الباب العالي
11-24-2021, 09:04 PM
اتجاه بايدن إلى اتفاق جزئي مع إيران يهدد بتكرار سيناريو العلاقات الصعبة في عهد أوباما
24-11-2021
كتب الخبر شربل بركات
https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1637688326498131500/1637689755000/1280x960.jpg
الأمير تركي الفيصل مرعوبا في المؤتمر
في الفترة ما بين التوصل الى «اتفاق الإطار» في أبريل 2015 بين إيران ومجموعة «5 + 1» الدولية حول برنامج طهران النووي، والاتفاق النهائي الذي وقّع بفيينا في يونيو من العام نفسه، عُقدت قمة كامب ديفيد الخليجية ـ الأميركية، التي حاول خلالها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، دون جدوى، تقديم تطمينات لدول الخليج حول استمرار الالتزام الأميركي الدفاعي تجاه دول مجلس التعاون، والالتزام بالتحالفات التقليدية رغم الانفتاح على إيران والشكوك التي خلّفها «الربيع العربي».
لم يحضر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز تلك القمة، ولم تنجح محاولات أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد في إضفاء جو من الثقة على اللقاء، الذي تحول الى عنوان إضافي للافتراق وسوء التفاهم الذي كان سائداً بين إدارة أوباما ومعظم أصدقاء أميركا في المنطقة.
وبعد 7 أعوام على تلك القمة والمتغيرات الإقليمية والدولية، ووسط تعقيدات على المسرح العالمي مرتبطة بالتعافي من جائحة كورونا، تقف منطقة الشرق الأوسط في مكان مشابه قبيل استنئاف مفاوضات فيينا النووية مع ايران، وسط مؤشرات متزايدة على ان إدارة الرئيس جو بايدن تتجه الى اتفاق ولو جزئي مع طهران بأي ثمن.
وقد جاء توقيت انعقاد قمة الأمن الإقليمي الـ 17 «حوار المنامة»، التي ينظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS، نهاية الأسبوع الماضي وعشية المفاوضات لتشكّل مساحة لاختبار موقف دول المنطقة من سياسات إدارة بايدن والتداعيات المحتملة لإعادة إحياء الاتفاق النووي، ومستقبل الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد الانسحاب الأميركي الذي قيل إنه طوى صفحة التدخلات العسكرية الأميركية الخارجية.
نريد أفعالاً
وقد اعتذر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن عدم حضور «حوار المنامة»، بعد أن كان مقرراً أن يلقي كلمة، بينما تمثّلت واشنطن بوزير دفاعها لويد أوستن، الذي حاول تبديد مخاوف وهواجس الحلفاء، دون جدوى.
تصريحات أوستن، الذي لم ينجح بعد في «إعادة جدولة» زيارة الى السعودية طلبت المملكة تأجيلها قبل أشهر، حول وجود «خيارات أخرى» للتعامل مع إيران في حال فشلت الدبلوماسية، وتأكيده أن «أميركا باقية لسنوات وسنوات في الشرق الأوسط»، لم تلق أي صدى، حتى أن رئيس الاستخبارات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، رحب في مداخلة مقتضبة بتطمينات الوزير الأميركي، لكنّه استعار العبارة المحببة في دوائر «الخارجية» الأميركية، مطالباً واشنطن «بالأفعال وليس فقط الأقوال» في دعمها لأصدقائها.
كما انتقد الأمير السعودي الحرب على الوقود الأحفوري، وسط تصاعد التوتر على خط أزمة أسعار النفط بين واشنطن والرياض، وحقيقة الأمر أن أوستن ثم بعده منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، كانا يتكلمان في المنامة، بخلفية أن الاتفاق النووي مع إيران يجب أن يعالج برنامجها النووي حصراً، وأن على حلفاء أميركا أن يثقوا بأن واشنطن لن تتساهل مع القضايا الأخرى، وستواصل بأدواتها المعروفة والتقليدية الحوار والعمل مع حلفائها لمعالجتها.
