على
08-25-2005, 06:49 AM
فرح الهاجري
الاختلاف والتباين في الموازييك العراقي قديم، وليس وليد اليوم، ويحكى ان وزير المالية الحاج عبدالمحسن شلاش كان من دعاة الدشداشة والعقال العراقي، ولم يكن يحسن لبس البنطال رغم ان الفكرة السائدة آنذاك ان الافندية وعلية القوم من فئة الجاكيت والبنطال وكان من دعاة المبنطلين آنذاك مأمور استهلاك قضاء الشامية ويدعى غازي الجبوري من لواء الديوانية جنوب العراق، ذهب لزيارة بغداد وعاد بعد بضعة ايام من اللعب والعربدة، فأخذ قطار البصرة وكموظف افندي ركب مقصورة من الدرجة الاولى، فهو لا يحب ان يركب «مع الغوغاء من لبسة الدشاديش» كما يعتقد وعليه جلس يتصفح جريدة «الكناس» لصاحبها ميخائيل تيسي.
ورفع رأسه واذا برجل يلبس دشداشة وعقالا يدخل المقصورة فعاجله بالسؤال «تسمح لي يا سيد هذي درجة اولى؟»، اجابه الرجل: «نعم يا استاذ اعرف انا حاجز فيها»، ازداد مأمور الاستهلاك عجبا واشمئزازا وقال بصوت منخفض «وين وصلت الدنيا بالهزمان؟ اهل الدشاديش صاروا يركبون بالدرجة الاولى؟ هذي كلها من وراء الحكم الوطني طلعوا عيون الناس المعيدي والافندي صاروا سواء؟»!! كتم الجبوري غيظه وجلس يجامل رفيق السفر شلاش وجرهما الحديث الى موضوع تطوير منطقة الشامية التي تقدم سكانها بعريضة الى وزارة المالية يطالبونها فيها بتأسيس مطاحن لطحن الحبوب ومكابس للتمور وبناء مخزن للحنطة فلا يضطر الفلاح الى بيعه بسعر رخيص بعد الحصاد!, فرد الجبوري:
انا ادري انك معيدي وما تعرف شراح اقولك لكن خلينا نتونس هذولي الفلاحين ما عندهم هيش افكار هذي افكار الشيوعيين «يريدون يقطعون خبزة الناس من امثالي»، فراح يروي للمعيدي كيف انه كأمور لا يترك كيس حنطة يمر دون ان يأخذ حقه منه لان في هذا البلد لا يستطيع الموظف ان يعيش بدون رشوة فقال: «شوفني انا جدامك موظف ألبس احسن ملابس ربطتي من الحرير شوفها اغاتي حرير ,,, مو ,,, اي حرير انت وين شايف الحرير وام شاكر زوجتي طامسة ذهب احسن عيشة واليوم انا جاي من سهرة على كيف كيفك اي والله وما اسافر الا درجة اولى حتى العرق ما اشرب الا درجة اولى! اقولك انت لويش راكب درجة اولى!! الحاصل نرجع لسالفتنا «الشيوعيون يريدون مخازن حنطة ومكابس تمر اوف!!!
الله يلعنهم هالكفرة»!! لاحظ الجبوري ان الرجل يستمع اليه باهتمام كبير فاستغرب كثيرا لان من عادة العراقي ان يتكلم ولا يستمع واستغرب اكثر ان هذا الرجل لم يتطرق الى موضوع الحريم والنسوان وانما كانت اسئلته عن الزرع والماء واحوال المزارعين.
فاجابه باقتضاب «شلك بالزرع انتوا المعدان مصيبتكم كبيرة الحكومة تعطيكم فلوس تروحون تأخذون بيها مرة او تشترون تفك تتقاتلون مع بعضكم البعض»! عندما وصل القطار الى الديوانية لاحظ غازي الجبوري ان مصابيح المحطة مضاءة والرصيف نظيف ولا يوجد شحاذون عليه ولا بياعات «روب وقيمر» وانما وجد وجهاء البلد والشرطة في انتظار ضيف كبير، وما ان وقف القطار حتى استقبل وزير المالية استقبالا رسميا وهناك من يقول للرجل صاحب الدشداشة «الحمدالله عالسلامة معالي الوزير اعطيني ايدك صاحب المعالي» فيرد: «استغفر الله» وقف مأمور الاستهلاك يسأل الشرطي «منو هذا الرجال بالدشداشة والعقال؟» فرد عليه: «ما تعرفه وهو كان قاعد وياك، هذا الوزير جاي يبحث معاك موضوع مخازن الحنطة ومكابس التمر»!!
هل الاصلاح يبدأ بانقلاب؟!
ام ان الانقلاب لابد ان يسبقه الاصلاح من اجل بسط الكفاية لا من اجل نشر التفاوت؟
هل اصبحت الضرورة ملحة بمصالحة الاسلام مع العصر الحداثي حتى لا تتصادم قوة الغرب مع عنف الشرق؟ هل باتت الحقيقة هي ما يقال لك وليس ما ترى؟ يقول الكاتب جورج اورويل: «من سمات العصر الحالي ان الحقيقة لم تعد ضرورية فانتصار الحاكم جعل المؤرخين يصفون الملفات وفقا لرغبة النخبة الحاكمة»!!
