المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دوشة ليلية .... أسامة غريب



كوثر
12-15-2021, 10:47 PM
https://mediaaws.almasryalyoum.com/editor/Ossama3'areeb.jpg

دوشة ليلية - أسامة غريب

الجمعة

29-10-2021

رحلة الطائرة إلى أمريكا شاقة ومرهقة، والساعات الطويلة التى يقضيها الراكب على كرسيه تشكل مشكلة تحتاج إلى حل. بعض الركاب يتناول حبة منومة ولا يصحو قبل أن تحط الطائرة على الأرض، وبعضهم يلجأ لمشاهدة الأفلام أو القراءة أو الدردشة مع الراكب المجاور.

كنت عائدًا من نيويورك وجاءت جلستى بجوار طبيب مصرى أمريكى من كبار جراحى العظام فى الولايات المتحدة. سرعان ما تعارفنا وبدأ بيننا حوار. الحديث معه شيق فهو متفتح العقل متقد الذهن رغم كبر سنه، وهو مطلع على ما يجرى فى العالم ومتابع لما يحدث فى مصر، وهو على هذا مستمع جيد شغوف بأن يعرف الجديد ويتعرف على وجهات نظر مختلفة. وقد دار بيننا الحوار فى جو من الألفة وبدا أن كلا منا يعرف الآخر منذ زمن.

لهذا فقد كان مفاجئًا أن يقطع حوارنا صوت نسائى أتى من الصف الذى يجاورنا.. صوت امرأة غاضبة مغطاة ببطانية ولا يظهر منها سوى شعر منكوش وعينان تلمعان فى الظلام. قالت: حرام عليكم يا ظَلَمة.. ما أنتما؟ ألا تحسان؟.. ست ساعات مضت من زمن الرحلة وأنتما لا تكفان عن الثرثرة والكلام.. خرقتما طبلة أذنى واقتحمتما الجمجمة.. لقد دفعت ثمن درجة رجال الأعمال لأنعم بالهدوء وأنام طوال زمن الرحلة دون أن يضايقنى أحد، فإذا بى أجد نفسى فى محاورة تدور فوق رأسى تشبه محاورات اليونانيين القدماء الذين كانوا يستمتعون بالجدل ولا يتعبون أبدا!.

ألجمنا الموقف فظللنا ننظر للمرأة ثم ننظر لبعضنا البعض فى صمت ولا ندرى بماذا نرد على المرأة الغاضبة، التى عاودت الصياح بعدما أغراها سكوتنا فانطلقت مواصلة: لماذا لا تشاهدان التليفزيون مثلما يفعل الناس؟، لماذا لا تقضيان الوقت فى القراءة الصامتة؟، بل لماذا لا تنامان مثل بقية بنى البشر؟.. إن الموعد المسائى لإقلاع الرحلة يؤكد أن جميع الركاب قد وصلوا للمطار منهكين، لذا فهم بين نائم ومسترخٍ.. أنتما الوحيدان أصحاب الدماغ المصفحة، لا تتعبان ولا تيأسان ولا ترقّان لحالى.

وهنا وجدت رفيقى الطبيب يُخرج من جيبه حبة دواء ويقول للمرأة فى ذوق بالغ: خذى يا هانم.. هذه حبة مهدئة يأخذها المسافرون الراغبون فى النوم.. ستجعلك تذهبين فى نوم مريح ولن يزعجك صوتنا بعد ذلك.

لكن المرأة ردت بحدة: لا أريد حبوب زفت.. لو كنت أريد النوم بحبوب لأخذت من تلقاء نفسى، لكنى أريد نومًا طبيعيًا. شعرت بالحرج فقلت للمرأة: يا ست الكل.. إن صوتنا ليس عاليًا، لكن الصمت التام داخل الطائرة هو ما يشعرك بهذا، ثم لماذا صبرتِ علينا ست ساعات دون أن تنبهينا لنخفض صوتنا؟. قالت: ظننتكما ستحسّان «على دمكم» فتصمتان وتنامان.

كان واضحًا أنها مجهدة عصبيًا ولا تجيد التفاهم مع الناس.

فى الساعات التالية حتى الوصول للقاهرة استمر الحوار بينى وبين جارى- بعد خفض الصوت- عن حدود وحقوق الركاب على الطائرة، وهل يحق لراكب إخراس آخر لأنه ينزعج من صوته أو لا يستسيغ حديثه، وهل يحق له الاعتراض على الجلوس بجوار راكب يمتعض من شكله أو يضيق برائحة عطره مثلًا؟.. وما زلت للآن لم أصل فى هذا الموضوع لإجابة شافية.

https://www.almasryalyoum.com/news/details/2449646

كوثر
12-15-2021, 10:52 PM
المسافرون خصوصا للمسافات البعيدة يحتاجون إلى الراحة

وكونك يا سيادة الطبيب وكاتب المقال مرتاحان لايعطيكما الحق في إزعاج الآخرين

يمكنكما تبادل التلفونات والتفرغ للكلام فيما بعد عندما تصلان إلى وجهتيكما