فاطمي
12-13-2021, 08:59 PM
عربي بوست
ترجمة
تم النشر: 2021/12/13
https://lh3.googleusercontent.com/proxy/PKcsrfyEHqMmVI1V1i2viRoupCP_FxT6gKjJJ63KGAtwLGlKeP 1IIFb33hbzVSsY-80zDcJjDDPwAs2sn2CRgbr1mH6QvJtDah-pLsXK0f6VEjAANuib9soWYv1HIhNkOSUDR0FSEKMSp7f5jAafF OL4tBt3HqmsIdWG
تلسكوب جيمس ويب العملاق/ رويترز
مرصد فلكي عملاق استغرق بناؤه نحو 20 عاماً وتكلف نحو 10 مليارات دولار يستعد للانطلاق إلى الفضاء؛ ليكون عين البشر القادرة على كشف أعمق أسرار الكون، فهل نكتشف مخلوقات فضائية قريباً؟
إذ إن سعي البشر لاكتشاف أسرار الكون العميقة يتواصل دون توقف منذ نجاح الروس والأمريكيين في الوصول إلى القمر قبل أكثر من 6 عقود، ومؤخراً انتقل الصراع بين القوى الكبرى من الأرض إلى السماء، وسط مخاوف من عسكرة الفضاء.
لكن خلال أيام سيشق مرصد فلكي عملاق، غير مسبوق في حجمه وتقنية عمله المتطورة، طريقه إلى السماء ليتخذ مكانه خلف القمر ويشرع في رصد الكون العميق وتقديم صورة واضحة ومفصلة عن أسرار ذلك الكون للمرة الأولى في تاريخ البشرية.
القصة تناولتها صحيفة The Times البريطانية في تقرير بعنوان "تلسكوب جيمس ويب الفضائي": عين في السماء تنفذ بنا إلى أسرار الكون"، تناول قصة بناء التلسكوب العملاق ومواصفاته وطبيعة المهمة الموكلة إليه.
متى تبدأ مهمة التلسكوب العملاق؟
في وقت لاحق من الشهر الجاري قد ينفذ البشر إلى عالم جديد من أسرار الكون، ففي يوم الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الأول، يُطلق علماء الفلك أكبر مرصد فلكي عرفته البشرية والأكثر تقدماً على الإطلاق.
يحمل المرصد اسم "تلسكوب جيمس ويب الفضائي"، على اسم الرئيس الثاني لوكالة ناسا الأمريكية، الذي كان رئيساً للوكالة في عهد الرئيسين الأمريكيين جون إف كينيدي، وليندون جونسون.
واستغرق إنشاء المرصد الفلكي العملاق عقدين من الزمن وبلغت تكلفته 9.69 مليار دولار أمريكي، لكنه سيُغيّر إدراكنا للكون وبداية وجودنا، وربما طبيعة بحثنا في الحياة نفسها.
يشارك في مشروع التلسكوب وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) ووكالة الفضاء الكندية، وهو مزوّد بمرآة سداسية الأضلاع مصنوعة من البيريليوم المطلي بالذهب وقطرها 6.5 متر، ويجمع الضوء بمقدار يفوق أي تلسكوب فضائي آخر.
ويعني كل ذلك توفير رؤية للسماء بطريقة لم يبلغها البشر من قبل، من المجرات والكواكب إلى ميلاد الكون نفسه. يقول مارك ماكوغرين، كبير مستشاري العلوم والاستكشاف في وكالة الفضاء الأوروبية: "لقد بنينا آلة زمكان".
بدأ العمل على هذا التلسكوب منذ منتصف التسعينيات، بعد أن كانت وكالة ناسا أطلقت "تلسكوب هابل الفضائي" في عام 1990، والذي كان في حد ذاته ثورة في معارفنا الكونية، لكن علماء الفلك ظلوا يحلمون بالخطوة القادمة بعد ذلك.
وكان السؤال: هل يمكن إطلاق شيء أعظم بكثير في التصميم والطموح في مطلع القرن الحادي والعشرين، شيء يتفوق على تلسكوب هابل ويكشف أعمق أسرار الكون؟
لماذا تأخر إطلاقه عشر سنوات؟
جاء تلسكوب جيمس ويب لتلبية هذا الطموح، وكان من المقرر إطلاقه في عام 2011 بجزء بسيط من تكلفته الحالية، لكن المشروع عانى تأخيرات عدة وتجاوزات في الميزانية الموضوعة له. ومع ذلك، فإن الأمر لا يرجع إلى سوء الإدارة، بل إلى مقدار القفزة التكنولوجية التي قطعها هذا التلسكوب في تصميمه.