الاختلاف والتباين في الموازييك العراقي قديم، وليس وليد اليوم، ويحكى ان وزير المالية الحاج عبدالمحسن شلاش كان من دعاة الدشداشة والعقال العراقي، ولم يكن يحسن لبس البنطال رغم ان الفكرة السائدة آنذاك ان الافندية وعلية القوم من فئة الجاكيت والبنطال وكان من دعاة المبنطلين آنذاك مأمور استهلاك قضاء الشامية ويدعى غازي الجبوري من لواء الديوانية جنوب العراق، ذهب لزيارة بغداد وعاد بعد بضعة ايام من اللعب والعربدة، فأخذ قطار البصرة وكموظف افندي ركب مقصورة من الدرجة الاولى، فهو لا يحب ان يركب «مع الغوغاء من لبسة الدشاديش» كما يعتقد وعليه جلس يتصفح جريدة «الكناس» لصاحبها ميخائيل تيسي.
ورفع رأسه واذا برجل يلبس دشداشة وعقالا يدخل المقصورة فعاجله بالسؤال «تسمح لي يا سيد هذي درجة اولى؟»، اجابه الرجل: «نعم يا استاذ اعرف انا حاجز فيها»، ازداد مأمور الاستهلاك عجبا واشمئزازا وقال بصوت منخفض «وين وصلت الدنيا بالهزمان؟ اهل الدشاديش صاروا يركبون بالدرجة الاولى؟ هذي كلها من وراء الحكم الوطني طلعوا عيون الناس المعيدي والافندي صاروا سواء؟»!! كتم الجبوري غيظه وجلس يجامل رفيق السفر شلاش وجرهما الحديث الى موضوع تطوير منطقة الشامية التي تقدم سكانها بعريضة الى وزارة المالية يطالبونها فيها بتأسيس مطاحن لطحن الحبوب ومكابس للتمور وبناء مخزن للحنطة فلا يضطر الفلاح الى بيعه بسعر رخيص بعد الحصاد!, فرد الجبوري:
انا ادري انك معيدي وما تعرف شراح اقولك لكن خلينا نتونس هذولي الفلاحين ما عندهم هيش افكار هذي افكار الشيوعيين «يريدون يقطعون خبزة الناس من امثالي»، فراح يروي للمعيدي كيف انه كأمور لا يترك كيس حنطة يمر دون ان يأخذ حقه منه لان في هذا البلد لا يستطيع الموظف ان يعيش بدون رشوة فقال: «شوفني انا جدامك موظف ألبس احسن ملابس ربطتي من الحرير شوفها اغاتي حرير ,,, مو ,,, اي حرير انت وين شايف الحرير وام شاكر زوجتي طامسة ذهب احسن عيشة واليوم انا جاي من سهرة على كيف كيفك اي والله وما اسافر الا درجة اولى حتى العرق ما اشرب الا درجة اولى! اقولك انت لويش راكب درجة اولى!! الحاصل نرجع لسالفتنا «الشيوعيون يريدون مخازن حنطة ومكابس تمر اوف!!!
الله يلعنهم هالكفرة»!! لاحظ الجبوري ان الرجل يستمع اليه باهتمام كبير فاستغرب كثيرا لان من عادة العراقي ان يتكلم ولا يستمع واستغرب اكثر ان هذا الرجل لم يتطرق الى موضوع الحريم والنسوان وانما كانت اسئلته عن الزرع والماء واحوال المزارعين.
فاجابه باقتضاب «شلك بالزرع انتوا المعدان مصيبتكم كبيرة الحكومة تعطيكم فلوس تروحون تأخذون بيها مرة او تشترون تفك تتقاتلون مع بعضكم البعض»! عندما وصل القطار الى الديوانية لاحظ غازي الجبوري ان مصابيح المحطة مضاءة والرصيف نظيف ولا يوجد شحاذون عليه ولا بياعات «روب وقيمر» وانما وجد وجهاء البلد والشرطة في انتظار ضيف كبير، وما ان وقف القطار حتى استقبل وزير المالية استقبالا رسميا وهناك من يقول للرجل صاحب الدشداشة «الحمدالله عالسلامة معالي الوزير اعطيني ايدك صاحب المعالي» فيرد: «استغفر الله» وقف مأمور الاستهلاك يسأل الشرطي «منو هذا الرجال بالدشداشة والعقال؟» فرد عليه: «ما تعرفه وهو كان قاعد وياك، هذا الوزير جاي يبحث معاك موضوع مخازن الحنطة ومكابس التمر»!!
هل الاصلاح يبدأ بانقلاب؟!
ام ان الانقلاب لابد ان يسبقه الاصلاح من اجل بسط الكفاية لا من اجل نشر التفاوت؟
هل اصبحت الضرورة ملحة بمصالحة الاسلام مع العصر الحداثي حتى لا تتصادم قوة الغرب مع عنف الشرق؟ هل باتت الحقيقة هي ما يقال لك وليس ما ترى؟ يقول الكاتب جورج اورويل: «من سمات العصر الحالي ان الحقيقة لم تعد ضرورية فانتصار الحاكم جعل المؤرخين يصفون الملفات وفقا لرغبة النخبة الحاكمة»!!