على
08-25-2005, 06:39 AM
تحقيق: نورة ناصر
الزواج العرفي اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق، فهو زواج يجري بين رجل وامرأة قد يكون قوليا مشتملا على إظهار الايجاب والقبول بينهما في مجلس واحد وبشهادة الشهود وبولي وبصداق معلوم بينهما ولكن في الغالب يكون من دون إعلان. وتسميته بالزواج العرفي تدل على أن هذا العقد اكتسب مسماه من كونه عرفا اعتاد عليه المجتمع المسلم. ولم يكن المسلمون في يوم من الأيام يهتمون بتوثيق الزواج، ولم يكن ذلك يشكل لهم أي حرج، بل اطمأنت نفوسهم فصار عرفا عرف بالشرع وأقرهم عليه ولم يرده في أي وقت من الأوقات.
وقد انتشر الزواج العرفي في الآونة الأخيرة في الكويت بين الرجل، حتى بات ظاهرة شائعة، والسؤال الذي يفرض نفسه هو ما سبب انتشار هذا الزواج في مجتمع مرفه اقتصاديا ويحق للشباب التزوج بمن يريد؟
تؤكد زينب كاظم أن لهذا النوع من الزواج في الكويت أسبابا كثيرة، وتقول:
ـ قد يتزوج الزوج زواجا شرعيا موثقا، وبعد مرور عدة سنوات وانجاب الأولاد، ومع الملل والبرود في العواطف بينه وبين زوجته، يفكر في الزواج بأخرى ليجدد حياته كما يدعي.
ولأن الزوجة الأولى ترفض مثل هذا الزواج يلجأ الى الزواج العرفي الذي يكون غير موثق حتى لا تعلم به زوجته الأولى، فيعيش في استقرار بلا مشاكل، يكذب على زوجته ويقول لها أنا في الديوانية أو في العمل أو في الشاليه وهو عند الزوجة الجديدة. ولكن عندما يصارحها تبدأ المشاكل ويبدأ النكد، وحتى لا تعكر الزوجة الأولى صفو حياته مع الثانية يفضل الزواج العرفي الذي يكون في السر.
نزوات داخلية
وتبين عائشة طارق أن الرجل يلجأ الى الزواج العرفي تحقيقا لنزواته الداخلية وتوضح قائلة:
ـ فبعد ان يتزوج بالأولى وتصبح أما لعياله يكون قد حقق طموحه في أن يكون له ولد، ثم يرى أن صلاحيتها قد انتهت وأن جسمها تشوّه من الحمل والولادة ويشعر بأنه بحاجة الى زوجة «يتشبب» معها ويرى فيها الجمال كالخصر النحيف والجسم المشدود والبشرة النضرة. فهنا يفكر في الزواج الثاني، ولادراك الزوجة الأولى هدفه من الزواج فإنها حتما سترفض لأن مثل هذا الزواج سيمس أو يجرح كرامتها، وهي تدرك تماما أن الزواج الثاني يكون تحقيقا لنزواته، وأنها صارت غير مرغوب فيها، فالحل يكون عند الرجل باللجوء الى الزواج العرفي الذي يكون سريا وغير موثق.
وتصف حياة محمود المرأة التي تمنع زوجها من الزواج بأخرى أو ثانية بأنها أنانية لأنها لم تفكر فيه كرجل له طاقة زائدة ولا تستطيع بمفردها ان تحقق له رغباته وتقول حياة:
ـ الشرع قنن للرجل ملذاته بالحلال عبر الزواج مثنى وثلاثا ورباعا، وعليه لابد أن يتزوج متى شاء وبلا سبب ولكن عليه أن يعدل، فزواج الرجل بأخرى أفضل من الزنى.
كويتيو اليوم
وترى إيمان عيد أن الرجل الكويتي اليوم مختلف عن الأمس وتبني كلامها بقولها:
ـ في السابق عندما كان يتزوج ثانية يكون ذلك لسبب إما لأنها لا تنجب أو لأنها مريضة ثم يجمع الزوجتين في منزل واحد ويعدل بينهما، وكان يتكلف بالأسرة ويستحق أن يكون السيد في منزله، وأحيانا يضطر الى الزواج بأخرى أثناء سفره إلى الهند، فالكويتيون في السابق كانوا يتاجرون ويركبون البحر في رحلة سفر تمتد تسعة أشهر، وهنا يضطر الرجل الى الزواج بأخرى حتى يحقق لنفسه الراحة والاستقرار النفسي وزوجته في الكويت قد تعلم وقد لا تعلم وهي إن علمت لا تعارض لأنه كان المسؤول الأول والأخير عن الاسرة وعن توفير احتياجاتها المادية والنفسية والاجتماعية.