يعكس هذا اعتقاد كثير من الشخصيات داخل إدارة بايدن بمن فيهم المبعوث الخاص بملف إيران روبرت مالي، بأن فصل برنامج إيران النووي عن بقية الملفات مثل البرنامج الباليستي والأنشطة الإقليمية وغيرها، ليس فقط حاجة تقنية للمفاوض الأميركي، بل هو أداة ضغط وتأثير على طهران.
ولم يعط المسؤولون الأميركيون الذين شاركوا في «حوار المنامة»، في جميع فعاليات المؤتمر، بما في ذلك جلسة خاصة لعدد محدود للصحافيين والدبلوماسيين مع روبرت مالي حضرتها «الجريدة»، إجابات عن أسئلة تعتبرها الكثير من دول المنطقة أساسية؛ هل ستمارس طهران أي دور إيجابي بعد الاتفاق فيما يخص حرب اليمن؟ هل ستضبط وكلاءها في صنعاء وبيروت ودمشق وبغداد، وبأي شروط سياسية؟، هل ستواصل برنامجها لتطوير الصواريخ الدقيقة والمسيّرات التي تتسرب بشكل خطير مهدد للأمن في أكثر من دولة الى المجموعات المتحالفة معها؟
والأهم؛ هل سيهدئ الاتفاق من حدة النزاع الإقليمي بين طهران ودول عدة، أم سيتصاعد ويتخذ أشكالاً أشد خطورة، بينها السباق النووي، وهو ما ألمح اليه الأمير تركي الفيصل قبل أيام، مثيراً ضجة بدعوته إلى بناء قنبلة نووية سعودية.
وإذا كانت إدارة بايدن ترغب بوضع الاتفاق النووي في جيبها، ثم التفاوض على الملفات الأخرى، فما هي الضمانات ألا تدخل المنطقة في مرحلة طويلة من الاستنزاف، خصوصاً أن إيران ستلجأ الى كل أدواتها التفاوضية بما في ذلك تحريك جبهات ووضع اليد على أوراق ضغط جديدة؟
وكان تكرار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في كلمته بالمنامة المطالبة بإشراك دول المجلس في المفاوضات مع إيران مؤشراً الى عدم ارتياح خليجي للعودة المحتملة الى الاتفاق النووي وفق الشروط التي يجري التداول بها، أي من دون أي التزامات إيرانية غير نووية، وبشروط مراقبة ضعيفة للبرنامج النووي، ما يوحي أننا نتجه الى مرحلة أشد صعوبة من العلاقات الخليجية - الأميركية تشبه بكثير من الأوجه علاقة الطرفين خلال عهد أوباما.
مسارات وقنوات مسدودة
في المقابل، في ظل عدم تحقيق الحوار السعودي الإيراني أي خروقات، وعدم تحول الحراك الإماراتي تجاه تركيا وسورية وطهران الى دينامية إقليمية أو خليجية، تواجه القنوات الإقليمية الرديفة، التي يعتقد البعض أنها قد تساعد واشنطن في احتواء ارتدادات الاتفاق مع إيران، انسدادا.
فالمسار الثلاثي الذي يجمع الأردن بمصر والعراق، ويعتقد على نطاق واسع انه يعمل بدفع أميركي لا ينال دعم واشنطن الكافي.
فقد وجد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، نفسه خلال مؤتمر المنامة في موقف حرج، عندما أراد أن يبرر قيادة بلاده لـ «الحركة التطبيعية» مع دمشق، وهو ما لا تزال واشنطن تعارضه.
وبدا من تبريرات الصفدي أن الأردن الذي أوحت الإدارة الديموقراطية أنها أعادته الى قلب سياستها، بعد أن وُضع على الرفّ خلال ولاية ترامب، هو أيضاً متروك لنفسه للتعامل مع متطلبات اللاجئين، خصوصاً في ظل «كورونا»، ومكافحة نهر «الكبتاغون» المتدفق يومياً اليه عبر الحدود السورية، إضافة الى المخاوف الأمنية التي لا بد أنها تعززت في الأسابيع الماضية بعد امتناع واشنطن عن الرد على الهجوم الذي شنّه «وكلاء إيران» على قاعدة التنف في المثلث الحدودي السوري - الأردني - العراقي.
