المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "انتقاء الكرز" أكبر عملية تضليل استخباراتية لتبرير الحرب على العراق



زهير
08-27-2005, 07:01 AM
بوش كان "زبوناً رئيسياً" لدى "سي.أي.إيه" والوكالة وجهت كل جهودها لخدمة أهدافه





من الخطر أن يقترب رجال المخابرات بقدر كبير من صناع القرار والسياسات
وحدة استخباراتية أنشأها رامسفيلد تولت الربط بين صدام و »القاعدة« وباول تلقى معلومات من العميل كيرفبول »الكاذب الملفق«

جورج تينيت ساند التقسيمات الاستخباراتية المشكوك فيها وضمن لنفسه مقعداً في وزارة الحرب برئاسة بوش

»البنتاغون« وزعت القوات الأميركية في مواقع محددة في دول الخليج وجعلها جاهزة للتحرك لإطاحة صدام


في الوقت الذي تتهم فيه الولايات المتحدة إيران وكوريا الشمالية بالسعي لحيازة سلاح نووي وتهدد طهران بالتدخل العسكري وتمني بيونغ يانغ بالمكافاˆت الاقتصادية والسياسية لاقناعهما بالتخلي عن طموحهما المزعوم, كشفت شبكة »سي.ان.ان« الاخبارية الاميركية في إحدى برامجها عن حقيقة وخبايا المعلومات المخابراتية التي ساقتها واشنطن واقامت عليها حجتها للذهاب الى الحرب على العراق.

بدأت الشبكة الاخبارية حلقة برنامج »سي.ان.ان.تقدم« التي اسمتها »الخطأ القاتل« بالاشارة الى حقيقة ابقاء الرئيس الاميركي جورج بوش على جورج تينيت كرئيس لوكالة المخابرات المركزية الاميركية »سي.اي.ايه« التي رأسها في عهد الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون ¯ وذلك بناء على طلب من والده الرئيس السابق جورج بوش, وكذلك قيامه بزيارة لمقر المخابرات في اعقاب وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر, موضحة ان واشنطن في طريقها لبدء شن حربها على الارهاب وان تينيت سيكون احد مساعدي بوش في هذه الحرب.

وبذلك اصبحت المخابرات المركزية »سي.اي.ايه« الاداة التي تستخدمها السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة في حربها تلك, حسب قول مايكل شوير المحلل المخابراتي ورئيس وحدة بن لادن بالمخابرات المركزية بين عامي 1996 و 1999 ومؤلف احد الكتب التي انتقد فيها قادة المخابرات الاميركية خلال الحرب على الارهاب.

الزبون الرئيسي

واضاف شوير انه خلال رئاسة تينيت للمخابرات المركزية الاميركية اصبح الرئيس الاميركي »الزبون الرئيسي« ل¯ »سي.اي.ايه«, مشيرا الى انه تم توجيه جميع جهود الوكالة لخدمته, وهو الامر الذي انتقده جون ماكليغلين ¯ نائب مدير المخابرات المركزية بين عام 2000 و 2004 ¯ بالقول انه من الخطر ان يقترب رجال المخابرات بقدر كبير من صناع القرار والسياسات, مؤكدا ان الاقتراب منهم يجب ان يكون بقدر محدد وبغرض التعرف على طريقة عملهم وتفكيرهم ومتطلباتهم لخدمتهم بشكل جيد.
واشارت »سي.ان.ان« الى ان القيادة الاميركية ركزت في اليوم الذي تلا سقوط البرجين في نيويورك جهودها على شن هجوم على تنظيم »القاعدة« وحركة طالبان في افغانستان, إلا ان الانظار داخل البيت الابيض توجهت الى هدف اˆخر, الا وهو العراق, فتوجه نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني في ربيع 2002 الى مقر المخابرات المركزية الاميركية بولاية فيرجينيا حيث بدأ بدفع المحللين لتجميع المعلومات المخابراتية التي يحتاجها لخدمة هذا الغرض, فيما قام وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بانشاء مكتب خاص لتزويده بتحليلات مخابراتية تركز على احتمال وجود علاقة بين الرئيس العراقي صدام حسين وشبكة تنظيم القاعدة«.

