المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الابتسامة في العمل ولو تصنعا تشيع السعادة فيه



مجاهدون
08-24-2005, 08:00 AM
كتب محمـد النغيمش


تبسمك في وجه زملاء العمل، ولو بشيء من التصنع، يعد سببا للسعادة. هذا ما توصلت إليه دراسة لجامعة هارفارد العريقة، أظهرت أيضا أن كبت الغضب وغيره من مشاعر سلبية يؤدي إلى مستوى متدن من الرضا الوظيفي، ويولد لدى الموظف رغبة في التوقف عن العمل.

وبينت الدراسة أن من يظهر لزملائه بأنه أكثر سعادة من واقعه يترك تأثيرا إيجابيا ليس على الزملاء وحدهم وإنما يمتد هذا التأثير في الموظف المبتسم نفسه. أما كبت المشاعر السلبية فيؤدي إلى تأثير سلبي.


هذه الدراسة العلمية كانت بإشراف لورا روبورت بكلية هارفارد للأعمال وستيفان كوتي من كلية الإدارة في جامعة تورينتو في كندا.

وتأكدت حقيقة معروفة لدى معظم الناس وهي أنه «إذا شعر زملاؤنا بأننا غير صادقين في ابتساماتنا ونبرة صوتنا فإن ردة فعلهم لن تكون إيجابية بطبيعة الحال». وفي هذا رد صريح على المديرين الذين ينتظرون استقبال موظفيهم لهم بالابتسامة الصباحية أو بإلقاء التحية عليهم.

والناس في الابتسامة نوعان: نوع ينتظر مبادرة الآخرين بالابتسامة كي يرد عليها ونوع يبادر ولا ينتظر. ولا شك في أن النوع الثاني هو الأكثر ألفة ومحبة بين زملائهم سواء في العمل أو خارجه.


المشاعر الايجابية مفتاح القبول
وصار مؤكدا للباحثين أن من لا يراعون مشاعر الآخرين أو يعدون من «ذوي الوجهين» فإن مصداقيتهم تهتز ويجدون صعوبة في التواصل مع الآخرين. والعكس صحيح، فإن من يظهرون المشاعر الإيجابية الصادقة ينعمون بتفاعل أفضل من قبل الآخرين وهو ما ينتج عن شعورهم بالسعادة.

ولا يعد إظهار السعادة (بالابتسامة أو غيرها) أسلوبا جيدا في التعامل مع مسؤولينا المباشرين وزملاء العمل فقط، وإنما هو أمر مطلوب مع زوجاتنا وأقربائنا وسائر من اعتدنا على رؤيتهم يوميا بحسب الباحثة روبورت. وأكدت أن المبالغة في إظهار السعادة من شأنها تفعيل العلاقة إيجابيا بين الأزواج... وعلى النقيض فإن كبت ما يحزننا عن أحبابنا يرفع مستوى الضغوط الحياتية على كلا الطرفين.

وتضيف أنه من الطبيعي «أن يواجه الإنسان أخبارا سيئة ولكن التعامل معها على طريقة التفكير الإيجابي سيسهل عملية التعامل معها». وتؤكد أن التفكير السلبي يجعل أفق التفكير ضيقا.


ابتسامة الهاتف
وللذين يحاولون خداع مسؤوليهم أو عملائهم بالابتسامة الزائفة عبر الهاتف نقول لهم إن بحثا علميا آخر يحذرهم من أن صوت المبتسم يمكن معرفته عبر الهاتف. إذ يقول الدكتور رودي كاوي أستاذ علم النفس بجامعة كوينز في بلفاست بإيرلندا الشمالية إنه عندما يبتسم الإنسان فإن بعض عضلات الوجه تنقبض فيؤدي ذلك إلى قصر المسافة بين الحنجرة والشفتين فيتغير الصوت على نحو ملحوظ.

وثبت علميا أن أنظمة الاستماع المعقدة في المخ البشري قادرة على التمييز بين تلك الاختلافات وربطها بتعبيرات الوجه والحالة النفسية للمتحدث. ويعني هذا عمليا أن الناس يستطيعون رصد ابتسامة محدثيهم من دون رؤيتهم لوجوههم.

وللمخ البشري قدرة خارقة على تمييز الاختلاف الذي يطرأ على الصوت عند الابتسام لا يضاهيه فيها أحدث أجهزة الكمبيوتر.

وللبرهنة على ذلك أجريت تجربة عملية استعين فيها بسيدتين من التوائم المتطابقين الذين يصعب التفرقة بين أصواتهم. وطلب من إحداهما تلاوة بعض الجمل وهي مبتسمة، ومن الأخرى تلاوة الجملة نفسها من دون ابتسام. ثم عرض التسجيلان على عدد من المتطوعين فتمكن أكثر من 90 في المائة منهم التعرف على صوت السيدة المبتسمة!

كما أظهرت إحدى التجارب أن حالات أخرى ثبت فيها أن صوت الإنسان يترك انطباعا مؤثرا في مستمعيه. فقد فاز البريطاني جيمي ويبر الذي يعمل في تسويق المنتجات التجارية عبر الهاتف بجائزة عن ابتكاره أسلوب تسويق يعتمد على أمر بسيط للغاية وهو أن يبتسم مندوب المبيعات أثناء الحديث مع عملائه على الهاتف. وثبت علميا أن مجرد ابتسام البائع أثناء الحديث مع العملاء يبعث الارتياح في نفوسهم فيسهل عليه إقناعهم بشراء المنتج الذي يسوقه.

وفي حالة أخرى لرجل كان يعمل سائقا لقطارات الأنفاق في لندن وكان صوته يلقى ارتياح الركاب ويثير سرورهم عند النداء عليهم أثناء التوقف في المحطات من خلال السماعات الموزعة في عربات القطار.

وتبنت شركات الإنتاج الفني والإعلاني هذه الموهبة فأقنعت صاحبها بترك مهنة قيادة القطارات والتحول إلى قراءة الإعلانات الإذاعية والتلفزيونية وأداء أدوار في أفلام الرسوم المتحركة.


الفم مركز التعبير
بالفعل.. يعد وجه الإنسان مركز تعابيره وحالته النفسية. فقد أظهر بحث علمي بأن الناس ينظرون إلى الجزء السفلي من الوجه عند رغبتهم في معرفة نفسية الشخص الذي أمامهم بحسب بحث لمركز العلوم الصحية بجامعة أوكلاهوما الأميركية. ويتأكد صحة ذلك عندما نلقي السلام على صديق في مكان مليء بالضوضاء المزعجة كالحفل الصاخب مثلا، إذ تنظر أعيننا تلقائيا إلى فمه لمعرفة ردة الفعل.

الابتسامة سواء كانت وجها لوجه أو عبر سماعة الهاتف تعد أقل مجهود يمكننا القيام به لإشاعة السعادة في بيئة العمل أو خارجه، وللذين يجدونها عسيرة عليهم، لابد أنهم لم يعودوا أنفسهم عليها... ومازال في الوقت متسعا لتدارك ذلك.


mohammed@nughaimish.com