أضف الى ذلك، أن العراق بدوره ينتظر ما تخبئه واشنطن بعد 31 ديسمبر، (موعد انسحاب القوات القتالية الأميركية)، بينما أقل ما يمكن قوله عن العلاقات المصرية - الأميركية بأنها معقّدة.
في الوقت نفسه، يبدو أن مسار اتفاقات إبراهيم الذي لا يمكن أصلا أن يشكل قناة للدفاع عن استراتيجية بايدن مع إيران، يمضي في الغالب بديناميات ثنائية لا تتواتر بالضرورة مع أجندة «الخارجية» الأميركية دون أن يعني هذا بالضرورة أنها تتعارض معها.
والأمثلة على هذا حاضرة، ففي ملف سورية يبدو أن إسرائيل والإمارات التي بادرت الى كسر عزلة الرئيس بشار الأسد العربية بزيارة وزير خارجيتها عبدالله بن زايد إلى دمشق، تراهنان على موسكو في تحقيق أهدافهما بهذا البلد أكثر من الرهان على دور واشنطن.
وكذلك تمسكت الإمارات وإسرائيل بالتعامل مع الصين؛ سواء في مرفأ حيفا أو في مرفأ خليفة، رغم تحذيرات أميركية مباشرة من أن بكين بدأت تستثمر سياسياً في الشرق الأوسط.
وربما بسبب هذا الانسداد اقترح المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عنوان آسيا والخليج على إحدى فعاليات حوار المنامة للبحث في كيفية تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الخليج ودول شرق آسيا، مع ما تملكه هاتان المجموعتان من مشتركات وإمكانات كبيرة، وهذا يعني أن انتقال التركيز الاستراتيجي الأميركي الى شرق وجنوب شرق آسيا بمواجهة الصين ليس بالضرورة أن يشكّل ضربة لدول الخليج، بل قد يكون فرصة، وأن الخليج سيكون له باب ليدخل الى صلب استراتيجية بايدن الجديدة.
https://www.aljarida.com/articles/1637688358958132500/
24-11-2021
كتب الخبر شربل بركات
https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1637688326498131500/1637689755000/1280x960.jpg
الأمير تركي الفيصل مرعوبا في المؤتمر
في الفترة ما بين التوصل الى «اتفاق الإطار» في أبريل 2015 بين إيران ومجموعة «5 + 1» الدولية حول برنامج طهران النووي، والاتفاق النهائي الذي وقّع بفيينا في يونيو من العام نفسه، عُقدت قمة كامب ديفيد الخليجية ـ الأميركية، التي حاول خلالها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، دون جدوى، تقديم تطمينات لدول الخليج حول استمرار الالتزام الأميركي الدفاعي تجاه دول مجلس التعاون، والالتزام بالتحالفات التقليدية رغم الانفتاح على إيران والشكوك التي خلّفها «الربيع العربي».
لم يحضر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز تلك القمة، ولم تنجح محاولات أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد في إضفاء جو من الثقة على اللقاء، الذي تحول الى عنوان إضافي للافتراق وسوء التفاهم الذي كان سائداً بين إدارة أوباما ومعظم أصدقاء أميركا في المنطقة.
وبعد 7 أعوام على تلك القمة والمتغيرات الإقليمية والدولية، ووسط تعقيدات على المسرح العالمي مرتبطة بالتعافي من جائحة كورونا، تقف منطقة الشرق الأوسط في مكان مشابه قبيل استنئاف مفاوضات فيينا النووية مع ايران، وسط مؤشرات متزايدة على ان إدارة الرئيس جو بايدن تتجه الى اتفاق ولو جزئي مع طهران بأي ثمن.
وقد جاء توقيت انعقاد قمة الأمن الإقليمي الـ 17 «حوار المنامة»، التي ينظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS، نهاية الأسبوع الماضي وعشية المفاوضات لتشكّل مساحة لاختبار موقف دول المنطقة من سياسات إدارة بايدن والتداعيات المحتملة لإعادة إحياء الاتفاق النووي، ومستقبل الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد الانسحاب الأميركي الذي قيل إنه طوى صفحة التدخلات العسكرية الأميركية الخارجية.