واوضحت »سي.ان.ان« انه لم يتم الاشارة الى هذه الوحدة في تقرير لجنة التحقيق التي اقامها بوش للتحقيق في مدى صحة المعلومات المخابراتية التي ساقتها الادارة الاميركية لشن الحرب على العراق.
ويقول لاري جونسون ¯ مسؤول سابق في مكتب مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الاميركية ¯ ان هذه الوحدة كانت تأتي بمعلومات وتعرضها على المخابرات المركزية التي توضح ان هذه المعلومات خاطئة ومضللة, الا انهم يأخذون المعلومات نفسها او نسخة اكثر تطرفا منها ويقومون بتوصيلها بصورة مباشرة لاشخاص مثل نائب الرئيس.

واوضحت »سي.ان.ان« ان رجال المخابرات يدعون هذه العملية بعملية »انتقاء الكرز« حيث يقوم القائمون عليها باستخدام معلومات مخابراتية غير كاملة لإقامة سيناريو لأسوأ الحالات الممكنة.
واشارت الشبكة الاخبارية الى ان احد كبار رجال المخابرات البريطانية ابلغ رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير في 23 يوليو 2002 عن محادثاته الاخيرة التي اجراها في واشنطن والتي علم منها ¯ حسبما ورد في وثائق الاجتماعات الخاصة بمقر الحكومة البريطانية في داوننغ ستريت ¯ ان الرئيس الاميركي يريد الاطاحة بصدام عن طريق التدخل العسكري, مشيرا الى انه يجري إعداد معلومات مخابراتية لخدمة هذا الهدف.

وفيما رفض البيت الابيض طلبات اجراء مقابلات صحافية لتبرير وتفسير هذه الانباء, قام بوش اثناء عقده مؤتمر صحافي بالمشاركة مع بلير بنفي ذلك.

حملة لكسب التأييد

وفي صيف ,2003 بدأ فريق العمل ¯ مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس وكارل روف احد مهندسي الستراتيجية الاميركية في البيت الابيض وكارين هيوز مستشارة بوش السياسية وتشيني وبوش ¯ على العراق في البيت الابيض حملة للحصول على التأييد لشن الحرب, حيث كانوا يخططون الستراتيجية اللازمة لذلك خلال اجتماعاتهم الاسبوعية.

وفي نهاية اغسطس, القى تشيني خطابا اكد فيه امتلاك النظام العراقي اسلحة دمار شامل, وهو الحديث الذي وصفه جريجوري تليمان ¯ مسؤول سابق بمكتب مراقبة اسلحة الدمار الشامل في وزارة الخارجية الاميركية ¯ بأنه »خطاب إعلان الحرب«, الى انه على الرغم من ذلك, الا ان المخابرات الاميركية لم تكن تملك في ذلك الوقت ادلة جديدة تؤكد ادعاءات نائب الرئيس الاميركي.

ونقلت الشبكة عن مكاليغلين ¯ نائب مدير المخابرات المركزية بين عامي 2000 و 2004 ¯ قوله »اننا لم نصرح بهذا الخطاب بالذات«, فلقد بدأنا القيام بذلك في وقت لاحق حينما تصاعد النقاش والجدل حول العراق, وبحلول سبتمبر بدأت وزارة الدفاع الاميركية »البنتاغون« بتوزيع قواتها في مواقع محددة بدول الخليج بحيث تكون الولايات المتحدة مستعدة للتحرك ضد صدام في غضون 60 يوما, ويقول شوير »لقد كان هناك حالة من التيقن بداخل وكالة المخابرات المركزية الاميركية اننا في طريقنا لشن حرب على العراق, وان التحليلات المتوافرة او الاعتراضات القائمة لم تكن لتشكل اي فرق يذكر«.