يقول ماكوغرين، من وكالة الفضاء الأوروبية: "لقد بنينا حلماً. ربما كنا نستخف بصعوبة بناء هذا الحلم، لكننا حققناه في النهاية". وقد عمل في المشروع إجمالاً عشرات الآلاف من الأشخاص.
كانت الخطة الأولية هي نقل التلسكوب من موقع بنائه في كاليفورنيا إلى موقع الإطلاق في غويانا الفرنسية، على الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا الجنوبية. لكن التلسكوب كان ثقيلاً جداً على نحو يستعصي معه نقله عبر 90 كيلومتراً من الطرق غير المستقرة من المطار إلى موقع الإطلاق.
ومن ثم، شُحن التلسكوب في أكتوبر/تشرين الأول عبر قناة بنما ثم عبر نهر كورو في غويانا الفرنسية، والذي خضع للتمهيد حتى لا يعترض شيء طريقَ السفينة وحمولتها الثقيلة. وقد أُبقي توقيت الرحلة طي السرية حذراً من القراصنة.
من غويانا، سينطلق التلسكوب إلى الفضاء ويحلق لأكثر من 30 يوماً إلى مكان يبعد نحو 1.6 مليون كيلومتر من كوكبنا، بعيداً عن شمسنا، وراء القمر في منطقة تُسمى نقطة "لاجرانج 2″، أو L2، حيث تلغي جاذبية الشمس والأرض بعضهما، ما يُتيح للتلسكوب البقاء مستقراً في مكانه.
في الطريق، يفتح التلسكوب 18 قطعة مرآة سداسية مطلية بالذهب، لتتكون مرآته العملاقة في هيئة سداسية، وهي محمية من وهج الشمس بدرعٍ من خمس طبقات بحجم ملعب التنس ومغلفة بمادة الكابتون، وهي غشاء عازل من بوليميد البلاستيك يُبقي على درجة الحرارة أقل من -220 درجة مئوية.
كما ينشر التلسكوب أجهزته ومكوناته أثناء رحلته، وهي فترة يُتوقع أن تكون منهكة للأعصاب، حيث ينطوي الأمر على تحرك مئات من الأجزاء، وقد يؤدي التعطل في أي منها إلى إنهاء مهمة التلسكوب قبل أن تبدأ. وبعد ذلك، يمضي التلسكوب خمسة أشهر تحت الاختبار لأدواته، قبل أن يشرع في مهمته العظيمة لرصد الكون. ومن المقرر إطلاع الجمهور على الصور الأولى التي يلتقطها التلسكوب في الصيف المقبل.
ماذا نطمح أن يرصده التلسكوب الفضائي؟
يرصد التلسكوب الضوء بالأشعة تحت الحمراء، وهو ما يمكِّنه من الاستكشاف متجاوزاً الغبار والغاز على نحو تعجز عنه التلسكوبات الأخرى، مثل تلسكوب هابل، والتي تكون رؤيتها في الغالب بالأشعة المرئية والأشعة فوق البنفسجية، وبعضها بأشعة قريبة من تحت الحمراء.
سيكون التلسكوب الجديد قادراً على مراقبة تكوين الكواكب حول النجوم الصغيرة، والرؤية إلى ما وراء الطبقات الكثيفة من الغبار والغاز التي تحيط بهذه الأجسام لمشاهدة اللحظات التي تتخذ فيها هذه العوالم المتكونة حديثاً هيئتها أثناء دورانها، وربما يمنحنا الأمر مفاتيح لمعرفة كيف تكونت الأرض نفسها.
يرصد التلسكوب آفاقاً بعيدة كما لو أنه آلة للتنقل عبر الزمن، فهو يُتيح للعلماء الرجوع إلى اللحظات الأولى من عمر الكون. وبعض الضوء الذي يجمعه سيكون قد انبعث من النجوم منذ ما يقرب من 13.5 مليار سنة، بعد وقت قصير من الانفجار العظيم.
يتطلع العلماء إلى فحص هذه النجوم الأولى التي تشكَّلت في الكون، داخل المجرات الأولى. ويكشف هذا كيف بدت هذه المجرات وكيف تطورت، وهو أمر لم يكن ممكناً من قبل.
في نظامنا الشمسي، يؤدي التلسكوب دور مسبار الراقص، يسبح بعدسته المطلية بالذهب على امتداد مدارنا الشمسي، ويلتقط صوراً تفصيلية للكواكب مثل المشترى وزحل وأورانوس ونبتون.