أما رجل اليوم فهو أناني ويأخذ من دون أن يعطي، وصار يفكر أولا في راتب زوجته وعندما يريد أن يتزوج فلا يتزوج إلا بموظفة، ويأخذ الزوجة العاملة لتسانده في الحياة الصعبة، وتقترض الزوجة القرض الاسكاني وتدخل معه في ديون وتسانده في شراء كل احتياجات المنزل واحتياجات الأولاد.
وبعد أن ينهض ويشتري البيت ويثقلها بالديون يفكر في الزواج عليها، فتكون المكافأة لها هي الزواج عليها بأخرى، ويذهب الخير والحلال إلى زوجة جديدة لم تتعب ولم تشق طريق الحياة معه، فهل هذا الزواج عادل في حق الأولى؟ أعرف سيدة استدانت لبناء بيت العمر وبعد أن سكنت المنزل مع زوجها وأولادها تزوج زوجها بأخرى وعندما صارحها أصيبت بالجلطة وماتت.
سري لأنه ظالم
وتؤيدها في هذا الرأي مناير عماد قائلة:
ـ لو أراد الزوج أن يتزوج مرة أخرى فعليه أن يقنع الأولى بسبب زواجه، ويبين لها جوانب تقصيرها وحجته في ذلك لعلها عندما تعرف جوانب تقصيرها توافق على زواجه أفضل من اللجوء الى الزواج العرفي. أما إذا لجأ الى الزواج العرفي فيكون مقتنعا بأن زوجته غير مقصرة وأنها سترفض مثل هذا الزواج الظالم، وهنا يفضل اللجوء الى العرفي حتى يكون في السر وغير موثق، وبذلك يبتعد عن المشاكل ويترك المسؤولية وانجاب الأطفال على الأولى التي تكون كبش فداء لملذاته.
المحكمة مع المرأة
ويلفت منصور خالد الى أن الرجل الكويتي قد يلجأ الى الزواج العرفي لأن المحكمة في الكويت مع المرأة، ويضيف قائلا:
ـ عندما تعلم الزوجة الأولى برغبة الزوج في الزواج مرة أخرى بثانية فإنها تطلب طلاقها، وهذا الطلاق يمثل عبئا ماديا على الرجل، حيث تلزمه المحكمة بنفقة الأولاد والخادمة والسائق والسكن ويحق لها أن تطلب زيادة مع مرور كل أربع سنوات، فكيف يوفق الرجل ماديا بين التزامات البيت الأول والثاني؟ هنا لابد من ان يلجأ الى الزواج العرفي، حتى لا يثقل بالأعباء المادية ويترك المساعدة للزوجة الأولى التي تسانده قلبا وقالبا مادام لا يفكر في الزواج بالثانية ومادامت لا تعلم بزواجه الثاني فهي تسانده وتساعده ماديا أما إذا علمت فإنها ترفع يدها عن مساندته وهو الخسران.
ويرى نبيل حسن أن الرجل الكويتي قد يلجأ الى الزواج العرفي ليس حفاظا على مشاعر زوجته فقط، وإنما حفاظا على مشاعر أولاده ايضا ويتابع بقوله:
ـ فزواجه بأخرى يعني أنه غير مستقر مع والدتهم وأنه لا يعزها، وقد يحقد الأولاد على أبيهم وعلى زوجة أبيهم، وقد تتزعزع صورة والدهم المثالية، وهنا يلجأ الى الزواج العرفي حتى لا يفقد الأولاد ثقتهم بأبيهم.
هناك طرف ثان
ويؤكد محمد عمر ان الزواج العرفي منتشر في الكويت بين الرجال والسيدات على حد سواء ويضيف قوله:
ـ بعض السيدات يلجأن الى الزواج العرفي حتى لايعلم ابناؤهن وحتى لا يجرحن مشاعرهم بتفكيرهن في الزواج برجل غير أبيهم سواء كن مطلقات أو أرامل. وأحيانا تفكر السيدة في الزواج العرفي حتى لا تخسر راتب زوجها المتوفى، لأن حقها فيه يسقط بعد زواجها.