وذكرت »سي.ان.ان« ان بوش كان يلتقي صباح كل يوم بتينيت ليعلمه باخر التطورات, ولأن اسلوب تينيت البسيط في الحديث كان محببا للرئيس الجديد, فقد اصر بوش على ان يقوم تينيت بذلك يوميا وجها لوجه, واضافت ان بعض المعلومات التي كان ترد في تلك الاجتماعات كانت تعتمد على مصدر واحد, وهو مهندس ذو خبرة محدودة في مجال الاسلحة النووية يعرب باسم »جو.تي«, مشيرة الى ان جو.تي كان يعتقد انه توصل الى معلومة مهمة تؤكد الشكوك حول صدام, واوضحت انه اكتشف قيام صدام بشراء انابيب الومنيوم شديدة التحمل, وانه يصر على ان الغرض من شرائها هو استخدامها كأجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم المستخدم في صناعة اسلحة الدمار الشامل, مشيرة الى ان هذا هو الدليل المادي الوحيد الذي قد يشير الى احتمال وجود برنامج لتصنيع قنابل نووية في العراق.
السلاح النووي

وعلق تليمان - مسؤول سابق في مكتب مراقبة أسلحة الدمار الشامل في وزارة الخارجية الاميركية- بالقول اننا لم نكن مرتاحين في البداية لهذه المعلومة, إلا ان الخبراء والأدلة التي استطعنا الحصول عليها أكدت عدم صحتها.

وأوضحت »سي.ان.ان« ان الخبراء النويين في وزارة الطاقة الاميركية أكدوا ان حجم هذه الأنابيب والمادة المصنوعة منها ليسا ملائمين لاستخدامها كأجهزة طرد مركزي, وانها ملائمة للاستخدام كحاويات للصواريخ, مؤكدين ان تفسيرات جو تي للموضوع غير ملائمة.

وتساءل كارل فورد -مساعد وزير الخارجية المسؤول عن مكتب مخابرات الوزارة- عن السبب وراء التسرع الى خلاصة ان هذه الأنابيب مخصصة للاستخدام في اطار برنامج نووي, مضيفا انه بمجرد ان يبدأ المحلل المخابراتي بتصديق المعلومات التي توصل اليها والتوقف عن الشك في نفسه ويبدأ القول سأثبت لكم ان العراقيين يملكون أسلحة نووية, فانه يجب أخذ الحذر.

واشارت الشبكة الاخبارية الى انه في الثامن من سبتمبر نشرت »نيويورك تايمز« تصريحات لمسؤول يؤكد ان الغرض من شراء تلك الانابيب استخدامها في تخصيب اليورانيوم وهي التصريحات التي اعتبرها البعض تسريبات رسمية حسبما أوردت الشبكة, واضافت ان عددا من كبار مسؤولي الحكومة الاميركية كرايس وتشيني ورامسفيلد قاموا بأنفسهم بتأكيد صحة تلك المعلومات.

وعلق راند بيرز- مسؤول سابق في مجلس الامن القومي الاميركي- بالقول حينما قاموا بزخرفة المعلومات التي كانت المخابرات مستعدة للافصاح عنها, فإن تلك المعلومات بدأت في اكتساب صبغة الحقيقة في الواقع واشارت الشبكة الاخبارية الى ان بيرز استقال من منصبه, وقام في وقت لاحق بالعمل ضد اعادة انتخاب بوش.

القاعدة وصدام

وأوضحت »سي.ان.ان« انه في الوقت الذي تم زرع فكرة خطورة استخدام العراق للسلاح النووي في عقل عامة الشعب الاميركي, قامت وحدة المخابرات التي اقامها رامسفيلد بالزج بتهديد آخر يمثله العراق وهو الربط بينه وبين تنظيم القاعدة.

واشار شوير- المحلل المخابراتي- الى ان تنينت امر رجاله بمراجعة ملفات »سي.اي.ايه« يرجع تاريخها لنحو عشرة اعوام حيث قاموا بمراجعة ما يقرب من عشرين الف وثيقة لم يتم العثور فيها على اي صلة بين العراق والقاعدة, موضحا ان تينيت ابلغ الحكومة بهذا, إلا انه لم يكن لهذه المعلومة اي تأثير يذكر.