ويبحث عن مجسمات جليدية في منطقة من النظام الشمسي الخارجي تسمى "حزام كايبر"، وقد يتمكن التلسكوب من اختلاس النظر إلى كويكبات ومذنبات من أنظمة شمسية أخرى تمر عبر مجموعتنا الشمسية.
وربما يكشف لنا هذا التلسكوب علامات الحياة في عوالم أخرى، بعد فحصه بعض الكواكب المعروفة في الأنظمة الشمسية الأخرى، والكواكب الخارجية، فحصاً تفصيلياً، وقد يكشف هذا الفحص عن غازات، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهي غازات قد تشير إلى قابلية الكوكب للسكن.
سيكون التركيز الرئيسي لهذه الدراسات في البداية هو النجم المعروف باسم "ترابيست 1" Trappist-1، وهو نظام كوكبي رائع على بعد 40 سنة ضوئية من مدارنا. تدور حول هذا النجم القزم، الذي يقل حجمه 20 مرة عن حجم الشمس، سبعة كواكب بحجم الأرض.
ومع ذلك، فإن هذه الكواكب تدور على نحو أقرب من دوران عطارد حول الشمس، وهي مسافة قريبة بدرجة كافية للاعتقاد بأن ثلاثة منها قابلة للاحتواء على مياه سائلة، وربما الحياة فيها. وتقول فيكتوريا ميدوز، أستاذة علم الفلك في جامعة واشنطن الأمريكية: "بالنسبة إلى علماء الأحياء الفلكية، فإن هذا النجم هو الهدف رقم 1 والأشد أهمية من تلسكوب جيمس ويب".
كل ذلك ليس إلا لمحة من الآفاق التي ستُفتح أمام العلم بإطلاق هذا التلسكوب، فبما قد يكشفه لنا من مجرات بعيدة وكواكب صالحة للسكن وأكثر من ذلك بكثير، يُتوقع أن يحدث هذا التلسكوب قفزة غير مسبوقة في تاريخ علم الفلك. ومثلما يحظى تلسكوب هابل بالثناء دائماً لأنه أحد التلسكوبات العظيمة التي غيرت رؤيتنا للكون، فإن تلسكوب ويب أيضاً سيحتل مكانة مجيدة، بما سيمنحه لنا من إجابات علمية عن أسئلة مثل من أين أتينا وما إذا كنا وحدنا في هذا الكون، وغيرها من الأسئلة التي استعصى جوابها على العالم زمناً طويلاً.
ترجمة
تم النشر: 2021/12/13
https://lh3.googleusercontent.com/proxy/PKcsrfyEHqMmVI1V1i2viRoupCP_FxT6gKjJJ63KGAtwLGlKeP 1IIFb33hbzVSsY-80zDcJjDDPwAs2sn2CRgbr1mH6QvJtDah-pLsXK0f6VEjAANuib9soWYv1HIhNkOSUDR0FSEKMSp7f5jAafF OL4tBt3HqmsIdWG
تلسكوب جيمس ويب العملاق/ رويترز
مرصد فلكي عملاق استغرق بناؤه نحو 20 عاماً وتكلف نحو 10 مليارات دولار يستعد للانطلاق إلى الفضاء؛ ليكون عين البشر القادرة على كشف أعمق أسرار الكون، فهل نكتشف مخلوقات فضائية قريباً؟
إذ إن سعي البشر لاكتشاف أسرار الكون العميقة يتواصل دون توقف منذ نجاح الروس والأمريكيين في الوصول إلى القمر قبل أكثر من 6 عقود، ومؤخراً انتقل الصراع بين القوى الكبرى من الأرض إلى السماء، وسط مخاوف من عسكرة الفضاء.
لكن خلال أيام سيشق مرصد فلكي عملاق، غير مسبوق في حجمه وتقنية عمله المتطورة، طريقه إلى السماء ليتخذ مكانه خلف القمر ويشرع في رصد الكون العميق وتقديم صورة واضحة ومفصلة عن أسرار ذلك الكون للمرة الأولى في تاريخ البشرية.
القصة تناولتها صحيفة The Times البريطانية في تقرير بعنوان "تلسكوب جيمس ويب الفضائي": عين في السماء تنفذ بنا إلى أسرار الكون"، تناول قصة بناء التلسكوب العملاق ومواصفاته وطبيعة المهمة الموكلة إليه.
متى تبدأ مهمة التلسكوب العملاق؟
في وقت لاحق من الشهر الجاري قد ينفذ البشر إلى عالم جديد من أسرار الكون، ففي يوم الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الأول، يُطلق علماء الفلك أكبر مرصد فلكي عرفته البشرية والأكثر تقدماً على الإطلاق.