من جانبه يقول جراح فهد:
ـ إن الزواج العرفي منتشر في الكويت من قبل الرجال والسيدات، وهو زواج شرعي إلا أنه غير موثق، ويكون الهدف منه لم شمل الاسرة، فلو علمت الزوجة أن زوجها سيتزوج عليها، قد تطلب الطلاق وتتشتت الاسرة، وإذا علم الأبناء بأن أمهم ستتزوج يمكن أن يعارضوا أو تفقدهم ويهجروا المنزل، وهنا تفضل بعض الأمهات الزواج العرفي عن الزواج الموثق.
ويضيف جراح ان هناك حالات يتزوج فيها الرجل زواجا في السر وينجب الأولاد من الثانية من دون علم الزوجة، وبعد وفاته تعلم الأولى عند حصر الوراثة أنه متزوج عليها وهي على ذمته وتصدم، ولا تصدق هول الخبر.
أمراض نفسية تدفع إلى الزواج العرفي
كشفت دراسة علمية عن ان اقبال الشباب والفتيات على الزواج العرفي يرجع الى عوامل نفسية عديدة أهمها اضطراب البناء النفسي للشخصية، حيث يغلب عليهم الطابع العدواني، فهم ليس لديهم قيمة أخلاقية أو ضمير يحثهم على التمسك بالآداب والسلوك القويم بل يتصفون بالتمرد والاندفاع والتمركز حول الذات والتملك والأنانية، وعدم الصبر على تحقيق الآمال والطموحات، فهم يتعجلون اشباع حاجاتهم النفسية والمادية من دون النظر الى عادات المجتمع، كما أنهم يفتقدون القدرة والوازع الديني.
ومن خلال بعض الحالات تبين أيضا أن اختلال العلاقات الاسرية وافتقادها للثقافة والوعي والحوار العائلي الدافئ يجعل الاسرة مشتتة ومن ثم تصبح قرارات الابناء منفردة نتيجة فشل الأبوين في التربية، فالزوج من جانبه لا يرى مسؤولية تقع على عاتقه سوى تدبير نفقات المعيشة، والأم تحاول توفير الواجبات المنزلية من دون الاهتمام ببث القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية والثقافة والمعرفة وبناء الضمير للأبناء، وهو ما يؤدي الى خلل في العاطفة وعدم النضج العاطفي، وقد يؤدي ذلك الى انهيار المكون المعنوي للشاب أو الفتاة، ويميل كلاهما الى الانحراف والجنوح الى النزوات وتفريغ الكبت الداخلي بتعجيل اتمام العلاقة العاطفية التي تدعوهما عند كشفها الى التضحية بالأبناء.
وتأتي الدراسة بعينات من المتزوجين عرفيا كشفت عن وجود اسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية وراء اصابة هؤلاء بحالات وأعراض نفسية، فهناك الرجل السيكوباتي الذي يميل الى العدوانية ويرفض تقاليد المجتمع وأعرافه، وهو يسعى الى تكرار مثل هذا الزواج، وقد يكون مرتبطا بزوجة أو اكثر زواجا شرعيا ومع ذلك يلجأ الى الزواج العرفي. وهناك حالات أخرى أيضا تبين معاناتها من بعض الأعراض الهستيرية والميل الى النرجسية، وهناك من افتقد الى الحنان والعاطفة والحب داخل الاسرة وخارجها سواء في محيط الاصدقاء أو المدرسة او الجامعة.
وقد تؤدي الخلافات الاسرية وتردي الحالة الاجتماعية والثقافية الى تدهور الحالة النفسية للابناء وهو ما أكدته أحدث الابحاث الاميركية في مجال الاسرة من أن الطفل الذي ينشأ في اسرة تكثر فيها الخلافات ينشأ نشأة غير سوية نفسيا ومعنويا.
النقي: الكويتية نالت حقوقها السياسية وبقيت الاجتماعية
تؤكد المحامية نجلاء النقي ظهور زيجات سرية في الكويت منها زواج الصيغة، وزواج المسيار والزواج العرفي وتقول: فزواج الصيغة يعرف بزواج المتعة وبلا شهود، والزواج العرفي زواج فيه شهود وولي ولكنه غير موثق. أما زواج المسيار فيوثق بالمحكمة ولكن لا يتكفل الزوج بالسكن بل يُسيِّر عليها.