وأوردت »سي.ان.ان« حديثا لرايس- يتزامن مع تلك الاحداث- تقول فيه من الواضح ان هناك اتصالات بين »القاعدة« والعراق وهذه الاتصالات يمكن توثيقها, وان هناك شهادات تؤكد ان أهمية هذه الاتصالات, فيما قال رامسفيلد ان لدينا ما نعتبره ادلة موثوق منها بأن قادة تنظيم »القاعدة« حاولوا الاتصال بالعراق ليطلبوا منه مساعدتهم في الحصول على أسلحة دمار شامل.

وجاء بعد ذلك خطاب الرئيس الاميركي في الامم المتحدة في الثاني عشر من سبتمبر وبعد يوم واحد من الذكرى الاولى لتفجيرات 11 سبتمبر الذي قال فيه »ان اكبر مخاوفنا هو ان يستطيع الارهابيون التوصل الى طموحهم المجنون عندما تمدهم انظمة خارجة عن القانون بتكنولوجيا للقتل على نطاق واسع.. ان نظام صدام حسين خطير«.. كما قام بوش بعد ذلك بمطالبة الكونغرس الاميركي بمنحه السلطة اللازمة لاستخدام اي وسيلة يقرر انها مناسبة لدرء خطر العراق, بما في ذلك استخدام القوة العسكرية.
واوضحت الشبكة الاخبارية ان وكالة المخابرات المركزية الاميركية اشارت في ذلك الوقت الى وجود »فجوات خطيرة« في هذه الأدلة لأن الكثير من مصادرها »مشكوك فيهم ولا يمكن الاعتماد عليهم«.

واشارت »سي.ان.ان« الى انه عندما طلبت الادارة الاميركية من الكونغرس منح الرئيس سلطة شن هجمة وقائية ضد العراق قبل ان يقوم الاخير بمهاجمة الولايات المتحدة, طالب اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي جورج تينيت بتقديم »تقييم المخابرات الوطنية« تقدم فيه جميع وكالات المخابرات الاميركية افضل المعلومات المتاحة لديها بخصوص الخطر العراقي الذي يهدد البلاد وعواقب غزو العراق, ويقول ماكليغلين- نائب مدير المخابرات المركزية- اعتقد انه من غير المعتاد ان يطلب الكونغرس هذا الطلب, حيث من المفترض انه يأت من الادارة الاميركية.

واشار تيلمان ان تينيت كان يدافع بعند شديد عن تفسير »سي.اي.ايه« الخطأ فيما يختص بتقدير قدرات العراق التسليحية, فيما توضح »سي.ان.ان« انه تم اللجوء الى عقد اجتماع آخر للتوصل لحل للصراع القائم بخصوص أنابيب الالومنيوم حيث اكد خبراء وزارة الطاقة والخارجية انها ليست للاستخدام في برنامج نووي, فيما عمد مسؤولو السي اي ايه الى حشد آراء جميع الوكالات الاخرى المشاركة في الاجتماع لتأييد تقدير المخابرات بأنه يمكن استخدامها لذلك الغرض.

واضافت الشبكة انه لعدم وجود الشخص المناسب في وفد وزارة الطاقة الذي يستطيع مواجهة معلومات المخابرات بمعلومات تقنية تبين خطأهم, فإنه تم التصويت لصالح المخابرات المركزية.

وعلق كارل فورد - مساعد وزير الخارجية المسؤول عن مكتب المخابرات التابع للوزارة - انه كان سيشعر بالراحة اذا ما كان هذا التصويت لصالح تحليل المخابرات المركزية في محله, مشيرا الى انه كان يشعر بأن الرئيس يخاطر بالذهاب الى الحرب على العراق وان المخابرات تدفعه الى هذا الاتجاه.
وذكرت »سي.ان.ان« ان تلك الانابيب أصبحت العنصر الاساسي في »تقييم المخابرات الوطنية« للوضع في العراق والذي يقول بأن صدام يعمل على اعادة تأسيس برنامجه النووي.
واشارت الى ان الخارجية الاميركية اثارت الشكوك حول تلك الانابيب ووصفت الادعاءات التي تقول ان صدام حاول شراء اليورانيوم من افريقيا بأنها »مثيرة للشك جدا« كما رفضت التنبؤ بموعد انتاج صدام لقنبلة نووية.