يحمل المرصد اسم "تلسكوب جيمس ويب الفضائي"، على اسم الرئيس الثاني لوكالة ناسا الأمريكية، الذي كان رئيساً للوكالة في عهد الرئيسين الأمريكيين جون إف كينيدي، وليندون جونسون.
واستغرق إنشاء المرصد الفلكي العملاق عقدين من الزمن وبلغت تكلفته 9.69 مليار دولار أمريكي، لكنه سيُغيّر إدراكنا للكون وبداية وجودنا، وربما طبيعة بحثنا في الحياة نفسها.
يشارك في مشروع التلسكوب وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) ووكالة الفضاء الكندية، وهو مزوّد بمرآة سداسية الأضلاع مصنوعة من البيريليوم المطلي بالذهب وقطرها 6.5 متر، ويجمع الضوء بمقدار يفوق أي تلسكوب فضائي آخر.
ويعني كل ذلك توفير رؤية للسماء بطريقة لم يبلغها البشر من قبل، من المجرات والكواكب إلى ميلاد الكون نفسه. يقول مارك ماكوغرين، كبير مستشاري العلوم والاستكشاف في وكالة الفضاء الأوروبية: "لقد بنينا آلة زمكان".
بدأ العمل على هذا التلسكوب منذ منتصف التسعينيات، بعد أن كانت وكالة ناسا أطلقت "تلسكوب هابل الفضائي" في عام 1990، والذي كان في حد ذاته ثورة في معارفنا الكونية، لكن علماء الفلك ظلوا يحلمون بالخطوة القادمة بعد ذلك.
وكان السؤال: هل يمكن إطلاق شيء أعظم بكثير في التصميم والطموح في مطلع القرن الحادي والعشرين، شيء يتفوق على تلسكوب هابل ويكشف أعمق أسرار الكون؟
لماذا تأخر إطلاقه عشر سنوات؟
جاء تلسكوب جيمس ويب لتلبية هذا الطموح، وكان من المقرر إطلاقه في عام 2011 بجزء بسيط من تكلفته الحالية، لكن المشروع عانى تأخيرات عدة وتجاوزات في الميزانية الموضوعة له. ومع ذلك، فإن الأمر لا يرجع إلى سوء الإدارة، بل إلى مقدار القفزة التكنولوجية التي قطعها هذا التلسكوب في تصميمه.
يقول ماكوغرين، من وكالة الفضاء الأوروبية: "لقد بنينا حلماً. ربما كنا نستخف بصعوبة بناء هذا الحلم، لكننا حققناه في النهاية". وقد عمل في المشروع إجمالاً عشرات الآلاف من الأشخاص.
كانت الخطة الأولية هي نقل التلسكوب من موقع بنائه في كاليفورنيا إلى موقع الإطلاق في غويانا الفرنسية، على الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا الجنوبية. لكن التلسكوب كان ثقيلاً جداً على نحو يستعصي معه نقله عبر 90 كيلومتراً من الطرق غير المستقرة من المطار إلى موقع الإطلاق.
ومن ثم، شُحن التلسكوب في أكتوبر/تشرين الأول عبر قناة بنما ثم عبر نهر كورو في غويانا الفرنسية، والذي خضع للتمهيد حتى لا يعترض شيء طريقَ السفينة وحمولتها الثقيلة. وقد أُبقي توقيت الرحلة طي السرية حذراً من القراصنة.
من غويانا، سينطلق التلسكوب إلى الفضاء ويحلق لأكثر من 30 يوماً إلى مكان يبعد نحو 1.6 مليون كيلومتر من كوكبنا، بعيداً عن شمسنا، وراء القمر في منطقة تُسمى نقطة "لاجرانج 2″، أو L2، حيث تلغي جاذبية الشمس والأرض بعضهما، ما يُتيح للتلسكوب البقاء مستقراً في مكانه.
في الطريق، يفتح التلسكوب 18 قطعة مرآة سداسية مطلية بالذهب، لتتكون مرآته العملاقة في هيئة سداسية، وهي محمية من وهج الشمس بدرعٍ من خمس طبقات بحجم ملعب التنس ومغلفة بمادة الكابتون، وهي غشاء عازل من بوليميد البلاستيك يُبقي على درجة الحرارة أقل من -220 درجة مئوية.
كما ينشر التلسكوب أجهزته ومكوناته أثناء رحلته، وهي فترة يُتوقع أن تكون منهكة للأعصاب، حيث ينطوي الأمر على تحرك مئات من الأجزاء، وقد يؤدي التعطل في أي منها إلى إنهاء مهمة التلسكوب قبل أن تبدأ. وبعد ذلك، يمضي التلسكوب خمسة أشهر تحت الاختبار لأدواته، قبل أن يشرع في مهمته العظيمة لرصد الكون. ومن المقرر إطلاع الجمهور على الصور الأولى التي يلتقطها التلسكوب في الصيف المقبل.
