المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تقمع القارئ الثقيل



قاسم
08-25-2005, 07:26 AM
http://www.asharqalawsat.com/01common/teamimages/122-kishtainy.gif


خالد القشطيني

كتبت أخيراً عن مشكلة الابتلاء بتطفّل القارئ الثقيل، من لا يشتري جريدة ويختلس النظر بجانبك ويشاركك في قراءة جريدتك، ولا يدفع لك أجرة أو حصة من ثمنها.

إنه أسلوب مزعج، ولا يعرف كيف يتفاداه المرء من دون الدخول بمشكلة أو على الأقل إساءة الأدب. عانيت منه كثيراً، وتأملت فيه مراراً، وخلصت إلى هذه النتائج في كيفية التخلص من القارئ الثقيل.

بإمكانك أن تلتفت قليلاً نحوه وتقول: «أخي تسمح لي أقلب الصفحة؟»، هذا سؤال يكفي لإشعار أي إنسان مهذب بأنه قد ضايقك في تطفله فيسحب نفسه وينظر في اتجاه آخر نحو الحسناوات، ويكفيك شرّ القتال. لكنني أعرف أشخاصاً لم ينفع معهم هذا العلاج، أتذكر مسافراً كان بجانبي في الطائرة وضايقني بتلصصه على ما أقرأ، قلت له ذلك «أخي تسمح لي أقلب الصفحة؟»، فتهللت أسارير وجهه وقال لي: «إي والله، يرحم والديك، أنا كنت انتظر حتى تقلب الصفحة!».

إذا وجدت نفسك في نفس الموقف، ولم تنجح هذه الوسيلة مع قارئك الثقيل، فجرّب هذه الوسيلة. التفت نحوه بنفس الرقة والأدب وقل له: «أخي أي موضوع يعجبك، حتى أدير الصفحة عليه؟».

ستلاحظ بمرور الزمن، أن معظم الناس الذين ينددون بالخلاعة والبذاءة ويستهجنون صور الأجسام العارية أو نصف العارية، لا يجدون أمامهم أو بجانبهم مثل هذه الصور وبإمكانهم البلبصة عليها سراً وخفية، إلا وتركوا حتى صينية عشائهم ليبلبصوا عليها من زاوية عينهم.

ما عليك وأنت تشعر بذلك، إلا أن تقلب الصفحة وتفوت عليهم الفرصة، افعل ذلك وسترى كيف يتركونك وشأنك، أنت وجريدتك، ثم يخرجون مسبحتهم من جيبهم ويشغلون أنفسهم بها.

يتصور كثير من حمَلة الجرائد، أنهم يستطيعون طي الجريدة بشكل يمنع الجالس بجانبهم من قراءتها، لكني وجدت من تجاربي الطويلة في هذا الميدان، أن هذه محاولة فاشلة، فالقراء الطفيليّون الثقلاء، لا يعنيهم أي موضوع يقرأونه ولا ما إذا كان كامل الموضوع معروضاً أمامهم. كل ما يعنيهم هو أن يسرقوا بضع دقائق من قراءة جريدتك، انها الرغبة الجامحة للحصول على شيء مجاناً، أو الرغبة في سرقة شيء من أصحاب الجرائد. في أغلب الأحيان، انهم لا يفهمون أي شيء مما يقرأونه، لأنهم يقرأونه ناقصاً ولا يحصلون على غير نتفة من الصفحة.

ربما يعطي أسلوب القلب مخلَصاً مفيداً، اعط الصحيفة للقارئ الطفيلي وفي ما يمسكها هو ليقرأها، اختلس أنت النظر إليها، هذا ما يسمونه باستبدال المواقع بقلبها، دعه يذوق مرارة ما كان يذيقه لك.

بيد أن الحل الأخير القاطع هو أن تتنازل له عن جريدتك، تقدمها له كهدية وتذهب وتشتري جريدة أخرى، لكن احذر من شراء جريدة من اسم آخر، لأنه ما أن يرى بيديك جريدة مختلفة حتى يترك جريدتك الأصلية جانباً، ويبدأ بالتلصص على جريدتك الجديدة، ويكون عليك أن تعيد الكرّة. التطفل في القراءة علّة مستديمة مثل السرقة من أموال الدولة، داء لا شفاء منه.