أدلة المخابرات

وعلق روبرت باير- أحد أشهر عملاء المخابرات الاميركية الميدانيين- قضى معظم عمره المهني في الشرق الاوسط وترك المخابرات في 1997- بالقول ان المشكلة تكمن في ان البيت الابيض لم يطلب من المخابرات المركزية تزويده بالحقيقة, بل انه طلب منهم تزويده بكل المعلومات التي بحوزتهم, »تزويده بالذخيرة« للذهاب الى الحرب, مشيرا الى ان هذه السياسة ليست غريبة على سكان البيت الابيض, فهم يختارون سياسة معينة ثم يذهبون الى وكالات المخابرات ليحصلوا على المعلومات المؤيدة لها.

وقال شوير - المحلل المخابراتي - ان تقديم»تقييم المخابرات الوطنية« في وقت قصير مثلما حدث يشير الى احتمالين, اما ان تكون الادلة المتوافرة مهمة للغاية او ان يكون الالحاح السياسي قويا للغاية.
واكد ماكليغلين - نائب مدير المخابرات المركزية سابقاً - ان النقطة التي أقيم عليها »تقييم المخابرات« هي ان صدام سيقوم بتقديم السلاح والمواد اللازمة لدعم الارهابيين في هجومهم على الولايات المتحدة في حالة واحدة فقط وهي إذا لم يجد مخرجاً آخر.

وعلقت »سي.ان.ان« بالقول ان هذا يعني ان التقييم لم يخلص الى ان خطر صدام كان وشيكاً.
واوضحت انه لكي يتم اعلان المعلومات التي وردت في التقييم والتي تتعارض مع ادعاءات الادارة الاميركية اقترحت لجنة المخابرات على تينيت ان يصوغ نسخة غير سرية من التقييم مشيرة الى انه قام بوضع وثيقة تعكس نبرة المجموعة المؤيدة للحرب على العراق بالبيت الابيض حيث تمت ازالة الادلة المتناقضة وتم التركيز على الادعاءات التي تقوي خيار الحرب.

وقال السيناتور الديمقراطي ريتشارد ديربن العضو بلجنة المخابرات بمجلس الشيوخ ان وكالات المخابرات فشلت في اهم مسؤولية تقع على عاتقها وهي تقديم النصح للرئيس قبل ان يتخذ قرار الذهاب الي الحرب معربا عن اعتقاده في انه اذا ما اعتقد تينيت ان هذه المعلومات سيئة او مضللة فان كان يجب عليه الاستقالة.

وعلق راند بيرز احد مسؤولي مجلس الامن القومي بالقول اذا لم تكن مستعدا لان تستقيل فانه من الصعب للغاية ان تستمر في تزويد الرئيس بمعلومات لا يريد ان يسمعها لانه اذا لم تكن مستعدا للاستقالة فانك ستكون غير مستعد لان تقال ايضا وعلقت »سي ان ان« ان تينيت ساند النتائج التي خلص اليها تقييم المخابرات وضمن بذلك لنفسه مقعدا في وزارة الحرب برئاسة بوش.

وأكدت الشبكة الى انه وقبل أيام من القاء بوش لخطابه عن حالة الاتحاد قام المسؤولون بكتابة خطب الرئيس بالبحث عن ادلة مادية تثبت ان صدام يحاول بناء قنبلة نووية, ولم يتوصلوا سوى الى معلومة مر عليها من الزمن عام كامل ولم تستطع المخابرات المركزية تأكيدها, وهي انه قد نمى الى علم الحكومة البريطانية محاولة صدام حسين الحصول على يورانيوم من النيجر, واضافت ان تينيت كان قد حذف هذه المعلومة ذاتها من الخطاب الذي القاه بوش قبل ذلك ليلة تصويت الكونغرس على الذهاب الى الحرب على العراق.