وكل هذه الأنواع من الزيجات اشتهرت في الكويت وانتشرت انتشارا كبيرا وصارت مثل الخلايا السرطانية لا يستطيع احد التحكم فيها. وهي تحدث سرا في تكتم شديد، ومثل هذا الزواج الذي يكون في السر يبخس المرأة حقها، فالكويتية اليوم تكافح مع الرجل وتحتضن أولادها وتسانده وتساعده ماديا ومعنويا وتكون المكافأة في النهاية الزواج عليها».
وتذهب النقي الى ان الزواج العرفي في المجتمعات العربية له أسبابه، وأهمها السبب الاقتصادي وتقول: فالشاب لا يقوى على نفقات الزواج، فيلجأ الى الزواج العرفي الذي لا يكلفه ماديا. أما في الكويت فللزواج العرفي أسبابه لأن السبب الاقتصادي لا يشكل عبئا، فالحكومة الرشيدة تساند الشاب في زواجه وتعطيه المهر (أربعة آلاف) ثم تعطيه بدل إيجار وبعد مرور 15 عاما تعطيه البيت، فنحن ولله الحمد في رخاء، ولكن الرجل يلجأ الى الزواج العرفي لدوافعه الشخصية، فقد يكون لضعف منه ولعدم جرأته على مواجهة زوجته ومواجهة المجتمع ككل، لأنه على ثقة بأنه سيهاجم إذا أعلن زواجه الثاني لأنه غير محق فيه، ولأن زوجته لا تستحق ان يكافئها بأخرى، وأحيانا يخشى الطلاق فبعض الزوجات يفضلن الطلاق على أن يتزوج أزواجهن عليهن خاصة إذا كن غير مقصرات في حقهم.
وختمت النقي حديثها بالتأكيد على أن المرأة الكويتية نالت حقوقها السياسية لكنها لم تحصل على حقوقها الاجتماعية، «فهي في نظر المجتمع مختلفة عن الرجل الذي يحق له في مجتمعنا ان يفعل ما يريد بحجة أنه «شايل عيبه» والبنت الكويتية في الأسرة نفسها تحرم حتى من زيارة لصديقتها.
الزواج العرفي اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق، فهو زواج يجري بين رجل وامرأة قد يكون قوليا مشتملا على إظهار الايجاب والقبول بينهما في مجلس واحد وبشهادة الشهود وبولي وبصداق معلوم بينهما ولكن في الغالب يكون من دون إعلان. وتسميته بالزواج العرفي تدل على أن هذا العقد اكتسب مسماه من كونه عرفا اعتاد عليه المجتمع المسلم. ولم يكن المسلمون في يوم من الأيام يهتمون بتوثيق الزواج، ولم يكن ذلك يشكل لهم أي حرج، بل اطمأنت نفوسهم فصار عرفا عرف بالشرع وأقرهم عليه ولم يرده في أي وقت من الأوقات.
وقد انتشر الزواج العرفي في الآونة الأخيرة في الكويت بين الرجل، حتى بات ظاهرة شائعة، والسؤال الذي يفرض نفسه هو ما سبب انتشار هذا الزواج في مجتمع مرفه اقتصاديا ويحق للشباب التزوج بمن يريد؟
تؤكد زينب كاظم أن لهذا النوع من الزواج في الكويت أسبابا كثيرة، وتقول:
ـ قد يتزوج الزوج زواجا شرعيا موثقا، وبعد مرور عدة سنوات وانجاب الأولاد، ومع الملل والبرود في العواطف بينه وبين زوجته، يفكر في الزواج بأخرى ليجدد حياته كما يدعي.
ولأن الزوجة الأولى ترفض مثل هذا الزواج يلجأ الى الزواج العرفي الذي يكون غير موثق حتى لا تعلم به زوجته الأولى، فيعيش في استقرار بلا مشاكل، يكذب على زوجته ويقول لها أنا في الديوانية أو في العمل أو في الشاليه وهو عند الزوجة الجديدة. ولكن عندما يصارحها تبدأ المشاكل ويبدأ النكد، وحتى لا تعكر الزوجة الأولى صفو حياته مع الثانية يفضل الزواج العرفي الذي يكون في السر.