لكني سمعت أن بعض العلماء يشتغلون على تطوير نوع من الحبر لا يظهر للنظر من زاوية مائلة، وهذا هو الأمل الوحيد الذي سيقطع دابر القراء الثقلاء والمتطفلين، وحتى يتحقق ذلك، فنصيحتي لكل من يتضايق من القارئ الثقيل بجانبه، هي ألا يفتح الجريدة إذا كان على يمينه أو يساره أو خلفه واحد من بني الإنسان القادرين على القراءة والكتابة.

قاسم
08-25-2005, 07:27 AM
الوجه المشرق للقارئ الثقيل

خالد القشطيني

اشرت في مقالتي السابقة الى ظاهرة القارئ الثقيل الذي يضايقك في قراءة جريدتك في القطار او الباص ويتطفل عليها. بالطبع نحن الصحافيين نمقت هذا المتطفل. فهو يقرأ جريدتنا مجانا ونحن نريده ان يشتريها. ومع ذلك فهناك جانب مشرق لهذه الظاهرة فهي تنم عن روح اشتراكية واجتماعية وتعاونية. اثنان يتعاونان في القراءة. علينا ان نستبشر بهذا الموضوع ونعتز به. ربما يكون القارئ المتطفل أحد العلماء فيقرأ خبرا علميا مهماً فلا يصل الى مكانه حتى يباشر بتجربته وتطويره، واذا به يكتشف دواء للسرطان. ملايين من الناس الذين يشفون من المرض سيكونون مدينين لك بالشكر لسماحك للعالم بالتطفل على جريدتك.

ربما يكون القارئ الثقيل لاجئا من العراق ويعاني من الكآبة ويفكر بالانتحار والتخلص من حياته ثم يقرأ عما يجري في بلاده فينتعش بخروجه ونجاته وبقائه حيا ويقضي بقية النهار في بهجة ورضا.

ربما يجلس بجانبك في القطار أحد الارهابيين الانتحاريين وقد شد على بطنه حزام القنبلة. تسنح له ان يتطلع الى جريدتك فيقرأ ما فيها من قصص الغرام وينغمس بقراءتها ويفوت عليه موعد التفجير ويصل القطار نهاية الخط سالما. وتسلم معه انت وجريدتك.

الشيء المزعج في ظاهرة التطفل الجرائدي هو انها ظاهرة فيها تمييز جنسي بين الرجال والنساء. لم تشملها بعد حركة تحرر المرأة والمساواة. فلم الاحظ بعد امرأة في القطار تتطفل عليَّ وتشاركني في قراءة جريدتي. تشرئب بجيدها الجميل وشعرها الناعم نحوي وتقرأ معي فأشم عطرها واسمع انفاسها. قلت لنفسي ربما هذا لان جريدتي التي اقرأها «التايمس» لا تحبها النساء ولا يعبأن بما تقول. استبدلتها بجريدة «الديلي ميرور» الجريدة الشعبية بين النساء والمليئة بأحاديث الحب والغرام وانتهاك الاعراض. ولكن تجربتي كانت فاشلة. لم تتطوع اي حسناء جالسة بجانبي لتميل نحوي وتشاركني القراءة.

اعترف بأن الرجال ايضا لا يجرؤون على التكأكؤ فوق المرأة الجالسة بجانبهم والتطفل على قراءة ما بيدها من الجرائد. اعتقد ان هذا نقص اجتماعي خطير. فلو جرى ذلك وبادر الرجال للتطفل على قراءة جريدة المرأة في القطار او بالعكس ففعلت المرأة ذلك، لأمكن وقوع الكثير من التعارف بين الجنسين. يسألها، تسمحين اقلب الصفحة، فتعتذر، فيقول: لا داعي للاعتذار، اي موضوع تحبين؟ ويبدأ الكلام ولا يصل الرجل نهاية السفرة حتى يكون قد طلب يدها وخطبها عن نفسها. ومبروك عليه، فهل من امرأة احرص على العلم والمعرفة وحب المطالعة من واحدة تشاركك قراءة الجريدة في القطار؟

اعتقد ان المساواة في التطفل الجرائدي غدت العنصر الوحيد الذي ما زال غائبا في حركة مساواة المرأة، مما يلقي على المنظمات النسائية ـ كما اعتقد ـ واجب استئناف النضال من اجل مساواة الرجل في التطفل على الجرائد كقارئ ثقيل.