ويقول ماكليغلين ان الجميع كان لديه تحفظات بالنسبة لهذه المعلومة, مشيراً الى انه لا يعرف كيف وصلت تلك المعلومة الى خطاب الرئيس عن حالة الاتحاد واضافت الشبكة الاخبارية ان لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ قد اشارت الى خلاف نشب في اللحظة الاخيرة بين البيت الابيض والمخابرات المركزية حول ذلك الادعاء مشيرة الى انه عندما قام المسؤولون عن كتابة خطاب الرئيس بتغيير مصدر المعلومة والاشارة الى المخابرات البريطانية بدلا من المخابرات المركزية الاميركية فان مسؤولي ال¯ »سي اي ايه« وافقوا على الخطاب.

تضليل باول

وعلق روبرت باير- عميل المخابرات السابق- انها مسألة تسيس, حيث يقولون لمدير المخابرات اننا لا نقول لك ان تكذب بل قم بتزويدنا بالمعلومات المتاحة لديك كافة.

وبعد ذلك باسبوع قام وزير الخارجية كولن باول بتبرير الحرب في حديث الامم المتحدة, حيث قام بالمخاطرة بمصداقية الولايات المتحدة ومصداقيته

وقال الكولونيل لاري ويلكرسون رئيس موظفي كولن باول ان باول دخل عليه صبيحة ذلك اليوم وبيده بعض الاوراق وقال له ان هذا ما يجب ان اعرضه على الامم المتحدة حسبما امر البيت الابيض.
واضاف ويلكرسون ان تلك الاوراق كانت اي شيء آخر بخلاف وثيقة تحتوي على معلومات مخابراتية ووصفها بانها مثل قائمة طعام صيني يمكنك انتقاء واختيار ما يروق لك منها.

واوضح انه كان من الصعب ان يقرأ وزير الخارجية سيناريو خاص بمعلومات مخابراتية خطيرة ستؤدي لقيام حرب اذا لم يكن ذلك السيناريو مبنيا على مصادر معينة.
ولقد طرح باول الكثير من الاسئلة بخصوص تلك القائمة وابدى تشككه في بعض النقاط وتم طمأنته بخصوص بعض النقاط الاخرى.

واشار ويلكرسون ان باول قال لتينيت »انك مسؤول عن كل شيء مكتوب هنا« فرد عليه تينيت قائلا »بالتأكيد«.

واوضحت الشبكة الاميركية ان باول قام في ذلك الخطاب باتهام صدام بامتلاك معامل لانتاج اسلحة بيولوجية على متن شاحنات من المستحيل العثور عليها وعلق ديفيد كاي رئيس الفريق الاميركي للتفتيش عن اسلحة الدمار الشامل في العراق سابقا ¯ انه لم يتم ابلاغ باول بأن مخابرات وزارة الدفاع الاميركية تعتبر احد المصادر التي جاءت بهذه المعلومات »كذابا وملفقا« وقالت الشبكة الاخبارية انه لم يتم ابلاغ باول ايضا ان المخابرات المركزية لم تستجوب ابدا احد المصادر الرئيسية لهذه المعلومات والذي يحمل اسما حركيا هو »كيرفبول« واضافت انه وقبل حديث باول بيوم واحد قام احد مسؤولي السي إي ايه بالتحذير من سمعة »كيرفبول« وشهرته بانه كذاب مشيرة الى ان رئيس ذلك المسؤول رد عليه في رسالة عبر البريد اليكتروني اعترف فيها بالمشكلة لافتا الى اعتقاده بأن هذه الحرب ستحدث بغض النظر عن اي شيء فمن المرجح ان اصحاب القرار ليسوا مهتمين بما اذا كان »كيرفبول« على دراية بما يقول ام لا.