نزوات داخلية
وتبين عائشة طارق أن الرجل يلجأ الى الزواج العرفي تحقيقا لنزواته الداخلية وتوضح قائلة:
ـ فبعد ان يتزوج بالأولى وتصبح أما لعياله يكون قد حقق طموحه في أن يكون له ولد، ثم يرى أن صلاحيتها قد انتهت وأن جسمها تشوّه من الحمل والولادة ويشعر بأنه بحاجة الى زوجة «يتشبب» معها ويرى فيها الجمال كالخصر النحيف والجسم المشدود والبشرة النضرة. فهنا يفكر في الزواج الثاني، ولادراك الزوجة الأولى هدفه من الزواج فإنها حتما سترفض لأن مثل هذا الزواج سيمس أو يجرح كرامتها، وهي تدرك تماما أن الزواج الثاني يكون تحقيقا لنزواته، وأنها صارت غير مرغوب فيها، فالحل يكون عند الرجل باللجوء الى الزواج العرفي الذي يكون سريا وغير موثق.
وتصف حياة محمود المرأة التي تمنع زوجها من الزواج بأخرى أو ثانية بأنها أنانية لأنها لم تفكر فيه كرجل له طاقة زائدة ولا تستطيع بمفردها ان تحقق له رغباته وتقول حياة:
ـ الشرع قنن للرجل ملذاته بالحلال عبر الزواج مثنى وثلاثا ورباعا، وعليه لابد أن يتزوج متى شاء وبلا سبب ولكن عليه أن يعدل، فزواج الرجل بأخرى أفضل من الزنى.
كويتيو اليوم
وترى إيمان عيد أن الرجل الكويتي اليوم مختلف عن الأمس وتبني كلامها بقولها:
ـ في السابق عندما كان يتزوج ثانية يكون ذلك لسبب إما لأنها لا تنجب أو لأنها مريضة ثم يجمع الزوجتين في منزل واحد ويعدل بينهما، وكان يتكلف بالأسرة ويستحق أن يكون السيد في منزله، وأحيانا يضطر الى الزواج بأخرى أثناء سفره إلى الهند، فالكويتيون في السابق كانوا يتاجرون ويركبون البحر في رحلة سفر تمتد تسعة أشهر، وهنا يضطر الرجل الى الزواج بأخرى حتى يحقق لنفسه الراحة والاستقرار النفسي وزوجته في الكويت قد تعلم وقد لا تعلم وهي إن علمت لا تعارض لأنه كان المسؤول الأول والأخير عن الاسرة وعن توفير احتياجاتها المادية والنفسية والاجتماعية.
أما رجل اليوم فهو أناني ويأخذ من دون أن يعطي، وصار يفكر أولا في راتب زوجته وعندما يريد أن يتزوج فلا يتزوج إلا بموظفة، ويأخذ الزوجة العاملة لتسانده في الحياة الصعبة، وتقترض الزوجة القرض الاسكاني وتدخل معه في ديون وتسانده في شراء كل احتياجات المنزل واحتياجات الأولاد.
وبعد أن ينهض ويشتري البيت ويثقلها بالديون يفكر في الزواج عليها، فتكون المكافأة لها هي الزواج عليها بأخرى، ويذهب الخير والحلال إلى زوجة جديدة لم تتعب ولم تشق طريق الحياة معه، فهل هذا الزواج عادل في حق الأولى؟ أعرف سيدة استدانت لبناء بيت العمر وبعد أن سكنت المنزل مع زوجها وأولادها تزوج زوجها بأخرى وعندما صارحها أصيبت بالجلطة وماتت.
سري لأنه ظالم
وتؤيدها في هذا الرأي مناير عماد قائلة:
ـ لو أراد الزوج أن يتزوج مرة أخرى فعليه أن يقنع الأولى بسبب زواجه، ويبين لها جوانب تقصيرها وحجته في ذلك لعلها عندما تعرف جوانب تقصيرها توافق على زواجه أفضل من اللجوء الى الزواج العرفي. أما إذا لجأ الى الزواج العرفي فيكون مقتنعا بأن زوجته غير مقصرة وأنها سترفض مثل هذا الزواج الظالم، وهنا يفضل اللجوء الى العرفي حتى يكون في السر وغير موثق، وبذلك يبتعد عن المشاكل ويترك المسؤولية وانجاب الأطفال على الأولى التي تكون كبش فداء لملذاته.