نريد أفعالاً
وقد اعتذر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن عدم حضور «حوار المنامة»، بعد أن كان مقرراً أن يلقي كلمة، بينما تمثّلت واشنطن بوزير دفاعها لويد أوستن، الذي حاول تبديد مخاوف وهواجس الحلفاء، دون جدوى.
تصريحات أوستن، الذي لم ينجح بعد في «إعادة جدولة» زيارة الى السعودية طلبت المملكة تأجيلها قبل أشهر، حول وجود «خيارات أخرى» للتعامل مع إيران في حال فشلت الدبلوماسية، وتأكيده أن «أميركا باقية لسنوات وسنوات في الشرق الأوسط»، لم تلق أي صدى، حتى أن رئيس الاستخبارات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، رحب في مداخلة مقتضبة بتطمينات الوزير الأميركي، لكنّه استعار العبارة المحببة في دوائر «الخارجية» الأميركية، مطالباً واشنطن «بالأفعال وليس فقط الأقوال» في دعمها لأصدقائها.
كما انتقد الأمير السعودي الحرب على الوقود الأحفوري، وسط تصاعد التوتر على خط أزمة أسعار النفط بين واشنطن والرياض، وحقيقة الأمر أن أوستن ثم بعده منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، كانا يتكلمان في المنامة، بخلفية أن الاتفاق النووي مع إيران يجب أن يعالج برنامجها النووي حصراً، وأن على حلفاء أميركا أن يثقوا بأن واشنطن لن تتساهل مع القضايا الأخرى، وستواصل بأدواتها المعروفة والتقليدية الحوار والعمل مع حلفائها لمعالجتها.
يعكس هذا اعتقاد كثير من الشخصيات داخل إدارة بايدن بمن فيهم المبعوث الخاص بملف إيران روبرت مالي، بأن فصل برنامج إيران النووي عن بقية الملفات مثل البرنامج الباليستي والأنشطة الإقليمية وغيرها، ليس فقط حاجة تقنية للمفاوض الأميركي، بل هو أداة ضغط وتأثير على طهران.
ولم يعط المسؤولون الأميركيون الذين شاركوا في «حوار المنامة»، في جميع فعاليات المؤتمر، بما في ذلك جلسة خاصة لعدد محدود للصحافيين والدبلوماسيين مع روبرت مالي حضرتها «الجريدة»، إجابات عن أسئلة تعتبرها الكثير من دول المنطقة أساسية؛ هل ستمارس طهران أي دور إيجابي بعد الاتفاق فيما يخص حرب اليمن؟ هل ستضبط وكلاءها في صنعاء وبيروت ودمشق وبغداد، وبأي شروط سياسية؟، هل ستواصل برنامجها لتطوير الصواريخ الدقيقة والمسيّرات التي تتسرب بشكل خطير مهدد للأمن في أكثر من دولة الى المجموعات المتحالفة معها؟
والأهم؛ هل سيهدئ الاتفاق من حدة النزاع الإقليمي بين طهران ودول عدة، أم سيتصاعد ويتخذ أشكالاً أشد خطورة، بينها السباق النووي، وهو ما ألمح اليه الأمير تركي الفيصل قبل أيام، مثيراً ضجة بدعوته إلى بناء قنبلة نووية سعودية.
وإذا كانت إدارة بايدن ترغب بوضع الاتفاق النووي في جيبها، ثم التفاوض على الملفات الأخرى، فما هي الضمانات ألا تدخل المنطقة في مرحلة طويلة من الاستنزاف، خصوصاً أن إيران ستلجأ الى كل أدواتها التفاوضية بما في ذلك تحريك جبهات ووضع اليد على أوراق ضغط جديدة؟
وكان تكرار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في كلمته بالمنامة المطالبة بإشراك دول المجلس في المفاوضات مع إيران مؤشراً الى عدم ارتياح خليجي للعودة المحتملة الى الاتفاق النووي وفق الشروط التي يجري التداول بها، أي من دون أي التزامات إيرانية غير نووية، وبشروط مراقبة ضعيفة للبرنامج النووي، ما يوحي أننا نتجه الى مرحلة أشد صعوبة من العلاقات الخليجية - الأميركية تشبه بكثير من الأوجه علاقة الطرفين خلال عهد أوباما.