وبدأت الحرب في التاسع عشر من مارس 2003 ثم اعلن بوش في الاول من مايو في العام نفسه انتهاء العمليات العسكرية الاساسية في العراق, وارسل كاي وفريقه الى العراق للعثور على اسلحة الدمار الشامل, وعندما لم يجد كاي اي اسلحة بدأ في ارسال رسائل الكترونية خاصة الى تينيت يحذره فيها من ان الادلة التي ساقتها المخابرات المركزية لشن الحرب على العراق بدأت تتهاوى.

وقال وليكرسون ان تينيت اتصل بباول ثلاث او اربع مرات ليخبره عن عدم العثور على المعامل المتحركة لصناعة الاسلحة البيولوجية مشيرا الى ان العلاقة بين تينيت وباول اصيبت بالفتور في تلك المرحلة حيث انه من الصعب الحفاظ على اي مشاعر طيبة بينهما عندما يتحدثون عن مواضيع حساسة كهذه.

وكذلك اثيرت الشكوك حول محاولة صدام الحصول على اليورانيوم من النيجر وخرجت رايس لتدافع عن بوش وتقول انه اذا كانت هناك اي اشارة صغيرة توضح اعتراض المخابرات المركزية او تينيت على هذه المعلومة فإننا لم نكن لنضيفها في حديث الرئيس.واشارت »سي إن. إن« الى انه عندما قام البيت الابيض بالقاء اللوم والمسؤولية على عاتق تينيت, فان الأخير تحمل المسؤولية وعمل كغطاء للرئيس, موضحة انه نمط تتبعه واشنطن منذ القدم.

واضافت ان علاقة الولاء القائمة بين بوش وتينيت بدأت تخبو خلف الكواليس, في الوقت الذي اعرب فيه كاي - بعد مضي ستة اشهر في العراق - عن استعداده للاستقالة.
وقال كاي أن تينيت اقنعه بعدم الاعلان عن استقالته حتى يقوم الرئيس بالقاء خطابه عن حالة الاتحاد واوضحت »سي إن. إن« ان كاي قام بعد ثمانية أيام من القاء بوش لخطابه بالشهادة امام لجنة السلاح بمجلس الشيوخ , مشيرة الى ان شهادته قد أدت الى توسيع الفجوة بين البيت الابيض والسي آي إيه, الى ان استقال تينيت في الثالث من يونيو 2004 .

انتصارات تينيت

واشارت الشبكة الاخبارية الى ان عمل تينيت بالمخابرات قد شهد الكثير من الانتصارات كشف النقاب عن شبكة العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان السرية لنشر التكنولوجيا النووية بالسوق السوداء , واقناع ليبيا بالتخلي عن طموحها النووي واستهداف القاعدة وطالبان في افغانستان.

ولفتت »سي ان ان« الى ان السفير جون نيغروبونتي اصبح الان مسؤولا عن 15 وكالة مخابرات اميركية بصفته مدير المخابرات الوطنية وهو المنصب الذي استحدث في اطار الاصلاحات الشاملة لمنظومة المخابرات الاميركية عقب الهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن يوم الحادي عشر من شهر سبتمبر عام 2001 مشيرة الى انه تعهد بابلاغ الحقيقة الى القيادة السياسية وبذل جهود حثيثة تتركز على اصلاح مجتمع المخابرات الاميركية المتأزم والذي يضم 15 وكالة وجهاز مخابرات.
وتساءلت في نهاية برنامجها انه في حال التزام نيغروبونتي بتعهداته, فهل سيستمر الرئيس الاميركي في الوقوف وراءه وتأييده?!

واشارت الى ان ذلك يعتمد على آلية العمل بين بوش ونيغروبونتي وكذلك على الوقت الذي سيستغرقه لاعادة بناء قدرات المخابرات الاميركية وبالتالي استعادة مصداقيتها, حيث يقول كاي »لا يمكننا ان نخطأ مرة اخرى, فكم عدد الناس في العالم الذين سيصدقوننا عندما نؤكد ان ايران تمتلك اسلحة نووية.. انهم سيقولون لقد قلتم ذلك من قبل«.