنطقة وليس من اهلها، لذلك فهو يجهل بشعابها.

لذلك ظهرت الحاجة في السنوات الاخيرة لخدمة عقارية اضافية، هي تعريف المشتري بخبايا المنطقة التي يقع فيها العقار، من وجهة نظر محايدة تماما لا تتعلق ببيع العقارات او شرائها، انما بنشر المعلومات المحلية التي لا يعرفها سوى أهل الحي الذي يقع فيه العقار. وهنا دخلت مواقع إلكترونية لخدمة مشتري العقار، بتوضيح الصورة له عبر معلومات محايدة ومفصلة.

وهي في العادة معلومات من الدقة بحيث ازعجت بعض الجمعيات الخيرية ومراكز البحث البريطانية التي وجدت بها خطرا على تحويل بعض الاحياء الى مناطق فقيرة عشوائية لا يُقبل عليها من تهمه النوعية قبل الثمن، مما ادى الى تراكم حالات الشراء من الطبقات الفقيرة وهروب الطبقات القادرة الى مناطق اخرى. وتشارك مواقع إلكترونية عديدة على الإنترنت في توضيح الصورة المحلية لمن يرغب، ومجانا. بينما تساهم مجالات اعلامية اخرى، اهمها التلفزيون، في تقديم المزيد من التوعية بالاخطار المحلية غير المنظورة التي قد تؤثر على قيمة العقار الاستثمارية على المدى البعيد.

معلومات خطيرة

* من المعلومات التي تهم مشتري العقار ولا يحصل عليها من البائع ولا الوكيل العقاري أو خبير الفحص الهيكلي او حتى المحامي، تاريخ ونسبة السرقات التي وقعت في الحي وانواعها ونسبة ضبط الجناه فيها، والجرائم التي ارتكبت في منطقة العقار في العام الاخير، ونوعية المدارس المتاحة في المنطقة وترتيبها في تحقيق النتائج الجيدة على المستوى الاقليمي، ونوعية السكان المنتشرين في المنطقة نفسها، سواء كانوا من العاطلين عن العمل او الحرفيين او موظفي الطبقة المتوسطة او كبار رجال الاعمال. ايضا تتيح المعلومات تفصيلا حول التركيب العرقي لسكان المنطقة، وهل هم من اهل البلد الاصليين او من المهاجرين او الملونين او الغجر، وفي بعض هذه الحالات تنهار قيمة العقار حتى ولو كان رائعا في التصميم. فمن هذه المعلومات التي تتاح في معظم الاحوال من تقارير التعداد الدوري الذي تنشره الحكومات لكافة المناطق الاوروبية، يستطيع المستثمر ان يستنتج اي المواقع افضل له من الناحية الاستثمارية حتى ولو كان اصغر حجما او ابعد من مركز المدينة. من العوامل السلبية ايضا وجود نسب عالية من المدمنين في المنطقة او نسبة عالية من حالات الاصابة بالسرطان، خصوصا لو كان العقار قريبا من محطات نووية او شبكة اسلاك ضغط عال، واحيانا تكون هذه الاصابات لاسباب اخرى منها تسرب غازات تحت ارضية في المنطقة. ايضا تدخل نيات المجلس المحلي في الاعتبار، سواء في الميل للتشريع ببناء طرق سريعة او منازل اقتصادية للفقراء او ملاجئ تأهيل او مراكز رعاية الاطفال المشردين. وبعض هذه المشروعات تدخل نطاق المشروعات المرغوبة اجتماعيا، لكنها تؤثر سلبا على اسعار العقار في المناطق التي تقام فيها.

بعض الجامعات البريطانية اجرت ابحاثا حول هذه الظاهرة العقارية الجديدة، منها جامعتا يورك ودرهام. يقول رئيس فريق البحث الاكاديمي، الدكتور روجر باروز، ان فريقه اكتشف ان هناك قطاعات واسعة من المشترين تخطط لشراء العقارات القريبة من افضل المدارس التي تحقق النتائج الجيدة في الامتحانات. وهو لا يختلف مع الرأي السائد في اهمية اتاحة اكبر قدر من المعلومات للمشتري او المستثمر واتاحة اكبر قدر من الشفافية له، خصوصا ان شراء العقارات يكون في العادة من اغلى الاستثمارات التي يقبل عليها المستثمر في حياته، لكنه يؤكد ان هناك العديد من النتائج الاجتماعية لمثل هذه المعلومات التي كانت حتى وقت قريب غير متاحة للعامة، فهي معلومات من شأنها بلورة الفئات الاجتماعية المختلفة الى المعيشة في مناطق متماثلة داخليا ومتنافرة بينيا. واستنتج باروز ان توفر مثل هذه المعلومات، من شأنه تهديد السلام الاجتماعي وتجذير التفرقة الاجتماعية والطبقية.

لكن استاذا اخر هو الدكتور ويليام ليفر، من جامعة غلاسكو، اختلف تماما مع تحليل باروز، وقال إن دراسات عملية قامت بها جامعته اثبتت ان التماسك الاجتماعي يكون افضل في حالات تقارب المستوى الثقافي والمهني للفئات قريبة السكن من بعضها بعضا. وهو يعترف ان مثل هذه المعلومات من شأنها عرقلة التكامل الاجتماعي، لكنه لا يستبعد ان يكون هذا التيار فاعلا، سواء بمعلومات الإنترنت او من دونها. والدليل على ذلك في رأيه، ان العقارات الجديدة تكون في اغلب الحالات متشابهة الى درجة كبيرة في الشكل والمواصفات، لكن ما يفرق بينها في النهاية من حيث القيمة ونوعية المشتري، هو الموقع.

فما رأي خبراء تسويق العقار في هذا التيار الجديد؟.. كالعادة اختلفت الآراء بين القول ان تقييم العقار يأخذ كل هذه العوامل في الاعتبار اصلا، وان المشتري تكون لدية فكرة عامة عن المناطق التي يرغب في الشراء فيها. كما عبر البعض عن الاستياء من فكرة التفرقة الطبقية بين الفئات التي تشتري العقار، بحيث ينعكس ذلك على ثمن العقار. وقال احد سماسرة العقار، ان الشراء في منطقة معينة تحكمه احيانا عوامل متفرقة، منها الظروف الشخصية للمشتري والفئة العمرية. فالفئات صغيرة السن لا ترغب في ارهاق ميزانياتها بأعباء مالية كبيرة، بينما تبحث الفئات متوسطة العمر عن مواقع مناسبة للمدارس الجيدة، ولا يهم كبار السن الا المناطق الهادئة البعيدة عن الضوضاء.

ومهما كانت التفسيرات، فالواقع يؤكد ان عصر المعلومات لحق بسوق العقار وكشف خبايا القيمة غير المنظورة التي لا تظهر في الاحوال العادية الا بعد فوات الاوان، لكن حتى عصر المعلومات يخضع لحكمة اهل العقار القدامى الذين علمونا ان الموقع هو العامل الاهم في اي عقار في معظم الاحوال، وان «الجار قبل الدار» في كل الاحوال.