المحكمة مع المرأة
ويلفت منصور خالد الى أن الرجل الكويتي قد يلجأ الى الزواج العرفي لأن المحكمة في الكويت مع المرأة، ويضيف قائلا:
ـ عندما تعلم الزوجة الأولى برغبة الزوج في الزواج مرة أخرى بثانية فإنها تطلب طلاقها، وهذا الطلاق يمثل عبئا ماديا على الرجل، حيث تلزمه المحكمة بنفقة الأولاد والخادمة والسائق والسكن ويحق لها أن تطلب زيادة مع مرور كل أربع سنوات، فكيف يوفق الرجل ماديا بين التزامات البيت الأول والثاني؟ هنا لابد من ان يلجأ الى الزواج العرفي، حتى لا يثقل بالأعباء المادية ويترك المساعدة للزوجة الأولى التي تسانده قلبا وقالبا مادام لا يفكر في الزواج بالثانية ومادامت لا تعلم بزواجه الثاني فهي تسانده وتساعده ماديا أما إذا علمت فإنها ترفع يدها عن مساندته وهو الخسران.
ويرى نبيل حسن أن الرجل الكويتي قد يلجأ الى الزواج العرفي ليس حفاظا على مشاعر زوجته فقط، وإنما حفاظا على مشاعر أولاده ايضا ويتابع بقوله:
ـ فزواجه بأخرى يعني أنه غير مستقر مع والدتهم وأنه لا يعزها، وقد يحقد الأولاد على أبيهم وعلى زوجة أبيهم، وقد تتزعزع صورة والدهم المثالية، وهنا يلجأ الى الزواج العرفي حتى لا يفقد الأولاد ثقتهم بأبيهم.
هناك طرف ثان
ويؤكد محمد عمر ان الزواج العرفي منتشر في الكويت بين الرجال والسيدات على حد سواء ويضيف قوله:
ـ بعض السيدات يلجأن الى الزواج العرفي حتى لايعلم ابناؤهن وحتى لا يجرحن مشاعرهم بتفكيرهن في الزواج برجل غير أبيهم سواء كن مطلقات أو أرامل. وأحيانا تفكر السيدة في الزواج العرفي حتى لا تخسر راتب زوجها المتوفى، لأن حقها فيه يسقط بعد زواجها.
من جانبه يقول جراح فهد:
ـ إن الزواج العرفي منتشر في الكويت من قبل الرجال والسيدات، وهو زواج شرعي إلا أنه غير موثق، ويكون الهدف منه لم شمل الاسرة، فلو علمت الزوجة أن زوجها سيتزوج عليها، قد تطلب الطلاق وتتشتت الاسرة، وإذا علم الأبناء بأن أمهم ستتزوج يمكن أن يعارضوا أو تفقدهم ويهجروا المنزل، وهنا تفضل بعض الأمهات الزواج العرفي عن الزواج الموثق.
ويضيف جراح ان هناك حالات يتزوج فيها الرجل زواجا في السر وينجب الأولاد من الثانية من دون علم الزوجة، وبعد وفاته تعلم الأولى عند حصر الوراثة أنه متزوج عليها وهي على ذمته وتصدم، ولا تصدق هول الخبر.
أمراض نفسية تدفع إلى الزواج العرفي
كشفت دراسة علمية عن ان اقبال الشباب والفتيات على الزواج العرفي يرجع الى عوامل نفسية عديدة أهمها اضطراب البناء النفسي للشخصية، حيث يغلب عليهم الطابع العدواني، فهم ليس لديهم قيمة أخلاقية أو ضمير يحثهم على التمسك بالآداب والسلوك القويم بل يتصفون بالتمرد والاندفاع والتمركز حول الذات والتملك والأنانية، وعدم الصبر على تحقيق الآمال والطموحات، فهم يتعجلون اشباع حاجاتهم النفسية والمادية من دون النظر الى عادات المجتمع، كما أنهم يفتقدون القدرة والوازع الديني.
