المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَرْحَام تَدْفَع وَأَرْض تبلع ... موسى بهبهاني



jameela
11-10-2021, 04:42 AM
https://www.alraimedia.com/uploads/authors/204.jpg


9 نوفمبر 2021

مرت 6 شهور طويلة على فقدك يا ولدي (مهدي)، غبت عنا بجسدك ولكن روحك لا تزال باقية بيننا، فذكراك لا تزال حيةً في قلوبنا، ففي كل ركن وزاوية من المنزل يشع طيفك بيننا بين الحين والآخر، وأحاديثك وطباعك الجميلة وصورك تمر أمامنا كشريط فيلم مطبوع على قلوبنا، وكيف لا تكون كذلك وانت ابني الشاب العزيز الغالي، أليس الابن نعمة من الله عز وجل.

ولدي (مهدي)... جعل الله روحك الطاهرة ترقد مطمئنة بسلام عند رب العرش وليتولاك الله برحمته ورأفته، فأنت فقيد الشباب يامهجة فؤادي.

النبي يعقوب عليه السلام عندما فقد ابنه (يوسف) عليه السلام - وهو يعلم أنه حي لم يمت، اجهش بالبكاء حتى ابيضت عيناه من الحزن، فالحزن لا يمكن تجاوزه وفقد العزيز لا يمكن تعويضه، لكنها سنة الحياة وأمانات يستردها الخالق عز وجل، فكما ان هناك أرحاماً تدفع كذلك هناك أرض تبلع، ولنا في رسول الرحمة أسوة حسنة عند فقده لابنه إبراهيم.

ولدي (مهدي)... حزننا المحمود لا يزال مستمراً في قلوب عائلتك ومحبيك وفي قلوب زملائك وأسرهم الكريمة، اللهم لا نعترض على قضائك ولك الحمد والمنة على كل ذلك ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

وكما يدعو أهل الميت بالرحمة لفقيدهم هناك أناس آخرون يسخرهم الله سبحانه للدعاء لهم، يبث في قلوبهم المحبة والرحمة، يدعون لمن لا يعرفونه في هذه الحياة، وقد رأيت ذلك في المقبرة، حيث وجدت عوائل كريمة عدة لكل منهم قصة حزينة فمنهم من فقد أبناءً له مثل (أم زينب) التي فقدت ابنتين شابتين في سنة واحدة، و(أم دانة) التي فقدت ابنتها الدكتورة الخريجة في الخارج ولم تتمكن من رؤيتها، و(أبو علي ) الرجل الكهل الطاعن في السن الذي فقد ابنه الوحيد فجأةً، وهناك من فقد زوجته مثل (أبو حسين) الذي فقدها بسبب الوباء و(أبو علي) الذي فقدها بسبب تداعيات ما بعد تطعيم وباء كورونا، و(أبو بشار) الذي فقدها وهي تقضي وقتاً مع ابنتها، ومنهم من فقد الأب والأم مثل (أبو عبدالرحمن) الذي فقد والديه خلال أشهر معدودة، و(أم بدر) التي فقدت والديها وأخاها، و(أم عبدالله) التي فقدت والدها فجأة، و(ابوخليل) الذي فقد والدته الغالية، و(عناية / ختام ) اللتان فقدتا أمهما بسبب الوباء وبالرغم من حرصهما عليها، و(يوسف وحيدر وابوبدر) الذين فقدوا والدهم وأصبحوا مسؤولين عن إدارة شؤون الأسرة، و( جابر ) الذي فقد والدته التي ربته، والشاب (محمد) الذي فقد عمته، وأخيراً (أم خالد) التي فقدت أخاها وعضيدها وسندها في الحياة، والقائمة تطول وهم كثيرون لا يسعنا أن نذكرهم جميعاً.

فتلك هي عائلتنا الثانية التي ربطت بيننا المحبة والعفوية والإنسانية، فكل منا تهون عليه مصيبته نتعاطف ونتشارك الآلام معاً، جمعنا حب عمل الخير لموتانا، فهناك من قام بأداء العمرة وزار الأماكن المقدسة، ومن حفر بئراً أو تبرع ببرادات ماء السبيل، وهناك من قرأ القرآن الكريم وقام بالدعاء للموتى وعمل تثويبة القرآن الكريم لكل من فقدناهم من أعزائنا الذين رحلوا عنا وانتقلوا إلى الدار الآخرة، ولكن ظللنا لهم إن شاء الله أوفياء لم ننسهم وذلك بعمل كل ما يرضي الله ورسوله.

الموت حق، والفقد سنة الحياة المُبكية، الفواجع لا تنسى ولو مر عليها دهر، وأن الحزن على الراحلين لا يموت... نعم نمضي، نتجاوز، ونتناسى، لكن ذكرى رحيلهم يتجدد مع كل خبر وفاة، اللهم ارحم من اشتاقت لهم أرواحنا واغفر لهم وتجاوز عنهم واجمعنا بهم في جنتك.

ناديتهم يا راحلين توقفوا:

حتى برؤية وجوهكم نتمتع

فأجابني عنهم لسان الحال:

لا تحزن لفراقنا ولا تتوجع

ودع البكاء مع النواح فإنه:

حكم الإله بأننا لا نرجع

لكنكم إن زرتم قبورنا:

فاقروا السلام فإننا نسمع

وكذا بفاتحة الكتاب تكرموا:

فبفضلها هول المقابر يرفع

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.

https://www.alraimedia.com/article/1562461/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D8%A3%D8%B1%D8%AD%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D9%88%D8%A3%D8%B1%D8%B6-%D8%AA%D8%A8%D9%84%D8%B9