مسارات وقنوات مسدودة
في المقابل، في ظل عدم تحقيق الحوار السعودي الإيراني أي خروقات، وعدم تحول الحراك الإماراتي تجاه تركيا وسورية وطهران الى دينامية إقليمية أو خليجية، تواجه القنوات الإقليمية الرديفة، التي يعتقد البعض أنها قد تساعد واشنطن في احتواء ارتدادات الاتفاق مع إيران، انسدادا.
فالمسار الثلاثي الذي يجمع الأردن بمصر والعراق، ويعتقد على نطاق واسع انه يعمل بدفع أميركي لا ينال دعم واشنطن الكافي.
فقد وجد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، نفسه خلال مؤتمر المنامة في موقف حرج، عندما أراد أن يبرر قيادة بلاده لـ «الحركة التطبيعية» مع دمشق، وهو ما لا تزال واشنطن تعارضه.
وبدا من تبريرات الصفدي أن الأردن الذي أوحت الإدارة الديموقراطية أنها أعادته الى قلب سياستها، بعد أن وُضع على الرفّ خلال ولاية ترامب، هو أيضاً متروك لنفسه للتعامل مع متطلبات اللاجئين، خصوصاً في ظل «كورونا»، ومكافحة نهر «الكبتاغون» المتدفق يومياً اليه عبر الحدود السورية، إضافة الى المخاوف الأمنية التي لا بد أنها تعززت في الأسابيع الماضية بعد امتناع واشنطن عن الرد على الهجوم الذي شنّه «وكلاء إيران» على قاعدة التنف في المثلث الحدودي السوري - الأردني - العراقي.
أضف الى ذلك، أن العراق بدوره ينتظر ما تخبئه واشنطن بعد 31 ديسمبر، (موعد انسحاب القوات القتالية الأميركية)، بينما أقل ما يمكن قوله عن العلاقات المصرية - الأميركية بأنها معقّدة.
في الوقت نفسه، يبدو أن مسار اتفاقات إبراهيم الذي لا يمكن أصلا أن يشكل قناة للدفاع عن استراتيجية بايدن مع إيران، يمضي في الغالب بديناميات ثنائية لا تتواتر بالضرورة مع أجندة «الخارجية» الأميركية دون أن يعني هذا بالضرورة أنها تتعارض معها.
والأمثلة على هذا حاضرة، ففي ملف سورية يبدو أن إسرائيل والإمارات التي بادرت الى كسر عزلة الرئيس بشار الأسد العربية بزيارة وزير خارجيتها عبدالله بن زايد إلى دمشق، تراهنان على موسكو في تحقيق أهدافهما بهذا البلد أكثر من الرهان على دور واشنطن.
وكذلك تمسكت الإمارات وإسرائيل بالتعامل مع الصين؛ سواء في مرفأ حيفا أو في مرفأ خليفة، رغم تحذيرات أميركية مباشرة من أن بكين بدأت تستثمر سياسياً في الشرق الأوسط.
وربما بسبب هذا الانسداد اقترح المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عنوان آسيا والخليج على إحدى فعاليات حوار المنامة للبحث في كيفية تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الخليج ودول شرق آسيا، مع ما تملكه هاتان المجموعتان من مشتركات وإمكانات كبيرة، وهذا يعني أن انتقال التركيز الاستراتيجي الأميركي الى شرق وجنوب شرق آسيا بمواجهة الصين ليس بالضرورة أن يشكّل ضربة لدول الخليج، بل قد يكون فرصة، وأن الخليج سيكون له باب ليدخل الى صلب استراتيجية بايدن الجديدة.
https://www.aljarida.com/articles/1637688358958132500/