ومن خلال بعض الحالات تبين أيضا أن اختلال العلاقات الاسرية وافتقادها للثقافة والوعي والحوار العائلي الدافئ يجعل الاسرة مشتتة ومن ثم تصبح قرارات الابناء منفردة نتيجة فشل الأبوين في التربية، فالزوج من جانبه لا يرى مسؤولية تقع على عاتقه سوى تدبير نفقات المعيشة، والأم تحاول توفير الواجبات المنزلية من دون الاهتمام ببث القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية والثقافة والمعرفة وبناء الضمير للأبناء، وهو ما يؤدي الى خلل في العاطفة وعدم النضج العاطفي، وقد يؤدي ذلك الى انهيار المكون المعنوي للشاب أو الفتاة، ويميل كلاهما الى الانحراف والجنوح الى النزوات وتفريغ الكبت الداخلي بتعجيل اتمام العلاقة العاطفية التي تدعوهما عند كشفها الى التضحية بالأبناء.
وتأتي الدراسة بعينات من المتزوجين عرفيا كشفت عن وجود اسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية وراء اصابة هؤلاء بحالات وأعراض نفسية، فهناك الرجل السيكوباتي الذي يميل الى العدوانية ويرفض تقاليد المجتمع وأعرافه، وهو يسعى الى تكرار مثل هذا الزواج، وقد يكون مرتبطا بزوجة أو اكثر زواجا شرعيا ومع ذلك يلجأ الى الزواج العرفي. وهناك حالات أخرى أيضا تبين معاناتها من بعض الأعراض الهستيرية والميل الى النرجسية، وهناك من افتقد الى الحنان والعاطفة والحب داخل الاسرة وخارجها سواء في محيط الاصدقاء أو المدرسة او الجامعة.
وقد تؤدي الخلافات الاسرية وتردي الحالة الاجتماعية والثقافية الى تدهور الحالة النفسية للابناء وهو ما أكدته أحدث الابحاث الاميركية في مجال الاسرة من أن الطفل الذي ينشأ في اسرة تكثر فيها الخلافات ينشأ نشأة غير سوية نفسيا ومعنويا.
النقي: الكويتية نالت حقوقها السياسية وبقيت الاجتماعية
تؤكد المحامية نجلاء النقي ظهور زيجات سرية في الكويت منها زواج الصيغة، وزواج المسيار والزواج العرفي وتقول: فزواج الصيغة يعرف بزواج المتعة وبلا شهود، والزواج العرفي زواج فيه شهود وولي ولكنه غير موثق. أما زواج المسيار فيوثق بالمحكمة ولكن لا يتكفل الزوج بالسكن بل يُسيِّر عليها.
وكل هذه الأنواع من الزيجات اشتهرت في الكويت وانتشرت انتشارا كبيرا وصارت مثل الخلايا السرطانية لا يستطيع احد التحكم فيها. وهي تحدث سرا في تكتم شديد، ومثل هذا الزواج الذي يكون في السر يبخس المرأة حقها، فالكويتية اليوم تكافح مع الرجل وتحتضن أولادها وتسانده وتساعده ماديا ومعنويا وتكون المكافأة في النهاية الزواج عليها».
وتذهب النقي الى ان الزواج العرفي في المجتمعات العربية له أسبابه، وأهمها السبب الاقتصادي وتقول: فالشاب لا يقوى على نفقات الزواج، فيلجأ الى الزواج العرفي الذي لا يكلفه ماديا. أما في الكويت فللزواج العرفي أسبابه لأن السبب الاقتصادي لا يشكل عبئا، فالحكومة الرشيدة تساند الشاب في زواجه وتعطيه المهر (أربعة آلاف) ثم تعطيه بدل إيجار وبعد مرور 15 عاما تعطيه البيت، فنحن ولله الحمد في رخاء، ولكن الرجل يلجأ الى الزواج العرفي لدوافعه الشخصية، فقد يكون لضعف منه ولعدم جرأته على مواجهة زوجته ومواجهة المجتمع ككل، لأنه على ثقة بأنه سيهاجم إذا أعلن زواجه الثاني لأنه غير محق فيه، ولأن زوجته لا تستحق ان يكافئها بأخرى، وأحيانا يخشى الطلاق فبعض الزوجات يفضلن الطلاق على أن يتزوج أزواجهن عليهن خاصة إذا كن غير مقصرات في حقهم.
وختمت النقي حديثها بالتأكيد على أن المرأة الكويتية نالت حقوقها السياسية لكنها لم تحصل على حقوقها الاجتماعية، «فهي في نظر المجتمع مختلفة عن الرجل الذي يحق له في مجتمعنا ان يفعل ما يريد بحجة أنه «شايل عيبه» والبنت الكويتية في الأسرة نفسها تحرم حتى من زيارة لصديقتها.