ماذا نطمح أن يرصده التلسكوب الفضائي؟
يرصد التلسكوب الضوء بالأشعة تحت الحمراء، وهو ما يمكِّنه من الاستكشاف متجاوزاً الغبار والغاز على نحو تعجز عنه التلسكوبات الأخرى، مثل تلسكوب هابل، والتي تكون رؤيتها في الغالب بالأشعة المرئية والأشعة فوق البنفسجية، وبعضها بأشعة قريبة من تحت الحمراء.
سيكون التلسكوب الجديد قادراً على مراقبة تكوين الكواكب حول النجوم الصغيرة، والرؤية إلى ما وراء الطبقات الكثيفة من الغبار والغاز التي تحيط بهذه الأجسام لمشاهدة اللحظات التي تتخذ فيها هذه العوالم المتكونة حديثاً هيئتها أثناء دورانها، وربما يمنحنا الأمر مفاتيح لمعرفة كيف تكونت الأرض نفسها.
يرصد التلسكوب آفاقاً بعيدة كما لو أنه آلة للتنقل عبر الزمن، فهو يُتيح للعلماء الرجوع إلى اللحظات الأولى من عمر الكون. وبعض الضوء الذي يجمعه سيكون قد انبعث من النجوم منذ ما يقرب من 13.5 مليار سنة، بعد وقت قصير من الانفجار العظيم.
يتطلع العلماء إلى فحص هذه النجوم الأولى التي تشكَّلت في الكون، داخل المجرات الأولى. ويكشف هذا كيف بدت هذه المجرات وكيف تطورت، وهو أمر لم يكن ممكناً من قبل.
في نظامنا الشمسي، يؤدي التلسكوب دور مسبار الراقص، يسبح بعدسته المطلية بالذهب على امتداد مدارنا الشمسي، ويلتقط صوراً تفصيلية للكواكب مثل المشترى وزحل وأورانوس ونبتون.
ويبحث عن مجسمات جليدية في منطقة من النظام الشمسي الخارجي تسمى "حزام كايبر"، وقد يتمكن التلسكوب من اختلاس النظر إلى كويكبات ومذنبات من أنظمة شمسية أخرى تمر عبر مجموعتنا الشمسية.
وربما يكشف لنا هذا التلسكوب علامات الحياة في عوالم أخرى، بعد فحصه بعض الكواكب المعروفة في الأنظمة الشمسية الأخرى، والكواكب الخارجية، فحصاً تفصيلياً، وقد يكشف هذا الفحص عن غازات، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهي غازات قد تشير إلى قابلية الكوكب للسكن.
سيكون التركيز الرئيسي لهذه الدراسات في البداية هو النجم المعروف باسم "ترابيست 1" Trappist-1، وهو نظام كوكبي رائع على بعد 40 سنة ضوئية من مدارنا. تدور حول هذا النجم القزم، الذي يقل حجمه 20 مرة عن حجم الشمس، سبعة كواكب بحجم الأرض.
ومع ذلك، فإن هذه الكواكب تدور على نحو أقرب من دوران عطارد حول الشمس، وهي مسافة قريبة بدرجة كافية للاعتقاد بأن ثلاثة منها قابلة للاحتواء على مياه سائلة، وربما الحياة فيها. وتقول فيكتوريا ميدوز، أستاذة علم الفلك في جامعة واشنطن الأمريكية: "بالنسبة إلى علماء الأحياء الفلكية، فإن هذا النجم هو الهدف رقم 1 والأشد أهمية من تلسكوب جيمس ويب".
كل ذلك ليس إلا لمحة من الآفاق التي ستُفتح أمام العلم بإطلاق هذا التلسكوب، فبما قد يكشفه لنا من مجرات بعيدة وكواكب صالحة للسكن وأكثر من ذلك بكثير، يُتوقع أن يحدث هذا التلسكوب قفزة غير مسبوقة في تاريخ علم الفلك. ومثلما يحظى تلسكوب هابل بالثناء دائماً لأنه أحد التلسكوبات العظيمة التي غيرت رؤيتنا للكون، فإن تلسكوب ويب أيضاً سيحتل مكانة مجيدة، بما سيمنحه لنا من إجابات علمية عن أسئلة مثل من أين أتينا وما إذا كنا وحدنا في هذا الكون، وغيرها من الأسئلة التي استعصى جوابها على العالم زمناً طويلاً.